كوب الشاي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • آمنة أبو حسين
    أديب وكاتب
    • 18-02-2008
    • 761

    كوب الشاي

    كوب الشاي


    هل ما زال كوب الشاي واجماً بارداً ينتظرني كيتيم مقهور، ينتظرني ورائحة أصابعك المرتعشة عالقة على أطرافه ..؟
    هل ما زال شاحباً كوجه الغياب .. وأنا هنا أرتشف كوؤس الوجع المذبوح بنصل الغياب .. غياب عصيّ عن الرجوع .

    قبل الغياب لم تطبع قبلة هوائية على تمام الروح إلا شهقة بعدها فقدت بهاء ابتساماتي التي كانت بحجم ذهولي ما بين رائحة الفراق وأكوام الرماد بداخلي؛ وأنا أرقب من بعيد تساقط كل ثمار أحلامي التي انكمشت دونكَ ... كورقةٍ مُهملة .

    فوضى مرتّبة، باتت معلقة باتقان على لوائح عمري تغني لانكساراتي ولفقدان أشيائي الكثيرة المدفونة في دفاتر العمر فأنشطر.. أحاول تجميع مشاعري .. أطوي حلماً يحمل عطرك لأتنفس ضربةً جديدة يرسمها لي قدر آخر بشكل آخر ومعنًى آخر .. فأي شكل أختار !!.

    أي شكل أختار وهي النازفة أوراقي المقرونة بارتعاشات جسد يتيم إلا من نفسه .. فكيف لي أن أيمّم وجهي نحوك والذكريات كالعصافير المهاجرة معلقة فوق عينيَّ .. بمناديلها المصبوغة بلون البرد .. أعيشها مع معزوفة الليل الحالك التوّاق لحضن حكاياتك يُسقط كل خيالات الكلمات المثقوبة التي تسيل رأفة ووداً الكلمات اللاحيادية التي دربتها على البقاء لئلا يحاصرني النسيان في عتمات الخطى الضالة الطريق إليك حيث لم أجد بعضي هناك ولم أذبح الورود في الطريق .

    أتقول لي من أين لي بقلب آخر لا ذاكرة له ؟ ! .. قلب لا يقتل أحرفي ولا يشعل البرد في نار أجزائي الباردة؛ قلب لا يقف على الشبابيك الصغيرة ينتظر باب الحلم؛ لأن يفتح لي المساحات على مصراعيه ويحصد ثورة الفصول الحائمة حولي .. ها هو ذاته قلبي يرجع من سفر ثقيل محمّلاً بمُرّ كآبته .. وعلقم تُعسه .. فعلى حين غضبٍ سينام القلب مخضّباً بالحزن باكياً لكل الأشياء .

    أتظن أنه تكاسل الروح في الوصول ..؟ أم ارتعاشة أصابعي للوصول إلى كوب الشاي .. أم ارتجاف شفاه ألفت البكم، وعافت طعم الشاي وطعم الحياة .. أم هو التقاعس لتمايل سنابل الحلم الأخضر لانبلاج صباحات جديدة، واعادة تشكيل الأنا والأنت من جديد .. أم هو اعتياد مدافن الحلم وبكاء عيون السماء بصمت لاذع موجع يرقب من بعيد بحيادية التخلي، لتساقط العمر المهدور على جدارية الحياة، وظلفها بتآمر مع اغفاءة محبوسة غريبة الأطوار.

    أرجوك لا ترجم شوقي إليك .. ذلك الشوق الذي رفض الركوب في قافلة الحياة المُصطحبة لهجيـر الشمسِ المسافرة إليك .. واختار أن يحيا في بوتقة من عزلة بعد أن أجهض ألوان الحياة تحسبًــا من الضيــاع ليرتب نفسه في الأزقـّة المنعزلة ليفضي عن فرمانٍ، مفادهُ اعتقالك بداخلي الذي أورق جفافاً ليس إلا .

    ما زلتُ محتفظةً بملامحك التي أحفظها عن ظهر قلب لأغرقَ أَشيائِي بِك تلك التي ترقُدُ على أرصِفَة الماضي، وركام الحزن المبلل بمطر ألمك .. ؟ أي لعنة أنت تجتاحني .. فتقصم ظهري ؟ أي لعنة أحاول عبثاً التخلص من وطأتها .. فلا أفلح ؟.

    لم يخطر لي يوماً .. أن أجدك تحت مسامات جلدي .. فيوهن العظم مني إلى درجة اللاتجرد منك، فأنت الرابض بي كذبحة صدرية.

    فلي قلب فقد نحبّه عندما قرّر أن يُحرق كل تاريخي معك .. تاريخ قصاصة ممزقة تقول لي فيها (جاوِبْنِي .. تِدْري الوَكِتْ) فواصلها حزينة .. حروفها مشرّدة، وجدتها كـزقاق مهجور رقص عليه غبار الزمن .. لكنه ما زال يحتفظ برائحة أصابعك فيها وقلبك .. قصاصة تتبعثر لها مشاعري، وتكبر فيها خسائري التي أتكبدها برضى مبهم .. فهي كنزع الذات من الذات أو كتسلقٍ لأبنية الروح الشامخة التي تفضي إلى عالم افتراضي لا يشبه الحقيقة كثيراً ..
    عالم ينبثق من شرفة الغابات المخضوضبة بالأخضر، تلك التي لا يعترف الربيع بكيانها .

    ذاتَ مساء ...

    تقتُربُ النهايــات الصعبة التي لم يُنفض رمادها عن جفني الكسير .. لثانية من حدود الوقت، وقتها فقط ستُدرك أنني حين رحلت .. نسيتَ أن تقلّدني وسام النسيان.
    التعديل الأخير تم بواسطة آمنة أبو حسين; الساعة 13-05-2011, 05:20.
    شُكراً .. لرب السماء
  • محمد فهمي يوسف
    مستشار أدبي
    • 27-08-2008
    • 8100

    #2
    رد: كوب الشاي

    الأخت الأديبة الراقية آمنة أبوحسين
    ارتشفت أحلى رشفات الحروف والكلمات وأنا أقرأ ( فنجان شايك ) المحلى
    بسكريات اللغة العربية الفصحى
    وحتى لحن اللهجة المقوس بين قوسي قزح المبلل بالمطر المتشابك قبل تلك
    الكلمات وأنت تقولين :
    (لم يخطر لي يوما ..أن أجدك تحت مسامات جلدي..فيوهن العظم مني لدرجة اللاتجرد منك فأنت الرابض بي كذبحة صدريه.
    فلي قلب فقد نحبه عندما قرر أن يحرق كل تاريخي معك ..تاريخ قصاصة ممزقة تقول لي فيها "جاوِبْنِي .. تِدْري الوَكِتْ")
    فهمت طرف القوس (الوكت) بأنه الوقت المزركش بنغم العلم في (تدري)
    هذا الفنجان الذي يعيد ذكريات الماضي في لمسات بقيت عالقة بذرات
    تكوين الأنا الآخر الذي طبع في أعماقه أعذب الذكريات في أول رشفة
    من رسالتك الفنية الأدبية حين تقولين :
    (هل ما زال كوب الشاي واجماً بارداً ينتظرني كيتيم مقهور ينتظرني ورائحة أصابعك المرتعشة عالقة على أطرافه ..؟
    هل ما زال شاحباً كوجه الغياب ..وأنا هنا أرتشف كوؤس الوجع المذبوح بنصل الغياب.. غياب عصي عن الرجوع .)

    ألم أقل لك إنه أحلى فنجان شاي يا أستاذة آمنه أبو حسين


    تعليق

    • آمنة أبو حسين
      أديب وكاتب
      • 18-02-2008
      • 761

      #3
      رد: كوب الشاي

      الفاضل محمد فهمي

      ويبقى فنجان الشاي واجما شاحبا كوجه الغياب

      الأخ محمد كثيرا من السكر أضفت هنا

      فصار الشاي أحلى

      شكراً وأكثر
      شُكراً .. لرب السماء

      تعليق

      • بنت الشهباء
        أديب وكاتب
        • 16-05-2007
        • 6341

        #4
        رد: كوب الشاي

        يا آمنة مالي أراك هنا وقد أوحت لي كلماتك بأن المواجع والأحزان قد كست ليل دنياك !!!؟؟...
        اعذريني يا غاليتي فلم أعهد منك هذا اليأس الذي يدور من كل جانب بمحيط رسالتك ...
        فمعزوفة الليل بالرغم من أوجاعها وأحزانها ستبقى أغنية والهة يطرب ويشدو لها سكون الليل وصمته وهو يأمل أن يسفر عن فجر جديد يعيد له أمنياته وأحلامه ......

        أمينة أحمد خشفة

        تعليق

        • د. وسام البكري
          أديب وكاتب
          • 21-03-2008
          • 2866

          #5
          رد: كوب الشاي

          المشاركة الأصلية بواسطة آمنة أبو حسين مشاهدة المشاركة
          ليفضي عن فرمانٍ، مفادهُ اعتقالك بداخلي الذي أورق جفافاً ليس إلا . ................
          أي لعنة أنت تجتاحني .. فتقصم ظهري ؟ أي لعنة أحاول عبثاً التخلص من وطأتها .. فلا أفلح ؟.
          .............. فأنت الرابض بي كذبحة صدرية.
          رسالة أدبية رائعة بحجم التذمر والبؤس والنقمة التي فيها.
          كوب شاي صغير يقابله خزّان كبير من الجراح والمآسي .. ! !
          لكن النقمة تبدو صريحةً على غير ما ألِفناها في شعرك وخواطرك الجميلة، وكنت أتمنى ـ تمنياتي من الناحية الفنية ـ أن تكون النقمة، كنقمة النابغة الذي قال مادحاً بحسب الظاهر، وهو ذمّ لممدوحه حقيقةً:

          فإنكَ كالليلِ الذي هو مُدركي == وإن خلتُ أنّ المُنتأى عنكَ واسعُ

          لأنه شبّهه بالليل، ولم يُشبّهه بشيء آخر، كالنّهار مثلاً !، فلعله غير راض عنه، أو يحمل نوعاً من النقمة أو التذمّر في نفسه، وقد فضحته العلاقة التشبيهية، كما قرّرهُ بعض النقّاد.

          بمعنى آخر .. أن يختفي التشبيه الصريح تحت ظلال المعاني الظاهرية.

          كأني شربتُ (كوب شاي) من طعم خاص، بسكر خاص، فانتشيتُ .. وأية نشوة ؟ ! ..

          آمنة أبو حسين ... سيظل مدادُك يرسم لوحات لا تُنسى. وسيظل الألقُ لك وحدك.

          ودمت مبدعةً.
          د. وسام البكري

          تعليق

          • مكي النزال
            إعلامي وشاعر
            • 17-09-2009
            • 1612

            #6
            رد: كوب الشاي

            أخشى أن أضع إصبعي في هذا الكوب فأسلبه سكـّره!

            حتى مرارة مشاعرك حلوة أيتها الأديبة

            وآه مما قيّدت بهلالين

            جاوبني تدري الوكت .. ببوكاته غفلاوي

            موش انت نبعة عشق .. بالحزن متغاوي

            أهي هكذا؟

            فـــ (تغاوي) بهذا الحزن لأنه لا يقرّ إلا في قلب مبدعة

            *همسة: رسالتك لم تحمل اسم المرسلة إليه!

            واستـُشهدَ الأملُ الأخيرُ

            تعليق

            • د. وسام البكري
              أديب وكاتب
              • 21-03-2008
              • 2866

              #7
              رد: كوب الشاي

              أسمحي لي أديبتنا الكريمة آمنة أبو حسين أن أُعقِّب على تعقيب الأخ العزيز مكي نزّال ..


              أعتقد أن العبارة (بالحزن متغاوي) هي (بالحِسن متغاوي) ...

              وفعلاً:

              تحولّت لدى الشاعرة من (بالحِسن متغاوي) إلى ( بالحِزن متغاوي) !!.


              * * *

              أخي العزيز مكي .. هل تتذكّر كلماتها كاملة ؟ جميلة ورائعة.
              د. وسام البكري

              تعليق

              • مكي النزال
                إعلامي وشاعر
                • 17-09-2009
                • 1612

                #8
                رد: كوب الشاي

                المشاركة الأصلية بواسطة د. وسام البكري مشاهدة المشاركة
                أسمحي لي أديبتنا الكريمة آمنة أبو حسين أن أُعقِّب على تعقيب الأخ العزيز مكي نزّال ..


                أعتقد أن العبارة (بالحزن متغاوي) هي (بالحِسن متغاوي) ...

                وفعلاً:

                تحولّت لدى الشاعرة من (بالحِسن متغاوي) إلى ( بالحِزن متغاوي) !!.


                * * *

                أخي العزيز مكي .. هل تتذكّر كلماتها كاملة ؟ جميلة ورائعة.


                لعيونكم الغالية

                .

                واستـُشهدَ الأملُ الأخيرُ

                تعليق

                • د. وسام البكري
                  أديب وكاتب
                  • 21-03-2008
                  • 2866

                  #9
                  رد: كوب الشاي

                  المشاركة الأصلية بواسطة مكي النزال مشاهدة المشاركة


                  لعيونكم الغالية


                  .

                  الله الله يا مكي يا غالي .. هديّتك جميلة و رائعة هي الأغنية نفسها، النكهة العراقية المحبّبة، (في الأقل لدينا نحن ).

                  ودمت بألف خير أديبنا الرائع مكي نزّال.
                  د. وسام البكري

                  تعليق

                  • آمنة أبو حسين
                    أديب وكاتب
                    • 18-02-2008
                    • 761

                    #10
                    رد: كوب الشاي

                    الرائعة بنت الشهباء

                    لا ادري حقا عزيزتي ما يمكن قوله , لكن ليس بالضرورة ما يُكتب هو سيرة ذاتية ..والكل يعرف ..سواء الشاعرات أوالشعراء حق المعرفة أن باستطاعتهم تبني مواقف حياتية تواجههم وبتأثرهم فيها يستطيعون أن يعبروا جيداٌ عنها وخاصة اذا لعبوا دور البطولة وتكلموا بضمير المتكلم .
                    وكون موضوعي أثر بالقراء الأفاضل فهدا يعني التوفيق من الله تعالى
                    أخيتي أرجو أن يطمئن قلبك فأنا والحمد لله سعيدة ولا ينقصني الا تمام الصحة والعافية .
                    شكرا على قلقك وعلى نبيل شعورك .
                    شُكراً .. لرب السماء

                    تعليق

                    • آمنة أبو حسين
                      أديب وكاتب
                      • 18-02-2008
                      • 761

                      #11
                      رد: كوب الشاي

                      الفاضل د.وسام البكري

                      بداية أشكرك وأعرب عن اعتزازي الشديد برأيك بل وأثمن جدا كل ما تقدمه لنا هنا في الملتقى عن طيب خاطر
                      بالنسبة للألفاظ أو التعبير التي تم توظيفها في الرسالة فلي تبرير نابع من قناعة داخلية وهو كالتالي :-
                      على الكاتب أو الشاعر أن يهتم بتصعيد الموقف الوارد أو التصعيد التعبيري عن ذاته والخروج عن نمطية ورتابة الموسيقى الداخليه فيما هو مكتوب وذلك لاسترعاء انتباه القارىء واستجلاب رغبته في اتمام النص , فالقارىء سيخلق بداخله رغبة في معرفة التفاصيل وما وراء الكلمات والكل يعرف ان القارىء والكاتب شريكان لا يقل احدهما عن الآخر
                      فان كتبنا وافتقرنا للقراء فما قيمة ما نكتب ولمن سيصل ااذاَ , وأنا في الواقع ممن يشجعون كل انواع النقد وقد عرف عنا كشعب اننا ممن لا يتقبلون النقد ولا يشجعونه وانا أرى أن النقد على العكس يسهم في فتح افق جديدة على ألا يكون بالطبع تجريحا وليس نقدا وهنالك فرق

                      بالنسبة لبيت الشعر الجميل الذي أرفقته فمن الممكن اتخاذه على جوانب أخرى فأنا من الممكن أن أفسره بالمدح لأن الليل لا يقل أهميه عن النهار
                      ولليل جماله قمره ونجومه البراقة الهدوء والسكينة فيه الخ
                      أخيرا أتمنى الخير لكم جميها وأشكر لكم تعليقاتكم الكريمة ولكم من قلب تحية خضراء
                      شُكراً .. لرب السماء

                      تعليق

                      • آمنة أبو حسين
                        أديب وكاتب
                        • 18-02-2008
                        • 761

                        #12
                        رد: كوب الشاي

                        الفاضل مكي النزال

                        مرورك منح السكينة

                        لك حدائق السوسن

                        تحياتي الطيبات
                        شُكراً .. لرب السماء

                        تعليق

                        • آمنة أبو حسين
                          أديب وكاتب
                          • 18-02-2008
                          • 761

                          #13
                          ويبقى كوب الشاي واجماً بالانتظار..!!
                          شُكراً .. لرب السماء

                          تعليق

                          يعمل...
                          X