رسالة العيد من شوارع غزة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د.مازن صافي
    أديب وكاتب
    • 09-12-2007
    • 4468

    رسالة العيد من شوارع غزة




    الاثنين سبتمبر 21 2009


    • اليوم ثاني أيام عيد الفطر في فلسطين ..
    • رسالة من شوارع مدينة غزة :
    في مدينتنا الصغيرة التي عانت من الاحتلال الصهيوني من لحظاته الأولى حيث المجازر والتخريب والتدمير وانتهاك كل حقوق الإنسان الآدمي .. وانتهاءً بالحصار الظالم والجائر وتوقف كل ألوان الحياة الطبيعية وكذلك تداعيات الانقسام البغيض الذي أضر بالحياة الاجتماعية والاقتصادية .. في مدينتي التي تعانق شاطئ البحر الأبيض المتوسط أعترف في صباح اليوم الثاني للعيد أن لا حلم يكفينا لنبتسم مرتين، هناك ليل مخيف يرعب حضورنا السياسي في العالم .. لا أمل في أي حل قريب للانقسام البغيض ولا أمل في أن تكون مدينتي جزء من دولة فلسطينية مستقلة .. وتتسع بقعة الخيبات كلما ازداد الزمن امتداد وحزنا علينا .. نعيش في وطننا كالغرباء .. أغنياتنا محرمة .. أمنياتنا مكتومة .. وعبق اللوز الأخضر لم يعد عبقا .. بل بقايا من رائحة بارود وانفجارات منذ الحرب الأخيرة .. كثيرا ما كنا نكتب ونعلم أولانا أن لهذه الأرض حلمٌ نطرزه بريشة خمرية، لتنقر غرزها دورياُ يرتل علينا سوراً من عبق اللوز الأخضر.. هنا على هذه الأرض نستضيف أيام العيد ..؟؟!! أيام تتسم بالحزن على كل شيء .. والخجل من كل شيء .. من الدماء التي سالت بين الأخوة في صراع لا نتيجة له سوى الفرقة والانقسام واتساع الفجوة اختلافا .. ولازلنا نردد لهذا الضيف الكريم على هذه الأرض ما يستحق الحياة .. وننتظر من هذا العيد أن يهديني عيوناً مشرقة ووسادة مطرز بألوان علم بلادي المحتلة !! .
    في رصيف العيد وجوه بريئة " مقنعة " ..؟؟!!
    في رصيف العيد أطفال كل الأطفال في غزة يحملون البنادق والمسدسات ويوزعون بعضهم البعض هذا يهود وهذا عربي .. هذا عسكر وهذا حرمية .. لعبة قديمة كنا نمارسها والاحتلال الصهيوني يحتلنا حيث لا سلطة الا سلطة الانتفاضة ..
    أطفال غزة كشيوخ غزة كنساء غزة كشباب غزة .. عيونهم التائهة تحكي قصص تحمل عناوين الوجع والفقر والحاجة والدعاء الى الله أن تنتهي كل الأحزان .. عبوسة الوجوه سرعان ما تعود بعد لحظات فرح " مصطنع " .. وابتسامات تخفي غصة في الحلق .. من الصعب ان يفسر العابر في غزة دموع الشوارع المنسية وحرقة أمهات فقدن فلذات أكبادهن ..
    وأكثر ما يؤلمني في شوارع غزة طفل ممتد بجانب أمه .. ثيابه رثة وممزقة .. ولسان حال الأم تستعطفك وتستجديك بكلمات غير مفهومة في كثير من الأحيان
    "أعطيني حسنة .. شيكل .. حاجة " .. "الله يوفقك اشتري مني رزقني .. خوذ مني هالبسكوته .. " ..؟؟!!
    شوارع غزة كثر الحزن فيها .. أحد المعلقين على رسالتي الثامنة كتب لي :
    هل تعلم أن لغزة بابٌ قديم من أبواب أربع اسمه باب السكن (رماد النار) ؟؟ !!
    يا ترى هل لهذا الإسم نصيب في الوضع الذي تحياه غزة ؟؟ و هل دخل الوضع المزري لغزة من هذا الباب ؟؟؟؟
    اعلم ان الأبواب التي خصصت للمدن في قديم الزمان خاصية مقدسة و أسماؤها ملهمة وكلٌ له نصيبٌ من اسمه .

    حقيقة لا أدري هل ما كتبه تعبير عن حالته النفسية مما وصلنا إليه .. أم أنه بالفعل هناك لغزة بابٌ قديم من أبواب أربع اسمه باب السكن (رماد النار) ؟؟ .. ما أعرفه أنه أصبح طعم الحب في مدينتي سادة كلون الرماد في شوارع مدينتنا، نلتقي وحبيبي لا وقت لنا لنشبك أيدينا ولا وقت للمشي والغناء ولا صدر يتسع للبكاء، حتى أننا بدأنا نجزم أننا فقدنا القدرة على الحب، في مدينة لا يحترف أهلها إلا الرثاء والعزاء وانتظار المجهول والبكاء على الأطلال وقضايا لا أول لها من آخر .. والغريب العجيب تلك القوة الإيمانية حين تسأل من يفترس الأرض ويلتحف السماء ويركز كوعه على حجر من ركام بيته .. تسأله كيف الحال يا أبو فلان .. يرد عليك " الحمد لله .. الله يديمها من نعمة ويحفظها من الزوال " ..؟؟!!
    ويستحلفني أن اشرب معه القهوة وتناول بعض التمر وبالفعل أخجل من ضيق وقتي ومنه وأجلس معه لنتبادل القصص وبدلاً من قصصنا نتبادل قصصهم .. قصص أهالي الأسرى والجرحى والشهداء والمشردين .. وقصة أم كامل في القدس وقصة أبو ربيع في مخيمات الشتات وقصة أمل في مخيمات العراق وقصة جديدة تطل بوجهها القبيح في دول الخليج العربي ..ونسال على استحياء .. لماذا أصبحت النغمة الآن حزيرانية .. هل أصبح العدو الصهيوني يسيطر على كلماتنا وأفكارنا ومقدرتنا على المناورة .. هل هم يسيطرون علينا، هل نحن أضعف منهم، من هم ومن نحن؟... نحن لنا عمق التاريخ وهم نتاج صناعة الظلم في القرن الماضي ..

    والمواطن العربي كأن المطلوب منه أن يصمت أمام كل ما يرى ويشاهد ويسمع من خراب وتدمير وقتل وتعذيب .. ، هل يحتاج المواطن العربي الى ألف شهيد آخر وتدمير ما تبقى من غزة كي يفوق من سباته العميق .. ؟؟!!



    " انتبهوا أنتم في غزة"... أكوام القمامة تملأ الشوارع في صباح العيد .. الوجوه عابسة .. الأطفال يملئون الشوارع حاملين بنادقهم .. قصف إسرائيلي على مدينة جباليا .. جرحى جدد .. شهداء جدد .. هدية المحتل الذي أغلق غزة والضفة .. هداياه الإجرامية السوداء قد وصلت موقعة بالدم ..؟؟!!

    " انتبهوا أنتم في غزة"... لا تفاجأ بأن الموتوسيكلات تملأ كل الزقاق والأرصفة وغرف النوم .. ؟؟!! ولا تفاجأ وأنت تزور المستشفيات وقسم العظام وثلثي المكسورين من عشاق الألعاب البهلوانية في شوارع غزة بدرجاتهم النارية تلك التي تحمل الموت الأكيد والقريب من الجميع ...

    " انتبهوا أنتم في غزة"... وفجر العيد لا كهرباء ولا ماء .. ومساء العيد لا فرح ولا أغنيات ..

    " انتبهوا أنتم في غزة"... المشاهد ليست سوداوية من كل الزوايا .. هناك زوايا رائعة جدا وتستحق أن نقف معها بكل الزهو والفخار .. في الأيام القادمة غزة سوف تحتفل بتخرج عشرة ألاف حافظ لكتاب الله .. ومن عمق التاريخ نستذكر أن القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي قد حرر القدس ب عشرة ألاف حافظ لكتاب الله ...


    لدينا القدرة على تحمل المزيد والمزيد .. على أن يكون الثمن يستحق التضحية .. أتوقف هنا والان .. لأقرأ الفاتحة على أرواح شهداء فلسطين كل فلسطين .. وكل عام وانتم بخير .. وتقبل الله منا ومنكم الطاعات .. ودائما من غزة مع المحبة ..


    بقلم: د.مازن ابويزن
    قطاع غزة _ فلسطين




    مجموعتي الادبية على الفيسبوك

    ( نسمات الحروف النثرية )

    http://www.facebook.com/home.php?sk=...98527#!/?sk=nf

    أتشرف بمشاركتكم وصداقتكم
  • محمد علاء الدين الطويل
    أديب وكاتب
    • 18-09-2008
    • 296

    #2
    رد: رسالة العيد من شوارع غزة

    [align=center]
    أخي مازن :
    قد يتمكّن الموجوعُ أحيانا من ترجمةِ وجعه لأنّه يعلم مكانه ، لكن إنٍ اشتدّ الوجع والألم وسرى بسائر الجسد فليس للموجوع سوى الآه والأنين ...
    ما قرأتُ رسالتك هاته فحسب ، بل وكأني السائر في شوارعها والمتعثّر بحفرها ... لم أستطع مواصلة الرد والكتابة على ما تفضلت به لأنني لم أعد أرى شاشة الكومبيتر من شدة اغروراق العيون وحشرجة الضوت واختلاج الأنامل ... فاعذرني وعن نفسي فلا عيد عندي وحزن الأمّة أقوى من كل فرح ...
    عسى الله يأتي بالفرج
    [/align]
    [frame="11 98"]
    * الأدب إحسان قول وتصرّفْ قبل أن يكون جرّة قلم أوتكلّفْ *محمّدعلاَءالدّين الطَّويل
    [/frame]

    تعليق

    • عبد الرحمن الادلبي
      عضو الملتقى
      • 16-03-2009
      • 79

      #3
      رد: رسالة العيد من شوارع غزة

      د\مازن أبو يزن

      تحية الى أرض فلسطين حيث نرى للرجولة معنى وحيث يكون مولد الأبطال

      سيدي الكريم تعثرت الأبجدية وتلعثمت الفصحى ولم أجد سوى أن أسأل الله

      القدير أن ينصركم ويفرج عنكم أنه القادر على ذالك سبحانه وتعالى

      دمت بخير

      تعليق

      يعمل...
      X