المكتبة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • هادي زاهر
    أديب وكاتب
    • 30-08-2008
    • 824

    المكتبة

    المكتبة
    عيل صبر " يقضان" وهو ينتظر. كان أمله أن يرى مجتمعه وقد حلق في الأعالي بمستواه الثقافي، لقد غرق في المعارف، اطلع على مختلف الحضارات وغرف منها، :أراد نشر رسالته بين أهله فأخذ يؤلف الكتب ليسرب رسالته كل مرة ضمن اسلوب أدبي أخر، مرة ضمن قصة قصيرة ومرة أخرى ضمن قصيدة أو خاطرة وطال انتظاره، كان يوقف المارة ويدعوهم إلى احتساء القهوة معه ويحاول ترغيبهم في الكتاب، خاتماً حديثه بالقول المأثور"وخير جليس في الزمان كتاب" وكان يفرح عندما يرى الطلاب، أمل المستقبل عائدين من المدرسة فيقوم بإهداء بعضهم أخر مؤلفاته محاولاً تشويقهم للمطالعة :
    - علينا أن نلحق بالركب، لدينا مواهب وعلينا أن نرعاها، ان المسؤولين لا يقومون بواجبهم كما يجب، المربون لا يقومون بتأدية رسالتهم على أكمل وجه، يهمهم المعاش أخر الشهر والمسؤولون السياسيون يزعمون عند كل انتخابات بان على رأس سلم الأولويات قضية التربية والتعليم ولكنهم ما ان يجلسوا على الكرسي حتى ينسوا شعارهم كلياً. وهذا مما يدفعني القيام بجهد نيابة عن مجموعة كاملة، انه قدري هذا هو واقع الشرفاء في المجتمعات النامية، لا احد يريد أن يتحرك، ان الرسالة ثقيلة للغاية في مجتمع كمجتمعنا.. الجميع يتقن فن الحديث والانتقاد ويدفع الضريبة الكلامية .لكن عملياُ لا أحد يريد أن يتحمل مسؤولية، اففففففف علي أن ارتاح وليأخذ كل دورهٌ . هل المجتمع مركب على ظهري ؟!، ولكن يبدو أن الضمير مات .. لا .. لا انه في أجازة مرضية، يجب أن أواصل تقديم العلاج له لكي يشفى، بعدها يمكنني أن ارتاح قليلاً.
    فجأة مرت أمامه مجموعة من الشباب :
    - يا شباب من منكم يحب المطالعة
    قلب الشباب شفاههم، لكنه واصل حديثه قائلاً:
    - ما رأيكم في هذا الكتاب " مقدمات لدراسة المجتمع العربي للبروفيسور هشام الشرابي .
    أجابه احد الشباب :
    - دراسة؟!! إحنا مش عم ندرس دروس المدرسة
    وقال اخر:
    - شو اسمه
    - هشام الشرابي
    - هشام ايه، الشرابي ؟ انا شرابي كوكاكولا
    وأجاب الثالث: بأغنية "المطربة":
    - مشربش الشاي.. اشرب ازوزه أنا
    واخذ يرقص وسط الشارع وهو يعني:
    - مشربش الشاي اشرب ازوزه أنا
    نفخ "يقضان" وقال بصوت خفيض: الله يجيبك يا طولة الروح .
    استمر الزمن في زحفه دون أن يرى الواقع يتحسن، وقال لنفسه: ترى هل أنا أطحن الهواء، ووجد نفسه يغني مع عبد الوهاب:
    - "أنا من ضيع بالأوهام عمره"
    صمت لحظة وعاد يقول لنفسه:
    - لا ..لا في النهاية لا يصح إلا الصحيح" ولكن متى يا ربي لقد تراجعت حالتي المادية كثيراً وعلي أن أفتش عن مصدر رزق أخر اكسب منه قوتي، ان البيت أضحى يفتقد إلى الكثير من الضروريات، الزوجة محقة في تذمرها، الأولاد بحاجة إلى ملابس
    وتذكر سخرية أحد جيرانه عندما قال له :
    شو فاتح مكتبه كنك مجنون، بدك أتموت من الجوع؟ روح.. روح.. روح أفتح مطعم .
    وعاد يحاور نفسه:
    - ترى هل إنا عاقل أم مجنون، عاقل جداً او مجنون جداً واحدة من الاثنتين؟ ماذا سأفعل قبل البهدلة؟ الكثيرون يطرقون بابي لتسديد ديوني الآخذة في التراكم، ماذا افعل.. افتح مطعم ؟؟ انأ الكاتب الذي يكتب الكلمة، والكلمة غذاء الروح الخالدة افتح مطعم غذاء الجسد الفاني؟ لا.. لا ان هذا مستحيل ..لا يليق بكرامتي .. سأموت من الجوع ولن أبدل الكتب بالصواني والملاعق والطبيخ، علي أن أتشبث برسالتي مهما كان الثمن.. لقد قيل ان "الجوع أبو الكفار" و الشغل مش عيب، يعني أحسن نتبهدل.لقد قام طلاب صف ابني في الأسبوع الماضي برحلة ولم يشاركهم بها نظراً لعدم توفر الإمكانيات المادية، كما طلبت ابنتي الملابس أسوة بصديقاتها ولم استطع أن أوفر لها ما تريد فأخذت تبكي خاصة وان ملابسها أضحت قديمة .
    وفرت دمعة على خده
    - اه ما أصعب أن يكون الإنسان ملتزماً في هذا الزمان الزفت، انه سيشعر عندها بانه مسؤولٌ عما في الدنيا من مساؤى ما لم يحاربها. ماذا علي أن افعل يا رب ؟ هل هذا ما يجب أن أتلقاه مقابل إخلاصي لأهلي؟ لماذا تحرمني من مستوى مادي مقبول لأعيش كالآخرين وتعيش أسرتي ككل الأسر، أعود إلى بيتي عند المغيب العب مع أطفالي، أجلس مع زوجتي، نقوم برحلة معا، نشتري ما نحتاج بدلاً من الانتظار حتى منتصف الليل عل مجنون مثلي يأتي لشراء كتاب، او بعض الأوراق .. محاية أو قلم رصاص ، لماذا يا ربي تقذفني بين مخالب الفقر؟ لماذا تتخلى عني وتناصر السفلة، وقد قيل " وعلى قدر نياتكم ترزقون" ان نيتي صافية كالثلج .أني اتنفس واتنهد قضايا أهلي، لماذا يا إلهي؟
    وعاد يتأفف
    سامحني يا إلهي إنها حكمتك .. إستمارات الضرائب على الرف، تنتظر الدفع ، من أين لي، ان المكتبة تفقرني، الكثيرون ينظرون إلي بسخرية وهم يقلبون شفاههم وكأنهم يقرفون .. مكتبة؟!!! .. يجب أن أجد المخرج، لقد انتظرت طويلاً علي احدث تطور في عقلية الناس، والناس في واد وأنا في أخر، اعتقدت انهم سيسمعون صدى صوتي على الأقل ولكن يبدو ان المسافات شاسعة بين هذه الأودية فلا يسمع الصوت .. لقد ذهبت أفكاري أدراج الرياح وعلي أن استدرك فوراً، سأفتح مكان المكتبة مطعماً. لا..لا ..هل جننت؟.. أنا؟؟ سابع سماء اقرب لي من ذلك، ولكن كل الأمور يمكن للإنسان أن يستغني عنها ما عدا الطعام ..اااه منك أيها الزمن، اشعر بان عالمي قد انهار. لعنة الله عليك أيتها الحياة، مطعم مكان المكتبة؟ إني أرى غشاوة تغطي عيني، لا استطيع الاحتمال أكثر اففففففففففف ..
    أطرق قليلاً وقد انهمرت دموعه على خده وسرعان ما رفع رأسه
    وهو يحدث نفسه بصوت عال:
    وجدتها.. وجدتها لن ألغي المكتبة كلياً سابقي زاوية صغيرة لبعض الكتب، وهكذا أكون قد تمسكت بالقيم التي أُوُمنُ بها وفي نفس الوقت أقمت مصلحة لكي أعيش أني أرى المطاعم تعج بالناس، أصحاب المطاعم يعيشون على مستوى اقتصادي جيد، يبنون ، يشترون السيارات، يقومون بالرحلات، لماذا لا أركب الموجة والحق بهم فقد قمت بدفع قسطي من اجل المجتمع ولو ان كل فرد دفع ما دفعت لكان مجتمعنا بألف خير.
    أفتتح "يقضان" مطعمه وأبقى رفاً صغيرا لبعض الكتب في إحدى الزوايا ولكن سرعان ما أخرجه ولسان حاله يقول:
    - لا حاجة لهذا الرف فالمكان يضيق به .
    التعديل الأخير تم بواسطة هادي زاهر; الساعة 15-10-2009, 18:25.
    " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "
  • مها راجح
    حرف عميق من فم الصمت
    • 22-10-2008
    • 10970

    #2
    رد: المكتبة

    قصة هادفة تحكي عن غبار هذا الزمن الآتي
    واضيف ان تلك المشكلة أو الأزمة كما تصيب الشارع فهي تصيب البيوت ..فقلما تجد مكتبة تزين أحد جدرانها ..

    تحيتي استاذ زاهر

    ملاحظة
    (وعلى نياتكم ترزقون ) ليست آية بل مقولة
    المعالق=الملاعق
    أما الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري قال(إني لأعجب كيف يبيت الرجل جوعانا ولا يشهر سيفه على الناس!!) اما (الجوع ابو الكافر) فهي مقولة
    رحمك الله يا أمي الغالية

    تعليق

    • هادي زاهر
      أديب وكاتب
      • 30-08-2008
      • 824

      #3
      رد: المكتبة

      أختي الكاتبة العزيزة مها راجح
      لقد اخذت ملاحظاتك بعين الاعتبار
      سأعود لاحقاً
      محبتي
      هادي زاهر
      " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "

      تعليق

      • هادي زاهر
        أديب وكاتب
        • 30-08-2008
        • 824

        #4
        رد: المكتبة

        اختي الكاتبة مها راجح
        الحقيقة ان الاهتمام بالكتاب في ظل وسائل الاتصالات الحديثة يعاني من هبوط شديد للغاية وهو يقبع مسكيناً في المكاتب التي ما زالت متواجدة في كثير من بيوت الطبقة الوسطى وما فوق، ولكن لتكملة الديكور ليس إلا .
        محبتي
        هادي زاهر
        " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "

        تعليق

        • مها راجح
          حرف عميق من فم الصمت
          • 22-10-2008
          • 10970

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة هادي زاهر مشاهدة المشاركة
          اختي الكاتبة مها راجح
          الحقيقة ان الاهتمام بالكتاب في ظل وسائل الاتصالات الحديثة يعاني من هبوط شديد للغاية وهو يقبع مسكيناً في المكاتب التي ما زالت متواجدة في كثير من بيوت الطبقة الوسطى وما فوق، ولكن لتكملة الديكور ليس إلا .
          محبتي
          هادي زاهر
          مرحبا استاذ زاهر
          اوافقك الرأي ان وسائل التقنية الحديثة اسغنت عن الورقي
          ولكن من وجهة نظري ان المطبوع لا غنى عنه وخاصة فيما يخص الادب
          فالأطفال (كمثال) لا ينبغي ان يكونوا ضحية اشعاع الشاشة ..
          كما أن تقليب الصفحات الورقية لها خاصية جميلة ..
          شكرا لاهتمامك
          ومزيد من العطاء
          رحمك الله يا أمي الغالية

          تعليق

          • هادي زاهر
            أديب وكاتب
            • 30-08-2008
            • 824

            #6
            اختي الكاتبة مها راجح
            انت محقة تمامًا وقد ذكرتني كلماتك بما كتبه المربي الكبير المرحوم سلامه موسى والذي يقول فيه بما معناه، بان على القارئ ان يشترى الكتاب لكي يحس بمدى اهميته
            محبتي
            هادي زاهر
            " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "

            تعليق

            • عائده محمد نادر
              عضو الملتقى
              • 18-10-2008
              • 12843

              #7
              الزميل القدير
              هادي زاهر
              أقسم بالله أني قرأت هذا النص سابقا
              وأقسم بأني كتبت ردا عليه
              نص مؤلم بكل مافي الكلمة من معنى (( والكلمة التي نكتبها )) ونتعب أفكارنا كي نخرجها .. وإذا بها مركونة بين زوايا مظلمة إلى حد البؤس , في زمن صارت فيه الكلمة بضاعة كاسدة.
              والمطعم
              وبطون لاتشبع
              وأدمغة لاتفكر إلا بما يشبع النهم (( هذا في حال وجود هذا الدماغ أحيانا))
              أسفي كبير أن يكون حالنا هذا
              والشباب الذي سيضيع من بين أيدينا, في عصر السرعة والفضائيات!!
              وأسفي أكبر أن ينصاع صاحبنا لمتطلبات العصر (( المادية البحتة )) وينسى الكتب وأهميتها فهي فعلا .. غذاء الروح.
              تحياتي لك زميلي ولومضتك اللاذعة جدا
              عد بألف خير واعذر (( طيران ردي على نصك))
              الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

              تعليق

              • هادي زاهر
                أديب وكاتب
                • 30-08-2008
                • 824

                #8
                أختي العزيزة عائدة
                لقد كان ذلك مقالة نشرتها في باب الادب الساخر تحت عنوان "احم ..احم ممم"
                و لقد تطرقت إلى نفس الموضوع من خلال قصة قصيرة لان القصة حقيقية حدثت بالقرب مني.
                محبتي
                هادي
                " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "

                تعليق

                يعمل...
                X