رأسٌ وجسدٌ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أ. جمعة الفاخري
    أديب وكاتب
    • 20-07-2007
    • 276

    رأسٌ وجسدٌ

    [align=justify]

    رَأْسٌ وَجَسَدٌ


    على الجِدَارِ صُوْرَةُ أُمِّهِ .. وَخَرِيْطَةٌ لِوَطَنٍ كبيرٍ .. وفي المرْآةِ المغبرَةِ بَدَا رَأْسُهُ كَبِيْرًا مِثْلَ وَطَنٍ .. ومن جَسَدِهِ تفوحُ بقايا عطرٍ.. هَزَّ رأسَهُ .. تحسَّسَهُ براحَتِيهِ ومضى متقدِّمًا نحو المشنقَةِ .. رَفَعَ رَأسَهُ فرَأَى العالمَ من حولِهِ يغدو غابةً كبيرةً مظلمةً تَتَحوَّلُ إلى مَشَانِقَ تحتجزُ بأناشيْطِهَا المتينَةِ القاتلَةِ رؤوسًا تتخلَّى عنها أجسَادُهَا الثقيلَةُ تحتَ وطأةِ الاعتصَارِ المميتِ ..!

    ******
    كانَ عليَّ أَنْ أقدِّمَ لهم صورةً جديدةً لاستخراجِ جوازِ سفرٍ لأتمكَّنَ من حضورِ مؤتمرٍ علميٍّ دوليٍّ ممثِّلاً لوطني .. معَ أنَّ صوري الأخرى كانتْ أحلى .. إذ كنْتُ شَابًّا فتيًّا وسيمًا بعضَ الشيْءِ .. أجملَ مني الآنَ ، فقد أمسى وجهي شاحبًا .. والخمسونُ الثقيلَةٌ تشخرُ على مسمعِ قلبي المجهَدِ .. تَتَوَكَّأُ بثقلِهَا الدَّميمِ على جسدِي النَّحيلِ الْمُنْهَكِ ..
    كنْتُ غَائِصًا في التَّفكيرِ في العمرِ القَادمِ الفَاغِرِ فكَّيْهِ باتجَاهِ قلبي حينَ صَدَمَنِي المصوِّرُ مُحيِّيًا : تفضِّلْ يا سيِّدي ..
    ـ صورةً .. أقصدُ أحتاجُ صورَةً ..
    ـ تفضَّلْ ..
    قالَها بمهنيَّةٍ عاليَةٍ ، لم يُخْفَ عليَّ خلُوُّها منَ دِفْءِ الصِّدْقِ .. نظرَ إلى ملابسي القديمَةِ غيرِ المتنَاسِقَةِ ألوانًا ، نظرَةً مغموسَةً في الاستصغارِ..
    ـ إنَّها سُرْيَاليَّةٌ مُحَدَّثَةٌ ..
    قلتُ ذلكَ لأصَفعَ نظرتَهُ المقلِّلَةَ من وَسَامتي ، الْمُسْتَهِيْنَةَ بِذَائقتي .. ثمَّ أردفْتُ : فأنا أَنْقُذُ بها الذَّوْقَ الجميلَ من هُوَّةِ الانحطاطِ العامِّ المتربِّصِ بالجمَالِ في كلِّ شيءٍ..!
    لم يُدْرِكْ فَحْوَى توضيحي فظنُّ أَنَّهُ تعريضٌ بهِ فارتبكَ .. قوَّسَ كتفيْهِ ملمِّحًا بأنَّهُ غيرُ معنيٍّ بما أقولُ .. ثمَّ ابتسمَ بدملوماسيَّةٍ لإنقاذِ مَوْقِفِهِ الموْحِلِ بالإحراجِ قَامْعًا شعوري بأنَّ ثمَّةَ عدوانيَّةً في نظرَاتِهِ تجاهي .. وحتَّى لا يُشْعِرَني بانتقَاصِهِ من شخصيَّتي .. ولكي لا يخسرَني زبونًا على أقلِّ تقديرٍ ..!
    اقتربَ مني مُحْتَجِزًا دهشتي بعينينِ معتذرتينِ بمكرٍ مفضوحٍ : سيِّدي ، بإمكانِنَا أَنْ نُصَوِّرَكَ ببذلَةٍ عصريَّةٍ مكتملَةٍ ، جاكيتٍ وربطَةِ عنقٍ وسروالٍ .. سَنُوْكِلُ لِلْحَاسُوْبِ هذهِ المهمَّةَ ؛ فبإمكانهِ أن يبتكرَ أشياءَ كثيرةً خَارِقَةً جدًّا .. حتى وجوهَ النَّاسِ الفضلاءِ مثلِكَ بإمكانِهِ أن يجمِّلَهَا .. أقصدُ يُدْخِلُ تحسينَاتٍ عليها فتبدو أجملَ وأحلى ..!
    تحسَّسْتُ وجهي بيمنايَ ، قبلَ أنْ يستدرِكَ فَيُحِيَطُني بضحكَةٍ بلهاءَ لم تُعْجِبْني .. فَرَدَدْتُ بِأُخْرَى مشحونَةٍ بحموْلَةٍ سَاخِرَةٍ .. قَرَأَ فَحْوَاهَا فَأَدَارَ لي ظَهْرَهُ ، لِيَظْهَرَ بعدَهَا من وراءِ المكتبِ حَامِلاً صُوَرًا كثيرةً لقطعِ مشهدِ انْدِهَاشِي من مَزَاعِمِهِ المضحكةِ .
    أراني بعضَ الصُّوَرِ قائلاً : هذهِ الرُّؤُوْسُ تعلو أجسادًا ليسَتْ لها ..!!؟؟
    قفزَ إلى وجهي استغرابٌ متبجِّحٌ كانَ يمكنُ أن تبصقَهُ شفتايَ بصفاقَةِ سافرةٍ .. قَرَأَهُ بحنكَةِ الخبيرِ .. فَمَسَحَهُ بكلماتِهِ مُبَادِرًا بتفريقِ غيمَاتِ الدَّهْشَةِ : نحنُ نُصَوِّرُ الرأسَ .. ثم نقصُّهُ ببرنامجٍ اسْمُهُ ( فوتو شوب ) .. ثمَّ نلصقُهُ على جسدٍ آخرَ يرتدي بذلَةً بعدَ أن نقصَّ رَأسَهُ أيضًا .. أي نفصِلُهُ عن جسدِهِ لتغدوَ الصُّورةُ هكذا .. كما ترى .. لأحدَ يشكُّ أَنَّ هذا الرَّأسَ لهذا الجسدِ .. أرأيْتَ عبقريَّةَ الحاسوبِ..!؟
    قرأَ في وجهي سؤالاً مُلحًّا عن مدَى صعوبَةِ الأمرِ من عدمِهِ ..!؟
    فاستطردَ موضِّحًا: الأمرُ جدُّ سهلٍ .. لا تخفْ .. الشَّاةُ لا يُضِيْرُها سَلْخُهَا بعدَ ذَبِحِهَا ..!
    ـ هه .. أنتَ جزَّارٌ أيَضًا ..!؟
    ضَحِكَ من تعليقي ، وَطفقَ يُجَهِّزُ آلَتَهُ لتقطيعي وتلصيقي مجدَّدًا ..
    ـ لكنَّكَ جزَّارٌ جميلٌ ..!
    ابتسمَ ابتسامةً باردةً في وجْهِ عبارتي البطيئةِ المفضوحةِ النيَّاتِ .. فقابلتُهَا بأخرى أكثرَ برودةً .. خطرَ لي أن أطلبَ منْهُ أن يضعَ رأسي على جَسَدِ فَتَاةٍ نَضِرَةٍ..! فأنا لم ألتصقْ بأنثى طِوَالَ الخمسينَ عامًا الجرداءِ التي جَرَّفَتْ أعماقي على نحوٍ قاهرٍ .. ! لكنِّي أمسكتُ عن عرضِ فكرتي البلهَاءِ كي لا يتَّهِمَني بالجنونِ.
    أوقفني خلفَ ستارَةٍ مُلَوَّنَةٍ .. خَدَّرَني بإضَاءَةٍ شديدةٍ مُسَلَّطَةٍ على وجهي من اتجاهينِ مختلفينِ .. رتَّبَتْ حَرَكَةُ يَدِهِ رأسَي المتمَايلَ كخصرِ راقصةٍ تتثنَّى .. ثبَّتَني في مرمى إيماضَةِ عدستِهِ المصوَّبَةِ نحوَ رأسي .. طلبَ مني الابتسامَ لِيُطْلِقَ على وجهي وَمْضَةً خاطفةً .. أغلقْتُ عينيَّ برمْشَةٍ وقائيَّةٍ عفويَّةٍ .. ابتسمَ معلنًا انتهاءَ المهمَّةِ .. طلبَ منِّي الجلوسَ ريثما يجهِّزُ لي صورَتي الملفَّقَةَ ..
    جلسْتُ مُطلقًا بَصَرِي في صُوَرِ الملصَقَةِ بِالْجُدْرَانِ .. مُتَهِجِّيًا الابتسامَاتِ البلهَاءَ التي تسوِّقُهَا الصُّوَرُ الملفَّقَةُ وهيَ تُرَسِّخَ في ذهني أنَّها مصطنعَةٌ كلُّهَا كابتسامتي في صورَتي المنتظرَةِ اللَّقِيْطَةِ ..
    غيرَ أَنَّ ابتسامَةً واحدةً لحسناءَ رقيقةٍ لم أستطعْ أَنْ أُقْنِعَ مخيِّلتي أنَّهَا كاذبَةٌ .. أحسسْتُ أنها كانت تبتسمُ حقيقةً .. وربما لي أنا ضبطًا .. كانت ابتسامَتُهَا تُرْسِلُ إلى قلبي أَشِعَّةً ملوَّنَةً أكثرَ تأثيرًا من تلكَ التي تبصقُهَا عينُ عدسَةِ هذا المصوِّرِ الجزَّارِ الأَبْلَهِ .. فقد شَعَرْتُ أَنَّ قلبي الذي شَاخَ .. وشَخَرَتْ على حَوَافِّهِ الخمسونَ الثقيلَةٌ ، قد بَدَأَ يَرْتَعِشُ .. ينبضُ .. يُصْدِرُ أَشِعَّةً قزحيَّةً ، ثمَّ ينزفُ أشواقًا بَاتِّصَالٍ .. يجترُّ أحاسيسَ مُؤْجَّلَةً قمعَ طفولَتَهَا انغمَاسِي في حياةٍ علميَّةٍ جَادَّةٍ جافَّةٍ .. لا أثرَ فيها لمشاعرِ الحبِّ المنعشَةِ ..!
    بعفويَّةٍ اقترحَهَا خوفٌ نفسيٌّ ظلَّت يدي تتحسَّسُ رأسي خوفًا من مقصلَةِ المصوَّراتي الجزَّارِ ..!
    نبَّهَني بابتسَامَةٍ مُصْطَنَعَةٍ وهو يُنَاوِلُني صُوْرَتي الجديدَةَ .. نظرْتُ إليها .. كَانَ وجْهِي يَغْتَصِبُ ابتسَامَةً بَاهِتَةً بِشَفتينِ مُتَشبِّثتينِ بالانقباضِ كتمانًا لسرِّ تَسَاقُطِ الْجِدَارِ الأبيضِ الْمُتَدَاِعي خلفَهُمَا .. حيَّيْتُهُ بنصفِ ابتسَامَةٍ باردَةٍ .. فحيَّاني بأوسعَ منها وأبردَ .. نَقَدْتُهُ النُّقُوْدَ وَخَرَجْتُ...
    *****
    وأنا أُغَادِرُ مَحَلَّ التَّصْوِيرِ شَعَرْتُ بشعورٍ غريبٍ ، فرأسي بَدَا لي أنَّهُ أَخَفُّ من جَسَدِي .. أُحِسُّ لو أنَّ ريحًا قويَّةً هبَّتْ عليَّ لأسقطَتْهُ .. أو أنني إذا تمايلْتُ فسيهوي من على جسدي فأبقى مجرَّدَ جسدٍ بلا رأسٍ .. أو فلربما سارَ الجسدُ هائمًا على ( مقطوعِ وجهِهِ ) أو على ( مكانِ وجهِهِ ) هل وصلتْ تكنولوجيا عصرِ الانفصالِ حتى إلى فصلِ الرُّؤوسِ عنِ الأَجْسَادِ..!؟
    *****
    النَّاسُ كلُّهم معلَّقونَ من رقابِهِم ، تتدلَّى أجسادُهُم في الهواءِ .. نبضاتُ قلوبِهِم كطقطقةِ عَدَسَةِ التَّصْويرِ .. تبدو رؤوسُهُم مفصولةً عن أجسادِهِم المنتفخَةِ .. قالَ في نفسِهِ : أَيُّ مِنَّا يشنقُ الآخرَ ..؟! هذهِ الرُّؤوسُ الفارِغَةُ ليست لهذهِ الأجسَادِ العفنةِ ..!
    *****

    في السِّيَّارَةِ ظللتُ مثبتًا رأسي .. لم أستطعِ الالتفاتَ أو حتَّى رَدَّ التَّحِيَّةِ خوفًا من سقوطِ رأسي المبجَّلِ من على جسدي..
    وفي اللَّيْلِ الجهيمِ تَنَاوَبَتْني أفكارٌ سوداءُ غاشمةٌ .. تَلاعبَتْ بِذَاكِرَتي .. قَالَتْ لِي إِحْدَاها :( لو أنَّ هَذا الجاكيت لرجلٍ ثريٍّ .. يمكنُ أنْ يكونَ قد نسيَ بها أموالاً ستجعلُني ثريًّا مثلَهُ .. أو ربما لرجلٍ ميِّتٍ سيتحوَّلُ في اللَّيلِ إلى شبحٍ مُفْزِعٍ سيرتمي بجثَِّةٍ بلا رأسٍ عليَّ..؟ )
    فزعتُ .. قفزْتُ جَزِعًا ممسكًا برأسي .. كان يتهيَّأُ لي أَنَّهُ يسقطُ .. وأنني جسدٍ مفصولٌ عنهُ رأسُهُ في غابِةِ العدمِ هذهِ ..!!
    أكملتُ الليلَ أتحسَّسُ رقبتي .. كنْتُ أَشْعِرُ أَنَّ ثمَّةَ حبلاً حَادًّا يَخنقني بإمعانٍ فظيعٍ .. يفصل ُرأسي عن جسدي ..!

    ******
    لكنَّ الغابَةَ صارتْ كلُّهَا مَشَانِقَ .. الموتُ اللَّعينُ يغتصبُ الحياةَ .. فَالرُّؤوسُ المفصولةُ عنِ الأجسادِ معلَّقةٌ في الهواءِ .. فهل كانَ رأسي بينها..!؟
    ******
    في مرآةِ السَّيَّارَةِ كانَ وجهي يُشْعِرُني بورْطَةٍ ما تنتظرُني .. شَعَرْتُ بحجْمِ شُحُوْبِهِ يَزْدَادُ عن مُعَدَّلِهِ الطبيعيِّ .. لعنْتُ تلكَ الفكرَةَ الْقَذِرَةَ التي حَمَّلتني هذا الْعِبْأَ الثَّقِيْلَ .. فلمَاذا يتخلَّى المرءُ عن بعضِهِ تحتَ وَطْأَةِ الظُّرُوْفِ الْقَذِرَةِ ، وَانحنَاءً للمؤَثِّرَاتِِ الْبَذِيْئَةِِ .. فهل خُلِقَ الإِنْسَانُ ضعيفًا لهذا الحدَّ المؤسِفِ ..!؟
    ******
    على الجِدَارِ صُوْرَةُ أُمِّيِ .. وَخَرِيْطَةٌ لِوَطَنٍ كبيرٍ .. وفي المرْآةِ المغبرَةِ بَدَا رَأْسِي كَبِيْرًا مِثْلَ وَطَنٍ .. رشَشتُ عطرًا أثيرًا على جَسَدِي.. تأكَّدت من سَلامَةِ رأسي.. من ثباتِهِ على كتفيِّ.. ومضيتُ .. حينما هبطْتُ مِنَ السَّيَّارَةِ كَانَ رَأْسي يترنَّحُ على نحوٍ مُرْعبٍ فَيُرَنِّحُني مَعَهُ .. كنتُ أبدو مثلَ ثَمِلٍ .. العيونُ الْمُنْكِرْةُ تُنَابِزُني بالسُّكْرِ .. تَتَلاسَنُ معَ نظراتي الْمُنْكِرَةِ لتهَمِهَا الباطلَةِ لي .. ابتسامَةُ شرطيِّ الجمَارِكِ بَدَتْ لي مسمومةً .. قرأْتُ فيها تاريخَ خُبْثٍ مُوَجَّهًا .. لاسَيَّمَا وأنا لا أرتاحَ لنظراتِ العسكرِ المزروعَةِ شكوكًا .. المتناسِلَةِ رِيْبَةً .. ستفقصُ عن تهمٍ كثيرَةٍ .. وستبيضُ اتِّهَامَاتٍ فَاجِرَةً مُلفَّقةً لا حصرَ لها ..!؟
    شعرْتُ وهو يقتربُ مني أَنَّهُ يَشَاءُ تلمُّسَ كتفي .. تحسَّسَ رأسي للتأكُّدِ من أنَّهُ أصليٌّ غيرُ مُصْطَنعٍ .. يَدُهُ تتهجَّى كتفي .. مَلَصْتُ بِجَسَدِي النَّاحِلِ منهُ فازدادَ رِيبةً .. بصقَ على شيخوختي المتعثِّرَةِ كلمَاتٍ جَارِحَةً .. نكَّسْتُ رأسي فشعرْتُ بَأَنَّهُ آيلٌ للسُّقوطِ ، وبأنني آيلٌ للضَّعْفِ .. لانهيارٍ فظيعٍ ..
    بنظرةٍ مزدريَةٍ زَجَرَ تَكَوُّمِي ، فيما استدْعَتْ عينَاهُ جوازَ سَفَرِي المتوارِي في جيبي .. احتواهُ بيديهِ الغليظتينِ الخشنَينِ ، قَلَّبَهُ مُتنقلاًً بِبصرِهِ الْمُدْمِنِ التُّهَمَ بيَن وجهي وصورتي في جوازِ السَّفرِ مِثْلَ بندولٍ .. بَدَتْ شُكُوْكُهُ الْمُزْمِنَةُ تَتَنَاسَلُ من كُلِّ حِقْدٍ وَرِيْبَةٍ .. فقد طَفَقَ يَسْأَلُني أسئلةً مُجَابَةً كلَّهَا بينَ يديهِ .. لا أظنُّ أنَّهُ كَانَ يُحْسِنُ القراءةَ .. تُرَى هَلْ لفَّقَتْ لي نَظْرَتُهُ الحرْشَاءُ تهمَةً ما ؟ ...
    تململْتُ .. حَرَّكْتُ رَأْسِي بِهُدُوْءٍ خِشْيَةَ إِسْقَاطِهِ . منتظِرًا وابِلَ أسئلَتِهِ العميَاءِ الأخرى ..!
    ******
    رأسي على جسدٍ آخرَ يبدو أنَّهُ ملعونٌ .. وجسدي يتحمَّلُ ثقلَ رأسٍ وحشيٍّ ربما كانَ لعسكريٍّ جهمٍ كهذا .. أو لقاتلٍ محترفٍ .. والغابَةُ تمتلئُ رؤوسًا ..وبالأجسادِ أيضًا .. والموتُ عرَّابٌ دمويٌّ للمجزرةِ البشعَةِ ..
    *****

    ـ ما عملُكَ .. ؟
    ـ أستاذٌ جَامِعِيٌّ ..
    ـ في أيِّ جامعٍ ..؟
    ـ بلْ في الجامعةِ ، أُدَرِّسُ الفيزياءَ النَّوويَّةَ ..
    ـ هذا ما كنْتُ أتوقَّعُهُ .. تشتغلُ بالذرَّةِ ... إرهابيٌّ إذًا ..!؟
    ـ لا واللهِ ... أنا أعلِّمُهَا لأبناءِ وطني .. لنلحقَ بركبِ العالمِ والتطوُّرِ ..
    ـ هناكَ ستقولُ هذا الكلامَ ..
    ـ أين ..؟؟
    هَزَّ رأسَهُ .. فقيَّدَني عسكريَانِ .. هَزَزْتُ رأسي فَكَادَ يسقطُ من على كتفي .. فيما كانَ بابُ السيَّارَةِ المقفلُ يُعِيْدُني لِلَحْظَةِ وَعيٍ .. لقد غدوْتُ مُعْتَقَلاً بتهمَةِ الإرهَابِ .. فلماذا أهزُّ رأسي الآنَ ؟ ..
    ******
    صارَ ينقلُ بصرَهُ بينَ رأسي وبقيَّةِ جسدي بآليَّةٍ مرعبَةٍ .. بَدُوْتُ لَهُ أَنِّي أَكْبَرُ صُوْرَتِي بِعَشْرِ سَنَوَاتٍ .. تحيَّرَ بينَ الرَّأسِ والجسدِ أَيُِهُمَا كَانَ حقيقيًّا وأيُّهُمَا مُزَوَّرًا..؟!
    سألني مستغربًا : أينَ رأسُكَ الحقيقيُّ .. وأينَ جَسُدُكَ ..!؟
    فانفجرْتُ فيهِ غاضِبًا: إِنَّ حكَّامَكُم أجسَادٌ لا رؤوسَ لها .. !؟
    نَبَحَني بسيلِ شتائمَ ثمَّ وضعَ إصبعَهُ القذرةَ على أرنبَةِ أنفي ، وقالَ بهدوءِ المستهترِ الحقودِ المتشفِّي: أنتَ مُزَوِّرٌ خطيرٌ .. مجرمٌ .. هلِ الإِرهابُ يقترحُ عليكَ هذا التُّنكُّرَ ..!؟
    ـ لا .. إنَّهُ الحاسوبُ..!؟
    ـ ستحضرُ كلُّ أدواتِ التَّزْوِيْرِ التي استعملْتَهَا ..
    ـ لماذا لا تشكُّونَ في غيرِ رأسي.. !؟ أنتَ مثلاً هل أنتَ متأكِّدٌ من أنَّ ما على جثَّتِكِ هو رأسُكَ ..!؟ وهل هذا الرَّأْسُ الصَّغيرُ الجاثمُ تحتَ ظِلِّ غِطَاءِ رأسٍ عسكريٍّ يتوسَّطُهُ تاجٌ مزوَّرٌ هو لصاحبِهِ الضَّخْمِ هذا بكرشه المنبعجةِ مثلَ خيمةٍ ..؟ كيف تحصَّلَ على كلِّ هذهِ الأوسمَةِ والأنوَاطِ والنَّيَاشينِ والأوشحَةِ التي تغطي صدرَهُ وكتفيهِ .. وهو لم يدخلْ حربًا أصلاً .. ولم يكسبْ معركةً واحدةً ..!؟
    قبلَ أن أموتَ أريدَ أن أفهمَ أيَّ تزويرٍ للبطولةِ أتى بهذهِ الأوسمَةِ إلى هذهِ الأكتَافِ العريضَةِ المرتجفةِ ..؟ ونصَّبَ هذا التَّاجَ البَائسَ على هذا الرَّأسِ المرتجِّ..!؟ بل كيف وصلَ هذا الرَّأسُ المقطوفُ إلى هذهِ الجثَّةِ البشعَةِ ..
    *****

    لم تعجبْهُم إِجَابَاتي المناوِئَةُ.. أَدْرَكْتُ مصيري المؤسِفَ ، مصيرَ رَأْسِي وجسدِي ، فبعدَ أن ورَّطوني رغمًا عنِّي في مستنقعِ اتهاماتِهِم العمياءِ أطلقْتُ نيرانَ أعماقي الهائِجَةِ نحوَهَم .. بدا لي أني مُتَّهَمٌ حتى تثبتَ إدانتي .. رأسي يُدِينني .. وجسدي شَاهِدُ زورٍ ضدِّي .. ضحكتُ مِلْءَ سخريَّتي ..
    *****

    استجمَعَ حقَّدَهُ كلَّهُ .. نظرَ إليَّ .. أدنى أنفَهَ الذَّميمَ من وجهي .. نَهَشَنْي مرَّةً أخرى قائلاً : أخرسْ يا كلبُ .. هذا جسدُ الرَّئِيْسِ المعظِّمِ .. والرَّأسُ رأسَهُ .. وهي صورَتُهُ في عيدِ اعتلائِهِ الكرسيِّ المقدَّسِ .. ستشنقُ أشدَّ شنقةٍ.. نحنَ لا نتساهلُ معَ إِرْهَابيٍّ مثلكِ ..

    *****
    رأسٌ.. غابةٌ .. مَشَانقُ .. رؤوسٌ .. مؤتمرٌ .. ذرَّةٌ .. إرهابٌ .. تاجٌ .. أكتافٌ .. كرسيٍّ.. أحسسْتُ بأنَّ سؤالاً في داخلي ينتصبُ وهو : هل جسدي من غيرِ رأسٍ قد رُكِّبَ عليهِ رأسٌ آخرُ ..!؟ فأَنَا نِصْفُ مَشْنُوقٍ .. وصاحبُ الجسدِ الذي يحتملُني نصفُ مشنوقٍ أيضًا .. لقد كنتُ بريئًا وَكاَن بريئًا أيضًا ..
    أيُّ ظلمٍ تقترفُهُ الحياةُ في حقِّنا ..!؟
    ألا يمكنُ أن يكونَ الجسدُ الذي يْمتطيْهِ رأسي هو جسدُ الرئيسِ المعظَّمِ ..!؟
    إنهم ـ إذًا ـ يَشْنُقونَ نصفَ الرئيسِ .. ونصفَ مواطنٍ .. سيموتُ المواطنُ .. ويبقى نصفُ الرئيسِ موهومًا بأنَّهُ حيٌّ .. يا لَلسُّخْرِيَّةِ!؟
    *****
    جرُّوني للغَابةِ .. ارتجَّتِ المشنقةُ فرحًا بمقدمِي.. بمقدمِ رأسي .. تقدَّمتُ نحو الموتِ بثباتٍ
    بدت لي أشياءَ لم أكن أعلمنُ أني أحملها معي .. صُوْرَةُ أُمِّي على الجدَارِ .. وخريطةٌ لوطنٍ كبيرٍ .. كانَ الحبلُ يُخَاشِنُ رقبتي وأنا أمدُّ للموتِ رأسي .. الرَّأسُ الذي كنتُ أرفعُهُ نحوَ علمِ بلادي وهوَ يخترقُ السَّمَاءَ شموخًا .. الذي كنْتُ أبارِكُهُ كلَّ صَبَاحٍ بعناقِ الشمسِ البتولِ ، وكلَّ مساءٍ بمناغاةِ القمرِ العَاشقِ ، وَمُشَاكَسَةِ النجومِ العذارى ..!؟
    الحبلُ يُنَابِزُ رَقَبَتي بالحزِّ المميتِ ، انتفضْتُ حينَ أدرَكْتُ أَنُّهُ نفسُ الحبلِ الذي كنْتُ أَلَفُّهُ على خَاصِرَةِ السَّارِيَّةِ الحامِلَةِ عَلَمَ بلادي .. !!

    ******
    يُفْصَلُ الرَّأسُ عنِ الجَسَدِ .. يسقطُ إلى أعلى .. أنظرُ إلى أشياءَ حميمةٍ تسقطُ منهُ إلى أسفلَ .. أتأمُّلُهَا مُخْتَلِطةً بالدِّمَاءِ .. بعضِ أناشيدِي عنِ الوطنِ كنتُ ألقِّنُهَا لِلصِّغَارِ ، وصورَةِ أمِّي .. وعطرٍ أدَّخِرُهُ لعرسٍ قادمٍ..!
    ******
    [/align]
  • دريسي مولاي عبد الرحمان
    أديب وكاتب
    • 23-08-2008
    • 1049

    #2
    رد: رأسٌ وجسدٌ

    الأستاذ جمعة الفاخوري...تحياتي الابداعية...
    الواقع والوجوب...الامكان والاستحالة...الحرية والقمع...مقولات تختلف من فرد لاخر...وقد يكون الانسان متأرجحا بينها...أولا باختلاف التأطير المحدد لواقعها...ثانيا لأن انتفاء الثبات والركود تفسح المجال للتحول والصيرورة والمحايثة...
    بين هذه الثنائيات وجدت عملك مثيرا من خلال العنوان نفسه...عتبة لا يمكن أن تطأها الا اذا توفرتعلى عدة متينة...لأن نصك يحمل مشروعا ما...هما ما...ولا أخفيك سرا أنني أحسست بأسمى درجات المتعة والفرح وأنا بين هذه القصة الرائعة...
    ميزتان هنا أسطر عليهما بالحاح:
    -التنفيس عن القارئ لأن الكاتب أقحمه في تقاطعات الفصل والوصل مبرزا مواطن الخلل في الوطن ومعلنا بصراحة موقفه الذي أعتبره ايديولجيا لكن بشكل أدبي يشحن الهمم وبرفع منمعنوياتها...
    -التحريض: نص محرض...ولا يفهم من كلامي دعوة لرفض مطلق...بل هو استمرارية لممانعة كانت...شغلت أعمال أدبية في لحظتها التاريخية وما زالت...وهذا سر في مشروعية استمراريتها...
    يقول حيدر حيدر في اوراق المنفى شهادات عن احوال زماننا ما يلي :منظور الصراع في العمل الروائي ذو حدين...ذاتي وموضوعي...كفاح الانسان الداخلي نزوعا نحو التوازن النفسي ضد الاغتراب الروحي والاحباطات ومظاهر العصاب والالم والشقاء والتشويه وشبح الموت والدمار الذاتي والعلاقات المرضية والمنحطة...
    هذا الكلام يلامس الى أبعدالحدود هذا العمل...الذي أعتبره استثناء بين النصوص التي تنشر في الملتقى رغم تنوعها وتمايز موضوعاتها...
    عموما سيدي الكريم...هذه مجرد ملاحظات أوردتها على هامش قراءتي...والتي استثيرت بفيض النصوص الكبرى التي قاربتها منذ الأشجار واغتيال مرزوق وشرق المتوسط لمنيف الى الزمن الموحش ووليمة لأعشاب البحر لحير حيدر...
    أدعو كل من مر من هنا أن يبصم هذا النص الذي أرشحه بدون منازع...لأنه يستحق وقفة كبيرة تليق به...
    تقبل مروري واعجابي...

    تعليق

    • إيمان عامر
      أديب وكاتب
      • 03-05-2008
      • 1087

      #3
      رد: رأسٌ وجسدٌ

      أولا أشكرك أستاذي درسي مولاي عبد الرحمان

      علي هذا التعليق والترشيح

      حقا نص يستحق ان ننحني أمام سطوره في إعجاب وتقدير لصاحب النص المبدع

      الأستاذ القدير

      جمعة الفاخري


      لا أجد اى حروف اعلق علي هذه الرائعة

      لا تبخل علينا أستاذي المبدع بحروفك

      لك أجمل تحية تليق بنور حروفك وعبق السطور



      لك أرق تحياتي
      "من السهل أن تعرف كيف تتحرر و لكن من الصعب أن تكون حراً"

      تعليق

      • أحمد عيسى
        أديب وكاتب
        • 30-05-2008
        • 1359

        #4
        رد: رأسٌ وجسدٌ

        نص فاخر أنيق قوي اللغة والأسلوب والمحتوى ..

        حقاً كنت أقرأ لأستاذ ها هنا ..

        أ . جمعة الفاخري

        أحييك على هذه القصة الرائعة ، وفعلاً يستحق النجوم الخمسة ..

        دم بكل الألق
        ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
        [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

        تعليق

        • أ. جمعة الفاخري
          أديب وكاتب
          • 20-07-2007
          • 276

          #5
          رد: رأسٌ وجسدٌ

          المشاركة الأصلية بواسطة دريسي مولاي عبد الرحمان مشاهدة المشاركة
          الأستاذ جمعة الفاخوري...تحياتي الابداعية...
          الواقع والوجوب...الامكان والاستحالة...الحرية والقمع...مقولات تختلف من فرد لاخر...وقد يكون الانسان متأرجحا بينها...أولا باختلاف التأطير المحدد لواقعها...ثانيا لأن انتفاء الثبات والركود تفسح المجال للتحول والصيرورة والمحايثة...
          بين هذه الثنائيات وجدت عملك مثيرا من خلال العنوان نفسه...عتبة لا يمكن أن تطأها الا اذا توفرتعلى عدة متينة...لأن نصك يحمل مشروعا ما...هما ما...ولا أخفيك سرا أنني أحسست بأسمى درجات المتعة والفرح وأنا بين هذه القصة الرائعة...
          ميزتان هنا أسطر عليهما بالحاح:
          -التنفيس عن القارئ لأن الكاتب أقحمه في تقاطعات الفصل والوصل مبرزا مواطن الخلل في الوطن ومعلنا بصراحة موقفه الذي أعتبره ايديولجيا لكن بشكل أدبي يشحن الهمم وبرفع منمعنوياتها...
          -التحريض: نص محرض...ولا يفهم من كلامي دعوة لرفض مطلق...بل هو استمرارية لممانعة كانت...شغلت أعمال أدبية في لحظتها التاريخية وما زالت...وهذا سر في مشروعية استمراريتها...
          يقول حيدر حيدر في اوراق المنفى شهادات عن احوال زماننا ما يلي :منظور الصراع في العمل الروائي ذو حدين...ذاتي وموضوعي...كفاح الانسان الداخلي نزوعا نحو التوازن النفسي ضد الاغتراب الروحي والاحباطات ومظاهر العصاب والالم والشقاء والتشويه وشبح الموت والدمار الذاتي والعلاقات المرضية والمنحطة...
          هذا الكلام يلامس الى أبعدالحدود هذا العمل...الذي أعتبره استثناء بين النصوص التي تنشر في الملتقى رغم تنوعها وتمايز موضوعاتها...
          عموما سيدي الكريم...هذه مجرد ملاحظات أوردتها على هامش قراءتي...والتي استثيرت بفيض النصوص الكبرى التي قاربتها منذ الأشجار واغتيال مرزوق وشرق المتوسط لمنيف الى الزمن الموحش ووليمة لأعشاب البحر لحير حيدر...
          أدعو كل من مر من هنا أن يبصم هذا النص الذي أرشحه بدون منازع...لأنه يستحق وقفة كبيرة تليق به...
          تقبل مروري واعجابي...
          [align=justify]
          المبدع الجميل/ دريسي مولاي عبد الرحمان
          سلامٌ على قلبك الكبير..
          أشكر لك هذه القراءة الماتعة .. لقد تغلغلت إلى أعماق نصي فأنتجت هذه الكلمات المبهرات .. أشكر لك مرورَكَ الأنيق ..
          محبَّتي واحترامي.
          [/align]

          تعليق

          • أ. جمعة الفاخري
            أديب وكاتب
            • 20-07-2007
            • 276

            #6
            رد: رأسٌ وجسدٌ

            المشاركة الأصلية بواسطة إيمان عامر مشاهدة المشاركة
            أولا أشكرك أستاذي درسي مولاي عبد الرحمان


            علي هذا التعليق والترشيح

            حقا نص يستحق ان ننحني أمام سطوره في إعجاب وتقدير لصاحب النص المبدع

            الأستاذ القدير

            جمعة الفاخري


            لا أجد اى حروف اعلق علي هذه الرائعة

            لا تبخل علينا أستاذي المبدع بحروفك

            لك أجمل تحية تليق بنور حروفك وعبق السطور




            لك أرق تحياتي
            [align=justify]

            المبدعة / إيمان عامر ...
            كلماتك أرقصت القلب زهوًا .. شكرًا لقلبِكِ فائحًا بكلِّ هذا العطر .. بائحًا بكل هذا السحر.. لمرورك الحديقة .. ولكلماتك العرائس ..
            تقبلي شكري وعميق امتناني ..
            [/align]

            تعليق

            • أ. جمعة الفاخري
              أديب وكاتب
              • 20-07-2007
              • 276

              #7
              رد: رأسٌ وجسدٌ

              المشاركة الأصلية بواسطة أحمد عيسى مشاهدة المشاركة
              نص فاخر أنيق قوي اللغة والأسلوب والمحتوى ..

              حقاً كنت أقرأ لأستاذ ها هنا ..

              أ . جمعة الفاخري

              أحييك على هذه القصة الرائعة ، وفعلاً يستحق النجوم الخمسة ..

              دم بكل الألق
              الجميل / أحمد عيسى ..
              لك عطر ألف ربيع .. شكرًا .. لمرورك من هنا .. لوقوفك على كلماتي ..
              وعلى جيدك مني سرب نجومٍ .. وسلة أقمار..
              فيض الودِ والإكبار لك ..

              تعليق

              • دريسي مولاي عبد الرحمان
                أديب وكاتب
                • 23-08-2008
                • 1049

                #8
                رد: رأسٌ وجسدٌ

                ما زالت قوة هذا النص تفتك بي...ساعود اليه كلما أردت البحث عن هويتي داخل أوطان تقتل أجيالها......
                التعديل الأخير تم بواسطة دريسي مولاي عبد الرحمان; الساعة 11-03-2010, 21:44.

                تعليق

                • دريسي مولاي عبد الرحمان
                  أديب وكاتب
                  • 23-08-2008
                  • 1049

                  #9
                  نعم ما زالت سطوة رأس منزوع عن الجسد تغريني باعادة القراءة.

                  تعليق

                  • عائده محمد نادر
                    عضو الملتقى
                    • 18-10-2008
                    • 12843

                    #10
                    الزميل القدير
                    أ. جمعه الفاخري
                    ياربي رحماك
                    لم يكن نصا هذا
                    بل رائعة من الروائع العالمية التي يجب أن تترجم إلى مليون لغة
                    أذهلتني
                    أوجعتني
                    وكم كنت عملاقا في هذا الجزء الذي كاد أن يصيب مني مقتلا
                    يُفْصَلُ الرَّأسُ عنِ الجَسَدِ .. يسقطُ إلى أعلى .. أنظرُ إلى أشياءَ حميمةٍ تسقطُ منهُ إلى أسفلَ .. أتأمُّلُهَا مُخْتَلِطةً بالدِّمَاءِ .. بعضِ أناشيدِي عنِ الوطنِ كنتُ ألقِّنُهَا لِلصِّغَارِ ، وصورَةِ أمِّي .. وعطرٍ أدَّخِرُهُ لعرسٍ قادمٍ..!
                    ياإلهي
                    كيف أبدعت التصوير هنا وأنت تترك الرأس يسقط أعلى هذه لحالها تستحق مليون نجمة وألف ألف ذهبية
                    نص عاجزة عن تقييمه صدقني لكبره.. ياللهول
                    أفحمني
                    أتعبني
                    أوجعني
                    أفرحني
                    كل شيئ أحسسته معه
                    ويحي أين سأهرب مني اليوم
                    سيبقى نصك سيدي الكريم يطاردني وأنا الموسومة بوجع الوطن العراقي ومصيبته.. الوطن الغالي وما أثمنه
                    تقبل شكري واحترامي
                    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                    تعليق

                    • محمد سلطان
                      أديب وكاتب
                      • 18-01-2009
                      • 4442

                      #11
                      نص قوي ولا تعليق بعد حديث الأستاذ دريسي غير الصمت خوفا و خشية سقوط الرأس
                      صفحتي على فيس بوك
                      https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

                      تعليق

                      • أحمد أبوزيد
                        أديب وكاتب
                        • 23-02-2010
                        • 1617

                        #12
                        أستاذنا الفاضل

                        وجبه دسمه من الأدب الراقى

                        العلاقة بين الحداثة فى العلم والإنسان مستمرة و لن تقف

                        منها ما يساعد الرأس على النمو و التقدم
                        و منها ما يدمر الرأس

                        و علينا الإختيار بينهما

                        و تحمل نتائج هذا الإختيار

                        تحياتى و تقديرى

                        تعليق

                        • آسيا رحاحليه
                          أديب وكاتب
                          • 08-09-2009
                          • 7182

                          #13
                          نصٌ مميّز فكرةً و لغةً و بناءً..
                          أسجّل إعجابي الشديد.
                          تحيّتي.
                          يظن الناس بي خيرا و إنّي
                          لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                          تعليق

                          • إيمان الدرع
                            نائب ملتقى القصة
                            • 09-02-2010
                            • 3576

                            #14
                            الأستاذ الفاضل : جمعة الفاخري :
                            أدبٌ راقٍ مميّز ، كلّ كلمةٍ فيه تستحقّ نجمة ذهبيّة .هذه القصّة أنموذجاً للإبداع
                            سلّطت الضوء على هموم المثقّف العربي ، لانتزاع أفكاره ، وتقدّمه، واغتيال هامته الشامخة.
                            مؤامرة بربريّة على وطننا العربي .تحيّاتي ...

                            تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                            تعليق

                            • عائده محمد نادر
                              عضو الملتقى
                              • 18-10-2008
                              • 12843

                              #15
                              عدت للنص مرة أخرى وقرأته
                              ودعوت ابني وابنتي أيضا
                              بكت ابنتي الوسطى واحمرت عينا ولدي وهو يتحسر
                              نص مكتمل العناصر قوة
                              لغة وسردا
                              أرجو أن يقرأه باقي الزميلات والزملاء
                              تحياتي ومودتي للأستاذ جمعه فاخوري
                              الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                              تعليق

                              يعمل...
                              X