السينما بين الشكل والمضمون/ كتاب 1 ليسري شراب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • يسري راغب
    أديب وكاتب
    • 22-07-2008
    • 6247

    السينما بين الشكل والمضمون/ كتاب 1 ليسري شراب

    السينما بين الشكل والمضمون
    ----------------------------
    تاليف
    يسري راغب شراب
    ----------------------------
    المقدمه / سينما تؤثر ولا تتآثر
    الفصل الاول / اختراع القرن العشرين
    الفصل الثاني / السينما العربيه في القرن العشرين
    الفصل الثالث / السينما والمجتمع
    الفصل الرابع / السينما والقيم
    الفصل الخامس / السينما والسياسه
    الفصل السادس / السينما والتاريخ
    الفصل السابع / السينما والحرب
    الفصل الثامن / السينما وفلسطين
    الفصل التاسع / السينما والكوميديا
    الفصل العاشر / السينما والجريمه
    الفصل الحادي عشر / الخاتمه
    ملحق بكلام وافلام
  • يسري راغب
    أديب وكاتب
    • 22-07-2008
    • 6247

    #2
    رد: السينما بين الشكل والمضمون/ كتاب 1 ليسري شراب

    [align=center]
    المقدمه
    ----------
    المطلوب : سينما تؤثر ولا تتأثر

    المشكلة العربية : مشكلة حضارة او تخلف ..!!
    في كل المجالات مشكلتنا محصورة بين الحضارة وبين التخلف ..!! لذا من الضروري على كل كاتب ملتزم , وعلى كل قلم منبري , ان ينبه دوما الى هذه النقطة وبالحال مستمر , حتى نستفيق من غفرتنا ونفرق بين الصالح والطالح في حياتنا الآنية والمستقبلية ..!!
    وليس من باب التكرار , او الافلاس الفكري , ترديد ذلك اكثر من مرة .
    والسينما العربية , هي المفاعل القادر على تفجير الطاقات الانسانية وتغيير السلوكيات المتخلفة عربيا , من خلال قدرتها على محاكاة الواقع العربي يقصد ادانته او مدحه في جانب من جوانب حياتنا اليومية الرتيبة ..!!
    ولذا فالمطلوب عربيا على المستوى السينمائي :
    هو سينما تؤثر ولا تتأثر ..؟!
    1- السينما المؤثرة هي التى تقود الناس الى سلوك افضل من خلال فيلم عربي يتحدث عن اشكال الشخصية العربية وبنائها المجتمعي , بتفصيل فنى دقيق ومحبوك ..!
    2- والسينما المؤثرة هي التى تشير الى التاريخ العربي بواقعية تتحدث عن بطولة الفرسان , وصمود الابطال , وانتصار الرجال للعقيدة والمبادئ باعتماد اكبر الامكانيات لمثل هذا الفيلم التاريخى , حتى ينقل معايشة كاملة لجمهور الثمانينات من القرن العشرين الميلادي , عن اجداده السابقين من جمهور العرب في القرن الخامس وحتى العاشر الميلادى بروايات تاريخية صادقة ومعبرة .
    السينما المؤثرة هي التى تضع يدها على نقاط الضعف العربي من القاعدة الى القمة والعكس صحيح , فلسنا بحاجة الى فيلم عن حرب سنة 1956 ياتى بطائرتين في السماء او جندى يتلقى اوامر قائده في مناظر متقطعه من هنا وهناك لا تمت للواقع باي صلة .. نريد الدخول الى اعماق الجندي العربي وهو يقاتل في الحروب العربية – الاسرائيلة , ليفهم الجندي نفسه انه قصر هنا , وانه تميز هناك , وانه كان بطلا في هذه الواقعية , وكان مترددا فى تلك , نريد الحرارة والصدق في السينما تؤثر على الجندي والقائد العسكري , من خلال فيلم عربي يتحدث عن نشوة التحدى سنة 1956 , ومرارة النكسة سنة 1967 , وحلاوة العبور سنة 1973 , وبطولة المقاومة في الكرامة سنة 1968 , وعنادها في حصار بين بيروت سنة 1982 .
    نريد فيلما عن الشهيد عبد المنعم رياض , كيف كان يعيش أيامه في يونيو سنة 1967 وكيف عاش يومه الأخير في موقع متقدم على جبهة القتال سنة 1969 .. الخ .
    والسينما التي تؤثر هي سينما الفيلم السياسي الواقعي , الذي يتحدث بتفصيل دقيق عن هذا السياسي أو ذاك , وعن ذلك الحزب وتلك المنظمة وفي حياتنا نماذج كثيرة من البشر يمكن أن نتحدث عنها بدقة وتفصيل .. عن الأيام الأخيرة في حياة كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار , شهداء الفردان , وعن ليلى خالد وغسان , وعن تفكير رجال تاريخيين وحياتهم .
    عن مثل هؤلاء بواقعية كاملة دون تحريف ودون تغيير إلا في الأسماء وبأسلوب سينمائي محبوك قادر على نقلنا إلى أجواء الحياة السياسية مع الزعماء والقادة كما هو قادر على نقلنا مع مافيا الشرق ومثير ..!! وهذا كله وليس غيره القادر على وضعنا في مصاف السينما العالمية .. حين تكون سينما تؤثر ولا تتأثر ..!!
    مع الواقعية كلنا نحتفظ إلى الأبد في مخيلتنا أفلاما قوية وناجحة , لان الواقعية تجعلنا نعايش الحقيقة , فتؤثر علينا باى شكل من الأشكال , الواقعية التي هزتنا في الفيلم الحربي : أعماق البحار وأغنية على الممر, والفيلم السياسي : جميلة الجزائرية وليلة القبض على فاطمة , والأفلام التاريخية : الناصر صلاح الدين وعنترة , والمماليك وظهور الإسلام , واإسلاماه وعمر المختار , والأفلام الاجتماعية : العار وسواق الأتوبيس , والنمر الأسود وخرج ولم يعد , والحريف وأفواه وأرانب وأريد حلا , والمذنبون والخوف وزوجتي والكلب .
    وغيرها من لأفلام الناجحة التي تثبت في الذهن وأثرت فيه ..!! لأنها أفلام تحدثت بواقعية , وقدمت مضمونا جيدا , ولم يعتمد نجاحها على اسم النجم , او على أغانيه , والعاريات فيه , بل لأنها أفلام شاركت مع الجميع , فقراء وأغنياء , وجهلة ومتعلمين , في البحث عن إجابة لمائة سؤال وسؤال , وفي الوصول إلى حل لقضية من القضايا الخافية على الناس , كما حدث في فيلم " الصعود إلى الهاوية " .. ومسلسل " دموع في عيون وقحة " .. ومسلسل " زينب والعرش " .
    ولو حاولنا التدقيق قليلا كنقاد وفنيين وروائيين , وكتاب وصحفيين , عن أسباب النجاح الأكيدة في مجموعة الأفلام السابقة ذكرها , ستجد أن وراء هذا النجاح : واقعية , وصدق في التعبير .. واهتمام بالموضوع الواحد دون التشتت ..
    الواقعية والصدق في التعبير تحتاج إلى سيناريست ممتاز , وممثل رائع , وديكور مناسب .
    وتجانس الموضوع الفني ووحدته يحتاج إلى مخرج بارع يهتم بأصغر التفاصيل ..!!
    السينما التي تؤثر , ليست سينما عادل إمام , وليست سينما نور الشريف أو فاتن حمامة , وليست سينما يوسف شاهين أو سعيد مرزوق ..
    السينما التي تؤثر هي سينما الموضوع الصادق والمعبر عن حقيقة الحال , دون تزييف أو تلميع سينمائي ..!!
    ونجاح يوسف شاهين أو سعيد مرزوق في كل أفلامهما يعود إلى اختيارهم للواقعية والموضوعية , والبحث عن المضمون ..!!
    ونجح نور الشريف وفاتن حمامة وعادل إمام في التمثيل يعود إلى قدرتهم على التعبير بشكل أفضل من غيرهم حول أبطال القصص السينمائية التي يمثلونها
    والجمهور ليس مغفلا أبدا ..
    فهو حين ينحاز إلى الممثل قبل المخرج , ويعطى احترامه للممثل قبل السيناريست فلأن السينما التي يعيشها هي سينما الممثل والنجم وليست سينما الموضوع .
    والجمهور ليس تافها أبدا ..!!
    لأن التفاهة قادمة مع المنتجين تجار البندورة والقوطة والطماطم .. الخ .
    فماذا يفعل هذا الجمهور المسكين مع سينما يتحكم فيها السماسرة القوادون ..!!
    ولذا نحب نطالب :
    - بسينما تؤثر على الجمهور موضوعيا ..!!
    - بسينما تؤثر على الممثل فنيا ..!!
    ولا نريد سينما تتأثر بالجمهور , وتخضع للممثل , وتخشى المنتج ..!!
    فسينما تتأثر ولا تؤثر ستظل عقيمة ولن تنجح أبدا .

    [/align]

    تعليق

    • يسري راغب
      أديب وكاتب
      • 22-07-2008
      • 6247

      #3
      رد: السينما بين الشكل والمضمون/ كتاب 1 ليسري شراب

      الفصل الاول
      --------------
      السينما اختراع القرن العشرين
      -------------
      المبحث الاول
      السينما العالميه في نصف قرن
      السينما العالمية في نصف قرن
      اول انتاج سينمائي عربي كان فيلم " ليلى " المصرى 1912
      - حسب الاحصاءات الفرنسية , ودائرة المعارف , يعتبر فيلما فنيا كل فيلم روعي الجانب التجاري في صناعته واستغرق عرضه ساعه او اكثر .
      واول فيلم من هذا النوع هو فيلم شارلز تيت " قصة عصابة كيللي " , وكان طوله اربعة الاف قدم , أي حوالى الف ومئتين وتسعة عشر مترا.
      صور هذا الفيلم في استراليا . والطريف ان بطله , وهو كندي غير معروف , اختفي تماما قبل نهاية الفيلم .
      اليزابيت فتشت لعبت دور كيت كيللى وشاركها اولى ويلسون , فرانك ميلز , بيلا كول , وفيرا لندين .
      بلغت تكاليف الفيلم 450 استرلينية , ومر العرض الاول في ميلبورن في 24 كانون اول عام 1906 وقد استرد تكاليفه خلال الاسبوع الاول , جامعا في نهاية العرض 25 الف استرلينية .
      لم تصمد أي نسخة من الفيلم , بل عدة نتف طبعت على بطاقات خاصة , للذكري والتاريخ , طولها مجتمعة مائتان وعشرة اقدام . أي حوالى اربعة وستين مترا .
      -واستراليا هي البلد الوحيد في العالم , الذي اتجه الى انتاج سينمائي منتظم قبل العام 1911 .
      -واول فيلم طويل انتج في اوروبا , هو فيلم ميكل كاري " الابن الضال " الذي شهد عرضه الاول مسرح المنوعات " مونتمارتر " في باريس في عشرين حزيران عام 1907 .
      ونقطة الضعف في هذا الفيلم هي انه اقتبس مسرحية كما هي ودون أي تكييف سينمائي او ابداع او تغيير .
      -اما اول فيلم اوروبي كتب له سيناريو سينمائي خاص فهو " البؤساء " الذي انتجه باتي عن قصة لفيكتور هوغو .
      -واول فيلم فني عرض في انكلترا كان " عصابة كيللي " وذلك في قاعة مجلس النواب عام 1908 .
      -اما اول فيلم فني انتج في الولايات المتحدة الامريكية فهو " البؤساء " , الذي صور بين الثمانية عشر من ايلول والسابع والعشرين من تشرين الثاني عام 1909 .
      -فيلم " حياة موسى " وزع ايضا في كانون الاول عام 1909 وشباط من العام ذاته .
      -اما الفيلم الفني الذي وزع كاملا في الولايات المتحدة الامريكية فهو فيلم دانتي " اينفيرنو" وذلك في اب عام 1911 .
      ثم جاء الفيلم الرائع " اوليفر تويست " وهو كان اول انتاج طويل يعض كاملا في امريكا , وجاء بعده " اتلانتيس " .
      وبما ان الامريكي لم يكن يهضم الافلام الطويلة اضطرت شركات الانتاج في بريطانيا الى اختصار كل افلامها الى النصف قبل شحنها الى امريكا .
      -ومع بداية الحرب العالمية الاولى ( 1914 ) دخلت في الصورة بلدان راحت تنتج هي ايضا الافلام , وابرزها او ستراليا , فرنسا , المانيا , ايطاليا , روسيا , اسبانيا , اليابان , انكلترا , امريكا , البرازيل , الهند , وكندا .
      -وفي عام 1912 دخلت البلدان العربية ضمن دولاب صناعة الافلام الذي كان يدور حول العالم ..
      مصر مثلا , انتجت فيلم " على طريق الاسكندرية " عام 1912 , ثم فيلم " شرف البدوي " ( 1918 ) ثم " قبلة في الصحراء " ( 1927 ) للمخرج ابراهيم لاما .
      ويعتبر فيلم " ليلى " اول فيلم فني مصري لانه انتج قبل كل هذه الافلام ولكنه وزع بعدها .
      ( 1932 ) اخر الافلام المصرية الاولى . العراق انتج هو ايضا عام 1949 فيلم " ليلى في العراق " .
      لبنان بدا انتاج عام 1929 بفيلم " مغامرات الياس مبروك " وهو كوميديا عن مهاجر لبناني عائد من امريكا .
      اخرج الفيلم د . جوردانو بيروتي . وبعد " مغامرات الياس مبروك " جاء فيلم " في هياكل بعلبك " ( 1936 ) اخراج جورج كوستي , انتاج لومينار فيلم .
      وسوريا ايضا سارعت وانضمت الى البلدان المنتجة . وكان اول فيلم درامي صدر عنها هو " المتهم البرئ " 1928 وهو فيلم بوليسى , اخراج وبطولة ايوب بدري ..
      وبعده جاء فيلم " ليلى العامرية " 1947 للمخرج نيازي مصطفي .
      افضل سنوات الانتاج بالنسبة الى انكلترا هي سنة 1936 , فقد انهت فيه 192 فيلما فنيا .
      اما اسوا سنوات المملكة المتحدة , في الانتاج , فهو عام 1925 وعام 1926 وقد انتج في كل عام 33 فيلما فقط .
      افضل سنوات الولايات المتحدة الامريكية , هي سنة 1921 حيث سجل 854 فيلما . واسوا سنوات امريكا كانت سنة 1963 التي انتج فيها 121 فيلما فقط .
      -اسوا حادث في تاريخ السينما العالمية , ذهب ضحيته 27 شخصا , عندما انفجرت الباخرة " فيكنغ " في 15 اذار عام 1931 وخلال تصوير فيلم " الفيكنغ " .
      -منتج الفيلم كان فاريك فريسل , وقد لاقي حتفه هو ايضا في
      الانفجار .
      اما ثاني اسوا كارثة في هوليوود فقد رافقت عرض فيلم " مثل هؤلاء الرجال خطرون " عندما وقع حادث اصطدام مروع بين طائرتين . عشرة اشخاص قتلوا في هذا الحادث :
      اسم هوليوود
      -اول اوروبي سكن المنطقة التي تعرف اليوم باسم هوليوود في كاليفورنيا بامريكا , كان اسمه نوباليرا , وهو من مواليد المكسيك , وقد بني له مسكنا عام 1853 .
      اسم " هوليوود " ابتكرته السيدة هارفي هندرسون ويلكوكس زوجة احد الاثرياء في المنطقة , وقد اختارته بعدما شاهدت بيتا صيفيا قرب شيكاغو اسمه هوليوود .
      اكتشاف تلال بيفرلي تم عندما استاجر الممثل الاثري دوغلاس فيربانكس بعض الامتعة الرياضية , ثم قام ببناء مصانع فوق تلال بيفرلي , وكانت ارضا خصبا لزراعة الفول , وقد اسماها
      " تلال بيفرلي " نظرا لجمالها ولتربتها الصالحة والغنية ..
      عام 1980 , وبعد موت زوجة دوغلاس فيربانكس , عرضت الفيلا للبيع بمبلغ 10 ملايين يرة .
      اول فيلم درامي صنع في مقاطعة لوس انجلوس كان " الكونت مونت كريستو " لفرانس بوغز , وقد صور في عدة اماكن بالاضافة الى لوس انجلوس .
      اما اول فيلم صور كاملا في لوس انجلوس فهو " قوة السطان " بطولة هوبارت بوزوورث الذي كان مصابا بالسل .
      اما اول استوديو في لوس انجلوس , فقد بني عام 1909 واكمل عام 1910 وعام 1911 .
      اول فيلم صنع في هوليوود هو " في كاليفورنيا القديمة " وقد صور في يومين ووزع في 10 اذار عام 1910 .
      اول فيلم ناطق صور في هوليوود هو " انهم اتون للقبض علي " وقد وزع عام 1926 .
      علامة هوليوود واشارتها المميزتان شيدتا فوق تلال هوليوود عام 1923 وقد كلفتا 21 الف دولار , وكتب عليهما : ارض الخشب المقدسة .
      - ولمعلوماتك حول هوليوود عبر تاريخها الطويل في الانتاج السينمائي : .. كان اول فيلم ناطق تم عرضه في العالم هو الفيلم الامريكي " مغنى الجاز " وعرض في 7 \ 10 \ 1927 , وكانت الملصقات الدعائية للفيلم تقول : - الكل يحكي .. الكل يرقص .. في مغنى الجاز . واسندت بطولة الفيلم الى " آل جونسون " , الذي كان كوميديا , وكان عليه ان يؤدي دور عازف زنجي , ببشرته البييضاء , في وقت كان مستحيلا فيه وصول السود الى الاضواء ... !!
      وفي الحقيقة ان محاولات كثيرة جرت قبل " مغني الجاز " صاحبتها الموسيقى التصويرية , الا ان مغني الجاز اول فيلم نطق فيه الممثلون . وقد بدأ إدخال الموسيقى التصويرية مع الفيلم سنة 1923 أي قبل الفيلم الناطق باربعة اعوام , حيث كان يعتمد على عازف بيانو في صالة العرض قبل سنة 1923 .. !!
      اما ولادة الفيلم الملون الكامل فقد كانت في سنة 1935 وبعد الفيلم الناطق بثمانية أعوام , وبعد بداية السينما الصامتة بربع قرن . حيث بدأ العمل في السينما ككل سنة 1902 .
      ويعتبر شارلي شابلن من أوائل الذين عملوا في السينما سنة 1910 , وقد أنتج أكثر من فيلم صامت بعد أن نطقت السينما سنة 1927 , فقدم فيلم " أضواء المدينة " الصامتة سنة 1931 , وقدم تحفته السينمائية "الازمنة الحديثة " صامت ايضا في سنة 1936 , لانه كان منحازا للسينما الصامتة , وكان يعتبرها الافضل والاروع والامتع . وهذا يعود الى قدراته العظيمة في تمثيل الفيلم الصامت .
      -------------------------------------------------------------------
      المبحث الثاني
      السينما الصامته
      فلاش باك
      مع السينما الصامتة

      كل الاختراعات الحديثة في عالم الفنون , لها تاريخ , وهي متصلة ببعضها البعض – فميلاد الاسطورة او الحكاية – احيا لدى الناس الناس القدرة على التخيل , وبالتالي صنع لديهم حاسة تمثل هذه الاساطير وتلك الحكايات , فكان المسرح , ابو الفنون التمثيلية , هو البداية في التفكير بصناعة سينمائية اعتمدت على تسجيل هذه المواقف التمثيلية , ليسهل على اكبر عدد من الناس مشاهدتها والاستمتاع بالمواقف الطريفة التى يمثها عدد من الممثلين ..
      وهكذا بدات السينما الصامتة فى اوائل القرن العشرين , لتصوير بعض المواقف المثيرة او الكوميدية الضاحكة , التى تعبر عن نفسها بنفسها حيث يسهل على المشاهد لهذه المواقف ان يفهمها دون الحاجة الى صوت ينقل الحوار , وغالبا ما كانت مثل هذه المواقف التمثيلية الصامتة لا تعتمد على أي حوار , فان مطاردة نشال من شارع الى شارع ومن بيت الى بيت لا يحتاج الى حوار بقدر حاجته الى الموسيقى التصويرية ومغلزلة امرأة بغباء وجهل يؤدي الى عراك ومشادات بالأيدي وملاحقات هنا وهناك , لايحتاج الى حوار , فهو يعبر عن نفسة بالحركة , ويكون اكثر صدقا من استخدام الكلمات .
      - وهذا يجعلنا نفهم مدى الأهمية التى يمكن للسيناريو ان ينطلق من خلالها بالنجاح لأي فيلم ..!
      فحين نشاهد امرأة يقتادها رجل ليقيدها على خط السكة الحديدية بشكل تمثيلي , تعيش معه صدقا اكثر بكثير , من أي اداء انفعالي نسمع منه صوت المرأة وهي تستغيث وهي تبكي وتتوسل .. ويذكرنا هذا الفيلم
      "باب الحديد " ليوسف شاهين , الذي استمد لقطة وضع المرأة على خط السكة الحديدية من سيناريو احد الافلام الهوليوودية الصامتة , وكان ان يفوز بجائزة عالمية عن هذه اللقطة .. وروعة اخراج الفيلم الصامت , تتمثل في القدرة على خلق مواقف متتابعة ومثيرة , تشد انتباه المشاهد , وتجعله متشوقا الى اللقطة التالية , بما تحملة من اثارة , في حل معضلة مؤقتة يواجهها بطل الفيلم الصامت , فنشاهد في احد الافلام الصامتة اعتماد المخرج على " كلب " لانقاذ فتاة مقيدة على خط السكة الحديدية , ويشدنا المخرج الى المحاولات التى يبذلها الكلب حتى ينقذ الفتاة .
      - ان الفيلم الصامت , مثل قصة قصيرة محكمة في بنائها الفني , يستطيع ان يضع امامك عالما متكاملا دون الحاجة الى المد والتطويل بالكلام الكثير , بل ان الفيلم الناجح اساسا الآن , هو الذي يعتمد على اللقطة المعبرة والقليل من الحوار .
      وفى مهرجان برلين السينمائي الذي افتتح اعماله في الخمس عشر من فبراير الحالى وينتهى هذه الليلة السادس والعشرين من فبراير عادوا للافلام الصامتة العظيمة , ضمن ايامه العالمية حيث قدمت دراسة مرئية عن صناعة السينما من خلال افضل الافلام التى صنعت تاريخ السينما العالمية ومجدها , واغلبها صامتة لكنها تنطق بالتعبير السينمائي افضل بكثير من افلام ناطقة ملونة .
      ومن بين هذه الافلام الصامتة , عرض المهرجان فيلم عيادة الدكتور كاليجاري لروبرت واين الذي انتج 1919 , يتحدث عن قصة معقدة داخل مستشفى للأمراض العقلية – وصاحبت الفيلم اثناء عرضه موسيقى تعزفها فرقة الاوركسترا السيمفونية الالمانية ضمن مجموعة اخرى مختلفة من الافلام القديمة اهمها الفليم الموسيقي – كوين كيلي – اخراج اريك فون ستروهيم وبطولة جلوديا سواتسون , والفيلم يعيد الى الاذان امجاد موسيقي الجاز القديمة التى تعتبر البطل الحقيقى للفيلم .
      واضا قدم المهرجان – من سينما الماضي فيلم " الرجل الخفي " اخراج الفريد هيتشكوك مخرج الروائع البوليسية العالمية الشهير .
      وهكذا وقف مهرجان برلين السينمائي في دورته الخامسة والثلاثين , موقف المتأمل والفاحص لسينما الماضي , ولم يكتف بذكرها في عبارات متأثرة هنا وهناك , بل انه يفرضها على الحضور الذين بلغ عددهم اكثر من ألفى شخص يعملون في مختلف النشاطات السينمائية بخلاف الجمهور العادي الذي قدر بمائتى ألف شخص هؤلاء كلهم أسعدهم بالتأكيد تلك العودة مع الافلام القديمة الصامتة , او الافلام القديمة باللون الأبيض والاسود , التى قال عنها اورسون ويلز مخرج الافلام العظيمة " المواطن كين , والرجل الثالث وماكيت " قال عنها :
      انها سينما بلونها الخيال افضل من الألوان الطبيعية .
      ان هذه العودة التاريخية لافلام الماضي , تأصيل لحركة السينما العالمية , وتأكيد على اهمية الفيلم الصامت , الذي بني عليه امجاد السينما العالمية والتى يمكن لكل مهتم بالسينما ان يستفيد منها اضعاف المرات , اذا ما اتيحت له فرصة مشاهدتها ونوادى السينما , قادرة على اتاحة هذه الفرصة , لفهم اعمق وأشمل للتعبير السينمائي الراقي , الذي يمكن متابعته من خلال الفيلم الصامت بخيال أوسع .
      وعودة الى هذه الامجاد السينمائية القديمة قد يتيح لكل المهتمين بدور السينما في حياتنا الثقافية والاجتماعية , فهما أعمق للعملية السينمائية من الناحية التقنية .
      وقد حاول البعض انتاج الفيلم الصامت , بعد ان نطقت السينما ..
      ففى تاريخ السينما العالمية عرض فيلم صامت سنة 1952 اسمه
      " اللص " لم ينتشر , وفي عام 1974 اخرج ميل بروكس فيلما صامتا اخر , ولكن النتائج لم تكن مشجعة فقد انتهى العهد الذي يمكن للناس فيه ان يذهبوا لمشاهدة فيلم سينمائي صامت , بعد كل هذه التقنيات الحديثة في صناعة الفيلم السينمائي منذ 1902 . بداية عهد العالم بصناعة السينما وحتى الآن .
      وطوال هذه الحقبة من التاريخ الحافل اعترضت التقنية السينمائية صعوبات مهمة في كيفية التعامل مع شريط الصوت . وكيف يمكن التوفيق بين الصوت والصورة ؟ سؤال يوجهه كل مخرج متمكن وموهوب لنفسة في كل مشهد يريد تنفيذه , فالمشكلة ليست حذف مقاطع من الحوار بل في كيفية خلق تآلف طبيعي بين الصوت والصورة ينقل للمتفرج التعبير والمضمون دون اسفاف او استسهال .
      وضمن هذه التقنية تقع الاخطاء في الفيلم .
      خاصة اذا ما كان الحوار في المشهد مملا ومكررا بطريقة سخيفة , كما ترى في الفيلم العربي مثلا حين نجد امامنا بطلة الفيلم بجانب التليفون الذي يرن , فترفع سماعتها , وتركز الكاميرا عليها وهي تقول : مين ممدوح ؟ انت تأخرت ليه ..؟ مش حتيجى ..؟ ليه ؟ السيارة اتعطلت ..؟ مالها ..؟ الموتور ..؟ ... الخ .
      وكان كافيا ان نفهم من السرد السابق في الفيلم ان ممدوحا لن يحضر وقد اعتذر بالتليفون بشكل مبسط تعتمد على الصورة , ويقلل من هذا الحوار الذي يمكن متابعته في عشرات الافلام العربية ..!!
      ان السينما الصامتة التى عاشت لربع قرن من الزمان( 1902– 1927)
      وكانت قادرة بالايحاء والتعبير على جذب المشاهد لها , بل انها تعد من التحف الفنية بالنسبة للمشاهدين في هذا الزمان وقد مضى اكثر من سبعة وخمسين عاما على بداية الفيلم الناطق الآن بحيث اصبحت السينما صناعة مؤثرة في حياة كل منا , ثقافيا واجتماعيا وسياسيا .. الخ .
      كما قدر للسينما ان تكون الحياة التى تحلم بها احيانا , والتى نخافها احيانا اخرى , والتى نعيشها احيانا ثالثة ..!!
      والعودة الى القديم نفيد في مجال الفهم الكامل للعملية السينمائية بالذات مع المتابعة الحية والدقيقة لمشاهدة أي فيلم صامت .
      فالسينما الصامتة التى عاشت مطلقة حتى 1927 حين ظهر أول فيلم ناطق في هوليود هي أساس العمل السينمائي الناجح والكثير من عيوبنا في اخراج الفيلم العربي , يعود الى ان اغلب مخرجينا الأوائل انتقلوا الى الفيلم الناطق الملئ بالاحاديث والحوارات , ولم يعتمدوا اللقطة السينمائية المعبرة في افلامها .. ولكنهم لو حاولوا , التعبير عن افكارهم من خلال الفيلم الصامت بداية , ربما تحقق التجويد العالمي في الفيلم العربي ..!!
      لان المخرج هو السيد الموقف في الفيلم الصامت ..!! بل هو كل شئ مع السيناريو الذي يتكلم عوضا عن أي حوار .. ويعتبر المخرج الامريكي " سيسيل دي ميل " عرابا كبيرا في السينما الهوليوودية الصامتة ..
      وشارلى شابلن عرابا آخر في ميدان الفيلم الصامت بأدائة التمثيلي الرائع الذي اضحك ملايين الناس دوم ان ينطق بحرف واحد ..وهناك في السينما العربية فيلم " دائرة الشك " من بطولة نور الشريف وليلى فوزي , عشنا دورا صامتا ورائعا وعظيما للممثلة القديرة "ليلى فوزي" لقد عبرت عن موقفها بالحركة والتصرف دون ان تنطق حرفا واحدا طوال مدة الفيلم , فكانت سابقة مشرفة وناجحه لليلى فوزي وللسينما العربية , اعتمادا على افكار السينما الصامتة , وهذا يؤكد مدى النجاح الذي يمكن ان يتحقق باعتماد اللقطة المعبرة , والتخفيف من حدة الحوار السينمائي .
      ولو دققنا في فيلم " خرج ولم يعد " للمخرج محمد خان , نجد أقوى المشاهد تلك التى اعتمدت على اللقطة المعبرة , واستغنت عن الحوار , بكيفية فنية معبرة , حتى في شكل البطلة للفيلم , وفي المباني المتداعية , وفي الأرشيف المهترئ , والماعز على السلالم , وفي البساطة الأخضر من أرض القرية , فالسينما الصامتة قالت عن النجاح السينمائي جملة واحدة وهي : تكلم قليلا , وعبر كثيرا ..!!
      وكلما حاول الفيلم ان يعبر قليلا , ويتكلم كثيرا , كلما أخذ المشاهد معه الى بحر من التكرارية والملل , وقديما قالوا : اذا كان الكلام من فضة , فالسكوت من ذهب ..
      وهذا لا يعنى العودة الى السينما الصامتة , بقدر ما يعني العودة الى التعبير السينمائي , بالاستغناء قدر الامكان عن التعبير الحواري ..

      ------------------------------------------------
      المبحث الثالث
      القيم السياسيه والتجاريه في هوليوود
      ------------------------
      القيم السياسيه والتجاريه في هوليوود
      الحلقة الاولي
      هل لا يزال الاعتقاد راسخا بان هوليوود هي ام السينما في العالم ؟
      ام ان دورها انتهي , وانها ليست اكثر من مؤسسة تتحكم بافلامها العوامل التجارية ذاتها .. ؟؟
      ام انها مؤسسة بها اتجاهات السياسة الدولية ..؟
      .. ايا كان اراي , فان هوليوود هي كل هذه الاشياء مجتمعة .. !!
      لقد قالت الراحلة مارلين مونرو :-
      هوليوود هي المكان الذي يدفعون فيه الف دولار لقاء قبلة , ونصف دولار لقاء روحك ... !!
      ومارلين مونرو كانت صائبة وذكية ..
      فان هوليوود تتسم بتلك السرعة الجنونية في اتخاذ أي قرار بشان العمل السينمائي , والذكي في هوليوود هو الذي ينتهز الفرصة بكل جراة وقوة , ليصل بالسرعة الجنونية نفسها ,
      فلا يهم احدا ما هي مهنتك في مدينة هوليوود , بقدر ما يهمهم ما تفعله من اجل هوليوود السينما اذا سنحت لك الفرصة –
      هكذا تقول " ديان توماس " التي كانت تعمل مجرد خادمة في مطعم هوليوودي – وكتبت قصة عنوانها " جعل الحجر رومانسيا " وقدمتها الي احدي الوكالات التي باعتها للسينما مقابل ربع مليون دولار , لتتحول " ديان توماس " في لحظة خاطفة من خادمة الي كاتبة سيناريو ... !!
      فكل انسان يعيش في هوليوود معرض للتحول المفاجئ والخطير في حياته بين لحظة وآخري ... !!
      والحقيقة الثابتة عن هوليودد هو اعتمادها علي جمهور الصالات السينمائية والاقبال علي افلامها في كل المدن الامريكية ,
      فتدرس نوعيات الجمهور ورغباته سنويا , لكي تؤمن الربح او العائد المادي للافلام التي تنتجها , خاصة اذا ما علمنا ان الذين ارتادوا الصالات السينمائية الامريكية سنة 1978 , يصل عددهم الي مائة واربعة عشر مليونا حسب الدراسة التي قامت بها مؤسسة احصائية مركزها واشنطن .بخلاف رواد الفيلم الامريكي في انحاء العالم المختلفة الاخرى
      فلا بد من عقلية تجارية فذة تجيد فن التعامل مع وسائل الدعاية والاعلام وبالذات مع المحررين والنقاد السينمائيين , فاذا فشل احد الافلام في اوروبا فتحت ابواب هوليوود للنقاد السينمائيين في اوروبا , واذا لم تعرض منعت الافلام عنهم الى ان يتم عرضها وتحقق نجاحا مبدئيا ,
      حيث يقوم كل شئ على اساس ما يتحقق من نجاح في السوق التجارية , وكله يقوم على اساس العرض والطلب ..
      فالشركة التي تسير اعمالها بشكل مربح تتعالى على المواهب غير المعروفة , وتعتمد طريق الربح حتى يتغير حالها فتبحث عن الجديد الذي يمكن ان تقدمه بعد ذلك فالمنع والمنح مع كل الاشياء اسلوب تدبره هوليوود بذكاء شديد يخدم مصالحها قبل أي شئ - كما قالت مارلين مونرو .
      وهوليوود تسير حسب الموجه السائدة فكريا وفنيا ,
      فاذا سعى الناس الى الكاوبوي امتلأت الصالات بأفلامه واذا سعى الناس الى الاثارة , تسابقوا اليها , واذا احسوا بالحاجة الى الاساطير والخيال قدموها , واذا تغيروا الى الرعب لجأوا اليه بكل ما يملكون من آدوات فنية راقية , واذا مالوا نحو الكوميديا اغرقوا السوق بها بما يعتمدونه من تقنية وحرفية , واذا وجدوا في الخيال العلمي امرا مثيلا ومغريا فكروا فيه وتفننوا في تقديمه للناس
      ولا يقفوا عند حد في استلاب احاسيس الناس نحو عالمهم السينمائي الرهيب وهكذا عشنا عالم الكاوبوي في الخمسينات واجواء الاثارة في الستينات والرعب في السبعينات ... الخ ..
      وكل اعتمادها على نجوم الشباك في هذا وذاك , فجاكلين بيسيه لا تستطيع حين كانت نجمة السينما الفرنسيه الاولى في الثمانينات ان ترد كثيرا لفيلم من افلامها في التسعينات وكذلك الحال بالنسبه لابناء جيلها/ وداستين هوفمان وجنيفر اونيل وجين هاكمان ودايان اونيل عملة غير ساخنة - وجون ترافولتا هبطت اسهمه بسرعة البرق - ولي مارفن وتشارلز برونسون تقليديون عفا عليهما الزمن .. !!
      فمن هم الساخنون الجدد بعدهم خلال عقد التسعينات ..
      اورنيللا موتي الايطالية , او ايزابيل ادجاني الفرنسية , ام هي بوديريك , ام هو مايكل جاكسون ... ؟؟؟
      ايا كان النجم , فانهم لا يبخلون ويدفعون له الملايين , ما دام في النهاية سيحقق عشرات الملايين من الدولارات في العرض الاول .. فقد دفعوا سنة 1978 ( لمارلون براندو ) ثلاثة ملايين , ولجورج سكوت مثلها , ليمثلا سوريا في فيلم واحد لم يكونوا قد حددوا عنوانه .. !! ستة ملايين دولار للحجز فقط , لا أكثر ولاأقل ... !!
      فلا يهم كم يدفعون ... !! ما دامت النتيجة في النهاية كم هم سيقبضون من أموال ... ؟؟
      وهوليوود هي دراسة أحوال المستقبل في السوق السينمائي – التفكير بمنطق تجاري –
      فيجدون ان احتمالا يسير الى ان افلام رعاة البقر ستعود للحياة مرة اخرى بعد وقت قصير فيعدون العدة ويجهزون انفسهم لهذاالاحتمال , ويقدمون المكافآت المادية الكبيرة لمن يكتب سيناريو جيد عن فيلم حول رعاة البقر يدفعون ولا يفكرون متى يمكن انتاج هذا الفيلم او هذا السيناريو ... ؟؟ فقط هم يمسكون بالمستقبل بين أيديهم
      والنساء تبحث عن البطولات الفردية التائهة في هذا الزمان ,
      فلا بد ان تكون افلام رعاة البقر لها مذاقها الخاص قريبا ..
      ولا بد ان يستعدوا لذلك مقدما وقبل سنوات متعددة ..
      مسألة تخطيط ..
      وهي في هذا لا تقدم وسيلة لتصل الى اهدافها في احتكار التفوق والنجاح ..
      وتسعى الى الموهوبين والناجحين من مختلف اقطار العالم بلا استثناء , ما دام في مقدرتها ان تضيف هذا المتفوق والمتميز الى رصيدها في عالم السينما , ليبقي اسم هوليوود رنانا ومدويا الى ما لا نهاية ... !!
      ومن هو الفنان الذي لا يسعي للعمل في هوليوود ... ؟؟
      كل المخرجين الناجحين في اوروبا ذهبوا الي هناك ليحققوا شهرة اوسع . فلوي رمال اخرج سنة 1977 فيلم حلوتي الحبيبة في امريكا – و " كلود ليلوش " التيشكي الاصل بحث عن ممولين للافلام التي قدمها من امريكا وهو الذي قدم الفيلم الغنائي " هير " والبرتو برتولوتش قدم " لونا " في امريكا .. !!!
      -----------------------------------------------------------------------------


      رحلة الي هوليوود
      الحلقة الثانية
      ---------------
      بالتاكيد فان هناك عددا غير قليل من المخرجين العرب بحثوا ويبحثون عن الفرصة التي يقتحمون بها عالم هوليوود , وكانت هناك علامات تنبئ بهجوم عربي علي هوليوود , ربما ليحرموننا نحن من ابداع مخرجينا وربما ليجردون المبدعين عندنا من سمات التفوق المحلي والاقليمي ..
      المهم ان ننتبه .. فلا يجرفنا التيار الهوليودي بعيدا كما حدث لعمر الشريف لان هوليوود عالم يفكر بالربح والخسارة ضمن تقنية سينمائية راقية والمبدع العربي الذي سيغامر بالابحارالي هوليوود يجب ان يفهم ذلك ويعيه ..
      فهم هناك في هوليوود يعيشون بالعواطف واي فشل يلغي البقاء والوجود , ويهدم الابداع مهما كان النبوغ . فالنجاح يعني الارتفاع الي اعلي القمم السينمائية اما الفشل فيعني الهبوط الي الحضيض دون هوادة وبلا رحمة ..
      فلو ان فيلما كلف 35 مليون دولار مثل فيلم " الرؤيا .. الآن " انتاج عام 1977 , فمن هو الذي يستطيع ان ينام ملء عينيه من العاملين في الفيلم اذا لم يحقق النجاح المنتظر له .. ولو ان فيلم مايكل سيمنو الذي كلف 44 مليون دولار باسم " ابواب الجنة " فشل في جذب المشاهدين اليه , فان الشركة التي انتجته ستعلن افلاسها وتغلق ابوابها .. انها حرب اقتصادية رهيبة , تحتاج الي مغامرة ومقامرة , وتحتاج الي ذكاء وابهار , وقدرات فائقة في الدعاية والاعلام والاعلان والسيناريو والاخراج والتسلية والترفيه ,
      انها عالم الذي يحقق عائدا لكل هذه التقنية الرهيبة , ومن لا يستطيع ان يقدم شيئا لا مكان له , ويطرد من هوليود مهزوما وطريدا بكل عنف وقسوة ..
      وحتي نتعرف علي المؤسسة الامريكية الخطيرة , وهي اداة طيعة لسياسة كبري تحاول التاثير علي عقول الناس بطريقة او باخري من خلال التقنية المتفوقة في السينما نري موقعها المعادي للعرب .
      منذ ان استقل الانسان العربي بشخصيته في هذا الزمان , وهم يحاولون ادانة الشخصية العربية بالكثير من افلامهم ذات الطعم القذر ومن هذه الاعمال , فيلم قام ببطولته الممثل العربي العالمي " عمر الشريف " الذي كان يقبل علي نفسه ان يكون سلعة تحركها شيكات المنتجين في هوليود وهو يقبل تمثيل دور يدين الشخصية العربية في فيلم اسمه " اشانتي " عن تجارة الرقيق في افريقيا , والتشويه بالعرب والدس ضدهم , في حين تبدو الشخصية المتحضرة التي تدافع عن القيم والمثل لرجل قادم من اسرائيل هكذا ببساطة شديدة , تفلسف هوليود الامر , وتضع السينما في خدمة السياسة الموجهه ضد الوطن العربي كله ..
      لكن ما يخفف الامر الي حد ما اننا كعرب قادرين لو اردنا ان نصل الي العالمية , ونؤثر علي مجريات الامور في السينما العالمية ..
      ولقد حدث ذلك اكثر من مرة علي المستوى السينمائي , مع نجمة السينما الفرنسية " سيمون سيتوريه " التي لا ينس عربي تاييدها لقضية الجزائر وثورتها , والتي وقفت في الخمسينات ترد علي تحية الجماهير لها بعد انتهاء احد ادوارها المسرحية لتقول لهم :
      " من الجميل ان تاتوا الي المسرح وتستمتعوا بالفن , ولكن الفن اذا لم يخدم الحياة , لا يعود له قيمة .. فهل تستمتعون بالمسرح والفن وفرنسا ترتكب افظع الجرائم ضد شعب اعزل في الجزائر " ..
      وسيمون سيتوريه هي سيدة الشاشة الفرنسية , ورغم المقاطعة والتجاهل الامريكي الهوليودي لاعمالها , فانها حققت نجاحا باهرا وهي تفوز بجائزة اوسكار احسن ممثلة لعام 1960 متفوقة علي منافستها العظيمات مثل اودري هيبورن ودوريس داي واليزابيث تايور في ذلك العام .. !!
      وكان سر سعادتها هو انها بعد عشر سنوات من المقاطعة الامريكية لها بسبب توقيعها علي نداء استوكهولم العالمي يحظر استخدام اقنابل الذرية سنة 1950 , استطاعت دخول امريكا والفوزبالاوسكار ..!!
      - اما نجمة السينما العالمية اليونانية " ميلينا ميركوري " والتي لفتت انظار العالم الى افلامها " ابدا الاحد " و " فيدرا " و" هو الذي يجب ان يموت " ونالت الاوسكار عن دورها في فيلم " ستيلا " .. فقد دافعت عن الحرية في بلادها , خاصة بعد ان اعتقل الموسيقار اليوناني تيودور اكيس , مؤلف موسيقى زوربا اليوناني , وقادت المظاهرات وهي تعيش في هوليود ضد مثل هذا الاجراء , حتى غدت وزيرة للثقافة اليونانية , وحليفة وصديقة حميمة للثورة الفلسطينية في موقعها السياسي والفني الجديد ..
      وجين فوندا التي تنتمي الى عائلة عريقة في الفن , والتي بدات افلامها بفيلم " القصة الطويلة " وشاركت بفيلم " جوليا " اختارت الوقوف بجانب الشعب الفيتنامي ضد تورط بلدها امريكا في الحرب هناك , وغني عن الذكر الحديث عن دور فالنسيا رد جريف افضل نجمة سينمائية في بريطانيا ولخمسة عشر سنة سابقة والفائزة بجائزة جمعية النقاد الوطنية الامريكية عام 1984 كاحسن ممثلة عن دورها في فيلم " عالم بوسطن اكبر مناصرة للقضية الفلسطينية في السينما العالمية ,.. الخ
      وسط هذا التطرف في المواقف السياسية الهوليودية , نجد انفسنا امام فيلم مثل " ضاربة الطبل الصغيرة " عن الصراع العربي – الاسرائيلي نجح كرواية كتبها جون لوكاري , فقرر المخرج الامريكي " جورج هيل " , والسيناريست " لودينج مونديل " تحويلها الى فيلم سينمائي انتهى الاعداد له في السنة الماضية , يقول المخرج هيل حوله : -
      اننا لم نصنع فيلما سياسيا , ولا يوجد لدينا بعد سياسي , نحن قمنا بصناعة فيم اثاره وقصة مثيرة , تصادف ان لها خلفية سياسية , فالكتاب يصور الفلسطينيين لاول مرة في ضوء انساني , وهذا شئ جديد ومثير .
      وتقوم بالبطولة النسائية في الفيلم دايان كينون وتلعب دور شارلي العميلة المزدوجة – والفيلم يصور الصراع كما هو دون تحريف وبواقعية الروائي جون لوكاري الذي يحاول ان يعتمد الحياد حتى لا يقابل الفيلم السينمائي بالهجوم والمقاطعة , وبطلة الفيلم هي النجمة العالمية المشهورة الوحيدة في الفيلم بينما اعتمد المخرج في باقي الادوار على ممثلين وممثلات غير معروفين جيدا , المهم ان الجميع يرددون قائلين :-
      اننا نامل ان لا ينظر الناس الى الفيلم نظرة سياسية بل كقضية انسانية وعمل سينمائي فني - لكن الذين شاهدوا الفيلم وجدوا انه غير محايد بالمرة, وبناصر اعداء العرب في نهاية الامر وهكذا الحال مع الفيلم السياسي العالمي .

      رحلة الى هوليود
      الحلقة الثالثة
      -------------
      هكذا نجدهم في فيلم " المدافع والغضب " الذي عرض سنة 1983 والذي يدور حول ايران في بداية القرن الحالي , ويضطلع ببطولته الممثلون " بيتر غرايفس " وكاميرون متشيل وباري ستوكس والعربيان " احمد مظهر وعمر سهم " ..!! وتدور احداثه حول حفر بئر للنفط سنة 1908 , وقد صور الفيلم في مناطق بين مصر وتونس , وقصته شبيهة الى حد بعيد بمسلسل دالاس التلفزيوني الشهير .
      لا شئ يتحقق لاحد في هوليوود دون منفعة او مصلحة متبادلة ..!! فلا يفهمون معنى لود او الصداقة او الجيرة او الزمالة , لا يفهمون سوى النجاح والارباح ..
      وبارغم مما تراه من اهتمام بافلام تتحدث عن الزنوج والسود , ليست مهتمة كثيرا بجوانب حياتهم الانسانية فهى تقدمهم في مشاهد العنف والاثارة والمطاردة والقتل والجريمة ’ وكأن الزنوج لا يعيشون حياة انسانية او عاطفية بينهم , وهذا يعني ان كل شئ مدروس في هوليوود حسب احتياجات السوق السينمائية الذي يصور الاسود تصويرا لا يتميز بالرقة ابدا , فنجده والعنف متلازمان دائما وابدا . انها التفرقة العنصرية , رغم كل تلك المظاهر . خاصة بعد ظهور التأييد الاسود للقضية الفلسطينية بشكل عام
      حيث اصبح اليهود الصهاينة يعادونهم في كل مكان , وتاثير هؤلاء على هوليوود كبير فلا شئ يتحرك في هوليوود , ان لم يتم بقالب سياسي وايديولوجي يتبع تفكير المسيطرين على هوليوود – وهم في فيلم مثل " صائد الغزلان " لا ياخذون المشاهد الى عدالة القضية الفيتنامية , وانما ياخذونه الى عالم الرعب الذي يعيشه الشباب الامريكي الذي يقاتل في فيتنام , ويعود محملا بكل الاضطرابات العصبية والنفسية التي تهز كيانه , هكذا يصورون اثار الحرب الفيتنامية . وهكذا يصورون دور الزنوج في المجتمع الامريكي . بعقلية سياسية محدودة . كون هوليوود مركزا تقنيا واقتصاديا فهي خاضعة لتاثيرات سياسية معينة ..
      والحقيقة التاليه عن هوليوود انها تعيش جو المنافسة الساخنة , فاي فكرة جديدة ,يتم التستر عليها , لان كشفها يعني سرقتها , وتقديمها الى الجمهور بشكل او باخر , ليس من الشركات المنافسة فقط وانما من التلفزيون ايضا , فهو منافس خطير لهوليوود الان , واي فكرة تنجح يتكرر انتاجها –
      أي.تي . نجح , فيمكن تصوير جزء ثاني منه – ويمكن تقليده ببدعة اخرى جديدة – وهكذا مع السوبرمان – هكذا مع كنج كونج – هكذا مع حرب النجوم ومغامرات الفضاء – هكذا مع افلام الرعب – تجد افكارا تتلاحق وتتنافس حول المضمون الواحد – بابداع سينمائي رهيب – التقليد هنا غير ممل لان فيه جديد – كل يحاول ان يقدم اضافة جديدة عما سبق عرضه ولا يكرر نفسه ابدا – رغم وحدة المضمون المهم ان المنافسة واضحة في هوليوود , والافكار الجديدة تجد من يرعاها ويؤمن لها طريق الابداع السينمائي الكامل – ما دامت تحقق ربحا للمنتجين ..
      ان السحر الحقيقي في هوليوود هي تلك التقنية العالية وذلك التخطيط الرهيب , وهذا الجديد , مع ما يتوافر فيه من حرية في النقد الذاتي لكل المظاهر الاجتماعية والسياسية الامريكية ولو انها تاتي في قوالب مفهومة الاتجاه , وتخدم مصالح واستراتيجيات عليا تهيمن على ارض وسماء هوليوود ..!!

      نهاية " الرحلة الى هوليود " في الاوسكار
      - هوليوود مخيفة وقبيحة , بقدر ما هي مشرقة وجميلة وساحرة .. الشئ الوحيد الذي يبعدنا عن الدخول في تناقضات مع تقدمه من الافلام , هو ان نسعى اليها بوعي , وعقول مفتوحة , ونفكر في القصد السياسي والاقتصادي المحلي والعالمي لما تقدمه من افلام لنا . كسوق مستهلكة , ويمكن في النهاية ان نستفيد بما نراه , وان نتعلم منه في ما يمكن ان تتجه , هذا كل ما في الامر , فهوليوود , هي الدنيا الواسعة الامريكية بكل تناقضاتها الاجتماعية الرهيبة .
      - ----------------------------------------------------------------------

      لماذا ... وكيف أفلام جيمس بوند ؟
      سيعرض في صيف 1985 فيلما اخر , من سلسلة أفلام جيمس بوند , عنوانه " منظر للقتل " بطولة روجر مور وقد بدأت سلسلة أفلام جيمس بوند سنة 1962 , وقدم الشخصية ممثلان هما :- شون كونيري وروجر مور , اللذان تقاسما بطولة ما يقرب من أربعة عشر فيلما حول هذه الشخصية الاسطورية في مغامراتها وبطولاتها الخارقة للعادة ..
      الأول استمر يرمز الى جيمس بوند ما بين 1962 وحتى 1967 ... !!
      ثم تولى أمر جيمس بوند روجر مور حتى الان ..
      * وجيمس بوند اسم ذو رنين لشخصية تؤمن بأنها تخدم المملكة المتحدة أولا وقبل كل شئ , وتعلم أن يكون انسانا بدون عواطف انسانية .. فكل عملية قتل يقوم بها تتم ببرود شديد , ولا تخلو هذه الشخصية من تمييز عنصري تجاه أعدائه – وهو لم يكن يوما من الايام صورة انسانية تبعث على الاحترام .. كما لم يكن يوما من الايام موفقا سياسيا يبعث على التقدير.
      وقد وافق شون كونيري علي أول دور لجيمس بوند سنة 1962 مقابل خمسة عشر ألف دولار دفعها اليه المنتجان هادي شولتز مان وألبرت برو شيللي , ونجح فيها نجاحا خارقا .
      ثم حاول ممثل اخر اسمه جورج لازتبي أن يلعب الدور وفشل فشلا ذريعا بعد أن قام ببطولة فيلم " في خدمة صاحبة الجلالة " سنة 1969 واختفي من عالم التمثيل نهائيا .
      واستلم الشوط روجر مور سنة 1971 ونجح فيه , وكان أقوى أفلامه هو فيلم : " الجاسوس الذي أحبني " سنة 1977 , ثم اكتويوسي 1983 , حيث نجد أنفسنا أمام جيمس بوند وهو يتفادى صاروخ موجه لطائرته بطريقة لا تصدق كالعادة .
      وكل القصص السينمائية التي تحدثت عن جيمس بوند كان مؤلفها الروائي الانكليزي إيان فيلمنج , ما عدا قصة فيلم " أبدا لا تقل أبدا مرة أخرى " بطولة شين كونيري سنة 1983 , ولو أن القصة تستند أساسا لشخصية جيمس بوند ... !!!
      --------------------------------------
      الصهيونية تلاحق الفنان العربي

      عندما نقول ان الحرب بيننا وبين الصهيونية حرب حضارية , وعندما تتاكد لنا العلاقة الوثيقة بين الصهيونية وشركات الانتاج السينمائي العالمية , لا نستغرب كثيرا مخطط الصهاينة لجر الفنان العربي , وبالذات فناني الصف الاول في العالم العربي الى حظيرة الاخطبوط الرهيبة .
      في الستينات حاولوا مع عدد من الفنانين ولم ينجحوا الا مع عمر الشريف الذي كان قد ذاق طعم الشهرة بعد ثاني فيلم يمثله في هوليوود , ولم يكن بامكانه ان يفقد هذا المذاق , ولم يكن ذكاء من عمر الشريف , بقدر ما كان استغلالا من الصهيونية لقدراته ومواهبه الفنية في ضرب القضية العربية من خلال ضرب العروبة في احد رموزها البشرية .
      ولا يمكننا ان نبعد انتاج فيلم " موت اميرة " عام 1978م عن حياة اميره سعوديه بعيداعن يد الاخطبوط الصهيوني , كما تاكد للجميع وعلى كافة المستويات بان البرنامج الغنائي في التفزيون الفرنسي يدار بطريقة صهيونية تمكنت من المطربة اللبنانية " صباح "عام 1984م كاحد الرموز الفنية المتفوقة في عالمنا العربي , وحينئذ لم نفكر في شراء هذا البرنامج , او اعداد برنامج مشابه له باي ثمن وفي التلفزيون الفرنسي , واكتفينا بالجانب السلبي في مواجهة الموضوع , ولم نبحث عن الحركة الايجابية لموقفنا العربي على المستويات الثقافية التي تحاول الصهيونية الهيمنة عليها , تماما كما فعلنا في موضوع الفيلم الذي صورته ادوات الصهيونية لتشويه الانسان العربي , ولم نفكر في انتاج فيلم عالمي يؤكد على القيم الاسلامية لنفس المجتمع العربي المعاصر , اكتفينا بالجوانب السلبية فقط وتوقفنا عندها .
      حتى ظهرت فالينسيا ردجريف بفيلم الفلسطيني
      وانطلق مصطفى العقاد بالرساله وعمر المختار
      واخترق يوسف شاهين مهرجان كان الدولي
      ولا تزال الحرب قائمه
      والكيان الصهيوني يحاول سرقة العبقريه الفلسطينيه ويحسبها لنفسه
      اطلاله سريعه حول صراع حضاري مع العدو الصهيوني
      وكل التحيه

      ---------------------------------

      الامريكى القبيح
      هل شاهدت الفيلم الامريكى ( العسكري الأزرق ) ؟ اذا لم تشاهده فسوف تخسر خلفية ضرورية لمعرفتك بالوجه الامريكى القبيح , الوجه الغادر والمخادع والقاتل والسفاح , ففي القرن الماضي بينما كانت الحرب على أشدها بين الهنود الحمر والامريكيين البيض ذوى البذلات القبعات الزرقاء , اتفق الطرفان علي مصالحة , لكن الامريكى ذا البذلة الزرقاء خان الاتفاق وغدر بالهنود الحمر في هجمة بربرية شرسة , اعتدى فيها على النساء بشكل وحشى , حتي أن الفيلم أبرز بشكل سافر كيف اعتدى الجنود الامريكيون على امرأة هندية وقطعوا لها ثديها أثناء اغتصابها دلالة على وحشية الامريكى ووجهه القبيح .
      وهل سمعت عن الطيارين الامريكيين اللذين القيا قنبلتين ذريتين على هيروشيما وناجازاكي في اليابان ؟ لقد انتحرا اما بالسم واما بالقلق والاضطراب العصبي بعد أن سمعا وقرأ عن الدمار الذي أحدثاه بقنبلتهما الذرية .
      واذا شاهدت فيلم " العرب " فحاول ان تفهم حقيقة المجتمع الامريكى كالتالي :
      • أن هذا المجتمع قائم على المهاجرين من أوربا الغربية بحثا عن الرزق الوفير , وقد نمت بين هؤلاء المهاجرين مجموعة من الرجال المتسلطين المستبدين الذين يسرقون أرزاقهم وخيراتهم , مما زرع في قلوب جميع المواطنين في امريكا الحقد والكره بعد ذلك , وأصبحت الجريمة في أمريكا علامة رقي وتقدم أمريكية .
      • يظهر في الفيلم ايضا أن هؤلاء تدرجوا من مجرمين عاديين الى مجرمين منظمين , الى زعماء خطرين شكلوا ما يسمى بالمافيا , وهؤلاء ( زعماء المافيا ) اثروا في معطيات القرار الامريكى بما لهم من يد طويلة تصل الى اكبر الرؤوس الامريكية , ثم تدرجوا في مراكزهم الاجتماعية حتى اصبحوا أعضاء أقوياء في الكونجرس الامريكي .
      ولا نستبعد أن يكون الكونجرس الامريكى كله الآن من اصل مافياوى والنتيجة من فيلم " العراب " تقول ان أصحاب القرار الامريكى هم في الاصل زعماء الاجرام الدولي .
      اما مسلسل " الجذور " فيعطينا الوجه الامريكى القبيح وهو يستجلب الانسان الافريقى كأيه سلعه يشتريها لكى يجبره على العمل فى الارض بدون اجر مثل العبيد - وحتى الان نجد فى المجتمع الامريكى الابيض والاسود - والتفرقه العنصريه التى كانت تمنع الامريكى الاسود من حق الترشيح والانتخاب السياسيين , وهذا المسلسل سيعطيك الفكره عن حقيقه الاستعمار فى افريقيا , وكيف استغل انسانيه الانسان الافريقى , وجعل منه سلعه للبيع والشراء , وكيف عاملوه بالضرب والتعذيب فى القرن الماضي , وبالتحجيم والسجن فى القرن الحالى رغم حصوله على الجنسيه الامريكيه , حتى ثار وتمرد على ذلك النظام العنصرى المجرم الحاقد , وكسب مواقعه بفضل نشاطه وكفاءته وقوته , وفرض نفسه على الامريكى القبيح الذى لا تنفع معه الا لغة القوه ولسان حالها الكفاءة والتفوق .
      وما اقبح الوجه الامريكي , وما اعظمنا لو استطعنا اذلاله بقوتنا
      وكفاءتنا

      ----------------------
      المشاغبون على الطريقة الأمريكية
      نتفق جميعا على ان تمرير السموم الغربية الى عقولنا , يتم بطريقة فنية لبقه من خلال الافلام الامريكية التى تصور لنا الرجل الامريكي وكأنه "السوبر مان " الوحيد فى العالم , وما عداه صفر على الشمال , وفى حالة وجود "سوبر مان " غير امريكي فاما ان يصوروه على انه ارهابي او شاذ او مجنون كما حدث في اكثر من فيلم امريكي , وبعض هذه الافلام قام بتمثيلة ممثل عربي الاصل اسمه " عمر الشريف " وهذا ليس مجال حديثنا اليوم .
      لكن حديثنا عن المشاغبين الامريكيين كيف تتعرف على عبثهم ولهوهم وفسادهم من خلال افلامهم دون ان تخدعنا الحيثيات التي يحاولون تمريرها الى عقولنا , فمثلا في فيلم " صائد الغزلان " الذي فاز بجائزة الاوسكار في العام الماضي , يصورون لك الانسان الامريكى البسيط الذي لا يريد الحرب في فيتنام !! فمن المسؤول اذن عن القذف بالانسان الامريكي الى حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل ؟
      يجب ان ننتبه ونحن نشاهد مثل هذا الفيلم الى ان الفيتناميين لم يذهبوا الى امريكا لكي يحاربوا الناس فيها ولكن الامريكيين هم الذين ذهبوا الى فيتنام لكي يحاربوا الناس فيها , ومن حق الفيتنامي ان يدافع عن نفسه وعن وطنه وحريته , بكل الاساليب المتاحة امام قوة غاشمة تعتدي على حقه في وطنه دون ان يكون مسؤولا عن انسانسية المشاغب الامريكي القادم اليه بادوات الحرب والدمار .
      وفي هذا الصدد ايضا لابد ان نلتفت الانتباه الى " السوبر مان " المسمى "جيمس بوند " فهو ليس " الدوان جوان " جميل المنظر قوى البنية , وانما هو رسول الدمار الى شعوب العالم الثالث الذي يزرع بذور الفتنة بين الشعوب ويخلق المؤامرات , ثم يصورونه وكأنه منقذ البشرية من المؤامرات والعكس هو الصحيح .
      المشاغب الامريكي ايضا يعتدي على نفسه بنفسه عندما يقدم لنا التفرقة العنصرية بين الزنوج والبيض الامريكيين بثوب يجعلنا نشعر بان هذا الزنجي الامريكي ليس الا سفاحا او مجرما قاتلا , يعيش بين البيض في امريكا , مع اننا لو تتبعنا الانتصارات الاولمبية الرياضية الامريكية فسنجد ان الزنوج هم اصحاب الفضل فيها على امريكا , وفى عالم الغناء والموسيقي فان الزنجي الامريكي هو صاحب الارقام القياسية في توزيع الاسطوانات ومع ذلك لا زال رغم تفوقه النوعي في كل الميادين مواطنا من الدرجة الثانية في الولايات المتحدة ونادرا ما نجد زنجيا امريكيا يعتلى سدة الحكم في ولاية من الولايات الامريكية الخمسين ..
      وبهذه المناسبة فان او فيلم انتج عن قصة " مدسة المشاغبين " كان فيلما امريكيا لمدرس زنجي في مدرسة للبيض الامريكيين الذين يستهزئون بلونه حتى يتمكن في نهاية الفيلم من اقناعها بانه انسان مثلهم , وقد قام ببطولة الفيلم الممثل الامريكي الاسمر(سيدنى بواتييه) قبل اكثر من عشر سنوات وهو من افضل ممثلي هوليوود في ذلك الحين رغم انه زنجي ...واعجبى ..

      تعليق

      • يسري راغب
        أديب وكاتب
        • 22-07-2008
        • 6247

        #4
        رد: السينما بين الشكل والمضمون/ كتاب 1 ليسري شراب

        [align=center]
        الفصل الثاني
        السينما العربية .. مالها وما عليها ؟
        " الحلقة الاولى "
        لا موقف .. في السينما العربية

        [/align]

        بعد ثمانين عاما من البدايات الحقيقة للتمثيل في حياة شعبنا العربي , ما الذي يمكن ان نقوله في حق اهل الابداع والريادة والموهبة في عالمنا العربي ..؟؟ يمكننا ان نقسم الاعمال الفنية ( مسرح وسينما ) الى
        (1) القسم الذي تم انتاجه ما بين 1927 وحتى عام 1952 تقريبا .
        (2) والقسم الذي تم انتاجه مابين 1952 وحتى 1977 تحديدا
        (3) ثم من 1977 الى 2002
        في الفترة الاولى المنتهية تحديد سنة 1952 نلاحظ على اغلب الاعمال الفنية الطابع الترفيهي " غناء وكوميديا ودراما على الطريق الهندية لاستدرار الدموع " بينما نلاحظ غياب الطابع التاريخي والسياسي – بالرغم من بعض المحاولات الفردية في تقديم الفيلم التاريخي التي حاولت اسيا داغر , وحسين صدقي تقديمهما مثل فيلم " خالد بن الوليد " الذي قام ببطولته حسين صدقي قبل اربعين عاما تقريبا ..
        وبالرغم من ان اغلب قصص الحب – بخلاف افلام فريد الاطرش القديمة – تدور حول شاب فقير يتعلق قلبه بفتاة غنية تكون عادة ابنة احد الباشاوات او الاقطاعيين السابقين وما يمثله ذلك من اشارات واضحة نحو الفوارق الطبقية الا اننا نقف امام نهاية سعيدة ومفرحة لقصة الحب رغم الفوارق الطبقية – حيث نواجه الباشا الطيب والمرح الذي يقبل فى نهاية الامر ان يزوج ابنته ذلك الشاب الفقير بشجاعته وشهامته او لذكائه وتفوقه , تلك النهايات التي مللناها فترة طويلة من الزمان لعدم مطابقتها لواقع الامور وحقيقة الحال الاجتماعي المسيطر علي الكيان السياسي في البنية الفوقية لمجتمعنا العربي حتى عام 1952 – مثل فيلم
        " ليلى بنت الاكابر " لليلى مراد – او فيلم " تمر حنه " لنعيمة عاكف ورشدي اباظه – وفيلم " فاطمة " لكوكب الشرق الراحلة ام كلثوم وللتماثل الممل والمتكرر باستمرار مزعج في افلام الرعيل الاول السينمائية نجد الكثير من المواقف الكوميدية , بحيث يمكننا ربط السنوات الاولى للتمثيل السينمائي بشخصية الفنان الكوميدي الراحل
        " اسماعيل يس " وهو القاسم المشترك لاغلب افلام تلك الفترة حيث يسند البطل في كل الافلام التى كان يمثلها انوار وجدي او حسين صدقي او فريد الاطرش , بعد بشارة واكيم الذي كان يسند البطل في الافلام السينمائية التى قام ببطولتها يوسف وهبي وبدر لاما – ونظرا لاهمية الكوميديا في ذلك العصر وجد " نجيب الريحاني " استاذ الكوميديا في فن التمثيل تهافتا عليه وعلى افلامه – وحقيقة فاننا اذا راجعنا افلام الريحانى سنجد فيها طابعا مميزا ومختلفا له مذاقا طيبا وسط افلام زمان – وهو يمثل ادوار الاستاذ حمام امام ليلى مراد – او دور سي عمر مع
        " ميمى شكيب " اولى ممثلات الانوثة والدلال في السينما العربية واحدى زوجات نجيب الريحاني الذي قدمها بنفسه من خلال مسرحه في مسرحياته التى عرضها في الاربعينيات .
        بهذه المقدمة الموجزة نستطيع القول بان مهمة التمثيل في حياة الشعب العربي كانت مقتصرة على جانب واحد الا وهو الترفيه والتسلية اما عن طريق الفيلم الكوميدي او عن طريق الفيلم الغنائي – سينمائيا – او عن طريق المسرح بجانبيه الكوميدي والاستعراضي .
        والشئ الجدير بالتنويه في هذا المجال هو ان الفترة الفنية الاولى تميزت عن الفترة الفنية الثانية بالاجادة والاخلاص في العمل الفني من ناحية الفنانين بعكس الاستهتار والتهافت التجاري على العمل الفني من جانب فناني الزمان الحالى – كما نستطيع ان نلمس الفرق الواضح فى امكانيات الفيلم الاستعراضي قيل ثلاثين عاما عن امكانيات الفليم الاستعراضي الان ...!!
        فقد امتعتنا ليلى مراد واسمهان وام كلثوم ومحمد عبد الوهاب وفريد الاطرش ونور الهدى وتحية كاريوكا وسامية جمال ومحمد فوزى بالكثير من الاستعراضات الغنائية الممتعة في افلام زمان , وهي الاستعراضات التى لم نعد نحس بوجودها في افلام هذه الايام – والجدير بالذكر ان المرحوم المطرب فريد الاطرش تخصص في لون واحد من القصص السينمائية والتى تدور حول مطرب مشهور تسعى اليه الحسان من كل حدب وصوب حتى يقتصر الحب في النهاية ايضا كعادة الافلام العربية القديمة بشكل عام – وتبقى كلمة حق في حق اولئك الرواد من ممثلين وممثلات زمان , بانهم رغم العقبات المادية والاجتماعية صنعوا الارضية الطيبة للجيل الثاني من الممثلين والممثلات والذين ساروا على اضواء الجيل الاول من الفنانين ..
        وقد استمر الخط الترفيهى الموميدي – الغنائي لعشر سنوات اخرى بعد الصحوة العربية التى بدأت بعد ثورة يوليو الناصرية مع اجراء بعض التغييرات في مضمون القصة السينمائية , التى استوجبتها بعض الاجراءات الثورية التغييرية في الهيكل الاجتماعي والسياسى بحياة شعوبنا العربية خلال الخمسينات حيث بدا الارتباط بين الادب القصصى والمسرحى بشكل عام وبين الفن السينمائى والمسرحي – وكانت ابرز القصص الادبية التى عولجت سينمائيا فى اواخر الخمسينات قصة يوسف السباعي " رد قلبى " التى تحكى قصة باشا قديم على وشك الافلاس يعانى من عقدة الباشاوية ويتصرف مع اقرب المقربين اليه على ذلك الاساس , حتى يقع فى حب فتاة من بنات الطبقة المتوسطة فتغير كل طباعه القديمة وتجعل منه انسانا جديدا يعمل مثله مثل الاخرين وياكل لقمته من عرق جبينه كما يقولون وفى العشره التاليه :
        فيمكن القول ان السينما العربية اصيبت باضمحلال خطير فى ذلك الزمن كان اقوى مظاهر : افلام الكلام الخالية من أي تكتيك سنمائي .. وافلام الجنس الخالية من التكتيك السينمائي او التوجيه الاجتماعى وحتى عام 1975 لا يمكن القول بان السينما العربية قدمت شيئا مفيدا للشعب العربي .. وكان كل شئ في السينما العربية مقلدا او مكررا او معادا او منسوخا او مبتورا او تافها او غنائيا او كوميديا او مملا سقيما فيما عدا الاعمال التى قدمتها كواكب السينما الافضل حتى الان فى عالمنا العربي وهن : فاتن حمامة وماجدة وهند رستم .
        فكانت اعمال فاتن حمامه دروسا اجتماعية للمفهوم الصحيح فى علاقة المرأة العربية بالرجل وهي تضحى بنفسها فى سبيل زوجها فى فيلم لن اعترف , او هى تبحث عن امها الساقطة بعد موت ابيها فى فيلم الاعتراف , او وهى تقدم لنا صورة الطيبة للفتاة المكافحة الشريفة فى فيلم ايامنا الحلوة , او وهى تعطى المثل للفدائيون المناضلة فى فيلم لا وقت للحب وشاركتها ماجدة فى هذا الطريق لتعميق المفاهيم الجديدة فى مشاركة المرأة العربية للرجل فى مسئولياته وحياته وهي تمثل دور
        " جميلة بوجود " او دورها الرائع عن الفتاة المراهقة التى تحب رغم القيود المفروضة عليها من اهلها فى قيلم " المراهقات " .. وقد شاركتها " شادية " فى مرحلة نضوجها السينمائي بتكريس المفاهيم الجديدة عن المرأة العاملة فى فيلم " مراتى مدير عام " الذي مثلته مع صلاح ذو الفقار عام 1965 . كما قدمت فاتن حمامة صورة للفتاة المراهقة ابنة الذوات في فيلم " لا انام " عن قصة احسان عبد القدوس " لا انا " , وكلها كما قدمنا افلاما تعطي النموذج المثالى لمعالجة مشاكل المرأة العربية فى ذلك الزمان من الخمسينات والستينات ..
        اما "هند رستم " فاجادت وهي تمثل ادوار المرأة القوية , التى تستغل جمالها وجسدها لتاكيد قوتها عند اللزوم , وهى الممثلة العربية الوحيدة التى قدمت الاغراء بصورة محتشمة ودون ابتذال وبلا تعري واضح , وكانت متفوقة في الاثارة والاغراء رغم الاحتشام كما رايناها فى افلام " باب الحديد " " والجسد " و " شفيقة القبطية " .. الخ
        وفيما عدا ذلك فكل ما قدم من الافلام عربية لم تخدم الحياة العربية اجتماعيا ولا سياسيا ولا ثقافيا ولا تاريخيا , وقد يكون هناك بعض الاعمال التاريخية مثل " المماليك " لعمر الشريف , و "واسلاماه " لاحمد مظهر " وعنترة بن شداد " لفريد شوقي " والناصر صلاح الدين" لاحمد مظهر , الا انها رغم قوتها تعتبر اقل مما يجب عمله لخدمة التاريخ العربي الاسلامى من جانب السينمائيين العرب حتى عام 1975 .
        وللحق فاننا نود الاشارة الى النقص الخطير في الاعمال التاريخية السينمائية فلا يمكننا ان نجد اكثر من عشرة افلام تاريخية وسط مئات الافلام التافهة الاخرى المنتجة عربيا طيلة الخمس والاربعين عاما الماضية هي عمر السينما العربية .. وهذا خلل سينمائى لا بد من معالجته
        وما يقال عن الافلام التاريخية يمكن ان تقول عن الافلام الغنائية مع اختلاف واحد , وهو ان السينما العربية فى الفترة الاولى حفلت بالكثير من الافلام الغنائية لعبد الحليم حافظ " لحن الوفاء وشارع الحب – الخطايا – يوم من عمري – معبودة الجماهير – ابى فوق الشجرة " وهي افلام حققت للمشاهد العربي المتعة والتسلية المطلوبة .. بجانب التاريخ الحافل للمرحوم فريد الاطرش فى افلامة الغنائية المرحة والخفيفة مع صباح وسامية جمال في الاربعينات والخمسينات في افلام مثل ازاي انساك وبلبل افندي وحبيب العمر وودعت حبك وفي الستينات بافلام مع فاتن حمامه ومريم فخر الدين ومديحة يسري وسميرة احمد في افلام مثل شاطئ الحب ولحن الخلود ويوم بلا غد وحكاية العمر كله والحب الكبير , ومع زبيدة ثروت ثم مع ميرفت امين في اخر افلامه
        " نغم في حياتى " , بالطبع فكل افلام فريد الاطرش كما تعرف قصتها واحدة ومضمونها واحد , نتيجتها معروفة , وتفاصيلها معروفة , واهم ما فيها اغانى فريد نفسة .وعلى نفس الخط قدمت لنا صباح مجموعة افلام مرحة وخفيفة مثلت فيها دور المرأة المحبوبة المدللة التى لا تعيش أي مشكلة حقيقية فيما عدا شكليتهما مع ذاتها ومع جمالها في افلامها الاولى بالقاهرة وابرزها الحب كده , والمتمردة , ورد قلبي , ومعبد الحب .. الخ ثم في افلام بيروت التى كررت فيها عقدة " فريد " مع القصة الواحدة الخالية من أي مضمون مثل فاتنة الجماهير , وكره الهوى , وافراح الشباب , واهلا بالحب , وجيتار الحب , وكلام فى الحب واخر المطاف كان فيلم " ليلة بكى فيها القمر" الذي حملت معه مضمون مشكلتها مع اخر ازواجها .
        اما " ليلى مراد " فقد شاركت فى تقديم الفيلم الغنائي بافلامها بنت الفقراء وبنت الاكابر وغيرها من الافلام التى تدور حول نفس المضمون الخالى من أي تجذير للمشاكل الاجتماعية او السياسية العربية , مستقلا شهرة المطرب او المطربة فقط ..
        واذا كنا نستعرض تلك الافلام الاستعراضية الغنائية التى نفتقدهم الان حيث تعيش السينما العربية فقرا مدفعا في الفيلم الغنائي يعود سببه الى عدو وجود الكفاءة السينمائية لمطربي ومطربات الجيل الجديد من الفنانين , وتفضيل المطربين والمطربات الاسطوانات والشرائط المسجلة والاذاعة والتلفزيون لتحقيق الربح المادي , والانتشار الجماهيري , عوضا عن الافلام السينمائية التى كانت مركز الشهرة الاوسع فى العالم العربي قبل انتشار الفيديو والتلفزيون واذا كانت السينما العربية لم تقدم لنا اكثر من عشرة افلام تاريخية طوال تاريخها الزمني , فانها لم تقدم لنا افلاما غنائية حقيقية في مرحتلها الزمنية الثانية فيما عد بعض محاولات فيروز السينمائية الفاشلة , او بعض اعمال وردة السينمائية الباهتة . لدرجة تجعلنا نعتبر فيلم وليد توفيق " من يطفئ النار " من افضل الافلام الغنائية التى انتجت عربيا , بجانب افلام نادية الجندى وسعاد حسنى الاستعراضية في السبعينات وخلاصة القول فيما سبق نصل الى التساؤلات التالية :
        اين الافلام الحربية ..؟ اين الافلام السياسية ..؟ اين الافلام التاريخية ..؟ في خارطة السينما العربية لا يوجد تاريخ , وليس لها موقف , هذا يعني ان السينما العربية – فيما ندر من الاعمال – تحيا بلا مضمون , وما يزيد الطين بلة كما يقولون انها مستمرة بلا تكنيك سينمائي – يعني لا تكنيك ولا مضمون وبالرغم من ذلك فان المطربة السينمائية العربية لاتقل في سنها وعطائها عن نجوم السينما ونشير هنا الى النجم العربي الدائمى " عمر الشريف " بطل افلام " نهر الحب " و" في بيتنا رجل " وغيرهما من الافلام وهناك المخرج الفائز بالعديد من الجوائز العالمية التقديرية "يوسف شاهين " الذي حصل اخيرا على منحة فرنسية فى ابريل 1983 مساهمة من وزارة الثقافة الفرنسية في تمويل فيلم ليوسف شاهين عن نابليون , وهو الذي قدم لنا افلام :
        باب الحديد , وصراع فى الوادي , واسكندريه ليه , والعصفور , وحدوته مصرية .. الخ .
        ومن النجوم الجدد قدم لنا الممثل الاول في السينما العربية الان " نور الشريف " افلاما ثلاثة اقترب بها من العالمية وهى افلام : العار , وسواق الاتوبيس , والطاووس .. الخ اما زميلة محمود يس فإن افضل ما قدمه فيلمان هما : على من نطلق الرصاص , وانتبهوا ايها السادة .
        اما النجم الممثل " احمد مظهر " فقد كان افضل ممثلي الشاشة العربية بعيدا عن المشاكل وهموم الرجل العربي
        - بخلاف رشدى اباظة وفريد شوقي اللذان اشتركا معا في تقديم صورة الرجل العربي الفتوة , الذي يداعب احلام الشباب من جمهور السينما العرض , ولذا فان اغلب افلامها , من نوع الافلام الهندسية التى تسحب جمهورها الى عالم الاوهام ..!! فما هو السر في ضياع السينما العربية ..؟؟
        ---------------------------------------------------------
        السينما العربية .. ما لها وما عليها ؟
        ---------------------
        تجارة الفن ام فن التجارة ؟

        -----------------
        " خلصت الحلقة السابقة الى السؤال :
        ماهو السر فى ضياع السينما العربية ؟ ..
        أين التاريخ العربي في المسرح والسينما ؟
        الاجابة التي قد لا يتفق البعض معنا عليها تتخلص في ان هذا الضياع العربي السينمائي يعود اولا وقبل كل شئ الى ابتعادها عن الادب العربي من ناحية , وابتعادها عن الواقع العربي من ناحية ثانية , وعدم انتمائها للتاريخ العربي من ناحية ثالثة , وخوفها من السياسة العربية من ناحية رابعة , وقلة حيلتها مع الحروب العربية من ناحية خامسة , وانتصار المادية التجارية على الروح الفنية الاستعراضية من ناحية سادسة , ثم وأخيرا رحيل المطربين العرب الى عالم الاخرة , وعنجهية وعجز الباقين على قيد الحياة التمثيل من ناحية سابعة فماذا تبقى للسينما العربية بعد كل هذا العجز ...؟؟
        1- افلام عنائية واستعراضية وكوميدية مرحة وخفيفة في العشرين عاما الاولى من حياة السينما العربية , وهي تخدم العمل الغنائي قبل ان تخدم جمهور السينما العربية .
        2- افلام بحثت مشاكل المرأة العربية نظرا للكفاءات الفنية غير العادية بين كواكب السينما العربية في افلام فاتن حمامة وماجدة وهند رستم , وبعض افلام شادية وما عدا ذلك , فضائح جنسية انتشرت رائحتها في العشرين عاما التالية ( وتجد الاشارة هنا الى ان كل الانتاج
        ( سوري – لبناني ) سينمائي اتجه الى ذلك المغنى المبتذل ) .
        3- السينما الجزائرية والمغربية والتونسية والعراقية بجانب الاصوات القوية الجديدة والجادة في السينما المصرية التي ظهرت في السنوات الاخيرة , تبشر الجمهور العربي ببعث جديد للسينما العربية , قد يقفز بها من حومة الانعزال والامتهان والتقليد والتكرار ...!!
        - فما هو المطلوب لسينما عربية من اجل الجمهور العربي ودعم موافقه ..؟؟
        هل المطلوب سينما عادل امام وحسن الامام ونادية الجندي ..؟؟
        ام هل المطلوب سينما يوسف شاهين وسعيد مرزوق ورضا الباهي وهشام ابو النصر ونور الشريف ؟؟
        ام المطلوب سينما محمد عبد العزيز ويحى العلمي ومحمود يس وفريد شوقي ...؟؟
        ونجيب على هذه التساؤلات بالشكل التالي :.
        1- عادل امام ونادية الجندي ظاهرة في السينما العربية , كما كان نجيب الريحاني وميمي شكيب ظاهرة السينما القديمة , وهما يقدمان التسلية والترفيه للجمهور كهدف رئيسي في كل أعمالهما , ولكنهما يمثلان وبحق نجوم الشباك في السينما العربية لانهما :.
        الافضل في عالم الافلام الخفيفة والمرحة والاستعراضية على الاطلاق وسط هموم ومشاكل المواطن العربي السياسية والاقتصادية من المحيط الى الخليج في هذا الزمان . والكوميديا الهادفة مطلوبة , والكوميديا للتسلية والترفيه مطلوبة ... والفيلم الاستعراضي الهادف مطلوب , والفيلم الغنائي مطلوب للترفيه والتسلية ايضا ... ونادية الجندي قدمت لنا ثلاث قضايا في ثلاثة افلام وسط الاستعراض والابتذال وهي :.
        قضية الادمان على الحشيش في الباطنية , قضية الفساد الادارى والاقتصادي في وكالة البلح , قضايا المجانين في انا المجنون , اضافة الى قضايا العوالم والرقصات المبتذلة في شوق وبمبة كشر , وعالم وعالمة , وليالي ياسمين , اي انها قدمت شيئا لا بأس به , وعادل امام ناقش في افلامه الاخيرة قضايا عدة في افلامة الاخيرة مثل :.
        قضية ان الانسان عبارة عن مستند حكومي في فيلم شعبان تحت الصفر... وقضية ان القانون لا يحمى الاغبياء والمغفلين في فيلم رجب فوق صفيح ساخن ...
        وقضية استغلال التجار والملاك لدم الفقراء في فيلم حب في زنزانة ...
        وقضية انهيار الامن السياسي في حياة الشعب العربي من خلال فيلم احنا بتوع الاتوبيس ..
        اما حسن الامام فقد قدم لنا : سعاد حسني في اميرة حبي أنا وخللي بالك من زوزو وقدم نادية الجندي في بمبة كشر , وقدم شريفة فاضل في سلطان الطرب , وقدم بديعة مصابني لنادية لطفي وقدم ماجدة الخطيب في دلال المصرية , وهي افلام استعراضية لا يوجد غيرها ومنذ خمسة عشر عاما ...
        والفيلم الاستعراضي مطلوب , والفيلم الكوميدي مطلوب , ولكن بشكل متزن , وبشكل لا مبتذل , ويا حبذا لو نافشت قضية معينة بداخله .. بحيث لا تصبح كل افلامنا للتسلية والترفيه كما انساق اليها الجميع الان , فليس كل ممثل كوميدي قادر على العطاء مثل عادل امام , كما لا يوجد ممثلة استعراضية في مقررات نادية الجندي الان , والدليل على ذلك فشل سهير رمزي او شريفة فاضل او نادية لطفي او ماجد الخطيب في تمثيل حياة العوالم كما نجحت فيه نادية الجندي الان ...
        اذا :.
        فعادل امام ونادية الجندي وحسن الامام خط سينمائي مطلوب للترفيه عن الجمهور ...
        - ولكن الترفيه لا يجب ان يكون ميدان السينما العربية الاساسي كما يحدث الان , ولذا فان سينما يوسف شاهين , سينما الوعي , سينما المثقفين , سينما السينمائيين , السينما التي تحسبان الى العالمية مطلوبة ايضا بشئ من التبسيط ...ولكنا لا يمكننا ان نطالب يوسف شاهين بالتبسيط لان سر روعته في التعقيد ... فيوسف شاهين خط سينمائي ضروري لمعالجة مشاكل المثقفين بالفن الرفيع ..
        .... وتلك مهمة اساسية ثانية للتمثيل عموما والسيما خصوصا ...
        - يوسف شاهين رغم تميزه في الاخراج السينمائي , الا انه ليس المخرج العربي الوحيد الذي التزم بمشاكل المثقفين وعالجها في افلامه , فهناك المخرج الملتزم " سعيد مرزوق " الذي واجه المجتمع المصري بفيلم " المذنبون " , وفيلم " الخوف " , وفيلم " زوجتي والكلب " و " اريد حلا " الخ .. وهشام ابو النصر الذي بحث في الاحياء الشعبية عن منظور اخر جديد مختلف عن افلام فريد شوقي القديمة , حيث قدم لنا فيلم " الاقمر " وعشناه معه هناك كل النماذج الانسانية التى عالجها بدقة متناهية برع فيها نور الشريف كما بدأت فيها " نادية لطفي " سلسلة افلامها في الدفاع عن المعاني الانسانية والمبادئ السامية بعد بطولتهم لفيلم " المومياء " لمخرجه شادي عبد السلام ثم اتبعتهما بالفيلم الفكري العقائد الرائع " اين تخبئون الشمس " للمغربي عبد الله المصباحي وشكلت مع مجموعة المخرجين الملتزمين ومع نور الشريف الخط الفكري – العقائدي – السياسي الجديد في السينما العربية وشاركتهم سيدة الشاشة العربية " فاتن حمامة " في هذا الخط بمجموعة افلام تدافع فيها عن المرأة العربية المصرية باقتدار عظيم والخط الذي التزمت به نادية مع زملائها الفنانين الملتزمين امثال نور الشريف وشادي وفاتن وشاهين والعقاد وسعيد مرزوق ورحت الباهي وعبدالله المصباحي وغيرهم هو الخط الذي افتقدته السينما العربية كثيرا فوجدته في هؤلاء الفنانين العقائديين اصحاب المثل العليا ... والسينما ان لم تعر الواقع بواقعية متناهية وتدافع عن المبادئ والمثل , تبقي سينما لا قيمة لها وهذا الخط هو الذي تبحث عنه في السينما العربية خط السينما الواقعية الملتزم بالوطن والمواطن وهي من اسمى مهمات العمل السينمائي قاطبة .
        - ويبقي في الوسط بين اولئك وهؤلاء , بين سينما التسلية والترفيه وبين سينما المثقفين والملتزمين , سينما الرومانسية والناس العاديين السينما التي تقدم لنا القصة بشئ من الاسقاطات الفكرية مع جانب من التسلية والترفية وفي هذا الخط يتربع محمود يس , مع المخرج المصري محمد عبد العزيز , وفريد شوقي بثوبه الجديد , وباقي النجوم من مخرجين وممثلين حيث شاهدنا في هذا الخط افلام : الشريدة – انتبهوا ايها السادة – الخبز المر للمخرج اشرف فهمي – ولا يزال التحقيق مستمرا لنفس المخرج , وهذا الخط يتراوح بين الجدية وبين التسلية , وهو يميل الى عطاء دفعة من الالتزام موازية لوقعة من الترفيه – الدرامي – وهو خط موجود في كل انحاء العالم , وفي كل مؤسسات السينما , ومعنى وجوده مرتبط بوجود السينمائيين .. بمعنى انه من المستحيل ان تكون السينما 100% يوسف شاهين او فاتن حمامة ونور الشريف . كما انها من غير المرغوب فيه ان تكون السينما 100% حسن الامام او نادية الجندي وعادل امام .. فهناك دور العرض السينمائية , هناك المنتجون , هناك فنانون , هناك جمهور , هناك تجارة لا بد ان تعيش عائلات تعدادها يصل الى مئات الالاف , ويجب ان تنتج افلام عادية لكي يعيش منها الجميع , وهذا الخط الرومانسي او الدرامي مطلوب لرواج السينما وانتشارها وقد يساعد من ناحية ثانية في خلق ارضية اوسع لثقافة سينمائية اعم واشمل ..
        - ووسط هذا الزخم كله يبقى الابداع ...
        ابداع مصطفى العقاد في الافلام التاريخية :عمر المختار , والرسالة ...
        وصلاح ابو يوسف في افلام العراق التاريخية : القادسية واليرموك ... التي تذكرنا بافلام السينما المصرية قبل عشرين عام , وااسلاماه , وعنترة , والمماليك , والناصر صلاح الدين وتبقى كلمة في هذاالخط وهي :.
        ان السينما العربية لم تعط للفيلم التاريخي حقه , ولم تعط التاريخ العربي عامة روحه .. وهذا نقص خطير في احدى مهمات التمثيل الباحثة عن التاريخ بصدق المؤرخين ..
        - ونفس الشئ يمكن ان نقوله على الافلام الحربية والتي تاني السينما العربية من نقص خطير ومريع فيها فلم تشاهد الحقيقة عن حرب 1967 سينمائيا الا في فيلم " اغنية على الممر" لعلي عبد الخالق , وكان اكثر الافلام ارتباطا بحرب اكتوبر فيلم " العمر لحظة " لمنتجته ماجدة , لكننا لا نريد في الافلام الحربية مفاهيم الجنود , واراءهم , ولكننا نريد مفاهيم القواد وآراءهم في الحروب العربية سينمائيا وحتى الان فالسينما العربية لم تعالج حروبنا العربية من سنة 1948 وحتى سنة 1982 بصدق ويقين .
        - اما الفيلم السياسي فقد انتظر وفاة الزعيم الخالد " جمال عبد الناصر" وبدأ البعض يتملق النظام الجديد المناهض لنظام عبد الناصر وكانت البداية مع فيلم " الكرنك " من قصة نجيب محفوظ , وتبعه عدد من الافلام ابرزها " وراء الشمس " الذي مثلته نادية لطفي " واحنا بتوع الاتوبيس " عن قصة للكاتب الحمامصي وتمثيل عادل امام ... الخ الفيلم السياسي قاصر عربيا ايضا في البحث عن حياة ومواقف واراء اصحاب القرار السياسي بعمق ودراية ونضوج , فالمشكلة في القمة غاليا وليس في القاعدة , وحل المشاكل يفضحها ويعريها دائما , وتعرية وفضح اصحاب القرار مهمة رئيسية للعمل السينمائي عامة , يفتقر اليها الفنان العربي حتى الان , ولو ان فؤاد المهندس وشويكار حاولا في مسرحيتهما الفاشلة " من غير ليه " الوصول الى اصحاب القرار ولم يوفقا بشكل كامل , لا يجتاز النص ضد الحقيقة الكاملة وميلة الى الكوميديا السياسية .. ولكن " عادل امام " وبجرأة وقف في " مشاهد ما شافش حاجة " منتقدا رئيس دولته حين اشار بطريقة هزلية الى العصا التى تعود السادات وضعها تحت ابطه دائما ... وفيما عدا ذلك فان دريد لحام ونهاد قلعي ومحمد الماغوط حاولوا تعرية الزعيم السياسي العربي في مسرحية " ضيعة تشرين " عن طريق المختار – الرمز , ثم في مسرحية " كأسك يا وطن " عن طريق راديو عرب عارلو , وفي مسرحية " غربة " عن طريق التراكتور الزراعي ... الخ
        غير ذلك فما قلناه عن السينما العربية ينطبق على المسرح العربي كما يلي :.
        - تجارة في تجارة , اغرقت فيها شركات الانتاج السينمائي والتلفزيوني عالمنا العربي بمسرحياتها التافههوالساقطة التجارية التلفزيونية بلا قضية وبلا كوميديا , ولا تمت للمسرح بصلة غيرصلتها بالديكور ..
        - وما يقال عن التجارة في المسرح , يمكن ان يقال نفس الشئ عن المسلسلات التلفزيونية المموجة الممطوحة التي لا تخدم قضية , ولا تقدم أي مضمون سوى التسويق والتوزيع وملء الفراغ في محطات التلفزيون العربية المنتشرة في كل مكان الان ...
        فالمسلسل التلفزيوني يختلف عن العمل المسرحي وعن العمل السينمائي في ان مدته الزمنية طويلة , فان لم يكن اقرب الى الملحمه الشعبية .
        او الاسطورة الخالدة
        او الرواية الرائعة
        او الحدث التاريخي
        لا يمكن اعتباره مسلسلا , بل امتصاص لدماء المتفرج العربي , وقتلا لذوقه واعداما لفكرة ومبادئه , وهذا هو ما تلعبه المسلسلات التلفزيونية في حياتنا الان مع الاسف الشديد ...
        وبعد ..
        في الختام ماذا نريد من التمثيل في حياتنا العربية :.
        1- نريد فنا رقيقا , وفكرا رقيقا , كما قدمنا في حديثنا عن الفليم التاريخي والفيلم الحربي , والفيلم السياسي , والفيلم الغنائي , ونريد اكثر من فاتن حمامة واحدة لمعالجة قضايا المرأة العربية المعاصرة , ونريد اكثر من أي وقت اخر فنانين ملتزمين امثال العقاد وشاهين وابو سيف وشادي عبد السلام والمصباهي والناهي , ونور الشريف , ونادية لطفي ... الخ نريد اقترابا اكثر للواقع العربي , ونريد محاكاة صادقة بين السينما العربية وبين الادب العربي , فلا نريد قشور الادب العربي فقط ولكننا نريد تقديم كل أعمال نجيب محفوظ والطيب الصالح ويحيى يخلف وغسان كنافي وتوفيق الحكيم ويوسف ادريس , نريد ان نرى الادب في السينما , ونريد ان نعيش مرحلة الادب السينمائي بشكل عام ...
        2- نريد مسرحيات عربية جادة , وهادفة وعلى مستوى البحث عن الحقيقة وبقولها بأي شكل كان , ولذا نريد أكثر من دريد لحام وصباح جزائري وعبد الحسين وسعاد العبدالله وعادل امام – ونريد البديل لسميحة ايوب وسناء جميل في المسرح الجاد ونريد البديل لماري منيب وعادل خيري ونجيب الريحاني في المسرح الكوميدي – ونريد الكثير نريد النص المسرحي المسؤول الذي يفتقد من القمة الى القاعدة والعكس صحيح ايضا .. وسامح الله تجار الفن المسرحي الذين اجتاحوه بمسرحياتهم التلفزيونية الهابطة ...
        3- ونريد اعمالا تليفزيونية حية , ناضجة , فكرية , وليس اعمالا تجارية هابطة , تدور على نفس النمط , ويقودها نفس الربان المادي التجاري .. اين الروايات العظيمة , اين الجذور العربية , اين دالاس العربية , واين فلسطين العربية , اين التاريخ العربي , لم يقدم التلفزيون شيئا نذكره او نمجده ونخلده مع الاسف , فكل ما قدمه ممثلين داخل استوديوهات مغلقة سامح الله من لا يقرا كلماتنا ولا يحاول ان ينبش فيها لعله يجد فيها شيئا صالحا لتثقيفة .

        تعليق

        • يسري راغب
          أديب وكاتب
          • 22-07-2008
          • 6247

          #5
          رد: السينما بين الشكل والمضمون/ كتاب 1 ليسري شراب

          الفصل الثالث
          السينما والمجتمع
          ------------------
          الواقعيه في السينما العربية
          --------------------
          [align=center]لو تتبعنا قضية العلاقة بين الفن والواقع , على مستوى السينما العربية , سنجد انفسنا امام مجموعة اعمال راقية في تجريدها للواقع المجتمعى والسياسي والاقتصادى , لعدد من المخرجين السينمائيين الجدد امثال : محمد خان , وعاطف الطيب , وعلي عبد الخالق .. وسعيد مرزوق .. وهانى لاشين .. من مصر , ومحمد ملص من سوريا في فيلم " احلام مدينة " ..
          بعيدا عن رمزية يوسف شاهين , واسقاطاته الفكرية , او كلاسيكية صلاح ابو سيف في افلامه القديمة , التى كان قمتها في فيلم
          " السقامات " او ما لم يتح لنا مشاهدته من اعمال المخرج العربي الجزائري المبدع , الاخضر حامينا في ثلاتيته عن الثورة الجزائرية التي بدأها " بسنوات الجمر " الفائزة بالجائزة الكبرى في مسابقة
          "كان" الرسمية ضمن مهرجان 1975 .. او الواقعية البوليسية – السياسية لكمال الشيخ في فيلم " الصعود الى الهاوية " وفيلم
          " على من نطلق الرصاص " او في قمة اعماله الواقعية – البوليسية بفيلم " لن اعترف " المنتج سنة 1961 او فيلم " الطاووس " المنتج عام 1982 ..
          ويلاحظ من هذا الخط الذي يعتمده , في دراسة العلاقة الجدلية بين الفن والواقع في الوعاء السينمائى , الابتعاد عن الاسماء القديمة المعروفة في عالم الاخراج السينمائي والاقتراب من الاسماء اللامعة الجديدة في عالم السينما العربية , وهذا يعود , لان المبدعين الجدد في عالم الاخراج السينمائي , اكثر احتكاكا من الاسماء القديمة , بقضايا الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي المعاصر , بحكم السن , والنشاة في ظروف ما بعد حرب يونيه عام 1967 , التي لا تزال اثارها مخيمة على واقعنا العربي بكل ابعاده السياسية والاجتماعية والاقتصادية ..
          فقد كانت بداية الرحلة بالنسبة لعلى عبد الخالق وسعيد مرزوق , بعد حرب يونيه 1967 بعامين او ثلاثة اعوام , بينما كانت البداية الحقيقة لعاطف الطيب ومحمد خان وهاني لاشين في اواخر السبعينات واوائل الثمانينات ..
          مثلهم في ذلك مثل " هشام ابو النصر " الذي نشم في اعماله رائحة صلاح ابو يوسف من خلال فيلم " الاقمر " او فيلم " قهوة المواردي " بمعايشة موضوعية للواقع الجديد الذي يعيشة الحي الشعبي في زماننا المعاصر ..
          وتبقي واقعية " هشام ابو النصر " في " الاقمر " او " قهوة المواردي " ذات اشكال فكرية , تاخذ المضمون الاجتماعي , في قوالب الواقعية الانتقادية اكثر من وقوعها في قالب المباشرة الفنية , التي تخدم القضايا الواقعية المعاصرة , خدمة مباشرة ومؤثرة على ذهن المشاهد العادي , قبل تاثيرها على اذهان الخاصة من الطبقة المتعلقة او المثقفة ..
          وضمن هذه العموميات التى لا تفرض نفسها في قضية اجتماعية محددة المعالم والاتجاهات , يظهر الآن لهشام ابو النصر , عمل سينمائي اجتماعي في فيلم " البنات والمجهول " .. وهي قضية استهلكت في الكثير من الاعمال السينمائية والتلفزيونية , والجديد فيها , ذلك التوجه الاجتماعي , في لقاء الانسان العربي باخيه العربي , داخل اسوار الجامعة , او في ثنايا القصص العاطفية الانسانية بالفيلم , خاصة وان بطل الفيلم , طالب عربي لم تحدد جنسيته او هويته , يتعلم في الجامعات المصرية , ويبرز حبه لزميلته المثقفه الواعدة والطالبة الجامعية المصرية ..
          وهذا اتجاه مدروس , يحسب لهشام ابو النصر , ضمن اطلالته او استراحته الفنية في فيلم " البنات والمجهول " .
          ولو تعمق هشام ابو النصر في بحث جوانب هذه القضية الانسانية , التى تعد تبشيرا بوحدة العادات والتقاليد والآمال والآلام بين انساننا العربي من مكان الى مكان , لتحقيق للفيلم بعد واقعي ضمن قضية اللقاء الانساني العربي دون حساسيات اقليمية .!!

          ***
          ومن خلال هذه النقطة , قد يتحدد ما يقصده , بالواقعية في الفن السينمائي العربي , والتي نود طرحها ومناقشتها في تلك السطور , من خلال طرح بعض الاعمال السينمائية لقضايا بالغة الاهمية والتاثير في حياتنا الاجتماعية والاقتصادية العربية , والتى تمثل خطوطا واضحة في خيارنا الواقعي المعاصر , وتحتاج الى وقفات , ووقفات من مبدعينا في عالم الفن والادب المعاصرة , لمعالجتها , والقضاء على مسبباتها ..
          فانحياز نا هو الفن الذي يحدد قضية واقعية معينة ويدرسها ويضع الحلول لها رغم اعترافنا بوجود اعمال فنية اخرى احتكت بواقعنا لكن دون ان تلتف بنفسها حول قضية بعينها ولذاتها , وتشبعها بحثا وتفصيلا كما شاهدنا في فيلم " خرج ولم يعد " لمحمد خان , او فيلم " الكيف " لعلي عبد الخالق او فيلم " انقاذ ما يمكن انقاذه " لسعيد مرزوق , او فيلم " الحب فوق هضبة الاهرام " لعاطف الطيب او فيلم احلام مدينة " لمحمد ملص ..!!
          تلك النماذج الراقية في معالجتها للواقع المجتمعي والسياسي العربي , بتحديد قضية من القضايا الهامة ضمن هذا الواقع , ومناقشتها دون الدخول في عموميات , وتفاصيل اخرى تتشابك فيها القضايا الاجتماعية فتخرج الى المشاهد , سطحية لا تبرز علاجا معينا , وانما تخلق جوا اقتصاديا عاما .. لا يخلق التفافا .. بقدر ما يخلق نقمة عامه , لن تحدث تاثيرا فوريا ومباشرا على المشاهد .. ولكنها بتراكمها تحدث التغيير النوعي الذي ننشده لواقعنا
          لقد وصل الفن الى عمق هذه القضية الاجتماعية .. ونجاحا مدروسا من جميع الجوانب الفنية في تسليط الضوء عليها .. لتجعلنا نضع اسم
          " هاني لاشين " مع مجموعة الاسماء التي طرحت قضايا الواقع , بتحديد , دون التعميم .. فلم يترك جانبا من جوانب العلاقات الاجتماعية في حياة كبار السن , الا وناقشها .. والجلوس مع رفاق الدرب الطويل .. وقتل الوقت بالاحاديث .. والوقوف متآزرين مع بعضهم البعض في المواقف الصعبة .. والحرص على استغلال كل دقيقة من حياتهم والاستمتاع بها بعيدا عن الوحدة والفراغ القاتل .. والغوص في نفسياتهم عند لحظات الخصام في تلك السن بمواقف ممتعة ..
          وهذا التحديد في بحث قضية كبار السن , يقابله عند عاطف الطيب تحديد لبحث قضية الشباب في مقتبل العمل , من خلال فيلم , الحب فوق هضبة الاهرام .. حيث التقت الروعة في الاداء الفني مع القيمة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لقضية الشباب في سن الزواج , في اطار فني واقعي , وضعنا امام الحقيقة الحاضة دوما في الاذهان , عن روعة الانسجام والتلاقي بين الفن والواقع اذا ما ناقش قضية محدودة بعينها , وافراغ كل ما في الجعبة الفنية والابداعية , من عوامل النجاح المؤثرة على ذهن الملتقي ..
          الاجواء الرومانسية الدافئة .. وسط الحياة المهنية الرتيبة المملة .. واجواء الحياة الاسرية الصعبة .. بين فتاة تبدأ حياتهم العملية بعد فشلها في تجربة عاطفية لم يكتب لها النجاح لصعوبات مادية بحتة ,وبين شباب في مقتبل العمر , يهرب من الملل الذي يعيشه بغير عمل مجد ونافع في مكتبة الى مقهى يتبادل فيه الاحاديث مع مجموعة من اصدقائة..
          وفكرة اللقاء العاطفي المحموم تسيطر على ذهنه , كلما التقت عيناه , بحسناء على الطريق , حتى يلتقي بالفتاة , ويحب كل منهما الآخر ويفكران بطريقة انقلابية في تحديد مسار حياتهما العاطفية المستقبيلة بالزواج سرا , ووضع الاهل امام الامر الواقع
          وبعيدا عن تعقيدات المهر والشبكة والشقه , واثاث الشقه .. ووسط هذا كله يبحث الشاب عن حل لمشكلته عند احد المصلحين الاجتماعيين , ويناقشه فيوقعه المفكر في عموميات لا يفهم منها الشاب امرا .. وهو يريد حلا محددا ومقنعا لقضيته .. وبين الشاب وذلك المصلح برزت صورة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر .
          فالمفهوم من وجود صورة الزعيم الخالد , بينما وسط المناقشة ان حل قضية الشباب فى هذا العصر المادى , لا تحدث إلا بالعودة للحل الناصري الاجتماعي في قضايا الشباب الاقتصادية , الذين هزمتهم اجواء الصراعات المادية فرفعت الاسعار في كل الاماكن وكل الاشياء .
          وفي حين يعالج عاطف الطيب القضية بابعادها النفسية والعاطفية والمادية , ويضع امامنا اكثر من حل لها , اما بطريقة انقلابية على القيم الاجتماعية البابلية , او بطريقة فكرية بالعودة الى التطبيق الاجتماعي الناصري , او بطريقة اسلامية , فان " محمد خان " ناقش القضية باسلوب اخر من خلال فيلم " خرج ولم يعد "
          ووضع حلا لها , بالانطلاق الى عالم القرية , والابتعاد عن زحمة المدن وضوضائها ومفاسدة ونفقاتها الباهظة المكلفة .. وهو يضع مقارنة محدودة المعالم في قضية الحياة بين الواقع المدينة , وبين واقع القرية .. ويطرح تساؤلا بسيطا ومحددا : ما الذي يشدنا الى المدينة بكل مساوئها .. ؟؟ وما الذي يبعدنا عن القرية بكل محاسنها ..؟ هل هي الوظيفة ؟؟... او الدرجة التى نحلم بالوصول اليها بعد ان يشيب الشعر في رؤسنا ..؟!
          وضمن هذه الخطوط , انطلق سعيد مرزوق في فيلم " انقاذ ما يمكن انقاذه " مطالبا بالقضاء على عناصر الفساد بداية .. والتوجه نحو معاني الحق والخير والجمال , والعودة الى حب الله وتربية الاطفال كحال جذري لقضية التضخمم الاقتصادي الذي يعاني منه الناس .. والذي جعلهم يعيشون الفساد وكانه نهاية المطاف في الدنيا ..!!
          ومن جوانب الفساد التى طالب سعيد مرزوق " بالقضايا عليها في فيلم انقاذ ما يمكن انقاذه " .. امسك " علي عبد الخالق " بقضية المخدرات واغاني الهوس والجنون واللا اخلاقية , وضع منها فيلما محكم العبارات لسيناريو وحوار محمود ابو زيد ضمن فيلم الكيف " الذي وضعنا امام قضية المخدرات , وشرح مسبباتها وكيف اضرارها " على المجتمع كله , من خلال زوايا انسانية ومادية تبين الفارق بين الفن الذي يخدم الواقع , وبين الفن الذي يهدم الواقع .. او الفرق بين افلام قاتلة ومدمرة ناقشت الاتجار بالمخدرات في الباطنية " و " القرش " و " حت لا يطير الدخان " .. وبين فيلم موضوعي وانساني حدد الاخطار وهاجمها في فيلم الكيف " .

          ***
          ومن القضايا الاجتماعية والاقتصادية التى ناقشها الفن بموضوعية , وواقعية , نجد انفسنا امام القضية السياسية في فيلم " احلام مدينة " ... حيث نلتقي حول القضية الحلم , في ضمير كل مواطن عربي .. الا وهي قضية الوحدة العربية .. حين يسحبنا مخرج الفيلم الى الوراء اكثر من ربع قرن , في عام 1958 بالتحديد , وبين المشاكل الاجتماعية لحى شعبي في سوريا العربية .. يبدو كل المواطنين متفق على ضرورة الوحدة , ومؤمنين بالقيادة الناصرية , فالكل يحلم حتى الطفل – الصبي , الذي يحمل مسؤلية امه وشقيقه , ازاء الظروف الاجتماعية الصعبة التي تعيشها الاسرة , لكنه يحلم بالحب البرئ وبالوحدة , التي تخلصه من نيران الظلم الاجتماعي الواقع على امه , ويتحقق الحلم في النهاية , وتنطلق الوحدة على اغنية محمد قنديل , انا واقف في الاهرام .. قدامي بساتين الشام ..!!
          ولا نبالغ اذا قلنا بان فيلم احلام مدينة مس قضية الضمير العربي ازاء واقع الانقسام والتفرقة , بشكل اكثر نضوجا من غيره وهو يضع في حسبانة مرحلة الضياع التي يعيشها الانسان العربي في هذه المرحلة من زماننا المتردي .. رغم ان احداث الفيلم جرت كلها في زمان الخمسينات وبالتحديد في الشهور القليلة السابقة للوحدة المصرية السورية سنة 1958 .. وكان منسجما كليا مع اسمه , في كون الوحدة الحلم الازلي للانسان العربي المعاصر ..
          والتى ننتصر فيها على عوامل الضعف البادية في بنائنا العربي , اقتصاديا وعسكريا وسياسيا وثقافيا , وبالتالي اجتماعيا .. لأن التردي في الجوهر يجر معه ترديا اعمق في اصغر التفاصيل الانسانية ..!!
          وروعة الفيلم , انه ناقش قضية الوحدة العربية , من خلال الانسان العربي , بعيدا عن المواقف الحزبية , والخطب النارية الحماسية , والوعود الرسمية .. لقد تجول بنا في اعماق النفس البشرية , للانسان العربي , الذي يعتبر بحق هو القضية الاساسية لاصلاح الحال المتردي لواقعنا العربي على كل المستويات ..

          ***
          وبالمقابل قدم لنا دريد لحام فيلم الحدود " حول قضية الانقسام , والتفرقة , والتشتت الذي نعيشه في اجواء انتقادية كوميدية , نجحت في السخرية من الحدود المصطنعة بين الاقطار العربية , ولكنها لم توغل في عمق القضية الانسانية التى تهمها الوحدة , لحل مشاكلها الانية والمستقبلية , بعيدا عن الاجواء الاقتصادية ..

          ***
          وكاد فيلم " الصعاليك " ان ينجح في طرح القضية السياسية لولا انه جنح في النصف الثاني من الفيلم الى القضية الاقتصادية فلو ترك المخرج داوود عبد السيد القضية الاقتصادية لفيلم اخر وركز على القضية السياسية من خلال المواطن العربي العادي في مرحلة الستينات , كما ركز عليها محمد ملص في " احلام مدينة " وكما ركز عليها يوسف شاهين في فيلم " العصفور " ..
          لاستطعنا معايشة قضية الانسان العربي وضميره السياسي في فيلم ثالث لكن داوود عبد السيد جنح بالسيناريو الى جهة مختلفة تماما عن وجهته في النصف ساعة الأولى من فيلم الصعاليك " .
          وكم كان رائعا لو سحبنا " الصعاليك " الى الواقع السياسي , العربي حتى نكسة يونيه 1967 , وموت الزعيم الخالد جمال عبد الناصر , وعشنا معهم تطورات الحالة الانسانية مع تطورات القضية السياسية العربية .. بدلا من الوقوع في تفاصيل لاتنتهي بالحرب الاقتصادية والتي كان يمكن ان يفرد لها عملا سينمائيا اخر مستقلا ..!!
          وروعة سعيد مرزوق في " انقاذ ما يمكن انقاذه " انه استطاع , الجمع بين كل العصور , وعقد بينهما مقارنة فنية , ضمن واقع زمني ومكاني واحد , يخدم قضية واحدة ومحددة , اخذت مضمونها من اسم الفيلم ذاته في محاولة انقاذ ما يمكن انقاذه ..!!
          وعظمة يوسف شاهين في " العصفور " انه ناقش القضية الانسانية في زمان محدد ومكان محدد ووضعنا امام الحالة الانسانية في زمان النكسة 1967 .. وهي القيمة التي انسحبت بعد ذلك على فيلم احلام مدينة ايضا , وخسرها فيلم " الصعاليك " في النقلة الزمانية والانسانية السريعة والمفاجئة التي لا تعطي تفسيرات معقولة , للتوجهات السياسية والاقتصادية في زمان ومكان محددين ..
          وهذا الكلام ينسحب على كل ألوان الفنون والآداب المختلفة .. فيبقي العمل الاكثر تأثيرا هو العمل الاكثر تحديدا لاحدى القضايا الاجتماعية او السياسية في زمان محدد ومكان محدد دون الغوص في عموميات لا تحل ولا تناقش , بقدر ما تنقل حكاية , او تسرد رواية ..
          وروعة الفنان او المبدع بشكل عام تتمثل في قدرته الابداعية على نقل التفاصيل في حالة الانسانية المرافقة لاحدى القضايا الواقعية في حياتنا العامة او الخاصة ومن هنا وجدنا الفن يرتقي في النماذج الابداعية التى ناقشت قضية محددة لذاتها , ولم تهرب الى عموميات بسطحية وشفافية , مهما كان نزوعها الفكري , فهي لا تمس جوهر أي قضية .. واذا تتبعنا قائمة الافلام التي فازت بالجوائز العالمية تجدها تلك التي سلطت الضوء على قضية الانسان , وفرغت كل ما في جعبتها من قدرات فنية وابداعية , لدراسة الحالة الانسانية بكل خلجاتها , وانفعالاتها ..
          *فيلم " كرامر ضد كرامر " وقضية الانفصال بين الزوجين ورعاية الابناء ..
          * فيلم " صائد الغزلان " وقضية النفس البشرية المشوهة بعد الحرب المدمرة ..
          * فيلم " غاندي " وقضية الكفاح الانساني ضد قوى الاستعمار ..
          *فيلم "اماديوس" وقضية النجاح الانساني حتى اخر رمق من الحياة ..
          * فيلم " المرأة والغريب " وقضية الانسان العائد الى بيته بعد الحرب فيجد غريبا بداخله ..
          * فيلم " حدوته مصرية " وقضية الانسان المبدع مع بيئته واسرته ..
          * فيلم " الاب الروحي " وقضية المافيا , اخر العصبات الاجرامية المنظمة ..
          *فيلم " كباريه " وقضية الانسان في ظروف الحرب العالمية الثانية ..
          كلها نماذج لم تهرب الى عموميات , ولكنها تناولت قضية واحدة والتقت حولها , وحللتها من مختلف الزوايا والاتجاهات بشكل فني رائع , جعل احتكاكها بالواقع , تجميلا له , بقدر ما هو اشارة ضوء مسلطة على تلك القضية المعينة والمدروسة بدقة ..

          ***
          ان التقاء الفن بالواقع , امر لا يقدر عليه سوى القلة من المبدعين لانه تصوير حياة طبيعية , ونقل انفعالات بنسبة حقيقية ضمن العمل الفني , تحتاج الى قدرات ابداعية هائلة , وبالتالي تقفز الى القمة , وتبقى خالدة مهما مر عليها الزمان ..
          ويبقى الوعاء السينمائي خير شاهد على هذه الحقيقة الثابتة , كما هو في الوعاء الادبي .. حيث القدرة على الغوص في اعماق النفس البشرية , من المسلمات البديهية لاي عمل فني مميز وراق ..

          -------------------------------------------------------------------------
          [/align]

          تعليق

          • يسري راغب
            أديب وكاتب
            • 22-07-2008
            • 6247

            #6
            رد: السينما بين الشكل والمضمون/ كتاب 1 ليسري شراب

            الفصل الرابع
            السينما والقيم الاخلاقيه
            ---------------------
            السينما والقيم
            بات معروفا بان أفلام المهرجانات هي الأفلام التي تتحدث عن القيم والمثل الاجتماعية بشمولية وموضوعية في استخدام الأدوات السينمائية حيث لا يقف البناء الموضوعي في إخراج الفيلم العربي عند أسماء معينة فقد تمكن عاطف سالم من أدواته الفنية فقدم أفضل أفلامه " النمر الأسود " بطولة احمد زكي ووفاء سالم النجمة السينمائية الجديدة , التي استطاع " عاطف سالم " أن يحرك فيها المضمون بنفس القدر الذي امتلكت فيه ناصية الشكل بما يتناسب مع مضمون القصة عن كفاح عامل عربي مصري في ألمانيا تدرج في حياته العملية حتى غدا مخترعا وثريا في رحلة كفاح إنسانية لم ينسى خلالها وطنه الأم أيام النكسة ..!
            وهو نفس ما فعله علي عبد الخالق , مخرج فيلم " أغنية على الممر " حين صنع بموضوعيته فيلم " بنات إبليس " إطارا جمع فيه حسناوات الشاشة حول قضية مثيرة وفلسفية هي قضية " الشرف " والمجتمع الذي لا يرحم أبدا – واستطاع بذكاء شديد أن يضعنا أمام سؤال خطير : الشرف والعرض أم المال ..؟ وأيهما أهم ؟ .. الحقيقة التي تهدم أم الفضيلة التي تبني ..؟ وبذكاء شديد قال لنا إن مشكلتنا العربية الحضارية هي في عدم وجود الربان الحكيم القادر على توجيه الدفة إلى بر الأمان ..!
            تلك هي الموضوعية – التي تضع المشاهد أمام سؤال يفجر قضية بحجم المجتمع وبحجم الوطن , وبحجم الحياة كلها – ونفس الأسئلة التي طرحها علي عبد الخالق في فيلم " بنات إبليس " حول نماذج معينة من النساء , طرحها أيضا في فيلم " العار " حول نماذج متعددة من الرجال , ومعها سؤال كبير :
            هل يغفر المجتمع لرجل مستقيم ومتدين , أن يتاجر في الممنوعات من اجل الثروة .. ؟!
            وهل يتحول المال إلي سلاح يقتل الأخ من اجله أخاه - ..؟! وهل نهاية العالم أن تتقاسم المتع الدنيوية , أم تواجهها بإرادة صلبة وقوية ..؟ ولماذا ينتقل العار وراثة من الآباء إلي الأبناء ..؟
            هذا بالضبط ما تعنيه السينما الموضوعية , أن تطرح القضية الاجتماعية بشمولية فنية تملك أدوات الإبداع – وهي نفس الموضوعية التاريخية التي جعلت من مخرج الفيلم الواحد " شادي عبد السلام " مخرجا لا ينسي وهو يبحث الأصل التاريخي للتفكير المجتمعي لدي شعب بأكمله في فيلم " المومياء " .. ولا تستطيع أن تقول الرمزية , هي الموضوعية التي تقصدها , إن ما تقصدها هي الشمولية نفسها التي عشناها في فيلم الجوائز المتعددة " سوق الأوتوبيس " للمخرج عاطف الطيب .
            فالقصة واقعية , والنماذج البشرية واقعية , والمخرج هو الأستاذ الذي جمع القصة بنماذجها البشرية في إطار شمولي , جمع فيه قضية المناطق الحرة التجارية , ورب الأسرة الذي يملك المال والبنين , ويزاحم في ميراث صغير , لسائق الأوتوبيس – وهي نفس الموضوعية التي نلمسها عند " عاطف الطيب " في فيلم " التخشيبة " الذي وضعنا أمام الإجراءات الحكومية والروتينية , وانتقدها بعنف وقدم لنا نموذجا عن حياة الموظفين في سن التقاعد وعن الزوج الذي يعاني بين الثقة والشك في زوجته .. ونموذج الشاب الذي يمثل الجيل الضائع – كل هذه الأفكار في فيلم واحد – تبحث في عدة قيم اجتماعية مهمة وخطيرة – تجعل من عاطف الطيب الباحث عن القيم في السينما العربية ونفس هذا الإطار الموضوعي , هو الذي قفز بالفيلم السوري " أحلام مدينة " وقبلة الفيلم السوري " حادثة النصف متر " وهو مأخوذ عن نفس قصة الفيلم المصري " حادثة النصف متر " بطولة نيلي ومحمود ياسين , إلا أن المعالجة السورية شملت جوانب اجتماعية أكثر شمولية من الجانب العاطفي , ولذا وجدنا الفيلم بنسخته السورية يفوز بأكثر من جائزة وغني عن القول بان الأفلام التي تحدثت عن الواقع الاجتماعي بشكل ساخر في مقارنتها بين القرية والمدينة لم تضمن لنفسها أي نجاح يذكر , كما حدث مع فيلم " خرج ولم يعد " في مهرجان قرطاج العام الماضي الفائز بالجائزة الثانية لموضوعيته , حيث تفوق المخرج " محمد خان "وهو يضع المشاهد أمام مقارنة واقعية عن نموذج الحياة في القرية , ونموذج الحياة في المدينة , من خلال موظف حكومي بدرجة رئيس قسم , لا يأكل إلا الفتات , ولا يقدر علي الزواج , ويعيش في بناية آيلة للسقوط في المدينة , بينما يصاب بالتخمة , ويعيش وسط الخضرة والمنازل الفسيحة والوجوه المليحة في القرية ..
            وكان الفرنسيون هم الأسبق إلي إنتاج وإخراج الأفلام التي تبحث موضوع القيم والمثل في المجتمع والتي أطلق عليها اسم " الموجة الجديدة في السينما " .
            ويعتبر المخرج الجزائري الأخضر حامينا , واحدا من أعلامها في أكثر من مهرجان عالمي منذ كان 1975 وكان أول مخرج عربي تناول هذه الموجة في أفلامه هو يوسف شاهين ,حين اخرج وأنتج فيلم " العصفور " وفيلم " الإسكندرية ليه " , حيث تتبعنا معه قضايا امة بأكملها مع ضابط شرطة هو العصفور , الذي ذهب للقرية ليشارك في حملة ضد طريد في الجبل , وكان يسال نفسه أسئلة عديدة يناقشها مع الصحافي , ومع إمام المسجد في القرية , ومع بعض النساء في القرية حول قضية هذا الطريد .. وكانت الأسئلة بحجم الوطن كله ..!
            أما هذا الطفل الذي يصر على الذهاب إلى أم الدنيا رغم كل المحاذير فكان يضعنا أمام سؤال عميق وجوهري .
            ماذا يتوقع أن يرى هذا الطفل الصغير في المدينة المزدحمة ..؟ وصور لنا المدينة , وحال أهلها , في الأيام الأولى لنكسة 1967 ووضعنا معه في سؤال خطير : لماذا يلتف الناس حول هذا الزعيم ..؟ ولماذا النكسة بهذا الحجم ..؟ وما الذي يمكن أن يفعله أمام مسجد وسط ذلك الازدحام ..! وماذا يمثل الأزهر من تراث شعبي أصيل ..؟ هل هو في مراجعة تلك الكتب وقراءتها .. أم ماذا ..؟
            وحاول أن يقدم الإجابة على هذا السؤال في فيلم " الإسكندرية ليه " وهو يستعرض تقييمه التراثي في التغلب على كل عوامل الحاجة والشدة ليحقق طموحه العلمي والفني ..
            فقد صور لنا السبيل إلى مقاومة قوى الاحتلال والاغتصاب بالمقاومة , وبالعلم , وبالثقافة .. وهو يتظاهر مع زملائه من طلاب المدارس الثانوية وينظم معهم مجموعات لمقاومة الاحتلال .. أي احتلال ..
            ثم انتقل بنا من الموضوعية الشمولية إلى الموضوعية الرمزية , في فيلم " حدوتة مصرية " بعد أن وصل إلى قمة الإبداع الفني والفكري .. فما الذي وجده هذا الإنسان المثقف الذي يعاني من مرض القلب , لأنه لم يجد أحدا حوله يصل الى مستوى الإبداع الفكري الذي يريد نقله إلى الناس .. وهو يبحث عن من يفهمه .. أمه .. أو زوجته .. أو شقيقته .. أو ابنته ..! المسالة بهذا الحجم الرمزي , تشير إلى قيم متخلفة في السلوك الاجتماعي .. وهي مشكلة المشاكل التي تعاني منها كل مجتمعاتنا العربية النامية .
            أما " سعيد مرزوق " فهو صاحب مدرسة في الموضوعية المباشرة , هي اقرب إلى الواقعية , لكنها تتسم بشمولية في الطرح ولكن بشكل حياتي مباشر وليس ذلك الشكل الفكري الذي نعيشه في أفلام علي عبد الخالق التي تناقض المثل والقيم الاجتماعية برواية فكرية بحتة أو مثل أعمال هشام أبو النصر التي تعالج القيم الاجتماعية بزاوية إنسانية مطلقة من خلال الحي الشعبي فهو يضعنا في فيلم " الخوف أمام المشكلة مباشرة دون حاجة للتفكير في مسائل فكرية أو مثالية !! فالشباب حائر وخائف من المستقبل والحياة من حوله هي التي دفعته إلى " الخوف " , بنفس الروح الذي وضعنا فيها مع فيلم " أريد حلا " في مناقشة حقوق الزوجة وواجبات الزوج , وموقف القانون في هذه الأحوال

            تعليق

            • يسري راغب
              أديب وكاتب
              • 22-07-2008
              • 6247

              #7
              رد: السينما بين الشكل والمضمون/ كتاب 1 ليسري شراب

              الفصل الخامس
              السينما والسياسه
              -----------------
              الفيلم السياسي في السينما العربية
              ------------------------------
              تمثل الذكاء الهوليوودي , في استخدام الفيلم السينمائي , لاهداف سياسية من خلال مجموعة كبيرة من الاعمال المثيرة مثل افلام جيمس بوند ...!! ولكن هذا الذكاء خفت حدته وانطفأ بريقه , مع انتشار افلام الموجه الجديدة التى قادتها السينما الفرنسية , في طرح الموضوع السياسي على بساط البحث السينمائي , بكل تفاصيله الدقيقة , التي بهرت الناس وجذبتها الى الفيلم الفرنسي مع بداية السبعينات . حيث تأثر الكثير من مخرجي السينما في العالم الثالث بالموجة الفرنسية وبدا ذلك واضحا في اعمال السينمائيين العرب , الذين حاولوا ان يفهموا المعالجة الشمولية لقضايا الوطن والامة من خلال الفيلم السينمائي . وكان هذا يعني جرأة سابقة لاوانها , فبدت وكأنها لغز غير مفهوم حين عرض فيلم " زائر الفجر " من بطولة ماجدة الخطيب وعزت العلايلي وسعيد صالح فلم يكن فيلما سياسيا معاصرا , بقدر ما كان معالجة بوليسية غير واضحة الا ان المعاناة الفكرية والقلق الانساني لبطلة الفيلم كان يوحي بانها مطاردة سياسيا , فلم يكن هناك اتهام جنائي اخر يعالجه الفيلم سوى الاتهام الثقافي والسياسي , وكان للضجة التى اثارها انتاج فيلم " زائر الفجر " والنجاح الذي حققه , اثره في جذب السينمائيين لتقديم فيلم سياسي مباشر , وكان فيلم " الكرنك " من اخراج علي بدرخان وبطولة نور الشريف وسعاد حسني وشويكار وفايز حلاوة وقصة نجيب محفوظ , اكثر الافلام انتقادا لبعض الاوضاع السياسية الفاسدة التي درسها الفيلم , من خلال احد النماذج السياسية المنتمية الى الصف الثاني من مراكز السلطة , حيث يشير الفيلم الى هذا النموذج بأنه المسؤول عن البلبة , في ظل انشغال المسؤولين بالقضايا الكبرى , وهذا ايضا ما أوضحه فيلم " وراء الشمس " لمحمد راضي وبطولة نادية لطفي ورشدي اباظة ومحمد صبحي ومنى جبر وشكري سرحان , حيث عشنا تصويرا مباشرا لما كان يحدث في السجن العربي , على ايدي نماذج من رجال الصف الثالث في السلطة لجلب الاعترافات بالقوة , ارضاء لرؤسائهم في الصف الثاني الذين كانوا يتصرفون طبقا لمصالحهم الشخصية فقط , مستغلين الثقة التي حصلوا عليها , وقد سخر " عادل امام " في فيلم
              "احنا بتوع الاتوبيس " ومعه عبد المنعم مدبولي , من نفس الاجراءات البوليسية في السجون الحربية ..
              واذا تعمقنا في تلك الافلام (زائر الفجر او الكرنك او احنا بتوع الاتوبيس او وراء الشمس ) سنجد انفسنا اما اجراءات بوليسية بحتة تتحدث عن تجارب شخصية , فردية , وحجم تأثيرها محدود بنسبة ضئيلة من مجموع الناس , الذين وضعتهم الظروف في مواجهة مع هذه الاجراءات التى تمثل الوجه العام لاغلب دول العالم الثالث دون استثناء ...!!
              وعادة ما تمر هذه الدول , في مرحلة انتقالية وتاريخية , من عمرها السياسي ببعض القرارات السياسية التي تمس القلة من الناس بالقليل من الضرر ولكنها تعود بالفائدة على الغالبية العظمى من الناس في نفس
              الوقت ...
              والخطأ يحدث دائما وابدا في الاجراءات البوليسية التى تنفذ هذه القرارات لا يمكن ادانة القرارات لمجرد ان بعض الاشخاص اساءوا التطبيق ...!!
              وهذا بالضبط ما يمكن ان نفهمه فى الافلام السابقة الذكر , وما يمكن تلخيصه من الفيلم الاخير لفاتن حمامة " ليلة القبض على فاطمة " , اخراج هنري بركات , حيث اننا نجد انفسنا امام شخص فرد اساء استغلال سلطاته ضد شقيقته , دون علم المسؤولين بحيث اننا نراه يحاكم ويعاقب في نهاية الفيلم بعد افتضاح امره للمسؤولين والرمزية في فيلم " ليلة القبض على فاطمة " مرفوضا تماما , لان القصة واقعية , وقد نشرتها الكاتبة " سكينة فؤاد " قبل عدة سنوات , وعرضت في مسلسل اذاعي , كما انتجت في مسلسل تليفزيوني , والكاتبة للقصة غير مسؤولة عن استخدام الرمزية والايحاء السياسي ان كان في الفيلم السينمائي او في المسلسل التليفزيوني ...!! لان اساءة اى شخص لسلطته ومسؤوليته تدخل في محاسبته , هو شخصيا , دون ان يتحمل الوطن كله تبعات انانيته وذاتيته فمن غير المعقول ان يتحمل المجموع , ميل احد النماذج لجمع المال والثروة باسم زوجته في فيلم " وراء الشمس " مثلا , كما انه من غير المنطقي ان نحمل كبار المسؤولين , اخطاء ادارة السجون , في أي بلد من البلدان , كما رأينا في فيلم " احنا بتوع الاتوبيس " , والا فاننا ننجنى على حركة التاريخ الذي سيشهد بعد مئات السنين , بان النعمة مست الجميع في مرحلة التحول العظيم .
              لكن الوضع يختلف منطقيا حين نجد انفسنا امام فيلم " وقيدت ضد مجهول" , حيث الرمزية السياسية واضحة للعيان , وتشمل ادائه كاملة , لا تتعلق بفرد او بضعة افراد , تعدد ما يتعلق بوطن باكمله , كما تجد انفسنا امام واقع مجتمعي يعيد الى الاذهان , تسلط القوي على الضعيف , استقلال الغني للفقير , وانهيار النظام والقانون , لخدمة بعض الاشخاص , كما راينا في فيلم " الغول " من بطولة عادل امام وفريد شوقى , وهو يحمل نفس الفكره التى دار حولها فيلم " على من نطلق الرصاص " بطولة فردوس عبد الحميد عزت العلايلى وسعاد حسنى وجميل راتب , ونفس الفكرة التى قدمها هشام ابو النصر فى فيلم " قهوة المواردى " حيث كل شى يتغير الى الوراء , وياخذ الناس الى جحيم الالبوتيكات , وغلاء الاسعار , ولتحكم الفرد الواحد في مجموع الناس البسطاء , ويعلو الصبي الصغير على الرجل الحكيم القدير في زعزعة واضحة للكيلن الاجتماعى , لدرجة تصلى الى ان تبيع الام ابنتها في حفل زفاف مادي , ويموت الانسان الشريف ...!!
              ثم نجد انفسنا امام عهد جديد , وممثل جديد هو " ممدوح عبد العليم " يقدمه ابو النصر رمزا للقاء والصفاء في نهاية فيلم "قهوة المواردي " , الذي اوجز المشكلة السياسية ببساطة شديدة متسائلا عن الافضل للجميع ثراء فرد واحد ام ثراء المجموع .
              وفي موقف يتسم بالموضوعية السياسية للتركيبة الثقافية والاجتماعية نجد انفسنا امام نمط ثالث من الفيلم السياسي , تفوق على كل ما عاداه من افلام سياسية مباشرة , حيث قدم حسين كمال فيلمه الشهير "ثرثرة فوق النيل " وعالج فيه مجموعة من الشخصيات المثقفة كما جاء ذكرها في القصة الاصلية لنجيب محفوظ الاديب , والصحفي , والاداري , والممثل السينمائي , ورئيس الارشيف تجمعوا في عوامة على النيل , وانتقدوا سخرية لاذعة اوضاع العالم السياسي من اقصاه الى ادناه , بسلبية واضحة ,شاركهم فيها نماذج نسائية تمثل الزوجة اللعوب والطالبة الساذجة , والموظفة الفاتنة , والصحفية الملتزمة بقضايا الشعب والبلد حيث يسير الفيلم بنا من موجة السلبية المفرطة , الى موجة ايجابية حادة تقودها الصحفية الجادة بزيارة الى مدن القناة التي اصابها الخراب بعد الحرب فكان هذا الفيلم شهادة سياسية اتسمت بالحياد في الاتهام , وقال الفيلم اننا جميعا مسؤولون عما حدث سنة 1967 من الغفير الذي يتستر على المجون رغم تدينه الى المدير الذي ينسى نفسه وسط الدخان في العوامة … ويبدو ان "ماجدة الخطيب " عشقت هذه الادوار , فشاركت احمد زكي وتيسير فهمي وكمال الشناوي بطولة فيلم " العوامة 70 " وهو فيلم انتقادي , ايضا , على غرار " ثرثرة فوق النيل " مع اختلاف النهج الفكري , حيث دارت فكرة " ثرثرة فوق النيل " حول سلبية المثقفين والاداريين من واقع البلاد بينما دارت فكرة " العوامة 70 " حول الحرب الدائرة بين المشتغلين لاقتصاد البلد وبين المثقفين من الصحفيين وبين هؤلاء وهؤلاء نماذج مختلفة تتفاوت فيها السلبية والايجابية بينهم …
              والفيلم السياسي الثالث الذي تحمل المسؤولية الى الجميع ويشير الى المشتغلين على اختلاف فئاتهم وطبقاتهم هو الفيلم الرائع "المذنبون " من اخراج سعيد مرزوق وبطولة مجموعة كبيرة من الممثلين على رأسهم : " عماد حمدي " البطل الحقيقي لفيلم الثرثرة , والبطل الحقيقي لفيلم المذنبون ..!! " وسهير رمزي " التي تفوقت في هذا الفيلم , ولم تتفوق في سواه .. و "صلاح ذو الفقار " الذي اجاد باقتدار يحسد عليه دوره كمدير عام لاحدى المؤسسات التي يستغلها لاغراضه الشخصية والانانية
              و "حسين فهمي " الذي مثل ابن الباشاوات الحزين , اما " توفيق الدقن " فهو كعادته يعيش مع كل ادواره , فكان متميزا كمدير لاحدى الجمعيات التعاونية التي يستغلها لصالحه الشخصي , و "يوسف شعبان " الطبيب الذي يجري بعض العمليات الجراحية الممنوعة شرعا وقانونا , حتى نصل في نهاية المسار الى صاحب النفوذ الذي يفرض سلطانه على كل كبيرة وصغيرة بما فيها تلك الممثلة التي يتجمع حولها كل المذنبين في حق المجتمع والبلد ..
              وهذا الفيلم الناضج فكريا وفنيا , استطاع ان يضع اليد على الجرح في ازمة الحضارة والتخلف ضمن العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي وكان شموليا لدرجة اثارت اعجاب الجميع نقادا ومشاهدين على اختلاف اذواقهم ومستوياتهم ويقول : ان العيب ليس في الفرد ولكن العيب فينا جميعا , عندما نصل الى درجة المسؤولية والسلطة فنستغلها ونفس مصالح الناس وحاجاتهم , حيث تفقد القرارات العظيمة
              السينما العربية قدمت افضل ما عندها من خلال الفيلم السياسي
              روعتها على ايدي المذنبين اما كمال الشيخ فقد قدم شهادة سياسية عن تفوق العنصر العربي على اعدائه في ميدان الامن والمعلومات من خلال فيلم
              " الصعود الى الهاوية " الذي صعد بمديحة كامل من كونها مجرد نجمة حسناء الى ممثلة سينمائية لها قدرتها على العطاء الفني , وهي تؤدي دور
              " عبلة كاملة " التى نسيت آمال وطنها وهموم شعبها في شوارع باريس مع رجل يعادي بلادها , ويعد العدة لضربات تلو الضربات بالقنابل والطائرات ضد المدنيين والعسكريين في جبهة القناة بل انها تتلون كالافعي حتى تصل الى الدبلوماسيين من ابناء امتها , لتأخذ منهم ما يفيد العدو , واستخدام كمال الشيخ في هذا الفيلم كل خبراته المشهور بها في اخراج الافلام البوليسية ليخرج فيلم الصعود الى الهاوية , كأحد الافلام الراقية في عقد السبعينات من حيث التسلسل الروائي , ومن حيث استخدام الاماكن الواقعية في باريس او القاهرة , وحتى تقع " عبلة كاملة " في ايدي امينة على الوطن لتلقى عقابها المحتوم , وخيبة الامل تكسو وجوه الذين استغلوها ابشع استغلال ممكن ..
              و" علي بدرخان " عاد ليصحح موقفه من الفيلم السياسي بعد "الكرنك" فأخرج فيلم " اهل القمة " عن الانفتاح وسيطرة رأس المال التي كادت ان تقضي على انجازات شعب بأكمله من اجل فئة قليلة من الناس , والفيلم من افضل الافلام العربية التي عرضت في اوائل الثمانينات .
              وقائمة الافلام السياسية لا تقف عند هذا الحد , فهناك فيلم "رحلة داخل امرأة " لنادية لطفي ونور الشريف وشكري سرحان , وقد بحث الفيلم قضية هامة حول موضوع الحراسات , وحول الشخصيات الثورية التى تحولت الى التجارة والثراء , حيث تعيش مع امرأة موزعة بين شاب طموح وبين رجل قدير , وقد احبت في الشاب طموحه , تماما كما احبت يوما من الايام طموح رجلها القدير ووطنيته في شبابة , ثم خاب املها بعد ان تحول الطموح الى التجارة والثراء عند الرجل القدير , وخاب ظنها مرة ثانية عند الشاب الذي اظهر لهفته على الاملاك والاموال , بقدر ما كشفت قضية الحراسات نقمته على الوطن بكل ما فيه من رموز مخلصة , جعلته في نظرها انسانا متعجرفا وهي لا تريد ان تكرر مأساتها الاولى بمأساة ثانية – وافضل لها الف مرة ان تستمر في حياتها دون تغيير فالحب الاول هو الاقوى , والافضل , بما يعني ذلك من رموز سياسية فالفيلم السياسي هو سياسي , لا يحتاج الى كثير من من الجهد في التفكير صمن الرموز , ويبقى الفيلم النظيف هو الذي يترك للمشاهد ان يحكم على المعطيات السياسية ضمن ما يراه امامه , وفي نمط رابع من الفيلم السياسي نجد انفسنا مع مصر قبل ثورة 23 يوليو سنة 1952 في افلام عديدة ابرزها "الارض" ليوسف شاهين , و" شروق وغروب " من بطولة سعاد حسني ورشدي اباظة ويمكن اعتبار " وداد الغازية " معالجة سياسية للوضع ما قبل الثورة في سنة 1952 حيث عشنا نقمة ضابط البوليس الوطني على الباشا وعلى رؤسائه في وجه الاقطاع المستغل للفلاح الفقير , ونعيش ايضا في فيلم " شفيقة ومتولي " ذلك الجو من السخرة الذي كان يفرضه الاحتلال البريطاني على الفلاح المصري للخدمة في جيوش بريطانيا العظمى , ثم نجد انفسنا امام الارهاب العظيم المتمثل في شخصية احد وزراء الداخلية للعهد الملكي في مصر بفيلم "سنة اولى حب " بطولة نجلاء فتحي وبوسي ومحمود ياسين وجميل راتب , حيث يناقش قضية الاغتيال السياسي وحال مصر قبل ثورة 23 يوليو اضافة الى هذه المجموعة من الافلام , نلمس الاجواء السياسية في فيلم " آه يا ليل يا زمن " من بطولة وردة الجزائرية ورشدي اباظة حيث تعيش قصة امرأة من اسرة عربية هاجرت الى باريس وحاولت ان تستعين باصدقاء الاسرة القدامى هناك فلم تجد احدا يمد لها يد العون او المساعدة فتعمل مطربة في الملاهي الليلية , حتى تلتقي بذلك الضابط الذي اختبأ في قصر والدها اثناء هروبه من البوليس , ذات ليلة قبل 23 يولية 1952 حيث اصبح مسؤولا كبيرا بعد الثورة , يقرر مساعدتها واعادتها معه الى بلدها معززة مكرمة , وعلى نفس الوتيرة تعيش قصة حب احد المسؤولين الكبار بمطربة في فيلم " اسياد وعبيد " من بطولة عادل ادهم وحسين فهمي ومحمود ياسين وفريدة فهمي وهدى سلطان , تعيش قصة مشابهة اخرى في فيلم " اثنان على الطريق " من بطولة شمس البارودي وعادل امام , حيث نجد امامنا بنت الباشاوات التي يرغمها مسؤول سياسي كبير على حبه , وهي قصة عولجت في اكثر من فيلم اخر ايضا , منها فيلم قام ببطولته محمود عبد العزيز ومحمود مرسي ونيللي وشويكار وعادل ادهم حيث نجد المسؤول الكبير مغرما بامرأة يحميها من احد القضاة الذي يسعى لاثبات براءة احد المتهمين بجريمة قتل جنائية .. ودليل براءة
              المتهم في ليلة حب قضاها مع عشيقة ذلك المسؤول الكبير .. والحقيقة ان هذا الكم من الافلام السياسية التى عالجت المواقف السياسية المباشرة في مصر لم تجد لها أي صدى مماثل في أي سينما عربية اخرى , اذا ما تجاوزنا تلك الرمزية الوطنية في بعض الافلام السورية او المغربية , والرمزية هنا عامة وليست خاصة بحيث اننا نجد في "امبراطورية غوار" رمزية تنتقد الزعامات التى تتغير وهي مجرد فكرة لا اكثر ولا اقل .
              كما نجد انتقادا للحدود المصطنعة بين الدول العربية في فيلم "الحدود" وهي فكرة مثالية ايضا , لا تضع اليد على الجرح المباشر ابدا ..
              السينما العراقية قدمت لمحة عن الفيلم السياسي بواقعية ومباشرة بفيلم
              " المسألة الكبرى " كما قدم فيصل الباسري فيلما عن الحرب اللبنانية بمعالجة فكرية ناضجة من خلال " القناص " من بطولة آمال عتيش ..
              يمكن ان نجد سمات الحرب في لبنان موجودة في العديد من الافلام اللبنانية الجديدة , لكن لا تصل الى مستوى المباشرة في النقد السياسي من خلال العمل السينمائي بنفس القوة التى عشنا فيها جو العمل السياسي في لبنان من خلال فيلم " القناص " الذي يتفوق على الافلام لبنانية عديدة قدمها يوسف شرف الدين وفؤاد شرف الدين بصورة غير مباشرة عن لبنان ما بعد الحرب وقد يكون من الاهمية بمكان ان نذكر بأن السياسة هي التعامل بين الحاكم والمحكومين وبينه وبين الآخرين وهذا يجعلنا نضع في اعتبارنا مناقشة كل الافلام التى العلاقة بين الرؤساء ومرؤوسيهم ضمن اطار الفيلم السياسي الجاد اضافة الى ان الفيلم السياسي هو الذي يقدم الفكرة العامة عن حال المجتمع في زمان التحولات السياسية الهامة .. ففيلم "الايدي الناعمة" سياسيا بمضامين اجتماعية حيث يتحول العاطل بالوراثة الى انسان منتج , وفيلم " جفت الدموع " سياسيا بمضامين ثقافيا , حول الصراع بين الصحفيين على مراكز النقابة والقيادة . ونذكر للحق والحقيقة بان السينما العربية قدمت افضل ما عندها من خلال الفيلم السياسي , وتعتبر مجموعة الافلام العربية السياسية نموذجها رائعا تتميز به السينما العربية على قريناتها في العالم الثالث , بل انه يقربها من مصاف السينما العالمية بشكل عام في مجال الافلام السياسية ..!
              ---------------------
              الفيلم السياسي 2
              ----------
              لايمكن لاي مهتم بالحركة الثقافية في العالم العربي تجاهل اهمية السينما في البنية الثقافية ككل – لان المنظور الواقعي للسينما يرتبط بالمنطق والعقل مع الالوان الثقافية ان كانت في الميادين الادبية او السياسية او الاجتماعية او العلمية .. الخ
              وقد اختار , بعض الدخلاء على السينما العربية , ان يقدموا لنا الفيلم الهزلي والتافه , بشكل طغى على كل الالون السنمائية الاخرى ولا يمكن لهؤلاء الدخلاء ان يقللوا بمنظورهم , اهمية السينما ودورها الحقيقى الذي يتبناه عدد لابأس به من المخرجين والممثلين في الساحة العربية .
              وهم النوعية التى خاضت تجربة الفليم السياسي , كشكل من اشكال النقد البناء للبنية الفوقية , التي تهدف في نهاية الامر الى فضح وتعرية الخطايا والاخطاء لبعض القرارت الفوقية التى تؤثر على مجموع الناس بشكل عام .
              ومن هنا نجد امامنا مجموعة من الافلام السياسية التي تنتقد الناصرية كواقع فكري , ثم تجد امامنا مجموعة من الافلام السياسية التى تنتقد الساداتية كواقع اقتصادي , وهذا يوصلنا الى نتيجة اتفق عليها السينمائيون المعارضون او المؤيدون لهذا النظام او ذاك ... وتلك النتيجة تتخلص في محاكمة الناصرية من واقع فكريي وهو امر عادى .
              اما محكمة الساداتية من الواقع الاقتصادي فهو امر غير عادي .
              الامر العادي ان الفكر يمكن الاختلاف عليه فى كل زمان ومكان .. اما الامر غير العادي هو ان الاقتصاد امر ثابت لا يمكن الاختلاف عليه , فاما ان تكون لصا فاسدا واما ان تكون نزيها مخلصا ..
              واللصوصية يحاسب عليها القانون الإلهي , والقانون الدنيوي , وهي أمر مادي محسوس وملموس , متفق على حدوده وضوابطه ...
              من خلال هذا المقياس الذي قدمه لنا الفيلم السياسي المصري , يمكن بالسهولة لكل مثقف عربي من المحيط إلى الخليج أن يقف مع أو ضد الناصرية , أو يقف مع أو ضد كتاب هيكل " خريف الغضب " أو يقف مع أو ضد رواية نجيب محفوظ " أمام العرش " .
              وماذا نريد من السينما أكثر من ذلك الوضوح والتبسيط ..
              وكان لا بد للسينما العربية من موقف سياسي , في هذا الطوفان التجاري الرهيب من الأفلام الحقيقية والهادئة , ومن نجوم الإخراج السينمائي على مستوى الفيلم العربي السياسي نذكر " برهان علوية " الذي نجح في تسليط الضوء على أحداث كفر قاسم , نجده في فيلم آخر يسلط الضوء على الاغتيال السياسي كردة فعل ضعيفة , وعلى الطفرة المادية التي يعيشها الإنسان العربي في هذا الزمان ولكن إلى أي حد نطاحن هوليود ..؟؟
              هناك أفلام عربية تحمل أسماء كثيرة لم يسمع بها المشاهد العربي مثل فيلم " الصمت العنيف " لمؤمن السميحي المغربي , وفيلم " سجنان " للمخرج عبد اللطيف بن عمار التونسي , وفيلم " عمر قتلته رجولته " للمخرج الجزائري العظيم " مرزاق علوش " أو فيلم " السفراء " للتونسي ناصر ألقطاري أو فيلم " اليازلي " العراقي للمخرج قيس الزبيدي أو " السيد التقدمي " للمخرج السوري نبيل المالح , او فيلم " يوم عادي في حياة قرية سورية " للمخرج عمر أميرالاي .
              ويمكن أن نسجل هذه الأفلام ضمن الفيلم السياسي , أما بشكلها الروائي التسجيلي , أو بشكلها الموضوعي المنهجي , وهي تمثل لونا سياسي في سماء السينما العربية يعمق الوعي بأهمية دور السينما في حياتنا
              إلا انه يظل ناقصا في تلك المسحة الجماهيرية التي يحتاجها المشاهد العادي وهو يتابع الفيلم السينمائي , باحثا عن قدر من الترفيه مع قدر من الجدية
              أما الترفيه الكامل , والجدية الكاملة , فهي مضرة في اغلب الأحيان حين تقديمها كوجبة سينمائية للمشاهد العادي ..!!
              مع الاعتراف بصعوبة أن يكون لدينا فيلما روائيا وسياسيا متكاملا ضمن التقنية السينمائية المتواجدة لدينا , واتي تحتاج إلى خبرات قوية في ميدان الفيلم الروائي السياسي الكامل , والجماهيري المثير .
              ولو أننا نسجل لفيصل الياسري نجاحه في إخراج فيلم " القناص " عن الحرب اللبنانية , كما نسجل " لمارون بغدادي " بعض محاولاته في هذا المجال أيضا .
              وبالتأكيد فان كل محاولاتنا تبقى قاصرة بجانب الإنتاج الهوليودي الضخم عالميا

              تعليق

              • يسري راغب
                أديب وكاتب
                • 22-07-2008
                • 6247

                #8
                رد: السينما بين الشكل والمضمون/ كتاب 1 ليسري شراب

                الفصل السادس
                السينما وفلسطين
                -------------------
                السينما وفلسطين
                أهمية الحضور السينمائي الفلسطيني
                ---------------------

                - فلسطين هى الهم العربي المشترك في كل مكان وزمان انها الحاضرة والغائبة دائما وابدا.. موجودة بداخلنا , وتعيش في وجداننا ..
                هي في القلب من عالمنا العربي ..
                وهي التي تصل مشرقة بمغربه ..
                ومهما طال الزمان ستعود فلسطين عربية محررة ..
                - ولان معركتنا مع اعدائنا , معركة حضارية , هي في الأساس معركة بناء الانسان القادر علي الصمود والمواجهة وعلي مختلف المستويات , والسينما واحدة من معاركنا الحضارية ضد اعدائنا , فلزاما علينا ان نقدم كشف حساب لما قدمناه سينمائيا من اجل قضية العرب الاولى :
                قضية فلسطين ..
                - خاصة وان عدونا له , في هذا المجال الف ذراع وذراع وهو مثل الاخطبوط , ينشر اكاذيبه علي العالم اجمع بكل ما اوتي من ثروة وجاه , في انتاج الافلام السينمائية التي يؤلب الراي العام العالمي من خلالها علي الحق , والحقيقة .. وقد استخدم من افلام هوليوود ذات الامكانيات الضخمة شعارا نشر من خلاله الزيف والخداع , الذي تميز به علي مر العصور والازمان ..!!
                - وقد ظهر هذا الزيف في السينما الصامتة سنة 1923 بفيلم عنوانه
                " الوصايا العشر" لسيسيل دي ميل , وسنة 1926 بفيلم صامت اخر اخراج فريديتيلو , حيث يتحدث عن الحروب بين العبرانيين والرومان بشكل يقدم التفوق الزائف لهم , وقد استمرت هوليوود فى خطها المعادى للقضية العربية عن فلسطين وانتجت افلاما تمجد فيها اعدائنا ..
                فيلم / أرض الفراعنه سنة 1950 إخراج هيوارد هوكس ..
                وفيلم / سليمان وملكة سبأ سنة 1959 إخراج كينج فيدور .
                وفيلم / السير والملك سنة 1960 اخراج راوول ولش .
                واغلب هذه الافلام مستمدة من الاساطير والاكاذيب التاريخية التي قلبت الصهيونية من خلاها الحقائق , لتحصل على الشرعية الدولية التي اجهضت فيها حق الشعب العربي الفلسطيني .
                - ولم تكن الاساطير سلاحهم السينمائي الوحيد .. بل اتجهوا الى تقنية الشعور بالذنب الجماعي تجاه الابادة النازية لليهود , متجاهلين الاضطهاد الذي لقيه الشعب الفلسطيني الاعزل في دير ياسين سنة 1948 وكفر قاسم سنة 1956
                - ولكن هل يتجاهلون ما حدث في بيروت سنة 1982 ..؟؟ ومجزرة صبرا وشاتيلا بعد جلاء قوات المقاومة عن بيروت سنة 1983 ؟
                - قد يتمكنون ..
                ليس لكونهم متفوقين ..!
                ولكن لاننا عاجزون ..!!
                - هكذا كانت هزيمتنا البشعة سنة 1967 ..!!
                لاننا اردنا الهزيمة ولم نقاومها .!!
                - ان السينما سلاح حضاري يجب ان نستخدمه ونشهره في وجه كل اعدائنا , بقوة , ولا يجب ان نقدم أي وسيلة في هذا الاتجاه , وهذا ما يعزز الحديث عن السينما وفلسطين ..
                - ----------------------
                كانت البداية الحقيقة للسينما الفلسطينية سنة 1969 حيث انتج اول فيلم سينمائي بعنوان " لا .. للحل السلمي " ثم انتجت عدة افلام منها ..
                " عدوان صهيوني "," مشاهد من الاحتلال في غزة " , " سرحان " , " لماذا نزرع الورد ." لماذا نزرع السلاح " , " على طريق النصر "
                " الارض المحروقة " , " المفتاح " .. الخ .
                - وخلال تصوير هذه الافلام الوثائقية وغيرها من الافلام عن الحرب الضروس للمقاومة الفلسطينية في جنوب لبنان استشهد المصور والمخرج السينمائي " هاني جوهرية " اثناء تصوير معركة الجبل اللبناني في عينطورة , وهو واحد من ثلاثة اسسوا وحدة السينما والتصوير الفلسطينية .. واول من رافق الثوار في العمليات الاولى داخل الارض المحتلة ..
                كما استشهد عبد الحفيظ اسمر وابراهيم مصطفى في بنت جبيل اثناء تصوير العدوان الاسرائيلي علي جنوب لبنان ..
                - وقد شاركت مؤسسة السينما الفلسطينية في تصوير فيلم " الفلسطيني " انتاج " فانيسيا رد جريف " التي تعاطفت بقناعة كاملة مع الحق الفلسطيني ودافعت عنه عمليا بهذا الفيلم , رغم ما اصابها من مضايقات , الا انها استمرت في طريقها العادل والثابت للدفاع عن حق الشعب الفلسطيني بسلاح السينما ..
                - ولعل في هذا درسا للفنانين العرب في كل مكان يجعلهم يتحركون خطوة الى الامام نحو سينما تدافع عن الحق العربي في فلسطين التي لم تجد من ينصفها بافلام روائية او وثائقية من مشاهير الفنانين العرب , وكان فلسطين امر لا يهمهم كعرب سينمائيين .
                السينما وفلسطين
                بعض المحاولات في السينما التجارية عن الفدائي الفلسطيني , ابرزها فيلم " كلنا فدائيون " من يطو غسان مطر ..!! لكن هذه المحاولات لم تكن بالمستوى المطلوب ابدا لكي نغزو بها العالم وتقدم من خلالها قضيتنا بشكل جيد او مقبول ..!!
                - ومع هذا فالحضور السينمائي الفلسطيني تم في اكثر من مهرجان واكثر من مكان , واقيم اكثر من مهرجان دولي للأفلام الفلسطينية حيث تعرف السينمائيون من اقطار عديدة في العالم على هذه السينما الوليدة التي تعبر عن قضية شعب شرد من ارضه ويعيش بعيدا عن وطنه , ويكافح ويقاوم من اجل العودة للارض , واسترداد ا*وطن .
                - وقد نال فيلم " تل الزعتر " الجائزة الفضية في مهرجان بغداد الدولي حول السينما الفلسطينية , وهو الفيلم الذي اخرجه المخرج اللبناني جان شمعون , وعرض في التلفزيون الايطالي , وانتج بمشاركة ايطالية من خلال مؤسسة " يونتيل فيلم " الايطالية ..,
                - ولكن يبقي امر واحد هو ان السينما الفلسطينية رغم انتاجها لاكثر من خمسين فيلما سينمائيا , لم يصل الى انتاج أي فيلم روائي وهذا يعني بان السينما الفلسطينية لم تنضج الى الحد الذي يجعلها قادرة على صنع الفيلم الروائي , بنفس القدرة الذي سجلت فيه نجاحات بارزة ضمن الفيلم التسجيلي والوثائقي ..
                - ويكفي هذه السينما شرفا انها الوحيدة التى مثلت السينما العربية في مهرجان برلين السينمائي سنة 1980 بفيلم "صور من ذكريات خصبة" للمخرج السينمائي / ميشال خليفة , في محاولة مزجت بين التسجيلية والروائية وهو يتحدث عن نضال امرأتين فلسطينيتين , وقد عرض هذا الفيلم لاول مرة في مهرجان قرطاج بتونس سنة 1980 , قبل اشتراكه في مهرجان برلين سنة 1980
                - ولقد شارك سينمائيون من المانيا الغربية ومن بلجيكا بخلاف النجمة العالمية فانيسيا رد جريف , في صنع الفيلم الفلسطيني التسجيلي , كما شاركت في تقديمه احدى المؤسسات السينمائية الايطالية ايضا..!! حتى ان مخرجا يهوديا هود . او تنبرغ قدم فيلما تسجيليا عن الشعب الفلسطيني عنوانه " العودة الى الارض " دعا فيه الى الدولة العلمانية الفلسطينية حين عرضه في مهرجان ليبزغ للافلام التسجيلية سنة 1977 ..
                فأين هو الفنان العربي من سينما القضية وفلسطين ..؟
                ولو انه قد حدث تكريم خاص للسينما الفلسطينية تم خلال مهرجان القاهرة السينمائي الدولي سنة 1974 , حيث اشترك المخرج قيس الزبيدي بفيلمه " شعب وتاريخ " كما شاركت المخرجة الالمانية مونيكا موديرة بفيلمها " معمل الحرب " وهو فيلم تسجيلي قصير عن الثورة الفلسطينية ..!!
                - كما عقدت ندوة في مهرجان قرطاج السينمائي بتونس سنة 1984 عن السينما الفلسطينية , لكن ما عرض في ايام قرطاج حول القضية الفلسطينية افلام قديمة سبق عرضها لان الافلام الجديدة نادرة , بسبب الظروف الصعبة التي تمر بها مؤسسات الثورة الفلسطينية ..!!
                - وقد تحدث في الندوة عدد من المهتمين بالسينما الفلسطينية منهم المخرج , قيس الزبيدي , والناقض اللبناني / وليد شموط , وكاتب عام مهرجان قرطاج علي بلعربي , وكلهم اتفقوا على ان غزو العالم لفيلم يتحدث عن القضية الفلسطينية امر صعب , الا ان امكانيات التعبير يمكن اعادة النظر فيها لتستطيع اختراق الحدود الى العالم الخارجي رغم ان فيلما مثل " الذاكرة الخصبة " لميشال خليفة عرض في اغلب شاشات التلفزيون الاوروبية واستطاع ان يخترق الاعلام الغربي ..
                - الا ان المنتدين اتفقوا على لسان " علي بلعربي " على ان قضية السينما الفلسطينية هي قضية كل الامة العربية , فكل الاقطار العربية يجب ان يكون لها نصيب في دعم وجود سينما فلسطينية تعبر عن قضايا الشعب الفلسطيني وبطولاته وماسية ..!!
                - واننا نرجو ان يتبع هذا الاهتمام من جانب المهرجانات السينمائية العربية اهتماما اكبر بانتاج الفيلم الروائي الطويل عن القضية الفلسطينية وتوضيح وجهة النظر العربية حول القضية الفلسطينية سينمائيا .
                -----------

                تعليق

                • يسري راغب
                  أديب وكاتب
                  • 22-07-2008
                  • 6247

                  #9
                  رد: السينما بين الشكل والمضمون/ كتاب 1 ليسري شراب

                  الفصل السابع
                  السينما والتاريخ
                  -----------------
                  الشكل والمضمون : الفيلم التاريخي
                  لماذا كل هذا الجحود للتاريخ العربي ؟

                  -----------------------------------------
                  شهدت السينما العالمية فترة من زمان , انشغلت خلالها بالفيلم التاريخي من خلال الاسطورة , والحدث , والشخصية , الخالدة ..
                  وكانت بهذا تحيى في زمننا الحاضر قصص التاريخ القديم بكل احداثه ومآسيه , بكل ما فيه من بطولات خارقة , وفروسية نادرة , وبكل ما فيه من مؤامرات وثورات , عشنا فيها اصل المكر والدهاء , وعراقة الداء والدواء في حياتنا السياسية المعاصرة ليوسع من افق المشاهد ومداركه وينطلق به نحو عالم اوسع وارحب , اصابه الخراب والدمار في الحرب العالمية الثانية , ولعل هذا او ذاك يجعل الانسان المعاصر من القمة الي القاعدة , متهيبا النتائج مستعدا لكل المواقع , متمثلا البطولات , وربما لنخفف عنه ما رآه من ويلات القنابل الذرية والهيدروجينية التي جعلت الانسان المعاصر يشمئز من الجناة , القتلة .
                  فكانت هوليوود السباقة ألي استخدام التاريخ القديم بكل ما يحمله من حروب ومؤامرات الي الانسان المعاصر , كي ينسي حروب الحاضر بمآسية البشعة !
                  وبرزت الي الوجود الشخصية الاسطورية " هرقل " المصارع الجبار الذي مثل ادواره " ستيف ريفز " وكان منها فيلما عنوانه " لص بغداد " وظهرت الي الحياة مؤامرات الامبراطورية الرومانية , ويوليوس قيصر , وكيلوباترة ملكة مصر آنذاك وانطونيو وحروب الولايات المتحدة والطوائف في ذلك العهد الروماني وكان ابرز ما سجلته السينما العالمية في هذا المجال فيلم " سقوط الامبراطورية الرومانية " من بطولة صوفيا لورين !
                  وتحدثت السينما العالمية عن المكر والدهاء وحصان طروادة في فيلم " حصار طروادة " الشهير !!
                  وهكذا كانت الفترة التي انتعش فيها الفيلم التاريخي محصورة ما بعد الحرب العالمية الثانية سنة 1945 وحتى منتصف الستينات !
                  وقد واكبت السينما العربية هذا الانتعاش بفضل اهتمام مؤسسة السينما المصرية – القطاع العام لاحياء التاريخ العربي المجيد , وبطولات الانسان العربي الاكيدة , وقدراته الخارقة في الشجاعة والفروسية القادرة على مر العصور والازمان منذ عنترة بن شداد , وحتى محمود قطز , والظاهربيبرس , واحمد باشا الجزار , واحمد عرابي الخ .
                  فاذا كانت السينما العالمية قد قدمت الشخصية الاسطورية الخارقة " هرقل " فالسينما العربية قدمت الشخصية الاسطورية " عنترة بن شداد في اكثر من فيلم , قديم عن عنترة من بطولة " سراج منير " وفيلم عن " بنت عنترة " لسميرة توفيق التي ورثت البطولة النادرة عن ابيها حيث يشاركها التمثيل في الفيلم احمد مظهر وفريد شوقي , الذي مثل اقوي الافلام العربية التي انتجت عن عنترة بن شداد امام كوكا , التي تميزت في تاريخها السينمائي الطويل بتمثيل الادوار البدوية , وكانت اصدق من مثل دور " عبلة " للسينما العربية .
                  واستخدم عنتر بشكل سئ بعد ذلك في اكثر من فيلم تجاري . فيلم لبناني اسمه " عنترة في بلاد الرومان " شارك في تمثيله سيلفيا بردخان , وسيد المغربي وضع عنترة في قالب مرفوض عن قصة زواجه باحدى الرومانيات , وهي القصة التي عولجت في فيلم لبناني آخر " عنترة بغزو الصحراء " بموضوعية تاريخية مقبولة , وقد مثل في الفيلم الاخير مجموعة كبيرة من الممثلين والممثلات علي راسهم فريد شوقي ومحمود سعيد وناهد شريف وكوكا ومريم فخر الدين التي مثلت دور الرومانية المغرمة بعنترة , بينما كان " كنعان وصفي " يمثل دور الشرير " لكن لا يبقي في الذاكرة سوى فيلمان هما " عنترة بن شداد " و " بنت عنترة " . ولم تكن شخصية " عنترة " الاسطورية في بطولتها الوحيدة التي عالجتها السينما العربية , فقد قدمت السينما العربية القديمة , فيلما عن " خالد بن الوليد " من بطولة حسن صدقي وانتاج اسيا داغر سنة 1949 .
                  كما قدمت شخصية الفارس العربي وبطولاته في فيلم " فارس بني حمدان " الذي قام ببطولته فريد شوقي وسعاد حسني وليلى فوزي , وتميزت عن البطولات العربية في عهد الدولة الحمدانية التي ظهرت بعد انهيار الخلافة العباسية , والتي انتج التلفزيون عن رجالها مسلسل " الطريق الي القدس " الذي عرض قبل عامين من بطولة محمود ياسين وكرم مطاوع وايمان الطوخي وغيره .
                  وفي نفس الفترة الزمنية ما بين سنة 1960 وسنة 1965 انتج الفيلم العربي التاريخي الكبير " وا اسلاماه " عن انتصار العرب والمسلمون في معركة عين جالوت , بعد موت شجرة الدر ملكة مصر , وموت اقطاي وعز الدين ايبك اقطاب المماليك , وهجوم التتار على بغداد .. حيث وقف قطز وبيبرس يدا واحده لمواجهة طغيان التتار ودحرهم وهي الاحداث التي اظهرها الفيلم التاريخي العظيم فيلم " وا اسلاماه " من بطولة احمد مظهر ولبنى عبد العزيز ورشدي اباظة وحسين رياض وتحية كاريوكا وعماد حمدي ومحمود المليجي .
                  وبعد انتصار العرب في عين جالوت سنة 1260 ظهرت دولة المماليك , وتفشى طغيانهم وعميت ابصارهم فكان للسينما العربية , موقفا من الاحداث التاريخية لدولة المماليك في فيلم باسم " المماليك " من بطولة عمر الشريف وحسين رياض ونبيلة عبيد من انتاج المؤسسة العامة للسينما المصرية – القطاع العام ايضا ..
                  والتي انتجت فيلما تاريخيا عن الفروسية العربية البحتة ضمن , فيلم " اميرة العرب " من بطولة حسين رياض ورشدي اباظة ووردة الجزائرية وقد تحدث الفيلم عن قصة اميرة عربية يخطفها الاعداء ليساوموا والدها على كرامة الوطن والحق , ولكن الفروسية والكرامة العربية تقف في مواجهة الاعداء وتستعيد الاميرة العربية المخطوفة التي مثلت دورها الفنانة المطربة " وردة الجزائرية " والتي قامت ببطولة فيلم آخر عن التاريخ المصري الحديث في فيلم " المظ وعبده الحامولي " امام حسين رياض ايضا , والمطرب عادل المامون ولو ان الفيلم من النوع الثنائي الاستعراضي الذي تميزت به كل افلام المخرج حسن الامام .
                  وعن تاريخ الحضارات القديمة قدم شادي عبد السلام فيلم " المومياء " عن الحضارة الفرعونية , وكان يعد لفيلم مماثل آخر عن اخناتون والتاريخ الفرعوني في مصر القديمه.
                  وبخلاف هذه المجموعة من الافلام التاريخية كان الانتاج الضخم لفيلم " الناصر صلاح الدين " وتوقف لفتره طويله انتاج الفيلم التاريخي حتى العام 1977م
                  ثم انتج المخرج العربي مصطفى العقاد فيلمه " الرساله " عن ظهور الاسلام
                  ثم اتبعه بفيلمه التاريخي الثاني " عمر المختار " عن الثورة الليبية ضد الاحتلال الايطالي سنة 1983 م
                  وبعده انتجت المؤسسة العامة للسينما العراقية فيلم " القادسية " بطولة عزت العلايلي وشذى -ةسالم وسعاد حسني واخراج صلاح ابو سيف عام 1984 أي ان السينما العربية صمتت عن معالجة الفيلم التاريخي سبعة عشر عاما , ثم تكلمت بعمر المختار والقادسية والرساله
                  ثم فيلم " نابليون " ليوسف شاهين عام1985م
                  ومن بعده فيلم المصير ليوسف شاهين ايضا عام 1989م
                  اي اننا نحصي الفيلم التاريخي على اصابع اليدين فقط
                  والسؤال الآن :
                  لماذا هذا الجحود السينمائي للتاريخ العربي ؟!
                  لماذا هذا التوقف الطويل والانقطاع عن انتاج الفيلم التاريخي , منذ ان توقفت المؤسسة العامة للسينما المصرية عن خوض ميدان الانتاج السينمائي ؟!
                  هل هي ميزانية الفيلم التاريخي وتكاليفه الباهظة ؟
                  ام هي المادة التاريخية نفسها وعدم وجود السيناريست المتفرغ لمثل هذه الافلام التى تحتاج الى جهد ووقت ؟!!
                  ربما يكون السبب في هذا كله ,
                  لكن الشئ الذى يجب تأكيده الآن اننا بحاجه الى تعميق الاصاله اعربية فى نفس كل مواطن عربي من خلال الفيلم التاريخى , والآن اكثر من اى وقت مضي .


                  ---------------------------------------------------------
                  يوسف شاهين
                  يودع " بونابرت "
                  بطريقتة الخاصة
                  تعمد الفصل بين المعطيات التاريخية للحملة البونابرتية وبين نظرته الشخصية المعاصرة
                  هذا الشاب الصغير الذي تلاحقه الفتاة الفرنسية الشقراء على شاطئ الاسكندرية في سنة 1798 والمسمى " بعلى " في فيلم " الوداع يا بونابرت". لم يكن في حقيقة الامر سوى صورة خيالية – او سينمائية – لمخرج الفيلم " يوسف شاهين " نفسة , وهو يبحث من خلال تواجده الخيالي في تلك الحقبة التاريخية , عن منطقه الآني في مواجهة الحملة الفرنسية على مصر سنة 1798 , على اعتبار انه كان يعيش في ذلك الزمان من خلال الشخصية السينمائية التي ابتدعها , ومنحها اسم "على"...
                  وهكذا تجده يرسم صورة لوالده , تتسم باللامبالاة والعفوية , وعدم الاهتمام بما هو اكبر من الدائرة التي تحيط به ويغنيها بقدراته المادية المحدود , كصاحب مهنة بسيطة , لا تزيد عن كونها مهنة خباز , او صاحب فرن , يبيع الخبز الطازج للناس ..
                  هذا الاب لم يكن يهمه ذلك التناقض الذي يعيش فيه ابناؤه الثلاثة – علي العاشق لحضارة الغرب – وبكر المتفاني في حب الاسلام – ويحيى المراهق الصغير المتردد بين حضارة الغرب واصالة الاسلام ..
                  هكذا انتقل " يوسف شاهين " باسرته من القرن العشرين الى القرن الثامن عشر , ونقل مع اسرته اهتماماته الفكرية والحضارية كلها من القرن العشرين الى القرن الثامن عشر , ليعاصر بخياله الحملة البونابرتية الفرنسية على مصر , بمنظوره الشخصي , كما لو كان حيا يرزق اثناءها..
                  وقد تعمد " يوسف شاهين " الفصل بين المعطيات التاريخية المباشرة للحملة البونابرتية , وبين نظرته الشخصية المعاصرة في مواجهة اهداف تلك الحملة .. واستخدام في الجانب التاريخي المباشر , الممثلين الفرنسيين الذين تركهم يتحدثون في الفيلم بلغة فرنسية مترجمة الى العربية , وترك لنفسة العنان في الجانب المصري بلغة عربية صميمية ..!!
                  هكذا يمكن ان نفهم فيلم يوسف شاهين الاخير " الوداع يا بونابرت – الجانب التاريخي منه باللغة الفرنسية – والجانب الدرامي الذي يقدم فيه يوسف شاهين وجهة نظره الخاصة يدور باللغة العربية .
                  وهذا يعني اننا لم نكن امام فيلم تاريخي بحت بقدر ما كنا امام مواجهة معاصرة لتاريخنا الحديث والذي تعتبر الحملة الفرنسية فيه , بداية تحول من التبعية الكاملة للحكم العثماني بكل مساوئه المعلن عنها , الى مرحلة بدأ فيها العد التنازلي لانهيار الحكم العثماني على الوطن العربي المستتر , متاثرا بما جلبه " كافاريللي " من معدات حضارية الى اهل الشرق في مصر وفلسطين ..
                  وعمل مثل هذا , لا يقدر عليه سوى " يوسف شاهين " في نقل الماضي الى الحاضر , ونقل الحاضر الى الماضي , عملية تحتاج الى خيال مجنون , واحساس مبدع ..
                  هذا الخيال المجنون , وذلك الابداع في الاحاسيس امران متلازمان مع شخصية يوسف شاهين السينمائية التي تميزت بقدرتها على الربط بين الماضي والحاضر بواقعية وموضوعية فريدة من نوعها , ربما لم يسبقها اليها , احد من المخرجين السينمائيين في العالم العربي .
                  فقد كان قادرا على اخراج فيلم تاريخي مباشر ينال من الجماهيرية الكثير , ولكنه فضل ان يقدم لنا , كعادته دائما , شيئا غير عادي , وغير مالوف , اراد ان يقدم لنا " حدوتة مصرية " في القرن الثامن عشر , بعد ان قدمها لنا في القرن العشرين .
                  بهذا الاسلوب السينمائي غير العادي , حاول ان يستفز مشاعرنا الوطنية والقومية , من خلال التركيبة الانسانية لشخصية " علي " بطل الفيلم هذه الشخصية المجنونة بحب مصر , والتي تقدر بوضوح الدين الاسلامي والازهر الشريف , والتي تعشق في الوقت نفسه القفز علي واقع التخلف الذي يعيشه الناس من حولها , بالوصول الي مراكز المعرفة والتنوير ايا كان منبعها , دون تفريط بالحب المثالي للوطن , او التقدير اللامحدود للاسلام ..
                  تلك الامور اتي نلمسها باخلاص شديد في افلام يوسف شاهين القديمة , من " الناصر صلاح ادين " , الي " الارض " , الي " العصفور " الي " الاسكندرية ليه " الي " حدوته مصرية " وحتى " الوداع يا بونابرت " ..
                  ونشاهد تلك الغادة الشقراء ذات العيون الخضراء , في بداية " الوداع يا بونابرت " كما شاهدناها في بداية " الاسكندرية ليه " وهي تحميه من شر الجنود اثناء احدى المظاهرات الصاخبة .
                  فالمراة لها حيزها الكبير في حياة يوسف شاهين وتفكيره , فزوجته التي وقفت بجانبه في حدوتة مصرية وتلك الفتاة القاهرية وجد عندها راحته وسعادته بعد هزيمة 1967 في فيلم العصفور ..!
                  هي نفسها المراة التي داوت جروحه في فيلم الاسكندرية ليه وهي نفسها التي اخذته بعيدا عن الحقد والكراهية الذي عاشته اسرته في فيلم عودة الابن الضال ..
                  وهي نفسها ابنة التاجر الفرنسي اتي ودعته بدموعها وهو يترك الاسكندرية متجها الي القاهرة في الوداع " يا بونابرت " ..ّ!!
                  وقديما قالوا : وراء كل عظيم امراة عظيمة .. وهو يؤكد هذا القول في كل افلامه ..
                  وتقديره الشديد للاسلام والازهر الشريف – رغم انه يدين بالمسيحية – كان واضحا في فيلم العصفور , وفي الناصر صلاح الدين , واخيرا في الوداع يا بونابرت , حبه لوطنه مصر , ولامته العربية , واضح فيه فيلم الارض بالذات , وفي فيلم " حدوتة مصرية " , وفي فيلم " الوداع يا بونابرت " وفي فيلم " جميلة " و وفي فيلم " الناصر صلاح الدين " , وفي فيلم " الاسكندرية ليه " , وفي فيلم " العصفور" ايضا ..
                  ولو بحثنا في اعمال كل السينمائيين العرب , لن نستشعر تلك اللمسات الدافئة والعاشقة للوطن مثل ما شعرنا بها ونحن نتابع مع " يوسف شاهين " ثورة القاهرة الكبرى ضد الحملة الفرنسية , او ذلك المشهد الاسقاطي للنجاح الوطني في مهرجان موسكو ضمن فيلم حدوتة مصرية , او المشاهد التي صورها عن مغامرته السينمائية في دخول الجزائر ليعيش عمق الثورة الجزائرية قبل تصويره لفيلم جميلة .. لدرجة انه عاش متنقلا بين مصر وفرنسا والجزائر طيلة الخمسة عشر عاما الماضية , وانتج واخرج فيلما مصريا – جزائريا مشتركا خلالها هو : "عودة الابن الضال " وكان يقصد فيه الكثير من الاتجاهات السياسية والاجتماعية التي نتجت عن هزيمة يونيو 1967 – من ضمنها حبة الازلي للعلم والمعرفة , والتقرب من حضارة الغرب , ومنافستهم في عقر دارهم , وهي القضية المحورية لشخصية " علي " في فيلمه الاخير " الوداع يا بونابرت " ..
                  تلك هي مدرسة يوسف شاهين السينمائية وهذا هو اسلوبه يقدم افكاره بأشكال مختلفة منحازا الى كل ما هو مثالي ان كان عند المراة ..
                  او في الوطن ..
                  او في الدين ..
                  او في العلم ..
                  واضاف الى تلك الافكار , بعد فيلم " الوداع يا بونابرت " اضافة جديدة , كانت توجها عنده في فيلم " الناصر صلاح الدين " قبل عشرين عاما واتضحت معالمها في فيلم " الوداع يا بونابرت " حول قضية الاستفادة من الدروس والعبر في تاريخنا العربي المشترك .. ؟؟ حيث يضع الاسئلة وهو جاهز بالاجوبة .. ؟؟ ومع ذلك يترك للجميع الحرية في ان يفكروا بطريقتهم الخاصة بهم ..
                  لماذا انتصر صلاح الدين ؟ .. ما هي الاهمية لعيون التي بثها حول اعدائه ..؟ كيف كان قويا بقدر ما كان متسامحا ..؟ وكيف احب المسيحي القتال تحت راية الاسلام في عهد صلاح الدين ؟ .. وايضا وضع الاجابات بطريقته .. فهو " عيسى العوام " في الناصر صلاح الدين .. كما هو " علي " في الوداع يا بونابرت الذي وضع تساؤلات عديدة امام المشاهد : ماذا الحملة الفرنسية ..؟ وأين ضربت ..؟ وكيف عمرت ..؟ وماذا استفدنا منها ؟.. وكيف نتعلم المقاومة المنظمة ؟؟.. وكيف نلرفض الفوضى في المقاومة ..؟ وكيف نتعلم النهج الحضاري في حياتنا ونستخدم الاسلوب العلمي لبناء صرحنا الاقتصادي والسياسي والعسكري ؟.. ومتى نتقرب من اعدائنا ومتى نبتعد عنهم ..؟؟
                  وكل هذا في ظل راية الوطن , وتحت لوائه , وخدمة له دون تهاون او كسل او تخاذل , فنحن اذا نسينا الوطن وتذكرنا انفسنا ومصالحنا الشخصية بأنانية نصبح قذرين وعملاء لغير أوطاننا ..!! " ويوسف شاهين " حين طالب بالاستفادة من حضارة الغرب , طالب بها لتكون نورا لنا ونارا عليهم ليس كما اعتقد او يعتقد البعض بأنه يفضل الغرب وحضاتهم , ليعيش بعيدا عن وطن العرب وهمومهم , ابدا ,,! لم يكن هذا قصده ..
                  وليفهم ذلك كل الذين تأثروا بحضارة الغرب .. تعلموا , واستفيدوا وحققوا النجاح , ولكن عودوا الى اوطانكم واخدموها بعيونكم , وقدموا لها عصارة نجاحكم , وابذلوا من اجلها الغالي والرخيص , و تنسوا انها هي امكم وابوكم واخوتكم وابناؤكم , مهما علا قدركم في الغرب , الذي هو عدو للوطن ان م يكن صديقا .. هذا هو الدرس المستفاد من " الوداع يا بونابرت " وهو دس كبير كما الفيلم كبير

                  ----------------
                  ( الرسالة ) والفن الملتزم
                  حمزة بن عبد المطلب صياد الاسود , وفارس الثورة الاسلامية الهمام , وعم النبي محمد ( صلعم ) قائد الثورة الاسلامية والمبشر بالرسالة الالهية , هو في حد ذاته ايضا شقيق ابي لهب الكافر الوثني عابد الاصنام .
                  ملك الحبشة النصراني , الذي استقبل وفود المهاجرين الاولي الي الحبشة , ورفض تسليمهم لوجهاء قريش واعوانها رغم الصداقات التي تربطه معهم قال في عبارة موجزة حاول مصطفي العقاد مخرج فيلم الرسالة ان يبرزها بوضوح : " ما بين النصرانية والاسلام خط واه وخيط رفيع ورب الاثنين واحد "
                  عبد الله بن سلول المنافق المشهور والمعروف في يثرب والذي كان يحاول ان تمضي حياته بين المسلمين بالحسني , وهو يضمر في قلبه لهم كل الشر , ويستكبر ان يكون المهاجرون اندادا له ورفاقا .
                  ومع ذلك فلم تظهر في فيلم ( الرسالة ) اى اشارة لدور اليهود ومكرهم وحقدهم , وهذا ما يمكن ان يعيب ذلك الفيلم الديني الذي اخرجه مصطفي العقاد .
                  كان تركيز الفيلم علي تعاليم الدين الاسلامي , قاصدا من هذا ان تكون الرسالة الي اوربا , وامريكا لكي يفهم الناس هناك تعاليم الدين الاسلامي لكنه مع الأسف نسي ان يوجه لهم رسالة اخرى عن اليهود الخبثاء ذمي الوجوه المتعددة وقد يكون مقصده من ذلك تحاشي أي هجوم علي الفيلم يمنع عرضه هناك .
                  في هذا الفيلم الديني تتأكد العلاقة الجدلية بين الفن الملتزم وبين قضايا الحياة المتعددة واهمها قضية العقيدة الاسلامية , ورغم ان فيلم الرسالة ليس هو الفيلم الوحيد الذي يبحث في الرسالة الاسلامية الا انه يتميز عن غيره من الافلام كون انتاجه ضخما وباللغتين العربية والانجليزية وهذا ما يجعله اكثر ذيوعا وانتشارا عن غيره من الافلام الدينية .
                  الا اننا لا يمكن ان نصف فيلم الرسالة بالافضلية رغم ضخامة الانتاج والاخراج وهناك الكثير الذي يستطيع الفن تقديمه من اجل العقيدة والدين ويمكن ان يعتبر فيلم المخرج المغربي عبد الله المصباحي " اين تخبئون الشمس " علامة على هذا الطريق .

                  العقاد في " عمر المختار " لا يطالب إلا بشيء من الغضب
                  هناك امور كثيرة تدفعنا الى التفاؤل والاستبشار خيرا بالمستقبل العربي والحمد لله .
                  وهذه الأمور تجلت ببراعة الفنان العربي الاسلامي فنيا .
                  وازدادت وضوحا باشتراك هذا الزخم الوافر من الفنانين العالميين خدمة للانسان العربي وتاريخه , ويكفي ان يشارك ثلاثة من كبار نجوم السينما العالمية في تمجيد التاريخ العربي وسط الهجمة العصرية القوية ضد الوطن العربي في وقتنا الحاضر , وهؤلاء الثلاثة جزء من جيش بشري اجنبي عمل في فيلم " عمر المختار" وهم يعملون ماهية الفيلم عربيا واسلاميا .
                  ان مصطفي العقاد فرد عربي واحد , لكنه انسان موهوب , مؤمن بكينونته وعقيدته , والموهوبة مع الايمان جعلت منه فنانا عالميا , لصالح عروبته ودينه الاسلامي .
                  وهكذا يقول العقاد للفنانين من خلال فيلم عمر المختار انظروا الى الدقة في التصوير والبراعة في الاخراج , والموهبة في توظيف الفن للحديث الانساني – لقد اهتم بطريقة التعليم المنتشرة في العشرينات واظهرها بشكل مركز – ولقد ركز على الاهالي ولم يبخل على تصوير الفيلم بالملابس المناسبة والماكياج المناسب – ثم هناك الطفل الصغير الذي استشهد والده مع عمر المختار , واعدم الفاشيون امه , انه الأمل , انه المستقبل الذي سيعيش بعد عمر المختار كما ظهر في آخر لقطة من الفيلم .
                  ويقول العقاد للاعلامين العرب , الاعدام ذكاء , واذا اردت اختراق جدار صعب اختراقه ادخل عليه من فجوة صغيرة , وهذه الفجوة اخترقها عمر المختار من خلال التهجم على الفاشيين , انها نقطة ذكاء تجعل كل دور العرض وكل المؤسسات الثقافية في العالم المعادي للأمة العربية يقبل الفيلم كونه يهاجم الفاشية , وهو في حقيقة الأمر وكما اوضح مصطفي العقاد نفسه سيقرب الواقع الفلسطيني امام العنصرية الصهيونية في اذهان العالم .
                  والعقاد يقول للاثرياء والمليارديرات العرب , ويمكنكم ان تكسبوا كثيرا ويمكنكم ان تكونوا اكثر مجدا , واكثر ثراء لو حاولتم ان تصنعوا شيئا لاصلكم ومعتقداتكم .
                  العقاد في فيلم " عمر المختار " وعلي لسان احد نجوم الفيلم يطالب العرب في الحوار السينمائي : بشئ من الغضب , وآه لو تحقق مطلب العقاد هذا , شيئ من الغضب ..
                  بقي ان تؤكد علي حقيقة ابرزها العقاد نفسه حينما قال : ان الصدفة وحدها جعلت من عمر المختار ليبيا , بينما الفيلم كله عن عمر المختار العربي – وهذه حقيقة ان عمر المختار معروف وموجود علي الاقل بيننا نحن سكان فلسطين في اكبر شارع من شوارع مدينة غزة , ولذا فهو يعيش مع الانسان الفلسطيني ارفيع والعجوز علي سبيل المثال , والامر الثاني ان معركة الكفرة التي دارت بين الايطاليين والثوار العرب في الكفرة , هي نفس المعركة اتي دارت بين الفلسطينيين والصهاينة في خان يونس سنة 1956 , وسنة 1967 اضافة الي ان خطة الاسلاك الشائكة استخدمها الصهاينة في وقت من الاوقات علي الحدود العربية في الاردن لمواجهة العمل الفدائي المتعاظم وفوق هذا وذاك ان الفترة التاريخية لعز الدين القسام في فلسطين مع اختلاف بسيط ان عمر المختار كان يحارب الايطاليين والقسام كان يحارب الانجليز .
                  فكثيرا من الدعم , وكثيرا من عرض مثل هذا الفيلم علي شاشات التلفزيون , خدمة للمستقبل العربي .

                  فرق كبير بين إبداع .. وإبداع
                  رغم ان تكاليف الفيلم التاريخي الباهظة الضخمة فقد انتجت السينما المصريه قبل العام 1967م الكثير منها مثل
                  الناصر صلاح الدين لاحمد مظهر وليلى فوزي ونادية لطفي وصلاح ذو الفقار وحمدي غيث ومحمود المليجي والمخرج يوسف شاهين .. الخ
                  ومثل عنترة بن شداد لفريد شوقي وكوكا وحسن حامد ونور الدمرداش والمخرج نيازي مصطفي ,
                  وواسلاماه لاحمد مظهر ورشدى اباظة وحسين رياض وفريد شوقي ولبني عبد العزيز وتحية كريوكا ..
                  وفارس بني حمدان لفريد شوقي وسعاد حسني وليلي فوزي ,
                  وجميلة ليوسف شاهين وماجدة ,,
                  واميرة العرب لرشدي اباظه ووردة الجزائرية وحسين رياض ,
                  والشيماء لسميرة احمد ,
                  والمماليك لعمر الشريف ونبيلة عبيد وحسين رياض
                  ايضا فجر الاسلام لماجدة
                  وكثير من الافلام التي انتجتها مؤسسة السينما المصرية في اوائل الستينات باقل التكاليف الممكنة بحيث يضعنا هذا امام التساؤل التالي ,
                  ما هو الهدف من التطبيل والتزمير لابداع الفنانيين العرب علي انتاج ثلاثة او اربعة افلام في الاربعين عام التاليه بملايين الدولارات مع ان هذا الامر يبدو عاديا بالمقارنة مع افلام انتجتها مؤسسة السينما المصرية قبل العام 1967م ..!! ان الهدف واحد ولا شك يدخل ضمن التلاعب التجاري والمالي الذي اكتسح السوق السينمائي ..!!
                  واذا كان البعض يرى ان ثلاثة او اربعة ملايين دولار تنتج فيلما ممتازا واحدا
                  فان ميزانية اخر الافلام التاريخية الاسلامية والتي بلغت اثني عشر مليون دولار فقط لا اكثر فانها تغير حال جميع الافلام السينمائية العادية التي يحتج بعض الصبية علي تدني مستواها ورغم ذلك يدمنون مشاهدتها ,
                  وهكذا نلاحظ الفرق بين ابداع من اجل الابداع وبين ابداع من اجل التجارة ..!!
                  ولمن يعترض امامه العمل الجديد ليوسف شاهين عن حملة نابليون على فلسطين ومصر الذي لم يكلف اكثر من ثلاثة ملايين او اقل من ذلك في حين بلغت تكاليف فيلم عمر المختار ثلاثون مليون دولار قبل انتاج فيلم بونابرت
                  القضيه هنا اننا بحاجه الى الفيلم التاريخي وخاصه انتصارات الهرب والمسلمين لنعيد الامل في النفوس لدي الجماهير العربيه وسط هذا الانهيار الذي نعيشه
                  وبئسا لثراء العرب الذي لم يتمكن من انتاج اكثر من خمسة افلام تاريخيه عربيه في الاربعين عام الماضيه هي
                  الرساله وعمر المختار للعقاد
                  والقادسيه لصلاح ابوسيف – وانتاج عراقي
                  وبونابرت والمصير ليوسف شاهين بمساهمه انتاجيه فرنسيه وليس عربيه
                  وماذا بعد هذا تريدون من انظمة العرب الغنيه المهلهله سوى الذل والهوان

                  تعليق

                  • يسري راغب
                    أديب وكاتب
                    • 22-07-2008
                    • 6247

                    #10
                    رد: السينما بين الشكل والمضمون/ كتاب 1 ليسري شراب

                    الفصل الثامن
                    السينما والحرب
                    ------------------
                    الفيلم الحربي
                    تكايف الانتاج الضخمه الحربي العربي

                    --------------------------------
                    من اصعب الاعمال السينمائية , واكثرها تكلفة هو الفيلم الحربي ...!! ولا يمكن القول بان أي سينما قادرة على انتاج هذه النوعية من الافلام دون ان تضع في اعتبارها القدرة غير المحدودة للتقنيات السينمائية بشكل كامل .. الصوت , والتصوير , والاضاءة , والديكورات , والحوار , والسيناريو والافراد , والابطال والماكيير , والمونتاج , والاخراج .. الخ
                    فعند مشاهدة الفيلم الحربي , لا بد من مراعاة الوضع الانساني والميداني لهذا الفيلم , حالة الجندي , وثباته خلف مدفعه , وطريقة مواجهته للعملية القتالية الميدانية , ونفسية قائدة الميداني بجانبه , تفكيره وحسن تصرفه , ومظهره الشخصي , والاسلحة المستخدمة وكميتها ونوعياتها والمكان الملائم , بحرا او برا , او جوا ..
                    والقدرة الفائقة علي تصوير المعارك الجوية , والمعارك في الصحراء , وفوق الكبارى والجسور وتسلق القلاع والاسوار , وعمليات اقنص المختلفة والمتنوعة ..!! وادوران حول كل هذا وذاك في عم روائي محبوك لا يقل روعة عن العمل الوثائقي او التسجيلي الاخباري , وهو امر بالتاكيد يحتاج الى قدرات غي عادية في الانتاج السينمائي , لم يتمكن منها حتى الان السينمائيون في العالم الثالث عامة والعربي خاصة , ولا يستطيع تنفيذها بحرفية عالية سوى السينمائيين في دول العالم المتقدمة عنا حضاريا , مثل هوليوود بالذات او السينما الايطالية او الفرنسية او الاوربية بشكل عام .
                    ولقد صورت السينما العالمية في العديد من افلامها الحربية كل ما دار وجرى من مواقع ميدانية وقتالية في الحرب العالمية الثانية بتقنية عالية , ابتداء من معركة ووترلو , وحتى اختراق بون وبرلين والقضاء علي معقل النازية في المانيا , والفاشية في ايطاليا , وكان النجم العالمي ريتشارد بيرتون , اكثر نجوم السينما تخصصا في تمثيل الفيم الحربي , واحيانا كقائد عسكري نظامي واحيانا اخرى كقائد لمجموعة فدائية تتوغل في مواقع العدو واحيانا ثالثة كموجةه ومخطط عسكري يشهد له بالحنكة والذكاء .
                    "صوفيا لورين " مثلت اكثر م دور ضمن سلسة افلام الحرب العالمية الثانية ابرزت خلالها موقع المراة في تلك الحرب , ضمن اعمال الجاسوسية وضرب المعلومات وضمن الواقع الاجتماعي والانساني الذي عاشه الناس في ظل هذه الحرب المدمرة واشهر ما قدمته فيلم "امراتنان " قصة البرتو مورافيا المعرفة .
                    لقد عشنا في السينما العالمية اجواء الحرب العالمية الثانية وكانها واقعية وفعلية ونحن نرى المعارك الجوية والبحرية بين القوتين العظمتين في امريكا واليابان بعد ضرب " بيرل هاربر " وعشنا الاجواء النفسية التي وضعتنا الافلام الحربية فيها مع الامريكيين من الاصل الياباني والصيني , اثناء احتدام المواقع والمعارك .. وعشنا كذلك نموذجا لقصص الحب التي تمت وترعرعت بين الجنود والضباط الامريكيين وبين النساء اليابانيات في جو رومانسي خلاب , نقلنا من جو الحروب المدمرة القاتلة , الى جو العواطف والرومانسيات , لتصور فكرى , يرفض الحرب والدمار ويؤمن المعايشة لكل الناس علي اختلاف الجنسيات
                    واخذتنا السينما العالمية الى الزحف الكبير , والمعارك الشرسة حول بون وبرلين , حيث اقتحام الانهار , وتدمير السدود والجسور , والقتال من شارع الى شارع قبل الوصول الى هتلر في موقعه الحصين الذي دفن نفسه فيه . كما سحبتنا معها الى بدء الخلافات الدولية , واعمال الحرب الباردة بغد انتهاء الحرب العالمية الثانية , ونحن نرى تورط بعض الضباط الامريكان في سرقات كبيرة يكشف عنها حلفائهم , ويطالبون كبار المسؤولين بالتحقيق ومعاقبة اولئك الضباط بشكل مثير في واقعيته ..
                    فالسينما العالمية بالفعل لم تترك أي شاردة واي واردة دون ان تحللها وتناقشها حول الحرب العالمية الثانية بتقنية عالية , وخارقة , ليس من السهل علينا الوصول الى حرفياتها دون بذل الكثير من الجهد والمال والموهبة .
                    فالسينما العربية حين عالجت معارك العرب الحديثة , وقفت عند حدود لم تتجاوزها منذ تصويرها لفيلم " عمالقة البحار " حول المعارك البحرية الميدانية التي تمت بين القوات البحرية المصرية , وبين قوات العدوان الثلاثي في سنة 1956 , حيث شارك في التمثيل السوري " عادل جمال " رمزا للوحدة العربية في ذلك الحين .. وبعد " عمالقة البحار" افضل من الوجهة السينمائية في تصويرالمعارك الميدانية , عن فيلم " طريق الابطال " حول معارك الصحراء بين القوات البرية المصرية وبين قوات العدوان الثلاثي في سيناء سنة 1956, وقد شارك في تمثيل الفيلم النجوم /شكري سرحان وصلاح ذو الفقار , حيث ينتهي الفيلم باستشهادالضابط البطل وهو يرفع علم مصر العربي علي ارض سيناء بعد تحررها وفي فترة متقدمة عالجت السينما العربية القضية الجزائرية من خلال قصة جميلة بوحيرد واخراج يوسف شاهين , وبطولة ماجدة ورشدي اباظة , في فيلم باسم " جميلة " تتحدث بكل دقة وواقعية وتفصيل عن ثورة المليون شهيد في الجزائر , التى اعتمدت اسلوب العمل الفدائي او اسوب حرب العصابات ضد الجيوش المستبدة النظامية وكيف واجه المحتلون الفرنسيون الثوار الجزائريين بالارهاب والاعتقال والتعذيب , وكيف ان الجزائريين لم يصمتوا عن المقاومة رغم كل الوان التنكيل والتعذيب , من خلال قصة حياة جميلة مع الثورة الجزائرية , والتي ادت دورها بنجاح مطلق الفنانة " ماجدة " والتي سافرت مع يوسف شاهين الى مهرجان موسكو السينمائي ولتشهد معه سينمائي العالم وهم يصفقون للفيلم بحرارة يستحقها , وباستقبال لهما كاستقبال كبار الشخصيات اوضحه " يوسف شاهين " في احدى اللقطات من فيلم " حدوتة مصرية " الذي يروي شريط حياته الابداعية.. وفي ظل المنافسة الابداعية , قدمت فاتن حمامة فيلما حربيا عن الفدائيين المصريين في بور سعيد وهم يقاومون الاحتلال الانجليزي مع رشدي اباظة , والفيلم هو " لا وقت للحب " حيث يترك الفدائي حبه ليقود حرب العصابات ضد الانجليز في بور سعيد فتلحق به خطيبته وتقف بجانبه فدائية مقاتلة تساند وتساعد العمل الفدائي المصري وتكون قمة المشاهد وهي تمر بالذخيرة الى الحي الذي يحاصر الانجليز فيه خطيبها البطل وتكون الخاتمة في مشهد شعبي حافل , وأهل الحي يتجمعون لابعاد البطل عن كمين نصبته له قوى الاحتلال , حيث ينجح الشعب في حماية ابطاله دائما ..
                    هذه الاعمال كلها صورت ارادة الانسان العربي في المواجهة بعناد وصلابة وتحد وقوة , تكررت في مشاهد من السينما الفلسطينية كقضية الانسان العربي الاولي ولو ان كل الافلام الحربية كانت تنطق باسم فلسطين وبالذات بعد استقلال الجزائر سنة 1962 .
                    وصالح سليم الذي يراس مجلس ادارة النادي الاهلي , مثل فيلما عن الموقف الاجتماعي للانسان العربي في مصر وهو يتوجه ألي الحرب بكل العناد والتحدي ..!
                    فالحرب اساسا من اجل الانسان وتقدمه وكرامته وحريته في أي مجتمع يبحث عن مكان له تحت الشمس , ودراسة الحالات الانسانية والاجتماعية اثناء الحروب امر ضروري ومهم , في تصوير الارادة الشعبية خلف المقاتل في الحرب ..
                    هذا النموذج من القصص الاجتماعية المرافقة للحرب عشناه مع فيلم
                    " الرصاصة لا تزال في جيبي " بطولة محمود ياسين ونجوى ابراهيم ويوسف شعبان قصة احسان عبد القدوس حين يعود المقاتل من حرب يونيو 1967 وهو يحمل الامه وجراحه بعد النكسة ليقف في مواجهة الفرد المستغل في بلدته وقريته , ويدرس بشكل اقرب الي الرمزية , كيف يواجه هذا المقاتل الحرج العاطفي , وهو يرى احدهم خطف حبيته منه وهو لا يستطيع ان يفعل شيئا , لكنه في النهاية يكتشف ان هناك رصاصة لا تزال في جيبه يستطيع ان يستخدمها لتحتفظ بحبه رغما عن انف كل القوى المستغلة والفيلم دعوة لاسقاط محاذير الخوف من قوة العدو , والتمسك بالارادة القوية , حيث نرى في فيلم " اغنية على الممر" للمخرج علي عبد الخالق بطولة احمد مرعي ومحمود مرسي الحالة النفسية والانسانية التي عاشها المقاتل في حرب يونيو 1967 , ونحن نتابع تلك المجموعة الصغيرة التي تحتفظ بموقعها في الممرات الجبلية وسط صحراء سيناء تقاوم وتقاتل بعناد رغم انقطاع وسائل الاتصال مع قيادتها , وانقطاع وسائل المعيشة ايضا وهو من اعظم الافلام التي عالجت حرب يونيو سنة 1967 , بل انه من اعظم الافلام السينمائية بشك عام في عقد السبعينات , وهو شهادة فنية راقية للمخرج " علي عبد الخالق " ..

                    " وقد كانت مثل هذه النماذج الجادة للفيلم العربي دعوة مؤثرة للخروج من مازق الهزيمة بالفعل الى ممر الارادة التي انتصرت في معارك اكتوبر سنة 1973 .." فتحولت قصة الاديب يوسف السباعي " – العمر لحظة – التي كتبها عن حرب الاستنزاف الى فيلم سينمائي من بطولة وانتاج ماجنة استمرت من حرب الاستنزاف الى حرب اكتوبر والكفاءة القتالية التي حققها الجندي العربي في تلك الحرب – حيث جاءت قصة حرب الاستنزاف كمقدمة للعبور العسكري من الهزيمة الى الانتصار – وهو نفس ما حدث في فيلم الرصاصة لا تزال في جيبي الذي لم يقف عند حد مواجهة الجرح الوطني والجرح العاطفي بل امتد الى انتصار اكتوبر ايضا – وهكذا مع فيلم " ابناء الصمت " بطولة محمود مرسي ومديحة كامل حيث تعيش سنوات النكسة ما بين 1967 وحتى 1973 حتى تستيقظ كل النماذج الانسانية امام العبور العظيم في اكتوبر 1973 – وهو من الافلام الجادة والقوية في السبعينات ..
                    ثم تمر عبر شريط من الافلام السينمائية , التي تحولت بفعل حرب اكتوبر من افلام اجتماعية عن الحي الشعبي , الي افلام حربية كما حدث في فيلم " بدور " بطولة نجلاء فتحي ومحمود ياسين ومجدي وهبة وهالة فاخر , حيث الصراع يدور بين نموذجين من البشر احدهما يمثل الخير والآخر يمثل الشر , الى ان يحين موعد التعبئة العامة فيصبح الكل في واحد من اجل وطن واحد , يدافعون عنه في حرب اكتوبر ..!!
                    وهناك عدد آخر من الافلام التي اقحمت فيها حرب اكتوبر , لكي تواكب السينما العربية هذا الانتصار مثل فيلم / حب تحت امطر , وشباب هذه الايام , وحتى آخر العمر وفيلم لا وقت للدموع وهو اقوى تلك المجموعة من الافلام حيث نعيش قصة حب بين فتاة رقيقة الحال وبين ضابط في الجيش , يتركها لنداء واجب الوطن في اليوم الذي يقرر فيه الزواج منها , عند اندلاع شرارة الحرب في اكتوبر سنة 1973 .. وفيلم لا وقت للدموع من بطولة نجلاء فتحي وحسين فتحي ومحمود المليجي وصفية العمري ..!
                    وهناك افلام عربية عديدة حملت قصة الحرب مع اعدو الذي يجثم على ارضنا العربية الان في طابا وفلسطين والجولان وجنوب لبنان ..!!
                    منها التسجيلي , ومنها الروائي , وقد يصعب الحصر الان , وبالذات في مجال الفيلم التسجيلي والوثائقي , الذي يحتاج الى دعم اكبر من خلال اذاعته في محطاتنا التلفزيونية العربية , لانها تسجيل واقعي للاحداث العظيمة التي مر بها المقاتل العربي في كل مكان فنحن بحاجة فعلية وحقيقية للفيم الحربي القادر على تقديم صورة مثالية افضل عن المقاتل العربي الى العالم اجمع , وفي نفس الوقت يساعد المقاتل العربي على فهم دوره الميدانى القتالي , وليست مجرد اضافات لمشاهد او لقطات في الفيلم ليتم حشوها دون دلالة ادبية ونفسية , وهو الامر الذي جدث في العديد من الافلام كفيلم " الوفاء العظيم " بطولة نجلاء فتحي وسمير صبري ومحمود ياسين وكمال الشناوي وعبد المنعم ابراهيم او ان يكون الحديث عن الحرب انسانيا باثارة اللاحقة مثل ما شاهدنا حالة الضابط المصاب الذي يعود الى اهله وبلدة في فيلم " برج المدابغ " من بطولة عادل ادهم ويسري ورغدة ونجوى فؤاد وصلاح السعدنى ويونس شلبي وعزة جمال الدين فنحن امام عدد , يجيد استخدام السينما كلغة عالمية , تبرر هزائمه , وتضخم انتصاراته , امام مواطنيه وامام العالم , وهو
                    الذي انتج عشرات الافلام عن حرب يونيو 1967 لتمجيد نفسه , وتجعله يتوقف عن عرض فيلم تسجيلي حول حصن بارليف كلف ملايين الدولارات بعد تحطيم هذا الحصن – الوهم – المزيف , وتضطره الى انتاج فيلم يتحدث بمرارة عن هزيمته في اكتوبر سنة 1973 في اكثر من فيلم , ولكنه بالتاكيد كان يوارى الهزيمة العسكرية , بافلام عنصرية واخرى تبين بعض غدره ومكره , كما هو الحال في فيلم " ظلال الملائكة " الذي عرض في مهرجان كان 75 باسم سويسرا .. او لفيلم اسمه " عملية الرعد " الذي عرض في مهرجان كان 1977 , للمخرج ثمولان , الذي نجح مخرجنا العربي " يوسف شاهين " في ابعاده عن لجنة التحكيم في مهرجان كان 1983 , رغم كل القوة الرأسمالية والاعلامية والسينمائية التي تؤيدهم وتقف ضدنا ..!!
                    واخيرا فاننا اذا اردنا حقا , كسر حاجز الخوف , والانطلاق نحو العالم , فلا بد لنا من الاهتمام بفيلم حربي , وفي هذا المجال نذكر سلسلة افلام اسماعيل ياسين في البوليس الحربي وفي الطيران , كما نذكر افلام مثل " اسود سيناء " بطولة رغدة وشكري سرحان " والقنطرة شرق " وايضا " مشاغبون في الجيش " الذي يعتبر نسخة عصرية عن سلسلة افلام اسماعيل ياسين السابقة الذكرر , والذي ببطولته يونس شلبي وليلى علوى وسمير غانم لكننا حتى الآن , لا يمكن ان نقارن الفيلم الحربي الروائي العربي من قريب او بعيد بالافلام العالمية التى تحدثنا عنها بداية حول الحرب العالمية الثانية .. فاغلب انتاجنا من الافلام الحربية يعتمد على جوانب انسانية واجتماعية حول اثار الحروب النفسية على ضباطنا وجنودنا ولم تظهر القدرات البطولية والقتالية الميدانية الا في مشاهد اقرب الي المشاهد الاخبارية المحشوة ضمن الفيلم الروائي ..
                    نقول هذا ونحن نعلم كم يكلف الفيلم الحربي ..؟ وما هي التقنيات اللازمة لانتاجه .. لكننا اذا ما وصلنا الى الفيلم الحربي – الروائي – الذى ينقل لنا صورة كامله وواقعية عن عمليات الميدان العسكرى نكون قد حققنا ما نصبو اليه سينمائيا – لان الفيلم الحربي بالتاكيد يحتاج الى تعبير سينمائي ومميز اكثر من اى نوعية اخرى من الافلام بحيث يأتى اليوم الذى نستطيع فيه انتاج فيلم حربي بمستوى الفيلم العالمى .
                    ومع ضعف المضامين الحربية العصرية فى الفيلم العربي , يمكن استلهام هذه المضامين بالعوده الى الافلام التاريخيه , بحيث نجد منها افكارنا قد يسهل على السينمائيين العرب تطبيقها فى افلام تتحدث عن الحروب العربية المعاصرة . ففى فيلم " الرسالة " الدينى نجد انفسنا امام نماذج من المعارك بين المسلمين وبين الكفار فى " بدر " حيث كانت فئه صغيرة من المسلمين مؤمنه بربها وبحقها تنتصر على فئه كبيره – وهذا درس يفيدنا فى التمسك بارادة الحق , وبالايمان بنصر من عند الله قريب انشاء الله – اما الدرس الذى استلهمناه من معركة احد فى الفيلم ذاته – هو فى استمرار اليقظه والحذر , والاستعداد الدائم لمواجهة اى مفاجاة غير متوقعة , وعدم الاهمال , او الافراط فى الثقه بالنفس – وفى معركة الخندق – نجد انفسنا امام حشد كبير من الكفار – كان يجب مواجهتهم بعناد وتحد وقوة وشراسة , مع الذين يؤيدونهم من اليهود داخل المدينة , فكان الانتصار , بالخطة الحكيمة , والقيادة الواعية الرشيدة , والتحدي الذي جعل من المسلم الواحد مساويا لعشرة من الكفار , باذن الله وعونه .
                    وقد عشنا مواقف مشابهة في الحرب سنة 1948 , سنة 1956 , سنة 1967 , سنة 1973 كان يمكن للسينما العربية معالجتها بشكل عصري حديث , يعمق مفاهيم الثبات على المواقف , ويقوى الارادة والتحدي لدى المقاتل العربي ضد اعدائه .. وفي فيلم " الناص صلاح الدين " نعيش درسا في التخطيط العسكري حين يوقع العرب والمسلمون , جماعات الصليبيين , في ممر ضيق بين جبلين , لاحكام الحصار حولهم , وايقاع الهزيمة بهم – وهذا يذكر الانسان العربي المعاصر بممرات سيناء , التي تحدث عنها فيلم " اغنية على الممر " بمرارة حول حرب سنة 1967 – اما معاملة الاسرى في الحروب , فنجدها قضية يعالجها فيلم الناصر صلاح الدين , حيث يكاد الصليبيون يفتكون بالاسرى من العرب والمسلمين الا ان معاملة صلاح الدين المثلى لاسرى الحرب من الصليبيين , انقذت الاسرى المسلمين من بطش الصليبيين .. وهذا وحده يمكن ان يكون سيناريو حول اسرى الحروب العربية العصرية ضد اعدائها وفي فيلم واإسلاماه , نجد دسا ينبهنا الى ضرورة الوحدة وجمع الشمل والكلمة لمواجهة الاخطار الكبرى , ونسيان الماضي بخلافاته , وتجاهل ما يعيق نصرة العرب والمسلمين ضد اعدائهم , كما فعل الظاهر بيبرس حين تقدم الى قطز مادا يده للمصالحة , لكي يقفا صفا واحدا ضد التتار , الذين صرقوا كل شئ بلا رحمة او هوادة , كانت التفرقة والانقسامات الخلافات وتوزع العرب حواشي طوائف السبب في طمع التتار زحفهم القادر على المسلمين حتى قفوا صفا واحدا , تحت قيادة احدة , وبخطة واحدة , ليحققوا نصر الاكيد في عين جالوت , وهي روس نجدها واضحة في فيلم واإسلاماه ".
                    اما الثورة الشعبية والمقاومة المسلحة ضد الظلم وضد الاحتلال لطغيان فقد عشناها في فيلم " عمر المختار " حيث تصور قيادة هذا الرجل الاسد او الاسد الشيخ امام جحافل الايطاليين من موقعة الى اخرى , كما شاهدناها في فيلم المماليك , مع ذلك الحداد الشاب الذي يجمع حوله الانصار والاعوان من الرجال والشبان لنصرة الحق , فيما يشبه الحرب الشعبية التي يمكن ان تبدا باعمال فدائية او كما يطلق عليها حديثا اسم – حرب العصابات – تتحول بالقوة والتنظيم الجيد والقيادة الواعية الي ثورة شعبية شاملة ضد الاحتلال , وما اكثر ما عاشه المواطن العربي في الاراضي المحتلة من مواقف مماثلة لحرب شعبية دامت شهورا طويلة في غزة والقدس ولم تجد لها نفس الصدى في أي فيلم عربي روائي – وليس وثائقيا – لان الفيلم الروائي يؤثر علي المشاهد , ويعيش زمنا طويلا محفورا في الذاكرة يمجد تلك المواقف الشعبية الاصيلة لاهلنا في الارض المحتلة بالضفة الغربية وقطاع غزة . والآن في صيدا وصور من جنوب لبنان , ولا يمكن ان يدعى احد عدم القدرة علي انتاج فيلم عصري علي غرار " المماليك " عن تلك المواجهة والفيلم الحربي غالبا ما يتحدث عن معركة بذاتها , او بطولة جماعة من الجماعات ضمن الحرب , وما اكثر المعارك التي خضناها ببسالة حتى في 1967 وما اكثر البطولات التي تحدث عنها المؤرخون لتلك الحرب من المقاتل العربي المصري والفلسطيني في خان يونس والكانتيللا – لنؤكد علي ان الانسان العربي لم يهزم رغم كل ما تم وانه كان بطلا , بحاجة الي قائد , مثل سعد بن ابي وقاص , الذي خطط لحرب سرشة وقوية في معركة القادسية , وانتصر , رغم كل العدة والعتاد , والاعداد الغفيرة من الجنود والقيادات الذكية النافذة بين صفوف اعدائه , فقد حقق النصر بحكمته في معالجة كل كبيرة وصغيرة , ومتابعة كل امر , فالقيادة نصف النصر , هكذا علمنا سعد بن ابي وقاص , وخالد بن الوليد , وهم ينتصرون لحقهم ولامتهم متجاهلين انفسهم وذاتياتهم , وقد عشنا ذلك في السينما العربية مع فيلمي " القادسية " و " خالد بن الوليد "
                    ولم تكن العودة الي الفيلم التاريخي في الحديث عن الفيلم الحربي , الا تاكيدا علي اهمية الانتباه الي امكانية انتاج العديد من الافلام العربية عن الحروب المعاصرة , ضمن ما سبق واستلهمناه من دروس وعبر عن معارك العرب والمسلمين التي تم تصويرها في الافلام التاريخية .. لاننا اذا كنا قادرين علي انتاج فيلم تاريخي باهظ التكاليف , وفيلم سياسي فيه من المباشرة والنقد الواضح الصريح – فما الذي يمنعنا من انتاج فيلم حربي , وبطولات الانسان العربي تملا صفحات الحروب العربية العصرية الخمسة .. لماذا ..؟

                    تعليق

                    • يسري راغب
                      أديب وكاتب
                      • 22-07-2008
                      • 6247

                      #11
                      رد: السينما بين الشكل والمضمون/ كتاب 1 ليسري شراب

                      [align=center]
                      الفصل التاسع
                      السينما والجريمه
                      ----------------
                      في السينما والجريمة
                      هل المجتمع العربي برئ من الجريمة الكاملة ؟

                      -----------------------------
                      [/align]
                      في وقت نسمع ونقرأ خلاله عن الجرائم ترتكب في حق الناس والمجتمع , ونتسائل : لماذا ؟.. وكيف ..؟؟ ولا نلتقط الاجابة الوافية والكافية لتساؤلاتنا من خلال الصحف والمجلات , تقف السينما شامخة لتلعب دورا اكثر دقة وتاثيرا , من وسائل الاعلام المقروءة لتعطي في النهاية النتيجة التي يسعى اليها اناس بحثا عن الحقيقة في تلك الجرائم , وهل استوي ميزان العدل والقضاء , ام اختل ..!! والمقصود بالجريمة والعقاب هو كل ما يدخل في حكم العمل الجنائيمن اغتصاب ولصوصية وقتل ..!! وتزوير وتهريب للممنوعات بعيدا عن المخالفات اصغيرة .. !!
                      ولعبت السينما دورا عظيما في المجال بالتاكيد .. فانتقلت السينما الامريكية بعد توقف الحرب الفيتنامية الى بحث الآثار الاجتماعية التي خلفتها حرب فيتنام على الانسان الامريكي بشكل عام , حيث كانت النظرة التشاؤمية للجنود العائدين من حرب فيتنام , تفرض نفسها على المجتمع الذي يخشى او يرفض التعاون مع الذين لطخت ايديهم بسفك الدماء في آسيا , وعالجت السينما الامريكية هذا الموضوع في العديد من افلامها عن الاحساس بالذنب والشعور بعذاب الضمير , الذي يرافق كل العائدين من ميدان الحرب الفيتنامية , وانعكاس ذلك على تصرفاتهم الحمقاء مع انباء مجتمعهم , يؤدي بالتالي الى اقترافهم لبعض الجرائم والقائمة التي تشمل اسماء مثل هذه النوعية من الافلام طويلة لا مجال لحصرها الآن .. !!
                      لكن الفيلم الذي يستحق التوقف عنده حول الجريمة المنظمة
                      المافيا – هو فيلم " الاب الروحي " بطولة مارلون براندو وآل باسينو , بجزئية " الاول والثاني " حيث عشنا مع زعماء المافيا في امريكا دقائق حياتهم بالتفصيل المثير وهم يبشرون كالوباء في كل شئ داخل امريكا من الكونجرس الى هوليوود الى تجارة المخدرات , والاشراف على نوادي القمار , وبقاء الفنادق والكازينوهات والملاهي وحتى تنظيم ادعارة , وشراء ضمائر بعض القضاة وضباط البوليس اما بتخويفهم او بترغيبهم , كل هذا وذاك والحرب الخفية على الزعامة بينهم تدور بشكل عنيف لا رحمة فيه , حيث يصلون الى غايتهم ولو كانت في اقصى العالم .
                      وكان " لآلان ديلون " نجم السينما الفرنسية في افلام الجريمة قصة في تمثيل احد الادوار عن المافبا , يقتل من خلالها عدد من زعمائها , بعد قتلهم لابنه وزوجته , ولكنه في النهاية لا يخوفهم , ويقتلوه على ابواب احد الكنائس ..!!
                      وقد لمع اسم " جان بو بلموندو " في السينما الفرنسية التي تحدثت عن الجريمة , وشارك الآن ديلون بطولة فيلم لا ينسى في تاريخ السينما الفرنسية باسم " الصديقان " كما اشترك في بطوة فيلم بوليسي آخر مع " عمر الشريف " باسم " الرجل القذر" من انتاج فرنسي ايضا ..!!
                      واشترك عمر الشريف ايضا في بطولة فيلم " الزمرد الاخضر " بجانب دايان اونيل , بطل فيلم " قصة حب " المشهورة ..!!
                      وعمر الشريف لعب اكثر من دور بوليسي في السينما العربية قبل ان يلمع نجمة في السينما العالمية , اشهرها دوره في فيلم " شاطئ الاسرار " من بطولة " ماجدة " كما كانت له عدة ادوار في مقاومة المجرمين منها دوره في فيلم " صراع في الميناء " مع فاتن حمامة ودوره في فيلم " صراع في الوادي " امام هند رستم ورشدي اباظة .
                      لكن الممثل الاكثر شهرة في افلام اجريمة هو فتوة الشاشة فريد شوقي – او ملك الترسو – في الخمسينات بالذات وقد لعب اكثر من دور , اشهرها دوره في فيلم " جعلوني مجرما " الذي تحدث عن عصابات النشل المنتشرة في القاهرة خلال الخمسينات , ودوره في فيلم " رصيف نمرة خمسة " عن عصابات الميناء , وادواره العديدة التي تحدثت عن القتوات في الخمسينات مثل " سوق السلاح " و " سواق نص الليل " و " عبيد الجسد " و " سواق الحسينية " و " الفتوة " الى آخر القائمة الطويلة التي تربع خلالها فريد شوقي تعيدا للحق مقاوما عنيدا للجريمة والمجرمين , الذين مثل ادوارهم باتقان يحسد عليه , مجرم الشاشة العربية واذكى ممثيها " محمود المليجي " و " زكي رستم " ومعاونوهم " توفيق الدقن " و " حسن حامد " وكانت كل ادوارهم كرؤساء عصابة تهرب الممنوعات وتتاجر فيها , وتقتل الناس بسمومها , او تفرض الاتاوات على الضعفاء وتحصي العمولات , وتتاجر في السوق السوداء , الى آخره ..
                      وهذه الدوار السينمائية التي عشناها في الخمسينات بعثت من جديد في اواخر السبعينات ابتداء من فيلم " الباطنية " بطولة نادية الجندي ومحمود ياسين وفريد شوقي اخراج حسام الدين مصطفى , الذي ارتبط اسمه باكثر من فيلم يتحدث عن الجريمة , منها فيلم " سونيا والمجنون " الذي تحدث فيه عن فلسفة درامية للجريمة من خلال طالب جامعي فقير , مهزوز الاعصاب , يقتل مرابية عجوز لينقذ اخته من الزواج بثري عجوز , ولينقذ نفسة من الضياع والجوع , ولينقذ حبيبته من الارتماء في احضان الرذيلة , فهل يكفي هذا كله مبررا له ليقتل ..؟؟ نفس الفلسفة نجدها في فيلم " الاخوة الاعداء " حول الدوافع التي خلقت من هذا الانسان او ذاك مجرما وسط ظروف الحاجة والاضطهاد التي يعيشها .
                      لكن حسام الدين مصطفى يدين الجريمة والمجرمين في فيلم " الشياطين " بطولة حسين فهمي ونور الشريف , رغم انه يحاول ايجاد دوافع لنقمة الشياطين من ابقاء المجتمع على الباشاوات المسجلة اسماؤهم في قائمة المحكوم عليهم بالاعدام في عرف هؤلاء , الذين بدوا وكأنهم فاقدي الوعي , حيث يتقلبون في نهاية الامر على بعضهم البعض , لأن الجريمة امر يختلف تماما عن العمل الوطني الصادق الحر ..!!
                      والمجرم ينكشف مهما حاول التستر على جرائمه باي رداء وطني يحاول ان يلبسة ..!!
                      وبمقدار ما كانت الجريمة في افلام حسام الدين مصطفي امر اجتماعي منظور لدوافع مختلفة , فان الجريمة في افلام كمال الشيخ امر بوليسي بحت , هناك مجرم وهناك ضابط , ويجب ان يقع المجرم في يد العدالة , مهما كانت درجة ذكائه , التى تحدد بالفعل درجة ذكاء المخرج كمال الشيخ في تناول الجريمة سينمائيا , بنظرة قانونية دقيقة المستوى .
                      واشهر افلامه في هذا المجال فيلم " لن اعترف " بطولة فاتن حمامة واحمد مظهر واحمد رمزي وصلاح منصور ..
                      والفيلم البوليسي العربي الذي لا يمكن تجاهله في هذا السياق هو فيلم " الرجل الثاني " من بطولة رشدي اباظة وصباح , واخرجه المرحوم عز ادين ذو الفقار الذي قدم للسينما مجموعة من الافلام الراقية والعظيمة قبل وفاته ..!!
                      ونحن لن نبحث في هذا المجال الافلام التي تحدثت عن الفعل الجنائي من نظرة اجتماعية تبتعد تباعد محور الجريمة كما هو الحال مع افلام علي عبد الخالق , وعاطف الطيب , وهشام ابو النصر , في " العار " و " بنات ابليس " والتخشيبة , والاقمر , لانها افلام ركزت على القيم الاجتماعية السائدة وكان الفعل الجنائي فيها محركا وليس محورا اساسيا .. !!
                      بخلاف افلام حسام الدين مصطفي التي تحدثنا عنها في الاخوة الاعداء وسونيا والمجنون او الشياطين , ودرب الهوى او الباطنية , حيث الجريمة هي المحور الاساسي في افلام حسام الدين مصطفى وليست محركا للاحداث كما هو الحال مع افلام المخرجين الشبان ..!!
                      وقد بدأ نور الشريف مرحلة الامتياز السينمائي التي يعيشها الآن في ثلاثة افلام راقية عن الجريمة والمجرمين ففي فيلم " دائرة الانتقام " نجده يخرج من السجن لينتقم من الذين تسببوا في ادانته دون ان يعلم وقد اصبحوا من علية القوم احدهم " يوسف شعبان " رجل اعمال كبير والثاني ابراهيم خان ممثل سينمائي معروف والثالث صلاح قابيل صاحب معهد للرشاقة والتجميل , ويقتلهم الواحد تلو الآخر , ولكنه يقع في ايدي ابوليس , ليلقى جزاءه المحتوم من العقاب , وفي فيلم " ضربة شمس " نجده صحفيا يواجه عصابة منظمة تقودها الفنانة " ليلى فوزي " وشريكها مجدي وهبة ويساعد البوليس في القاء القبض على العصابة ..
                      اما اضعف الافلام التي تحدثت عن الجريمة في قالب كوميدي فهي التي مسخت قصة (ريا وسكينة ) في فيلم يحمل اسم " ريا وسكينة " بطولة يونس شلبي وشريهان , وفيلم " القتيلة رقم 2 " بطولة سمير غانم , وفيلم " احترس من الخط " بطولة عادل امام وغيرها من الافلام الكوميدية التي اساءت الى المضامين في السينما , وانحرفت بها بعيدا عن التوجيه الضروري والمطلوب ..
                      ويذكر للسينما اللبنانية انها اتيحت عددا من الافلام عن الجريمة منها فيلم " الشيطان " اخراج محمد سلمان وبطولة فريد شوقي وشمس البارودي في اواخر الستينات , وفيلم جديد من اخراج وتمثيل فؤاد شرف الدين باسم " المجازف " يقلد فيه " فؤاد شرف الدين كلينت ايستوود " كما يفعل في الافلام الامريكية , وكما يفضل فؤاد شرف الدين ان يكون في كل الادوار السينمائية التي مثلها , وفيلم آخر مثير عن الجريمة من بطولة هويدا ومادلين طبر الخوري باسم " لعبة النساء " وهو انتاج 1983 , مع مجموعة آخرى مشابهة من الافلام اللبنانية الجديدة ..
                      اما السينما السورية , فالحديث عنها يرتبط بدريد لحام الذي قام باكثر من دور بوليسي في افلامه الكوميدية علي نفس نمط الافلام البوليسية الكوميدية مثل فيلم " النصابين الثلاثة " مع نهاد قلعي ونبيلة عبيد , لكن افضل انتاج سوري عن اجريمة هو فيلم " ذكري ليلة حب " من بطولة صلاح ذو الفقار ونيللي ومني واصف ومها الصالح وابو صياح ويتحدث عن جريمة لم تحدث , تجعل احد الشبان المهندسين يعيش حالة من القلق والتوتر المستمر في حياته مع زوجته واصدقائه الي ان يكتشف في النهاية ان الجريمة لم تقع وانه برئ من الاتهام .
                      وفي النهاية لا يمكن ان نتحدث عن السينما والجريمة عربيا دون ان نقول بان مجتمعنا العربي يملك من اقيم والمثل ما يجعله بريئا من الجريمة المنظمة الكاملة , الا اذا اعتبرنا , نماذج الرجال الذين مارسوا الهيمنة الاقتصادية في مرحلة سابقة من تاريخ الاقتصاد المصري , مجرمون , اكثر منهم رموزا اقتصادية وسياسية , عالجتها اسينما في افلام عديدة منها فيلم " نصف ارنب " بطولة يحيى الفخرانى ومحمود عبد العزيز وسعيد صالح وهالة صدقي والفيلم الجديد " جبابرة الميناء " بطولة ليلى علوي والفيشاوي وحسين الشربيني والفيلم الاخير لنور الشريف ومحمود عبد العزيز" الصعاليك " اخراج داوود عبد السيد , والفائز بالجائزة الثانية في مهرجان اسوان ..
                      اما عدا ذلك فلا يزيد عن كونه مقتبسا من عالمية او منقولا عن افلام اجنبية , بشكل متقن كما هو الحال مع افلام حسام الدين مصطفي ونور الشريف , او بشكل فج كما هو الحال مع نجوم الكوميديا , ومنهم مجموعة من الافلام التي قام فؤاد المندس ببطولتها مثل " فيفازلاطا " مع شويكار , واخطر رجل في العالم مع ميرفت امين " وسفاح النساء " مع شويكار لضعفه الفني في السينات والسبعينات .
                      ولكن يبقي هناك مجموعة من الافلام التي التي تحدثت عن الجريمة وعن تهريب المخدرات , قام ببطولتها فريد شوقي كانت قريبة الي حد ما من الجريمة في المجتمعات العربية عامة والمصرية بالذات ..
                      بخلاف الافلام البوليسية التي تميز فيها " كمال الشيخ " بحرفية محلية , غير منقولة وغير مقتبسة , يمكن ان نذكر فيلم الثائر بطولة يسرا ومحمود ياسين واخراج محمد خان وسيناريو وحوار بشير الديك , كنموذج رفيع المستوي عن الفيلم العربي الذي يتحدث عن جريمة الاغتصاب بشكل معبر ودقيق عن تلك الواقعة التي تزايدت وشملت كل انحاء الوطن العربي وابسط حكم علي مرتكبيها هو الاعدام حتى يرتدع كل من تسول له نفسه الاعتداء علي حرمة اناس واعراضهم في مجتمعنا العربي ذي القيم الاسلامية السمحة اشريفة ..
                      وفيلم آخر يمكن ان نقف عنده ايضا كمثال حول جريمة البقاء وهو فيلم " اشياء ضد القانون " من بطولة مديحة كامل ومحمود ياسين وسعيد صالح , الذي عشنا فيه دورا انسانيا مع ضابط البوليس الذي يقدم استقالته ليتفرغ لحماية احدي الفتيات من تسلط احد المجرمين العتاة , ولكنه يكتشف انه يفعل اشياء ضد القانون .
                      ان السينما قالت الكثير حول الجريمة وحول القضاء وحول القانون .. فمن يحمي المجتمع من الجريمة ..؟! ومن يحمي القانوني ..؟؟ ومن يحمي العدل ..؟؟ اسئلة كثيرة يمكن للسينما بقدراتها الفنية والتقنية ان تعالجها لتضعنا امام اوضاع مختلفة ومتعددة في مجال الحديث عن الجريمة والمجرمين ..!!
                      من هم المجرمون الحقيقيون في حق المجتمع ..؟؟
                      سؤال بحجم الحياة كلها .. والاجابة عليه صعبة المنال لانها بحجم الحياة كلها ..

                      -------------------------------------------------------------------------
                      .
                      مافيا ( الباطنية )
                      كثيرون الذين يتحدثون عن فيلم الباطنية , ويربطون بينه وبين السيرة الذاتية لبطلته ( نادية الجندي ) , فيهاجمون الفيلم او يدافعون عنه من خلال تقييمهم لبطلة الفيلم .
                      وهكذا تجاهل الجميع مضمون الفيلم , الذي أراد أن يقول باختصار بسيط أن المافيا موجودة في كل مكان , وحتى في الباطنية حي الحشاشين المعروف .
                      والذين شاهدوا فيلم " الأب الروحي " الأمريكي في جزأيه الأول والثاني , سوف يسخرون من الربط الذي ندعيه بين الباطنية وبين الانتاج السينمائي الامريكي عن المافيا .
                      لكننا لو تجاهلنا دور نادية الجندي الطويل في الفيلم , وانتبهنا الى الادوار الفنية الثلاثة الأخرى لفريد شوقي ومحمود ياسين وفاروق الفيشاوي , سنجد انفسنا امام شخصيات مسروقة من فيلم الأب الروحي في الشكل والمضمون , ولو لا الحبكة الروائية الدرامية التي تعودت عليها أفلام السوق العربي , فاستلزمت وجود ضابط مباحث يمثله أحمد زكى , يستطيع بضربة واحدة أن يقضى على مافيا الحشيش في الباطنية كما ظهر في الفيلم , لولا هذه الحبكة لوجدنا أنفسنا أمام ( مافيا الباطنية ) , بشكل يدفعنا للربط بين فريد شوقي وبين العراب الأب , وبين فاروق الفيشاوي والعراب الابن , وبين محمود ياسين ومستشار العراب الأب الذي انقلب على العراب الابن , فكان جزاؤه قتل ولديه في غرفتيهما , وكان قراره أن ينتقم لولديه في شخص ابنة عراب الحشيش .
                      اذا فكل شئ في فيلم ( الباطنية ) مسروق عن الافلام الأجنبية التي تبحث قضية المافيا في أوربا وامريكا , ما عدا الدور الذي اضطلعت به نادية الجندي وتكرر به نفسها بعد نجاحها في فيلم ( بمبه كشر ) من خلال مثل ذلك الدور الغنائي الراقص .
                      واخيرا فان فيلم الباطنية قصتان في قصة واحدة , الأولى توضح العلاقة بين زعماء الحشيش في الباطنية , والثانية تحكى قصة غانية محرومة من ابنها وزوجها , وهو في قصتيه اما مسروق واما مكرر على النحو الذي بيناه .
                      أما سر نجاحه الجماهيري فلأنه محشو بألوان عديدة من الاثارة والغناء والرقص اضافة الى كونه يبحث في قضية جماهيرية لأحد المجتمعات العربية , الاوهى قضية ادمان الحشيش
                      .

                      تعليق

                      • يسري راغب
                        أديب وكاتب
                        • 22-07-2008
                        • 6247

                        #12
                        رد: السينما بين الشكل والمضمون/ كتاب 1 ليسري شراب

                        الفصل العاشر
                        السينما والكوميديا
                        --------------------
                        الفيلم الكوميدي العربي بين الجد والهزل
                        ---------------------------------------
                        من عادل امام ودريد لحام الى نجيب الريحاني

                        ---------------------------------------
                        النكتة كما فسرها علماء النفس والفلاسفة , انما هي محاولة لاعادة التوازن داخل النفس المضطربة القلقة , التي هزتها احداث زعزتها عندما وقعت خارجها ونفذت اليها , قرأت تلك النفس ان تستعيد توازنها بالضحك او الافتعال .
                        ويقول ماوتسي تونج فيما يشبه النكتة : " ان خلل التوازن هو القاعدة , والتوازن هو الاستثناء . انظروا الى القمر ! ما هي المدة التي يتوازن فيها ويصبح بدرا ؟ انها ليلة واحدة في الشهر , ثم يبدأ بعدها خلل التوازن " .
                        وشرح سيجون فرويد النكتة بقوله :
                        " النكتة ضرب من القصد الشعوري , والعلمي يلجأ اليها الانسان , ليعفي نفسة من الواجبات الثقيلة , ويتحلل من الحرج , الذي يوقعه فيه الجد ولوازم العمل .
                        ونبي الفطرة محمد صلى الله عليه وسلم ويقول في حديث هو مقتبس من الذكر الحكيم :
                        " روحوا عن النفس , في الحين بعد الحين , فان النفوس اذا كانت عميت " ..
                        واستطاع شارلي شابلن ان ينفذ بذكائه اللماح , وعمقه الفلسفي , في النكتة , الناشئة عن الموقف وان يستغلها على احسن ما يكون عليه الاستغلال في السينما .
                        والضحك الناشئ عن المفارقات , التقطه نجم الكوميديا في المسرح العربي – نجيب الريحاني – وراح ينسج منه مفارقات ومواقف , بناها على حب الانسان لذاته , وميله الى ان يرى غيره في مازق هو في منجاة منه ومبعدة عنه , وبعده فليكن الطوفان .
                        اما الجاحظ فلم يكن يفارقة مجونة , او يغيب عنه بيانه اللطيف , وهو في اقسى الظروف , وتقرر الروايات الادبية ان صديقة الوزير بن الزيات قضى نحبه في " تنور" على يد منافسة قاضي القضاة بن ابى داود فما كان من الجاحظ الا ان هرب , فلما جئ به بعد القبض عليه الى ابن ابي داود ساله :
                        - لم هربت : فاجاب : خفت ان اكون ثاني اثنين اذهما في التنور .
                        - والله ما علمتك الا متناسيا لنعمة كفورا .
                        - خفض عيك فوالله ليكون لك الامر علي , خير من ان يكون لي عليك , ولان اسئ , وتحسن , خير من ان احسن وتسئ وان تعفو عني في حال قدرتك , لاجمل من الانتقام .
                        - لنجك الله . ما علمتك الا كثير تزويق الكلام .. جيئوا بحداد ..
                        فقال الجاحظ : اعز الله القاضي , ليفك عني , او ليزيدني !
                        قال : بل ليفك عنك .
                        واتى الحداد , فغمزه اهل المجلس ان يعنف بساق الجاحظ ويطيل امره قليلا , فما كان من الجاحظ الا ان لطمه وقال : اعمل عمل شهر في يوم , واعمل عمل يوم في ساعة , واعمل عمل ساعة في لحظة فان الضرر بساقي وليس بجزع ..
                        وانتهت القصة بضحكة عريضة من القاضي القضاة قال على اثرها :
                        - اني اثق بظرفه , ولا اثق بدينه ..!!
                        وللضحك وجهان : وجه جاد هادف ووجه هازل اجوف ..
                        ويقول الكاتب البريطاني , جوزيف اديسون 1672- 1719 في معرض تحبيذه وتقريظه للضحك الراقي , والكوميديا الهادفة في الشكل والمحتوى :
                        " ساعرض افكاري على شكل صور محيرة , فالضحك الراقي عندي , انسان , جده الاعلى هو الحق , وقد انجب هذا الحق , ابنا سماه حسن الراي , وهو بدورة انجب الذكاء اللماح , الذي تزوج من امرأة سماها الفرحة فاولدها مولودا اسمه الفكاهة .
                        هذه الفكاهة المتعددة الاعراف , نراها , تارة جادة , وتارة نشوانه , وثالثه عابثة , ونراها احيانا في وقار القاضي , واحيانا مرحة كاي مرح , على انها على أي صورة , تثير ضحك من حولها .
                        وهناك فكاهة تدعى وتتطاول في ادعائها حتى يصبح في الاذهان انها شبيهة بالفكاهة الاولى الجادة , واليكم شجرة عائلتها :
                        يقوم على راس الشجرة , الكذب , ويليه الهراء , ويلي هذا الحمق , والضحك الاجوف , ثم الفكاهة الزائفة . اما اوجه الشبه والخلاف بين الفكاهة الحقة وتلك الفكاهة المزيفة , فتقترب مما يقوم من شبه بين الانسان والفرد , وصفات الفكاهة الزائفة هي الشقلبة , والمحاكاة البلهاء للصالح والطالح , بلا تمييز , والنيل من الجيد والردئ معا .
                        ومن شأن الفكاهة الزائفة , انها لا تفرق بين عدو وحبيب منذ ان كان كل همها هو مجرد الاضحاك , ولما كان هذا هو مبلغ جهدها الناصر , فانها تقدم ما تستطيع , لا ما يجب او يحسن تقديمة .
                        واذا كانت هذه الفكاهة عاطلة من كل عقل , فانها لا تهدف الى شئ سوى من الخلق او العلم , وانما هي تسير في طريق الغفلة من اجل هذه الغفلة وحدها .
                        ومن اجل ذلك , فانها تهاجم الافراد والاشخاص , وتعجز على ان تسمو الى المستوى الذي يسمى بالمبدأ المجرد .
                        ويوضح لنا كلام " اديسون " الكثير حول ما يتعلق بالنكتة , وبالذات فن الكوميديا , خاصة ما ورد في حديثه عن الفكاهة الزائفة , والفكاهة الجادة , والفكاهة الحقة , والفكاهة الفارغة المجوفة .. الخ
                        فالفكاهة الزائفة تلك التي يتشقلب فيها الكوميديا وكانه البهلوان في حركات غير طبيعية مفتعلة , وهي التي ميزت كل اعمال عبد المنعم مدبولي ومحمد عوض وامين الهنيدي وفؤاد المهندس من الكوميديين المصريين في الستينات .
                        اما الفكاهة الحقة التي تبدو طبيعية ومنسجمة مع المواقف الروائي للعمل المسرحي فهي التي تبناها في مصر مجموعة مدرسة المشاغبين , والتي كانت وراء نجاحهم الحقيقي بعد ذلك , خاصة النجم الكوميدي الاول الان " عادل امام " .
                        اما الفكاهة الجادة فهي التي قدمتها الينا دريد لحام عبر مسرحياته السياسية الهادفة – ضيعة تشرين – وكاسك ياوطن وغربة – وقد وصلت الى قلوب كل المشاهدين العرب بلا استثناء , لما فيه من نقد واقعي , يرتدي طبيعة المواقف السياسي بشكل مسرحي كوميدي رفيع المستوى .
                        - اما البلاء الاعظم الذي ابتلينا به على كبر كما يقولون فهي تلك المسرحيات الهابظة شكلا ومضمونا وتمثيلا , والتي تقدم لنا عبر اجهزة التلفزيون كما السيل المنهمر على الارض الخضراء , مع الاسف الشديد , وهي تلك المسرحيات التلفزيونية التجارية , التي تقدم لنا الفكاهة المجوفة , بمعنى انها لا تضحكنا , ولا تضرنا , ولا تنفعنا ..
                        وابطالها كثيرون ومتعددون , ولا يسمح لنا القلم في هذا المجال تناول أي من تلك المجموعات الفنية المتدنية المستوى .
                        - ولا تتوقف علاقة الفكاهة بالتمثيل في السينما او المسرح , ب ان ابوابها في الادب , وفي الرسم الكاريكاتيري , واسعة وفعالة ومؤثرة على مختلف مناحيها الهادفة او الضاحكة , واكثر سامي الكاريكاتير شهرة في العالم العربي , صلاح جاهين في الاهرام , وناجى العلى في الاعلام الفلسطيني , وحامد في الاتحاد ... الخ
                        - وموضوع الفكاهة متشعب ومتعدد , ويحتاج منا لوقفة اطول بالتاكيد, وبالذات فيما يخص العلاقة بين الفكاهة والادب , سنبحثة بشكل مفصل في وقت لاحق ان شاء الله ..

                        الفيلم الكوميدي في السينما العربية
                        العلاقة بين الفيلم الكوميدي وبداية السينما ؟

                        في كل العالم , نجد ان صناعة السينما , اهتمت بداية بانتاج الافلام الكوميدية التي تضحك الجمهور , حيث كان , " شارلي شايلن " واحدا من العلامات البارزة والمؤسسة في صناعة السينما العالمية عامة , والفيلم الكوميدي خاصة .. وكان " لويس دي فينيس " علامة واضحة في السينما الفرنسية عامة والفيلم الكوميدي خاصة .. و " بيتر سيلرز " في السينما الانجليزية عامة والفيلم الكوميدي خاصة ...!! كما كان " نجيب الريحاني " علامة مؤسسة في السينما العربية عامة واستاذا لا مثيل له في الفيلم الكوميدي خاصة ...!
                        وهذا يطرح سؤالا حول العلاقة بين البدائية في صناعة الفيلم السينمائي وبين الفيلم الكوميدي ..؟؟ويجر واءه سؤالا آخر حول الدور الانساني والمجتمعي الذي يلعبه الفيلم الكوميدي في حياتنا امعاصرة بكل تعقيداتها ..؟؟
                        وهل الضحك لمجرد الترفيه عن الجمهور هو المهمة الاساسية للفيلم الكوميدي ..؟ وهل ينجح الفيلم الكوميدي القائم اساسا على الضحك لمجررد الضحك ..؟
                        اسئلة كثيرة تثار حول طبيعة ودور الفيلم الكوميدي في حياتنا المعاصرة .. خاصة وان السينما العربية ولستة اعوام مضت قبل سنة 1984 , لم يكن لديها ما تقدمه لجمهورها سوى الفيلم الكوميدي , الا فيما ندر من الحالات الخاصة جدا . لدرجة ان جميع النقاد الفنيين اتفقوا على الهبوط الشنيع لمستوى الفيلم العربي , وبسط هذا الكم الرهيب من الاعمال الكوميدية الفجة خلال هذه الفتة .
                        وعلى العموم فقد بدات السينما العالمية بالفيلم الصامت , وكانت الكوميديا هي البناء الاساسي لتلك المرحلة حتى شهدت اول فيلم ناطق عالميا في سنة 1927 .
                        والسينما العربية عند ولادتها , واكبت الاتجاهات العالمية مع الفيلم الكوميدي ويمكن ان نسجل للكوميديا في السينما العربية تألقها بجواد الفيلم الغنائي ضمن المرحلة الاولى للسينما العربية التي استمرت حتى ظهور المؤسسة العامة للسينما المصرية في اواخر الخمسينات فخففت من كمية الافلام الكوميدية بشكل ملحوظ , حيث تحول نجوم الكوميديا من العمل في السينما الى العمل في المسرح بشكل عام .. !!
                        ولكن يبقي والي اجل غير معروف حتي الآن " نجيب الريحاني " الفنان والممثل اكوميدي الملتزم بالكوميديا الهادفة , حيث لا يمكن ان نجد له فيلما سطحيا , ولا ياخذنا الي الضحك الا اذا رافقناه في موقف مؤثر وانفعالي هو ذلك الانسان الطيب الذي يتورط في مقالب يدبرها الآخرون من الاشرار ضده , فينشر بطيبته مواقف مؤثرة وضاحكة , لم يفتعلها بل تفاعل معها , ولم يوجدها , بل اوجدها الموقف نفسه , ولذلك فهو مدرسة .
                        اليس هو الاستاذ " حمام " , الذي كان يعلم " ليلى مراد " بنت الباشا في فيلم " غزل البنات " حروف اللغة العربية , واليس هو " سي عمر " الذي وجد نفسه مضطرا لارتداء ثياب العز والجاه , فبدا غير منسجم معها وبها اليس هو مؤسس الكوميديا في المسرح واستاذ لجيل قدير من الفنانين والفنانات ملاوا الساحة الفنية العربية باعمال رائعة من الافلام والمسرحيات .. واذا كنا نري في محمد عبد الوهاب وأم كلثوم ثنائيا لم يتكرر في عالم الغناء , واذا كنا نري في يوسف وهبي وأمينة رزق ثنائيا لم يتكررفي عالم الدراما , فان ثنائيا كوميديا مثل نجيب الريحاني وماري منيب لم يتكرر في عالم الكوميديا حتي الآن .
                        وفي نفس الفترة الزمنية التي احيا نجيب الريحاني الكوميديا الهادفة , ظهر الكوميدي اللبناني " بشاره واكيم "في أفلام عديدة من بطولة بدر لاما او أنور وجدي او يوسف وهبي او حسين صدقي ...!!
                        لان النجم الكوميدي كان ضروريا للترفيه عن الناس , لكنه ليس الاساس وهذا يؤكد بان الضحك للضحك , كاساس للعمل السينمائي امر لم يكن مقبولا .
                        يستثنى من هذه القائمة اسماعيل يس لانه طور نفسه وتمكن من ادوار البطولة الكوميدية في افلام ما بعد الثورة سنة 1952 مثل اسماعيل يس في الجيش او اسماعيل يس في البوليس الحربي , ونلاحظ ان هذه الادوار حملت في طياتها موقفا اجتماعيا , رمز الى مرحلة وطنية في حياة الشعب المصري , وان اسماعيل لم يكن بطلا لمجرد ان يضحك الناس , بقدر ما كان بطلا يرمز الى عينة من الناس تخاف مخاطر التدريب في معسكرات الجيش , وتخشى الالتحاق في الجندية , فكان الهدف واضحا في ترغيب الناس في العمل في سلك الجندية لخدمة الوطن والامة . حتى الممثل القدير " عبد المنعم مدبولي لم يكن نجما سينمائيا واضحا في مجال الكوميديا , بل ان افضل عمل قدمه للسينما في فيلم " مولود يادنيا " مع محمود يس وعفاف راضي , لم يمت للكوميديا باي صلة , رغم ان " عبد المنعم مدبولي " من العلاقات البارزة في الكوميديا على خشبة المسرح . اما محمد رضا او المعلم عماشة في السينما , فقد بدا حياته بادوار الشر ولم يظهر كوميديا الا في اواخر الستينات واوائل السبعينات , وابرز افلامه التي لاقت استحسانا كثيرا من الجمهور هو فيلم " عماشة في الادغال " الذي اشترك في بطولته فؤاد المهندس وصفاء ابو السعود , ونبيلة السيد ...
                        ولا يمكن اعتبار " صفاء ابو السعود " نجمة كوميدية , لان ما كانت تقدمه مع امين الهنيدي او ثلاثي اضواء المسرح او مع محمد رضا في السينما , ادوار الشقاوة والشباب ان كان على خشبة المسرح او في السينما , اما " نبيلة السيد " فقد حاولت ان تقدم ادوارا ساخرة , لكنها فشلت في ان تكون نجمة يمكن الاعتماد على ادائها لخلق المواقف الضاحك وادوارها في " السكرية " او في " خلى بالك من زوزو " نموذج حول امكانياتها الفنية .
                        اما فؤاد المهندس الذي اعتبره بعض النقاد تلميذا نجيبا لنجيب الريحاني لم يستطيع الوصول الى مكانة نجيب الريحاني , رغم انه قام ببطولة العديد من الافلام السينمائية , الا ان نجاحة المسرحي غطى على أي نجاح سينمائي له , الا انه تميز في كل ادواره السينمائية بخفة الظل التي لم تفارقه حتى في الفيلم الجاد " ايوب " الماخوذ عن قصة لنجيب محفوظ اخراج هاني لاشين ..!!
                        ونفس ما يقال عن فؤاد المهندس يقال عن نصفه الفني الآخر" شويكار".
                        وعبد المنعم ابراهيم لم يحدث وان كان بطلا مطلقا في أي عمل فني شارك فيه بل هو دائما المرافق الأنيس لبطل الفيلم ان كان عبد الحليم او فريد الاطرش او رشدي اباظه او غيرهم من نجوم السينما الأوائل , وكانت طريقته المميزة في الاضحاك هي اسلوبه في تناول الطعام والشراب بشراهة ونهم شديدين , في حين كانت طريقة زميله محمد عوض في الاضحاك هي الصراخ بصوت مرتفع , وافتعال حركات غير مالوفة وتنغيم صوته بشكل شاذ , وفي الفترة الاخيرة بدا يظهر في الافلام محاطا بعدد من الحسناوات اللائي يوقعهن في غرامه لاسناده في حركاته المفتعلة التي لا تتناسب مع المواقف في اغلب الاوقات , فلا تكون مضحكة الا فيما ندر من الحالات , وآخر ما قدمه من افلام كان " الغبي وانا " مع نسرين , بينما قدم العام الماضي مسرحية " هات وخد" مع هياتم وحسن يوسف , مكررا نفسه وحركاته ..
                        وك هذا يؤكد ان كوميديا الموقف الهادف الى دور انساني او مجتمعي , تحقق الضحك والترفيه عن الناس , افضل مائة مرة من كوميديا تدور حول نفسها بغير موقف اجتماعي , يحدد مواصفات معينة للشخصية الكوميدية , لان عدم تحديد المواصفات الانسانية الاجتماعية لاي شخصية , يجعل المواقف الكوميدية مفتعلة ومرتجلة قد تؤدي الى الاستياء , ولا تؤدي الى الاضحاك ...!!
                        ومع اوائل الستينات ظهر في عالم الفن نجوم الكوميديا الذين يتربعون الان على عرش الكوميديا في السينما العربية وهم عادل امام وسمير غانم ودريد لحام .. ولم ياخذ أي من الثلاثة حظه في الشهرة والانتشار الواسع الا مع اوائل السبعينات .
                        عادل امام اصبح بطلا مطلقا في السينما بعد النجاح الكبير الذي حققه في مسرحية مدرسة المشاغبين سنة 1972 , ودريد لحام اصبح على كل لسان بعد نجاحه الكبير في مسرحية " ضيعة تشرين " سنة 1975 , بينما بقي سمير غانم بعيدا عن البطولة المطلقة الا ما بعد انتهاء عروض مسرحية " المتزوجون " سنة 1979 ..!!
                        وهذا يعني ان نجاح الثلاثة انطلق من نجاحهم المسرحي اساسا مع بعض الاختلافات في ما يختص بنجاحهم السينمائي ..!!
                        فقد بدا دريد لحام حياته السينمائية بطلا مطلقا في كل الافلام التي شارك بها وظهر مع صباح في اكثر من فيلم اشهرها " عقد اللولو " الذي شارك في بطولته المطرب فهد بلان ونهاد قلعي وهو النصف الثاني لدريد في المسرح والسينما الذي اشترك معه في كل الافلام السينمائية مع شادية في " خياط السيدات " ومع نادية لطفي في " الرجل المناسب" الذي اشترك في بطولته كمال الشناوي ايضا , وهو من الافلام القليلة الناجحة لدريد لحام , حيث يعالج قضية ازلية في حياتنا الادارية العربية ضمن قاعدة " الرجل المناسب والمكان المناسب " .
                        والملاحظ على معظم الاعمال السينمائية التي قامت " دريد لحام " ببطولتها في مرحلة الستينات واوائل السبعينات اعتماده على مشاهير السينما , وهي نقطة ذكية من " دريد لحام " لانتشار افلامه , وهذا الذكاء الفني كان واضحا عند " دريد لحام " في مواكبة الحس القومي للجمهور العربي , باعتماد المسرح السياسي والفيلم السياسي الرمزي حيث قدم برمزية واضحة , اسقاطات سياسية في فيلم " امبراطورية غوار " ثم تقدم مخرجا وممثلا وكاتبا ومنتجا في فيلمه الرائع الاخير "الحدود " الذي يمكن اعتباره من افضل الافلام العربية التي ظهرت في الثمانينات بخلاف الافلام التي حصلت على جوائز النقاد والمهرجانات , وقد سافر به الى مهرجان قرطاج في تونس , حيث التقي هناك " بعادل امام " لاول مرة , تكررت مرة ثانية في زيارة دريد لحام الى القاهرة لعرض فيلمه في مهرجان القاهرة السينمائي سنة 1984 الذي لاقى اعجاب الجمهور والنقاد الى درجة ان النقاد طالبوا باعادة عرض مسرحية " دريد لحام " كاسك يا وطن في مصر .. والتي تلاقي رواجا شديدا بين جمهور الفيديو العربي في مصر الان ...
                        وهذا يؤكد حقيقة ثابتة ضمن الوجدان العربي الواحد , بخلاف ما تؤكد على اهمية الفيلم الكوميدي كموقف , ودور , اكثر منه ترفيها واضحاكا بحتا مطلقا .
                        كما يوضح على ان البدايات الحقيقية لاي سينما جديدة في العالم اجمع معلقة بالكوميديا كما حدث في مصر , وفي بريطانيا , وفي فرنسا , وفي امريكا , فايضا يمكن ان تعتبر البداية الحقيقية للسينما السورية هي مع دريد لحام ونهاد قلعي في الفيلم الكوميدي .
                        وهو نفس ما حدث بالنسبة للسينما اللبنانية , ولو ان السينما اللبنانية اندمجت بالسينما المصرية فانتقلت مباشرة الى الاثارة , حين بدات الاعتماد على نفسها مستقلة عن السينما العربية في القاهرة في اوائل الستينات تقريبا ولا زالت تراوح في نفس الاتجاه حتى الان .
                        ولان الاعتماد على الفيلم الكوميدي كمرحلة بدائية في صناعة السينما بشكل عام , فاننا لاحظنا انتقادا قاسيا وعنيفا لاعتماد السينما العربية في الأعوام الستة السابقة سنة 1984 على الفيلم الكوميدي , بشكل يكاد يكون مطلقا , وبقدر ما شارك " سمير غانم " مع ثلاثي اضواء المسرح في افتتاح مسرح كوميدي , فقد شارك في بطولة اسوأ الأفلام العربية التي ظهرت منذ بدايتها وحتى الآن , وخير مثال على ذلك , فيلم "التريللا " مع احمد بدير , وفيلم " احنا بتوع الاسعاف " مع امين الهنيدي , وفيلم " القتيلة رقم 2 " مع شهيرة , وعدد من الأفلام جمعته بالممثلة اللبنانية " ايمان " اشهرها " الجواز للجدعان " والأفلام المقبولة من سمير غانم كانت تعالج قضية ولا تدور في فراغ , مثل "حادي بادي " مع نور وفريد شوقي , ومثل " المنحوس " مع اسعاد يونس , نجمة الكوميديا الأولى بين ممثلات الثمانينات , منذ نجاحها في مسرحية الدخول بالملابس الرسمية , مع الممثلة العظيمة "سهيرالبابلي" التي تبدو الآن في الخط الساخر وكأنها تبعث امجاد الكوميديا النسائية القديمة القديمة بثوب عصري جديد ..
                        وهذا كله يوضح ان الكوميديا امر ضروري مرغوب فيه ولكن في السينما , تقنية نحتاج الى موضوع يدور حوله النجم الكوميدي لكي يحقق البسمة بغير افتعال وبغير تكرار ..!!
                        لهذا فان يونس شلبي في أفلامه الجادة مثل " برج المدابغ " ومثل "الفرن " كان مضحكا اكثر من ادواره في " رجل في سجن النساء ", وكان مقبولا في فيلم " العسكري شبراوي " المأخوذ عن قصة لها مضمون اجتماعي معين هي قصة " مشوار " .
                        فليس من المعقول ان نشاهد سمير غانم في عشرين فيلما كوميديا خلال عامين متتاليين , وهو يؤدي نفس الحركات , ويقول نفس الكلمات , ونضحك نفس الضحكات , فالتكرارية شئ ممل ..!!
                        وتلك هي الازمة التي تسببت في النقد الشديد الذي وجه الى السينما المصرية بالذات خلال السنوات الأخيرة السابقة – التكرارية في السيناريو والحوار ضمن الفيلم الكوميدي بالذات .
                        لكن الموقف يختلف مع نجم الكوميديا الأول – عادل امام – لماذا ..؟ لأنه بادئ ذي بدء ممثل مقنع من الدرجة الأولى , لديه الامكانية على تقديم السهل الممتنع , ثم لأنه لم يكرر نفسه , فقدم العديد من النماذج الانسانية المختلفة , وعالج الكثير من قضايا المجتمع من خلال شخصيات متعددة شريرة او طيبة او منحرفة او مستقيمة في المجتمع , هكذا كان في احنا بتوع الاتوبيس ورجب فوق صفيح ساخن , وشعبان تحت الصفر , وخلي بالك من جيرانك .. والحريف , والمتسول , والافوكاتو , والمشبوه , وحب في زنزانة .. واخيرا في افلام 1984 حتى لا يطير الدخان , وخلي بالك من عقلك ..
                        في كل فيلم تجده مختلفا , وفي نموذج انساني متجدد , وبذكاء يحسد عليه يضع البسمة على الشفاه دائما , لانه اعتمد الكوميديا الهادفة في تشريح النماذج الاجتماعية , وليست قضية " المحامين " حول فيلم "الافوكاتو " بعيدة عن الأذهان .
                        ----------------------------------------------------------------------

                        تعليق

                        • يسري راغب
                          أديب وكاتب
                          • 22-07-2008
                          • 6247

                          #13
                          رد: السينما بين الشكل والمضمون/ كتاب 1 ليسري شراب

                          الفصل الحادي عشر
                          افلام الجوائز والمهرجانات
                          -----------------------------
                          الفيلم العربي والمهرجانات الدوليه
                          عمر الاوسكار الان اكثر من ثمانية وخمسين عام منذ أن بدأت أول مسابقة للاوسكار سنة 1927 , ويتنافس على جائزة الاوسكار في هذا العام كل من : جودي ديفيز عن دورها في فيلم " الطريق الى الهند " وفانيسيا رد جريف عن دورها في "عالم بوسطن " او "البوسطو نيون" , وسالي فيلد عن " مواقع في القلب " , وسيس سياسك عن " النهر " وجيسيكالانج عن " الريف " ..!! لجائزة احسن ممثلة سنة 1985 , والتي فازت بها " نيالي فيلد " .
                          والمعروف ان جمعية النقاد الوطنيين الامريكيين منحت " فانسيا ردجريف " جائزة احسن ممثلة لعام 1984 عن فيلم عالم بوسطن وتحقق هذه الانطلاقة , رغم الحصار الذي فرضته عليها اجهزة الاعلام الصهيوني بسبب مساندتها وتاييدها المستمر لقضية الشعب العربي الفلسطيني منذ لن انتجت فيلمها " الفلسطيني " حول معاناة وآلام الشعب الفلسطيني , وتبعتها بموقفها الانساني ضد المذابح التي تعرض لها الشعب الفلسطيني في صبرا وشاتيلا ...!!
                          وهي المرشحة الاكثر قوة للفوز بالاوسكار سنة 1985 بعيدا عن هذه المحاذير
                          وتاريخ الفيلم العربي مع مسابقة الاوسكار طويل , منذ ان اختير فيلم دعاء الكروان ضمن احسن خمسة افلام في اوسكار سنة 1962 , ذم اشترك العرب بفيلم " اللص والكلاب " سنة 1964 , وبفيلم الارض سنة 1970 , وبفيلم الخوف سنة 1972 , وامبراطورية ميم سنة 1973 , واين عقلي سنة 1974 , بحيث نال النقاد في الاوسكار لفكرته القوية , وبفيلم " اريد حلا " سنة 1975 , وبفيلم " على من نطلق الرصاص " سنة 1976 .... الخ .
                          اما السر في نجاح " دعاء الكروان " فيعود الى جو الريف , والمحلية المفرطة الصادقة في التمثيل والسر في اعجابهم بفيلم " اين عقلي " يعود الى العقد التي لا تظهر الا عند الرجل الشرقي مع المرأة ..
                          اما سبب رفضهم لفيلم " الناصر صلاح الدين " عن السينما العربية في ايار سنة 1963 , ورفض لان مؤسسة السينما في مصر كانت قد ارسلت اسم فيلم " النظارة السوداء " ثم تراجعت ووضعت اسم فيلم " الناصر صلاح الدين " – وقد كان هذا هو السبب الظاهري , لكن السبب الحقيقي هو في المعالجة التاريخية والمضمون القومي لفيلم صلاح الدين ..!!!
                          في سنة 1971 حدث الشئ نفسه حيث كان الجدل بين ارسال فيلم "المومياء " او فيلم " الاختيار " وهو من اخراج يوسف شاهين , وقد وصل الجدل الى درجة ان " يوسف شاهين " اشتكى الى الاكاديمية الاوسكار التي فضلت عدم قبول أي من الفيلمين في المسابقة .




                          الفيلم العربي والمهرجانات الدوليه

                          وجائزة الاوسكار , مع مهرجان كان , من اهم المهرجانات السينمائية في العالم
                          بدا الاوسكار مع الفيلم الامريكي فقط حتى حتى سنة 1960 , ثم انشأ فرعا اخر للافلام الاجنبية منذ سنة 1961 , وليصبح مهرجانا عالميا شاملا منذ ذلك العام وحتى الآن ... !!
                          وهذا ينطبق بصورة او باخرى على مهرجان موسكو السينمائي , حيث تتدخل السياسة بشكل او باخر , في تقييم الجوائز والنتائج في نهاية كل مهرجان سنوي هذا ما قاله صلاح ابو سيف حول مهرجان موسكو سنة 1977 وهو عضو لجنة التحكيم في المهرجان , حيث لا يوجد حياد كامل حتى في السينما .. وقد فاز في المهرجان فيم جزائري اسم " عمر قتلته الرجولة " للمخرج رواح علواش بالجائزة الفضية .. بينما فاز بالجائزة الذهبية فيلم مجرى واخر روسي ... !!
                          ويبقى مهرجان " كان " لهذه الاعتبارات السياسية و الفكرية , والاكثر حيادا على مستوى العالم كله , وقصة مشاركة العرب في مهرجان كان السينمائي طويلة ومشرقة , وقد سبق ان فازت المغرب بالجائزة الكبرى سنة 1954 , عن فيلم (عطيل ) لاورسون ويلز الذي دخل المسابقة باسم المغرب ..
                          ونالت الجزائر الجائزة الذهبية عن فيلم ( سنوات الجمر ) للاخضر حمينا سنة 1975 ..
                          اما يوسف شاهين فقد اشترك في المسابقة اربع مرات نال فيها الاعجاب والتقديروشارك المرة الخامسة لفيلم " حدوتة مصرية " في الحلقة الدراسية حول السينما .. والسرد السينمائي ضمن المهرجان سنة1982 , والمرة السادسة كان عضوا في لجنة التحكيم لمهرجان سنة 1983 كما كان الاخضر حمينا عضوا في اللجنة ذاتها سنة 1984 , ويوسف وهي في اللجنة نفسها سنة 1946 .
                          " مارون بغدادي " وهو لبناني اشترك بفيلم ( حروب صغيرة ) ولمع اسم الطيب الوحيش مخرج فيلم ( ظل الارض ) واسم صاحب حداد المخرج العراقي لفيلم ( مطاوع وبهية ) في مهرجان كان سنة 1982 . اما من المغرب فظهرت اسماء جيلالي فرحاني مخرج فيلم ( عرائس من قصب ) واحمد المعنوني مخرج فيلم ( الحال ) ايضا في المهرجان نفسه .
                          --------------------------------------------------------------------------

                          العرب في المهرجانات السينمائيه الدوليه
                          --------------------------------------------------------------
                          منذ ان بدات السينما العربية تقتحم اسوار ومهرجانات السينما العالمية مثل الاوسكار وكان وموسكو , بافلامها وهي تصطدم مع المنظمين لهذه المهرجانات , باشتراطات معينة اهمها ان يكون الفيلم العربي المرشح لدخول المسابقة يحمل في طياته قيما اجتماعية تمثل البيئة المحلية بشكل فكري وفني عالي المستوي وتاريخ الفيلم العربي مع مسابقة الاوسكار يشهد علي هذا المنطق منذ ان اختير فيلم " دعاء الكروان " ضمن احسن خمسة افلام للمسابقة عام 1961 , فقد اعجبهم الفيلم , بما يقدم من سمات عامة عن البيئة المحلية بمستوى فني راق حيث التمثيل لفاتن حمامة والاخراج لبركات وبمستوى فكري راق حيث القصة لعميد الادب العربي المرحوم طه حسين . كما قوبل فيلم "اللص والكلاب " – قصة نجيب محفوظ – باستحسان وتقدير في اوسكار عام 1962 , فالفيلم يتحدث عن قيم اجتماعية لها طابع المحلية رغم اقترابها من الاجواء البوليسية والسياسية .
                          وهكذا الحال مع فيلم " الارض " اخراج يوسف شاهين – الذي يتحدث عن الفلاح المصري والارض بالنسبة اليه والتي تفوق في قيمتها عنده الحياة والموت .
                          وقد مثل السينما المصرية في الاوسكار سنة 1969 – وبنفس المنطق قوبل فيلم " الخوف " اخراج سعيد مرزوق بالاستحسان في اوسكار 1972 , و " امبراطورية ميم " في اوسكار 1973 – الذي يتحدث عن قيم اجتماعية داخل الاسرة العربية المعاصرة – وهو يبحث في دور الام العربية المعاصرة امام اولادها وقلبها وعملها – ضمن القصة التي كتبها احسان عبد القدوس , كما اثار انتباههم فيلم " اين عقلي " وهو يعرض في اوسكار 1974 – لانه بحث نظرة الرجل الشرقي الصميمة للاخلاق من خلال معالجة قصصية وادبية للعلاقة بين رجل شرقي تعلم في اوروبا وعاد الى بلده , وتزوج من احدى الفتيات التي سبق لها الاقتران برجل آخر غيره مات في حادث اليم – فكيف للرجل الشرقي ان يفهم ذلك ويعالجه ..؟ وكيف يتحرر من القيم المتاصلة داخله في مثل هذا الوضع الحرج ..؟ وتلك مسالة فكرية جعلتهم يهتمون بالفيلم من خلال قيمته الاجتماعية .
                          كما نال فيلم " اريد حلا " نفس الاهتمام الفكري في اوسكار 1975 – وهو يناقش حق المراة الشرقية في دراسة لقانون الاحوال الشخصية بمصر – وهو يمثل قيمة اجتماعية محلية – ايجاد سعيد مرزوق في اخراجها , كما اجادت فاتن حمامة تمثيلها – بما يتفق مع الواقع المحلي .
                          وقد رفضوا مرة فيلم " الناصر صلاح الدين " سنة 63/1964 , بحجة انه لا يقدم جديدا امام الافلام التاريخية العالمية , لكن الحقيقة أنهم رفضوا الفيلم لما حاول ان يقوله عن القيم التاريخية في وحدة العرب مسلمين ومسيحيين إزاء الهجمة الصليبية المستمرة على الوطن العربي منذ زمن طويل .
                          وفي 1971 رفضوا فيلم " المومياء " لأنه لم يعرض بشكل تجاري , حيث احتج " يوسف شاهين " لدى ادارة المهرجان , وتقدم بفيلم " الاختيار " ليعرض في ذلك العام ممثلا عن السينما المصرية , والفيلمان يقدمان قيما محلية وبيئية – كان يمكن ان تجد القبول في مهرجان الأوسكار سنة 1971 لولا أن ادارة المهرجان فضلت استبعاد الفيلمين منعا لاي شبهة حول انحيازها لأي من الطرفين المتنافسين – ولكنها زافقت على عرض فيلم "يوسف شاهين " خارج المسابقة .
                          وهكذا نلاحظ ان الأفلام التى تتحدث عن الفيم الاجتماعية المحلية في عالمنا العربي بشكل صميمي تتنافس على السبق العالمي في الابداع السينمائي – ولكن يجب ان ننبه بأن القيم التي تلفت انتباه مهرجان اوسكار , قد تقابل بالاستحساس في مهرجان موسكو السينمائي على سبيل المثال .. ففي عام 1977 تقدمت مصر بفيلم " سونيا والمجنون " اخراج حسام الدين مصطفي للاشتراك به في مسابقة مهرجان موسكو السينمائي لكن ادارة المهرجان اقترحت على لجنة المهرجانات في مصر ان ترسل فيلم " السقا مات " خاصة وان مخرج الفيلم صلاح يوسف كان عضوا في لجنة التحكيم بالمهرجان والمنتج هو يوسف شاهين المعروف جيدا في اوساط مهرجان موسكو السينمائي منذ فيلم " جميلة " في الستينات , اضافة الى أن فيلم "سونيا والمجنون " مهما قدم من افكار فهي منقولة عن قصة كاتبها غير العربي – ولذا فإن القيم التي سيعالجها الفيلم – مهما حاول المخرج ان يغرقها في المحلية لن تصل إلى آذان المحكمين إلا على اساس انها منقولة عن افكار غير محلية – وهكذا كان , فقد سقط فيلم " سونيا والمجنون " في مهرجان موسكو – رغم انه افضل فنيا – ويستحق أحد الجوائز – وبالذات جائزة التمثيل – والتي رشح لها صح ابو سيف الممثل القدير
                          "محمود يس".
                          - وهذا يضعنا امام قضية هامة في اعمالنا نبعث بها الى المهرجانات التالية , حيث يجب الانتباه الى ضرورة ان يكون الفيلم ناطقا عن بيئتنا المحلية بكل اشكاله الفنية والفكرية ويحمل بداخله مضامين وقيما اجتماعية يتميز بها مجتمعنا العربي اضافة الى ان ما يناسب الاوسكار – لا يناسب مهرجان موسكو او كان او برلين – فلو اشتركت مصر بفيلم " السقا مات " عوضا عن " سونيا والمجنون " لكانت الفرصة في الفوز كبيرة بجائزة مهرجان موسكو الاولى 1977 – حيث فاز الفيلم الجزائري " عمر قتلته رجولته " للمخرج مرزاق علواش بالجائزة الثالثة في المهرجان , وهذا يعود للقيم المحلية التي ابرزها الفيلم ويعيشها المواطن العربي في الجزائر بعد الاستقلال .
                          وتجدر الاشارة هنا بان اغلب الافلام العربية التي حصلت على جوائز عالمية هي تلك التي تحدثت عن القيم الاجتماعية العربية المحلية – فقد وصلت السينما العربية الى قمة جوائز مهرجان كان السينمائي 1975 حين فاز الفيلم الجزائري " سنوات الجمر " اخراج الاخضر حامينا بجائزته الذهبية – وقد سبق ان فاز فيلم " عطيل " للمخرج اورسون ويلز بالجائزة الكبرى لمهرجان كان 1954 – رغم ان الفيلم كان يحمل اسم المغرب – وقد لمعت اسماء عربية كثيرة في مهرجان " كان " من خلال الافلام التي تحدثت عن الفيلم العربية في بناء الفيلم السينمائي , منها على سبيل المثال – الطيب الوحيشي – مخرج الفيلم التونسي " ظل الأرض " , وصاحب حداد مخرج الفيلم العراقي " مطاوع وبهية " , وبرهان علوية مخرج فيلم " بيروت اللقاء " ومارون بغدادي مخرج فيلم " حرب صغيرة " , وجيلالي فرحاني مخرج الفيلم المغربي "عرائس من قصب " , وأحمد المعنوني مخرج الفيلم المغربي "الحال " – اضافة الى اسم يوسف شاهين الذي بات مقررا على مهرجان " كان " السينمائي بقوة ابداعه الفني الراقي وهكذا نجد ان الحديث عن القيم العربية في السينما بشكل واقعي أحد الابواب التي يمكن ان ندخل منها إلى اللغة العالمية سينمائيا , وإن لم يكن فإنها تبقى منفذا فكريا , يربط انسان العربي بشكل عام إلى الاتجاهات العقلانية في بحث مشاكله وقضاياه ااجتماعية المعاصرة .

                          -----------------------------------------------------------------------------

                          افلام وجوائز
                          لم يمض على سنة 1985 اقل من الشهرين والاحداث السينمائية تتلاحق بتتابع سريع .
                          فلم يكد ينتهي مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في ديسمبر 1984 , حتى بدات اعمال مهرجان افلام التلفزيون في جمهورية مصر العربية في النصف الاول من يناير عام 1985 .
                          وكان للافلام السينمائية التي انتجها التلفزيون المصري نصيب من جوائز المهرجان , ففاز فيلم / دعوة للزواج .. بطولة مديحة حمدي ويحيى الفخراني وسماح انور واخراج ناجى انجلو , بعدة جوائز منها الجائزة الاولى لمديحة كامل عن ادوار البطولة نساء , والجائزة الاولى ليحيى الفخراني عن ادوار البطولة رجال , والجائزة الاولى لناجي انجلو عن الاخراج السينمائي والجائزة الاولى لسماح انور عن الادوار الثانية نساء ..
                          بينما فاز فيلم " ريال فضة " بطولة محيى اسماعيل ورغدة ببعض الجوائز منها جوائزة التصوير والتصميم والادوار الثانية رجال ..
                          وتلك هي المرة الثالثة التي يقام فيها مهرجان لافلام التلفزيون المصري وقد بلغت جوائزه النقدية المختلفة تسعين الف جنيه هذا العام , وهو يشبه الى حد ما مهرجان اعمال محطات التلفزيون الخليجية , الذي اقيم في الكويت مرتين , والامل كبير في استمراره لتشجيع الابداع الفني والتلفزيون على مستوى الخليج العربي ..
                          حيث المهرجنات افضل وسيلة يمكن من خلالها التاثير على العمل الفني عموما والتلفزيوني خصوصا في العالم العربي عامة , والخليج العربي خصوصا ...!!!
                          و" محمد السنعوسي " الذي اشرف على مهرجان الاعمال الفنية الخليجية في الكويت شخصية ثقافية لها وزنها في مجال المهرجانات السينمائية حيث كان عضوا في لجنة التحكيم بمهرجان قرطاج في تونس سنة 1984 وضيفا على مهرجان اكاديمية الفنون في جمهورية مصر العربية الذي اقيم في اسوان خلال العشرة ايام الاولى من شهر فبراير الحالي , الذي شهد في ليلة افتتاحه تظاهرة فكرية وفنية , لم يسبق لها مثيل على مستوى دول العالم الثالث , حين التف محمد السنعوسي ضيف المهرجان , ومعه مصطفي العقاد المخرج العربي السوري , ومجموعة من الممثلين والممثلات مثل / فريد شوقي وعادل امام وعلى سالم ومديحة كامل ونجلاء فتحي مع المخرج مختار احمد , للدفاع عن الجوانب الفنية والانسانية والفكرية للفيلم التسجيلي / انقاذ الذي اخرجه مختار احمد وسبق له الفوز بالجائزة الاولى عن الافلام التسجيلية في مهرجان قرطاج , بتاييد شديد من محمد السنعوسي الذي وقف على راس التظاهرة التي دافعت عن الفيلم في ليلة افتتاح مهرجان اسوان قائلا :
                          انه مبتهج لما يراه من منافسة واضحة في تعبير السينمائيين في مصر العربية لمشاكل الوطن دون خوف وانه لا يجد في فيلم " انقاذ " سوى عمل سينمائي مشرف , يرفع راس السينما المصرية والمشاكل التي ناقشها الفيلم حول ازمة الاسكان موجودة ومعروفة للجميع ويناقشها الجميع على كل المستويات في الصحافة والاذاعة والتلفزيون وهي ايضا مشكلة عالمية – ولا تقف عند حدود مصر وحدها .
                          وكانت تلك هي المعاني التي اتفق عليها جميع المتجاورين في التظاهرة الفنية الفكرية التي بدات في الساعة الثانية عشر واستمرت حتى الثالثة صباحا .. بعد انتهاء حفل افتتاح مهرجان اسوان السينمائي مباشرة ..
                          وهذا مؤشر جيد , يبعث على التفاؤل في تعميق دور السينما القيادي – فكريا وانسانيا – على مختلف المستويات اذا ما احسن استخدامها لصالح الانسان بشكل عام ..
                          وقد فاز فيلم " انقاذ " نفسة باحدى جوائز المهرجان عن الافلام التسجيلية , اما جوائز الافلام الروائية فقد كانت الجائزة الاولى لفيلم : حب فوق هضبة الاهرام , اخراج عاطف الطيب والجائزة الثانية لفيلم الصعاليك اخراج داوود عبد السيد والجائزة الثالثة لفيلم اخر الرجال المحترمين , والرابعة لفيلم المجنونة والخامسة لفيلم
                          " الحكم اخر الجلسة " ...
                          والملاحظ ان اربعة افلام من الافلام الخمسة الفائزة بجوائز مهرجان اسوان قام ببطولتها نجم الجوائز السينمائية نور الشريف .
                          والملاحظة نفسها نجدها تلاحق " يحيى الفخراني " وهو يفوز بالجائزة الاولى للتمثيل في مهرجان افلام التلفزيون ولم يمض على فوزه بجائزة التمثيل الاولى في قرطاج سوى اشهر قليلة .
                          وسماح انور , ايضا تفوز بجائزة اخرى في التمثيل ولم يمض اشهر على فوزها بجائزة التمثيل الاولى في مهرجان الاسكندرية .
                          اما مديحة كامل فقد اكدت تفوقها على قريناتها من كواكب سينما السبعينات , باكثر من دور مشرف لها في التمثيل السينمائي منذ ان نجحت في فيلم " الصعود الى الهاوية " وحصلت على جائزة التمثيل عن دورها فيه عام 1979 , وحتى فوزها بالجائزة الاولى للتمثيل عن دورها في فيلم " دعوة للزواج " الشهر الماضي ..!!
                          -----------------------------------------------

                          تعليق

                          • خلود الجبلي
                            أديب وكاتب
                            • 12-05-2008
                            • 3830

                            #14
                            رد: السينما بين الشكل والمضمون/ كتاب 1 ليسري شراب

                            ماشاء الله أخ يسري
                            كتاب رائع ودراسات سينمائيه تستحق أن تكون مرجع لكل باحث وذواق للسينما وأعتقد من الممكن أن يكون بيننا أعمال مستقبلية فنحن شركاء الدرب

                            لك مني كل تحية
                            لا إله الا الله
                            محمد رسول الله

                            تعليق

                            • رغدان الدوغري
                              محظور
                              • 08-09-2008
                              • 211

                              #15
                              الاستاذ يسري
                              احترامي
                              لو يقراوا
                              قد يفهموا
                              ولو يفهموا
                              قد يشغلوا انفسهم
                              بما تكتب لنا من فكر في الفن عميق
                              دمت قديرا مبدعا

                              تعليق

                              يعمل...
                              X