ثاناتوس يحتضر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • دريسي مولاي عبد الرحمان
    أديب وكاتب
    • 23-08-2008
    • 1049

    ثاناتوس يحتضر

    دفنت خلسة سرها تحت سريرها,وفي سريرتها أنه لا يستطيع أن يلجه.أقدم هو في جنح الظلام يتحسس تخومها.أخرج فأسه وشرع يحفر بهمة عاشق..قوام جسده تدلى..تلوى..ضرب بقوة صخورا اعترضت طريقه.أما هي فما زالت تراقبه بعينين متوسلتين كعصفورة تحتضر.ندت عنها زقزقة.قالت له:
    - اضرب بقوة فالسر المكنون كنز دفين.إن ظفرت به نلتني وفي جنتك وجدتني..
    لم يعرها أي اهتمام وكأنه لم يسمعها.استمر في جنونه حتى خيل له أنه لاحت تباشير مياه جنتها أن تنفجر.كان متعطشا,لكن لحظة الارتواء ما زالت بعيدة,إذ تنأى عنه كلما اقترب منها...
    كان يتجلد بصبر سيزيفي..يتقمص حيله ومراوغاته ومتاهاته كي يصل إلى السر..آنذاك يستطيع أن يلقي القبض على ثاناتوس داخلها..ليخرج الموت ويصلبها على صخرتها..يسعف داخله دوما بحلم يراوده على أن دأبه لن يكون مضيعة للوقت,وان مواسم الحرث تحتاج إلى دفق المياه..إلى غيث يميت ويحيي..يدمر ويعمر...
    اخرج بطاريته وألقى بخيط الضوء يتلمس طرقا أخرى..لم يقتنع أن كل الطرق تؤدي إلى السر.فقد ضاع مرارا ووجد نفسه وحيدا يغالب وحشة القفار ببسالة يشفق عليها...
    لاحت له وهو في جوفها مواطن أخرى تهتز..مواقع لحفر محتمل..لكنه للأسف لا يتوفر إلا على فأسه اليتيم..صرخت في وجهه:
    - أنت يا حبيبي لا تتوفر إلا على فأسك..تحتاج للظفر بكنزي إلى عدة قتالية..معاول وخناجر ورماح..تيقن أني عصية عليك..وسأبقى سرا في حياتك ما لم تعب مياهي...
    حز في نفسه دلالها الساخر..توقف عن الحفر وأطبقت شفتاه تقبل التربة المقدسة..أنفاسه التقطت نداء حتف وشيك..عضلاته نزت عرقا..ففاحت رائحة الخصب ترفرف فوق سحاب سمائهما..انتض من تحت حزامه مدية فضرب برقة صخرتها..تفتت بليونة..فانفجرت رحيقا...
    من شدة البهجة..شرب بهبل زلالها حتى التخمة..وبنشوة الانتصار,انطلقت من وجهه ابتسامة نصر مؤقت...
    دنا من وجهها هامسا بهدهدات أنفاسه:
    - ما دامت الشهوة هي التي تحركني..سأحفرك حتى ضمتي القبر...
    بحب هادر انساب من شفتيها ممزوجا بعبق رائحة الخصب أجابته:
    - مسرورة لذلك..لكن احذر فأسراري بحجم الكون..99 سرا..وعليك أن تكمل متتالية الحفر كل مرة...
    عانقها ونام بدفء بين أحضانها كطفل رضيع..وشرارة تبرق من عينيه الجافتين...


    مولاي عبد الرحمان دريسي
    المغرب
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    هو قمة الصراع السادى ، للوصول بثاناتوس إلى حالة الكمال أو إلى موته ،
    و الصعود إلى أكتافه إلى إيروس الحياة و البقاء و الحضارة !
    أيها الكاتب الذى يحاول أن ينتصر بثاناتوس إلى الحياة ، و كأنه يضرب كل المفاهيم الميثولوجية ، و تلك التى بنى عليها فرويد منظومته بين إيروس نزعة / لذة الحياة و البناء والخلود، و بين ثاناتوس الموت .. التدمير ، و الفناء !
    و ذلك من خلال طرح ربما أصبت فيه عين الواقع ، و كأنه الموت الذى تقبض ، و لكنه صديقى كان موتا فى ذات الحبيب أو المعشوق لتقوم الحياة ، و تكون الحضارو البقاء !!
    لحظة حميمة فائقة التركيب ، صحنها قلمك بكل مقدرة ، بأدوات لغة بدت ماهرة فى تركيبها اللغوى ، خالصة من الأخطاء ، بل و مهندمة ، صاخبة بما حملت !!

    تحاول أن تطرق أبوابا لا تطرق إلا و تكون معاول الموت على الرقاب ، أو سنابل القمح فى انتظارك هناك ، حين يرقى الغريب و المهمل خاصة من هذا الاتجاه الذى أبدعته ، فينال التكريم و ربما الشهرة .. لكنها الجسارة التى تصنع هذا و ليس شيئا آخر !

    لست أرى من علة قد تؤخذ ، و لكنى أحببت هنا ما كتبت ، وهذه اللحظة التى تساوى لحظة خلق أو تخليق ، أو هى انفلات الخيط الابيض من الخيط الأسود ليكون صبح لنهار قادم

    خالص محبتى
    التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب; الساعة 30-08-2009, 12:08.
    sigpic

    تعليق

    • دريسي مولاي عبد الرحمان
      أديب وكاتب
      • 23-08-2008
      • 1049

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
      هو قمة الصراع السادى ، للوصول بثاناتوس إلى حالة الكمال أو إلى موته ،
      و الصعود إلى أكتافه إلى إيروس الحياة و البقاء و الحضارة !
      أيها الكاتب الذى يحاول أن ينتصر بثاناتوس إلى الحياة ، و كأنه يضرب كل المفاهيم الميثولوجية ، و تلك التى بنى عليها فرويد منظومته بين إيروس نزعة / لذة الحياة و البناء والخلود، و بين ثاناتوس الموت .. التدمير ، و الفناء !
      و ذلك من خلال طرح ربما أصبت فيه عين الواقع ، و كأنه الموت الذى تقبض ، و لكنه صديقى كان موتا فى ذات الحبيب أو المعشوق لتقوم الحياة ، و تكون الحضارو البقاء !!
      لحظة حميمة فائقة التركيب ، صحنها قلمك بكل مقدرة ، بأدوات لغة بدت ماهرة فى تركيبها اللغوى ، خالصة من الأخطاء ، بل و مهندمة ، صاخبة بما حملت !!

      تحاول أن تطرق أبوابا لا تطرق إلا و تكون معاول الموت على الرقاب ، أو سنابل القمح فى انتظارك هناك ، حين يرقى الغريب و المهمل خاصة من هذا الاتجاه الذى أبدعته ، فينال التكريم و ربما الشهرة .. لكنها الجسارة التى تصنع هذا و ليس شيئا آخر !

      لست أرى من علة قد تؤخذ ، و لكنى أحببت هنا ما كتبت ، وهذه اللحظة التى تساوى لحظة خلق أو تخليق ، أو هى انفلات الخيط الابيض من الخيط ليكون صبح لنهار قادم

      خالص محبتى
      أستاذي العزيز...
      لا أخفيك أنها كانت مقاربة صوفية امتزجت مع الاسطورة لتخلق مزيجا من التماهي في خوض التجربة الايمانية...
      الحكمة الالهية هنا رفقة الكلمة الادمية...بروتوشات أدبية...جعلت خلالها ثاناتوس يحتضر...وفي انتظار اعتلاء قمة الذروة...كانت الحياة بكل حقائقها امراة تصارع الرغبة الاخرى...
      مداخلتك سيدي استثنائية...راقتني كثيرا...لانها عرجت على عصب محوري في مضمونها...وهو التضارب القدري بين ايروس وثاناتوس...واذا اقحمنا لوغوس هنا....بصنميته الدينية النقلية...او المنطقية...أصبحت الخناجر فوق الرقاب...
      أشكرك أستاذي الجليل... على هذا المرور الملتزم...والذي جعلني الامس تخوم
      مغايرة للرغبة بكل شروحاتها...
      محبتي....

      تعليق

      • دريسي مولاي عبد الرحمان
        أديب وكاتب
        • 23-08-2008
        • 1049

        #4
        "لا أحب من الكتابات كلها,الا تلك التي تكتب بالدم الشخصي.أكتب بالدم وستعلم أن الدم روح "ف نيتشه
        التعديل الأخير تم بواسطة دريسي مولاي عبد الرحمان; الساعة 22-01-2010, 15:56.

        تعليق

        يعمل...
        X