بطاقة هوية في مذكرة مقدسية
قدس يا قدس قد أدركت لماذا قد نستودع الحياة ؟
ولماذا قد أكتب مذكرتي قبل أن أقول سلاما يا حبيبتي ؟
يا من سأستوحش الذكرى إليك ومنك سوف يصبح الدعاء طلقة الحق في السماء ...
يغتالنا الحلم على مشارف القدس
كيف للحلم الذي عاشرته عشر سنين ؟
أن يتحقق دون علمي ؟
وأن لا أدرك نفسي إلا في جواز سفر
أو تصريح دخول للباب العتيق
بضع الساعات المتبقية
أعلم أنها لن تمضي بلمح البصر
ولن يغدو ذلك الحلم الذي رافقته بوحشية الشوق سبيلا عابرا كأي شي منتظر
لو أن الأعوام التي مضت لم تكن أكثر من هذه الساعات المتبقية كي أدخل حصن الحلم في اللقاء مع الغبار المحيط بمآذنها
لما أدركت هذه الكلمات العابرة تتناثر كبكاء السماء في دعابة اسمها المطر
أصبحت على مشارف الحلم أكثر اقترابا ، ولو أن تعاسة تدركك حيث كنت على الحواجز المقامة بينك وبين العصر الذي تسافر إليه ، إلا أنك سوف تهدم هذه التعاسة بفاجعة تدركها عند باب العامود ، لن تذكر كم من السنين انتظرت ولا الساعات التي استوقفتك منذ قليل على الحواجز العسكرية للجيش الإسرائيلي .. ما نظرت إليه لم يكن دمية ، مع أنني لم أستطع التصديق أن مثل هذه الأشياء قد تكون حقيقية على أرض الواقع ، هذه الأسوار لم تكن قطعا أسفنجية كما تبادر إلى ذهني لحظة الوقوف أمام باب العامود، كنت أستطيع لمسها بخيوط النظر الممتدة قبل الدخول من السور، وأخذ مراجعة لكتب التاريخ التي أخذتها في ثوان قليلة ...
ربما كانت الرواية هناك تحتاج لأكثر من كلام عابر قد يتساقط في مذكراتي ، إلا أنني لم أجد متسعا من الوقت لأكثر من استنشاق عطر القدس العربية في أسواقها الممتدة على أكثر من باب لها .. الكل هناك يدرك القدس في عصر أسبق بكثير من هذا الزمان ، حتى البخور والصلبان والقباب تعرف نفسها حيث كانت ، وحيث الدخان الحزين ، وحيث علامتها الفارقة في عيون أبنائها اللذين تجلت أعينهم في النظر إليها صامتين لا يعرفون منها إلا السكون واخذ صور تذكارية لقدسنا المحتل ...
كل أيامنا التي مضت والتي لم تمضي ولن تمضي بعد الآن إلا في منحنى آخر لم يكن في الحسبان سيكون لها تفسيرا أكثر جدلا مع الواقع المرئي والواقع الذي كان خفيا ولم يتجاوز خيالات وحكايات ترتوي بها آذاننا وهواجسنا نحو وطن مسلوب وتاريخ منسي يرثي نفسه في صلاة مع الشهداء والأشخاص اللذين مضوا دون أن ندرك حقيقة ما مضى كل منهم لأجله، ولكني الآن رغم التيه الذي أصبح يحيطني أستطيع أن أدرك ذلك ، وأرى ذلك الصراع بين وحشية النفس البشرية وقذارة الواقع المعيش وبين حرارة الموت وطلقات الصلوات في سماء القدس ...
لا بد من الذهاب يا قدسنا ، لا يسمح لأبنائك بالبقاء هنا .. علينا المغادرة فسامحينا ...
قد أودعت قلبي هنا يا أقصانا الجريح فسلمي على كل من مر من هنا ، وأخبريهم أنني عائد إليك باحثا عن قلبي وعن الروح التي أسرتها هنا ...
سلام الله يا قبة الصخرة .. سلام الله يا محمد .. سلام الله يا عيسى .. سلام الله يا داوود...
سلام الله على من دخلك مسالما .. سلام الله على الروح والقلب اللذين أودعتهما هنا ...
فادي الريس
18.9.2009
الجمعة.الواحدة ظهرا
18.9.2009
الجمعة.الواحدة ظهرا
تعليق