تحياتى البيضاء

قرأت هذا النص الجميل الذى يدل على موهبة خصبة وتمكن فنى وقدرة على صياغة التجربة الشعرية الثرية بالتفاصيل الجمالية والتصوير البليغ

ثم قرأت الردود الرائعة التى احتفت بالنص وخاصة رد أستاذنا ظميان غدير ووجدتها أغلبها يركز على البنية الموسيقية التى قام عليها النص
لذا سأقصر مداخلتى الأولى على تناول هذه البنية من وجهة نظرى وعلاقتها بباقى البنى الفنية التى شكلت هذا النص

- أول ما لفت انتباهى فى هذه البنية هى الدلالة الصوتية للسكون الذى سيطر على القافية بما يعيق من وضوح العلاقة النحوية التى تشكل دلالة السياق
على سبيل المثال

و البوح مني يزدان مُـكـْتَحِــــل

هنا نجد أن لفظة مكتحل هى حال مفردة منصوبة اى أن السياق دلالته كما يلى

و البوح مني يزدان مُـكـْتَحِــــلا
لكن البنية الموسيقية التى تقوم على السكون هنا لا يمنع نشوء علاقة نحوية جديدة " مكتحل ٌ يزدان " أى تصبح مكتحل خبرا للبوح

هل هنا نستيطع القول أن ثنائية العلاقة النحوية التى تحتويها البنية المويسيقة تخدم الدلالة التى يقصدها الشاعر أم أنها تحدث التباسا لدى المتلقى
حين لا تتضح أمامه الدلالة المقصودة
وهذا ما نلاحظه فى هذه الشطرة أيضا

برْجَ المنى يرويه الجوى ثـمــــل

وكذلك نلاحظه فى هذه الشطرة التى لا تتضح فيها العلاقة النحوية للفظة القافية

تاهـتْ به الأنـواءُ الدنى رَفِــــل

حيث تصبح لفظة القافية مفتوحة أمام اكثر من علاقة نحوية كلها يمكن أن تكون تجد ما يدعمها لكن تظل العلاقة التى يقصدها الشاعر غير محسومة الدلالة

وكذلك فى هذا السياق

جَـفّـَتْ سواقي وجْـدي معـاتـبــة
أطـلال بـرجٍ الأحباب يَـرْتـحِــــل

هنا نجد أن دلالة الشطرة الثانية تقدم لنا علاقة الحال يجىء دون الضمير ( هى ) بما يجعله جملة حال فعلية بما يترك ظلا على السياق يجعله منفصلا عن توالى الصورة التى قامت عليها الاستعارة فى الشطرة الأولى أى ان البنية الموسيقية لو أمكنها احتواء علاقة الحال جملة اسمية ( وهى ترتحل ) لحدث امتزاج جمالى بين شطرى البيت وبالتالى يتحقق الامتداد الجمالى للاستعارة



هذه قراءة أولى للنص تتبعها بإذن قراءة فى جمالية الصورة الشعرية وفنية تشكيلها التى تستحق التقدير والإشادة

[align=center]



الأستاذ الشاعر الذي أقدره كثيرا

ظميان غدير

بارك الله فيك على التذكير

وطلبي من الشاعر ليس لجهل البحر بوركت

والمنسرح وإن كان مهجورا فهو غير غائب

لكن بما أنك أجبت عن الشاعر

فأقول إن القصيدة لم تكن مشكلتها الموسيقى "وحدها"

لأن المنسرح أو المضارع أو المقتضب أو أي بحر قل النظم عليه

يحتاج من الشاعر الاهتمام بموسيقى داخلية فنية

تعكس جمال تميزه هو وأصالته

لا ننكر مثلا أن المتقارب بحر راقص التفاعيل

خلاب الموسيقى متلاحق الأنفاس

لكن الشاعر بمقدرته وتميزه يمكن أن ينظم قصيدة وطنية حماسية

أو رثاء مبكيا أليما على المتقارب ويبدع فيه

وهذا التميز أو حتى محاولة الاقتراب منه

لم اجدها في نص الأستاذ عبد الرحيم بارك الله فيه

لذا طلبت منه الجواب لأسمع رأيه



الأمر الثاني هو اختيار القافية الساكنة

والحق أنني معجبة بنظرية العلاقة النحوية التي تحدث عنها أستاذنا الشاعر

محمد الصاوي بارك الله فيه

وهو على علم وذوق دقيق في هذه السمة الفنية أكثر مني

وقد أوضحها مشكورا




الأمر الثالث : هو الصورة الشعرية

التي أتت متكلفة مقسورة وضحت عليها الصناعة

وطغت تراكيب النعت والإضافة عليها

فشتت المتلقي بين البوح الفصيح أو المزدان المكتحل أو الذي طاله الطلل

وبين برج المنى وروى الجوى أو المنى المعتمل أو المجتاح

كلها تصاوير افتقدت إلى متانة البناء المشهدي الفني

الذي يجعل الملتقي يحلق بين الصور

فلا يدري أهو بين ألوان لوحات الشاعر أم بين تجاسيد شخوصه المصنوعة في حبكة فنية أصيلة

كمتلقي لا أقبل هذا النص من اسم كبير كالشاعر عبد الرحيم الحمصي

وهذا حقي فيما آمل، فالنص الذي يخرج إلى السطح

لم يعد يملكه صاحبه

وشكرا للجميع


[/align]

أُستاذي الشاعر عبد الرحيم الحمصي
سلام الله عليك وعلى الجميع
أنا أستنكر فقط أن قولك على الأستاذ يوسف أبو سالم
وإن كان أستاذي يوسف قد أخطأ
فنحن كلنا بشر، وليس فينا من هو معصوم عن الخطأ
فالعصمة للأنبياء، وكان آخرهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
وانتهت تلك العصمة منذ ذلك الحين

قصيدتك جميلة، ولكنني أستنكر التسكين في بعض القوافي
والتي أراها تواقة إلى النصب أكثر من التسكين
ويحدث التسكين فيها لبسا

أعتذر، فهذا رأيي كقارئ
أستاذي يوسف أبو سالم
أعطاه الله صحة وعافية، يعمل جاهدًا على ألا يتخلّل قسم الشعر الفصيح
قصائد ناقصة البنية، فيجعله ذلك يدخل إلى جميع القصائد
لمتابعتها، ورؤيتها، وما أذكر أنني دخلت قصيدة ما ولم أجد اسمه بين من قرأوها..
لذلك فعمله هذا مجهد، ولا ضير إن أخطأ مرةً سهوًا
فلا داعي لأن نقول عليه أقوالا لا تليق به
بل وجب علينا تنبيهه إلى الخطأ بطريقة أخرى لينة
لا تحرجه ولا تسيءُ إليه

أُستاذي عبد الرحيم الحمصي
أنا أستنكر عليك تلك الجملة في الأعلى
لأنها لا تليق بقدرك لتتلفظ بأقوال كتلك
ولا تليق بالملتقى أيضا
وأتمنى أن تقوم بما يجب عليك
وأعتذر عن تدخلي
تحياتي

تحياتى البيضاء

عندما تصفحت الموقع صباح السبت بدأت بنص الاستاذ يوسف أبى سالم ففوجئت بردود وحوار لم أحضره بينه وبين الأستاذ عبد الرحيم الحمصى ،
فوجئت بلغة غريبة بحق لم أعتدها بين مبدعين كبار وألفاظ لا يجوز أبدا أن تتداول بين مثقفين مبدعين
والحقيقة أنا لم أتشرف بمعرفة الأستاذ عبد الرحيم الحمصى من قبل لكننى لا أعرف كيف يصل انفلات الاعصاب إلى مثل هذه الاساءات المؤسفة وكيف لا يكون الشاعر شاعرا فى حياته وتفاعله مع الآخرين كما يكون شاعرا فى نصوصه

لقد حضرت مناقشات ادبية باتحاد الكتاب بمصر وبنادى الأدب بسوهاج يشهد الله رغم حدتها وقساوتها لم أسمع لفظة واحدة تجرح زميلا أو تصفه بلفظ كهذه الألفاظ

لهذا صراحة أعتب عتابا شديدا على الأستاذ عبد الرحيم الحمصى على انفلات أعصابه وقلة حلمه

كذلك أعتب بعض الشىء على الأستاذ يوسف

فما كان يجب أن تصل الأمور إلى هذا الحد فأين الرسائل الخاصة وأين الحوار الذى يقتصر على أصحاب الخلاف
فهذا ربما كان ساهم فى التخفيف من حدة الخلاف وتفاقمه

كذلك أعتب على نفسى وعلينا جميعا

كيف نقف كهذا نتفرج والخلاف بين مبدعين كبيرين يصل إلى هذا المدى أين محاولاتنا للصلح وكيف نصمت هكذا على مثل هذا الحوار الذى خرج عن كونه حوارا أدبيا تماما

لذا أتوجه برجائى للأستاذ يوسف أن يصبر قليلا وألا يترك نفسه لمشاعر الغضب وهو الذى عرفناه رجلا حليما ودودا
وأرجو أن تكون هناك جلسة صلح بينا شاعرينا تصفو بإذن الله بعدها النفوس وتزول هذه السحابة مع الاحتفاظ لشاعرنا الأستاذ يوسف بحقه فى الاعتذار منا جميعا

أستاذنا الغالي / يوسف أبو سالم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعتقد أننا عندما نتعامل مع أكابر الشعراء والأدباء ينبغي أن يكون تعاملنا على أساس مغاير لتعاملنا مع الناشئة من الأدباء والشعراء .. ولذلك لانستصيغ التعامل بالقرارات الإدارية وحدها .. بل نراهن على قدرة الكبار على التسامح ولين الجانب وإلتماس العذر .. فهذا من شيم الأكابر والعقلاء والحكماء .. ولذلك فإنني على ثقة تامة من أن العبارات الإنفعالية التي وردت في رد شاعرنا الكبير عبد الرحيم الحمصي هي مجرد هفوات لم نتعودها منه على مدار سنين التعامل مع سيادته .. وأعتقد أنه بالرغم مما حدث فإننا جميعا استفدنا بشكل كبير جدا من وجهات النظر المختلفة ولولا ما حدث من أخذ ورد لمرت القصيدة مرور الكرام دون أن تأخذ هذه المساحة من النقد .
مرة أخرى أتمنى أن نطوي هذه الصفحة من أجل أن نضرب للأجيال وللناس المثل والقدوة في التسامح ولين الجانب وخفض الجناح لنكون شهداء على الناس .

كل عام وأنتم جميعا بخير ولا ينبغي لمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث .. أتمنى أن يبادر كل منكما بالمصافحة والعفو .

تحياتي لكم جميعا