ملائكة على الأرض

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فاطمة الزهراء العلوي
    نورسة حرة
    • 13-06-2009
    • 4206

    ملائكة على الأرض

    حين هوى ذلك الخبر ، صفعة قاسية .. كنتُ في نفس المكان الذي شهد رُفـْقـَتـَنـا..وتعطر بعبق الياسمين الأبيض رقة...إنه الملعب الرياضي الضخم الذي كنا نلتقي فيه..كنا نرى ذلك الملعب حديقة وجنان لا نرى فيها غير الورود والأزاهير،،،كل رؤوس النظارة من المشجعين كانت كرؤوس الأوركيدا والعود..حتى أؤلئك من خصومنا في الفريق الثاني.. كنا نراهم نوعا آخر من الورود، قد يبدون كأزهار النرجس والسوسن..
    الآن أسترجع صورة من ماضٍ قريب ،تكالبتْ فيه علي المحن ُ وعمامة المواجع تـَتـَقـَصاني ، رحلة سادية من جوانيات القلب بكثير من الأسى...لم أعد أرى الورود والزهور بين يدي، لا أتنسم لها أي عبق، لا أعتقد أن لها أي رائحة أو شذى مثلما كنت أعتقد سابقا، قبل مقتل حبيبتي " لينا" الآن صار العالم كله أسودا قاتما، الناس تبدو لي أكياسا من الفحم المتحرك على أربع..حتى قلبي الصغير لا أعرف كيف لا ينفجر من كل القار الأسود الذي يحتمله بعد موتها...

    "لينا" حبيبتي ، مضى على موتها شهران..لم أبكها..لم أبكِ التي أحببتها بسعة حلمي في هذه الدنيا..تعـلقـَت روحي ،بها وتعلقت روحها بي..تمازجت الأرواح فينا حتى الذوبان..عاهدتها على الانتقام..مهما كلف الثمن..ليس أفضل من الإنتقام لأخلص قلبي المفطور المحترق ..
    تاخرت ذلك المساء لمشاهدة مباراة الفريق الوطني مع خصم عنيد قدم من أدغال افريقيا.اتصلت بي حبيبتي " لينا " تسألني سبب التاخير..شرحتُ لها في موجة من صياح إثر تسجيل هدف للفريق الخصم في شباكنا..قلت لها:
    "مسافة الطريق..إنتظريني حبيبتي.
    وتشتت صوتي في غضب الأنصار الذين احتجوا على مراوغة حكم المباراة وتحيزه للفريق الخصم وصاح أحدهم ثائراً:
    انها مباراة مباعة سلفا.
    وتصادمتِ الأصواتُ بين معارض ومؤيد ، ودخان السجائر يُشارك الغضب قتامتهُ،،
    إنسللت من بين الجموع لأتنفس الهواء وانا أسَرِعُ الخُطى نحو المنزل ..المسافة قصيرة ..بضعة أمتار فقط....
    ثم..
    رن هاتفي النقال:
    "لقد قتلها ..المجرم..إنه حقود لم ينس اتهامك له قبل سنتين , وحكمك عليه بالسجن في قضية التهريب.. اعتذر ..آسف يا صديقي.. مصطفى
    :من معي ؟من قتل من من من ؟.
    "لينا...
    وتأجج الصوت اختناقا وظلاماً شديداً أتاهني في الطريق إلى البيت
    وصلت منهكاً لاهثاً ، خائر القوى ، فارغاً من كل شيء..لم أعد أسمع ،،، لم أعد أرى بوضوح ، الدنيا أمست ظلاما دامساً.. .بلى أسمع رثاء الأصدقاء ..كنت أسمع ..وغير قادر على الكلام ..حلم كابوس شياطين ترقص في رأسي ..واراها حبيبتي " لينا " في كل الوجوه دمعة ،همسا، رقة ،ألـما..زهرة تذوي وتموت وتجف..فتجف شرايين الحياة في قلبي....

    تمت مراسيم الجنازة وارتحلت عبر الطرقات..أفتش عنهُ ،عن قاتل بسمة حياتي..واعداً روحها أن أنتقم منه... أن أجعله يموت ألف مرة ،وفي كل موتة أذيقه بالثواني عذابي فيها وقهري بغيابها..سأقتله بيدي وليس بأيدي غيري..سأصب فوقه كل القار المحترق في قلبي...

    لم أعد بحاجة إلى عملي في المحكمة،،، أخذتني الطرقات من هنا وهناك..باحثا ، مُتقصيًا ما بين الوجوه ..لا أثر له..لكنني سأجدهُ وأخنقهُ بِيدي وسأحرقهُ بالقار...

    ومرت سنة ..أعقبتها سنوات..وقسمي ممتد عبر أشرطة الذكريات..

    كانت نسائم العشية تنزلق باكية في المكان..أحسست بالتعب والإرهاق..فأخذت مقعدا عموميا تحت شجرة السنديان .ورجل أخذت منه السنون كثيرا يحاديني بسبحةٍ عـَبـَرها صلواته وعبادته الهامسة للرحمن .
    تجاهلت تحيته في البداية ، ولكن شيئا غريبا شدني إليه وهو يكرر التحية..وينتزع منى اعترافا بألمي.
    .وحكيت له كل الحكاية...وأحسست أن بركان القار في قلبي يمور ويقترب من الإنفجار،،،هذا البركان سيدي الشيخ يثقل قلبي،،، أريده أن يخرج، أن يثور فاتخلص من القاتل الوحش..الحقير...
    قال بابتسامة رقيقة نقية:
    " انظر هناك َالى الأعلى يا بني..إنها عدالة السماء لا تغفل ولن تقبل بظلم وستكون لحظة الصفاء والتسامح ضوء في قلب حبيبتك ..يا بني دع العبد لرب العباد وامضي في شأنك...تخلص من هذا العذاب الذي تحمله بين جوانحك..."
    رغبت في البكاء ...واردفت :
    "كانت وحيدتي, ابنتي الحبيبة...ليس عندي أغلى منها..كانت حياتي فذهبت.. قال الشيخ: "ابك. اجعل من دموعك مركب ارتقاء لصفاء القلب وسامح..حاول ذلك وسترتاح...ستعيش من جديد وستهدأ روح حبيبتك...وقتلهِ لن يعيدها إليك...بل سيعمق الألم من جديد وسيبقى بركان القار الأسود يمور في قلبك...
    كأن قلبي يشرع في نزف القار الأسود ...احسهُ شيطانا يتسلل مطرودا من شقوق قلبي..
    أغمضتُ عيني ورأيته..ذلك الضوء صفعة على خدي لأيسر..توزع صفعات على كامل الجسد واستفقت من رغبة الإنتقام إلى معانقة الحياة من جديد...
    ورجعت إلى مدينتي خفيفا من كل براكين القار في قلبي..ليذهب القاتل إلى حيث يشاء ..له الله له الله ولي الله ..الله الذي أرسل لي هذا الملاك في صورة رجل رحمة من لدنه.
    لا خير في هاموشة تقتات على ما تبقى من فاكهة
  • مها راجح
    حرف عميق من فم الصمت
    • 22-10-2008
    • 10970

    #2
    ما أعظم الله حين يرسل للإنسان نورا يهتدي به ومصباحا لينير ظلامه
    نص مليء بالأحاسيس المتأججة واللمسة الانسانية في نهاية القصة أضافت معنى كبير لتمسك الانسان برحمة الله والصبر والإيمان بأن الله يمهل ولا يهمل

    استاذة فاطمة الزهراء
    ها انت تضيئين عقولنا لغة ونصا
    تحيتي وتقديري
    رحمك الله يا أمي الغالية

    تعليق

    • دريسي مولاي عبد الرحمان
      أديب وكاتب
      • 23-08-2008
      • 1049

      #3
      الزميلة القديرة فاطمة الزهراء العلوي...تحية الابداع..
      أنوار ملائكتك شدتني منذ الوهلة الأولى...أغشتني وجعلتني اتماهى مع لينا...ذلك الرمز الذي اسرني عبر صفحات طوال...تألمت لأجلها...لأنني أعشق هذا الاسم لحدود الهوس..وبكيتها لأنها دوما ضحية لبشاعة هذا العالم...
      شكرا لك سيدتي على هذه الصفعة مرة أخرى...
      تقبلي مروري...

      تعليق

      • فاطمة الزهراء العلوي
        نورسة حرة
        • 13-06-2009
        • 4206

        #4
        الاديبة القديرة مها راجح صباح النور

        اشكرك غاليتنا على هذاالتشجيع والتوقيع الجميل الذي يؤسس الحرف فرحا وينعش النص
        نعم ان ما بينالسواد والبياض شعرة قد تقصم او تستنير بقعة الضوء

        شكرا جزيلا مها على تحرير المشاركة والاهتمام

        فاطمة الزهراء
        لا خير في هاموشة تقتات على ما تبقى من فاكهة

        تعليق

        • فاطمة الزهراء العلوي
          نورسة حرة
          • 13-06-2009
          • 4206

          #5
          خويا الاديب القدير درسي صباح النور
          المك يكشف سريرتك النقية وانسانيتك تجاه الام الاخرين لانها بالجمع الامنا بالقوة وبالفعل هي نحن .
          و ،،لينا ،، كنا دمعة والدها لحظة النهاية

          قاسية لكنها حقيقتنا في واقع سقطت منه القيم
          ولكن رحمة الله بعباده لاتسعها كل الدنيا

          شكرا لله

          وشكرا لك مولاي عبد الرحمان على الحضور الجميل والكلمة الرائعة

          اعتز بتواجدك اخي

          فاطمة الزهراء
          لا خير في هاموشة تقتات على ما تبقى من فاكهة

          تعليق

          • محمد مطيع صادق
            السيد سين
            • 29-04-2009
            • 179

            #6
            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

            الأخت الكاتبة الفاضلة فاطمة

            أجبرتني كتابتك وأسلوبك اللغوي المتألق على قراءة النص مرتين..
            مشاعر جياشة وحب وأحساسيس إنسانية رغم كل الأسى الذي كابده مصطفى
            ..جميل أن تكون الخاتمة هكذا وأن نفوض أمورنا لربنا عزوجل

            لكن أود أن أسألك عن سبب اختيارك للملعب الرياضي في استهلالك لهذه القصة
            ربما خرج عن مدار الحب قليلا...

            أشكرك على هذا العمل البديع
            دمت بكل خير وتقبلي مروري

            تعليق

            • فاطمة الزهراء العلوي
              نورسة حرة
              • 13-06-2009
              • 4206

              #7
              القدير محمد مطيع مساء النور
              واجبرني توقيعك ان اقراه اكثر من مرة وقد اثلجت صدري كلماتك الرقيقة والطيبة
              اما الملعب الرياضي لانها وحيدته وهو مولع بكرة القدم ونظرا لانها فقدت امها كانت معه في كل اللحظات واكبر لحظاته ملعب الكرة
              او لنقل لان في نفسية ذات الكاتبة رغبة الذهاب الى الملعب لمشاهدة مباراة ولكن في وطني هذا صعب لما يحدث من هرج فيه

              سلمت اخي من كل سوء وتبقى تقديرات القراءة لها مكانتها

              فاطمة الزهراء
              لا خير في هاموشة تقتات على ما تبقى من فاكهة

              تعليق

              • قاسم بركات
                أديب وكاتب
                • 31-08-2009
                • 707

                #8
                الاديبة الزهراء
                انت كما نصك تفيضين انسانسة وشاعرية
                تحياتي
                قاسم بركات

                تعليق

                • ربيع عقب الباب
                  مستشار أدبي
                  طائر النورس
                  • 29-07-2008
                  • 25792

                  #9
                  لا تصالح
                  ولو حرمتك الرقاد
                  صرخات الندامة
                  وتذكر
                  ( اذا لان قلبك للنسوة اللابسات السواد ولاطفالهن
                  الذين تخاصمهم الابتسامة)
                  ان بنت اخيك \"اليمامة\"
                  زهرة تتسربل -في سنوات الصبا-
                  بثياب الحداد
                  كنت, ان عدت:
                  تعدو على درج القصر
                  تمسك ساقي عند نزولي ..
                  فأرفعها - وهي ضاحكة-
                  فوق ظهر الجواد
                  ها هي الآن .. صامتة.
                  حرمتها يد الغدر:
                  من كلمات ابيها,
                  ارتداء الثياب الجديدة,
                  من أن يكون لها -ذات يوم- أخ!!
                  من أب يبتسم في عرسها..
                  وتعود اليه اذا الزوج اغضبها..
                  واذا زارها.. يتسابق احفاده نحو احضانه,
                  لينالوا الهدايا..
                  ويلهو بلحيته ( وهو مستسلم)
                  ويشدو العمامة
                  لا تصالح!!
                  فما ذنب تلك اليمامة
                  لترى العش محترقا.. فجأة,
                  وهي تجلس فوق الرماد؟!

                  كيف أتسامح فى قتل لينا ؟
                  إن كنت أنت تسامحين عبر هذا النص ، أنا لن أتسامح ليظل القار ما بقي الثأر
                  جمرة فى الصدر !!

                  تحياتى
                  sigpic

                  تعليق

                  • فاطمة الزهراء العلوي
                    نورسة حرة
                    • 13-06-2009
                    • 4206

                    #10
                    الاديب قاسم بركات مساء النور
                    اولا مرحبا بك معنا هنا الف مرحبا
                    وشكرا على رقة هذه الكلمات الطيبة والتي تضفي جملا على النص

                    وسعادة في نفس صاحبته

                    سلمت لنا من كل سوء قاسم

                    فاطمة الزهراء
                    لا خير في هاموشة تقتات على ما تبقى من فاكهة

                    تعليق

                    • فاطمة الزهراء العلوي
                      نورسة حرة
                      • 13-06-2009
                      • 4206

                      #11
                      استاذي ربيع مساء النور
                      اتمنى ان تكون بخير سيدي

                      قرات النص القصيدة في تعليقك اكثر من مرة شدتني حرقة غيابها اعادت الي لحظة الكتابة مرارة
                      ساكون صادقة ...رايته ، تتبعته في كل الدروب والمدن والحارات
                      قرات على قسماته الانتقام وارتجفت كلما تشبه باحدهم واستل من جيب معطفه الخنجر
                      وتنفست الصعداء كلما مر الشبه بسلام ثم عاودتني رغبة الانتقام

                      بكيت حينما توسد العراء واستظل بصورة الذكرى لابنته الوحيدة
                      وصرخت دون ان يسمعني بينما سمعتني جدارات كل المدن
                      سافتش معك سنجده وارغب في ان تقتله على مهل ليموت الف موتة

                      ولكن

                      شيء ما حدث تلك الليلة
                      صدقني انفتحت ابواب السماء وكانها ابنته اطلت من هناك ضوء لا يشبهه اي ضوء
                      وكانت رحمة الله

                      هل سامحه فعلا؟ نعم ولكن في القلب خواء ل " لينا " وجمرة الفراق ابدا لن تخمد

                      كم عميقة هذا الصورة استاذي في قولك"
                      كنت, ان عدت:
                      تعدو على درج القصر
                      تمسك ساقي عند نزولي ..
                      فأرفعها - وهي ضاحكة-
                      فوق ظهر الجواد
                      ها هي الآن .. صامتة.

                      اتمنى ان اقراها في القصيدة النثرية لانها عميقة وجمالها صدقها

                      تقرتني حسا جميلا رغم حزن الحرف

                      شكرا جزيلا استاذ ربيع توقيعك اخذني الى ان اعيش لحظةالكتابة لهذه القصة
                      وسؤالك مشروع وعميق المدى

                      سلمت لنا من كل سوء

                      ليلى
                      لا خير في هاموشة تقتات على ما تبقى من فاكهة

                      تعليق

                      • ربيع عقب الباب
                        مستشار أدبي
                        طائر النورس
                        • 29-07-2008
                        • 25792

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة فاطمة الزهراء العلوي مشاهدة المشاركة
                        استاذي ربيع مساء النور
                        اتمنى ان تكون بخير سيدي

                        قرات النص القصيدة في تعليقك اكثر من مرة شدتني حرقة غيابها اعادت الي لحظة الكتابة مرارة
                        ساكون صادقة ...رايته ، تتبعته في كل الدروب والمدن والحارات
                        قرات على قسماته الانتقام وارتجفت كلما تشبه باحدهم واستل من جيب معطفه الخنجر
                        وتنفست الصعداء كلما مر الشبه بسلام ثم عاودتني رغبة الانتقام

                        بكيت حينما توسد العراء واستظل بصورة الذكرى لابنته الوحيدة
                        وصرخت دون ان يسمعني بينما سمعتني جدارات كل المدن
                        سافتش معك سنجده وارغب في ان تقتله على مهل ليموت الف موتة

                        ولكن

                        شيء ما حدث تلك الليلة
                        صدقني انفتحت ابواب السماء وكانها ابنته اطلت من هناك ضوء لا يشبهه اي ضوء
                        وكانت رحمة الله

                        هل سامحه فعلا؟ نعم ولكن في القلب خواء ل " لينا " وجمرة الفراق ابدا لن تخمد

                        كم عميقة هذا الصورة استاذي في قولك"
                        كنت, ان عدت:
                        تعدو على درج القصر
                        تمسك ساقي عند نزولي ..
                        فأرفعها - وهي ضاحكة-
                        فوق ظهر الجواد
                        ها هي الآن .. صامتة.

                        اتمنى ان اقراها في القصيدة النثرية لانها عميقة وجمالها صدقها

                        تقرتني حسا جميلا رغم حزن الحرف

                        شكرا جزيلا استاذ ربيع توقيعك اخذني الى ان اعيش لحظةالكتابة لهذه القصة
                        وسؤالك مشروع وعميق المدى

                        سلمت لنا من كل سوء

                        ليلى
                        جميل تعقيبك أستاذة
                        و لكن
                        الكلمات ليست لى .. !!
                        كيف لم تقرئى ليلى " لا تصالح " لفارس الشعراء أمل دنقل وهو يقولها للسادات قبل رحلة القدس و قبل المحادثات !!
                        ها هى ليلى

                        لا تصالح!
                        ... ولو منحوك الذهب
                        أترى حين افقأ عينيك,
                        ثم اثبت جوهرتين مكانهما .
                        هل ترى ؟
                        هي اشياء لا تشترى
                        ذكريات الطفولة بين اخيك وبينك,
                        حسكما -فجأة- بالرجولة
                        هذا الحياء الذي يكبت الشوق .حين تعانقه
                        الصمت -مبتسمين- لتأنيب امكما ..
                        وكأنكما
                        ما تزالان طفلين!!
                        تلك الطمأنينة الابدية بينكما:
                        ان سيفان سيفك
                        صوتان صوتك
                        انك ان مت:
                        للبيت رب
                        وللطفل اب
                        هل يصير دمي -بين عينيك- ماء؟
                        اتنسى ردائي الملطخ..
                        تلبس - فوق دمائي- ثيابا مطرزة بالقصب؟
                        انها الحرب!
                        قد تثقل القلب...
                        لكن خلفك عار العرب
                        لا تصالح
                        ولا تتوخ الهرب!

                        لا تصالح على الدم .. حتى بدم!
                        لا تصالح! ولو قيل رأس برأس!
                        أكل الرؤوس سواء؟
                        أقلب الغريب كقلب اخيك؟
                        أعيناه عينا اخيك؟
                        وهل تتساوى يد .. سيفها كان لك
                        بيد سيفها أثكلك؟!
                        سيقولون:
                        جئناك كي تحقن الدم..
                        جئناك. كن - يا أمير- الحكم
                        سيقولون:
                        ها نحن أبناء عم
                        قل لهم: انهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك
                        وأغرس السيف في جبهة الصحراء..
                        الى ان يجيب العدم
                        انني كنت لك
                        فارسا
                        و أخا
                        و أبا
                        وملك!

                        لا تصالح
                        ولو حرمتك الرقاد
                        صرخات الندامة
                        وتذكر
                        ( اذا لان قلبك للنسوة اللابسات السواد ولاطفالهن
                        الذين تخاصمهم الابتسامة)
                        ان بنت اخيك \"اليمامة\"
                        زهرة تتسربل -في سنوات الصبا-
                        بثياب الحداد
                        كنت, ان عدت:
                        تعدو على درج القصر
                        تمسك ساقي عند نزولي ..
                        فأرفعها - وهي ضاحكة-
                        فوق ظهر الجواد
                        ها هي الآن .. صامتة.
                        حرمتها يد الغدر:
                        من كلمات ابيها,
                        ارتداء الثياب الجديدة,
                        من أن يكون لها -ذات يوم- أخ!!
                        من أب يبتسم في عرسها..
                        وتعود اليه اذا الزوج اغضبها..
                        واذا زارها.. يتسابق احفاده نحو احضانه,
                        لينالوا الهدايا..
                        ويلهو بلحيته ( وهو مستسلم)
                        ويشدو العمامة
                        لا تصالح!!
                        فما ذنب تلك اليمامة
                        لترى العش محترقا.. فجأة,
                        وهي تجلس فوق الرماد؟!

                        لا تصالح
                        ولو توجوك بتاج الامارة
                        كيف تخطو على جثة ابن ابيك .؟
                        وكيف تصير المليك..
                        على أوجه البهجة المستعارة؟
                        كيف تنظر في يد من صافحوك..
                        فلا تبصر الدم..
                        في كل كف؟
                        ان سهما أتاني من الخلف..
                        سوف يجيئك من الف خلف
                        فالدم -الآن- صار وساما وشارة
                        لا تصالح!
                        ولو توجوك بتاج الامارة
                        ان عرشك: سيف
                        وسيفك: زيف
                        اذا لم تزن -بذؤابته- لحظات الشرف
                        واستطبت -الترف

                        لا تصالح
                        ولو قال من مال عند الصدام
                        \".. ما بنا طاقة لامتشاق الحسام..\"
                        عندما يملأ الحق قلبك:
                        تندلع النار ان تتنفس
                        لا تصالح,
                        ولو قيل ما قيل من كلمات السلام
                        كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنس؟
                        كيف تنظر في عينى امرأة ..
                        انت تعرف انك لا تستطيع حمايتها؟
                        كيف تصبح فارسها في الغرام؟
                        كيف ترجو غدا .. لوليد ينام
                        كيف تحلم او تتغنى بمستقبل لغلام
                        وهو يكبر -بين يديك- بقلب منكس؟
                        لا تصالح
                        ولا تقتسم مع من قتلوك الطعام
                        وارو قلبك بالدم..
                        وارو التراب المقدس..
                        وارو اسلافك الراقدين ..
                        الى ان ترد عليك العظام!

                        لا تصالح,
                        ولو ناشدتك القبيلة
                        باسم حزن \"الجليلة\"
                        ان تسوق الدهاء,
                        وتبدي -لمن قصدوك- القبول
                        سيقولون:
                        ها أنت تطلب ثأرا يطول
                        فخذ -الآن - ما تستطيع
                        قليلا من الحق..
                        في هذه السنوات القليلة
                        أنه ليس ثأرك وحدك
                        لكنه ثأر جيل فجيل
                        وغدا..
                        سوف يولد من يلبس الدرع كاملة,
                        يوقد النار شاملة,
                        يطلب الثأر
                        يستولد الحق
                        من أضلع المستحيل.
                        لا تصالح,
                        ولو قيل ان التصالح حيلة
                        انه الثأر
                        تبهت شعلته في الضلوع..
                        اذا ما توالت عليها الفصول..
                        ثم تبقى يد العار مرسومة (بأصابعها الخمس)
                        فوق الجباه الذليلة!!

                        لا تصالح,
                        ولو حذرتك النجوم
                        ورمى لك كهانها بالنبأ..
                        كنت أغفر لو أنني مت..
                        ما بين خيط الصواب وخيط الخطأ
                        لم أكن غازيا,
                        لم أكن اتسلل قرب مضاربهم
                        أو احوم وراء النجوم
                        لم أمد يدا لثمار الكروم
                        أرض بستانهم لم أطأ
                        لم يصح قاتلي بي: \"انتبه\"!
                        كان يمشي معي
                        ثم صافحني
                        ثم سار قليلا
                        ولكنه في الغصون أختبأ!
                        فجأة:
                        ثقبتني قشعريرة بين ضلعين..
                        واهتز قلبي -كفقاعة- وانفثأ
                        وتحاملت, حتى احتملت على ساعدي
                        فرأيت: ابن عمي الزنيم
                        واقفا يتشفى بوجه لئيم
                        لم يكن في يدي حربة,
                        او سلاح قديم,
                        لم يكن غير غيظي الذي يتشكى الظمأ

                        لا تصالح,
                        الى أن يعود الوجود لدورته الدائرة:
                        النجوم . لميقاتها
                        والطيور.. لأصواتها
                        والرمال.. لذراتها
                        والقتيل لطفلته الناظرة
                        كل شيئ تحطم في لحظة عابرة:
                        الصبا -بهجة الامل- صوت الحصان .. التعرف بالضيف - همهمة القلب حين يرى برعما في الحديقة يذوي -الصلاة لكي ينزل المطر الموسمي - مراوغة القلب حين يرى طائر الموت
                        وهو يرفرف فوق المبارزو الكاسرة
                        كل شيئ تحطم في نزوة فاجرة
                        والذي اغتالني: ليس ربا..
                        ليقتلني بمشيئته
                        ليس أنبل مني.. ليقتلني بسكينته,
                        ليس أمهر مني.. ليقتلني باستدارته الماكرة
                        لا تصالح,
                        فما الصلح الا معاهدة بين ندين..
                        (في شرف القلب)
                        لا تنتقص
                        والذي اغتالني محض لص
                        سرق الارض من بين عيني
                        والصمت سطلق ضحكته الساخرة!

                        لا تصالح,
                        ولو وقفت ضد سيفك كل الشيوخ,
                        والرجال التي ملأتها الشروخ,
                        هؤلاء الذين يحبون طعم الثريد,
                        وانتطاء العبيد,
                        هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق اعينهم,
                        وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخ
                        لا تصالح,
                        فليس سوى ان تريد
                        انت فارس هذا الزمان الوحيد
                        وسواك . المسوخ!
                        لا تصالح
                        لا تصالح!!
                        sigpic

                        تعليق

                        • فاطمة الزهراء العلوي
                          نورسة حرة
                          • 13-06-2009
                          • 4206

                          #13
                          استاذي ربيع
                          يا الاهي كيف لم انتبه
                          هو المرض الملم بي هذه الايام ولكن هذا لا يغفر لي
                          رغم ان الحرف اشتبه علي لانه من عمق ابداعك ايضا فرايتك فيها " القصيدة" الشاعر لانك الشاعر. وامل دنقل وربيع من خيمة عطاء واحدة

                          شكرا جزيلا نقلتها الى مدوني الخاصة قراتها وساعيدها دائما ولن انسى انني غفوت عنها

                          دمت لنا استاذ ربيع وعفوا انه رمضان الكريم ههههه

                          ليلى
                          لا خير في هاموشة تقتات على ما تبقى من فاكهة

                          تعليق

                          • بنت الشهباء
                            أديب وكاتب
                            • 16-05-2007
                            • 6341

                            #14
                            لا أكتم عليك أيتها الأديبة البارعة
                            أختي فاطمة
                            أنني قبل أن أصل إلى مكان الشيخ الوقور كنت أحادث نفسي :
                            كم أتمنى أن يبعد عن فكرة الانتقام ويتركها لله المنتقم الجبار ......
                            وكم كنت سعيدة وأنا أسمع همسات الشيخ الندية وهو يناديه بكل ثقة واطمئنان :
                            انظر إلى عدالة السماء ... ودع العبد لرب العباد وامض في شأنك ولا تقلق مادمت على يقين بأن الظالم القاتل لم يدعه دون عقاب ....
                            فكانت كلماته بردا وسلاما على قلبه ليعود إلى فطرته ويتخلص من العذاب الذي كان يقضّ مضجعه....
                            قصة رائعة يا فاطمة تزدان بأجمل درر الكنوز والحكم والعبر

                            أمينة أحمد خشفة

                            تعليق

                            • فاطمة الزهراء العلوي
                              نورسة حرة
                              • 13-06-2009
                              • 4206

                              #15
                              الاديبة القديرة بنت الشهباء "امينة" مساء النور
                              دعيني اولا ارحب بك هنا في متصفحي بباقة ورد وابارك لك رمضان الكريم
                              وفعلا اختي مابين السواد والابيض الناصع شعرة من تفكير
                              والسماء تفتح ابوبها رحمة من الله لعباده لان لا يمكن لاي عدالة ان تخمد الالم في النفس البشرية مثل عدالة السماء

                              اللهم اهدينا وافتح قلوبنا للخير وارحمنا برحمتك وعفوك يا ارحم الراحمين
                              امين

                              لحضورك وقع مميز اثر في كثيرا
                              شكرا جزيلا اديبتنا الراقية امينة

                              مساؤك سعيد

                              الزهراء
                              لا خير في هاموشة تقتات على ما تبقى من فاكهة

                              تعليق

                              يعمل...
                              X