الجودة والخطأ الطبي !

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • وليد زين العابدين
    أديب وكاتب
    • 12-05-2009
    • 313

    الجودة والخطأ الطبي !

    يكاد لا يمر يوم ... إلا ونسمع فيه عن قصة إنسانية مأساوية لعائلة تعرض أحد أفرادها لمرض يصيب الملايين غيره في العالم ……… ولكنه ولحظه العاثر قد حصل معه من وجهة نظره ونظر عائلته ( خطأ طبي جسيم ناتج عن الإهمال ) غيَر مجرى حياته وحياة عائلته بالكامل …… في حين أنه من وجهة نظر الكادر الطبي فهذه الكارثة عبارة عن ( اختلاط طبي وارد الحدوث ). أما من وجهة نظر الصحافة فهو مادة دسمة لملء الفراغ لفترة من الوقت بغض النظر عن الحقيقة . أما القضاء فيستعين بخبرات طبية من أطباء يقومون بشكل روتيني يإصدار قرار لصالح زملائهم الأطباء على مبدأ ( انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً !!!!)……. ولكن أين هي الحقيقة ! .

    الجودة و سلامة المريض ( Quality and Patient Safety )
    أتُفِقَ على أن الجودة في الخدمات الطبية هي تقديم الخدمة الطبية الصحيحة بطريقة صحيحة , وفي التوقيت الصحيح , ومن أول مرة وفي كل مرة .

    ومنذ سنوات وضمان الجودة في المنشآت الصحية يعتبر هاجساً لكل من يعمل في القطاع الصحي بكافة المستويات . بدءاً من منظمة الصحة العالمية مروراً بالمنظمات الإقليمية مثل مجلس وزارء الصحة العرب , وكذلك بالمدراء والمعاونين والمستشارين وانتهاءً بكل فرد من أفراد الفريق الطبي .

    ولكن ليس القطاع الصحي هو الوحيد الذي يتأثر بجودة الخدمات الطبية ..... فشركات التأمين والضمان والمؤسسات المالية الممولة والشركاء التجاريين أصبح شغلهم الشاغل الجودة في الخدمات الطبية , لسبب وجيه جداً. فالجودة تعني الحد من الهدر , والتقليل من الأخطاء الطبية المكلفة مادياً جداً .

    أما أكثر المتأثرين بالجودة في الخدمات الطبية فهو المريض نفسه وعائلته ... فكم من مريض قد فقد حياته بسبب تدني الجودة في هذه المنشأة الصحية أو تلك , وكم من مريض قد فقد عضو أو وظيفة فيزيولوجيه بسبب خطأ أو إهمال طبي , وكم من عائلة قد تغير مصيرها بسبب الأخطاء الطبية والتي معظمها يمكن تفاديه .

    وقد أصدر ( Institute Of Midicine ) وهو من أعلى الهيئات الطبية التعليمية في أمريكا . تقرير في عام 1999 باسم ( To Err Is Human : Building A Safer Health System )
    قدم هذا التقرير إحصائيات عن ضحايا الأخطاء الطبية في أمريكا . هذا التقرير أثار ضجة في الأوساط الطبية عندما كشف النقاب عن أرقام مخيفة من المرضى الذين يتوفون سنوياً بالأخطاء الطبية, وعن العدد الخيالي للمرضى الذين يتعرضون لاختلاطات طبية ناتجة عن الإهمال . هذا عدا عن مليارات الدولارات التي تهدر بسبب تدني الجودة والأخطاء الناجمة عن ذلك.

    وكان مغزى التقرير بأن الخطأ إنساني ( To Err is Human ) ..... بعبارة أخرى فإن الإنسان معرض للخطأ بغض النظر عن مستواه التعليمي أو الأخلاقي أو الفيزيولوجي . وهكذا وبهدف حماية المريض من أي خطأ أو إهمال , تبين أن الأهم من التركيز على الأفراد , هو بناء نظام صحي متكامل ( Building a Safer Health System ) يضع العقبات والعراقيل أمام الأخطاء بحيث يمنع حصولها . وهكذا ينجو المريض وعائلته من كارثة حقيقية . وينجو القطاع الصحي من انتكاسة تؤثر سلباً على سمعته ومهمته الإنسانية .

    ومن هذه العراقيل والعقبات التي يجب أن يعتمدها النظام الصحي لمنع حدوث الأخطاء الطبية تطبيق السياسات وأدلة وبروتوكولات العمل , واعتماد الطب المستند على الدليل Evidenc-Based Practices. بالإضافة إلى عملية تعليم وتأهيل مستمرة لكافة العاملين بالقطاع الصحي بدءاً من الأطباء الاختصاصيين مروراً بالأطباء المقيمين والكادر التمريضي فالفنيين والإداريين وانتهاءً بعمال نقل المرضى وعمال النظافة . وكل ذلك تحت مظلة الجودة الشاملة التي تضع الخطط لتحسين الأداء بحيث يكون المريض واحتياجاته وسلامته محور العمل والعمليات , وفي نفس الوقت تقوم الجودة بعملية المراقبة والقياس من أجل تحديد الفجوة بين الواقع الذي تعيشه المؤسسة الصحية وبين ما يجب أن تكون عليه . هذه عملية مستمرة لا تنتهي طالما أن هناك مرضى وأطباء, وطالما أن الخطأ الطبي ما زال وارد الوقوع .

    ومن أهم مهام الجودة في مجال سلامة المريض هو عدم انتظار الخطأ أو الكارثة حتى تقع .... وبعبارة أخرى يقوم أعضاء فرق الجودة بالبحث والتقصي ( توقع ) وجمع المعلومات من أجل تحديد أماكن الخطورة والخلل المفترضة واقتراح الحلول الناجعة ووضعها موضع التنفيذ . وكمثال على ذلك وضع خطط مسبقة للطوارئ ( زلزال – حريق ... إلخ ) والتدرب على هذه الخطط مرة سنوياً على الأقل , بحيث يعرف كل فرد في هذه المؤسسة دوره . وكذلك تشكيل فرق تدخل سريع ( طبيب عناية + ممرضة مؤهلة + فني تخدير ... ) تكون مدربة للتعامل مع حالات الصدمة القلبية , بحيث تنتقل داخل المستشفى بلحظات لأي مريض لديه صدمة قلبية والعمل على إنعاشه وفق أحدث الطرق العلمية .

    وتعتبر المؤسسات الصحية والهيئات الطبية التعليمية ومنظمة الصحة العالمية أن سلامة المريض هو عامل مشترك بينهم ..... وبالتالي فإن تبادل المعلومات والتقارير والاقتراحات والحلول يساعد في تحصين المريض على المستوى العالمي ضد الأخطاء الطبية ... خاصة وأن معظم الأخطاء الطبية يمكن تجنبها . فإذا حدث خطأ طبي ما في مستشفى في أي مكان من العالم ....... يفترض بأن تعلم جميع المؤسسات والمنظمات الصحية في العالم بهذا الخطأ ..... العوامل التي أدت لوقوعه .... والتدبير الفوري المتخذ ..... والخطوات المقررة لمنع حدوثه مجدداً ...... وهكذا تحتاط هذه المؤسسات من هذا الخطأ قبل وقوعه فيها . وبالتالي توفير المعاناة والألم والمال لمرضى آخرين كان ليحدث لهم نفس الخطأ .

    آسف للإطالة ... و يتبع إن شاء....
  • وليد زين العابدين
    أديب وكاتب
    • 12-05-2009
    • 313

    #2
    رد: الجودة والخطأ الطبي !

    الخطأ الطبي قد يواجهه أي واحد فينا ... هذه أمثلة عن تدني الجودة في الأداء والكوارث الإنسانية المترتبة على ذلك :منذ أيام وجه الدكتور طلال مصطفى "باحث اجتماعي" رسالة إلى وزير الصحة السوري عبر مرصد "نساء سورية"، إثر وفاة شقيقته التي قضت نتيجة "خطأ طبي" من قبل "طبيب" لم يهتم إلا بانتظار "المعجزات الإلهية". وتقول الرسالة :إن حليمة "38 سنة، أم لثلاثة أطفال"، "قُتلت في المشفى الوطني بمدينة مصياف على يد رجل مسماه الوظيفي في المشفى "طبيب". وتضيف الرسالة: "حصل هذا عندما أبلغها طبيبها أنها حامل بجنين، وهناك ضرورة لاستئصاله لأسباب صحية تتعلق بالجنين. أختي كانت إنسانة بكل ما تعنيه الكلمة، حاولت الاحتفاظ بالجنين لأربعة أشهر أملا منها أن يتجاوز الخطر. لكن الطبيب أصر على أن الخطر يتفاقم، ولا بد من الإجهاض". هكذا ذهبت حليمة بكامل إرادتها إلى المشفى صباحا، "لم تودع أحداً ظناً منها أنها ستعود بعد ساعات قليلة.. أطعمت أطفالها صباحاً، وأخبرتهم أنها ذاهبة إلى عملها على عادتها في بقية أيام الأسبوع، وأنها ستعود إليهم بعد نهاية الدوام.. بينما الأطفال ما زالوا ينتظرون عودتها من دوام طويل جدا لا ينتهي!." ويقول مصطفى إن "الطبيب" أكد لشقيقته أن عليها ألا تقلق لأن العمل الجراحي الذي ستخضع له "بسيط جدا"، وبالتالي ستعود لمنزلها بعد بضع ساعات فقط. ويضيف: "كانت حليمة مقتنعة إلى حد أنها لم تطلب المساعدة من أهلها! لكن ما لم تكن تعرفه أن من كان بانتظارها، تحت مسمى "طبيب" هو شخص لا علاقة له بالطب!" ويشير مصطفى إلى أنه بعد وقت قليل من دخول شقيقته غرفة العمليات، خرج "الطبيب" يطلب من زوجها توقيعه على الموافقة لاستئصال الرحم، نتيجة العمل الجراحي. فسارع الزوج لفعل ذلك، واضعا نصب عينيه حياة زوجته قبل كل شي. وتتابع الرسالة: "لكن المسلسل تتابع. بعد قليل خرج "الطبيب" نفسه ليقول أنها بحاجة إلى كمية كبيرة من الدم، فقد حصل نزيف حاد! لم يكن الوقت وقت تفكير وحساب. فبدأت رحلة البحث عن الدم في بنك الدم بحماه، استغرق الأمر يومين لإحضار المتبرعين (كل الشكر لأهالي مصياف الذين اندفعوا بإنسانية مميزة للتبرع بدمائهم)، حتى وصل عدد أكياس الدم إلى 75 كيسا!!" الطاقم الطبي الذي استدعاه "الطبيب" لم يملك أجوبة عن أسئلة أهل حليمة عن وضعها سوى عبارة "ادعوا لها وتأملوا بمعجزة إلهية". ويضيف مصطفى: "قلنا لمدير المشفى إننا جاهزون لنقلها إلى مشفى آخر أو لإحضار أطباء على حسابنا، لكنه أكد رأي الطاقم الطبي: انتظروا معجزة إلهية"! الإرادة الإلهية تحققت أخيرا وفارقت حليمة الحياة، بعد يوم ونصف تقريبا من النزيف .كان الله في العون ............ولكن هذه حادثة مأساوية أخرى أكثر مأساوية كان ضحيتها طبيب هذه المرة :شرح المحامي بسام عثمانلي عن معاناة أخيه الذي تحوّل نتيجة أخطاء طبية من طبيب مشهور إلى مقعد مشلول، على النحو التالي:شعر أخي الدكتور عثمانلي، المختص بالأمراض النسائية ومدير مشفى حلفايا الوطني بحماة، بألم في ظهره، فأجرى صورة "مرنان مغناطيسي" لظهره في مدينة حماة فأظهرت وجود ديسك بين الفقرتين الظهريتين الثامنة والتاسعة. ولكن الطبيب الذي كتب التقرير المرفق بالصورة قرأ الصورة قراءة خاطئة، وكتب في تقريره: الديسك بين الفقرتين الظهريتين 9 و،10 ويحتاج إلى عمل جراحي. فأجرى أخي اتصالاته بزملائه الأطباء يسألهم عن طبيب "شاطر" كي يجري له العمل الجراحي، فنصحوه بأن الطبيب "أسامة. ق" مختص بالجراحة العصبية هو خير من يقوم بمثل هذه العمليات، فاتجهنا إلى مشفى "هـ.س" بدمشق. فطلب الدكتور أسامة صورة مرنان أخرى دون تقرير "لأنه يستطيع قراءة الصور". وقال التقرير اللاحق للصورة إن الديسك بين الفقرتين 8 و9. ثم أجرى له عملاً جراحياً بشكل خاطئ بين الفقرتين 9 و10 على أساس أنه استأصل الديسك، ووضع له "كيج" تثبيت فقرات بين الفقرتين 9 و10. وقبض أجرة تلك العملية 190 ألف ليرة سورية. ولكن أخي لم يتحسن، فأجرينا له صورة مرنان أخرى بعد 3 أشهر، تبين فيها أن الديسك لايزال في المستوى 8-9. فأخبرنا الطبيب أسامة الذي ادعى أن هناك ديسكاً آخر بين تلك الفقرات، وأجرى له عملاً جراحياً آخر عن طريق الدخول الأمامي "أي فتح الصدر وكسر الأضلاع" وبعد العملية مباشرة، أجرى له صورة شعاعية تبين له أن "الكبح" مائل، فأجرى له عملية أخرى بعد ساعة ونصف من العملية الأولى، ووضع له صفيحة وبراغي تثبيت، وأدخل بعدها إلى العناية المشددة. ولكن الصدمة كانت بعد أن صحا أخي من التخدير ليكتشف أنه فقد كامل الإحساس بنصفه السفلي. وقد برر الطبيب أسامة ذلك، بأن هناك وذمة في النخاع الشوكي، وسيعود الإحساس بالتدريج، وبقينا خمسة أيام على هذا الأمل، ثم أجرينا له صورة شعاعية تبين فيها أن أحد براغي التثبيت قد اخترق النخاع الشوكي. إلا أن الطبيب أسامة قال إن البرغي لم يخترق النخاع ولكنه قريب منه، ومن الأفضل نزعه، فأجرى له عملاً جراحياً آخر نزع خلاله البرغي. ولكن شيئاً لم يتحسن، وقد أرسلنا الصور إلى جامعات في ألمانيا، أكدت أنه قد قضي الأمر وأن البرغي قد تسبب بتلف جزء من النخاع. وقد تقدمنا بشكوى إلى نقابة الأطباء وإلى وزارة الصحة، ولكن ماذا سنستفيد، ومن سيعيد أخي إلى ما كان عليه؟ هكذا نجد أن الجودة وتطبيق معايير الجودة أصبح واجباً وضماناً لسلامة وحياة المرضى وليس رفاهية أو ( علاك ) أو ( فزلكة ) كما يحلو للبعض تسميتها . والجودة هي مسؤولية الجميع إداريين وأطباء وفنيين وممرضات ومستخدمين وعمال نقل مرضى .وختاماً أحب أن أنوه إلى أن الجودة هي ثقافة مجتمع كامل , وليس ثقافة جزء من المجتمع ... ولنا لقاء قريب لبحث هذه الفكرة .ودمتم.
    التعديل الأخير تم بواسطة وليد زين العابدين; الساعة 01-10-2009, 20:07. سبب آخر: تعديل التنسيق لتحسين النص

    تعليق

    • دكتور مشاوير
      Prince of love and suffering
      • 22-02-2008
      • 5323

      #3
      رد: الجودة والخطأ الطبي !

      [frame="13 98"]
      قضايا سوء الممارسة الطبية تكون بالعادة محاطة بعدة عوامل تجعل من الصعب أخذ الحق للمريض أو لأهله إن توفي .
      ومن تلك العوامل :
      رداءة خط التاريخ المرضي في ملف المريض بيد الأطباء عادة، عدم رغبة الأطباء سيما في القطاع الخاص بالشهادة ضد زملائهم في المهنة، وأخيرا قد تكون الحالة الطبية وعلاجها معقدين جدا بحيث يصعب إثبات أنه كان من الممكن القيام بما هو أفضل لإنقاذ حياة المريض .
      ولكن ليس بالطبع هو أن يكون السبب الأهمال لأن حياة المريض هي في أوائل اهتمامات الكادر الطبي في الأول وفي الأخر .
      ومعك أن في بعض هذه الحالات بأن يكون السبب هي قلة الخبرة من الطبيب ،أو معظم ما يحدث من مشاكل أثناء العمليات الجراحية خصوصا لم تكن في الحسبان من جانب الفريق الطبي المعالج.

      ولهذا في الأونه الأخير انتشرت منذ عدت سنين طبيب العائلة وهو الأساس توفر الملف الطبي لكل مريض يبين حالة المريض منذ ولادته وكل العلاجات والأدوية تبين الحالة المرضية السابقة للمريض أو الأصابات التي تعرض له في حياته فهذا ينفع كثيراً في الحالات الحرجة التي يتعرض لها المريض حيث يراااجع الملف الطبي للحالة جيدا قبل البدأ في أجراء التدخل الجراحي أو يكون الملف الطبي بجوار الطبيب الجراح يتطلع عليه دائما وعمل كل الفحوص المعملية .

      ولذا لم يكن غريبا أنه في عام 2001 في أمريكا كان هناك 1156 قضية سوء ممارسة طبية تم رفعها إلى القضاء، تم رفض مايقارب 96 % من الحالات من قبل هيئة المحلفين .
      9 من 10 من حالات سوء الممارسة الطبية هي بسبب ضرر قد وقع على المريض . 57 % من تلك الأضرار بسبب إعاقة دائمة و 33% هي دعاوى وفاة .
      50 % من تلك الدعاوى تكون ضد الجراحين من الأطباء بينما 30 % منها ضد غيرهم من الأطباء . ولطبيب الأسنان نسبة 5 % من تلك الدعاوى .
      شكرا على الطرح ولي عودة
      [/frame]

      تعليق

      يعمل...
      X