هموم الكتابة و هوان لغتنا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مختار سعيدي
    أديب وكاتب
    • 15-09-2009
    • 93

    هموم الكتابة و هوان لغتنا

    هموم الكتابة وهوان لغتنا



    لا يختلف اثنان على أن اللغة هي المحرك الأساسي لآليات النص مهما كان ، ولا يعتلي هذا الأخير منزلة النص الا اذا كانت العبارات راقية ودقيقة ، تعبر من مواقعها عن المقاصد والمعاني ، ولا وجود لمركبة ترفع من قيمة الأسلوب الا تنامي اللغة مع تنامي الحدث باختيار الجواهر من كنوز اللغة وما يتلاحم ووجهة النص في تبليغ الرسالة . لا شك أن ثورة التوليد في بعض اللغات جاءت عندما تجاوز التفكير معاني كلماتها ، هذا الذي تستغني عنه لغتنا العربية بما تشمله ، وباستعدادها الفطري لكل تعبير، والدليل على ذلك ، ها هي ذي تساير كل المدارس الأدبية الفكرية والفلسفية ، واستطاعت وبكل جدارة أن تنقل الينا كل الثقافات بأمانة واخلاص ، بل تجاوز الأدباء العرب في تحميلهم لثقافة الغير وأصبحوا يضاهون في طروحاتهم ما ابتكره الغرب الى درجة الذوبان في الآخر ، وبمجرد ما تترجم النص العربي الى اللغة الغربية حتى تشك في عروبة الكاتب ، فلا تستطيع أن تمس أي ركيزة لتبرير هذا الذوبان فان فعلت سقط البناء على رأسك .. فزادت هذه الممارسة في قيمة الأدب الغربي وتسببت في ابتذال اللغة العربية وتمييعها بل وتدجينها بانحطاط النص الى مستوى لغة الشارع ، بل كتب عمالقة الأدب العربي أعمالا بلهجاتهم العامية ، طبعا ، كانت حجتهم البسيط الممتنع لايصال رسائلهم الى السواد الأعظم ، وراء هذه الممارسة نية حسنة حقا وأطماع تجارية لا شك فيها ، بالمفهوم الواسع أصبحنا ننتج الأدب الاستهلاكي من حيث التركيبة اللغوية (أنا لا أقصد بهذا الأهداف والقناعات) . فهل غيرت هذه الكتابات من الوضع الثقافي والحضاري المزري الذي تعيشه الأمة العربية بصفتها القاطرة الرئيسية ومن بعدها الأمة الاسلامية ؟ ؟ .. بالطبع لا ، والواقع يشهد على ذلك .
    أنا لا أدعي اطلاعا واسعا ومعرفة عميقة في هذا المجال ، الا أنني حتى الآن أسير ضمير منعني أن أضحي باللغة العربية وما لها من مميزات وجواهر العبارات وأساليب التواصل من أجل تبليغ رسالة أنا قادر على تبليغها بلغة الأسواق في حلقات الأسواق ، وبلغة المقاهي في المقاهي ، ولكل مقال مقام . أقول في نفسي ، اذا كنت أحمل فكرا قادرا على التحدي فمع الفكر الآخر أقيم الحوار ، والتبسيط تضمنه وسائل أخرى بشرية ومادية ، وبطرق مشرفة أكثر هكذا من القمة الى القاعدة( تنازليا )ومن القاعدة الى القمة (تصاعديا) ، فيرتقي المجتمع ويدخل الجميع في نقاش مسؤول وواع ، كل حسب مستواه .
    الرب سبحانه وتعالى لما خاطب البشر ، دون تمييز ، خاطبهم بأساليب راقية اكراما لهم وتقديرا ، وعلى هذا الانسان أن يترفع عن الدنايا في خطابه الثقافي والخلقي حتى يتميز بهذا العقل عن ما يمارسه وغيره من عبثية تحركها الغريزة .
    يؤلمني جدا عندما أقرأ لأقلام عربية ، من المفروض أن تخاطب مجتمعاتنا من أعالي المنصات ، تدعوهم للتداول والنقاش والاثراء ، تتبنى الخطاب الدنيء بحجج واهية ...
    أيها الأعزة في هذا المنتدى الموقر، تلك هي همومي تملأ الصدر ولا متنفس لها .. أستنصحكم فانصحوني ..
    حقيقة ، أن المدارس الأدبية المعتمدة في الوطن العربي كلها من الغرب ، غلقت علينا في اطار مسيج ومكهرب هذا ما لا أرضاه ولو بقيت طيلة حياتي مطاردا ، ومنبوذا من طرف الجميع ، أفتخر باطلاعي على الأدب الغربي ، وقد ارتويت من ينابيعه ، وتذوقته كما يتذوق العربيد الخمرة ، وأحب أن أقرأ لهم بشغف وبلغتهم (الفرنسية ) ولكن لا أسمح لنفسي بتوظيف اللغة العربية كخادمة ذليلة ، مذمومة تحت رحمتهم ، باسم التفتح والانسانية أو غيرها من الدعوات المشبوهة ، وديمقراطيتهم أكبر دليل على مخادعتنا .
    كم أتمنى أن تضاهي القصة عندنا الشعر وتحادي الرواية ، حيث تجتمع لذة القراءة ومتعة السياق ، حيث تجتمع فنيات الخطاب وتساير تنامي الحدث ، على ايقاع سمفونية بلاغية رائعة تطرب النفس ، وتغذي بمنطقها الفلسفي العقل .. قضية عادلة بلغة راقية ومنطق سليم قابل لكل نقاش معتدل .
    كم أتمنى أن يتمرد الكاتب العربي ويبدع ما يميزه عن غيره ليشارك في هذا الفسيفساء الأدبي والفكري بلون خاص يصبغ أعماله ... أم هي العربية عقمت ؟ .
    ان اعتمادنا على الأدب الاستهلاكي الجاهز لن يرفع من قيمة اللغة الى المكانة التي نأمل ، ويعود المتلقي على البلع دون هضم ، ونراهن على الكم عوض الكيف ، فيتقاعس الانسان العربي بموت دوافع الجد والكد والبحث والاستنباط ، وتموت خلايا اللغة ، وعلى وجودنا البقية في حياة الغير .
    هكذا ضاعت رسائل الأدباء العرب وتفرقنا ، واتهمنا بعضنا بعضا ، وشردنا بعضنا بعضا ، وتفككت وحدة نخبنا ، وكثر الهرج ، انها مخلفات سوء استعمال الكلمة وسوء توظيفها .
    اخفاقات في توحيد الخطاب العربي على كل المستويات ، وشرخ كبير بين الشعوب والنخب والحكام أنتجه سوء تسيير اللغة التي بدورها أنتجت المهندس الفاشل ، والفبزيائي الفاشل ، والكيميائي الفاشل ، والسياسي الفاشل ، انها وبكل بساطة مخلفات ذلك الأديب الذي اعتمد في نصوصه على الخطاب (المجاني) لايصال فكرته الى (الأكثر) .
    مستحيل يا سيدي أن تضع رجلا في أعلى السلم والرجل الأخرى في أسفله ..



    مختار سعيدي
  • محمد فهمي يوسف
    مستشار أدبي
    • 27-08-2008
    • 8100

    #2
    الأخ مختار سعيدى تحياتي لقلمك ومحبتك للغة العربية ودفاعك عنها , ورغبتك في نهضتها ورقيها وارتقاء آدابها على أيدي كتاب يتقنون الإبداع بهويتهم العربية لا انسياقا إلى تقليد ما ينتجه الأدب والكتاب الغربيون ومدارسهم الأدبية . تطمح أن يكون للأدباء العرب مدارس مبتكرة من واقع لغتهم وحياتهم الخاصة وتطمح أن تتوحد لغة الحكام والساسة في كل محفل دولي أن يتعالوا بشموخ بيانها ورقي كلماتها وثراء مفرداتها فلا يتحدثون بلغة غيرهم لأن لغتهم عاجزة في أذهانهم عن مجاراة المخترعات والمصطلحات الغربية . لا والله إن لغتهم لتسمو بما تحويه من معان ومفردات لتحلق بهم في سماء المجد الأدبي والعلمي والثقافي لو تمسكوا بها ودرسوها وراجعوا تاريخها العريق وابتكروا المصطلحات العلمية منها ليتعلم بها أبناء كليات الطب والهندسة والعلوم وغيرها بدلا من لغة الأجبني , التي لا نقول نهملها ولا ندرسها للتواصل الإنساني ولدخول العصرالحديث , فاللغة حية نامية ولغتنا العربية ببقائها طوال هذه الأحقاب التاريخية وموت غيرها من اللغات كاللاتينية والسريالية شاهد على تجددها ومعاصرتها لكل المستجدات . لكني أود أن توضح لي مرادك من هذه العبارة التي اقتبستها من موضوعك : (بمجرد ما تترجم النص العربي الى اللغة الغربية حتى تشك في عروبة الكاتب ، فلا تستطيع أن تمس أي ركيزة لتبرير هذا الذوبان فان فعلت سقط البناء على رأسك .. فزادت هذه الممارسة في قيمة الأدب الغربي وتسببت في ابتذال اللغة العربية وتمييعها بل وتدجينها بانحطاط النص الى مستوى لغة الشارع) هل ترجمة النصوص العربية بواسطة عرب أم أجانب ؟ إن كانوا عربا وضاعت في ترجماتهم الهوية العربية وأهداف النص وما كان يحمله من بيان وجمال في لغته الأصلية , فالعيب أنهم لم يتقنوا اللغة التي ترجموا إليها .!! وإن كانوا أجانب فترجماتهم لنصوص لغتنا العربية شرف لنا لأنهم نهلوا من العربية زاد رقيهم وإبداعاتهم في كل علم وفن وزادوا عليها بتقدمهم وعلمهم !! أما اللغة العربية الفصحى فلن تبتذل ولن تهوي من قمتها الراقية التي نزل بها القرآن الكريم وتكفل بحفظها , أما لغة الشارع التي أدت إلى هبوط مستوى النص فليست لغة أدب أو إبداع ثقافي يضاف إلى تراث الأدباء العرب القدامى أو المحدثين منهم . من يلجأ إلى تلك اللهجات المحلية يسيء إلى نفسه ولايمكن أن يرتقي أدبه إلى المستوى العالمي للأدباء والمبدعين . لعلك توضح ماذا تقصد من عبارتك حتى نواصل الحوار حولها وأهلا بك عضوا في رابطة محبي اللغة العربية الفصحى .

    تعليق

    يعمل...
    X