جاء سعيد إلى زوجته مسرعاً وعلامات اللهفة للتحدث بادية على وجهه ، وبريق عينيه يدل على أنه وقع على اكتشاف مهم يفوق اكتشاف ارخميدس للوزن النوعي عندما كان في الحمام ! خاطبها قائلاً:
- وجدتها.
- وجدت ماذا؟
- العصا السحرية التي ستجعلنا أغنياء.
- أي عصا سحرية يا سعيد هل جننت؟
-لا لم أجّن ، لكني أخيراً ، وبعد مشاهدة مئات الساعات من البرامج التلفزيونية ،عثرت على المهنة الأسهل والأكثر مدخولاً في بلدنا التي تجعل الجميع يحترمونني ويحسبون لي ألف حساب.
- هل قررت أن ترشح لرئاسة الجمهورية؟
- لا. أي رئاسة جمهورية ؟ أصدقت أنت الأخرى أن ثمة من يستطيع إزاحة الرئيس عن منصبه؟ رؤساؤنا لا يخسرون الإنتخابات إلا إذا كان سيدنا عزرائيل هو الذي ترشح ضدهم.
- ماذا إذاً؟
- قررت أن أصبح محللاً سياسياً للقنوات الفضائية.
- ماذا؟ وما خبرتك أنت بالتحليل السياسي؟ أنت يارجل لم تجر حتى تحليل بول عندما طلب منك الطبيب ذلك والآن ستصبح محللاً سياسياً؟ كيف وأنت لم تمارس السياسة في حياتك؟ سائس الخيل يفهم في السياسة أكثر منك.
- هنا حلاوة الموضوع ، فعندما راقبت القنوات الفضائية ، وجدت أن جميع المحللين لا يحملون أي شهادات معينة ( متخصصة ) وكل ما يقولونه هو كلام جرايد لا يزيد ولا ينقص . وحيثما يعجزون عن الرد ، يبدأ السب ، والشتم ، ووصف الطرف المقابل بأنه عميل وصهيوني ، أو صفوي ايراني .. وما الى ذلك من الصفات . ولدي صديق يعمل مراسلاً لأحد الفضائيات سيتوسط لي لاعتمادي محللاً للأوضاع السياسية ، ويدفعون لي بالدولار عن كل مرة أشارك فيها ببرنامج سياسي أو حواري.
- لكن يا سعيد ، أنت لا تفقه في السياسة شيئاً وسيضحك الناس عليك.
- لا تقلقي فصديقي سيعطيني موضوع النقاش مسبقاً وسأقرأ ما كتبته الجرائد عن هذا الموضوع وأكرره حرفياً . هذا كل ما في الامر.
- أمري لله .. لا أدري ما أقول يا سعيد.
- قولي توكلنا على الله ، ودعينا نشم رائحة الدولار في هذا البيت.
في اليوم الموعود ، اتصل صديق سعيد وأبلغه بأن يستعد ليكون ضيفاً على أحد برامج المحطة بصفته محللاً سياسياً .والموضوع سيكون عن الأزمة الإقتصادية العالمية وتأثيرها على الإصلاحات السياسية في الشرق الاوسط . اشترى سعيد كل جرائد ذلك اليوم وقرأ كل ما يمكن قراءته عن هذا الموضوع ثم ذهب إلى الاستوديو بعد أن لبس أفضل ثيابه . دخل حيث تم إجلاسه على المقعد المخصص له ، ووضعوا له الميكرفون والسماعة ، وطلبوا منه إنتظار إشارة البدء . كان قلب سعيد يدق بسرعة حتى كاد صوته يصم أذنه . وفجأة سمع صوتاً في السماعة يقول:
- أهلاً أستاذ سعيد أنا مقدمة البرنامج.
- أهلاً مدام كيف الحال؟
- الحمد لله . آسفون أستاذ سعيد ، لكن في اخر لحظة ، قررنا وبسبب أحداث غزة أن نغير موضوع الحلقة وأصبح عن حرب غزة ، ودور العرب في إيقافها . ولأنك محلل سياسي قدير، وصاحب خبرة كما وصفك مراسلنا ، فلا أظن أنه سيكون لديك مشكلة في تغيير الموضوع ..أليس كذلك ؟
أسقط في يد سعيد ، فلا هو قادر على التراجع فتطير الوظيفة / الحلم ، ولا هو يعرف أي شيء عن موقف الانظمة العربية من موضوع الحرب على غزة ، لكنه قرر أن لا يترك الفرصة تفلت من يده فقال:
- لا ليس هناك أي مشكل.
- عظيم ، سنبدأ الآن.
بدأت المذيعة بتقديم الحلقة ، فتحدثت عن الصراع العربي الاسرائيلي ، وعن دوافع الإدارة الاسرائيلية لحسم معركة غزة ..حتى وصلت إلى دور الدول العربية في إيقاف الحرب ومساندة الشعب الفلسطيني فقالت:
- أعزائي المشاهدين يسرنا أن نستضيف عبر الأقمار الصناعية المحلل السياسي المخضرم ، الأستاذ سعيد وحيد فريد ، كي يعطينا رأيه بهذا الموضوع. أستاذ سعيد ما هي برأيك الحلول الجذرية للصراع العربي الإسرائيلي خصوصا بعدما شاهدت الفيلم المصور عن الجرائم بحق النساء والاطفال ؟.
صمت سعيد برهة مرت كأنها الدهر حيث لم يكن يدري بماذا يجب أن يرد على المذيعة ، إذ لو كان العرب يريدون فعل شيء لفعلوه .. فجأة وجد نفسه يقول:
- والله يا مدام هناك طريقتان لحسم النزاع العربي الاسرائيلي.
- جميل وما هما يا أستاذ سعيد؟
- أحد الحلين عقلاني ومنطقي وعملي والآخر خيالي وصعب التنفيذ إن لم يكن شبه مستحيل.
- وما هو الحل المنطقي؟
- الحل المنطقي هو الاستنجاد بجريندايزر* كي يأتي بوحشه الفضائي ويضرب اسرائيل ويدمرها ويخلصنا.
ضحكت المذيعة من هذا الكلام وقالت:
- أستاذ سعيد إذا كان هذا هو الحل الواقعي فماذا سيكون الحل الخيالي إذاً؟
- أن يتحد العرب ويلقوا بالخوف جانباً ويوحدوا قلوبهم وثرواتهم وجيوشهم وتحسم هذه المسألة مرة واحدة وإلى الأبد ، ويتذكروا ان اليهود ليسو سوى 5 ملايين وسط 300 مليون عربي و....
قطع المخرج الإرسال وطرد الحرس سعيد إلى الشارع بينما كانت المذيعة تقول:
- أعزائي المشاهدين نعتذر عن إصابة المحلل السياسي بنوبة جنونية ونكمل البرنامج مع ضيفنا التالي.
وكل تحليل سياسي وأنتم بخير.
- وجدتها.
- وجدت ماذا؟
- العصا السحرية التي ستجعلنا أغنياء.
- أي عصا سحرية يا سعيد هل جننت؟
-لا لم أجّن ، لكني أخيراً ، وبعد مشاهدة مئات الساعات من البرامج التلفزيونية ،عثرت على المهنة الأسهل والأكثر مدخولاً في بلدنا التي تجعل الجميع يحترمونني ويحسبون لي ألف حساب.
- هل قررت أن ترشح لرئاسة الجمهورية؟
- لا. أي رئاسة جمهورية ؟ أصدقت أنت الأخرى أن ثمة من يستطيع إزاحة الرئيس عن منصبه؟ رؤساؤنا لا يخسرون الإنتخابات إلا إذا كان سيدنا عزرائيل هو الذي ترشح ضدهم.
- ماذا إذاً؟
- قررت أن أصبح محللاً سياسياً للقنوات الفضائية.
- ماذا؟ وما خبرتك أنت بالتحليل السياسي؟ أنت يارجل لم تجر حتى تحليل بول عندما طلب منك الطبيب ذلك والآن ستصبح محللاً سياسياً؟ كيف وأنت لم تمارس السياسة في حياتك؟ سائس الخيل يفهم في السياسة أكثر منك.
- هنا حلاوة الموضوع ، فعندما راقبت القنوات الفضائية ، وجدت أن جميع المحللين لا يحملون أي شهادات معينة ( متخصصة ) وكل ما يقولونه هو كلام جرايد لا يزيد ولا ينقص . وحيثما يعجزون عن الرد ، يبدأ السب ، والشتم ، ووصف الطرف المقابل بأنه عميل وصهيوني ، أو صفوي ايراني .. وما الى ذلك من الصفات . ولدي صديق يعمل مراسلاً لأحد الفضائيات سيتوسط لي لاعتمادي محللاً للأوضاع السياسية ، ويدفعون لي بالدولار عن كل مرة أشارك فيها ببرنامج سياسي أو حواري.
- لكن يا سعيد ، أنت لا تفقه في السياسة شيئاً وسيضحك الناس عليك.
- لا تقلقي فصديقي سيعطيني موضوع النقاش مسبقاً وسأقرأ ما كتبته الجرائد عن هذا الموضوع وأكرره حرفياً . هذا كل ما في الامر.
- أمري لله .. لا أدري ما أقول يا سعيد.
- قولي توكلنا على الله ، ودعينا نشم رائحة الدولار في هذا البيت.
في اليوم الموعود ، اتصل صديق سعيد وأبلغه بأن يستعد ليكون ضيفاً على أحد برامج المحطة بصفته محللاً سياسياً .والموضوع سيكون عن الأزمة الإقتصادية العالمية وتأثيرها على الإصلاحات السياسية في الشرق الاوسط . اشترى سعيد كل جرائد ذلك اليوم وقرأ كل ما يمكن قراءته عن هذا الموضوع ثم ذهب إلى الاستوديو بعد أن لبس أفضل ثيابه . دخل حيث تم إجلاسه على المقعد المخصص له ، ووضعوا له الميكرفون والسماعة ، وطلبوا منه إنتظار إشارة البدء . كان قلب سعيد يدق بسرعة حتى كاد صوته يصم أذنه . وفجأة سمع صوتاً في السماعة يقول:
- أهلاً أستاذ سعيد أنا مقدمة البرنامج.
- أهلاً مدام كيف الحال؟
- الحمد لله . آسفون أستاذ سعيد ، لكن في اخر لحظة ، قررنا وبسبب أحداث غزة أن نغير موضوع الحلقة وأصبح عن حرب غزة ، ودور العرب في إيقافها . ولأنك محلل سياسي قدير، وصاحب خبرة كما وصفك مراسلنا ، فلا أظن أنه سيكون لديك مشكلة في تغيير الموضوع ..أليس كذلك ؟
أسقط في يد سعيد ، فلا هو قادر على التراجع فتطير الوظيفة / الحلم ، ولا هو يعرف أي شيء عن موقف الانظمة العربية من موضوع الحرب على غزة ، لكنه قرر أن لا يترك الفرصة تفلت من يده فقال:
- لا ليس هناك أي مشكل.
- عظيم ، سنبدأ الآن.
بدأت المذيعة بتقديم الحلقة ، فتحدثت عن الصراع العربي الاسرائيلي ، وعن دوافع الإدارة الاسرائيلية لحسم معركة غزة ..حتى وصلت إلى دور الدول العربية في إيقاف الحرب ومساندة الشعب الفلسطيني فقالت:
- أعزائي المشاهدين يسرنا أن نستضيف عبر الأقمار الصناعية المحلل السياسي المخضرم ، الأستاذ سعيد وحيد فريد ، كي يعطينا رأيه بهذا الموضوع. أستاذ سعيد ما هي برأيك الحلول الجذرية للصراع العربي الإسرائيلي خصوصا بعدما شاهدت الفيلم المصور عن الجرائم بحق النساء والاطفال ؟.
صمت سعيد برهة مرت كأنها الدهر حيث لم يكن يدري بماذا يجب أن يرد على المذيعة ، إذ لو كان العرب يريدون فعل شيء لفعلوه .. فجأة وجد نفسه يقول:
- والله يا مدام هناك طريقتان لحسم النزاع العربي الاسرائيلي.
- جميل وما هما يا أستاذ سعيد؟
- أحد الحلين عقلاني ومنطقي وعملي والآخر خيالي وصعب التنفيذ إن لم يكن شبه مستحيل.
- وما هو الحل المنطقي؟
- الحل المنطقي هو الاستنجاد بجريندايزر* كي يأتي بوحشه الفضائي ويضرب اسرائيل ويدمرها ويخلصنا.
ضحكت المذيعة من هذا الكلام وقالت:
- أستاذ سعيد إذا كان هذا هو الحل الواقعي فماذا سيكون الحل الخيالي إذاً؟
- أن يتحد العرب ويلقوا بالخوف جانباً ويوحدوا قلوبهم وثرواتهم وجيوشهم وتحسم هذه المسألة مرة واحدة وإلى الأبد ، ويتذكروا ان اليهود ليسو سوى 5 ملايين وسط 300 مليون عربي و....
قطع المخرج الإرسال وطرد الحرس سعيد إلى الشارع بينما كانت المذيعة تقول:
- أعزائي المشاهدين نعتذر عن إصابة المحلل السياسي بنوبة جنونية ونكمل البرنامج مع ضيفنا التالي.
وكل تحليل سياسي وأنتم بخير.
تعليق