هي وهو .. والضحك على الدقون !!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حسين يوسف
    عضو الملتقى
    • 19-09-2009
    • 26

    هي وهو .. والضحك على الدقون !!

    [align=right]
    أعود من عملي بالمدرسة ، قبيل الظهيرة ، لازال في الوقت مُتسع ، حتى يحين موعدُ الغداء ، أفتح التلفزيون ، أقلبُ قنواتِه على غير هُدى ، فكلُّها مستوية الهيافة ، يستوقفني صوتُ المذيعة الرائق ، وهي تعلن في حماس واضح ، عن السبْق الحصْري لقناة – بداية الرحمة يا ناس الفضائية – إذ تستضيف معالي الأستاذ الدكتور العالم الباحث / عادل جرجير أبو شتلة ؛ أستاذ ورئيس قسم التغذية الطبيعية والأعشاب ، بكلية الزراعة ، جامعة عزبة النخل ، وذلك للاستفادة من خبراته الهائلة ، وعلمه الغزير في مجال العلاج بالأعشاب ...

    الآن تغادر الكاميرا وجهَ المذيعة ، لتستقرَّ على وجه الضيف المعجزة ، وبمجرد أن أطلّ بوجهه الصّبُوح ، وذقنه القصيرة المنمَّقة – لزوم الشغل – وحواجبه المحفوفة بملقط حلاق حاذق ، ونظراته التي تجعل لكلِّ كلمةٍ مغزىً ، ولكل حرفٍ حكاية ، بدأ هجومَه ، وركز ضرباتِه على الطرف الأضعف ، في المعادلة العجيبة – النساء – لقد أسرع في تحركٍ محسوب ، يتملق حنانهن الفطري ، وحرصَهن الأبديَّ على البيت والأسرة ، قائلاً في براءةٍ ، وبراعة أيضاً : -

    ( بيتك هو مملكتك ، وانتي المسؤولة الأولى عن صحتك وجمالك ، وصحة وتغذية زوجك وأبنائك ، في هذه المملكة الصغيرة ) .

    لا زال شريط القناة أسفل الشاشة يكمل التعريف بالضيف العزيز ، وهو زميل كلية العَشابين الملَكية ، بحوش عيسى ، وحاصل على وسام الدولة وجائزة الدولة ، ودرع الدولة ، وسيف الدولة - لأ مش سيف الدولة الحمداني – نظير جهوده الرائعة في مجال طبّ الأعشاب ، ومكافأة له على رسالته الأخيرة التي تناول فيها رؤوس الكرنب ، في دراسة علمية فقهية مؤصِّلة ، ورئيس جمعية العلاج بالأعشاب ، ومقرها 32 شارع المعتز بالله ، المتفرع من سوق الحميدية ، باريس المحطة .

    شريط الإعلانات يعلن في توقيتٍ دقيق ، ومحسوب أيضاً ، عن كتابٍ رائع صدَر حديثاً ، للعلامة الضيف ، مع شريط فيديو يعلم المرأة ، كيفية إعدادِ وجبات سهلة ورخيصة ومغذية ، تشتمل على كل العناصر الغذائية ، سعر الكتاب مع الشريط 299 جنيهاً ، زائد مصاريف الشحن ، ولا تسأل عن المقصود بالشحن ، هل هو شحن الكتاب ؟ أم شحن المُشاهد ؟ أم شحن رب الأسرة المسكين ، إلى حيث لا يعلم أحد ، أو إلى مثواه الأخير ، في سيارة تكريم الإنسان ؟! .

    بينما صاحبنا يخاطبُ رباتِ البيوت - دون أربابها - قائلاً بصوت ملؤه الثقة : -

    لإزالة النمش من وجهك ، يمكنك عمل ماسْكْ ، من الخيار والطماطم والبيض ، قطِّعي الخيار قطعاً صغير ، مع الطماطم ، وضعيهم مع البيض ، اضربي المخلوط جيداً ، ثم ضعي نصفه على وجهك ، والنصف الآخر على السفرة ، لحدّ ما ييجي مَعاد الغدا .

    ثم يستمر في عرض أدويته السحرية ، وبنفس اللهجة الواثقة المطمئنة : -

    أمّا إذا كنتِ تعانين من ضعف وتساقط الشعر ، فهذه خلطة سحرية عجيبة ، ظلت سرّاً احتفظت به الملكة كليوباترا ، على مرّ القرون ، حتى اكتشفه المحروس ، وأماط عنه اللثام أو اللجام – مش مهم – المهم أن الخلطة بسيطة ، عايزة تبقي ملكة زي كليوباترا .. بسيطة ، معنا يمكنك أن تكوني ملكة ... ومارلبورو كمان ، لو حبيتي ، فقط أوراق الخس مع أغصان السبانخ ، وبراعم الكرنب الطريّة ، تضرب جيداً في خلاط ، ويضاف كوب من الدقيق وتعجن حتى تصير العجينة متجانسة ، ضعي نصف الكمية على رأسك ثم لفِّيه جيداً بأوراق الموز العريضة ، على شكل عِمّة ، زي عِمّة عمُّو الشيخ ، بتاع القناة اللي جنبنا ، ونامي وانتي واقفة – طبعاً أمّال حتنام ازّاي في المعجنة دي ؟! .
    أما نصف العجينة المتبقي ، فيوضع في الفرن لمدة خمستاشر دقيقة ، ثم يقدم ساخناً بعد حشوه بالمكسرات وتغطيته بالكريمة ، بعد الغدا االي فاض من الماسْكْ طبعاً .

    ثم تنفرج أساريره وينظر من خلال الشاشة ، نظراتٍ ذات مغزىً ، وهو يتحدث عن الجرجير ، ويشير بيديه إلى المشاهدات العزيزات ، كأنه يراهن ويعرف أين يجلسن ، ويخبر في طلاقة ، عمّا للجرجير من فوائد ، وقف العلمُ الحديث عاجزاً عن إزاحة الستار عنها حتى الآن .

    ثم يكتسي وجهه بقناع من التقوى الجاهزة لمثل تلك المناسبات ، ويقول في خشوع : -

    لقد اهتدى الإسلام إلى سرّ هذا النبات العجيب ، منذ أربعة عشر قرناً ، وفي غمرةِ حماسه ، يستشهد بحديث غير شريف ، رواه أبو فلان الخُضَري ، والحديث يقول : -

    ( لو تعلم المرأة ما في الجرجير ، لزرعته لزوجها تحت السرير ) .... وتتساءل أنت في براءة مصطنعة ، لماذا تحت السرير ، وليه مش في البلكونة مثلاً ؟! .. ماعلينا .

    وجاء دور البُنّ – القهوة – إنه علاجٌ سحري مُعجز ، لكل الأورام والالتهابات ، الحميدة منها والخبيثة ، وما يستجدّ من أورام ، فإذا حدث لا قدّر الله ، وجُرحتَ فقليل من البنّ مكان الجرح ، يجعله يلتئم في ظرف دقائق ، وهو مع المِسْتِكَه والحَبّهان ، تصنع منه عجينة ، توضع على المحلّ ، لعلاج البواسير ، التي استعصت على الأطباء ... فوراً ، وهو مع الزنجبيل والقرفة ، علاج لمرضى الضغط المرتفع ، ومع الكزبرة و والفلفل الأسمر ، علاج لمرضى الضغط المنخفض ، أما إذا كان وحده ، فهو علاج للضغط الأسموزي والآزوري ، ويقاوم كل الضغوط ، بما فيها ضغوط الحياة ، ومصاريف العيال ، إذا استعمل نشوقاً أو سفوفاً على الريق .

    ثم بدأ الحديث عن العسل ، وما أدراك ما العسل ! فخرج من ركن المرأة الضيق ، ليتحدث إلى ركن الأسرة الفسيح ، إن العسل يعالجُ كلَّ الأمراض ، العضوية منها والنفسية ، ما علمنا منها وما لم نعلم ، وما سيادته به أعلم .... لكن مش أي عسل !! لابد أن يكون من عسل سيادته ، الذي يَخُرّ ، فيملأ القناة ، ويفيض على القنواتِ المجاورة .

    بدأ شريط الإعلانات في القناة ، يعلن عن برطمانيْن عسل ، أحدهما أحمر ، والثاني أزرق ، بسعر 599 جنيهاً زائد مصاريف الشحن ، طبعاً عرفتَ الآن ما المقصود بالشحن .

    ثم انبرى سعادته يوضح ما استعصى على الفهم ، من أمر الإعلان ...

    فإذا كنت تعاني من البرَص ، ادهن بالعسل ، وإذا كنت تقاسي آلام الرّمد اكتحل بالعسل ، ولآلام الظهر والمفاصل والقوْلُون ، اشربْ عسل ، وإذا انقطع التيار الكهربي في منزلك ، أو طاردك الديّانة وموظفو الضرائب ، فليس أمامك غير العسل ، أمّا إذا كنت ممن يعانون البواسير ، طبعا انت عارف حتعمل إيه ... يا عسل .

    أمّا إذا كنت تعاني من تأخر الإنجاب ، وضاقت بك الأرض ، فلا تقلق ، مشكلتك لها حلّ ، والحل في أحد هذين البرطمانين ، فقط ملعقة على الرِّيق ، ولمدة واحدٍ وعشرين يوماً ، وفي صبيحة اليوم الثاني والعشرين ، مبروك المدام حامل .
    هذا إذا رغِبْتَ أن يكون المولودُ ذكراً ، أمّا إذا أردتها أنثى ، فلا داعي للملعقة ، تكفيك لحْسةٌ واحدة ويحصل المراد من رب العباد ، أمّا إذا أخذت الملعقة كاملة ، ثم لحست فوهة البرطمان بعدها ، بطفاستك المعهودة ، فسوف يكون المولود توأماً – ولديْن - وعليهم بنوتة - زي القمر - هدية من الشركة المنتجة ؛ يا بلاش !! .

    وفجأة انطلقت من جنبات الستوديو زغرودة ( زغروتة ) الست المذيعة ، تبارك للوالدين بالمولود السعيد ، وتعلن نهاية الحلقة ، على وعدٍ باللقاء في الحلقة القادمة ....

    فإلى اللقاء ............ انتظرونا

    [/align]
  • رشا عبادة
    عضـو الملتقى
    • 08-03-2009
    • 3346

    #2
    رد: هي وهو .. والضحك على الدقون !!

    زائد مصاريف الشحن ، ولا تسأل عن المقصود بالشحن ، هل هو شحن الكتاب ؟ أم شحن المُشاهد ؟ أم شحن رب الأسرة المسكين ، إلى حيث لا يعلم أحد ، أو إلى مثواه الأخير ، في سيارة تكريم الإنسان ؟! .

    [align=center]
    ههههه ااااالله
    هل أعتذر للتأخير عن تلك الرائعة هنا يا سيدي
    أم أنك"مسامح كريم"
    ستترك لي مجال أكبر لأعبر عن مدى إستمتاعي بسخرية حروفك
    "والله فشيت خلقي فيهم"
    فأنا وبكل فخر وأسف إحدى ضحايا العاطفة النسائية "الغبية" لشراء المنتجات التلفزيونية عن طريق تقديمها فى صورة وجبة شهية
    لأصحاب العقول الجائعة
    حتى اننى أكاد أطالب بكتابة عبارة ثابتة بالفقرة الإعلانية الخاصة بتلك المنتجات ، يكتب فيها
    " لو كنت عبيط أو حتى حويط معانا لازم تخبط فى الحيط"
    فنحن بهذا يا أستاذنا نشبه المدخن وهو يقرأ تاريخ الصلاحية على علبة سجائره ويتجاهل عبارة"التدخين ضار جدا بالصحة ويؤدى الى الوفاة"
    كنا ندرس تلك الحالة بالجامعة
    وهو ان تجعل المستهلك يشعر انه لا غنى عن هذا المنتج "بالدعاية الذكية" التى "تنوم المشاهد مغناطيسياً فيصبح "كالفأر الوفي الجائع"
    حتى اننى اظن ان "هؤلاء من يطلقون عليهم موديلات الإعلان البشرية" هم بالأساس منوميين مغناطسين او "سحره أشرار" يقومون من خلال حاسة النظر للمشاهدين ببث شعوذتهم وطقوسهم للسيطرة على رؤوس المستهلك.
    ولهذا تجدنا نكرر الشراء"برغم اننا أتدلدعنا من الشوربة أكثر من مرة ومع هذا ننسى دوما ان ننفخ فى الزبادي.



    تحياتي لقوة قلمك يا طيب
    ولا تبخل علينا بجديدك
    وتثبيت مستحق
    [/align]
    " أعترف بأني لا أمتلك كل الجمال، ولكني أكره كل القبح"
    كلــنــا مــيـــدان التــحــريـــر

    تعليق

    • مصطفى بونيف
      قلم رصاص
      • 27-11-2007
      • 3982

      #3
      رد: هي وهو .. والضحك على الدقون !!

      ( لو تعلم المرأة ما في الجرجير ، لزرعته لزوجها تحت السرير )

      استمتعت كثيرا بأسلوبك الرائع والساخر بامتياز ، وأحيي الزميلة رشا عبادة على تثبيتها وتثمينها لهذا النص الجميل .

      كل سنة وأنت طيب
      [

      للتواصل :
      [BIMG]http://sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc3/hs414.snc3/24982_1401303029217_1131556617_1186241_1175408_n.j pg[/BIMG]
      أكتب للذين سوف يولدون

      تعليق

      • حسين يوسف
        عضو الملتقى
        • 19-09-2009
        • 26

        #4
        رد: هي وهو .. والضحك على الدقون !!

        المشاركة الأصلية بواسطة رشا عبادة مشاهدة المشاركة
        حتى اننى أكاد أطالب بكتابة عبارة ثابتة بالفقرة الإعلانية الخاصة بتلك المنتجات ، يكتب فيها
        " لو كنت عبيط أو حتى حويط معانا لازم تخبط فى الحيط"


        ولهذا تجدنا نكرر الشراء"برغم اننا أتدلدعنا من الشوربة أكثر من مرة ومع هذا ننسى دوما ان ننفخ فى الزبادي.



        تحياتي لقوة قلمك يا طيب
        ولا تبخل علينا بجديدك
        وتثبيت مستحق[/align]
        الفاضلة / رشا ....

        ذكرني قولكِ العميق بقول أبي - رحمه الله - الذي أتحفني به ذات حديثٍ

        يومها قال لي : - إن النصابين بخير ؛ طالما أن هناك مغفلين

        وقد استغلّ هؤلاء النصابون غفلتنا وتغفيلنا ، وسوّقوا لنا بضاعتهم التافهة ، فابتلعناها ، ونحن نظن ، أو نقنع أنفسنا ، أنها ثمينة غالية .

        المستشيخون ... استغلوا حبنا الفطريَّ للتدين والمتدينين ؛ فنصبوا علينا

        ورجال السياسة ... استغلوا حبنا للأمن والاستقرار ؛ فنصبوا علينا

        وجاء هذا العطار يستغل حبَّ المرأة الفطري لأسرتها ، وبيتها وجمالها الأنثوي ؛ فنصب عليها وعلى زوجها

        وقائمة النصب تطول ... فليلطف الله بنا

        تحياتي لقلبكِ وقلمكِ

        وشكراً على التثبيت ، الذي أطمع أن أكونَ له أهل

        تعليق

        • حسين يوسف
          عضو الملتقى
          • 19-09-2009
          • 26

          #5
          رد: هي وهو .. والضحك على الدقون !!

          المشاركة الأصلية بواسطة مصطفى بونيف مشاهدة المشاركة
          ( لو تعلم المرأة ما في الجرجير ، لزرعته لزوجها تحت السرير )

          استمتعت كثيرا بأسلوبك الرائع والساخر بامتياز ، وأحيي الزميلة رشا عبادة على تثبيتها وتثمينها لهذا النص الجميل .

          كل سنة وأنت طيب
          الكريم / مصطفى بو نيف

          هذا الحديث ، وغيره من الأحاديث غير الشريفة ، التي يطعِّم بها النصابون أقوالهم ، ليخدعوا السذّجَ والبسطاء ، من النساءِ وأشباه النساء ، خير دليل على خطورة موجةِ الفضائيات ، التي ركبها كل من هبّ ودبّ ، وصار مذيعا ، أو ضيفاً دائماً على برامج الدّجل ، في زمن العجرمة ..

          ثم إنه شكراً يليق بكرمك ومدحك ... أيها النبيل

          تعليق

          يعمل...
          X