المقال الأول:
الاختلاف في مواد المحاكاة:
كما أن هناك من الناس - سواء عن وعي بالحرفة الفنية أو عن طريق العادة المدرجة - من يحاكون أشياء كثيرة، بوساطة عمل صور لها، باستخدام الألوان أو الأشكال ، فإن هناك آخرين ممن يحاكون باستخدام الصوت. هكذا الأمر، بالنسبة لكل الفنون التي سبق ذكرها ؛ فإن المحاكاة فيها تتحقق باستخدام مواد : الوزن واللغة والإيقاع، ويتم ذلك إما باستخدام كل مادة منها على حدة أو بوساطة المزج بينها :
(أ)- فالإيقاع والوزن - مثلاً - يستعملان وحدهما في الصفر على الناي أو العزف على القيثارة، كذلك ألمر في اي فن من الفنون الأخرى المشابهة.
(ب)- أما فنون الرقص فتستخدم في محاكاتها الوزن وحده دون الإيقاع. كما أن الراقصين يصورون عن طريق الحركة الموزونة شخصيات وانفعالات وأفعالاً.
(ج)- وهناك فن أخر يحاكي عن طريق استخدام اللغة وحدها، سواء أكانت تلك اللغة نثراً أو شعراً... فإن كانت شعراً فإنها تستخدم جملة من العروض المتنوعة أو نوعاً واحداً منها. ولكن هذا الفن اللغوي لا يزال بلا اسم حتى يومنا هذا ( لم يكن في اللغة اليونانية وقتذاك ما يعادل كلمة الأدب ) فليس هناك مصطلح عام يمكن أن يطلق على ميميات mimos ( ضرب من الأداء التمثيلي يحاكي صوراً مختلفة من الحياة ) كل من سوفرون ( شاعر ) واكسينارخوس ( إبن سوفرون ) أو على محاورات سقراط أو حتى على المحاكيات الشعرية التي تستخدم العروض الثلاثي .
الفرق بين الشاعر والناظم :
إلا أن الناس يضيفون كلمة (صانع) أو (شاعر) إلى اسم العروض الذي يصوغ في الشاعر شعره، ومن ثم يسمون البعض (شعراء أليجيين ) أو ( شعراء ملاحم ) . كما أن المحاكاة هي التي لا تصنع الشاعر ، وإنما استخدام الوزن الشعري هو الذي يصنع الشاعر دون تمييز بين من يحاكي ومن لا يحاكي. حتى لقد جرت العادة على أنه إذا ما وضعت مقالة منظومة في الطب أو العلوم الطبيعية أن يسمى ناضمها شاعراً. غير استعمال الوزن العروضي ، ومن ثم يكون من الأصوب أن نسمي الأول شاعراً بينما الآخر عالماً طبيعياً.
وهكذا ينبغي أن توضع الحدود الفاصلة بين هذه الأمور على النحو الذي بيناه.
(د)- وهناك بعض الفنون التي تستخدم كل ما ذكرناه ونعني به الوزن والإيقاع والعروض ومن بيها : الشعر الديثرامبي والنومي nomos ( ضرب من الشعر القديم المرتبط بالديثرامب ) . وكذلك التراجيديا والكوميديا ، بيد أن الاختلاف بين تلك الفنون يتمثل في أن الفنين الأولين يستخدمان كل تلك الوسائل الثلاثة في الوقت نفسه.
_______________________
منقول : كتاب فن الشعر ، تأليف أرسطو / ترجمة د. حمادة إبراهيم.
الاختلاف في مواد المحاكاة:
كما أن هناك من الناس - سواء عن وعي بالحرفة الفنية أو عن طريق العادة المدرجة - من يحاكون أشياء كثيرة، بوساطة عمل صور لها، باستخدام الألوان أو الأشكال ، فإن هناك آخرين ممن يحاكون باستخدام الصوت. هكذا الأمر، بالنسبة لكل الفنون التي سبق ذكرها ؛ فإن المحاكاة فيها تتحقق باستخدام مواد : الوزن واللغة والإيقاع، ويتم ذلك إما باستخدام كل مادة منها على حدة أو بوساطة المزج بينها :
(أ)- فالإيقاع والوزن - مثلاً - يستعملان وحدهما في الصفر على الناي أو العزف على القيثارة، كذلك ألمر في اي فن من الفنون الأخرى المشابهة.
(ب)- أما فنون الرقص فتستخدم في محاكاتها الوزن وحده دون الإيقاع. كما أن الراقصين يصورون عن طريق الحركة الموزونة شخصيات وانفعالات وأفعالاً.
(ج)- وهناك فن أخر يحاكي عن طريق استخدام اللغة وحدها، سواء أكانت تلك اللغة نثراً أو شعراً... فإن كانت شعراً فإنها تستخدم جملة من العروض المتنوعة أو نوعاً واحداً منها. ولكن هذا الفن اللغوي لا يزال بلا اسم حتى يومنا هذا ( لم يكن في اللغة اليونانية وقتذاك ما يعادل كلمة الأدب ) فليس هناك مصطلح عام يمكن أن يطلق على ميميات mimos ( ضرب من الأداء التمثيلي يحاكي صوراً مختلفة من الحياة ) كل من سوفرون ( شاعر ) واكسينارخوس ( إبن سوفرون ) أو على محاورات سقراط أو حتى على المحاكيات الشعرية التي تستخدم العروض الثلاثي .
الفرق بين الشاعر والناظم :
إلا أن الناس يضيفون كلمة (صانع) أو (شاعر) إلى اسم العروض الذي يصوغ في الشاعر شعره، ومن ثم يسمون البعض (شعراء أليجيين ) أو ( شعراء ملاحم ) . كما أن المحاكاة هي التي لا تصنع الشاعر ، وإنما استخدام الوزن الشعري هو الذي يصنع الشاعر دون تمييز بين من يحاكي ومن لا يحاكي. حتى لقد جرت العادة على أنه إذا ما وضعت مقالة منظومة في الطب أو العلوم الطبيعية أن يسمى ناضمها شاعراً. غير استعمال الوزن العروضي ، ومن ثم يكون من الأصوب أن نسمي الأول شاعراً بينما الآخر عالماً طبيعياً.
وهكذا ينبغي أن توضع الحدود الفاصلة بين هذه الأمور على النحو الذي بيناه.
(د)- وهناك بعض الفنون التي تستخدم كل ما ذكرناه ونعني به الوزن والإيقاع والعروض ومن بيها : الشعر الديثرامبي والنومي nomos ( ضرب من الشعر القديم المرتبط بالديثرامب ) . وكذلك التراجيديا والكوميديا ، بيد أن الاختلاف بين تلك الفنون يتمثل في أن الفنين الأولين يستخدمان كل تلك الوسائل الثلاثة في الوقت نفسه.
_______________________
منقول : كتاب فن الشعر ، تأليف أرسطو / ترجمة د. حمادة إبراهيم.
تعليق