تذوق الشعر وعذوبته لدى عبد العلي الوزاني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد جابري
    أديب وكاتب
    • 30-10-2008
    • 1915

    تذوق الشعر وعذوبته لدى عبد العلي الوزاني

    الأستاذ علي متقي، حفظك الله،

    يتطرق أستاذي عبد العلي الوزاني إلى الكتابة الذاتية ويعرفها بكونها كتابة نثرية شاعرية، ذات جمالية تصويرية، وحدد لها نفس خصائص الكتابة لقصيدة النثرتقريبا.

    والأستاذ عبد العلي الوزاني ذو ثقافة عصامية متعلقة إلى حد ما بكتابة العقاد وشيخه المختار السوسي والرافعي وغيره من رجالات الأدب في الخمسينات من القرن الماضي. وهو من سكان فاس، فقدت أخباره تقريبا منذ سنتين.

    فهل لك أستاذي الكريم أن تنيرنا في هذا المجال بمزيد من الإيضاح والبيان
    http://www.mhammed-jabri.net/
  • علي المتقي
    عضو الملتقى
    • 10-01-2009
    • 602

    #2
    الأخ الكريم محمد جابري : السلام عليكم وبعد :
    أولا لم يسبق لي أن قرأت للأستاذ عبد العلي الوزاني ولا أعرف طبيعة كتاباته ، لذا من الصعب على الحكم على نص لم يسبق لي الاطلاع عليه انطلاقا من رأي صاحبه فيه .
    ثانيا : مفهوم الكتابة الذاتية مفهوم ملتبس . فماذا يقصد عبد العلي الوزاني بهذا المصطلح ؟ فالسيرة الذاتية كتابة ذاتية، و الشعر الحداثي كله شعر ينطلق من التجربة الذاتية ،إذ شرط الحداثة الصدور عن رؤيا فريدة للإنسان و الكون . لكن هذا لا يعني أبدا أن الترجمة الذاتية و الرواية الذاتية و الشعر الحداثي شكل واحد . فإن كان يقصد عبد العلي الوزاني بالكتابة الذاتية ذلك النوع من الكتابة الذي يكتبه محمد الصباغ ، فهناك فرق كبير بين قصيدة النثر و بين هذا النوع من الكتابة . فقد يشتركان في بعض خصائص الكتابة، لكن لكل منهما شكله الخاص وتقنياته الخاصة وآليات اشتغاله في بناء المعنى .
    السيد الجابري : إن قصيدة النثر ليست شكلا عربيا موروثا أو حديثا ، بل قليلة هي نصوص قصيدة النثر في الثقافة العربية ، إنها شكل غربي بامتياز نظر له هناك ،و أبدع هناك في سياق ثقافي محدد . ولمعرفة هذا الشكل من الضروري العودة إلى مصادره الأصلية . ومصدره النظري الأساس هو كتاب سوزان بيرنارد قصيدة النثر من بودلير إلى أيامنا . و نصوصه النموذجية هي نصوص بودلير . وما يصطلح عليه في الكثير من المنتديات بقصيدة النثر ـ ومنها هذا المنتدى ـ لايندرج معظمه في قصيدة النثر، ولا علا قة له بقصيدة النثر كما نظر لها في مضانها الأصلية ، وإنما يمكن إدراجه ضمن قصيدة الشعر الحر ـكما قلت سابقا ـ ليس كما نظرت لها نازك الملائكة ،وإنما كما نظر لها أيضا هناك في الغرب . فالأشكال الحداثية كلها أشكال غربية بامتياز ، ومحاولة كتابتها في الثقافة العربية هو تجريب لهذه الأشكال ، فمنها ماقُبل واستساغته الأذن العربية كقصيدة التفعيلة ، ومنه ما لايزال يقاوم المعارضة القوية كقصيدة النثر .
    [frame="1 98"][align=center]أحبتي : أخاف من كل الناس ، وأنتم لا أخافكم، فالمجيئ إليكم متعه، والبحث عنكم فتنة ولذه، ولقاؤكم فرحة تعاش ولا تقال.[/align][/frame]
    مدونتي ترحب بمن يطرق أبوابها:
    http://moutaki.jeeran.com/

    تعليق

    • محمد جابري
      أديب وكاتب
      • 30-10-2008
      • 1915

      #3
      أستاذي الكريم: علي متقي، حفظك الله؛

      ما رميت إليه بالكتابة الذاتية ذات التصوير الشاعري هو بالضبط نموذج كتابات محمد الصباغ رحمه الله.
      فما هي ضوابطها، وكيف نعرف جنسها؟
      http://www.mhammed-jabri.net/

      تعليق

      • علي المتقي
        عضو الملتقى
        • 10-01-2009
        • 602

        #4
        الأخ الفاضل محمد جابري :إن الكتابة الإبداعية لمحمد الصباغ وما شابهها كتابة رومانسية انتشرت قبل القصيدة العربية المعاصرة و عايشتها ،وبذلك تصنف ضمن اشكال الكتابة ماقبل القصيدة المعاصرة ، لكنها ليست لها علاقة بقصيدة النثر ، ذلك أن قصيدة النثر هي شكل شعري محدد له آلياته وتقنيات بنائه وخصائصه، إنها كل مغلق يتميز بالكثافة و المجانية و الوحدة العضوية،و يرفض الإطناب والتكرار والاستطراد .إنه عالم صغير مغلق يتميز بالكثافة التي تسمع بتوالد الدلالة وتناسلها كلما كان هناك تفاعل بين النص والقارئ : أما ما اصطلحت عليه بالكتابة الذاتية فهي نص نثري أولا يتميز بتوظيفه للغة شعرية لكنه غير مبني بشكل يسمح بتصنيفه ضمن قصيدة النثر, فهي ـ بتعبير آخر ـ المادة الخام التي ينبغي إعادة صياغتها وتنظيمها للإنتاج قصيدة شعرية . إن قصيدة النثر هي شعر أولا يستخد م آليات النثر لأغراض شعرية ، في حين أن الكتابة الذاتية نثر أولا قد يوظف صورا شعرية .
        [frame="1 98"][align=center]أحبتي : أخاف من كل الناس ، وأنتم لا أخافكم، فالمجيئ إليكم متعه، والبحث عنكم فتنة ولذه، ولقاؤكم فرحة تعاش ولا تقال.[/align][/frame]
        مدونتي ترحب بمن يطرق أبوابها:
        http://moutaki.jeeran.com/

        تعليق

        • محمد جابري
          أديب وكاتب
          • 30-10-2008
          • 1915

          #5
          تذوق الشعر وعذوبته لدى عبد العلي الوزاني

          تذوق الشعر وعذوبته لدى الوزاني

          استعمل العرب الذوق المدرب في تمييز القصائد، وأعربوا عن " حلاوة اللفظ " و " كثرة الماء والرونق ". والذوق جمال تحسه وتلمسه وأحيانا تعلله، وأحيانا أخرى يتعذر التعليل ؛ ذلك أن " من الأشياء أشياء تحيط بها المعرفة ولا تؤديها الصفة، وهناك " ظاهر تحسه النواظر وباطن تحصله الصدور " وأكثر ما تكون تلك الدقائق في مواضع الجمال فتلك قد نحسها، أما أن نعلنها فذلك ما قد لا نستطيعه بغير الألفاظ العامة التي لا تميز جمالا عن جمال، أما التعليق الدقيق الذي نستطيعه فإنما يكون فيما نراه من قبح أو ضعف بله الخطأ " ( النقد المنهاجي عند العرب ومنهج البحث في الأدب واللغة. ص 384، مترجم عن أستاذين لانسون وماييه، ترجمة محمد منذور، دار النهضة- مصر للطبع والنشر.)

          ومما استجلب نظري لاصطفاء جواهر الوزاني هي الفطرة الخالصة التي صقلت كتابته، فكتابته لا تتكلف استيحاء الصور والمشاهد خارج الواقع والفطرة التي جبلت الناس عليها.

          فالبغض والحماسة والتعصب مهما تسترت تحت شهوات اللافتة السياسية والحزبية والدينية فهي لسان طبع المرء به يبدي ميله ونفوره، وهي ِشرات مائلات إما إلى سنة حميدة، وإما إلى مسلك دنيء. والنفس لا تكون أتم إشراقة إلا إذا كانت مرتفعة إلى عليائها برونقها وفسيفساء مجدها؛ أو تكون منغمسة في رعونتها إلى أقصى مداها.

          والبعد في الرذيلة والفضيلة ينتشي صاحبه نشوة الذائقة المميزة؛ لكن بحرهما لا يلتقيان فهذا عذب فرات وذاك ملح أجاج وبينهما حاجز لا يختلطان و لا ينفكان عن مجرى كل منها.

          وكلام الوزاني الاصطلاحي عن العذوبة الشعرية وإن كانت مسألة ذوقية فهو يعيرها لباسا محسوسا، يأخذ بتلابيب الفكر ويسوقه لعالم الصورة الملموسة، ويضعنا أمام مشهد ينبض بالحيوية والحركة لنتذوق عسل عبيره عبر جمالية المشهد، وجلال الصورة، وما تتفطر عنه من نداوة قلبية من حب يجنح لبحر الهوى والعشق، حيث الألفاظ الجميلة ذات الإيقاع البالغ والمؤثر في النفس البشرية، سواء منها من هفت نحو درب الفضيلة، أو الرذيلة على السواء. ونفتح مؤشر المذياع ليسكب في حسنا إيقاع كلماته في همس كأنها خشخشة النعل تتمطى في خطاها من أثر نوم خالطه لما استدعيناه وانشغلنا عنه بالتقديم :

          " الشعر مرآة الاهتزازات النفسية، ومظهر روحي لصلة الإنسان بنفسه والعالم المحيط به، ولا شعر أصدق من ذلك الذي تحس حين تسمعه وكأنك أمام حادثة بمسرحها وأشخاصها، أو قبالة منظر من مناظر هذا الوجود. تسمع من خلال كلماته خفقة القلب وحركة الروح، أو هتاف الضمير ونداء النفس، إلى غير ذلك مما هو لغة طبيعية في الإنسان.".

          وبعد أن يجول بنا جولة يوقظ بها ما فتر من مشاعر وينبش ما اندست من أحاسيسنا لينطلق بها بعيدا بعيداً، لتسمو روحها في سماء الوجدان الفياض على النفس من خلال الإيحاء والخيال لنتنسم تلك اللطائف ونتذوق لذاتها علنا ندرك معنى للشعر :

          " ولا تنظر إلى الشعر على أنه ألفاظ وعبارات قد خف نغمها واستقام وزنها، ولكن انظر إليه على أنه أصل من أصول الحياة الإنسانية الروحية التي بحمايتها ينمو الكيان الروحي للإنسان. فالألفاظ الخلابة والعبارات الشائقة إنما هي نظام ومعرض لنفوسنا الإنسانية الشاعرة، فهي أصل من أصول الصناعة الفنية وليست أصلا من أصول وجودنا الروحي الذي نطلق على إثره اسم "الشعر"، ويظهر من كلامنا أن الشاعر لا يجيد القول، إلا إذا استوحى طبعه وروحه مخليا لهما الطريق في الجود والإيحاء. متوخيا الطرق التي توسع من مجال طبعه وروحه حتى يكون شعره أحسن وأتم.

          وبعد أن أذاقنا لذة الشعر يطوف بنا طوافا نستكشف فيه مكامن العذوبة في الشعر


          "والعذوبة غرض هام من أغراض صناعة الشعر، وإلا ففيم عناية الشعراء بجمال ألفاظهم ومعانيهم، وفيم اهتزازنا حينما نسمع الشعر الجيد، ولكن أين نلتمس هذه العذوبة ؟ في اللفظ أم في المعنى أم فيهما معا ؟ ها هنا مفترق الطرق، فهناك من يذهب إلى أن اللفظ هو وحده الذي يجب اختياره ومراعاة جماله وإحلاله المكان اللائق به لأنه لا جمال للمعنى إلا بجماله، والمعنى إذا كان رديئا وأبرز في لفظ جميل أنيق اكتسب من جماله جمالا لم يكن فيه، وهناك من يتمذهب بمذهب المعنوية فيرى أن المعنى هو كل شيء وليس اللفظ شيئا إلى جانبه، لأنه لو لم يكن الفكر لما كان اللفظ، وهناك من يقسم العناية بينهما قسمة عادلة فينظر إلى القيم الجمالية في اللفظ كما ينظر إليها في المعنى. وهذا الاتجاه هو الصحيح، فجمال المعنى وصحته لا جلاء لهما إلا في اللفظ الجميل الصحيح، واللفظ الجميل الخلاب لا قيمة له ما لم يستكن تحته المعنى البديع، وبالجملة فإن الصورة الأدبية الجميلة هي التي اقترن فيها جمال اللفظ بجمال المعنى، فلا غنى لها عن ذاك في الإشعاع والعذوبة والحسن."


          وإذا ما نحن سايرنا الوزاني في تذوقه فعلينا ألا نمضي معه بغير دليل السنن الإلهية، فاللذة عنده غرف ما وجد وتلذذه من أي وعاء كان ؛ مما يجعلنا نستفسره هل يستوي الماء البارد الزلال في يوم حر قائظ مع ماء الوادي الحار في أي يوم من أيام السنة شئت ؟


          ولنتركه يعرب إعرابه عن كيفية تذوقه الأدب، حتى لا نقوّله ما لم يقل:
          1. "ينبغي أن ننظر إلى الأعمال الأدبية صورا من الحياة، فيها ما في الحياة من نواحي النقص ونواحي الكمال، من مظاهر الضعف ومظاهر القدرة، من حالات السمو، وحالات الإسفاف، من واحات الهدوء وأعاصير الاضطراب، من دواعي اللذة ودواعي الألم. فإن نحن فعلنا أتيح لنا أن نشارك الأدباء أحداث حياتهم، وأسرار نفوسهم ؛ فنحن نتشاءم مع أبي العلاء، ونزهد مع أبي العتاهية، ونمرح مع أبي نواس، ونخوض المعارك مع أبي فراس، ونهيم مع قيس ليلى، نفعل ذلك ولو إلى حين، فإذا نحن نضيف تجارب الآخرين إلى تجاربنا، وننظر إلى الحياة من الزوايا المختلفة التي نظروا منها إليها. وأثناء ذلك تثار مواهبنا، وتستدعي ملكاتنا، فتتفتح، وتتوهج وترتعش ؛ لكونها خضعت لسلطان عظيم، هو سلطان الآداب والفنون، ومسها تيار من نفوس حساسة مرهفة، قادرة على الإيحاء والإثارة." (مجلة دعوة الحق : الملكة الفنية (3) للوزاني.)

          ولكأس خمر بحور الهوى لذة، قل من يصحو منها، كما أن لبحور الشاعرية مزايا تجعله جذابا يجذب المغرمين حتى إذا ما انغمسوا فيه ضمتهم أمواجه، فلا يرى لهم أثر بعد، وبخاصة إن كان البحر بحر الطالحين ؛ إذ جاذبية الهوى تصرع كل قوي ؛ لاستعانة إبليس على من غرر بهم بقوة رب العزة : الله الواحد القهار( قوله تعالى: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}(ص:83/82). ) أما بحر الصالحين فقد ينجذب إليه المرء ويصعب انفكاكه منه بقدر ما في السبيل من البدع، فإن صفي البحر وخلص شرابه كان التخلص منه يسيرا إلا على المخلَصين
          .
          فكيف يريدنا أن ننغمس مع أبي نواس في بحر اللعنة بدعوى المرح، ونلتحق بعدها مع زهد أبي العتاهية وهما دربي النقيض ؟ وأنى يتأتى الانفكاك من هذه لننغمس في تلك ؟ وهل الأمر يتعلق بزيارة أروقة فننتقل من جناح إلى آخر ؟ أم أن الانغماس في درب الرذيلة تقيدك شياطينه فتضحي أسير كوانتنامو إلى الأبد.وما ينجو منه إلا من استلته رحمة الله.


          وما بالنا نرمي أبا نواس بذنب قد يكون تاب منه وقبلت توبته، وغفر ذنبه ؟ أم نحب أن نكون ممن يشيع الفاحشة في الذين آمنوا فيرصدنا عذاب أليم ؟ ويا له من ذوق!. وإذا كان الوزاني يرشف من كل دلو فما معياره في وصف شعر نزار بالشعر الآثم؟



          وحينما نمضي بغير مصباح منير نغرق في بحر الظلمات : في ليل البوم والوطواط والشبح المخيف...فأية لذة هذه التي يدعونا الوزاني لتذوقها ؟ وأي ذوق ذاك الذي يخلط كل الأذواق ؟ ألا يفقد صاحبها كل مذاق ؟ ألا ما أيسر زهو الكلمات الرخيصة، وما أصعب تبعات رناتها الغالية!1!


          وصدق الله العظيم: { وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ [224] أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ [225] وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ [226] إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ [227]}من سورة الشعراء

          بين الذوق السليم والغواية، خيط صفيق الهواية، برزخه عَلما للولاية، لسالك الطريق الدراية، فجل مصابيحه عطوفة، على منارتها المعروفة، لتكشف حسنات مقروفة، في ثنايا تبدي للدهر صروفا، أو تخرج للعيان فساد ماء روّاء، جرى سناه على جميل خد من بؤر خبيثة؛ لكن مهلا، فللعجل الذهبي رونق، والرونق رُفع للنَّوق، ومصيدتها مشنق، والدرب طويل مظلم، بل متيهة للمروءة، خرّت فيه الجباه ساجدة هَزوءا.


          يا أيها الراكعون ذلا لجمالية صنمية؛ ها هنا سبيل عز لجمالية ربانية، تزهو بالمشاعر زهوا رفيقا، وتأخذ اللب أخذا شفيقا، يتنسم نسمة الزهرة الفواحة، وتترنم شدو البلابل الصداحة، وتسبح بحمد رب تسبيحا، من عِلْم رُتَيْلة نسيجا بديعا، وقََلم نحلة أهدى شهدا رائعا، وشكل المخلوقات جاءت سيلا نابعا...أصنافا وألوانا وفضلا سابغا.
          التعديل الأخير تم بواسطة محمد جابري; الساعة 26-09-2009, 09:18.
          http://www.mhammed-jabri.net/

          تعليق

          • البكري المصطفى
            المصطفى البكري
            • 30-10-2008
            • 859

            #6
            الأستاذ علي المتقي تحية طيبة :
            لفت نظري موضوع الكتابة الذاتية الذي تفضلتم ببسط القول فيه؛ واعتبرته موضوعا محيرا حينما وقفت على وصفكم هذه الكتابة بأنها مفهوم ملتبس.ومن هذا المنطلق أسجل أن تجليات هذا الالتباس ظاهرة للعيان في منطوق الكلام والمسرود من الأفكار مثل قولكم :(الكتابة الذاتية نثرأولا قد يوظف صورا شعرية) فما الفرق بين الكتابة الذاتية والإبداع الأدبي الذي يجعل الذات أو(الأنا) بالمفهوم النفسي موضوع انشغال وتركيز؟ أو موضوع الكشف عن الآلام والآمال ؟ وما سر المعركة النقدية التي دارت بين الديوان وشوقي أوبين التيارين الرومانسي والكلاسيكي إذا لم تكن في جوهرها(بين حضور الذات وغياب الذات في الإبداع الأدبي). أعتقد أن الإبداع الأدبي لا يخلو من تعبير ذاتي لكن بدرجات متباينة. وإذا لم يكن كذلك فما قيمته
            ومادوره وهو ليس بعلم ولا فلسفة ؟
            ومن جهة أخرى هل قصيدة النثروحدها هي التي (تسمح بتوالد الدلالة وتناسلها )؛ وهي التي تفرض هذا (التفاعل بين النص والقارئ) ؟ أ ما الشعر أوكل إبداع أدبي عظيم فهو لايسمح بذلك ولايفرض هذا التفاعل بين النص والقارئ برغم أنه فيض دلالي ومعنى لا ينقبض.

            تعليق

            • محمد جابري
              أديب وكاتب
              • 30-10-2008
              • 1915

              #7
              الأستاذمصطفى البكري؛

              الأنماط أو القوالب التي كانت معروفة تحت أجناس القصة والشعر والنثر انفجرت في القرن الماضي وبدا منها الق.ق.ج ، النثرية أو (قصيدة)، ولا زالت ضوابط أجناس الكتابة لم تضبط بعد فهذا أستاذي الفيفي يكتب:


              "لقد كان الشِّعْر العربي- نظريةً وممارسة- يؤمن بأن لجنس الشِّعْر حدًّا فاصلاً عن الأجناس النثرية، وقانونًا فارقًا، ونظامًا مائزًا، وَجَدَ علامته الأبرز في الموسيقى الشِّعْريّة، ولاسيما الوزن والقافية. والشِّعْر العربي ونقده لم يعدوا في ذلك ما قاله- مثلاً- الشاعر الكندي الأمريكي مارك ستراند، فيما يذكره عنه محمود درويش(6)، حينما قال:

              "في نهاية الندوة المشتركة طُلِب مني أن أوجِّه سؤالاً إلى مارك ستراند. فسألته: ما هي الحدود الواضحة بين الشِّعر والنثر؟ تلعثم كما يتلعثم الشعراء الحقيقيون أمام صعوبة التحديد. ثم قال... وهو الذي يكتب الشِّعر النثري: الإيقاع الإيقاع. الشِّعر يُعَرَّفُ بالإيقاع... ولا أعرف لماذا تذكّرت قول نيتشه الحاذق: "الحكمة هي المعنى محرومًا من الغناء"!" (انظرموضوع: مآزق الشعرية للكاتب على الحبل الرابط http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=69658)

              وتظهر أجناس أخرى غير ما تعورف عليها من ألوان أدبية فهو يبينها بقوله:

              "وعليه يمكن القول: إن مصطلح (قصيدة نثر) مجاز اصطلاحي يشار به إلى نصّ جميل مختلف، قد يبزّ الشِّعْر تعبيرًا وليس بشِعر، ويفوق النثر إفضاء وليس بنثر. وفي حصر النصوص بين حَدَّي الشِّعْر والنثر جناية عليها، وتقييد لمشاريعها عمّا تطمح إليه. وفي نماذج هذه الدراسة، ممّا يصنّف تارة في الشِّعر وتارة في النثر، برهانان على جناية ذلك التقييد المعيق لحركة الإبداع بقسرها على ولوج قالبين خرسانيّين موروثين، أحدهما اسمه شِعر والآخر اسمه نثر. ذلك أن بعض أنماط قصيدة النثر تُثبت أن الإيقاع ما ينفكّ يراود النصّ حين يتقمّص حالة الشِّعْر، حتى وهو يظنّ الخلاص منه، مثلما أن أشكالاً من الكتابات النثريّة، ومنها القِصّة القصيرة جِدًّا، تحمل شواهد على ذلك المأزق التصنيفي الأجناسي؛ حيث تتوالج بعض نصوصها مع قصيدة النثر، إلى درجة التماهي.
              ولقد مرّ النصّ الشعري الحديث بتجارب إيقاعية مختلفة، أفرزت أشكالاً شتّى، سُمّي منها في القرن الماضي (شِعْر التفعيلة)، ووقفنا إلى ذلك- في بحث سابق- على ما أسمّيناه (شعر التفعيلات)، وقَصَدنا به: أن لا يتقيّد الشاعر بتفعيلةٍ واحدة في النصّ(8). ونقف بالقارئ في هذه المقاربة على شكلٍ جديد تَلْفِتُنا إليه نصوص المبدعة السعوديّة منال العويبيل(9)، متمثّلاً في نصوص إيقاعيّة، لكنها غير منضبطة على التفعيلة، كما أنها تحتفي إلى جانب ذلك بالتقفية. ومن ثَمَّ فهي لون جديد، يقع بَيْن بَيْن، أي بَيْن قصيدة النثر وقصيدة التفعيلة. ولهذا نقترح لها مصطلحًا خاصًّا، على طريقة العرب في النحت، مكونًا من (قصيدة النثر) و(قصيدة التفعيلة)، هو: (قصيدة النَّثْرِيْلَة)، تجنّبًا لاتخاذ صيغة مركّبة من قبيل: (قصيدة النثر-تفعيلة). ونعني بقصيدة النَّثْرِيْلَة: ذلك النصّ الذي يمزج قصيدة النثر بقصيدة التفعيلة، ليتولّد شكلاً ثالثًا(10)." (نفس المرجع أعلاه).
              http://www.mhammed-jabri.net/

              تعليق

              • علي المتقي
                عضو الملتقى
                • 10-01-2009
                • 602

                #8
                الأستاذ الفاضل مصطفى البكري : السلام عليكم وبعد : حينما تحدثنا عن الكتابة الذاتية فإننا نقصد نوعا من الكتابة ساد في النصف الأول من القرن العشرين ، ومن نماذجه المغربية المتميزة كتابات محمد الصباغ ، ولا نقصد بذلك أبدا التجربة الفردانية ( الذاتية) في الإبداع الأدبي بشكل عام . هذه التجربة التي لا يسمى الأدب أدبا إلا بها . و قلنا إن المصطلح ملتبس في ما أشار إليه الأستاذ جابري ، لأنه قد يفهم منه ما فهمته أنت هنا . والقصد غير ذلك . فهذا النوع من الكتابة ذات الطابع الرومانسي كتابة نثرية خالصة ذات نفس شعري تتميز بسرديتها و استطراداتها وإطنابها ، وتعبر عن إحساسات الشاعر وانفعالاته بما يحيط به من مظاهر طبيعية وقيم اجتماعية .
                ولا خلاف في أن التعبير عن التجربة الذاتية هو لب الإبداع الأدبي شعرا كان أم سردا مع اختلاف في طبيعة هذه التجربة بين الكتابات الكلاسيكية شعرها و سردها الكتابات الرومانسية و الكتابات المعاصرة بكل أشكالها .
                فيما يخص السؤال الثاني : ليست قصيدة النثر وحدها التي تسمح بتوالد الدلالة وتناسلها ، وإنما كل الإبداعات الأدبية من العصر الجاهلي إلى اليوم ، وكلما كانت اللغة أكثر كثافة ، وأكثر غموضا بالمفهوم الإيجابي للغموض إلا وسمحت بتعدد الدلالات وتوالد المعاني . ولا شك أن قصيدة النثر في نماذجها الجيدة غنية أكثر من غيرها من النماذج في هذا المجال .
                إن ما يجب أن ينصب عليه النقاش هو هذا التصور الخاطئ لقصيدة النثر .فالكثير ممن يتحدثون عنها لم يكلفوا أنفسهم العودة إلى مصادرها قصد التعرف على خصائصها قبل الحكم عليها، والخلط بينها وبين الكثير من أشكال الكتابة الأخرى .
                إن قصيدة النثر بناء شعري أولا بكل ما يعنيه هذا المصطلح من كثافة دلالية ولغة شعرية و إيقاع غني ( إذ لا يمكن تصور الشعر خارج الإيقاع، لكن لا يمكن حصر الإيقاع في الوزن والقافية ، فهو أكبر من ذلك بكثير ، فالوزن و القافية مكونان من مكونات الإيقاع فحسب) . وما يميزها أنها تستغل أدوات و آليات النثر و توظفها توظيفا شعريا بعيدا عن كل وظائف لغة النثر . وفي غياب فهم سليم بهذه الخصوصية يعتقد الكثير من القراء أن قصيدة النثر هي أن نكتب نثرا بلغة شاعرية .
                [frame="1 98"][align=center]أحبتي : أخاف من كل الناس ، وأنتم لا أخافكم، فالمجيئ إليكم متعه، والبحث عنكم فتنة ولذه، ولقاؤكم فرحة تعاش ولا تقال.[/align][/frame]
                مدونتي ترحب بمن يطرق أبوابها:
                http://moutaki.jeeran.com/

                تعليق

                • البكري المصطفى
                  المصطفى البكري
                  • 30-10-2008
                  • 859

                  #9
                  الأستاذان الفاضلان: محمد جابري وعلي المتقي ؛ لكما جزيل الشكر على هذه الإضاءات النابعة من صدق الإحساس بنبل الحوار وجديته ؛ وعلميته .

                  تعليق

                  يعمل...
                  X