بائع الحلوى " قصة لفادي المواج الخضير"

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فادي المواج الخضير
    عضو الملتقى
    • 13-09-2009
    • 280

    بائع الحلوى " قصة لفادي المواج الخضير"

    سيارة صغيرة في مؤخرتها يوجد صندوق كبير يكاد يقاسم السيارة حجمها ويحتل نصفها الأخير , لم تدخل القرية سيارة مثلها , ولم يشاهد أهل القرية مثلها قط , كانت كالعسل يتحلق حوله الذباب , الصورة التي يراها المتفرج من بعيد , لأطفال القرية وهم يتجمعون حولها يتسابقون أيهم يحصل على قطعة الحلوى الملفوفة بصفحة جريدة لم يكن لآبائهم أن يقرؤها لأنهم لم يعايشوا السنوات التي صدرت بها تلك الجرائد .
    إنها ساعة الظهيرة التي تشكل مسرحاً لهذه الصورة التي تتكرر كل يوم ما عدا الجمعة والسبت . الساعة التي يتزايد فيها الطلب على النقود من الأمهات اللاتي يدخرنها في صرر في خزائن الملابس , واللحظات التي تبتاع بها الحلوى من أبي محمود صاحب السيارة التي يغطيها الغبار من كثرة تجوالها في شوارع القرى البعيدة عن المدينة , إنها الساعة التي جرت العادة أن تمضي فيها السيارة العجيبة في شوارع القرية هذه .
    ابتاع الأطفال يوم الأحد جل ما في السيارة من حلوى , وكان آخر المبتاعين عمر , البالغ من العمر ثلاثة عشر عاماً , ابتاع الحلوى وقبل أن يمضي سأله أبو محمود عن موقع العيادة واضطر عمر للركوب في السيارة معه ليرشده إلى موقع العيادة , فمضى أبو محمود ومعه الطفل ومضت الأشهر وقوات الأمن تبحث عن الطفل المفقود , والقرية كلها لا حديث لها إلا عمر الذي لا يعرفون مصيره وطريقة اختفائه , أما أبو محمود فكعادته عاد ظهيرة اليوم التالي , وباع الحلوى للأطفال بصورة طبيعية وكأن شيئاً لم يبدر منه . مرت أسابيع على هذه الحالة والأسرة يعتصرها الأمل على فقدان ولدها الذي يكتنف غيابه الغموض . وذات مساء اختفت الطفلة ريم بنفس الطريقة التي اختفى فيها عمر , وجرت محاولات البحث عنها ولكن دون جدوى , إذ كان مصيرها مصير عمر الذي غاب دون إياب .

    عدنان الموظف في وزارة العمل , وزوجته المعلمة في مدرسة في قرية مجاوره , كانا ينعمان بالحب والأمل والاستقرار , يقاسمهما البيت الخادمة التي تقوم برعاية طفلتهما حنان ذات البسمة الساحرة والحضور الجميل , الذي يحرك السكون في المنزل ويمنح للحياة الزوجية طعمها عندما يعود الزوجان من عناء العمل والتنقل في مواصلات الذهاب والإياب .
    كانت أمها تستقبل الصباحات بالقبلات التي لا تكاد تشبع منها توجهها إلفى خد ابنتها حنان , لا يقاسمها هذه المهمة إلا زوجها الذي تملأ عليه حنان حياته .
    غادرا ذات صباح وقد تركا حنان في رعاية الخادمة التي أشغلتها أعمال البيت عن الطفلة , ذات السنوات الأربع , التي خرجت من المنزل في حركة طفولية كعادة الطفل يبحث عن المجهول لا يصده عنه إلا اكتواءه بسخونة ابريق الشاي أو سقوطه من على طاولة صغيره .
    عمر وريم التقيا في ذات المكان الذي أعدته عصابة أبي محمود لجمع الأطفال وتحويلهم إلى متسولين بعد اجتزاء بعض أعضائهم , فكانا يمارسان المهنة المجبورين عليها ليجمعوا أموال طائلة لكنها ليست لهم وإنما للعصابة التي يترأسها أبو محمود .
    كان من عادة عدنان أن يستمع في مكتبه إلى المذياع , وكان أكثر ما يشده الأخبار التي تقدم العالم في وجبة صغيرة من الكلمات يقدمها مذيع يسمعون صوته ولا يرون وجهه .وبينما هو في ذات الصباح الذي غادرا فيه المنزل هو وزوجته – يستمع للأخبار حتى لفت انتباهه خبر اكتشاف الأجهزة الأمنية عصابة تختطف الأطفال من القرى وتحولهم إلى متسولين , بعد أن تبيع أعضاءهم في أسواق الأعضاء التي تتستر خلف كواليس الظلام .وأوضح المذيع أن طريقة العصابة تقوم على خطفهم بطرائق متعددة منها التسلل إلى القرى بصور بائعي الحلوى وغيرها من الوسائل والصور .
    تحرك عدنان بسرعة باتجاه معطفه ليستخدم هاتفه الخلوي , ففوجئ بأنه قد نسيه في المنزل , اعتراه الغضب وتوجه إلى مقسم العمل فأجرى اتصالاً على هاتف المنزل الذي لا يجيب , حيث كان حظه من المكالمة الاستماع لنغمة الانتظار دون أية إجابة .
    تقدم بورقة مغادرة مدتها ساعتان , وتحرك إلى المنزل لا يفصله بينه وبينه إلا روتين المواصلات القاتل , وبعد انقضاء ما يقارب الساعة وصل إلى منزله , فوجد الباب مفتوحاً على مصرعيه , نادى على الخادمة لكن نداءاته كانت تحتضنها الجدران وقطع الأثاث , حيث أن الخادمة خرجت لتوها تبحث عن الطفلة التي خرجت من المنزل بهدوء تام هو ذاته هدوء الطفل في هذه السن .
    كل ما كلن يرجوه هو الاطمئنان على سلامة الطفلة , وتحذير الخادمة من الغفلة عنها , ولكن تحذيراته يبدو أنها كانت متأخرة .
    لم يجد بداً من الاتصال بزوجته المشغولة بالدرس الذي تشرحه لطالبات الصف السادس , حيث كانت توقف اتصاله ضاغطة على زر الإنشغال , كرر محاولاته مرات ومرات , ولكن دون جدوى . وعندما هم بالبحث عنها في شوارع القرية , رأى سيارة الحلوى تمضي في نفس الاتجاه الذي يمضي فيه , ولكن سرعتها كانت تتزايد والشقة بينه وبين السيارة كانت تتسع , مثلما أن الفراق بينه وبين ابنته قد بدأ يطول , ولربما إلى غير لقاء .
  • دكتور مشاوير
    Prince of love and suffering
    • 22-02-2008
    • 5323

    #2
    رد: بائع الحلوى " قصة لفادي المواج الخضير"

    [frame="13 98"]
    قصة محزنة ولكنها معبرة بمحتواها الذي يحدث كثيراً في واقعنا
    استاذنا فادي الخضير
    دمت وبالتوفيق ..
    [/frame]

    تعليق

    • فادي المواج الخضير
      عضو الملتقى
      • 13-09-2009
      • 280

      #3
      رد: بائع الحلوى " قصة لفادي المواج الخضير"

      دام حضورك ... اخي دكتور مشاوير
      تحية بحجم حضورك

      تعليق

      • فادي المواج الخضير
        عضو الملتقى
        • 13-09-2009
        • 280

        #4
        رد: بائع الحلوى " قصة لفادي المواج الخضير"

        شكرا بحجم المرور

        تعليق

        يعمل...
        X