حافة الحاوية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • رائد حبش
    بنـ أبـ ـجد
    • 27-03-2008
    • 622

    حافة الحاوية

    "مياووو ليتني كنت مكانه‎!"


    صدرت بحرقة قلب جرحته‎ ‎شظايا أحلام اليقظة‎..

    في قديم الزمان، منذ ما يزيد على سنة، كانت حياة‎ ‎القطط أسهل هكذا قال لي جدي الذي يعيش في مرآب ‏البيت المجاور هذه الأيام، حين زارني‎ ‎قبل يومين. قال أن المنزل كان مهجورا وأنه وكل قطط الحي ‏ظلوا ينامون فيه ويلعبون‎ ‎لأسابيع وأسابيع. وأن أمي تركتني تحت الرف قرب نبع الحوض الكبير ‏وذهبت لتأتي‎ ‎بالطعام.. وأنها أخذت إخوتي وتركتني لأن رجلي الخلفيتين كانتا ضعيفتين وخافت ألا‎ ‎أتمكن من الرجوع. وأن المنزل لم يعد من الممكن دخوله بعد أن سكنته هذه الماما‎.

    أنا أحبها وهي تصبّ لي الحليب كل يوم وتضعني على الكنبة قربها وتصر على أن‎ ‎تحرك أصابعها ‏بعكس اتجاه فروي!، عبود دائما يحملني من ذنبي فأحس الدنيا تدور بي حتى‎ ‎بعد ان يفلتني وأسقط ‏غارزا مخالبي بأي شيء‎.

    حياتنا نحن القطط ليست سهلة كما‎ ‎تظن غالبية حيوانات الأزقة. أنا مثلا بعد أن شارفت على الموت مللا، ‏قررت صباح اليوم‎ ‎أن أتبع قطط الشارع الخلفي بعد أن رمقتني بنظرات لم أعرف أهي أسف أم غيرة ‏وهي تمر‎ ‎في الجهة الأخرى من الزجاج‎.

    منذ أن كنت قطا صغيرا كل ما أعرفه هو أرض‎ ‎المطبخ وسجادة الصالة وسلتي. أحلم في معرفة ما ‏هو العالم بعد الدرجات الثلاث‎ ‎التي لم أكن أقدر على صعودها لأصل إلى الرصيف‎.

    منذ يومين خرجت وحدي دون أن‎ ‎يشعر بي أحد. أحسست بتوتر وأننى في العراء وخارت بي قائمتاي ‏الخلفيتان وأنا أرقب‎ ‎عجلات ضخمة تمر مسرعة.. ما هي؟ ربما تكون تلك التي أراها من خلف الزجاج ‏وفي النافذة‎ ‎السحرية والتي يشغلها عبود باللوحة السوداء التي في يده والتي يضربني أحيانا على‎ ‎رأسي ‏بها. لكنها لم تكن مرعبة هكذا‎ !.

    لم أدر ماذا أفعل فقد انجزت ما كنت‎ ‎أحلم به.. والآن ماذا؟! لم يخرجنى من ضوضائي سوى يد بابا ‏ترفعني وتمضي بي الى‎ ‎الداخل وهو يقول "شو يا نونو، كبرت والله!". معه حق فقد أصبحت كبيرا الآن، ‏عمري 29‏‎ ‎يوما‎.

    ‎)‎يا له من محظوظ، ليتني كسيح مثله وأشرب حليبا وأنعم بالدفء.. وليطوح‎ ‎بي عبود كما يشاء‎!)
    قالها وهو يطل برأسه المتسخ من فوق الحافة، ويموء بشغف‎ ‎للحياة وراء زجاج تلك النافذة‎.

    ويتكرر حلم نونو الليلة أيضا في أن يقفز من‎ ‎حافة الرصيف ويعبر الى ما وراء الشارع متجاوزا قطعان ‏عجلات المطاط الغاضبة‎.. ‎



    في لحظة ما من عام 2006
    التعديل الأخير تم بواسطة رائد حبش; الساعة 21-09-2009, 11:49.
    www.palestineremembered.com/Jaffa/Bayt-Dajan/ar/index.html
    لا افتخـار إلا لمن لا يضـام....مدرك أو محـــارب لا ينـام
  • محمد سلطان
    أديب وكاتب
    • 18-01-2009
    • 4442

    #2
    رد: حافة الحاوية

    الأستاذ الجميل رائد حبش أهلاً بك بيننا أفراد أسرة القصة , هذا الفن صاحب العالم الآخر من الحياة .. مسرح يدور بنا و ندور به أو يكاد يمسكنا من ذنبنا و يدور بنا لتدور الدنيا أكثر و أكثر .. تدور و تدور .. كما هرتك الرقيقة ..كثير جداً ما نجد في عالم الحيوان حواف الحاويات نختلط و نتصارع .. الكل من أجل البقاء و القوي من يصلح .. لكن أيضاً بها العظات و العبر حيث لا مدرس و لا معلم فقط نلاحظ و نتعلم ..

    ملاحظة أولى :
    حياتنا نحن القطط ليست سهلة كما‎ ‎تظن غالبية حيوانات الأزقة."
    وجدتها مباشرة و تقريرية , ألا تتفق معي ؟؟
    &bsp;

    ملاحظة ثانية :
    29يوماً .... المفروض أنها تُكتب حروفاً و ليس أرقاماً, حيث أنها محكية أثناء السرد و ليست تاريخاً أو رقم منعزلاً عن السرد .
    أحببت تواجدك هنا في القصة ليتك تظل معنا و دعك الحوارات الحرة .. ههه
    &bsp;

    تقديري و احترامي
    صفحتي على فيس بوك
    https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

    تعليق

    • رائد حبش
      بنـ أبـ ـجد
      • 27-03-2008
      • 622

      #3
      رد: حافة الحاوية

      الأستاذ محمد سلطان،

      أشكر لك تعليقك الجميل.

      تعمّدت التقريرية في الحكاية كون البطل هو قط صغير، ما شاء الله عينك ثاقبة وملاحظة في مكانها.

      وأتفق معك أن العدد في السياق أولى أن يُكتب حرفا لا رقما.

      صدّقني كتبتها وتعمدت ألا أعدّل فيها لاحقا، حيث شعرت أن ليس من حقي التدخل في عفوية لحظة الكتابة الأولى.

      الشكر موصول لك.
      www.palestineremembered.com/Jaffa/Bayt-Dajan/ar/index.html
      لا افتخـار إلا لمن لا يضـام....مدرك أو محـــارب لا ينـام

      تعليق

      • نعيمة القضيوي الإدريسي
        أديب وكاتب
        • 04-02-2009
        • 1596

        #4
        رد: حافة الحاوية

        الأستاذ رائد حبش
        هاته أول مرة أقرأ لك فيها،قصة جميلة لكن إسمح لي أن أقول لك أن صياعة الفكرة ينقصها شيء مما يفقدها بعضا من جمالياتها،كما أني وقفت عند هاته النقطة ووضعت علامة إستفهام"في قديم الزمان، منذ ما يزيد على سنة"
        المهم أهلا بك في عالم القص،عيد سعيد
        تحياتي





        تعليق

        • رائد حبش
          بنـ أبـ ـجد
          • 27-03-2008
          • 622

          #5
          رد: حافة الحاوية

          المشاركة الأصلية بواسطة نعيمة القضيوي الإدريسي مشاهدة المشاركة
          الأستاذ رائد حبش
          هاته أول مرة أقرأ لك فيها،قصة جميلة لكن إسمح لي أن أقول لك أن صياعة الفكرة ينقصها شيء مما يفقدها بعضا من جمالياتها،كما أني وقفت عند هاته النقطة ووضعت علامة إستفهام"في قديم الزمان، منذ ما يزيد على سنة"
          المهم أهلا بك في عالم القص،عيد سعيد
          تحياتي
          شكرا للأستاذة نعيمة،
          برأيي، لو كانت بطلة القصة فراشة عمرها أربع ساعات مثلا، فسيكون الشهر الماضي موغلا في الزمن القديم، ربما قبل أن تولد أمها. مفارقة بين منطقنا ومصطلحاتنا كبشر وبين لغات مختلف مخلوقات الله في كونه.
          الحاوية هي حاوية القمامة مقابل المنزل في القصة.


          تحية وكل عام وأنتم بخير.
          www.palestineremembered.com/Jaffa/Bayt-Dajan/ar/index.html
          لا افتخـار إلا لمن لا يضـام....مدرك أو محـــارب لا ينـام

          تعليق

          • ربيع عقب الباب
            مستشار أدبي
            طائر النورس
            • 29-07-2008
            • 25792

            #6
            رد: حافة الحاوية

            أستاذى رائد
            مساء العيد
            قرأت هنا قصة ممتعة للغاية ، تشدو بها لغة غاية فى الرهافة ، و القوة
            فدهشت كثيرا ، طالما نمتلك هذا النفس و هذه القوة فى التعبير ، و هذه
            القدرة الحكائبة ، لم نبتعد أخى الجميل عن هذا الفن ؟!
            هذه قصة تصلح للصغار قبل الكبار و لذا أدعوك لنشرها أيضا فى أدب الطفل ، و أنصحك بارسالها لأى مجلة للطفل ، و لتكن مجلتى الأثيرة " ماجد بالإمارات " فسوف يتم الترحيب بها كثيرا !!
            توقفت عند أنسنة الحالة ، و رأيت أنك ما قصدت بها شيئا ، دار فى مخيلتى ، فأرجوك عد عن هذه الأنسنة !!

            محبتى أخى رائد
            و إلى مزيد من التفوق و الإبداع الجميل
            sigpic

            تعليق

            • رائد حبش
              بنـ أبـ ـجد
              • 27-03-2008
              • 622

              #7
              رد: حافة الحاوية

              شكرا أستاذي ربيع على تشجيعك الطيب.

              فيما يخص أنسنة الحالة.. حاولت ما استطعت التحدث بلسان قط صغير، لكن له بعض من ثقافة أهل المدن الذين يعيش في كنفهم كفرد من الأسرة..

              كل عام وأنت بخير.
              www.palestineremembered.com/Jaffa/Bayt-Dajan/ar/index.html
              لا افتخـار إلا لمن لا يضـام....مدرك أو محـــارب لا ينـام

              تعليق

              • ربيع عقب الباب
                مستشار أدبي
                طائر النورس
                • 29-07-2008
                • 25792

                #8
                رد: حافة الحاوية

                المشاركة الأصلية بواسطة رائد حبش مشاهدة المشاركة
                شكرا أستاذي ربيع على تشجيعك الطيب.

                فيما يخص أنسنة الحالة.. حاولت ما استطعت التحدث بلسان قط صغير، لكن له بعض من ثقافة أهل المدن الذين يعيش في كنفهم كفرد من الأسرة..

                كل عام وأنت بخير.
                ليس تشجيعا بقدر ما هو احقاق للحق سيدى
                فأنت أكبر من أن أجاملك !!
                أنا قصدت بأنسنة الحالة :
                وأنه وكل قطط الحي ‏ظلوا ينامون فيه ويلعبون‎ ‎لأسابيع
                المفروض هنا أن نقول :
                و أنه وكل قطط الحى ظلت تنام فيه و تلعب لأسابيع
                فقط هذا ما قصدت .. فالحديث لغير لحيوان أو طير أو جماد أى لغير العاقل !!

                محبتى
                sigpic

                تعليق

                • رائد حبش
                  بنـ أبـ ـجد
                  • 27-03-2008
                  • 622

                  #9
                  رد: حافة الحاوية

                  غمرتني بلطفك

                  القط حين يتحدث عن جده وأهله فهو يراهم عقلاء. لو تكلم البطل وعامل القطط بجمع غير العاقل، لكان حينها يتكلم كإنسان.

                  المسرح والعالم في القصيصة للقطط، وما البشر إلا طارئون مفروضون على القطط ومنازلها.
                  www.palestineremembered.com/Jaffa/Bayt-Dajan/ar/index.html
                  لا افتخـار إلا لمن لا يضـام....مدرك أو محـــارب لا ينـام

                  تعليق

                  • نعيمة القضيوي الإدريسي
                    أديب وكاتب
                    • 04-02-2009
                    • 1596

                    #10
                    رد: حافة الحاوية

                    عفوك سيدي ما القصد؟"الحاوية هي حاوية القمامة مقابل المنزل في القصة."ما تسألت عن العنوان،عبرت عن ما رأيته ولكل قرأته،ليس ما يعجبني أنا ممكن أن يعجب أخر،وأعتذر عن رأيي وردي إن لم يرق لك
                    تحياتي وعيد سعيد





                    تعليق

                    • رائد حبش
                      بنـ أبـ ـجد
                      • 27-03-2008
                      • 622

                      #11
                      رد: حافة الحاوية

                      الأستاذة الفاضلة نعيمة،

                      أردت توضيح المقصود بكلمة "الحاوية"، في الأردن هذا المصطلح شائع في الدارجة ليعني صندوق النفايات الكبير الخاص بالبلدية.

                      أرحب برأيك دائما.. هل بدر مني ما يفيد أني انزعجت؟ بصراحة، الآن فقط انزعجت من ردك الأخير.

                      تحية.
                      www.palestineremembered.com/Jaffa/Bayt-Dajan/ar/index.html
                      لا افتخـار إلا لمن لا يضـام....مدرك أو محـــارب لا ينـام

                      تعليق

                      • نعيمة القضيوي الإدريسي
                        أديب وكاتب
                        • 04-02-2009
                        • 1596

                        #12
                        رد: حافة الحاوية

                        أستسمح إن بدر مني ما يزعجك،دمت متألقا.
                        تحياتي وتقديري





                        تعليق

                        • يسري راغب
                          أديب وكاتب
                          • 22-07-2008
                          • 6247

                          #13
                          رد: حافة الحاوية

                          المفكر والاديب
                          الكاتب القدير
                          المهندس العزيز
                          رائد حبش
                          جمعت في قصة على حافة الحاويه بين كل صفات لمستها في كل ما تكتبه
                          فكر في المضمون وادب في اللغه وسلاسة الحدث ومهندس في الترتيب والتقويم والتقييم
                          انا اعشق القطط واعاملها كااحفاد لي
                          دمت سالما منعما وغانما مكرما

                          تعليق

                          • رائد حبش
                            بنـ أبـ ـجد
                            • 27-03-2008
                            • 622

                            #14
                            رد: حافة الحاوية

                            شكرا يا أستاذ يسري. أدامك الله ويسّر أمرك.
                            www.palestineremembered.com/Jaffa/Bayt-Dajan/ar/index.html
                            لا افتخـار إلا لمن لا يضـام....مدرك أو محـــارب لا ينـام

                            تعليق

                            • حكيم عباس
                              أديب وكاتب
                              • 23-07-2009
                              • 1040

                              #15
                              رد: حافة الحاوية

                              [align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=right]
                              أخي العزيز رائد
                              تحياتي الطيّبة
                              أعجَبَتْني .. و أعجَبْتَني ..
                              ليس أيّ أحد يشعر مع القطط ، هذا المخلوق الأكثر اضطهادا على وجه الأرض ، إلاّ صاحب الرّوح المرهفة .. هل أبالغ؟؟ لا أدري .. أصطفّ معك ربّما لأنني أقتنيها على مدار عمري ، و أعرف أنّها طيّبة و رائعة و بيننا لغة و لها مشاعر...

                              أرى في القصّة تلميحات قويّة تمسّ عالم الإنسان ، بل تخدش عجرفته .. هي أبعد من السرد العادي وفقط ، و أبعد من عالم الطفولة حتى لو ناسبته.

                              توقفت عند "حيوانات الأزّقة" و تمنّيت أن تكون قصدت الإنسان من ضمنها أيضا..
                              توقفت عند "قطعان عجلات المطاط" قذارة حضارتنا التي تدفع باقي الكائنات ثمنها ..
                              توقفت عند " .. و يطلّ برأسه المُتّسخ من فوق الحافة ، و يموء بشغف للحياة" ، هذه العبارة المفعمة بكل شيء.. بكلّ شيء .. إنسانية و روح معذّبة بذنوبها ، شعرا و عشقا و حنوّا .. هذا المواء الذليل ، المنهك الإستغاثي ، السّائل المتضرّع الذي يضرب آذاننا مع كلّ خطوة في شوارعنا ، خلفه ذاك الرأس الصغير المتسخ الذي يطلّ و يختبئ ... هذه لحظة المزاحمة داخل النّفس : أتمضي أم تستجيب لذاك الاستعطاف ؟؟ و إن استجبت بخطوتك هذه ماذا ستفعل في خطوتك القادمة ؟ و غدا و بعد غد..؟؟
                              "تَمْسَحْنا" و تعوّدنا القفز .. تدرّبنا على القسوة و صرنا نمارسها ببرود أعصاب..

                              رائع .. فهناك أكثر ، بكثير من النّص.. ما لا يُقرأ بل تحسه و تشمه و تتنفسه..
                              شكرا لك ، فقد جعلت بعض أحزاني طازجة أكثر فأتأكّد من إنسانيّتي..

                              حكيم
                              [/align][/cell][/table1][/align]

                              تعليق

                              يعمل...
                              X