أنا و المطر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سلافة كريم
    عضو الملتقى
    • 23-08-2009
    • 29

    أنا و المطر

    أنا و المطر




    في يوم شتائي دافئ, اعود لمنزلي, اقود سيارتي هي و احدة من بين العشرات محشورة في ممر ضيق, ننتظر دورنا للمرور من نقطة التفتيش.

    أبحث عن أغنية جميلة أو كلمة حلوة من المذياع و لكن.... تلاشى الصوت بين منبهات السيارات و اصوات المارة.

    أين أختفت الشمس.. أسحب تغطي السماء أم موجة من غبار؟؟؟ الجو حار اليوم.. انا أختنق داخل السيارة... ما بهم اليوم لماذا لا نسير؟

    أمراة مسنة ترتدي السواد تطرق زجاج النافذة... (أشتري مني علبة مناديل اثابك الله). سيارة توقفت بقربي يمينا, السائق يدخن سيجارة, و من جهة اليسار امرأة خلف المقود جذبني أحمر الشفاه البراق الذي تضعه... أفي منتصف النهار؟؟ سيارة قديمة تقف في الممر الضيق أمامي أتعبتها شوارع بغداد تنفث الدخان الأسود, سيارة أجرة خلفي السائق شاب مع مجموعة نساء يتسامرن و يضحكن. أي حلقة أنا فيها؟ ألا أستطيع الطيران؟ ليت لسيارتي أجنحة لاهرب من هذا الشرك.

    يا الله ... كم عبرت هذا الطريق, كانت تضلله الأشجار من جهتي الشارع, تتشابك مع بعضها بشكل جميل كانها أقواس نصر, السيارات كانت تتهادى فيه و بعضها تتسابق مع الطيور.... كم سرحت و تمنيت, ضحكت و بكيت, أي ذكريات.
    اليوم (هم) أغلقوا الشارع بالحواجز الكونكريتية و قطعوا الاشجار و قالوا.... لأسباب آمنية!!!! ... قتلوا الأحلام و نحروا الطيور.. الموت لا يزال في كل مكان.

    تحركت السيارات قليلا, يا الهي متى سأعبر نقطة التفتيش. أنا أختنق داخل السيارة لأفتح النافذة قليلا... لازال الدخان الاسود يلوث المكان.

    ضجيج ضجيج... رجل يصرخ بصوت عالي ماذا به... أه هو يتحدث عبر هاتفه النقال, نفير لسيارات حكومية في الجهة الاخرى من الشارع.. على السيارات الواقفة ان تبتعد لتفسح لهم المجال.. تدافعت السيارات ..و أنحشرت بجنب بعضها... صوت تصادم خفيف.. ترجل السائقان.. سيحتدم النقاش بينهما.. لا أريد ان أسمع السباب.

    ألا من أغنية جميلة ما لهذا المذياع اليوم؟؟؟؟

    مجموعة صبية تمر من بين السيارات الواقفة يبيعون الحلوى. أشتري يا خالة, دفع الصبي بذراعه داخل السيارة... ابتعد يا بني لا أريد,, رجاءا خالة. تحركت السيارة التي أمامي,, ابتعد يا صبي علي أن أتحرك.. خالة أشتري مني ارجوك حبا بالله, سيارتي واقفة.... جن جنون سائق الاجرة خلفي يضغط على منبه سيارته بقوة أن تحركي,,,, أسير ببطء, أبعد ذراعك يا ولد على أن أتحرك. الصبي يرمي بقطعة الحلوى داخل السيارة, مددت يدي داخل الحقيبة عثرت على بضعة من نقود دفعتها اليه.. ركض الولد مبتعدا دونما كلمة.

    سيارتي تحركت قليلا ,, الحمد لله الأن أستطيع أن أرى نقطة التفتيش من بعيد,, ثلاثة ممرات للسيارات كيف ستعبر من ممر ضيق واحد؟؟ عونك يا ربي..

    على العودة للمنزل... هم ينتظروني للغداء,, سأكلمهم .. علي فعل ذلك قبل نقطة التفتيش .. سيصادرون هاتفي النقال... يا الهي لا توجد شبكة ...لأحاول مرة أخرى.... لا جدوى... أنا حبيسة نقطة التفتيش.

    قطرات من مطر بدأت تطرق زجاج السيارة, الحمد لله غيث من السماء...

    الركب يتحرك ببطء و كذا قطرات المطر,, تلتصق بالزجاج و تنساب بهدوء. الماء يبلل و جهي لأغلق زجاج النوافذ,,, المطر يتسارع...... دب نشاط غريب في الشارع.. الركب يتحرك.. انقطع الضجيج لا نسمع الا آنين المطر.

    المارة تجري بسرعة لتحتمي من تجريح مطر... بعضهم و قف تحت ما تبقى من جذوع الشجر... و أخرون أحتموا بصفحات الجرائد ... البعض يركض هنا و هناك... و لكن اين المفر؟

    أغلقت مذياع السيارة لآستمع له و حده نشيد السماء و لحن المطر.. طرقات خفيفة على زجاج النوافذ, زخات متسارعة تتسابق مع ماسحات المطر.

    السيارات تتحرك بهدوء دون توقف...أختفى الدخان أنا أتنفس الان.. برودة لطيفة .. ما أحلاك يا مطر. الأطفال و الصبية فرحون بضحك صاخب و شعرها مبلل بالمطر.

    اقتربت من نقطة التفتيش.. الشرطة تحتمي من زخات المطر.. رجل واحد واقف.. يحرك السيارات بسرعة... أين الجهاز الكاشف؟؟

    أنزلي نافذة السيارة أمرني رجل الشرطة.. لحظات مرت يحدق في وجهي بجدية...أوراق السيارة ؟؟ دقائق و أعاد أوراقي ثم أشار بيده... أن تحركي ...

    أضغط على دواسة البنزين .. , اخيرا أنا أتحرك.

    تسابق السيارات بعضها, ما أحلى الحرية, الفرج بعد الشدة.
    عجلات السيارات تدوس على برك الماء المتجمعة في الشارع يتطاير الماء يبلل المارة.... نظرات عتاب.. و حيرة.... و لكن وحدك المسؤول يا مطر.

    أشعر بالوحدة داخل سيارتي, الضباب بدأ يغطي زجاج النوافذ, أنا معزولة عن العالم حولي, سكون لف المكان... أشعر بالحزن...

    المطر ما زال يطرق الزجاج, يكلمني, يواسيني, ينشد لي أشعارا حلوة... لست وحيدة أنا معك.

    ما أحلاك يا مطر
    أغسل كل خطايا الناس
    و أسقي الورد و الشجر
    فدونك جفاف و موت بطيء
    يا قطر يا مطر

    أغنية جميلة... دقائق و سأصل لمنزلي....
    و لكن رباه ... ما الذي أراه... هذه نقطة تفتيش أخرى...










    أعتذر منكم جميعا, هي محاولة فقيرة مني للكتابة لن ترتقي أبدا لروعة ما تخطه أناملكم



    سلافة كريم
    التعديل الأخير تم بواسطة سلافة كريم; الساعة 10-09-2009, 18:11.
  • رحاب فارس بريك
    عضو الملتقى
    • 29-08-2008
    • 5188

    #2
    ألأخت سلافة كريم

    قرأت تصويرك للحدث الذي رافقه سرد لواقع أليم تعيشنه انت وغيرك
    لا اعرف لماذا لوهلة وانا أقرأ لك أخذتني كلماتك لاتذكر اختى الغالية عائدة محمد
    التي وجدت تشابها بين قصتك أو على الأصح الحدث الذي رسمتيه بريشة الألم
    أختي سلافة ما دام الإنسان يكتب مشاعره بصدق فهي كلمات تحاكي قلوبنا
    نجحت بنقل متاعبك ووضعك الذي كان يثير الحزن وبعد ان فتحت طاقة الفرج وتنفست معك وكاني أنا التي تقف على الحاجز أتوجع لوضعك . عدت مرة اخرى للبداية بعد ان فوجئت بحاجز آخر ......

    اهلا وسهلا بك بيننا أخت سلاف
    متمنية لك ولشعبك مستقبلا أفضل بدون حواجز ..
    يك مني كل التقدير
    رحاب بريك
    ..................عندما أمسك قلمي ، لا أفكر ماذا سأكتب إنما ، أكتب ما أحس ..

    تعليق

    • سلافة كريم
      عضو الملتقى
      • 23-08-2009
      • 29

      #3
      أشكر مرورك الكريم أختي العزيزة رحاب فارس بريك, و تعليقك الجميل على ما خطه قلمي من كلمات.
      هي معاناتي اليومية و العشرات من أمثالي, فالحواجز الكونكريتية باتت تخنقنا رويدا رويدا, و أصبحت أخشى يوما أجد فيه المتاريس على باب داري تمنعني حتى من التحرك. وكل ذلك لحفظ الآمن و لكنهم بذلك قتلوا الآمان في داخلنا((بقصد أو دونه!!)).
      شكرا لك مرة أخرى لدعائك لبلدي... أختك في الله سلافة كريم....بغداد

      تعليق

      • غاردى عبد الرحمن
        أديب وكاتب
        • 30-08-2009
        • 828

        #4
        جميلة ما كتبت ..
        وانت وقطرة المطر رائعتين


        كلما اتقنا التوغل في الاشياء
        كلما تكشفت لنا الاعالي أكثر

        تعليق

        • سلافة كريم
          عضو الملتقى
          • 23-08-2009
          • 29

          #5
          الشكر لكم (غاردي عبد الرحمن) على كلماتكم اللطيفة.

          تعليق

          • غاده بنت تركي
            أديب وكاتب
            • 16-08-2009
            • 5251

            #6
            بل محاولة ثرية جداً
            كل المحاولات جميلة وتستحق بنظري
            حتى الفاشلة
            وهنا كنتِ شفافة وبسيطة وانتِ تسردين هذه
            المعاناة الانسانية اليومية بكل عفوية

            ولكن اود ان اخبركِ امراً نبهني له اخ كريم
            هنا وموسوعة في الثقافة ما شاء الله عليه وجزاه الله عني خير الجزاء
            فقد كنت استعمل الـ , مثلك فصحح لي وقال :
            حبذا لو كانت ، فهي افضل وكان صادقاً
            لذلك انتبهي الا تكثري وان تضعيها في مكانها الصحيح لكي يخرج
            النص جميلاً ومعبراً اكثر

            شكري وننتظر الجديد منكِ ,
            نســــــــــــــــــــامح : لكن لا ننســـــــــى
            الحقوق لا تـُعطى ، وإنما تـُـنـتزَع
            غادة وعن ستين غادة وغادة
            ــــــــــــــــــ لاوالله الاّ عن ثمانين وتزيد
            فيها العقل زينه وفيها ركاده
            ــــــــــــــــــ هي بنت ابوها صدق هي شيخة الغيد
            مثل السَنا والهنا والسعادة
            ــــــــــــــــــ مثل البشاير والفرح ليلة العيد

            تعليق

            • سلافة كريم
              عضو الملتقى
              • 23-08-2009
              • 29

              #7
              أشكر مرورك أختي العزيزة (غادة بنت تركي) و أشكر تعليقك اللطيف. حقيقة الذي فهمت منه هو أكثاري من أستخدام الفارزة و النقطة داخل النص. صدقت في ذلك و سأحاول أن أنتبه في المرة القادمة.
              جزاكم الله خيرا

              تعليق

              يعمل...
              X