رمضان يرفض الذوبان ( 4 رؤوس طازجة)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أحمد عيسى
    أديب وكاتب
    • 30-05-2008
    • 1359

    رمضان يرفض الذوبان ( 4 رؤوس طازجة)

    [align=right]نهضت مسرعاً من نومي ، بحثت عن نظارتي فلم أجدها ، بدأت أتحسس الطريق أمامي ، لامست الحائط المتشقق بأصابعي التي تشبهه ، حتى وصلت إلى الحمام ، لابد أني نسيتها هناك ، في الطريق لاحظت أشياء غريبة ، هذا الحائط المتشقق لا يشبه حائطي بأي حال من الأحوال ، والطريق إلى الحمام قادني إلى المطبخ ، ثمة تغيير في معالم شقتي ، تغيير جذري حتماً لأن شيئاً من الأثاث لا يتشابه مع ذاك الذي نمت وهو أمام ناظري ..
    أخيراً لاحظت أن النظارة معلقة بياقة البيجامة ، تناولتها ملهوفاً ، وأنا أمني نفسي بحياة أخرى أكون قد نهضت من نومي لأجدها .. أمنية أتمناها كل ليلة ، أن أنهض فلا أجدني في بيتي ولا في حارتي العتيقة ولا في مدينتي التي يحاصرها العالم كله ..مدينتي المنفية عن الكون كله ..
    وضعت النظارة على عيني وثبتها بأنفي وقد وجدت أخيراً فائدة للأنف الذي لم أعرف له فائدة قبلاً غير صوت الشخير الذي كان يخرج منه كل ليلة يسليني في وحدتي ..
    ها هي الرؤية تتضح شيئاً فشيئاً ، منزل قديم متهالك ، وجدران واهية ، وأسلحة تنتشر في أرجاء الشقة وكأنها شبشب الحمام أو جزء من ديكور المنزل .
    هالني هذا الكم من المسدسات والرصاصات الملقى على طاولة السفرة ، هل تعشيت عليها أم ماذا ؟
    ثم أين أنا ، ومنزل من هذا ... ؟؟ أشعر بدوار يكتنفني .. لم أتمن يوماً أن أنهض من نومي في غزة لأجدني في تورا بورا أو الصومال ..ماذا يعيب باريس أو البندقية ؟
    صوت ضربات على باب المنزل ، مرتبة بايقاع منتظم ، وكأنها شيفرة ما ، لكنها تتصاعد بوتيرة ثابتة ..
    أفتح الباب وأنا فاغر فاهِى لا أفهم شيئاً ..
    على الباب وقفت أجمل فتاة في الدنيا ..(ربما لأني لم أكن قد رأيت نساء بعد )
    شعرها الأشقر ينسدل على كتفيها برقة ونعومة ، ومن أذنيها يتدلى قرطان عملاقان ، تلاحظ تحديقي بها بارتياع فتدخل مسرعة وهي تطلق ضحكة صفيقة بأعلى صوت تملكه ..
    لم أتسرع بسؤالها عن اسمها ، واضح أني أعرفه ، وأعرفها ، فقد دخلت المنزل وكأنه منزلها ، وفتحت الثلاجة ، وتناولت علبة من الصودا تجرعتها مرة واحدة ثم تجشأت بصوت عال ..
    - حمودي .. ازيك يا ولا ..
    الحمد لله .. من لهجتها يبدو أنني في مصر .. هذا هو الحلم الجميل .. هكذا أكون في قمة سعادتي ..
    - كويس يا بت .. كويس .
    - يوه .. مالك كده ياخويا ..صاير محترم ..
    - وانت صايرة قليلة أدب ..
    تضحك ضحكتها المستهترة مرة أخرى ، ثم تجلس على الكنبة ، تضع ساقاً فوق الأخرى ، وتمسك الأم 16 تداعبها بطرف لسانها وكأنها تمسك حبة آيس كريم أو أصبع جالاكسي ..
    وتقول بصوت ناعس :
    - عبد الجبار تعيش انت ..
    - لا حول ولا قوة الا بالله .. مات ازاي المرحوم ..
    - هي هي هي .. بتنكت حضرتك ..
    لا أفهم شيئاً بالتأكيد لا أفهم شيئاً ، لكني مضطر أن أؤدي دور العارف بكل شيء :
    - شاطرة يا بت .
    - تعليمك يا باشا ..
    طرقات أخرى على باب المنزل ، أكثر عنفاً هذه المرة ، لا تحمل أي ترتيب ، واضح أنها لشخص همجي يحمل سلاحاً ، وربما يلبس بذلة ويبدو كالثور ..
    نهضت مسرعاً لأفتح الباب ، فطالعني شخص همجي يحمل سلاحاً ويلبس بذلة ويبدو كالثورفعلا .. لكن خلفه ثورين آخرين ..
    - انت مين ياد ..
    قلتها بثقة الرجل القوي الذي لا يخاف أحداً ..
    لكن صفعة حادة انهالت على خدي ، زلزلت كياني ، وصعقت قلبي الذي انفطر من هول المفاجآت والصدمات منذ الصباح ..
    والتفت صاحب الصفعة الى الفتاة الفاتنة غامزاً بعينه :
    - مرسي يا توتة .. الباشا حايكرمك آخر كرم ..
    وأمسك بي من تلابيبي ، المسدسات مصوبة الى وجهي وصدري وظهري ، والمارة يتطلعون فينا وكأن الأمر عادي جداً ، حتى وصلنا الى سيارة سوداء ، أدخلني بها وانطلق لا يلوى على شيء ..[/align]

    يتبع.........
    ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
    [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]
  • أحمد عيسى
    أديب وكاتب
    • 30-05-2008
    • 1359

    #2
    [align=right]تنطلق السيارة وقلبي يكاد يتوقف عن النبض .. في طرقات وعرة وبين الأزقة تنطلق السيارة ، يضع الثور قطعة قماش يربط بها عيني لكي لا أرى شيئاً .. وكأني أفهم شيئاً أصلاً ..
    ألاحظ أن السيارة بدأت تخفف سرعتها .. حتى توقفت تماماً واقتادني رجلان عبر ممر طويل ثم عبر درجات سلم ما .. حتى وصلنا إلى مكانهم ..
    وهنا أزالوا الكمامة عن عيني ..
    فتحتها لأرى شقة واسعة فخمة، يجلس على كنبة مقابلة لي رجل يلبس بذلة وتبدو مظاهر الثراء على كرشه التي امتدت أمامه أمتاراً ..
    - انت باشا يا باشا ..
    قالها وهو يقف على قدميه ويصفق لي ..ويستطرد :
    - مين يقدر يقف في وجه عبد الجبار غيرك .. انت ملك .. انت تراث وطني ..
    بدأ التوتر يبدو على ملامح وجهي ..ما الذي يريده هذا الرجل بالضبط .. ومن هذا العبد الجبار الذي يصر الجميع أنني قاتله ..
    - طلباتك يا باشا ..
    قلتها بلهجة عملية وأنا أعلم أنه لا سبيل للمراوغة ؟، واضح أنني قاتل محترف أو شيء من هذا القبيل وأنني قتلت عبد الجبار .. هذه لا خلاف عليها ..
    - أيوة كده .. ندخل في المفيد ..
    ثم مال برأسه للأمام وكأنه سيقول شيئاً مهماً جداً :
    - نص أرنب .
    ثم تراجع الى الوراء وكأنه ألقى بقنبلة ما والمفروض أن يبدو الانبهار على ملامحي ..
    - نص أرنب ماله .. كمل يا باشا ..نص أرنب مريض ولا نص أرنب ذكر ولا نص أرنب مع راس ديك حامل ..
    نص أرنب ايه ..
    عاد للاقتراب وكأنه سيلقي قنبلة أخرى :
    - واضح ان المبلغ مش عاجبك .. ماشي ..خليها أرنب ..وده كلام مفيش فيه فصال ...
    اذن يتعلق الموضوع بمبلغ ما يعتبر أرنباً عند هؤلاء الناس ..مقابل خدمة ما مني طبعاً ..وهذه الخدمة –حتماً- ستكون قتل أحدهم .. ألست قاتلاً محترفاً ..
    ولم يتركني لتساؤلاتي حين أكمل :
    - رأس أيمن الحلواني ..
    ارتعدت أوصالي وهو يلقي بالاسم على مسامعي ..ليس لأني أعرف بالاسم ، لكن لأني سأتحول الى قاتل محترف بالفعل .. وسوف أقوم بالقتل بالفعل ..وهو لم يطلب يدا أو ساقا أو صدرا ... رأس مرة واحدة ..
    أي حلم مزعج هذا ..
    - موافق يا باشا ..
    قلتها بلهجة الواثق من نفسه حتى أنجو بنفسي أنا ..
    فقال الباشا ..
    - شنطة الفلوس فيها نص المبلغ حاتوصلك هي والديسك اللي فيه المعلومات عن الهدف ..أشوفك بعد الجنازة ..
    وتركني وانصرف ..وعند باب الشقة استدار مرة أخرى ليلقي قنبلته الأخيرة ..
    - حاتكون توتة معاك لضمان التنفيذ ومساعدتك .. مش قلة ثقة بيك ..بس الهدف كبير ..
    وهنا خرجت توتة من الغرفة المجاورة وهي تمضغ لبانتها ذاتها ..
    - يا مرحب يا حمودي ..
    ثم تجلس لتضع ساقاً على ساق أمام وجهي المضطرب ..وينصرف الباشا مع الثيران التي تلاحقه تاركاً إياي وحدي ... مع الشيطان ..
    *********[/align]

    يتبع ....
    ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
    [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

    تعليق

    • ربيع عقب الباب
      مستشار أدبي
      طائر النورس
      • 29-07-2008
      • 25792

      #3
      يعنى أنتظر ؟
      يبدو فيه تكملة أستاذى !!
      رمضان كريم ..
      فى انتظارك

      كن بخير !
      sigpic

      تعليق

      • أحمد عيسى
        أديب وكاتب
        • 30-05-2008
        • 1359

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
        يعنى أنتظر ؟
        يبدو فيه تكملة أستاذى !!
        رمضان كريم ..
        فى انتظارك

        كن بخير !
        أشكرك أستاذي لتشريفي هنا
        سأكمل القصة الان ..

        تحيتي يا طيب
        على فكرة اشتقت لك ..
        ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
        [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

        تعليق

        • أحمد عيسى
          أديب وكاتب
          • 30-05-2008
          • 1359

          #5
          [align=right]- مين أيمن الحلواني ده ..
          قلتها وأنا أشعل سيجارة ناولتني اياها "توتة" وأنفث دخانها في الهواء باستغراب ، فهذه أول مرة أدخن فيها لكني أبدو كمحترف .. ودار بخلدي خاطر هز بدني .. هل أقتل بهذه السهولة أيضاً ؟؟
          تقترب مني برائحة أنفاسها وعطرها الذي يزكم الأنوف ..ثم تطرقع بلبانتها في وجهي وتقول :
          - انت أهبل ياد .. ده الوزير مدير المخابرات ...
          - ميييييييييييييييين ؟؟؟؟
          انتي مجنونة ... المدير وزير المخابرات مرة واحدة ..طيب خليها وزير الري ، وزير الصرف الصحي .. وزير أي حاجة ملهاش لزمة .. مش المخابرااااااااات..
          اقتربت مني باستغراب :
          - على فكرة انت متغير .. انت مريض ..
          يبدو أنها أحست بالخوف والرعب الذي يبدو في ملامحي .. فعدت للتصنع من جديد .. أطلقت ضحكة ساخرة وكأني لا أبالي ..
          - أنا مريض .. ده أنا قتلت المرض من زمان ...
          نظرت لي مرة أخرى في شك ، ثم تهللت أساريرها وقالت :
          - أيوة كده انت حمودي اللي انا عارفاه ..
          وهنا قفزت "توتة" كالممسوسة ، وبدا الجذل في ملامحها وهي تقول ..
          - شكلو اللعبة ابتدت .. في رجال مسلحين عالسلم ..
          أحسست بقلبي يهوي الى قدمي ، بينما أمسكت هي مسدسها وناولتني آخر ، أمسكتني من يدي لنختبأ خلف الأريكة ، وأشارت لي أن أصمت ..
          هنا تحرك رتاج الباب ، ثم فتح الباب فجأة مع وابل من الرصاصات لم ينقطع ..واندفع مع الرصاص رجال مقنعون ، يحملون الأسلحة المتقدمة ، وتبدو الشراسة على ملامحهم .. لكنهم مقنعون .. تبدو هذه الشراسة خلف القناع اذن ..
          وهنا تحركت " توتة " ..
          أطلقت الرصاص على الأضواء بالسقف ، فسادت العتمة فجأة ، وأمسكتني من يدي وانطلقت بي نحو النافذة ، فتحتها وقفزت وهي تصرخ بي :
          - هيااااا
          أنظر الى الأرض حيث قفزت .. يبدو أن هذه التوتة مجنونة .. أقفز من الطابق الثاني .. هل جننت لأفعل ؟
          استدرت الى الرجال ، وصرخت بأعلى ما أملك من صوت :
          - أنا أستسلم ....أستسلمممممممم
          وهنا توقف إطلاق الرصاص ، ولمحت شفاه " توتة " تتحرك بالخارج لتنطق كلمة ما " غبي " أو " جاهل " شيء من هذا القبيل ..
          بينما أحاط بي الرجال المقنعون ، وضربوا مؤخرة رأسي ببنادقهم ، فرحت في سبات عميق ..

          يتبع .... [/align]
          ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
          [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

          تعليق

          • أحمد عيسى
            أديب وكاتب
            • 30-05-2008
            • 1359

            #6
            [align=right]أصوات إطلاق رصاص تأتي من بعيد .. ودبابات تقترب من المخيم ، فتية يرشقونها بالحجارة ، وأنا عارٍ من ملابسي وسلاحي أجري بينهم ، تصيبني الحجارة في ظهري وتصيبني الرصاصات في صدري ..
            أصرخ أن توقفوا ... أنا لست مع هؤلاء ولا مع هؤلاء ..لكن شيء لا يتوقف ..
            رائحة النشادر تتسلل الى أنفي ..
            فأنهض مفزوعاً من كابوس باعتقادي أخف من الواقع الذي أعيشه ..
            أمامي رجلان ملتحيان ، يحملان البنادق الآلية ، وعلى الطاولة أقنعتهم التي أثارت رعبي ..
            وما أن فتحت عيني حتى صرخ أحدهم :
            - لقد نهض يا مولانا ..
            وهنا جاء رجل طويل يناهز المترين طولاً ، لحيته تمتد أمتاراً وأنفه يكاد يصلني حيث أنا ..
            جلس أمامي وهو يقول :
            - يا مرحباً بأبو الرجال ... صيتك بلغ الآفاق يا رجل ..
            - أي صيت يا سيدي ..
            يضحك مولانا وهو يرى نظرات الدهشة على ملامحي :
            - ما تستهبل يا أخي .. يبدو انك بارع في التمثيل .. قصة عبد الجبار بلغت مسامع كل رجل في العالم العربي ..
            "حمودي رمضان" صار حدوتة مخيفة نخوف فيها عيالنا ..
            - يادي عبد الجبار اللي صيتو لاحقني وأنا مش عارف عملت فيه ايه ..
            قلتها في سري طبعاً ، وادعيت التماسك أمام مولانا ..
            - طلباتك يا مولانا ..
            يقترب هو الآخر برأسه مني وكأنه سيلقي قنبلة من النوع الثقيل :
            - بتحب مصر يا بطل ..
            - أيوة يا سيدي بحبها ..
            - طيب .. بتحب ربنا ..
            - أيوة يا عمي بحبو ..بحبو ..
            يعود الى الخلف وكأنما حقق مراده ..
            - إذن إحنا متفقين ..
            ويمد يده مصافحاً ..
            - مبارك عليك يا بطل ..
            متجاهلاً يده الممدودة أقول في غضب :
            - هو إيه اللي مبارك يا عم ..
            - مشروعنا الجديد يا رجل .. نص أرنب مقابل عمل وطني تدخل فيه الجنة .. عايز إيه كمان ..
            - أيوة مقابل ايه ..
            يضحك وكأنه سيقول أمراً بسيطاً عادياً :
            - لا مش مقابل شيء .. فقط رأس حاييم ديفيد ... السفير الإسرائيلي ..
            أضحك بصوت عال ..
            - يا رجل .. بس كده .. ما جيتش بجمل ..اعتبره رأسه على مكتبك من بكرة ومعاه رأس ملفوف كمان .
            - اذن هات يدك صافحني ..
            وتلتقي يدي الضعيفة مع يده القوية حتى تكاد تعتصرني
            ... وأنا لا أفهم شيئاً .. ولا أعرف كيف أنفذ دوري ..
            كيف أقتل مدير المخابرات وسفير اسرائيل ... هو أنا "فان دام" ..
            أعطاني الرجال حزاماً ناسفاً ، وعرضوا علي أي أسلحة أريدها ، ثم أوصلوني إلى وسط القاهرة وانسحبوا ..



            يتبع ...[/align]
            ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
            [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

            تعليق

            • أحمد عيسى
              أديب وكاتب
              • 30-05-2008
              • 1359

              #7
              [align=right]وكأني أعرف الطريق وجدت نفسي أتجه الى منزل آمن يخصني في وسط القاهرة ، دخلته ووجدت المفتاح أسفل السجادة كعادتي دائماً ..
              وهناك ، في الشقة وجدت "توتة " كما توقعت تنتظرني ..
              وكانت متأنقة وكأنها قادمة من حفل زفاف ، وعلى طاولة السفرة جهزت الأكل مما لذ وطاب من طعام ..
              وما أن رأتني حتى صرخت ..
              - ابن حلال ... جبتلك عروض مش حتقدر ترفضها ..
              ورمت أمامي بشنطة يبدو أنها تحمل نقوداً وقالت :
              - نص أرنب .. مقابل رأس : زينب عثمان ..
              رئيسة الوفد الأمني الفلسطيني من رام الله ..واللي حيدفع طرف عربي مش لازم تعرفه ..
              ثم ألقت أمامي بشنطة أخرى :
              - أما دي فنصف أرنب أخرى مقابل رأس زكي زكريا .. رئيس الوفد الأمني الفلسطيني من غزة.. واللي حيدفع حاييم بحاله ... شايف النكتة ..
              ولم تكمل ..
              قاطعتها صارخاً ..
              كفاية
              هي ايه ..
              حملة رؤوس ..
              انتوا بتحبوش بعض ليه ..
              عايزين روس بعض ليه ..
              ما عندكمش روس يعني ..
              كفاية ..
              وتركتها وانصرفت مسرعاً ، أدور في الشوارع كالمجنون ..
              حتى وصلت دون أن أدري إلى فندق شهير وسط القاهرة ..
              وهناك وجدت حراسة أمنية مكثفة ..
              مئات الجنود منتشرين في كل مكان ، يحملون الأسلحة الرشاشة ويطوقون المكان إحاطة السوار بالمعصم ..
              من المستحيل أن تمر ذبابة من هذا المكان ..
              توقفت لأنظر ..وأسأل ..
              فقال الضابط المسئول ..
              - اليوم مفاوضات الوضع النهائي ..أيمن الحلواني سيجتمع مع السفير حاييم ديفيد في قاعة الاجتماعات الكبرى والسادة زينب عثمان وزكي زكريا سيجتمعان من أجل الحوار في قاعة الاجتماعات الصغرى ..
              ثم غمز بعينه وأخلى لي الطريق إلى الفندق وهو يقول :
              - تفضل يا سيدي ، الطريق مؤمنة لسيادتكم حتى قاعة الاجتماعات ..
              وفتح أمامي طريق حبلى بالمفاجآت ..
              تخيلت نشرة الأخبار التي ستعلن عن الإطاحة بأربع رؤوس كبيرة مرة واحدة ..
              وتخيلت اسمي كيف سينتشر في عالم الجريمة ..
              مضيت في طريقي حائر بين أطراف أربعة ..
              ورؤوس أربعة ..
              والحزام الناسف على وسطي يشدني إلى عوالم من خيال ..
              سأنهي هذه الليلة وأنام ..
              كذا صممت ..
              ولسوف أنهض إلى مكان جديد ..
              وعالم جديد ..
              تنتظرني جولات أخرى ..
              لعلها تكون أفضل من هذه ..
              لعلها تكون بدون رؤوس ..


              ******
              25 أغسطس 2009[/align]
              ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
              [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

              تعليق

              • أحمد عيسى
                أديب وكاتب
                • 30-05-2008
                • 1359

                #8
                أنتظر رأيكم أساتذتي ..
                ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
                [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

                تعليق

                • مها راجح
                  حرف عميق من فم الصمت
                  • 22-10-2008
                  • 10970

                  #9
                  والله انت مبدع استاذ أحمد عيسى
                  نص رااائع..رائع الى المدى الذي جعلني أقرأه مرارا..إعجابا
                  بلغته الصافية والانيقة والمتمكنة
                  نص هادف..عميق ..واقعي..ثائر
                  تحية اكبار واجلال استاذ أحمد
                  كل عام وانت بخير
                  رحمك الله يا أمي الغالية

                  تعليق

                  • أحمد عيسى
                    أديب وكاتب
                    • 30-05-2008
                    • 1359

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة مها راجح مشاهدة المشاركة
                    والله انت مبدع استاذ أحمد عيسى
                    نص رااائع..رائع الى المدى الذي جعلني أقرأه مرارا..إعجابا
                    بلغته الصافية والانيقة والمتمكنة
                    نص هادف..عميق ..واقعي..ثائر
                    تحية اكبار واجلال استاذ أحمد
                    كل عام وانت بخير
                    الأستاذة الأديبة : مها راجح

                    بل أنت الرائعة ، وقرائتك للنص تسعدني وتشرفني ..
                    أشكرك لهذا المرور الرقيق كطيف اسمك ..

                    كوني بكل الخير دائماً
                    أحمد
                    ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
                    [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

                    تعليق

                    يعمل...
                    X