أسود فاتح .. !! محمد سلطان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد سلطان
    أديب وكاتب
    • 18-01-2009
    • 4442

    أسود فاتح .. !! محمد سلطان

    [frame="10 98"]
    [frame="15 98"]



    أسود فاتح




    الكون سكون و لمبة الجاز يسلمك أحمرها من قاعة إلى قاعة , و بالكاد يخترق دياجير الليل في محاولة فاشلة للإنتصار على رائحة الفول السوداني الآتية من فوق وابور الجاز , الوحيدة التي شقت عتمة الدار دون بصيص .
    جاز اللمبة و جاز الوابور من نفس البرميل المسنود على فردتي كوتشوك مفتوقتين أمام دكان عم عصفور , كانتا المحرك الرئيسي بعد الحمار في العربة الكارو .
    في مولد النبي زين عم عزيز آتانه البيضاء بأجمل الإكسسوارات , إلى جانب دواليب الطرح و الإيشاربات المشجرة توافدت من كل فجٍ ..
    من أرادت لطفلها زفافاً بهيجاً فوق العربة فلتبعث مع ولدها أجمل إيشارباً لحمارة عم عزيز و لا مانع أن تصر الإيشارب بكيلة أو كيلتين من الفول و العدس .
    لم تتحمل العجلات أكوام اللحم المرصوصة فوق ظهر العربة كحزم القش , من سن خمس سنوات وطالع , ذاب صراخ الأولاد و البنات و امتصه نهيق الآتان حينما فرقعت العجلتان في آنٍ كقنبلتين موقوتتين ؛ اشتراهما العصفور وصارت من نصيب البرميل مسندان يستقر عليهما بعد مفاوضة عصيبة انتهت بكيلو فول سوداني و نصف صفيحة جاز .
    انعدمت قيمة الجاز أمام عنفوان النهار المخترق ضلفات الباب , كشف الأركان المتعددة للقشر المبعثر بعد صراعٍ حامٍ طول الليل , لكن لم يستطع تفتيت الرائحة العالقة في الثياب و جدار الأنف كعزيزٍ رحل و ظلت ذكراه حيةً ..
    كانت بمثابة الجسر الذي قلقل العجلات تحت البرميل كلما ذهب لإحضار المزيد ؛ استعداداً لسهرةٍ أخرى لمعزوفة الجاز الليلية , أو للتهليل و التكبير كلما فشّرت حبة ذرة صفراء يتيمة جاءت غلطة و لم ينتبه لها العصفور , أو لو طارت و التصقت بقفا أحد العفاريت كشظيةٍ نافرةٍ استنكرت صوت الوابور ..
    لكن .. يخمد اللهب و تتحشرج رقبته المسدودة .. لا يصطبر الصغار .. يتلاهفون المحصول كالكتاكيت .. يـبعدهم الكبير فلا يكترثون , يقضون عليه كله ويضيع نصيبه ..
    يمسك الرجل برقبة الوابور , يغرس فمه في فوهته , يحاول العثور على السدّة .. ينفخ .. ينفخ .. ينفخ .. بانت ثعابين رقبته و تلونت قباب وجهه بالهباب كالبلياتشو ..
    نطت الكتاكيت .. صفقت .. هللت .. رفرفت الأم بعد أن واربت ضحكتها و أخفت إعجابها بالفقرة , ثم راحت تهشهم .
    رمى الوابور بقرفٍ , انقضوا عليه يتلاقفوه , شخصوا الفقرة من جديدٍ .. يجرب كل منهم مرة واحدة و من يأتي دوره يصبح هو البلياتشو .. تهببت خدودهم و امتلئت بالقهقهات , تشبعت ملابسهم بالجاز .. عادت إليهم و هبت لإسكاتهم .. تركتهم .
    اقتربت منه و فردت كمها , مررته على جبينه المقطب ؛ تزيح بطرفه الخطوط السوداء .. مالت على أذنه برفق .. همست له , وكان دور المهرج الأكبر ,,
    ازداد تأففه لم يطق ملاطفتها , فـلملم القشر المتناثر .. كبشه , ثم راح يتأكد من عشاء الآتان ..
    كانت العربة مقلوبة على ظهرها ـ كالبقرة النافقة ـ بلا عجلات, استشاط مخه و أكلت النار هشيم ظهره أحس بحرقتها تنال من صدره .. امتدت إلى جوفه .. طالت الأثواب .. ازداد الشياط .. جاءت صرخة ؛ الجلد يحترق .
    توالت الصرخات , أيقظت الحارة تدافع الجيران وانتفض العصفور في دكانه , طار صوب الدار .. شق الزحام و القش الوالع بجناحيه , وقفز إلى الداخل .. لكن وصل متأخراً ..!!


    [/frame]
    [/frame]
    صفحتي على فيس بوك
    https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757
  • نعيمة القضيوي الإدريسي
    أديب وكاتب
    • 04-02-2009
    • 1596

    #2
    رد: أسود فاتح



    صور من البادية،صور لا تنفصل عن سلطان إبن البيئة،التي ما فتئ يجسدها في روايته ويتحفنا بها،لكن لما لاتقل رمادي أحسن لما أسود فاتح،هو لون جديد،لا تأخدها بجد مجرد مزحة،كنت مبدعا كعادتك
    تحياتي





    تعليق

    • ربيع عقب الباب
      مستشار أدبي
      طائر النورس
      • 29-07-2008
      • 25792

      #3
      رد: أسود فاتح

      التشكيل هنا كان أعلى و أبهر من الحدوتة خلف الإطار
      و كأنك سجنتها بين تلافيف العجلات النافقة !!
      اللغة كان لها رائحة البساطة و الجاز ، تحمل نكهة
      الشوارع و الأحياء الفقيرة ، التى تلتف حول أى شىء
      مهما كان رخيصا أو غاليا ، وتصنع منه مولدا أو لنقل
      فرحا جميلا ، له طعمه الذى لا يغيب !!

      لا أخفيك أنى قد قرأتها مرتين
      وحرت كثيرا كثيرا فيما وصلنى
      من جاز اللمبة و جاز الوابور..
      و رائحة الفول السودانى التى كانت
      لها الصولة !!

      ثم توقفت فى الفقرة قبل الأخيرة بحثا عن الضائع هنا
      عن العفريت الذى زحرح البرميل ، وملأ خياشيمنا بالرائحة
      ثم من بهذا المشهد الغريب حين تحولوا لمهرجين !!

      ربما كانت قناعاتى أن العمل الأدبى ماهو سوى انجاز لغوى
      فى الأساس ، و لكن اللحمة هنا تفرض نفسها بشكل له طعمة
      عجيبة ، حتى لو احترق الرجل مع الإطاريين ، و انقلبت
      الليلة إلى مأساة إغريقة !!

      خالص محبتى محمد سلطان
      sigpic

      تعليق

      • أحمد عيسى
        أديب وكاتب
        • 30-05-2008
        • 1359

        #4
        رد: أسود فاتح

        لكن وصل متأخراً ..!!
        .
        .
        .
        لكنه وصل ..

        نصوصك لها رائحة الحارة ، والحي الشعبي ، والفول ، والفلاح البسيط ..
        لهذا أستمتع بقراءتك دائماً ..


        أحييك أيها الرائع ..
        ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
        [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

        تعليق

        • مجدي السماك
          أديب وقاص
          • 23-10-2007
          • 600

          #5
          رد: أسود فاتح

          محمد ابراهيم سلطان..تحياتي
          سلطان الكلام بلا منازع. اسم على مسمى. اعجبني انسياب اللغة..وعاميتها..وهي تغرق في التفاصيل. قصة رائعة بحق.
          مودتي
          عرفت شيئا وغابت عنك اشياء

          تعليق

          • إيمان عامر
            أديب وكاتب
            • 03-05-2008
            • 1087

            #6
            رد: أسود فاتح

            المبدع محمد إبراهيم سلطان

            اسود فاتح !!!!!!!!!!

            أينما توجد حروفك أشم رائحة القصة الذهبية بين سطورك

            بحثت عنك بين القصص الفائزة هذا الشهر فلم أجدك
            والان جاء في ثبات ووصلت تلك الحروف

            لي عودة فهذا مرور سريع لا يليق

            دخلت كي احجز مقعد في الصفوف الأمامية

            لك ارق تحياتي


            "من السهل أن تعرف كيف تتحرر و لكن من الصعب أن تكون حراً"

            تعليق

            • مها راجح
              حرف عميق من فم الصمت
              • 22-10-2008
              • 10970

              #7
              رد: أسود فاتح

              مشهد من الصعيد المصري بلا منازع
              رائحة الحارة المصرية تعبق النص والاولاد والعربة الكارو
              تجيد وصف تفاصيل المكان باسلوب جذاب ولغة طازجة

              جميل ان نقرأ لك رواية فيما بعد ..تحية وتقدير استاذ محمد




              بمسابة=بمثابة
              رحمك الله يا أمي الغالية

              تعليق

              • إيمان عامر
                أديب وكاتب
                • 03-05-2008
                • 1087

                #8
                تحياتي بعطر الزهور


                المبدع

                محمد سلطان

                رجعت كي أحاكي الحروف كي نتجاذب ونتحاور

                لكن عندما أنهيت القصة وجت نفسي تائهة من أين ابدأ الحوار مع الحروف

                أربكت حركتي محمد

                شممت رائحة الجاز التي تفوح في المكان من الوابور ولمبة الجاز

                هكذا تجيد فن واتقنا نقل الحياة البسيطة والتفاصيل

                هكذا تكتب وتحاكي البسطاء بلغة جميلة

                رائع وأكثر

                دائما ننتظر محمد سلطان بحروف جديدة في أزها ثوب

                وها أنت وصلت بكل أناقة ورقة وثبات في إبداع القاص

                دمت في تألق مستمر


                لك أرق تحياتي
                "من السهل أن تعرف كيف تتحرر و لكن من الصعب أن تكون حراً"

                تعليق

                • نادين محمد منير
                  كاتبة
                  • 08-06-2009
                  • 182

                  #9
                  رد: أسود فاتح

                  أستاذ سلطان يالروعة تلك اللغة

                  التي تأخذنا إلى قلب الأحداث دون

                  أن نشعر بأنفسنا نحلق في فضائها

                  دمت بكل ألق ودام قلمك الجميل


                  مثقلُ الجبينِ أنتْ .. خائفٌ أن تَفْقِدَ وتُفْقَد ْ,
                  من عقدةٍ حمراءَ حول معصمْ ..
                  من أصابعِ وهمٍ تمتدْ ..
                  أراني أعودُ البارحةَ وأودعُ الغدْ ..
                  أربتُ على كتفي لا عليكِ فهذا أنتْ .. !!

                  تعليق

                  • يسري راغب
                    أديب وكاتب
                    • 22-07-2008
                    • 6247

                    #10
                    رد: أسود فاتح

                    [align=center]
                    عزيزي الفارس المصري الاصيل
                    العندليب الاسمر محمد ابراهيم
                    تبقى سلطان اسما على مسمى
                    بذكاء تلهب حماس العيون والعقول والقلوب
                    بموهبه تكتب الاسود فيكون ابيضا برشاقة الاسلوب وحسن الصياغه
                    تصنع الدهشه ويكون حول اعمالك اسئله واسئله تبحث عن اجوبه
                    شاعر في ثوب روائي
                    وفيلسوف اداري موهوب
                    ديناميكي تعشق الحركه بين الواقع والخيال
                    وماذا بعد
                    احبك كما احببتني في الله
                    [/align]

                    تعليق

                    • فاطمة الزهراء العلوي
                      نورسة حرة
                      • 13-06-2009
                      • 4206

                      #11
                      رد: أسود فاتح

                      تنحت اديبنا من واقعية الحي القديم وتتوهج العين برؤية خفايا كل ما هو اصيل
                      يسعدني دائما ان اكون هنا
                      لغة متينة وفنية في القص رائعة تشدك من اول حرف الى نهايته

                      شكرا على هكذا حضور ادبي اخي محمد

                      فاطمة الزهراء
                      لا خير في هاموشة تقتات على ما تبقى من فاكهة

                      تعليق

                      • إيهاب فاروق حسني
                        أديب ومفكر
                        عضو اتحاد كتاب مصر
                        • 23-06-2009
                        • 946

                        #12
                        رد: أسود فاتح

                        المبدع الجميل
                        محمد إبراهيم سلطان
                        كأنك تعمد إلى جذبي إلى ما أهرب منه
                        عبق الشارع المصري بكل ما يحمله من حلو ومر
                        ولا تسألني لم أهرب منه
                        هكذا وجدت نفسي أعشق شيئاً حد الجنون
                        ثم أهرب من عشقي له كي لا يأسرني
                        قصة جيدة شكلا ومضموناً
                        تحية بعطر الزهور
                        إيهاب فاروق حسني

                        تعليق

                        • محمد سلطان
                          أديب وكاتب
                          • 18-01-2009
                          • 4442

                          #13
                          رد: أسود فاتح

                          المشاركة الأصلية بواسطة نعيمة القضيوي الإدريسي مشاهدة المشاركة


                          صور من البادية،صور لا تنفصل عن سلطان إبن البيئة،التي ما فتئ يجسدها في روايته ويتحفنا بها،لكن لما لاتقل رمادي أحسن لما أسود فاتح،هو لون جديد،لا تأخدها بجد مجرد مزحة،كنت مبدعا كعادتك
                          تحياتي
                          الراقية الرائعة

                          الأستاذة نعيمة

                          دائما لك نبض خاص في روح العمل

                          لك الورد و الود لك

                          و تقديري
                          صفحتي على فيس بوك
                          https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

                          تعليق

                          • محمد سلطان
                            أديب وكاتب
                            • 18-01-2009
                            • 4442

                            #14
                            رد: أسود فاتح

                            المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
                            التشكيل هنا كان أعلى و أبهر من الحدوتة خلف الإطار
                            و كأنك سجنتها بين تلافيف العجلات النافقة !!
                            اللغة كان لها رائحة البساطة و الجاز ، تحمل نكهة
                            الشوارع و الأحياء الفقيرة ، التى تلتف حول أى شىء
                            مهما كان رخيصا أو غاليا ، وتصنع منه مولدا أو لنقل
                            فرحا جميلا ، له طعمه الذى لا يغيب !!

                            لا أخفيك أنى قد قرأتها مرتين
                            وحرت كثيرا كثيرا فيما وصلنى
                            من جاز اللمبة و جاز الوابور..
                            و رائحة الفول السودانى التى كانت
                            لها الصولة !!

                            ثم توقفت فى الفقرة قبل الأخيرة بحثا عن الضائع هنا
                            عن العفريت الذى زحرح البرميل ، وملأ خياشيمنا بالرائحة
                            ثم من بهذا المشهد الغريب حين تحولوا لمهرجين !!

                            ربما كانت قناعاتى أن العمل الأدبى ماهو سوى انجاز لغوى
                            فى الأساس ، و لكن اللحمة هنا تفرض نفسها بشكل له طعمة
                            عجيبة ، حتى لو احترق الرجل مع الإطاريين ، و انقلبت
                            الليلة إلى مأساة إغريقة !!

                            خالص محبتى محمد سلطان

                            و أنا لن أعلق حتى أطمئن عليك ...... أين أنت يا طائر الأولمب ؟؟؟؟
                            صفحتي على فيس بوك
                            https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

                            تعليق

                            • هناء شوقي
                              عضو الملتقى
                              • 08-06-2007
                              • 320

                              #15
                              رد: أسود فاتح

                              لاول مرة اقرأ لك ولن تكون الا الاولى ليليها مرات عدت

                              الحس الشعبي رائع والسرد راقي برقي شعبية المكان والزمان



                              احترامي
                              [SIZE=5]تـركـتـنـي يـا أبـي طـفـلـة بـمـعـطـف إمـرأة ، مـيـراثـي كـنـز طـهـارة ومـاضٍ بـتـول[/SIZE]

                              تعليق

                              يعمل...
                              X