[frame="14 98"]
الى صديقي الشهيد عبد الرحيم الذي اغتاله المرض
"من مدة كانت الكلمات ضخمة أكثر من دلالتها...واستقبلت أجسام من الخلاء أشعة الشمس المحرقة التي حولت الأفكار غازا يتصاعد في الفراغ .في بداية الهلال أصبحت العيون في صف واحد وترتفع الأيادي للوصول الى أفق الامال الضالة...لكنما العمل؟وكيف نعمل؟لكن كل الامال دفنت ورميت في واد مجهول في هذا الخلاء.وهكذا في اليوم أصبح فج الامل يزيد في ضيقه وتغيب الامال لتنهض الجماهير لتصلي صلاة الجنازة على الحركة"
عبد الرحيم في 17/03/1992
"من مدة كانت الكلمات ضخمة أكثر من دلالتها...واستقبلت أجسام من الخلاء أشعة الشمس المحرقة التي حولت الأفكار غازا يتصاعد في الفراغ .في بداية الهلال أصبحت العيون في صف واحد وترتفع الأيادي للوصول الى أفق الامال الضالة...لكنما العمل؟وكيف نعمل؟لكن كل الامال دفنت ورميت في واد مجهول في هذا الخلاء.وهكذا في اليوم أصبح فج الامل يزيد في ضيقه وتغيب الامال لتنهض الجماهير لتصلي صلاة الجنازة على الحركة"
عبد الرحيم في 17/03/1992
غسق المساء يهوم بسطوته المهيبة على مشارف المقبرة ,كأنه اله المكان بامتياز. سحب من ظلام ,تكاثفت لتجعل الرؤية معتمة, فانتشرت الكآبة على هذه البقعة المنسية من الأرض. زمهرير رياح هبت لتوها من مختلف الجهات حاملة معها أنباء بوعود عاصفة. نباتات الموت المتفرقة فوق القبور تفوح منها رائحة غريبة وتضاريس قاسية ترسم خرائط مبعثرة لأناس كانوا هنا ولم يعودوا كذلك. نذير شؤم يحوم في فضاء هذا القفار, ينداح على المقبرة بسيماء من توجس وذعر قويين ,من أزمنة التوحش البدائي ,حيث سفك الدماء , وقطع الرقاب, وهتك الأعراض وجلد الأجساد حتى الموت أمر في غاية البساطة . والنسيان بجهاز تلطيفه للمشاعر يطوي كل الأحداث طي الكتمان , فتصير مع مر الأزمان.قدرا لبعض بني الإنسان..
حفار القبور,موظف هنا في المقبرة المعلومة.عين ليشرف عليها من جهات فوقية. يسكن بمحاذاتها. بنى لنفسه قلعة على تلة تطل على ملحقته. كان يستعد للنوم في هذه الليلة الليلاء بعد يوم عمل شاق. لكن قبل ذلك بقليل, راودته فكرة إلقاء نظرة على مسالك المقبرة المغبرة, فهو معتاد على إجراء دوريات أمن رتيبة, يجوب فيها اللحود وشوارعها المنسية. تشبع بجسارة لا توصف ,فجعلته مع مرور الأيام ينسجم مع قسوة ظروف انتقاله التأديبي إلى هذه المقبرة اليباب, تبعه كلبه باكو من الخلف..ذاك الكلب الأجرب المبرقع بندف من بياض تعلو ظهره. وبينما هو يترنح آسر الجنان في دروبه, مدندنا ألحان نشوة عارمة, استوقفه كلبه الذي بدأ النباح بقوة ووجل ,واكتنف دواخله شعور برعب قادم . كاد باكو يختنق, فالنباح صار عويلا. استأنس الحفار بوحشة العويل, توجس وأحس في دهاليز لا وعيه بحدس ماكر أن الأمر فيه سر ما, بل مفاجأة على وشك الوقوع .أطلق حواسه مستنفرة في حالة قصوى لربما استدعى المقام إطلاق صفارة إنذاره في صمت هذا الليل المريب. تقدم رويدا على أطراف أصابعه,متمترسا وراء رعبه المزعزع, ولما شارف على السور, خيل إليه انه نفخ فيه.المكان أصبح عاريا,ولاحت لناظريه تحدبات الرموس وهي منبطحة وشواهدها متلاشية .اقترب أكثر وهو يقول في نفسه :
- يا الهي ما الذي يجري؟ أ هذه علامات قيام الساعة؟
رأى العظام تحيى وهي رميم , تبعث فيها قوة مادية خارقة في نسوغها فيقوم الأموات, تصطف في طوابير تنظر إلى السماء, ترفل في أسمال حمراء وتهمس في تمتمات أهازيج غامضة, فتنشد تراتيل محرضة.لقد سمعهم يصرخون : يا رفاق انضموا انضموا.فيوم الثورة أقبل...
حفار القبور,موظف هنا في المقبرة المعلومة.عين ليشرف عليها من جهات فوقية. يسكن بمحاذاتها. بنى لنفسه قلعة على تلة تطل على ملحقته. كان يستعد للنوم في هذه الليلة الليلاء بعد يوم عمل شاق. لكن قبل ذلك بقليل, راودته فكرة إلقاء نظرة على مسالك المقبرة المغبرة, فهو معتاد على إجراء دوريات أمن رتيبة, يجوب فيها اللحود وشوارعها المنسية. تشبع بجسارة لا توصف ,فجعلته مع مرور الأيام ينسجم مع قسوة ظروف انتقاله التأديبي إلى هذه المقبرة اليباب, تبعه كلبه باكو من الخلف..ذاك الكلب الأجرب المبرقع بندف من بياض تعلو ظهره. وبينما هو يترنح آسر الجنان في دروبه, مدندنا ألحان نشوة عارمة, استوقفه كلبه الذي بدأ النباح بقوة ووجل ,واكتنف دواخله شعور برعب قادم . كاد باكو يختنق, فالنباح صار عويلا. استأنس الحفار بوحشة العويل, توجس وأحس في دهاليز لا وعيه بحدس ماكر أن الأمر فيه سر ما, بل مفاجأة على وشك الوقوع .أطلق حواسه مستنفرة في حالة قصوى لربما استدعى المقام إطلاق صفارة إنذاره في صمت هذا الليل المريب. تقدم رويدا على أطراف أصابعه,متمترسا وراء رعبه المزعزع, ولما شارف على السور, خيل إليه انه نفخ فيه.المكان أصبح عاريا,ولاحت لناظريه تحدبات الرموس وهي منبطحة وشواهدها متلاشية .اقترب أكثر وهو يقول في نفسه :
- يا الهي ما الذي يجري؟ أ هذه علامات قيام الساعة؟
رأى العظام تحيى وهي رميم , تبعث فيها قوة مادية خارقة في نسوغها فيقوم الأموات, تصطف في طوابير تنظر إلى السماء, ترفل في أسمال حمراء وتهمس في تمتمات أهازيج غامضة, فتنشد تراتيل محرضة.لقد سمعهم يصرخون : يا رفاق انضموا انضموا.فيوم الثورة أقبل...
تناهت إلى أذنيه مطالب باسم النضال والإنسان والحرية .وقع أرضا من شد الصدمة,أما الكلب البائس فاصطكت أنيابه. تجمد في مكانه وعيناه تسمرتا ببلاهة على وجه سيده المفجوع. لملم بسرعة قواه المنفرطة, لأن الحدث خطير, ولأنه لا يجب أن تفوته أدق تفاصيل ما يجري. نادى باكو بإشارة من يديه, فاقترب الكلب, وبدأ صاحبه يعنفه بكلمات هامسة :
- تبا لك أيها الكلب الحقير.صحيح أنك من سلالة الكلاب الضالة.أبواك لقيطان.فحينما يشتد الخطر ترتعد.فعوض أن تبقى بجانبي للمساندة, فأنت تريد أن تقتنص الفرصة لتفر مطلقا قوائمك للريح.جبان أنت. إذن اسمعني جيدا: الزمني ولا تبتعد أبدا...
حرك الكلب أذنيه علامة منه على الفهم وأرخى لسانه اللاهث كأنه مسعور.
- تبا لك أيها الكلب الحقير.صحيح أنك من سلالة الكلاب الضالة.أبواك لقيطان.فحينما يشتد الخطر ترتعد.فعوض أن تبقى بجانبي للمساندة, فأنت تريد أن تقتنص الفرصة لتفر مطلقا قوائمك للريح.جبان أنت. إذن اسمعني جيدا: الزمني ولا تبتعد أبدا...
حرك الكلب أذنيه علامة منه على الفهم وأرخى لسانه اللاهث كأنه مسعور.
لقد سمع الحفار أصواتا مبحوحة تند من عمق المقبرة,اهتزت لها مسامعه الواهنة.إن هذا الأمر لجلل.استجمع قوته الخائرة التي تعفرت في مشهد ارتجالي,استثنائي وخطير غاية الخطورة.لقد تزايدت أصواتهم ارتفاعا ثم فجأة همدت.تقدم نحو الأمام وكلبه يفتعل التباطؤ,وبركلة مباغتة على مؤخرته جعلته يكتم نباحه في أحشائه ثم يتقدمه مهرولا مذعورا. قال له وهو يتطاير شررا:
- تقدم أيها اللعين..تفو عليك من كلب حقير.
- تقدم أيها اللعين..تفو عليك من كلب حقير.
وقف الحفار يصيخ السمع في هدأة هذه الليلة المدلهمة.فتراءى له أن أحد الموتى يرتقي إلى فوق رؤوس الجماهير الميتة,كأنه ملاك يرفرف بأجنحة خفية و يستعد ليلقي عليهم خطبة عصماء ألفها هو ورفاق نقاشه في سراديب سرية. تنحنح قليلا وامتلأ وهما وصاح :
- أيها الرفاق.هاهي الفرصة سانحة الآن ونحن صوت واحد , سنطالب بحقوقنا المشروعة . المجد والخلود لأمواتنا الأبرار, والخزي والعار لكل الأشرار.قمنا اليوم من قبورنا لنوصل أصداءنا إلى كل أرجاء البلد,إلى من يهمه الأمر,بأن الوقت قد حان للحرية وضرب كل صنوف العبودية. فاستراتيجيتنا هي الثورة وتاكتيكنا المواجهة الشاملة. لقد انتظرنا طويلا اللحظة المناسبة .فلتعلموا أنها تاريخية وأن النصر حليفنا هذه المرة.
قاطعته أصوات الموتى وهي تردد نشيد الأممية.انتفخ زهوا كطاووس متحذلق,وراح يرمق رفاقه المنتشرين بين الحشد الغفير ليرى وقع كلماته عليهم.أما البقية فباستمالة أغرار ما زالوا ينشدون.رفع الرفيق الأعلى يديه إيذانا بأنه يود استكمال خطبته,عم الصمت ثم استرسل قائلا :
- الليلة سننظم تظاهرة عارمة في اتجاه مركز البلد لنعبر عن رفضنا التهميش,ولنبث في الأحياء مطالبنا المشروعة.فأين نصيبنا من الدقيق المدعم؟أين الكهرباء والإنارة الليلة؟أين المياه وقبورنا قد جفت لردح من الزمن؟أين العمل ومعطلونا في تكاسل مستمر بسبب انتظاريتهم؟أطفالنا لا يدرسون,وكل ما لدينا فقيه يترك أبناءنا ويذهب يسترزق بآيات الله في تلاواته علينا ترحما.أما هذا الحفار فهو يسرق أكفاننا ويتركنا عراة لرطوبة التراب القارصة, ويكسوها زوجته وأبنائه وكلبه...
- أيها الرفاق.هاهي الفرصة سانحة الآن ونحن صوت واحد , سنطالب بحقوقنا المشروعة . المجد والخلود لأمواتنا الأبرار, والخزي والعار لكل الأشرار.قمنا اليوم من قبورنا لنوصل أصداءنا إلى كل أرجاء البلد,إلى من يهمه الأمر,بأن الوقت قد حان للحرية وضرب كل صنوف العبودية. فاستراتيجيتنا هي الثورة وتاكتيكنا المواجهة الشاملة. لقد انتظرنا طويلا اللحظة المناسبة .فلتعلموا أنها تاريخية وأن النصر حليفنا هذه المرة.
قاطعته أصوات الموتى وهي تردد نشيد الأممية.انتفخ زهوا كطاووس متحذلق,وراح يرمق رفاقه المنتشرين بين الحشد الغفير ليرى وقع كلماته عليهم.أما البقية فباستمالة أغرار ما زالوا ينشدون.رفع الرفيق الأعلى يديه إيذانا بأنه يود استكمال خطبته,عم الصمت ثم استرسل قائلا :
- الليلة سننظم تظاهرة عارمة في اتجاه مركز البلد لنعبر عن رفضنا التهميش,ولنبث في الأحياء مطالبنا المشروعة.فأين نصيبنا من الدقيق المدعم؟أين الكهرباء والإنارة الليلة؟أين المياه وقبورنا قد جفت لردح من الزمن؟أين العمل ومعطلونا في تكاسل مستمر بسبب انتظاريتهم؟أطفالنا لا يدرسون,وكل ما لدينا فقيه يترك أبناءنا ويذهب يسترزق بآيات الله في تلاواته علينا ترحما.أما هذا الحفار فهو يسرق أكفاننا ويتركنا عراة لرطوبة التراب القارصة, ويكسوها زوجته وأبنائه وكلبه...
استرد أنفاسه المتبددة,واستنشق ملء رئتيه عبق الغبار المتعالي من كثرة الحركة على الأرضية المتربة وتابع ينفث تحريضاته :
- فماذا نحن منتظرون؟لتشمروا على سواعدكم ولتتحدوا.فالنصر حليفنا بكل تأكيد.ومن هذا المنبر أحيي كل الرفاق وأشد على أياديهم ودمتم للنضال المقبري...
تمتم الحفار في نفسه وهو يسمع كلمات الرفيق التي لم يعها أبدا: تبا إنهم ماركسيون ملا حدة.غوغائيون مردة..
رجعت أصداء كلمات الميت الخطيب من جبال تحاصر المكان . فأصبح التقاؤها نقطة لحمى كادت أن تفتك بحياة الحفار وكلبه نحو الموت المحقق.هرولا وهما يتصفدان عرقا كريها.انطلقا كسهمين يخترقان المدى الذي لا يحده البصر.امتداد خاله الحفار لمسافات طوال حتفا مرتقبا,قطع فيه سبلا وعرة تعمها القسوة المبيته والندم المستبطن الدفين.كادت أنفاسه تفارق روحه وتبعه باكو مرتعد الفرائص.لقد كانا من شدة الخوف كأحصنة قطعت أمكنة الهامش وهي تائهة,ثم وصلا أخيرا إلى عتبات مركز الشرطة. الحفار متقطع الأنفاس والخوف يمزق نياط قلبه,وهو الذي ما فتئ يحفر القبور ويشرف على مراسم الدفن ويلقي الأرواح المنهكة إلى جوف الأرض والأجساد المقموعة في آبار النسيان والضياع والضجر.متثاقلا في خطواته التي تمزقها طلقات رصاص مرعبة,تواثب كأنه مخمور حد الثمالة من وقع شدة ما رآه.ألقى نظرة الى الخلف, إلى بيوت البلدة فلمح أنها أصبحت مجرد مربعات كابية ,متناثرة,ومعدودة على رؤوس الأصابع,شبيهة بأنياب عجوز شمطاء,شتتها الزمان في حزام هامش مريع ووشمها ببصمة صفرة امتزجت بسواد الليل.أحس بحنق يعلو أنفاسه وصرخ في جوفه رفضا: انه القرف بذاته...
رجعت أصداء كلمات الميت الخطيب من جبال تحاصر المكان . فأصبح التقاؤها نقطة لحمى كادت أن تفتك بحياة الحفار وكلبه نحو الموت المحقق.هرولا وهما يتصفدان عرقا كريها.انطلقا كسهمين يخترقان المدى الذي لا يحده البصر.امتداد خاله الحفار لمسافات طوال حتفا مرتقبا,قطع فيه سبلا وعرة تعمها القسوة المبيته والندم المستبطن الدفين.كادت أنفاسه تفارق روحه وتبعه باكو مرتعد الفرائص.لقد كانا من شدة الخوف كأحصنة قطعت أمكنة الهامش وهي تائهة,ثم وصلا أخيرا إلى عتبات مركز الشرطة. الحفار متقطع الأنفاس والخوف يمزق نياط قلبه,وهو الذي ما فتئ يحفر القبور ويشرف على مراسم الدفن ويلقي الأرواح المنهكة إلى جوف الأرض والأجساد المقموعة في آبار النسيان والضياع والضجر.متثاقلا في خطواته التي تمزقها طلقات رصاص مرعبة,تواثب كأنه مخمور حد الثمالة من وقع شدة ما رآه.ألقى نظرة الى الخلف, إلى بيوت البلدة فلمح أنها أصبحت مجرد مربعات كابية ,متناثرة,ومعدودة على رؤوس الأصابع,شبيهة بأنياب عجوز شمطاء,شتتها الزمان في حزام هامش مريع ووشمها ببصمة صفرة امتزجت بسواد الليل.أحس بحنق يعلو أنفاسه وصرخ في جوفه رفضا: انه القرف بذاته...
رفع عقيرته للسماء وبدأ الصراخ:
- استفيقوا يا أهل البلدة.لقد حدث أمر فظيع..فالأموات في المقبرة بعثت وهي الآن تنشد أناشيد الحرية والخلاص...
لم تسعفه طاقته المبددة بين اللهاث والصراخ.رفع كلتا يديه حد فمه ونفخ في نفيره المعد لحالة الطوارئ.
لم تسعفه طاقته المبددة بين اللهاث والصراخ.رفع كلتا يديه حد فمه ونفخ في نفيره المعد لحالة الطوارئ.
قوبل نداؤه بصمت عميق,استشاط غيضا وقال في قرارته:
-تبا.هؤلاء القوم أموات على هيئة أحياء. سحقا لهم...
التف نحو باكو الذي وجده هذه المرة وراءه مباشرة,انحنى نحوه وربت على ظهره.خاطبه بهمس:
- باكو.أنت صديقي أليس كذلك؟ألا تر يا عزيزي أنهم سيحاصروننا؟لقد تعبنا مع الأحياء وهاهم الأموات سيزيدون الطين بلة.لقد سمعناهم يطالبون بمطالب غريبة.والذي أثارني أنهم يتكلمون باسم الجماهير والحرية والبروليتاريا.أفق يا هذا.أم أنك مغلق لأذانك.لقد تعبت وما علي إلا البلاغ..
نبح الكلب نباح الطوارئ وبذلك أعلنت حالة الهياج الاستثنائي.وسرى في الآفاق كلها على أنه بلاغ من الإدارة المركزية للمقبرة.
عندما تيقن أن لا أحد من سكان البلدة سيستجيب لإخباره,اقتحم مسرعا مركز الشرطة.دلفه لاهثا.أما باكو فتبعه دون كلل يذكر,لقد أبان عن همة نشيطة.صمت يعم المكان,يقطعه شخير شرطيان ممددان على كرسيين في المدخل.إنهما يغطان في مهمة عسيرة.أما الرئيس فقد ألقى رأسه على مكتبه وراح يتلذذ في هناء سكون هذه الليلة أحلامه المستقبلية.طرق الحفار الباب واتجه صوب المكتب مباشرة.وجل رئيس الشرطة ودعك عينيه الغائرتين في الظلام.علامات الاستغراب والذعر باديتان على وجهه الجلمودي.بادره الحفار دون روية :
عندما تيقن أن لا أحد من سكان البلدة سيستجيب لإخباره,اقتحم مسرعا مركز الشرطة.دلفه لاهثا.أما باكو فتبعه دون كلل يذكر,لقد أبان عن همة نشيطة.صمت يعم المكان,يقطعه شخير شرطيان ممددان على كرسيين في المدخل.إنهما يغطان في مهمة عسيرة.أما الرئيس فقد ألقى رأسه على مكتبه وراح يتلذذ في هناء سكون هذه الليلة أحلامه المستقبلية.طرق الحفار الباب واتجه صوب المكتب مباشرة.وجل رئيس الشرطة ودعك عينيه الغائرتين في الظلام.علامات الاستغراب والذعر باديتان على وجهه الجلمودي.بادره الحفار دون روية :
- سيدي الرئيس,في جعبتي نبأ خطير..انه مس لأمن البلدة..فهي مهددة بقلاقل الموتى الفقراء.لقد بعثوا من قبورهم.محتشدون هناك ويخططون للقيام بتظاهرة نحونا,وأخشى أن تسير الأمور إلى عصيان قبوري...
لم يستجل الرئيس مغزى الحفار المرتعش..
لم يستجل الرئيس مغزى الحفار المرتعش..
- ماذا تقول يا قائد المقبرة؟ خفف من روعك..وقص علي أقصوصتك بهدوء حتى يتسنى لي فهمك..
تلعثم الحفار الذي زاده وقع كلمة قائد بعضا من القوة. تماسك و قال:
- لقد رأيت بأم عيني حشود أموات المقبرة وهم قيام في حشر عظيم.يحمل بعضهم صورا لوجوه غريبة.تتعالى أصواتهم مطالبة بشعارات كبرى.لا شك أنهم مجدفون,ولأضيف لك, إنهم ينادون بالثورة...
انقشعت شرارة حنق من عيني رئيس الشرطة ثم قام من كرسيه مزمجرا:
ويحك أيعقل ما تقول؟إن كان كذلك فعلينا التحرك فورا.
تقدم الرئيس مباشرة نحو خزانة مكتبه,حمل مسدسه وخنجره وانطلق نحو صالة المركز.صرخ في وجه شرطييه النائمين,فاستفاقا مذعورين وأديا التحية في لقطة واحدة.
لدينا مهمة عاجلة,لتعدوا أسلحتكم ولتستعدوا للمعركة...
تلعثم الحفار الذي زاده وقع كلمة قائد بعضا من القوة. تماسك و قال:
- لقد رأيت بأم عيني حشود أموات المقبرة وهم قيام في حشر عظيم.يحمل بعضهم صورا لوجوه غريبة.تتعالى أصواتهم مطالبة بشعارات كبرى.لا شك أنهم مجدفون,ولأضيف لك, إنهم ينادون بالثورة...
انقشعت شرارة حنق من عيني رئيس الشرطة ثم قام من كرسيه مزمجرا:
ويحك أيعقل ما تقول؟إن كان كذلك فعلينا التحرك فورا.
تقدم الرئيس مباشرة نحو خزانة مكتبه,حمل مسدسه وخنجره وانطلق نحو صالة المركز.صرخ في وجه شرطييه النائمين,فاستفاقا مذعورين وأديا التحية في لقطة واحدة.
لدينا مهمة عاجلة,لتعدوا أسلحتكم ولتستعدوا للمعركة...
انطلقت الحشود الميتة من قبورها مصفوفة في تظاهرة مديدة,تهتف بشعارات منددة,حاملة فوق رؤوسها صورا لغرباء.في صوت واحد متحشرج كانت أصواتهم تصل إلى عمق البلدة في هذه الليلة القدرية.تناهى زمهريرهم إلى آذان الحفار والرئيس..امتطيا بسرعة جيادهم بعد أن أسرجها الشرطيان في لمح البصر,وانطلقوا ليرابطوا بحذاء جرف قرب الوادي المؤدي صعودا للمقبرة.نقطة إستراتيجية للإغارة على المتمردين.
دنا الرئيس من أذن الحفار وهمس:
- اسمعني جيدا.لدي خطة.حينما سيقتربون أكثر,سنغير عليهم مطلقين الرصاص في الهواء,فالأموات يخشون القتل لأنهم ميتون أصلا ولا حاجة لنا أن نقتل أمواتا,ثم سأعطي أوامري للشرطيان بإلقاء القبض على زعيمهم...
تنحنح الحفار وعلامة إعجاب غطت عينيه البراقتين في دهاليز الظلام.
- فكرة رصينة وتنم عن ذكاء خارق.
بدأت الحشود تهبط المنحدر في تقاطعات صياحية مدوية,وعلا نقيع غبار فساد الضباب الوادي.عيون الرئيس مثبتة صوبهم ينتظر اللحظة التي سيكونون في غمرة الوادي...
- هاهم يقتربون..لقد حانت الساعة..
باشارة من يديه,أخرج الشرطيان مسدسيهما وأطلقا الرصاص في الهواء,وفي منظر درامي,تفتت
عظام الموتى وتناثرت,وهرول بعضهم في اتجاهات مختلفة.نظر الزعيم حوله فوجد نفسه أعزلا محاصرا بالشرطيين.صفداه بأغلال بلاستيكية وجروه من الخلف,حيث باكو يلحس ساقيه المرتجفتين نحو المخفر.هناك استنطقوه بمهارة بحضور الحفار .
سأله الرئيس :
- ما هو دافعك نحو الفوضى؟
أجاب الزعيم مطأطأ الرأس: انه غرور الزعامة أيها الرئيس. لي مطامح شخصية أريد أن أصلها.جمعتهم لأحقق مآربي ولي طموحات أخرى...
كركر الحفار مستخفا بما سمعه وقال بمكر فاضح:
إذن أنت انتهازي وو وووصولي؟!
ذلولا,حرك الزعيم المزعوم رأسه .امتقعت سحنته المغبرة في غمرة صهد الاستنطاق.بال في سرواله.وغطت دموع الخجل عينيه.تمنى لو أمكنه الفرار من زنزانته الى يباب المقبرة وهنائها .كانت أحلامه يقطعها نباح باكوا الظافروترددات الشعارات ترن في أعماقه.
استند الى جدران زنزانته وهو يلمح ضوء الفجر من فجاجة في السقف.وفي رهبة غريبة,سمع وهو يتلو آيات بينات من القران الكريم..
دريسي مولاي عبد الرحمان
المغرب
[/frame]
دنا الرئيس من أذن الحفار وهمس:
- اسمعني جيدا.لدي خطة.حينما سيقتربون أكثر,سنغير عليهم مطلقين الرصاص في الهواء,فالأموات يخشون القتل لأنهم ميتون أصلا ولا حاجة لنا أن نقتل أمواتا,ثم سأعطي أوامري للشرطيان بإلقاء القبض على زعيمهم...
تنحنح الحفار وعلامة إعجاب غطت عينيه البراقتين في دهاليز الظلام.
- فكرة رصينة وتنم عن ذكاء خارق.
بدأت الحشود تهبط المنحدر في تقاطعات صياحية مدوية,وعلا نقيع غبار فساد الضباب الوادي.عيون الرئيس مثبتة صوبهم ينتظر اللحظة التي سيكونون في غمرة الوادي...
- هاهم يقتربون..لقد حانت الساعة..
باشارة من يديه,أخرج الشرطيان مسدسيهما وأطلقا الرصاص في الهواء,وفي منظر درامي,تفتت
عظام الموتى وتناثرت,وهرول بعضهم في اتجاهات مختلفة.نظر الزعيم حوله فوجد نفسه أعزلا محاصرا بالشرطيين.صفداه بأغلال بلاستيكية وجروه من الخلف,حيث باكو يلحس ساقيه المرتجفتين نحو المخفر.هناك استنطقوه بمهارة بحضور الحفار .
سأله الرئيس :
- ما هو دافعك نحو الفوضى؟
أجاب الزعيم مطأطأ الرأس: انه غرور الزعامة أيها الرئيس. لي مطامح شخصية أريد أن أصلها.جمعتهم لأحقق مآربي ولي طموحات أخرى...
كركر الحفار مستخفا بما سمعه وقال بمكر فاضح:
إذن أنت انتهازي وو وووصولي؟!
ذلولا,حرك الزعيم المزعوم رأسه .امتقعت سحنته المغبرة في غمرة صهد الاستنطاق.بال في سرواله.وغطت دموع الخجل عينيه.تمنى لو أمكنه الفرار من زنزانته الى يباب المقبرة وهنائها .كانت أحلامه يقطعها نباح باكوا الظافروترددات الشعارات ترن في أعماقه.
استند الى جدران زنزانته وهو يلمح ضوء الفجر من فجاجة في السقف.وفي رهبة غريبة,سمع وهو يتلو آيات بينات من القران الكريم..
دريسي مولاي عبد الرحمان
المغرب
تعليق