دوار الداخلية
تربع ولي العهد على كرسي العرش بعد ايام من رحيل والده مؤسس المملكة .
فَوَرَثَ التاج وورَثَ الأرض , ما فوقها وما تحتها . ورث النهر وعيون الماء .
وورث البحر والأسماك . ورث السماء وفضاءها الرحب . ورث الشجر والعشب
وورث الكلاب والقطط والقوارض . وورث إنسان الأرض . ورث طيبتهم
وانسياقهم كالغنم . ورث شعباً لا يقول لا مهما غلا الثمن .
صفن ملكنا الشاب وأخذ يجوب بخياله فضاء مملكته باحثا عن عَلمٍ عليه العين
يتباهى به امام زملاءه الملوك والأمراء والرؤساء .
نهر المملكة قد سُرق . وما تبقى منه جف وسُقِف للسابلة الهائمين على
وجوههم . والبحر اليتيم مات قهراً وماتت معه الأسماك . زاحمت ناطحات السحاب
الشجر والعشب . وغدت اوراق الجرائد الطعام الوحيد للخراف والأبقار . كما وأخذت
القطط والكلاب والقوارض , تزاحم البشر في لقمة العيش .
كل هذا والمواطن كالدابة التي تجر الساقية وهي مغمضة العينين .
رشف ملكنا آخر ما تبقى من فنجان القهوة الذي بيده ثم نهض وبدأ بالسير نحو
حديقة القصر . هناك ما بين الورود وعبق الياسمين تأتيه الأفكار والحلول . قطف
وردة حمراء . شمَّ رائحتها ثم همس :
ــ ألله
ثم اكمل همسه قائلا :
ــ ألله على شعبي لو يصير متل باقي الشعوب . شعب طبعه حامي وغيور .
مثقف ولسانه طويل . يكَوِّنْ أحزاب ويمشي بمظاهرات يسب ويشتم ويلعن
الحكومة من أصغر مراسل فيها لرئيس الوزراء .
ساعتها باكون ملك بحق وحقيق مش ملك على شوية عاهات .
راح أضغط عليه وأسيبله الباب مفتوح , وأشوف . على الله ينتفض وينزاح عني
الكابوس .
جمع الملك وزراءه ومستشاريه وأمرهم برفع أسعار الخبز والطحين .
وكالعادة بلعَ المواطن رفع الأسعار وتم الهضم بكل سهولة ويسر .
وبعدين , صرخ الملك بمن حوله . ارفعوا الأسعار الضعف وارفعوا معها اسعار
البنزين والسولار والكاز .
وكأن شيئا لم يحصل . الناس استوعبت الغلاء بكل رحابة صدر .
نتف ملكنا شعره من الغيظ . وطلب من مدير دائرة السير ان ينصب كمينا
بجوار ميدان وزارة الداخلية " الميدان الرئيسي والذي منه يتفرع السير الى
باقي المناطق " . وطلب منه جَلْد كل مخالف خمسون جلده .
بعد عدة ايام وإذ بالجماهير محتشدة حول القصر .
شاهدهم الملك من خلف النافذة وصرخ بفرح قائلا :
ــ وأخيراً عملتوها يا ولاد الستين .
وقف أمامهم وقد رسم على وجهه تكشيرة مصطنعة ثم قال :
ــ خير يا أهل مملكتي ويا ناسي . ايش فيه ؟
تقدم أحدهم نحو الملك ووجنتاه ترتجفان غيظاً وهمس للملك قائلا :
ــ لو سمحت يا سيدي , وبعد إذن جلالتم . لو تأمر بزيادة عدد الجلادين
على دوار الداخلية . قاعدين كل يوم نتأخر على أشغالنا .
وعجبي !!!!
تربع ولي العهد على كرسي العرش بعد ايام من رحيل والده مؤسس المملكة .
فَوَرَثَ التاج وورَثَ الأرض , ما فوقها وما تحتها . ورث النهر وعيون الماء .
وورث البحر والأسماك . ورث السماء وفضاءها الرحب . ورث الشجر والعشب
وورث الكلاب والقطط والقوارض . وورث إنسان الأرض . ورث طيبتهم
وانسياقهم كالغنم . ورث شعباً لا يقول لا مهما غلا الثمن .
صفن ملكنا الشاب وأخذ يجوب بخياله فضاء مملكته باحثا عن عَلمٍ عليه العين
يتباهى به امام زملاءه الملوك والأمراء والرؤساء .
نهر المملكة قد سُرق . وما تبقى منه جف وسُقِف للسابلة الهائمين على
وجوههم . والبحر اليتيم مات قهراً وماتت معه الأسماك . زاحمت ناطحات السحاب
الشجر والعشب . وغدت اوراق الجرائد الطعام الوحيد للخراف والأبقار . كما وأخذت
القطط والكلاب والقوارض , تزاحم البشر في لقمة العيش .
كل هذا والمواطن كالدابة التي تجر الساقية وهي مغمضة العينين .
رشف ملكنا آخر ما تبقى من فنجان القهوة الذي بيده ثم نهض وبدأ بالسير نحو
حديقة القصر . هناك ما بين الورود وعبق الياسمين تأتيه الأفكار والحلول . قطف
وردة حمراء . شمَّ رائحتها ثم همس :
ــ ألله
ثم اكمل همسه قائلا :
ــ ألله على شعبي لو يصير متل باقي الشعوب . شعب طبعه حامي وغيور .
مثقف ولسانه طويل . يكَوِّنْ أحزاب ويمشي بمظاهرات يسب ويشتم ويلعن
الحكومة من أصغر مراسل فيها لرئيس الوزراء .
ساعتها باكون ملك بحق وحقيق مش ملك على شوية عاهات .
راح أضغط عليه وأسيبله الباب مفتوح , وأشوف . على الله ينتفض وينزاح عني
الكابوس .
جمع الملك وزراءه ومستشاريه وأمرهم برفع أسعار الخبز والطحين .
وكالعادة بلعَ المواطن رفع الأسعار وتم الهضم بكل سهولة ويسر .
وبعدين , صرخ الملك بمن حوله . ارفعوا الأسعار الضعف وارفعوا معها اسعار
البنزين والسولار والكاز .
وكأن شيئا لم يحصل . الناس استوعبت الغلاء بكل رحابة صدر .
نتف ملكنا شعره من الغيظ . وطلب من مدير دائرة السير ان ينصب كمينا
بجوار ميدان وزارة الداخلية " الميدان الرئيسي والذي منه يتفرع السير الى
باقي المناطق " . وطلب منه جَلْد كل مخالف خمسون جلده .
بعد عدة ايام وإذ بالجماهير محتشدة حول القصر .
شاهدهم الملك من خلف النافذة وصرخ بفرح قائلا :
ــ وأخيراً عملتوها يا ولاد الستين .
وقف أمامهم وقد رسم على وجهه تكشيرة مصطنعة ثم قال :
ــ خير يا أهل مملكتي ويا ناسي . ايش فيه ؟
تقدم أحدهم نحو الملك ووجنتاه ترتجفان غيظاً وهمس للملك قائلا :
ــ لو سمحت يا سيدي , وبعد إذن جلالتم . لو تأمر بزيادة عدد الجلادين
على دوار الداخلية . قاعدين كل يوم نتأخر على أشغالنا .
وعجبي !!!!
تعليق