لعنة (السخل)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أيمن عبد العظيم
    أديب وشاعر
    • 01-08-2009
    • 141

    لعنة (السخل)

    [align=justify]
    [align=justify]
    رُدُّوا الإِنْسَانَ لأَعْمَاقِي، وَخُذُوا مِنْ أَعْمَاقِي الْقِرْدَا!،
    أَعْطُونِي ذاتِي.. كَيْ أُفْنِي ذَاتِي..رُدُّوا لِي بَعْضَ الشَّخْصِيَّة،
    كَيْفَ تَفُورُ النَّارُ بِصَدْرِي وَأَنا أَشْكُو الْبَرْدَا؟،
    كَيْفَ سَيُومِضُ بَرْقُ الثَّأْرِ بِرُوحِي مَادُمْتُمْ تَخْشَوْنَ الرَّعْدَا؟،
    كَيْفَ أُغَنِّي وَأَنَا مَشْنُوقٌ أَتَدَلَّى مِنْ تَحْتِ حِبالِي الصَّوْتِيَّة؟،
    كَيْ أَفْهَمَ مَعْنَى الْحُرِّيَّة،وَأَمُوتَ فِدَاءَ الْحُرِّيَّة،
    أَعْطُونِي بَعْضَ الْحُرِّيَّة
    أحـمـد مـطـر



    هَلْ رَأَيْتَ قِرْدَاً يَرْقُدُ رِقْدَةَ الْعَزْبَاءِ؟
    لَقَدْ رَأَيْتُهُ مِنْ قَبْلُ يَفْعَلُهَا، وَيَرْقُدُ غَيْرَهَا مِن الرَّقَدَاتِ الَّتِي كَانَتْ تَدْفَعُ بِالْجُمْهُورِ الْمُشَاهِدِ لِيَدْفَعَ بِمَا تَيَسَّرَ مِنْ مَالٍ لِمُدَرِّبِ الْقِرْدِ وَمُوَجِّهِهِ، وَقَدْ كَانَ يُكَافِؤُهُ بَعْدَ كُلِّ رَقْدَةٍ يَرْقُدُهَا بِقِطْعَةٍ مِنْ مَوْزٍ، أَوْ حَفْنَةٍ مِنْ فُولٍ.
    كَيْفَ تَعَلَّمَ الْقِرْدُ أَنْ يَرْقُدَ تِلْكَ الأَنْوَاعَ الْمُخْتَلِفَةَ مِن الرَّقَدَاتِ؟
    (يَا (عَتودُ)! اُرْقُدْ رِقْدَةَ الْعَزْبَاءِ، هكَذَا!)
    مَا كَانَ العتودُ لِيَسْتَطِيعَ تَقْلِيدَ صَاحِبِهِ، وَمَا كَانَ هُوَ يُرِيدُ إلاَّ تَعْلِيمَ الْقِرْدِ! النَّظَّارَةُ، الَّذِينَ كَانُوا مَدْعُوِّينَ لِلإفْطَارِ بِلَحْمِ العتود الشَّهِيِّ، كَانُوا مُسْتَمْتِعِينَ بِذلِكَ الْمَشْهَدِ التَّدْرِيبِيِّ الْفَرِيدِ؛ فَقَدْ أَبَى صَاحِبُ الدَّعْوَةِ إِلاَّ أَنْ يَضْرِبَ عُصْفُورَيْنِ بِحَجَرٍ وَاحِدٍ: أَكْلَ العتود، وَتَدْرِيبَ الْقِرْدِ!.
    اِمْتَلأَ الْقِرْدُ خَوْفَاً وَهُوَ يَرَى انْهِيَالَ الضَّرْبِ الْمُوجِعِ عَلَى العتود الَّذِي لَمْ يَسْتَطِعِ التَّقْلِيدَ، كَانَ السَّوْطُ يُلْهِبُ ظَهْرَهُ، وَهُوَ يَصِيحُ صِيَاحَاً تَنْفَطِرُ لَهُ الْقُلُوبُ، وَتَدْمَى الأَكْبَادُ؛ لَمْ يَكُنْ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ جَزَعَاً، وَلا أَكْثَرُ فَزَعَاً، مِن القِرْدِ، عِنْدَمَا صَاحَ صَاحِبُهُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: السِّكِّينَ السِّكِّينَ! هذَا العتود غَيْرُ قَابِلٍ لِلتَّأْدِيبِ، وَلا مُسْتَعِدٍّ لِلتَّدْرِيبِ!.
    أُتِيَ بِالْقِرْدِ، وَدُفِعَ بِعُنْفٍ إِلى حَيْثُ لَمْ يَزَلْ دَمُ العتود الْحَارُّ سَائِلاً، وَعِنْدَمَا أَمَرَهُ صَاحِبُهُ بِحَزْمٍ أَنْ يَرْقُدَ رِقْدَةَ الْعَزْبَاءِ، مَا كَانَ مِنْهُ إِلاَّ أَنْ بَذَلَ غَايَةَ الْجَهْدِ لِيَفْعَلَ، وَفَعَلَهَا!.. لكِنَّ صَاحِبَهُ أَبَى إِلاَّ ضَرْبَهُ، كَانَتْ ضِرْبَةَ مُعَلِّمٍ حَقَّاً، ذَكَّرَتْهُ بِمَا هُوَ بَعْدَ الضَّرْبِ مِنْ ذَبْحٍ وَسَلْخٍ، فَجَوَّدَ أَدَاءَهُ تَجْوِيدَاً، وَأَكَّدَ لِصَاحِبِهِ مَقْدِرَتَهُ عَلَى التَّعَلُّمِ تَأْكِيدَاً؛ فَمَا كَانَ مِنْ صَاحِبِهِ إِلاَّ أَنْ كَافَأَهُ بِمَوْزَةٍ، اِسْتِحْسَانَاً لِصَنِيعِهِ، وَدَافِعَاً لَهُ لِمَزِيدٍ مِن الاجْتِهَادِ.
    مَا انْفَكَّتْ لَعْنَةُ العتود تُطَارِدُ الْقِرْدَ الْمِسْكِينَ، وَمَا بَرِحَ يَذْهَبُ مَعَ صَاحِبِهِ إِلى كُلِّ مَكَانٍ، وَأَمَامَ عَيْنَيْهِ غِلْظَةُ السَّوْطِ، وَقِطْعَةُ الْمَوْزِ؛ دَمُ العتود، وَحَفْنَةُ الْفُولِ؛ لَمْ يَنْسَ قَطُّ، وَلَنْ يَنْسَى أَبَدَاً، ذلِكَ الْيَوْمَ، (يَوْمَ التَّعْلِيمِ)!.
    السَّوْطُ وَالْمَوْزُ؛ الْعَصَا وَالْجَزْرَةُ؛ ... و...؛ ... و...؛ ..
    الذَّبْحُ وَالتَّعْلِيمُ؛ الْعِرَاقُ وَالسُّودَانُ؛ ... و...؛ ... و...؛ ..
    قَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ بِتَأْرِيخِ التَّعْلِيمِ الْقِرْدِيِّ: (رُبَّمَا اخْتَنَقَ الْمُدَرِّبُ، ذَاتَ يَوْمٍ، بِعَظْمَةٍ مِنْ عتود! وَرُبَّمَا كَانَ هَلاكُهُ، ذَاتَ يَوْمٍ، عَلَى يَدِ قِرْدٍ مِن الْقُرُودِ!).
    [/align]

    [/align]
    التعديل الأخير تم بواسطة أيمن عبد العظيم; الساعة 07-12-2009, 07:05.
يعمل...
X