حين هوى ذلك الخبر ، صفعة قاسية .. كنتُ في نفس المكان الذي شهد رُفـْقـَتـَنـا..وتعطر بعبق الياسمين الأبيض رقة...إنه الملعب الرياضي الضخم الذي كنا نلتقي فيه..كنا نرى ذلك الملعب حديقة وجنان لا نرى فيها غير الورود والأزاهير،،،كل رؤوس النظارة من المشجعين كانت كرؤوس الأوركيدا والعود..حتى أؤلئك من خصومنا في الفريق الثاني.. كنا نراهم نوعا آخر من الورود، قد يبدون كأزهار النرجس والسوسن..
الآن أسترجع صورة من ماضٍ قريب ،تكالبتْ فيه علي المحن ُ وعمامة المواجع تـَتـَقـَصاني ، رحلة سادية من جوانيات القلب بكثير من الأسى...لم أعد أرى الورود والزهور بين يدي، لا أتنسم لها أي عبق، لا أعتقد أن لها أي رائحة أو شذى مثلما كنت أعتقد سابقا، قبل مقتل حبيبتي " لينا" الآن صار العالم كله أسودا قاتما، الناس تبدو لي أكياسا من الفحم المتحرك على أربع..حتى قلبي الصغير لا أعرف كيف لا ينفجر من كل القار الأسود الذي يحتمله بعد موتها...
"لينا" حبيبتي ، مضى على موتها شهران..لم أبكها..لم أبكِ التي أحببتها بسعة حلمي في هذه الدنيا..تعـلقـَت روحي ،بها وتعلقت روحها بي..تمازجت الأرواح فينا حتى الذوبان..عاهدتها على الانتقام..مهما كلف الثمن..ليس أفضل من الإنتقام لأخلص قلبي المفطور المحترق ..
تاخرت ذلك المساء لمشاهدة مباراة الفريق الوطني مع خصم عنيد قدم من أدغال افريقيا.اتصلت بي حبيبتي " لينا " تسألني سبب التاخير..شرحتُ لها في موجة من صياح إثر تسجيل هدف للفريق الخصم في شباكنا..قلت لها:
"مسافة الطريق..إنتظريني حبيبتي.
وتشتت صوتي في غضب الأنصار الذين احتجوا على مراوغة حكم المباراة وتحيزه للفريق الخصم وصاح أحدهم ثائراً:
انها مباراة مباعة سلفا.
وتصادمتِ الأصواتُ بين معارض ومؤيد ، ودخان السجائر يُشارك الغضب قتامتهُ،،
إنسللت من بين الجموع لأتنفس الهواء وانا أسَرِعُ الخُطى نحو المنزل ..المسافة قصيرة ..بضعة أمتار فقط....
ثم..
رن هاتفي النقال:
"لقد قتلها ..المجرم..إنه حقود لم ينس اتهامك له قبل سنتين , وحكمك عليه بالسجن في قضية التهريب.. اعتذر ..آسف يا صديقي.. مصطفى
:من معي ؟من قتل من من من ؟.
"لينا...
وتأجج الصوت اختناقا وظلاماً شديداً أتاهني في الطريق إلى البيت
وصلت منهكاً لاهثاً ، خائر القوى ، فارغاً من كل شيء..لم أعد أسمع ،،، لم أعد أرى بوضوح ، الدنيا أمست ظلاما دامساً.. .بلى أسمع رثاء الأصدقاء ..كنت أسمع ..وغير قادر على الكلام ..حلم كابوس شياطين ترقص في رأسي ..واراها حبيبتي " لينا " في كل الوجوه دمعة ،همسا، رقة ،ألـما..زهرة تذوي وتموت وتجف..فتجف شرايين الحياة في قلبي....
تمت مراسيم الجنازة وارتحلت عبر الطرقات..أفتش عنهُ ،عن قاتل بسمة حياتي..واعداً روحها أن أنتقم منه... أن أجعله يموت ألف مرة ،وفي كل موتة أذيقه بالثواني عذابي فيها وقهري بغيابها..سأقتله بيدي وليس بأيدي غيري..سأصب فوقه كل القار المحترق في قلبي...
لم أعد بحاجة إلى عملي في المحكمة،،، أخذتني الطرقات من هنا وهناك..باحثا ، مُتقصيًا ما بين الوجوه ..لا أثر له..لكنني سأجدهُ وأخنقهُ بِيدي وسأحرقهُ بالقار...
ومرت سنة ..أعقبتها سنوات..وقسمي ممتد عبر أشرطة الذكريات..
كانت نسائم العشية تنزلق باكية في المكان..أحسست بالتعب والإرهاق..فأخذت مقعدا عموميا تحت شجرة السنديان .ورجل أخذت منه السنون كثيرا يحاديني بسبحةٍ عـَبـَرها صلواته وعبادته الهامسة للرحمن .
تجاهلت تحيته في البداية ، ولكن شيئا غريبا شدني إليه وهو يكرر التحية..وينتزع منى اعترافا بألمي.
.وحكيت له كل الحكاية...وأحسست أن بركان القار في قلبي يمور ويقترب من الإنفجار،،،هذا البركان سيدي الشيخ يثقل قلبي،،، أريده أن يخرج، أن يثور فاتخلص من القاتل الوحش..الحقير...
قال بابتسامة رقيقة نقية:
" انظر هناك َالى الأعلى يا بني..إنها عدالة السماء لا تغفل ولن تقبل بظلم وستكون لحظة الصفاء والتسامح ضوء في قلب حبيبتك ..يا بني دع العبد لرب العباد وامضي في شأنك...تخلص من هذا العذاب الذي تحمله بين جوانحك..."
رغبت في البكاء ...واردفت :
"كانت وحيدتي, ابنتي الحبيبة...ليس عندي أغلى منها..كانت حياتي فذهبت.. قال الشيخ: "ابك. اجعل من دموعك مركب ارتقاء لصفاء القلب وسامح..حاول ذلك وسترتاح...ستعيش من جديد وستهدأ روح حبيبتك...وقتلهِ لن يعيدها إليك...بل سيعمق الألم من جديد وسيبقى بركان القار الأسود يمور في قلبك...
كأن قلبي يشرع في نزف القار الأسود ...احسهُ شيطانا يتسلل مطرودا من شقوق قلبي..
أغمضتُ عيني ورأيته..ذلك الضوء صفعة على خدي لأيسر..توزع صفعات على كامل الجسد واستفقت من رغبة الإنتقام إلى معانقة الحياة من جديد...
ورجعت إلى مدينتي خفيفا من كل براكين القار في قلبي..ليذهب القاتل إلى حيث يشاء ..له الله له الله ولي الله ..الله الذي أرسل لي هذا الملاك في صورة رجل رحمة من لدنه.
الآن أسترجع صورة من ماضٍ قريب ،تكالبتْ فيه علي المحن ُ وعمامة المواجع تـَتـَقـَصاني ، رحلة سادية من جوانيات القلب بكثير من الأسى...لم أعد أرى الورود والزهور بين يدي، لا أتنسم لها أي عبق، لا أعتقد أن لها أي رائحة أو شذى مثلما كنت أعتقد سابقا، قبل مقتل حبيبتي " لينا" الآن صار العالم كله أسودا قاتما، الناس تبدو لي أكياسا من الفحم المتحرك على أربع..حتى قلبي الصغير لا أعرف كيف لا ينفجر من كل القار الأسود الذي يحتمله بعد موتها...
"لينا" حبيبتي ، مضى على موتها شهران..لم أبكها..لم أبكِ التي أحببتها بسعة حلمي في هذه الدنيا..تعـلقـَت روحي ،بها وتعلقت روحها بي..تمازجت الأرواح فينا حتى الذوبان..عاهدتها على الانتقام..مهما كلف الثمن..ليس أفضل من الإنتقام لأخلص قلبي المفطور المحترق ..
تاخرت ذلك المساء لمشاهدة مباراة الفريق الوطني مع خصم عنيد قدم من أدغال افريقيا.اتصلت بي حبيبتي " لينا " تسألني سبب التاخير..شرحتُ لها في موجة من صياح إثر تسجيل هدف للفريق الخصم في شباكنا..قلت لها:
"مسافة الطريق..إنتظريني حبيبتي.
وتشتت صوتي في غضب الأنصار الذين احتجوا على مراوغة حكم المباراة وتحيزه للفريق الخصم وصاح أحدهم ثائراً:
انها مباراة مباعة سلفا.
وتصادمتِ الأصواتُ بين معارض ومؤيد ، ودخان السجائر يُشارك الغضب قتامتهُ،،
إنسللت من بين الجموع لأتنفس الهواء وانا أسَرِعُ الخُطى نحو المنزل ..المسافة قصيرة ..بضعة أمتار فقط....
ثم..
رن هاتفي النقال:
"لقد قتلها ..المجرم..إنه حقود لم ينس اتهامك له قبل سنتين , وحكمك عليه بالسجن في قضية التهريب.. اعتذر ..آسف يا صديقي.. مصطفى
:من معي ؟من قتل من من من ؟.
"لينا...
وتأجج الصوت اختناقا وظلاماً شديداً أتاهني في الطريق إلى البيت
وصلت منهكاً لاهثاً ، خائر القوى ، فارغاً من كل شيء..لم أعد أسمع ،،، لم أعد أرى بوضوح ، الدنيا أمست ظلاما دامساً.. .بلى أسمع رثاء الأصدقاء ..كنت أسمع ..وغير قادر على الكلام ..حلم كابوس شياطين ترقص في رأسي ..واراها حبيبتي " لينا " في كل الوجوه دمعة ،همسا، رقة ،ألـما..زهرة تذوي وتموت وتجف..فتجف شرايين الحياة في قلبي....
تمت مراسيم الجنازة وارتحلت عبر الطرقات..أفتش عنهُ ،عن قاتل بسمة حياتي..واعداً روحها أن أنتقم منه... أن أجعله يموت ألف مرة ،وفي كل موتة أذيقه بالثواني عذابي فيها وقهري بغيابها..سأقتله بيدي وليس بأيدي غيري..سأصب فوقه كل القار المحترق في قلبي...
لم أعد بحاجة إلى عملي في المحكمة،،، أخذتني الطرقات من هنا وهناك..باحثا ، مُتقصيًا ما بين الوجوه ..لا أثر له..لكنني سأجدهُ وأخنقهُ بِيدي وسأحرقهُ بالقار...
ومرت سنة ..أعقبتها سنوات..وقسمي ممتد عبر أشرطة الذكريات..
كانت نسائم العشية تنزلق باكية في المكان..أحسست بالتعب والإرهاق..فأخذت مقعدا عموميا تحت شجرة السنديان .ورجل أخذت منه السنون كثيرا يحاديني بسبحةٍ عـَبـَرها صلواته وعبادته الهامسة للرحمن .
تجاهلت تحيته في البداية ، ولكن شيئا غريبا شدني إليه وهو يكرر التحية..وينتزع منى اعترافا بألمي.
.وحكيت له كل الحكاية...وأحسست أن بركان القار في قلبي يمور ويقترب من الإنفجار،،،هذا البركان سيدي الشيخ يثقل قلبي،،، أريده أن يخرج، أن يثور فاتخلص من القاتل الوحش..الحقير...
قال بابتسامة رقيقة نقية:
" انظر هناك َالى الأعلى يا بني..إنها عدالة السماء لا تغفل ولن تقبل بظلم وستكون لحظة الصفاء والتسامح ضوء في قلب حبيبتك ..يا بني دع العبد لرب العباد وامضي في شأنك...تخلص من هذا العذاب الذي تحمله بين جوانحك..."
رغبت في البكاء ...واردفت :
"كانت وحيدتي, ابنتي الحبيبة...ليس عندي أغلى منها..كانت حياتي فذهبت.. قال الشيخ: "ابك. اجعل من دموعك مركب ارتقاء لصفاء القلب وسامح..حاول ذلك وسترتاح...ستعيش من جديد وستهدأ روح حبيبتك...وقتلهِ لن يعيدها إليك...بل سيعمق الألم من جديد وسيبقى بركان القار الأسود يمور في قلبك...
كأن قلبي يشرع في نزف القار الأسود ...احسهُ شيطانا يتسلل مطرودا من شقوق قلبي..
أغمضتُ عيني ورأيته..ذلك الضوء صفعة على خدي لأيسر..توزع صفعات على كامل الجسد واستفقت من رغبة الإنتقام إلى معانقة الحياة من جديد...
ورجعت إلى مدينتي خفيفا من كل براكين القار في قلبي..ليذهب القاتل إلى حيث يشاء ..له الله له الله ولي الله ..الله الذي أرسل لي هذا الملاك في صورة رجل رحمة من لدنه.
تعليق