حالة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • صبيحة شبر
    أديبة وكاتبة
    • 24-06-2007
    • 361

    حالة

    [align=center]حالة

    تشعرين بألم حاد ، تفتقدين الهواء ، تبحثين عن نسمات قليلة ، تبدد ما اعتراك من ضيق ، وما استبد بك من قلق ، وما اعتراك من اختناق ، تحاولين أن تعبري عن ألمك الممض هذا ، فلا يسعفك الكلام ، يظل لسانك قابعا في مكانه ، يأبى التحرك ، تحاولين أن تجعلي يدك تتحرك ، لتعبر عما اعتراك ، يصيبك اليأس ويستبد بك الإحباط حين تجدين إن أعضاءك التي تأتمر بأمرك ، قد تركتك حائرة ، وأضحت كسولة تؤثر الراحة ، على الاستجابة لطلبك المبهم ، الناس يتحركون ، تنظرين الى أفواههم ، تجدين ان ألسنتهم تلوك كلاما غامضا ، لاتقد رين على سماعه ، تنظر إليك الأعين متسائلة عما أصابك ، وتبذلين جهدا خارقا كي تردي على النداءات الكثيرة ، والمتكررة من هؤلاء الأشخاص ، الذين تركوك حائرة بأيد مجهولة ، تبدد طاقتك ، دون أن يمدوا يد العون لك ، هالك انك كثيرا ما كنت تسارعين الى مساعدة من يحتاجك وقبل ان يطلبها منك ، اختناق رهيب يمسك بتلابيبك ، ويتركك صرعى عاجزة عن الدفاع ، أين أصحابك ؟ يا من علمتهم القيام بما تشائين من أمور ،
    - الهواء ، الهواء أريد نسمة من الهواء
    لا أحد يسمعك في هذا الزحام الرهيب ، تتكلمين كثيرا ، فلا ينطلق لسانك ، اليوم هو في إجازة ، لم يطلبها ، وكان يجب أن ينبئك قبل اتخاذ القرار ، أتراه ملّ منك ومن أحاديثك الكثيرة ، التي تبعث الساَمة وتدعو الى النفور ، فَاَثر ان يقوم بإضراب بسيط ،ولو ليوم واحد استجابة لمطالبيه العادلة في الراحة ، لقد كان خادمك المطيع ، ظل ينفذ إرادتك ، ولم يفكر لحظة في التخلي عنك والتخلي عن واجبه ، والقيام بنزهة بعيدا عن عينك ، وترصدك
    - نسمة هواء من فضلكم
    من يسمعك ، وكلهم لاه بما حوله ، يتحدثون بكثرة ، ولا تعرفين عم يدور حديثهم؟ ، أنت عاجزة عن فعل شيء ينجيك من هذا الموقف الصعب الذي تجدين نفسك فيه رغما عنك ، انك واثقة إنهم يتكلمون ـ تنظرين إليهم باندهاش ، ترين أيادي تتحرك ، وأفواه تصعد وتهبط ، وعيون تنظر ، تشير لك أيديهم ، مصاحبة لكلمات لاتسمعينها ، لحظات يفكرون بك ، ثم يعودون بعجلة الى ما كانوا مشغولين فيه من اهتمامات
    - هواء ، هواء ، دعوني أتنفس قليلا.
    من يسمعك سيدتي في هذا الخضم الهائل من البشر؟ ، الكل يتحدث ، والجميع أخرس لا يستطيع سماع الآخرين ، تناشدين لسانك الأثير على نفسك ، ان ينجدك لحظة هذا اليوم ، تستغيثين مطالبة ببعض الرأفة ، لكنه أبى اليوم ان يستمع لك ، لماذا هو غاضب عليك اليوم ؟ ولا يلبي طلبك ؟ ويبدو انه لايسمع رجاءك ولا يستجيب له ، ما باله اليوم قد انزوى مبتعدا عنك ،واثر الراحة متقاعسا عن همومك ، هل أغضبته مثلا ؟ وهل نطقت بكلمات لا تتفق مع قناعاته ، قد تكونين مرغمة إياه على التعبير عن قضايا لايؤمن بصحتها ، لماذا أجبرته على ذلك التصرف ، أما كان الأجدر بك أن تستشيريه أولا ، بما تزمعين التصريح به من أراء ، ثم تحجريه بإرادتك التي يجب ان تنفذ وعلى الفور
    - هواء ، هواء ، أعطوني نسمة من هواء.
    من يسمعك ؟ والجميع لاه عنك وعن همومك ، الكل يتحدث ، ألسن منطلقة ، وأفواه تتحرك صعودا وهبوطا ، وأنت تحاولين التعبير عن أوجاعك ، أبى ذراعاك التحرك ، يرفض كفك القيام بما تريدين ، لسانك ما زال مضربا عن الكلام ، والهواء معدوم ، وأنت تنشدين نسمة من هواء عليل ،يعيد الى نفسك راحتها المسلوبة ، والجميع مشغول بنفسه عنك.
    - هواء ، هواء
    أفواه تتحرك بقوة وإصرار غريب ، وأنت لا تعرفين عن أي شيء يدور الحديث ، تجلسين بينهم بعيدة عنهم ، تحاولين الإنصات الى ما يقولون ، تفشل محاولاتك ، وتذهب جهودك أدراج الرياح ، تناشدين لسانك ان يعود إليك ، بحكم الصداقة الطويلة الممتدة بينكما طوال سنين عمرك ، كنتما نعم الصديقين المخلصين ، لم يبتعد عنك لحظة واحدة ، صحبك في أيام الرضا والغضب ، لحظات الحزن والفرح ، هل شكرته يوما على حسن صنيعه ؟ وهل كا فئته ؟ لماذا أراك اليوم مندهشة لما قام به من ابتعاد عنك ؟ هل تخشين ان يطيل النأي عنك ، وان يسلوك ، وأنت عاجزة تماما عن العيش بدونه ، من يفهمك في هذا اليم الهائل من الوجوه الخرساء ، التي لاتتقن التعبير عن أنفسها ، إن فارقك صديقك الوفي وَاَثر الابتعاد عن سلاطتك المعهودة ، عليك ان تقري بفضله ، وان تعترفي بما قدمه لك من صنيع رائع ، وان تحاولي إقناعه أن يعود إليك ، فآنت عاجزة عن الحياة ، بعيدة عن مهاراته الجميلة ، وكفاءاته الأخذة بالتزايد ،حسب اعتراف الأحباب والأعداء ، ولكن أين أحبابك في هذا الزحام الرهيب ؟ لماذا تركوك محبطة مهيضة الجناح ، تبحثين عن السمير والأليف ، في دنيا عز فيها ، من يقف بجانبك معاونا او مؤيدا ، تتواصل استغاثتك بلسان قد ابتعد عنك وأيد ترفض الاستمرار في الاستماع إلى ما تشائين.

    - هواء ، أرجوكم نسمة من الهواء
    الجميع أصم لا يسمع ، غير قادر على التواصل في بحر متلاطم الأمواج ، يشكو الناس الحرمان من الحب والفهم والتآزر.
    تسمعين نفسك تصرخ مستغيثة:
    - هواء ، هواء .
    لاأحد يسمعك ، يقتلك الظمأ ، يخنقك العطش ، وقد هجرك اللسان ، وتراخت اليدان عن تلبية ما تريدين .




    صبيحة شبر
    23 تموز 2007
    [/align]
  • ريمه الخاني
    مستشار أدبي
    • 16-05-2007
    • 4807

    #2
    هكذا هي الدنيا اقبال وادبار ومن احتاط ليوم الفقر الكبير....
    كان بخير
    قصة تصف حالة انسانيه بدقه ومهارة
    تحيه لقلمك

    تعليق

    • د.مصطفى عطية جمعة
      عضو الملتقى
      • 19-05-2007
      • 301

      #3
      الأخت المبدعة / صبيحة شبر
      سلام الله عليك
      القصة رائعة ، وتتميز بالكثير :
      * الأسلوب القصصي قائم على جمل قصيرة ، مترابطة ، مع ندرة حروف العطف ، واعتمادها على وصف الحالة ، وقد جمع الأسلوب بين حرفة الصياغة والدقة في التعبير النفسي والحركي والبصري
      * الحالة المعنية تشير إلى الاختناق العام الذي نشعر به في عالمنا العربي ، حيث الكبت والحرمان ويكون الهواء ( التنفس ) حلما بعيد المنال .
      * صياغة القصة بضمير المخاطب دال على أن الساردة توجه خطابا إلى المرأة العربية المقهورة ، وتتبنى قضاياها بشكل رمزي دال .
      القصة رائعة بالفعل ، وقد اعتمدت على صياغة قصصية محكمة دقيقة .
      دمت بخير سيدتي
      د. مصطفى عطية

      تعليق

      • صبيحة شبر
        أديبة وكاتبة
        • 24-06-2007
        • 361

        #4
        [align=center]الصديقة العزيزة ريمة الخاني
        الشكر الجزيل للمرور الجميل
        أسعدتني كلماتك
        دمت بخير[/align]

        تعليق

        • صبيحة شبر
          أديبة وكاتبة
          • 24-06-2007
          • 361

          #5
          [align=center]الأخ العزيز د.مصطفى عطية جمعة
          قراءة واعية وتحليل دقيق وثناء عاطر
          أسعدني تقييمك الجميل
          الشكر الجزيل لك دمت بتوفيق الله واسعاده[/align]

          تعليق

          يعمل...
          X