الوردة البيضاء

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سلافة كريم
    عضو الملتقى
    • 23-08-2009
    • 29

    الوردة البيضاء

    الوردة البيضاء




    كيفَ أنتِ يا طفلتي الجميلة؟ هذا ما خاطبت به صاحبتنا وردة بيضاء وحيدة في الحديقة العامة. هي في منتصف العمر اعتادت أن تأتي إلى هذه الحديقة كل يوم بُعيدَ الظهر. تتناول بضعةٍ من طعامٍ تحملهُ معها. تتابع الصبية يلعبون و يتصايحون و كذا يدمرون بأرجلهم و كرة القدم ما تبقى من بساطٍ أخضر. الأشجار في الحديقة تتشبث بما بقي لها من أوراق خضراء و تنتظر أن يَمُن الله عليها بغيث السماء بعد أن ضنَ عليها البشر بالماء. الحديقة مخنوقة بالبنايات من كل جانب, الشارع العام قريب مكتظ بالسيارات تنفث الدخان و تتعالى فيها أصوات المنبهات. بحثت صاحبتنا عن الجمال حولها فوجدته في برعمٍ صغير لشجيرةٍ من الوردِ بأوراق مصفرة. فجعلت كل يوم تحمل قنينة من الماء تسقيها و تبعد عنها ما تجمع من أكياس البلاستك المتطايرة من المنازل و ما يرميه المارة. ترقب البرعم الصغير يكبر و تسأل كيف ستكون هذه الوردة و ما لونها؟ تحاكيها, تناجيها, تسمعها كلمات حلوة..... يا طفلتي, متى تبصرين النور؟؟؟ ابتسمت صاحبتنا عندما تمزق البرعم الأخضر عن وردة بيضاء صغيرة, و رددت بحب يا الله ما أحلاكِ و ما أجمل الحياة فيكِ.

    كان اليوم جميلا, مع نسماتِ الخريف الباردة و الشمس التي هزمتها بضعة سُحب. الهدوء عم المكان حيث خَلتْ الحديقة من الصبية, لم يكن هناك غير رجل عجوز يجلس في مقعد أقصى الحديقة يُدخن سيجارة و يسعل بقوة. و أمامها و على مسافة جلسَ شاب و فتاة بدت عليهما علامات الحب. كانا يتسامران و يبتسمان, منظرهما جدُ جميل الفتاة بشعرها الأسود الطويل التي تحركه نسمات الهواء و الشاب بهدوء يبعد خصلات الشعر المتناثرة عن وجه فتاته. فوجئت صاحبتنا بالشاب يترك مكانه و يتجه نحوها, بادرته بابتسامة حياها بأدب بإيماءة من رأسه لكنه توجه نحو شجيرة الورد جانبها. هنا دقَ القلب و شلَ اللسان وهي ترى الشاب يطبق يده بعنق الوردة و يفصلها عن جسدها. تابعت صاحبتنا الشاب و هو يقدم الوردة قربان حب إلى فتاته و يلعق قطرات الدم التي علقت بكفه.

    لم تغادر صاحبتنا الحديقة بالرغم من دخول الظلام, فالوردة ما زالت بيدِ الفتاة تشُمها و تُقبلها و تَداعب بها وجه الشاب. تسمرت عيناها فجأة فالفتاة أخذت بنزع الأوراق البيضاء للوردة واحدة واحدة و الشاب يردد معها و الفرحة لغتهما. كأنها لعبة رهان بينهما (يحبني, لا يحبني) صاحبتنا تُراقب, و جزء من القلب يُنزع مع كل ورقة. بقيت ورقة وحيدة, خطفها الشاب بسرعة و قبلها و من ثم أطلقها في الهواء و صرخ أحبها. أحمر وجه الفتاة تنهره أن اخفض صوتك. احتضنت يد الشاب كف فتاته و خرجا من الحديقة.
    بقيت صاحبتنا وحدها, لا تدري كم من الوقت. أرادت النهوض لم تستطع و كأن البرودة كبلت ساقيها, استندت على مسند المقعد تمايلت ثم قامت بهدوء و توجهت إلى حيث جلس العاشقان. كانت الأوراق البيضاء تغطي الأرض حول مقعد الجلوس تتلاعب بها نسمات الهواء و قلب الوردة الأخضر بدا كأنه ينزف و يطلب من يستره. تركت صاحبتنا الحديقة مع دمعة وجدت لها طريقا على خدها البارد جففتها بسرعة. و قبيل خروجها من باب الحديقة رمت بقنينة الماء الفارغة في سلة المهملات.




    العذر منكم جميعا, هي محاولة فقيرة مني للكتابة لن ترتقي أبدا لروعة ما تخطه أناملكم





    سُلافة كريم - بغداد
    3/10/2009
    التعديل الأخير تم بواسطة سلافة كريم; الساعة 03-10-2009, 17:01.
  • مكي النزال
    إعلامي وشاعر
    • 17-09-2009
    • 1612

    #2
    رد: الوردة البيضاء

    هي محاولة ليست بالفقيرة أبدًا يا سلافة. فلقد أحسنت وصف المكان والشخصيات وكأنك عرضت علينا شريطًا مصورًا. ثم أن بعض التعابير كانت شاعرية جدًا جعلت من القصة نصًا جميلاً.
    لا أدري أتواضع منك أم ماذا، لكني أشدّ على يدك في كتابة المزيد.
    دمت بإبداع

    واستـُشهدَ الأملُ الأخيرُ

    تعليق

    • ربيع عقب الباب
      مستشار أدبي
      طائر النورس
      • 29-07-2008
      • 25792

      #3
      رد: الوردة البيضاء

      سلافة عزيزتنا ، و كاتبتنا القادمة
      ياذا القلب الأبيض ، ما كل هذه السعادة التى أدخلتها فى روحى بقراءة
      هذا النص المفعم ، اللغة ، الرائع التعابير ، الحزين رغم وجود الوردة البيضا ء ، و تفتق برعمها !
      أحببت شغل يدك ، و تجلى روحك فى هذا العمل ، و سرقتنى لغتك الرائعة فى البناء ، و أنا أراقب هذه البنوتة التى سعت إلى البرعم ، و هى تتابع الصبية يلعبون ، و يأتون على آخر ما بقى فى الحديقة !!

      القفلة كانت رائعة :
      تركت صاحبتنا الحديقة مع دمعة وجدت لها طريقا على خدها البارد جففتها بسرعة. و قبيل خروجها من باب الحديقة رمت بقنينة الماء الفارغة في سلة المهملات.
      و إن كان كفرا برعاية الورد أو الزهر .. و لكن أيتها البيضاء ربما كان أنانيا
      و لكن ألا يكفى الورد أنها كانت مصدر سعادة لهذا و هذه .. ؟!
      ربما لا .. و ما كان يجب أن يفعل !
      و لكن هكذا الإنسان يسحقه حب التملك ، و لا يرى سوى نفسه !!

      أشكرك سلافة على هذه القصة
      و بقى أن أقول لك سعدت بك هنا ،
      و سوف نذهب سويا إلى قسم القصة القصيرة لنرى رأى الأصدقاء هناك

      هيا بنا أيتها البيضاء
      sigpic

      تعليق

      • مها راجح
        حرف عميق من فم الصمت
        • 22-10-2008
        • 10970

        #4
        رد: الوردة البيضاء

        هطول عـــذب جمــــّل ملتقانا استاذة سلافة
        مشاعر دافئة ازهرت وردة بيضاء فتفتقت في الحنايا وارسلت اريجها الى عاشقين رغبا ان يوطدا حبهما برومانسية فائقة الجمال
        فتحقق لهما ما ارادا وضحت الوردة البيضاء بعطاءها لتسعد قلبين

        أسعدتنا كثيرا بهذا النبض العطري
        شكرا لك
        رحمك الله يا أمي الغالية

        تعليق

        • سلافة كريم
          عضو الملتقى
          • 23-08-2009
          • 29

          #5
          رد: الوردة البيضاء

          (((هي محاولة ليست بالفقيرة أبدًا يا سلافة. فلقد أحسنت وصف المكان والشخصيات وكأنك عرضت علينا شريطًا مصورًا. ثم أن بعض التعابير كانت شاعرية جدًا جعلت من القصة نصًا جميلاً.

          لا أدري أتواضع منك أم ماذا، لكني أشدّ على يدك في كتابة المزيد.
          دمت بإبداع)))







          أشكر مرورك أستاذي الفاضل مكي النزال


          هي محاولتي الثانية فقط للكتابة في هذا الملتقى الأدبي الجميل,
          كلماتكم الرائعة لتشجعني على أن امسك قلمي و أحاول كتابة المزيد, باذن الله تعالى

          أختكم في الله

          سُلافَة كريم
          التعديل الأخير تم بواسطة سلافة كريم; الساعة 05-10-2009, 14:39.

          تعليق

          • سلافة كريم
            عضو الملتقى
            • 23-08-2009
            • 29

            #6
            رد: الوردة البيضاء

            (((سلافة عزيزتنا ، و كاتبتناالقادمة
            ياذا القلب الأبيض ، ما كل هذه السعادة التى أدخلتها فى روحى بقراءة
            هذا النص المفعم ، اللغة ، الرائع التعابير ، الحزين رغم وجود الوردةالبيضاء ، و تفتق برعمها !
            أحببت شغل يدك ، و تجلى روحك فى هذا العمل ، وسرقتنى لغتك الرائعة فى البناء ، و أنا أراقب هذه البنوتة التى سعت إلى البرعم ، وهى تتابع الصبية يلعبون ، و يأتون على آخر ما بقى فى الحديقة !!

            القفلة كانت رائعة :
            تركت صاحبتنا الحديقة مع دمعة وجدت لها طريقا على خدها البارد جففتها بسرعة. و قبيل خروجها من باب الحديقة رمت بقنينةالماء الفارغة في سلة المهملات.


            أشكرك سلافة على هذه القصة
            و بقى أن أقول لك سعدت بك هنا ،
            و سوف نذهب سويا إلى قسم القصة القصيرة لنرى رأى الأصدقاء هناك

            هيا بنا أيتها البيضاء)))



            أستاذي الفاضل


            ربيع عقب الباب


            أنا التي سعدت بكلماتكم الجميلة و الرائعة,


            من الجميل أن نكتب و لكن الأجمل أن يكون هناك من


            يفهم و يحس بما نكتب.




            (((و إن كان كفرا برعاية الورد أو الزهر .. و لكن أيتها البيضاء ربما كان أنانيا
            و لكن ألا يكفى الورد أنها كانت مصدرسعادة لهذا و هذه .. ؟!
            ربما لا .. و ما كان يجب أن يفعل !
            و لكن هكذاالإنسان يسحقه حب التملك ، و لا يرى سوى نفسه))) !!



            أستاذي الفاضل


            اتفق معك إن الإنسان يسعى إلى حب التملك,


            كما و أن الأشياء المهمة من وجهة نظرنا و التي تشغل حيزا مهما في قلوبنا


            قد لا تعني للآخرين شيئا أو لها صفة مغايرة


            شكري و تقديري لمروركم الغالي و عمق فهمكم للقصة.



            سلافة كريم
            التعديل الأخير تم بواسطة سلافة كريم; الساعة 05-10-2009, 14:44.

            تعليق

            • سلافة كريم
              عضو الملتقى
              • 23-08-2009
              • 29

              #7
              رد: الوردة البيضاء

              ((هطول عـــذب جمــــّل ملتقانا استاذة سلافة
              مشاعر دافئة ازهرت وردة بيضاء فتفتقت في الحنايا وارسلت اريجها الى عاشقين رغبا ان يوطدا حبهما برومانسية فائقةالجمال
              فتحقق لهما ما ارادا وضحت الوردة البيضاء بعطاءها لتسعد قلبين

              أسعدتنا كثيرا بهذا النبض العطري
              شكرا لك))




              أستاذتي الفاضلة


              مها راجح


              مروركم الكريم و روعة كلماتكم هي من عطر الورد, فشذا بعبيره الجميل.


              تقديري و احترامي لقلمكم الرائع



              سلافة كريم
              التعديل الأخير تم بواسطة سلافة كريم; الساعة 05-10-2009, 14:49.

              تعليق

              يعمل...
              X