الخاتم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبد الحميد الغرباوي
    عضو الملتقى
    • 09-10-2009
    • 24

    الخاتم

    الخاتم
    ـ 1 ـ

    رأيتها تزم فمها كما لو أنها تستنفر كل قوتها لفعل شيء...أو للتخلص منه...
    قلت قبل أن أرى ما رأيت، ربما هو مغص ألم بها.
    و لأني رأيت خاتما، كان حين التقينا يطوق بنصر يدها اليسرى، و أنا أراه الآن، في كفها، فمن السهل التخمين أنها كانت حينذاك، تحاول أن تسله من إصبعها.. و لم يكن أمر الشفتين المزمومتين يتعلق بوجع في البطن كما خيل لي في البداية...
    وَجَدَتْ صعوبة في سله إذن...
    كما لو أن الخاتم لطول الزمن به محيطا بالإصبع، صار جزءا منه، أو خط له خطا واستقر به...
    الخاتمُ،
    فضي اللون،
    و لا أستطيع القول إنه من فضة..
    في الحقيقة لم أشغل عقلي كثيرا بطبيعة معدنه، ما أثارني هو شكله.
    أفعى صغيرة من فضة، تبرز لسانها المشقوق صعدا في اتجاه فص من حجر أسود براق...
    تساءلت: "لما فعلت ذلك؟..."
    و كانت الحرارة تشعر المرء أنه داخل حمام شعبي، و ليس في باحة مقهى أنيق يقابل أكبر ساحة في المدينة الصغيرة...
    أجبت نفسي:
    "قد تكون الحرارة هي التي جعلتها تخلع الخاتم.
    هذا الجو الحار، الخانق،
    الثقيل و الكئيب...
    الكئيبُ إلى الحد الذي لا أستطيع أن أتنفس، أن أحلم،
    و أن...
    هذه الحرارة ترغم المرء على فتح فمه استجلابا لهواء بارد و ليس للكلام.
    و النطق بـ " أف" أقصى ما يمكن التلفظ به...
    و هذه الحرارة تدفع المرءَ ليس إلى خلع خاتم فقط، بل إلى التخلص من الملابس...
    بعضِها طبعا،
    و ليس كلها ...
    تجنبا لأي حساسية و مراعاة للذوق العام...
    و على كل، فالمقهى ليست هي الحمام...
    و البادي الآن، خاتم فضي اللون، أفعاوي الشكل، تتلاعب به أنامل يدها اليمنى...

    ـ 2 ـ
    أنا الخاتم...
    ذاك الخاتم...
    ماذا أقول،
    كيف أعثر على الكلمة المعبرة عن قسوة الواقعة و عما أحدثه لي هذا الاعتداء الصارخ، الفادح في شناعته من وجع؟...
    الواقعة التي أعني لا علاقة لها بالواقعة الأخرى...
    الواقعة المشهورة،
    الموعودة..
    الدالة على خاتمة الهواء و الماء،
    خاتمة التربة و العشب،
    الحشرات و الهوام
    خاتمة الحيوانات و الطيور و الناس ... و الأشياء...
    أنا الخاتم،
    لِمَ أقلقتْ راحتي،
    هزتْ كياني،
    و حكمتْ علي بالطرد الأبدي؟...
    وحدي أعرف أنه خروج لا رجعة بعده...
    خروج أبدي..
    و كيف لا؟..
    و أنا كنت لصيق لحمها...
    أنتشي بدفئه،
    أنتعش برائحته...
    و من خلاله،
    كنت أسمع في عروقها دبيب الدم الساري...
    أقرأ في صدى نبضات قلبها الفرح الذي يحولها فراشة ملونة،
    أو كروانا صداحا يجعل الأفعى التي أتقمص شكلها تكاد من روعة الصدح ، تسري الروح في ذرات معدنها البارد فتتمايل طربا،...
    و من خلاله، كنت أقرأ الحزن الذي إذا ما أحكم قبضته على قلبها، يضطرب إيقاعه، و تعم جسدها برودة تكاد تشبه برودة الموت..تنكمش على نفسها و يتقطر جسمها عرقا، يغمرني الماء من تحت فأكاد أطفو...
    ـ 3 ـ

    و بيد مترددة قدمَتْ لي الخاتم قائلة:
    ـ خذ
    نظرت في يدها الممدودة..
    و مستغربا قلت:
    ـ و ما المناسبة؟
    ردت في اندهاش:
    ـ ألا تعرف !؟..ألا يقول لك الخاتم شيئا؟...

    ـ 4 ـ
    ...و تسأله إن كنتُ أنا الخاتم قلت له شيئا...
    ما تريد أن أقولَ له غير ما أريد أنا قولَه...
    تريدني أن أكون ناطقا بلسانها، و معبرا عن مكنون قلبها...
    ما أنا بالنسبة إليها سوى كلمة، رسالة بوح قصيرة جدا...
    ـ 5 ـ
    أجبتُ:
    ـ و ما عسى الخاتم قوله لي !...
    و ماذا تريدينني أن أعرف؟...
    لم ترد..
    نظرت في عيني مليا و عميقا، ثم ما لبثت أن شردت بعينيها نحو لهب الصهد الصاعد و المتجمع في الفضاء...
    أردفتُ:
    ـ و الله يا عزيزتي ما أنا عارف و الخاتم ما هو في نهاية الأمر سوى خاتم...

    ـ 6 ـ
    ما قلتَه في حقي صحيح...
    أنا مجرد خاتم...
    سلك من معدن بارد...
    لكني أعرف ما لا تعرف...
    و أعرف طاردتي حق المعرفة...
    تنتابها مشاعر عدم الثقة أحيانا، فتتصرف كما لو كانت في طور المراهقة...
    ـ 7 ـ
    صمتُها أزعجني...
    و شرودُها أربكني
    حتى أني ندمت...
    فماذا كان سيحدث لو أني أخذت منها الخاتم ؟...
    غير أن طبيعتي ترفض الهدايا التي لا تأتي في موعدها،..
    تأتي كضيف ثقيل دون مناسبة...
    طبيعتي ترفض الهدايا التي لا تقول شيئا،
    أو تكرر نفس القول مرات حد القرف،
    حد الأُفِّ أو الصراخ...
    و هذا الصهد... !
    لكن ما بيننا لا يمكن اعتقاله في تدويرة خاتم، لذا أرفضه...
    و لا يعجبني شكله...
    و أنا أتطير من الأفاعي...
    ـ 8 ـ
    أغنية سمعتها...
    سمعتها ذات هِجْرَةٍ ،عندما رافقت خاتما عجوزا داخل ظلمة جيب شخص صياد نساء...
    أغنية كان يرددها متهكما:
    " شفت الخاتم و اعْجبني
    تمنيتو يكون في يدي.."
    و أنتَ الآن ترفضني...
    و لعلمك، أنت أول شخص يرفضني، و هذا من حقك، و موقف شجاع يحسب لك لا عليك...
    أنا قبل أن اسكن إصبعها، سكنت أصابيع. و كل أصحابها كانوا يستغلونني لقضاء مآربهم، للوصول إلى أهدافهم الخاصة...
    بت أستهجن كلمة " حب " التي تتزامن و خروجي القسري من إصبع و الانتقال إلى إصبع آخر...
    أكرهها...لا أحب الحب الذي يرمق الآخر بعين النفاق...يرمق الآخر شبقا...مالي و هذا الحب الذي يجعلني لا أثبت في موضع واحد؟...
    ـ 9 ـ
    كانت لا تزال شاردة بعينيها نحو اللهب الطالع و المتجمع في الفضاء..و الخاتم في يدها...
    ـ 10 ـ
    مالي و هذا الحب البارد...
    الشفوي...
    المبتذل...
    الحب الآخر النقي،
    الخالص،
    الشديد،
    الصعب و الحار،
    من شأنه أن يجعلني أستقر في مكان واحد...
    ـ 11 ـ
    الخاتم في يدها
    و عيناها شاردتان.
    هي شاردة،
    و أنا حائر
    لا أحب
    لا أحبها...
    ولا أومن بالحب
    لا أومن بشيء اسمه الحب
    و أنا لا أفكر فيما هي تفكر
    و أنا لا أفكر كما هي تفكر...
    و ما بيننا لا يحتاج ميثاقا،
    و لا قسما
    ولا عهدا
    ولا ألما أو دما
    و لا خاتما...
    هذا الخاتمَ…
    لكني إشفاقا سأقبله...
    ـ 12 ـ
    أنا الخاتم...
    أنا المهاجر دوما،
    رغم فضتي،
    رغم أفعاي...
    أقول لكما
    خسئتما، خسئتما
    اللعنة عليكما...
    التعديل الأخير تم بواسطة عبد الحميد الغرباوي; الساعة 11-10-2009, 06:11.
  • دريسي مولاي عبد الرحمان
    أديب وكاتب
    • 23-08-2008
    • 1049

    #2
    رد: الخاتم

    حضور الأفعى هنا جعلني اتذوق النص مثل الثمرة المحرمة...فهل كنت متواطئا في قراءتي؟
    القدير ع الحميد الغرباوي...
    اللسان مزدوج وجارحة الأفعى متصدعة واللغة مخاتلة والشعور يكتنفه الغموض والحب صار أكذوبة والحية منذ بدء الخليقة تذوقت الشيطان فكان على طرف لسانها...فهل أصبح على لسان لابسة الخاتم؟
    نص قوي...وتملكتني رعشة وأنا أعيد قراءته...فأفقه كوني منذ بداية الكلمة وثغثغاتها...لا تحده تخوم ولا تحاصره سوى المعاني المترامية على عمق المأساة الاصلية...
    هو خاتم أنبأ بنهاية الميثاق المعهود.
    تقديري الكبير

    تعليق

    • مجدي السماك
      أديب وقاص
      • 23-10-2007
      • 600

      #3
      رد: الخاتم

      المبدع عبد الحميد الغرباوي..تحياتي
      قرأت هنا الخاتم..بكل معانيه..وابعاده. سعدت لهذا الزخم من القص الرفيع..واللغة السلسة بلا تكلف.. بكل ما فيها من بساطة صعبة. سعدت هنا كثيرا. وسعدت لتواجدك في هذا الملتقى..ووجودك مكسب كبير..اتمنى لك طيب المقام..والسعادة.
      خالص احترامي
      عرفت شيئا وغابت عنك اشياء

      تعليق

      • عزام يونس الحملاوي
        أديب وكاتب
        • 11-07-2009
        • 64

        #4
        رد: الخاتم

        الفاضل عبدالحميد الغرباوى
        نص رائع جعلنى اعيد قراءته لجمال مفرداته
        شكرا على هذا الجهد والى الامام
        تحياتى ومودتى
        [bimg]http://up4.m5zn.com/9bjndthcm6y53q1w0kvpz47xgs82rf/2009/9/9/08/1r6n1m054.jpg[/bimg]

        تعليق

        • سعاد عثمان علي
          نائب ملتقى التاريخ
          أديبة
          • 11-06-2009
          • 3756

          #5
          رد: الخاتم

          الأستاذ عبد الحميد الغرباوي
          اهلا بك وبعودتك الى بيتك
          ...وماعساني ان أقول على قصة كتبها أستاذي؟
          الروعة -ودقة المعاني-وتجسد العقل والكرامة-والصمت الناطق
          والحركات المفسرة-والوجوم الواضح
          وأجمل مافي الموضوع حدوث مالم نتوقعه
          -بارك الله فيك ايها الأديب البارع
          مع اطيب امنياتي
          سعادعثمان
          ثلاث يعز الصبر عند حلولها
          ويذهل عنها عقل كل لبيب
          خروج إضطرارمن بلاد يحبها
          وفرقة اخوان وفقد حبيب

          زهيربن أبي سلمى​

          تعليق

          • محمد الصاوى السيد حسين
            أديب وكاتب
            • 25-09-2008
            • 2803

            #6
            رد: الخاتم

            تحياتى البيضاء
            لا أحسب أن القارىء يمكنه أن يخرج من قراءة هذا النص الإنسانى دون أن يتغير أفق تلقيه ونظرته للحياة الداخلية للأشياء ، هنا نجد الخاتم يستحيل معادلا موضوعيا ليعبر عن جوهر فكرة السرد التى يحتويها السياق، الخاتم هو الذى يوحى لنا أن هناك مشكلة بين بطلى النص وان هناك اختلافا فى رؤاهما ومشاعرهما بحيث تتغاير نظرة كل منهما للخاتم بما يعبر عن حس ووجدان مختلف لكلا البطلين ، يمكننا القول إن الخاتم هنا يلعب ما يشبه دور الجوقة فى المسرح فهو يطل علينا فى مشاهد عدة ليضىء لنا فى براءة وسلاسة إضاءة جديدة كل مرة على سياق الحدث الذى نتابع مجرياته بين الحبيبن

            تعليق

            • محمد فهمي يوسف
              مستشار أدبي
              • 27-08-2008
              • 8100

              #7
              رد: الخاتم

              الأستاذ عبد الحميد الغرباوي
              الرمزية المبدعة في التلميح الفصيح والتي تأتي من الخاتم الناطق
              لتشير إلى رفضه لنقيض قيم الأخلاق بين الحية والشيطان مما دفعته
              إلى لعنهما معا في نهاية نقضهما لميثاق الشرف والسير وراء الهوى
              بقوله لهما

              (
              أقول لكما
              خسئتما، خسئتما
              اللعنة عليكما...)
              تقص ببراعة ما يحدث بين بعض البشر مما يخزى له الجبين في نقض العهود
              شكرا لقلمك الراقي وسرد ( الخاتم ) المحيط بأحداث المجتمع

              تعليق

              • محمد المنصور الشقحاء
                قاص
                • 12-12-2008
                • 25

                #8
                رد: الخاتم

                التوتر يرتبط بالتمرد والمعاناة والخاتم هنا ايقونة حب لم تكن نتائجه ايجابية
                رغم هيمنة السرد الأحادي البسيط.
                وقد برز الجانب المأساوي المضحك في هذه الصورة.
                نص جميل بمشاعر انسانيه راقيه


                تحياتي

                تعليق

                • نعيمة القضيوي الإدريسي
                  أديب وكاتب
                  • 04-02-2009
                  • 1596

                  #9
                  رد: الخاتم

                  الخاتم هو العنوان،هو الفكرة،هو حلقة الوصل بين البطلين،إن لم نقل هو الدلالة الرمزية ككل للقصة؟
                  القاص القدير عبد الحميد الغرباوي
                  منكم سيدي نتعلم
                  تحياتي





                  تعليق

                  • عبدالرحيم الحمصي
                    شاعر و قاص
                    • 24-05-2007
                    • 585

                    #10
                    رد: الخاتم

                    [align=center]
                    نص بديع يحمل رسالة قوية للمتعاقدين ،،

                    محبتي ،،

                    الحمصـــــي
                    [/align]
                    [align=center]هل جنيت على أحد و أنا أداعب تفاصيل حروفي ،،،؟؟؟


                    elhamssia.maktoobblog.com[/align]

                    تعليق

                    • عبد الحميد الغرباوي
                      عضو الملتقى
                      • 09-10-2009
                      • 24

                      #11
                      رد: الخاتم

                      الإخوة و الأخوات:
                      الإدريسي مولاي عبد الرحمن،مجدي السماك،عزام يونس الحملاوي،سعاد عثمان علي،محمد الصاوي السيد حسين،محمد فهمي يوسف، محمد منصور الشقحاء،نعيمة القضيوي الإدريسي، عبد الرحمن الحمصي
                      تعليقاتكم و انطباعاتكم تركت أثرا عميقا في وجداني، بها أجدد نشاطي و أستمد مزيدا من القدرة على الاستمرار في الكتابة.
                      إبداع يفتقر إلى قراء، مصيره الرفوف و غبار النسيان..
                      لكم و لكن مني خالص الامتنان و التقدير.

                      تعليق

                      • نجوى شحادة
                        • 09-10-2009
                        • 5

                        #12
                        رد: الخاتم

                        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                        صحيح ان الحوار الاحادي الذي عبرت فيه عن مكنونات صدرك باسلوب شيق الا ان ظروف الحوار المرافقة لم تعط الطرف الاخر فرصة اعلان سبب الملل اذا افترضنا انه حصل او الغدر او الانسحاب لاي سبب كان ,مما لا يشجعني على ان اعترف لك يقينا وبصدق بالفضل على الاخر .لذلك انا وان تعايشت مع تداخل احاسيسك عند الواقعة وتلمست ذهول الموقف عليك الا انني لا استطيع ان احسبك انك اعطيت الفرصة للاخربحوار يدعم تشويه صورته كما اظهرتها ولعنتها مع فائق احترامي وتقديري.
                        نجوى شحادة
                        التعديل الأخير تم بواسطة نجوى شحادة; الساعة 12-10-2009, 11:51.

                        تعليق

                        • عبد الحميد الغرباوي
                          عضو الملتقى
                          • 09-10-2009
                          • 24

                          #13
                          رد: الخاتم

                          ردا على تعليقك سيدتي أقول:
                          أولا: الكاتب ليس بالضرورة هوالراوي ، لذا كان الأولى توجيه ملاحظاتك للراوي.
                          ثانيا: عن أي ملل تتحدثين سيدتي؟ و عن أي غدر أو انسحاب؟
                          ثالثا: الحكاية ( القصة) لا تسعى إلى إبراز فضل هذا على الآخر ،

                          و ليس هدفها الإنصاف،

                          و لا تقوم على معادلة الحق و الباطل.

                          إنها عمل أدبي، يتصور حالة، قد تكون حدثت أو قد تحدث، أو لن تحدث أبدا...
                          أيضا هي عمل أدبي الهدف منه تحقيق متعة فنية دعاماتها: بناء و لغة و خيال...
                          رابعا: أنا الكاتب، وبما أن خطابك كان،من البداية و إلى نهاية، موجها إلي، أقول لك، بل أطمئنك أن ليس بيني و بين المرأة صراع، أو تصفية حساب أو حسابات..المرأة أجلها و أقدرها و لي فيها أم و أخت و زوجة و ابنة...و صديقات..
                          خامسا: يبدو أنك تسرعت في تعليقك، أو أنك قرأت النص/ القصة و أنت تتعاطفين مع المرأة (داخل النص) كما لو كانت ضحية مؤامرة أو تعسف...و لعلمك، فالذي لعنها (في القصة/ النص، طبعا) لعن الرجل أيضا و ما اللاعن في القصة سوى الخاتم، و ليس الكاتب أو الراوي..
                          سادسا: إن الكاتب الأدبي لا يحمل (أثناء الكتابة) قلما في يد و ميزان عدل في اليد الأخرى... هو لا يوزع الحسنات و السيئات على أبطاله بالتساوي ...الكاتب الأدبي يكتب في خلوته الخاصة ، كما يكتب في مكان عام، و هو ليس محاميا يدبج نص مرافعة، مدعمة بالفصول و القوانين، و تتكدس على سطح مكتبه ملفات قضايا...
                          خلاصة القول، نحن أمام لعبة نسميها لعبة السرد...و ما السرد هنا سوى قصة هي بنسبة تسعين في المئة من نسج الخيال...
                          علينا ألا نضخم الأشياء و نعطيها أكثر من حقها...
                          كما أن النص لا يطغى عليه الحوار الأحادي.. و لا أحبذ كلمة (الحوار)، ما معنى " حوار أحادي"؟...الحوار يكون بين اثنين أو أكثر..و قد يكون مع النفس و في هذه الحالة نسميه بالحوار الداخلي أو الجواني.

                          و على أية حال، القصة أمامك : هناك صوتان داخل النص.
                          قصة (الخاتم) لا تقدم نفسها كما لو كانت مرافعة ضد امرأة لم تصن عهدا سابقا...

                          و لا تقدم نفسها باعتبارها مقترح قانون مجحف في حق المرأة، و من خلالها يدعو (الراوي) أو الكاتب إن شئت، إلى مناقشته و المصادقة عليه ليصبح قانونا ساري المفعول في الحياة العامة، يلقى بموجبه القبض على أية امرأة ضبطت متلبسة بجريمة الخروج عليه و عدم احترامه .
                          أحترم ما جاء في تعليقك سيدتي، لكن الضرورة تقتضي الرد. و هذا الذي فعلت.
                          خالص تقديري
                          التعديل الأخير تم بواسطة عبد الحميد الغرباوي; الساعة 12-10-2009, 16:23.

                          تعليق

                          • هــري عبدالرحيم
                            أديب وكاتب
                            • 17-05-2007
                            • 509

                            #14
                            رد: الخاتم

                            "الخاتم" سرد تتبعتُ خيوطه وخطوطه لأجدني ألج عالما متجددا من عوالم عبد الحميد الغرباوي، فهو في كل نص ياتينا بشيء مغاير تماما لما سبق، وهنا يكمن المبدع والأديب المتمرس.
                            الخاتم هو عبارة عن مفتاح لرسالة يريد الكاتب أن يوصلها للقاريء، وليست الرسالة بالضرورة هي الموقف من قضية ما، بقدر ما هي منح القاريء فرصة للتخييل، ومتعة القراءة ، أو لذة النص كما يسميها رولان بارت.
                            ما يعجبني في سرود عبد الحميد الغرباوي هي تلك التفاصيل الدقيقة التي يتتبعها بأسلوب غير متكلف ولا ممل، كأنه يرتب حبات المرجان ليصففها في عقد، فتأتي القصة متكاملةً من حيث المضمونُ ومن حيث إشباع متعة القاريء.
                            تحيتي للأستاذ عبد الحميد الغرباوي، ومرحبا به هنا.
                            رابط أحسن المدونات:
                            http://www.inanasite.com/bb/viewtopi...hlight=#122818

                            تعليق

                            • عبد الحميد الغرباوي
                              عضو الملتقى
                              • 09-10-2009
                              • 24

                              #15
                              رد: الخاتم

                              فقط لبيان العلاقة بين الكاتب(الحقيقي) و الراوي، و لمزيد من التوضيح، في سياق ردي على ما ورد في تعليق الزميلة نجوى شحادة، أقدم مقتطفات من مقال الدكتور سعد العتابي: الراوي بوصفه مكونا سرديا.
                              ـــــــ
                              *ميّزت السرديات الحديثة بين الكاتب الحقيقي والرواي، فعدّت الأول معطى خارجياًأي خارج النص الروائي في حين عدّت الثاني معطى نصياً له إشارات لغوية تدلعليه وتؤشر موقعه وأسلوبه بوصفه مكوناً روائياً ينتج المبنى الروائي(ويروي الحكاية أو يخبر عنها سواءً أكانت حقيقية أم متخيلة)، لأننا فيالأدب الروائي (لا نكون أبداً إزاء أحداث أو وقائع وإنما إزاء أحداث تقدمعلى نحو معين) فقد يختار الراوي (الخطاب المباشر أو الخطاب المحكي وقديختار التتالي الزمني أو الانقلابات الزمنية فلا وجود لقصة بدون سارد ـراوي).
                              *إن التحليل المحايث للنصوص الروائية أفضى إلى أن الراوي ما هو إلا (دورمبتكر مبني من طرف الكاتب)، أي أنه قناع يرتديه الكاتب ليكون الوسيطبينه وبين القارئ ويتوسل به للانتقال من العالم الحقيقي الذي يعيشه إلىالعالم الخيالي الذي يتمناه ويصفه داخل العمل الروائي وبذلك فإنه يعكس(التمييز الذي عاشه الكاتب بين الوجود اليومي والوجود الآخر الذي يعد بهنشاطه الخيالي ويسمح بحدوثه).
                              رابط النص الكامل للدكتور سعد العتابي:
                              ميّزت السرديات الحديثة بين الكاتب الحقيقي والرواي، فعدّت الأول معطى خارجياً أي خارج النص الروائي في حين عدّت الثاني معطى نصياً له إشارات لغوية تدل عليه وتؤشر موقعه وأسلوبه بوصفه مكوناً روائياً ينتج المبنى الروائي (ويروي الحكاية أو يخبر عنها سواءً أكانت حقيقية أم متخيلة)( )، لأننا في الأدب الروائي (لا نكون أبداً إزاء أحداث أو




                              التعديل الأخير تم بواسطة عبد الحميد الغرباوي; الساعة 16-10-2009, 18:34.

                              تعليق

                              يعمل...
                              X