اعتذارية النخيل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • صفاء المهاجر
    عضو الملتقى
    • 28-04-2008
    • 63

    اعتذارية النخيل

    تسرق عمتي
    من جبة الطاغوت صرختها
    يا ابن اخ ٍ لم تلده اوطان اللوز
    هيت لك
    رطباً قبل اهتجام الدوباس
    هزني اليك
    قبل ان يجعجع بك
    جوع التفاتاتك البلهاء
    يسد طرقات الفرات
    عن ظمأ المشاحيف
    يحتضن صدرك رأس القارب
    فانوس يتجمع عليه الدود
    طعما للسمك
    بين القصب
    كي تكتب آخر مسمارية
    علي نحر الطين
    بدمك الذي يعرف
    طريقه للملح
    ......................
    هيت لك ....
    دع الشوك
    يتخلل لحمك النظيف
    سعفي الذي منحته
    مكانيساً تنظف شريانك
    من دخان المواقد
    وهزيع الشتائيات الزرق
    اتلفت
    ابحث عن فحم مهمل ٍ
    كي اشم رائحة الدلال
    ارسم في المغارات
    كوفية ً
    وفرساً عرفها ناتيءٌ عند الركض ِ
    مرتفع
    للحافين بالعرش صدرها
    شيخ بلون الخوص الذي
    يتزعم فوهة ابريق الشاي
    يرمي لي لفافة تبغ ٍ
    في منزل القصب
    حتى اكمل ثريدي
    يقف علي رأسي
    بجنب ساقية ٍ
    اراقب ايلاف النمل
    بين نخلتين
    ........................
    (سيد جابر المطروحي)1
    صور الائمة
    بوجوه كبيرة وايادٍ صغيرة
    انسل
    لقرية ( الفجر) 2
    اطلب شسعا ً لنعلي
    من ( عفك) 3
    نعم .. عفك
    علي ذراع امراة ٍ
    تتوسد قبر ( القاسم )
    انام ..
    روايات العميان الذين ابصروا
    والسرقة التي كشفها الولي
    الاضاحي التي بيعت اكثر من مرة
    المعاصم المتلفعة
    بقصاصات خضر
    الباب الذي
    لا يمل التقبيل
    يدي المحناة التي
    ضاعت تحت طبعات أخر
    تنساب علي ارض ٍ
    يزحف عليها الزائرون
    الحلوى الصلبة التي
    تنقر رأسي
    مع زغاريد ٍ باكية ٍ
    لعنين فض َ بكارة الليل
    سادن ُ تجحض عيناه
    لمنظر خروف ٍ تائه
    طوابير الخشب التي
    تحلق حول الفضة
    علي اكف متعبة ٍ
    لا تمل الموتي
    وانت ما زلت تعتذرين للفضة
    لا تستحي من نذورك التي ..
    لم تفي بها يوما
    فأبنك
    لم .. يفي .. بنذره للنخيل
    ...................
    لم يعتصم يوما
    استنكارا
    حين اخذوا
    من حضن امه الفسيل
    ماذا خلَّفَ
    لبائعات القيمر
    غيرالذباب
    المتجمع علي صحونهن
    فليس من كف نهر
    تلقف حجارته
    آه ..............
    كم شجت رأس النهر حجارتي
    لم يشكو من صبيانيتي
    بل بكي علي
    بالــ ( انة الياويل )
    يعلم كيف سأذبح بعيدا عنه
    كيف ستبقي عمتي
    دون معيل
    يهتك حجابها خليفتهم
    سارتمي عليها
    رافعا عمود البيت بوجهه
    واذكره بجدي .. و جده
    اتوسد الخربة
    سأرتمي عليها
    وآمرهم ان يذبحوني ..من مذبح طلعها
    لو مت
    ايقيم البردي عليَّ ( عــــــــــراضة ً )5
    لغسيل اغترابي
    (( وللموت اتعنة علي امتونة )) 6
    (( البرحي اعتازة و دز عليه ))
    و هفيف بيارقهم
    يرفع آخر غطاء ٍ
    يسكب الدمع
    معتــــــــــــــذرا ً
    ابرئيني .. الذمة ..... يا عمة


    ________________________________________
    1. ( سيد جابر المطروحي ) هو احد وجهاء مدينة الديوانية و من رؤس عشائرها وبيته من افاضلها كريم الطبع سخي اليد .
    2. الفجر / قرية في الجنوب العراقي .
    3. عفك / ناحية في الجنوب وضرب بها المثل المشهور .
    4. عراضة / اهازيج تتقدم بها عشيرة لعشيرة اخري عند موت احد وجهائها في الجنوب .
    5. (( للموت اتعنة ............. الخ )) نوع من العراضة
    المشاحيف هي قوارب يتنقل بها في الاهوار في جنوب العراق ولها شكل خاص
    السادن مفرد سدنة وهم الخدم الذين يقومون بخدمة مرقد من مراقد الائمة
    الدوباس مرض يصيب التمر
    القيمر هي القشطة التي تاخذ من حليب الجاموس
    البرحي نوع من انواع التمور
    التعديل الأخير تم بواسطة الدكتور حسام الدين خلاصي; الساعة 27-09-2009, 08:53.
  • الدكتور حسام الدين خلاصي
    أديب وكاتب
    • 07-09-2008
    • 4423

    #2
    رد: اعتذارية النخيل

    يثبت النص
    27/9/2009
    رائع ياصفاء لكنك هنا لست مهاجرا بل مقيما
    التعديل الأخير تم بواسطة الدكتور حسام الدين خلاصي; الساعة 27-09-2009, 09:12.
    [gdwl]الشعر ولدي أحنو عليه ثم أطلقه[/gdwl]

    تعليق

    • أسماء مطر
      عضو أساسي
      • 12-01-2009
      • 987

      #3
      رد: اعتذارية النخيل

      هيت لك...
      دع رذاذ الوله..
      و مناشف الفوضى..
      و زوايا القميص...
      و أقبض على جثة الريح..
      أيها الــــ ما يدور خلف الفضّة...
      جنون هو المصباح..
      و فتنة هي جوانب الحطب..
      ابحث عن شلل يزكّي السماء..
      و عن الذين خانهم الصباح..
      و الماء..
      و الهشاشة..
      آه..
      سيبقى عمّي وحيدا..
      و تتناثر الأحجيات..
      هل كان يدرك أن المسمار بريء..
      و أنّ الوشاية فعل موت؟...


      من أروع ما قرأت،نصّ فاخر، يكتظ بالصور الشعرية،لم أقرأ منذ فترة طويلة،نصّا يمكن أن نسميه قصيدة نثر خالصة..
      صفاء لقد سبقني الدكتور و ثبّت النصّ،و أعود لأؤكّد تثبيته مرة أخرى.
      أتحفتنا بهذه اللغة،و هذا الجمال،دمت بكل رقي..

      يثبّت النصّ بتاريخ
      27/9/2009


      [COLOR=darkorchid]le ciel n'est bleu qu'à Constantine[/COLOR]

      تعليق

      • صفاء المهاجر
        عضو الملتقى
        • 28-04-2008
        • 63

        #4
        رد: اعتذارية النخيل

        المشاركة الأصلية بواسطة الدكتور حسام الدين خلاصي مشاهدة المشاركة
        يثبت النص
        27/9/2009
        رائع ياصفاء لكنك هنا لست مهاجرا بل مقيما

        ..........................................

        بل انت هو من يصنع الروعة هنا يا استاذي العزيز
        دمت بحب

        تعليق

        • صفاء المهاجر
          عضو الملتقى
          • 28-04-2008
          • 63

          #5
          رد: اعتذارية النخيل

          المشاركة الأصلية بواسطة أسماء مطر مشاهدة المشاركة
          هيت لك...
          دع رذاذ الوله..
          و مناشف الفوضى..
          و زوايا القميص...
          و أقبض على جثة الريح..
          أيها الــــ ما يدور خلف الفضّة...
          جنون هو المصباح..
          و فتنة هي جوانب الحطب..
          ابحث عن شلل يزكّي السماء..
          و عن الذين خانهم الصباح..
          و الماء..
          و الهشاشة..
          آه..
          سيبقى عمّي وحيدا..
          و تتناثر الأحجيات..
          هل كان يدرك أن المسمار بريء..
          و أنّ الوشاية فعل موت؟...


          من أروع ما قرأت،نصّ فاخر، يكتظ بالصور الشعرية،لم أقرأ منذ فترة طويلة،نصّا يمكن أن نسميه قصيدة نثر خالصة..
          صفاء لقد سبقني الدكتور و ثبّت النصّ،و أعود لأؤكّد تثبيته مرة أخرى.
          أتحفتنا بهذه اللغة،و هذا الجمال،دمت بكل رقي..

          يثبّت النصّ بتاريخ
          27/9/2009

          .....................................
          شكرا لمرورك العطر يا سيدتي الفاضلة
          كتبت هذه الاسطر بعد ان رايت مجموعة من ( ) تفتخر بقطعها لنخلة صغيرة لان النخلة رمز عربي فكانت محفزا للبكاء قبل الكتابة
          تحياتي وشكري لك

          تعليق

          • الدكتور حسام الدين خلاصي
            أديب وكاتب
            • 07-09-2008
            • 4423

            #6
            رد: اعتذارية النخيل

            نسعد بك ناقلا للألم
            [gdwl]الشعر ولدي أحنو عليه ثم أطلقه[/gdwl]

            تعليق

            • نجلاء الرسول
              أديب وكاتب
              • 27-02-2009
              • 7272

              #7
              رد: اعتذارية النخيل

              طوابير الخشب التي
              تحلق حول الفضة
              علي اكف متعبة ٍ
              لا تمل الموتي


              نص ذاخر بالجمال والتحليق
              والصور المكثفة
              وكم أتمنى دراسة نقدية له

              شكرا لك سيد صفاء
              وشكرا لهجرتك للملتقى
              نجلاء ... ومن بعدها الطوفان


              مستوحشاً مثل رقيم تقرأه الخرائب
              أوزع البحر على السفن .. أوزع انشطاري

              على الجهات التي عضها الملح
              لم أكن في ذاك الرنين الذي يبزغ منه دم الهالكين
              وكنت سجين المكان الذي لست فيه ..

              شكري بوترعة

              [youtube]6CdboqRIhdc[/youtube]
              بصوت المبدعة سليمى السرايري

              تعليق

              • الدكتور حسام الدين خلاصي
                أديب وكاتب
                • 07-09-2008
                • 4423

                #8
                رد: اعتذارية النخيل

                ليس هجرته للملتقى بل إلى الملتقى

                وأتمنى من السيدة نجلاء أن توجه أحدا وتطلب منه من قسم الدراسات النقدية بدراسة هذا النص الجميل
                [gdwl]الشعر ولدي أحنو عليه ثم أطلقه[/gdwl]

                تعليق

                • أسماء مطر
                  عضو أساسي
                  • 12-01-2009
                  • 987

                  #9
                  رد: اعتذارية النخيل

                  صباحكم فل و سعادة...
                  دكتور اذا سمحت سأوجه طلبك الى الأستاذ عبد الحفيظ ليكتب لنا قراءة نقدية لهذا النصّ.

                  دمت راقيا و أسعد الله أوقاتك.
                  [COLOR=darkorchid]le ciel n'est bleu qu'à Constantine[/COLOR]

                  تعليق

                  • صفاء المهاجر
                    عضو الملتقى
                    • 28-04-2008
                    • 63

                    #10
                    رد: اعتذارية النخيل

                    المشاركة الأصلية بواسطة نجلاء الرسول مشاهدة المشاركة
                    طوابير الخشب التي
                    تحلق حول الفضة
                    علي اكف متعبة ٍ
                    لا تمل الموتي

                    نص ذاخر بالجمال والتحليق
                    والصور المكثفة
                    وكم أتمنى دراسة نقدية له

                    شكرا لك سيد صفاء
                    وشكرا لهجرتك للملتقى
                    ...........................................
                    شكرا .. شكرا .. شكرا .. شكرا
                    من النخيل الباسق و الشاهق والذي يأبى الموت الا واقفا كروحكِ البهية الشامخة
                    تحية لك ايتها النخلة مني ومن عماتنا الحرائر الصابرات
                    قال النبي (ص) ( اكرموا عمتكم النخلة )
                    كل الشموخ لعماتنا
                    والذل والهوان لكل هجمة شعوبية تحاول النيل منها
                    شكرا لك يا سيدتي الفاضلة شكرا يقصر عن ايفاء حقك في هذا الكرم الذي تمنحيه هنا
                    التعديل الأخير تم بواسطة صفاء المهاجر; الساعة 29-09-2009, 15:31.

                    تعليق

                    • صفاء المهاجر
                      عضو الملتقى
                      • 28-04-2008
                      • 63

                      #11
                      رد: اعتذارية النخيل

                      المشاركة الأصلية بواسطة الدكتور حسام الدين خلاصي مشاهدة المشاركة
                      ليس هجرته للملتقى بل إلى الملتقى

                      وأتمنى من السيدة نجلاء أن توجه أحدا وتطلب منه من قسم الدراسات النقدية بدراسة هذا النص الجميل

                      ........................................
                      الدكتور الفاضل ( حسام الدين خلاصي )
                      لا ادري ماذا اقول والله ارتعشت وانا اقرأ هذه الردود القصيرة ولكنها كبيرة كبيرة كبيرة كبيرة جدا على شخصي المتواضع
                      احييك
                      قال اجدادنا ( الارواح اجناد مجندة ما تعارف منها أأتلف وما تناكر منها اختلف )
                      ووالله الذي لا اله غيره فانك ومنذ ردك الاول على قصيدتي التي قد كنت نسيتها انا نفسي هنا وعندما رأيتك على المتصفح .. احببتك في الله ولله
                      وهذه الدعوة لقراءة قصيدتي منك ومن الاخت نجلاء جعلتني لا ادري مذا اقول ولا ادري كيف اصف دهشتي وفرحي ..
                      شكرا لك شكرا دائما غير منقطع بما يليق وشخصك الكريم
                      تحياتي
                      اخوكم الاصغر
                      المهاجر

                      تعليق

                      • صفاء المهاجر
                        عضو الملتقى
                        • 28-04-2008
                        • 63

                        #12
                        رد: اعتذارية النخيل

                        المشاركة الأصلية بواسطة أسماء مطر مشاهدة المشاركة
                        صباحكم فل و سعادة...
                        دكتور اذا سمحت سأوجه طلبك الى الأستاذ عبد الحفيظ ليكتب لنا قراءة نقدية لهذا النصّ.

                        دمت راقيا و أسعد الله أوقاتك.
                        .................................................. ........

                        وصباحك احلى وانقى واجمل
                        اخيتي العزيزة الراقية المتابعة
                        شــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــكرا لك
                        والله ان هذا التفاعل من جنابكم الكريم قد اسعدني واسعدني ثم اسعدني
                        ولا املك الا ان ادعو من الله العزيز الكريم ان يوفقك ويحرسك ويعزك
                        تحياتي
                        التعديل الأخير تم بواسطة صفاء المهاجر; الساعة 29-09-2009, 15:42.

                        تعليق

                        • ازدهار الانصارى
                          عضو أساسي
                          • 17-07-2009
                          • 504

                          #13
                          رد: اعتذارية النخيل

                          [align=center]
                          ابرئيني الذمة يا عمة ..

                          كم نحتاج الى صكوك الغفران كي نشعر يوما بآدميتنا

                          نص رائع جدا

                          اجدت وابدعت

                          احترامي وتقديري
                          [/align]
                          [CENTER][COLOR=purple]صرت لا أملك إلا أن أستنطق بقاياكِ [/COLOR][/CENTER]
                          [CENTER][COLOR=purple][/COLOR] [/CENTER]
                          [CENTER][COLOR=purple]لعلها تعيد إليّ بعض روحي [/COLOR][/CENTER]
                          [CENTER][COLOR=purple][/COLOR] [/CENTER]
                          [CENTER][COLOR=purple]التي هاجرت معك ..[/COLOR][/CENTER]

                          تعليق

                          • الدكتور حسام الدين خلاصي
                            أديب وكاتب
                            • 07-09-2008
                            • 4423

                            #14
                            رد: اعتذارية النخيل

                            السيد صفاء
                            وأنا أحبك في الله صديقا وشاعرا
                            وتعال نحب قصيدة النثر أكثر
                            فأنا من جندها
                            واكتب عل الألم يزول من مدن الحجارة العظيمة
                            [gdwl]الشعر ولدي أحنو عليه ثم أطلقه[/gdwl]

                            تعليق

                            • عبد الحفيظ بن جلولي
                              أديب وكاتب
                              • 23-01-2009
                              • 304

                              #15
                              رد: اعتذارية النخيل

                              الشاعر الراقي والمحترم جدا صفاء المهاجر:
                              تحية طيبة وبعد،،
                              لقد قال بورخس: "ان الشعر هو شيء يشعره المرء"، ومن ثم فهو تجربة جمالية، لا تخلو من بعد مقصدي، وهو ما يفتح التشاهي لقراءة نص "اعتذارية النخيل" لصفاء المهاجر.
                              تنتزع الشعرية العراقية حزنها الإبداعي من عموم الدلالة في موضوعة المنفى، ومن ذلك تشكل المظهر المميز لها، فالجواهري ونازك والسياب نحتوا مداخلا لشعرية المنفى لكن في تمظهراتها الشتاتية والداخلية، والنص الحاضر ينزع إلى ترتيب حزنه الشعري من خلال المنفى الداخلي ، فيصبح الشاعر والنخلة والفرات والمشاحيف والدوباس وسيدي جابر المطروحي...، عناصر دالة على المكان من خلال الخصوصية التي تشكلها له، والغربة التي تلفها في مسار انوجاده، ولعل السطر الشعري يمنح الدلالة القائمة في كلا المعنيين:
                              "يا ابن اخ ٍ لم تلده اوطان اللوز.."
                              يصير التمر ابن اخ للشاعر، وتلك هي أعلى الإندراجات في هوية الأرض، بحيث ترتقي العلاقة إلى مصاف وشائج الدم مع الموجودات المتقاسمة معه الارض، والإقران بأوطان اللوز يقدم الدلالة على أن المعنى في ابن الأخ يعود على التمر، لان اللوز يحمل الدلالة المفارقة لعناصر الوطن، بدلالة إضافته إلى الاسم الجمع "أوطان" المختلفة عن الدلالة المميزة للوطن في اندراجه في هوية التمر، ومن ثم يحمل النص جملة من المكوّنات التي تصب في توائمات عدة، حيث تصبح النخلة عمّة للشاعر:
                              "تسرق عمتي.."
                              فعل السرقة وقع على الصرخة، وعند هذه القرينة تتأسس الدلالة المقاومة للأرض، حيث أن الطاغوت برنامج معاكس لوجودية الوطن، ومن ذات عنفيته في محاولة الاستيلاء على كينونة الأرض، يُنتج برنامج الأرض عنفيته المضادة، لكن تدمج الشاعرية العراقية هذا الموقف في أتون نبرة الحزن المتاخم للمنفى حين يستدعي الشاعر منتج النخلة والذي يلتقي مع الشاعر في جذور الانوجاد الأول، نتيجة انولادهما من تربة واحدة:
                              "هيت لك
                              رطباً قبل اهتجام الدوباس
                              هزني إليك"
                              تحمل جملة "هيت لك" عاطفية خاصة من خلال المعنى التودّدي في استعطاف المنادى المقرون بمشاعر الحب، ولعل الدلالات الإيحائية المتاحة في الحقول المعنوية تولّد تناصات محايثة لمشاعر الحب، فمفردة "هيت لك" تحمل أجواء الإغراء في عالم يوسف عليه السلام، إلا أن المراد منها تأويلا في معنى النص هو سلطة الإغراء التي تمارسها الأرض متمثلة في عنصر النخلة على الذات، و"الرطب" و"هزني إليك" يندمجان كلاهما في اجواء مريم عليها السلام، خلال اشد لحظات الذات فيضا بعاطفة الحب المحلاة بألم الوضع المستساغ في سيرورة احتضان البنوة، حيث تناغمت حركة النخلة المسقطة للتمر بحركة مريم عليها السلام المانحة للولد، وبالتالي يستفيد الشاعر من الحركتين في تمتين حالة التحرر المحلاة بالثورة، والولادة ثورة في وجه الاندثار، حيث كان يوسف حرا في امتلاك مبادرته الخلاقة للإرادة الحرة واستنكافه عن الرذيلة، وكذلك كانت إرادة مريم حرة في مواجهتها وحيدة للحظة الوضع والمجتمع، ولعل السطر الشعري:
                              "رطباً قبل اهتجامالدوباس"
                              يقدّم حالة الشاعر الحرة أصالة، والمدمجة في منظومة عناصر الأرض، من خلال ذخيلية العنصر المناهض لبرنامج المعافاة في حالة النخلة متمثلا في الدوباس، والذي يحتمل التأويل على أساس الغاصب المحتل في حالة الوطن، كما يمنح الإتكاء الدلالي على أن المقصود بالعمّة هي النخلة وابن الأخ هو التمر من خلال العنصر المعرّف في دائرتهما والمتمثل في الدوباس.
                              يستمر النص في إنتاج حالة الحزن الإبداعي من خلال تاريخية الذات الصائرة إلى بابليتها، وهو ما يشكل بهاء اللحظة الوجودية العراقية:
                              "كي تكتب آخر مسمارية
                              علي نحر الطين
                              بدمك الذي يعرف
                              طريقه للملح"
                              الإقران بين الكتابة المسمارية والملح، تنتج سردية شعرية للحزن المؤرخ له مند عصر الكتابة الذي انوجد إبداعا حصريا في عصر بابل، وبالتالي فالطريق نحو الملح والمسمارية، يمثلان الهوية العراقية في اشد حالاتها تعبيرا عن الخصوصية.
                              يغيّر الخطاب من اتجاهه فيتحول من الشاعر إلى النخلة:
                              "هيت لك ....
                              تناديه النخلة بذات الحقل المعنوي الذي استعمله، وهو ما يدل على شعرية مميزة في مجال شعرية الاستبدال، لكن المفاجئ في النص هو قدرته على شعرنة الحزن عندما يجعل نفاذ الحب من النخلة إلى الذات عبر وسيط الشّوك:
                              دع الشوك"
                              يتخلل لحمك النظيف"
                              والشوك من عادته الإشاكة، وفيها معنى الألم، لكن توظيف فعل التخلل جعل من موقف الشوك والجسم حالة لقاء أكثر منها حالة مواجهة، وما يركز معنى العلاقة الوجدانية بين عناصر الأرض هو وصف اللحم بالنظيف، حيث تنكشف الصفة أكثر من خلال الحقل الدلالي للنظافة المتمثل في المكنسة.
                              سعفي الذي منحته
                              مكانيساً تنظفشريانك"
                              من دخان المواقد
                              وهزيع الشتائيات الزرق
                              فعل الكنس يقع على الشريان وهو حامل الدم، وبالتالييقدم النصعوامل اللقاء بين عناصر المكان والعوامل المقرِّبة بين هذه العناصر في حالة الاختلاف والفرقة، على أساس إنبناء العلاقة نصيا منذ المفتتح الشعري على وشيجة الدم، وكأن الشاعر يوجه الأفهام إلى عناصر التقاء الأفرقاء بالمصطلح الأشد سياسوية، لأن الإنتماء إلى العمة النخلة يوحّد التوجه صوب التراب الذي انبثق منه الأصل الوجودي لكافة العناصر المشكلة للحمة الوطنية، وبالتالي يتحقق المعنى المدرك من موضوعة المنفى المتمثل في الاغتراب عن الأرض والمعنى المجرد في موضوعة الاختلاف داخل الأرض.
                              لكن لا يترك الشاعر لبرهة الاستدعاء تمر دون أن يطعّمها بلون الحزن العراقي المنتج للحظته الشعرية في تداعياتها الصوفية المقرنة بهالات الفجيعة الحسينية في المزارات والمراقد المقدّسة:
                              "علي ذراع امراة ٍ
                              تتوسد قبر ( القاسم )
                              انام ..
                              روايات العميان الذين ابصروا
                              والسرقة التي كشفها الولي
                              الاضاحي التي بيعت اكثر من مرة
                              المعاصم المتلفعة
                              بقصاصات خضر
                              البابالذي
                              لا يمل التقبيل
                              يدي المحناّة .."
                              تتجلّى هذه الفجيعة بالدمعلكن هذه المرة ليس للحسين بقدر ما هو ضد من اغتصب الأرض، وبالتالي يضيف بعدا آخرا لعناصر الهوية المتاخمة للأرض حين يربط بين الحزن الحاضر والحزن الماضي، لافتكاك صورة شعرية تواصلية تجعل المقاومة فعلا انتصاريا لقيمة الوجود العراقي، إن على حزنه ولو كان شعريا، او على الغاصب الذي يمثل برنامج ازعاج:
                              "معزغاريد ٍ باكية ٍ
                              لعنين فض َ بكارة الليل
                              سادن ُ تجحض عيناه
                              لمنظر خروفٍ تائه".
                              ينتهي النص بعد أن يفعِّل مجمل التداعيات الإستدمارية لفعل الغاصب لأجل استثمارها في بؤرة المقاومة والتفاعل مع اللحظة في تجلياتها الهابّة إلى نصرة الأرض، قلت ينتهي النص إلى إبرام عقد إبراء الذمة مع النخلة كعنصر شركاتي في عملية العيش المشترك، وفي ذلك إدانة لكل ما يجري على الأرض العراقية من تناحر طائفي، لان العراقي الذي أشعل وتيرة العيش المشترك مع عمته النخلة وابرم عقدا لذلك، يبادر في حالته الحاضرة إلى قتل وشيجة التسامح مع أخيه العراقي، وفي العتاب أجمل مظاهر قوة المحبة.
                              يسكب الدمع
                              معتــــــــــــــذرا ً
                              ابرئيني .. الذمة ..... يا عمة
                              دمتم مميزين ودامت لكم المسرات.
                              عبد الحفيظ.

                              تعليق

                              يعمل...
                              X