شارع القصص
شارع ُ ضيّق تمرّ به السيارات بصعوبة ..
تلفّه العتمة ..
جدار ٌ لمدرسة ٍ وفي الناحية الأخرى مبان ٍ سكنية
كان جواً ملائماً لاجتماع العاشقين من طلاب المدارس والجامعات ,لما يجتاحه من سكون ..
خصوصاً تلك الزاوية المقابلة للحديقة والتي تلفها العتمة حين يعلن الغروب حضوره ..
قصص كثيرة وأحلام تهافتت لتلتصق بجدران المكان .. وأرضه ..
قبلات مسروقة .. وأحضان ..
لم يسلم ذلك الشارع من القصص المترامية ومن الصيت الواسع .. حتى صار يقصده الأذى
فهذا رجل ُ مهووس يأتي على دراجته ليصطاد الفتيات فيقتنص لمسة ً أو ضربة ً على أجسادهن ويفرّ هارباً دون أن يستطيع أحد إمساكه
وذاك حارس الحديقة الذي شاع عنه أنه يتحرّش بالصبية الصغار ..
حتى بات الرعب يتسلل للأهالي فيمنعون أولادهم من لعب الكرة وخصوصاً في فترات النهار الخاملة ..
كان المارّة يحثون السعي به ليلاً شيء مخيف يلفّ زواياه المعتمة ..
وفي أغلب الأحيان , هناك مجموعة من الشبان والفتيات ترامت أجسادهم في جوف جدار ٍ قصي ٍ .. يتهامسون .. يتلامسون .. ويحلمون بأكثر مما بين أيديهم
حتى جاء يوم ُ أعلنوا فيه عن وجود جثّة ٍ لطفلة ..
كانت طفلة الخمسة أعوام ذاهبة عصراً لتشتري .. حين فاجأها أحدهم , كممها , وأخفاها بين أعشاب وأشجار الحديقة .. واغتصبها ..
ثم خنقها وترك جثتها ملقاة ً ورحل ..!!
كل ّ أصابع الاتهام اتجهت إلى حارس الحديقة .. الذي استطاع أن يثبت وجوده خارج نطاق الحدث ..
صارت قصة الفتاة غصّة في الحلق .. تملأ القلوب حسرة ً وخوفاً .. لأن قاتلها ظل ّ طليقاً ..
وذاع صيت الشارع أكثر ..
ونتيجة للشكاوى التي قدمت للحكومة والبلدية .. ,جاءت مجموعة ُ منهم وأمرت بتشذيب الحديقة .. قصّت الأشجار الوارفة الممتدة كمتاهة بلا حدود .. وضعوا الأنوار في الطريق , وداخل الحديقة , وفي كل زاوية من الشارع .
لكنّ أحدهم بات يعطّل الأنوار .. كل يوم واحدة ..دون أن يشعر الناس بما يحدث ..
حتى عادت العتمة تلفّ أرجاء المكان ليلاً .. قليلاً قليلاً ..
وظلّ ضوء ُ خافت ُ في الحديقة لايكاد ينير ماحوله ..
بعدها اختفى طفل ُ صغير .. لم يعرف له أثر !! وصار رجل الدراجة مشهوراً .. يحاول الأهالي نصب كمين له .. ومراقبته ..
لما طال الأذى زوجة عميد ٍ كانت تخرج من عند جارتها .. فاجأها .. قبض على صدرها .. وفرّ هارباً .. تاركاً إياها تصرخ بفزع ..
بات ذلك الشارع مرعباً .. أسموه شارع الموت .. وشارع العشق .. وشارع الأشباح ..
وبالرغم من كل ذلك .. ظلّ اجتماع المراهقين ...يملأ أرجاء المكان ..
وظلّ بعض المشاغبين يقصدونه ..ليلقوا بمشاكساتهم على الحبّيبة ..
الأمهات الكبار باتوا حين يصادفهم أحد ممن اختبؤوا في الزوايا يبصقون عليه .. وينهالون بالشتائم على الفتاة وتربيتها ..
ورجال الحيّ يطردون كل غريب ..
انتقلت عائلة الطفلة المقتولة من الحي تغمرها الحسرة .. وظل منزلهم فارغاً .. لايزوره إلا طيفها ..
وامتنع الناس عن عبور الشارع في الليل .. حتى صار أكثر فراغاً من قبل ..
كان الجميع يحاول الدوران من خلفه .. لتجنّبه ..
استغل الفرصة أحد رجال الحي الخارج حديثاً من السجن .. وجعل بيته بؤرة ً للعهر ..
صار يدعو النساء الرخيصات في البداية .. ثم يقنعهم لاجتذاب غيرهنّ بحجة أنه شيخ يكتب السحر .. والوفق بين الأزواج .. وجلب النصيب ..
ويصورهنّ .. بأوضاع ٍ مخلة أو غيرها .. ويهددهن بأزواجهن ..
وصار يطوّر أعماله .. ويعزم أصدقاءه ..
حتى تجرأت إحداهن ّ مستميتة ً وبلّغت زوجها .. الذي ما أن علم بالأمر حتى بلّغ الشرطة ..
وظلت الشرطة تراقبه حتى ضبطته بكل ما حوت شقته من أذى .. وأساليب .. وكاميرات .
تشجّع الأهالي بعد هذا الحادث .. وجاء طوفان الاحتجاج .. كمظاهرات تفيض بها الحلوق ..
وكانت القنبلة المدوّية .. التي تم ّ فيها تسوية الحديقة .. وتحويلها لرصيف كبير وتوسيع الشارع ..
ووضع الأنوار بالإضافة لدوريات الشرطة المتتالية .. ليلاً .. نهاراً ..
صار الشارع أجرد .. لكنه ساطع الملامح ..
هجره الأحبة والقتلة والمشاغبون ..
لكنّ الأهالي والمارّة احتضنوه ..
وبدأت تنسلّ عنه ملامح الريبة .. ويرتع على جنباته الأمن والأمان
أغلقت ستارة القصص القادمة .. والقديمة ..
لشارع ٍ صغير .. كل ّ ذنبه .. أنه كان قصياً عن الرؤية .
15-10-2009
شارع ُ ضيّق تمرّ به السيارات بصعوبة ..
تلفّه العتمة ..
جدار ٌ لمدرسة ٍ وفي الناحية الأخرى مبان ٍ سكنية
كان جواً ملائماً لاجتماع العاشقين من طلاب المدارس والجامعات ,لما يجتاحه من سكون ..
خصوصاً تلك الزاوية المقابلة للحديقة والتي تلفها العتمة حين يعلن الغروب حضوره ..
قصص كثيرة وأحلام تهافتت لتلتصق بجدران المكان .. وأرضه ..
قبلات مسروقة .. وأحضان ..
لم يسلم ذلك الشارع من القصص المترامية ومن الصيت الواسع .. حتى صار يقصده الأذى
فهذا رجل ُ مهووس يأتي على دراجته ليصطاد الفتيات فيقتنص لمسة ً أو ضربة ً على أجسادهن ويفرّ هارباً دون أن يستطيع أحد إمساكه
وذاك حارس الحديقة الذي شاع عنه أنه يتحرّش بالصبية الصغار ..
حتى بات الرعب يتسلل للأهالي فيمنعون أولادهم من لعب الكرة وخصوصاً في فترات النهار الخاملة ..
كان المارّة يحثون السعي به ليلاً شيء مخيف يلفّ زواياه المعتمة ..
وفي أغلب الأحيان , هناك مجموعة من الشبان والفتيات ترامت أجسادهم في جوف جدار ٍ قصي ٍ .. يتهامسون .. يتلامسون .. ويحلمون بأكثر مما بين أيديهم
حتى جاء يوم ُ أعلنوا فيه عن وجود جثّة ٍ لطفلة ..
كانت طفلة الخمسة أعوام ذاهبة عصراً لتشتري .. حين فاجأها أحدهم , كممها , وأخفاها بين أعشاب وأشجار الحديقة .. واغتصبها ..
ثم خنقها وترك جثتها ملقاة ً ورحل ..!!
كل ّ أصابع الاتهام اتجهت إلى حارس الحديقة .. الذي استطاع أن يثبت وجوده خارج نطاق الحدث ..
صارت قصة الفتاة غصّة في الحلق .. تملأ القلوب حسرة ً وخوفاً .. لأن قاتلها ظل ّ طليقاً ..
وذاع صيت الشارع أكثر ..
ونتيجة للشكاوى التي قدمت للحكومة والبلدية .. ,جاءت مجموعة ُ منهم وأمرت بتشذيب الحديقة .. قصّت الأشجار الوارفة الممتدة كمتاهة بلا حدود .. وضعوا الأنوار في الطريق , وداخل الحديقة , وفي كل زاوية من الشارع .
لكنّ أحدهم بات يعطّل الأنوار .. كل يوم واحدة ..دون أن يشعر الناس بما يحدث ..
حتى عادت العتمة تلفّ أرجاء المكان ليلاً .. قليلاً قليلاً ..
وظلّ ضوء ُ خافت ُ في الحديقة لايكاد ينير ماحوله ..
بعدها اختفى طفل ُ صغير .. لم يعرف له أثر !! وصار رجل الدراجة مشهوراً .. يحاول الأهالي نصب كمين له .. ومراقبته ..
لما طال الأذى زوجة عميد ٍ كانت تخرج من عند جارتها .. فاجأها .. قبض على صدرها .. وفرّ هارباً .. تاركاً إياها تصرخ بفزع ..
بات ذلك الشارع مرعباً .. أسموه شارع الموت .. وشارع العشق .. وشارع الأشباح ..
وبالرغم من كل ذلك .. ظلّ اجتماع المراهقين ...يملأ أرجاء المكان ..
وظلّ بعض المشاغبين يقصدونه ..ليلقوا بمشاكساتهم على الحبّيبة ..
الأمهات الكبار باتوا حين يصادفهم أحد ممن اختبؤوا في الزوايا يبصقون عليه .. وينهالون بالشتائم على الفتاة وتربيتها ..
ورجال الحيّ يطردون كل غريب ..
انتقلت عائلة الطفلة المقتولة من الحي تغمرها الحسرة .. وظل منزلهم فارغاً .. لايزوره إلا طيفها ..
وامتنع الناس عن عبور الشارع في الليل .. حتى صار أكثر فراغاً من قبل ..
كان الجميع يحاول الدوران من خلفه .. لتجنّبه ..
استغل الفرصة أحد رجال الحي الخارج حديثاً من السجن .. وجعل بيته بؤرة ً للعهر ..
صار يدعو النساء الرخيصات في البداية .. ثم يقنعهم لاجتذاب غيرهنّ بحجة أنه شيخ يكتب السحر .. والوفق بين الأزواج .. وجلب النصيب ..
ويصورهنّ .. بأوضاع ٍ مخلة أو غيرها .. ويهددهن بأزواجهن ..
وصار يطوّر أعماله .. ويعزم أصدقاءه ..
حتى تجرأت إحداهن ّ مستميتة ً وبلّغت زوجها .. الذي ما أن علم بالأمر حتى بلّغ الشرطة ..
وظلت الشرطة تراقبه حتى ضبطته بكل ما حوت شقته من أذى .. وأساليب .. وكاميرات .
تشجّع الأهالي بعد هذا الحادث .. وجاء طوفان الاحتجاج .. كمظاهرات تفيض بها الحلوق ..
وكانت القنبلة المدوّية .. التي تم ّ فيها تسوية الحديقة .. وتحويلها لرصيف كبير وتوسيع الشارع ..
ووضع الأنوار بالإضافة لدوريات الشرطة المتتالية .. ليلاً .. نهاراً ..
صار الشارع أجرد .. لكنه ساطع الملامح ..
هجره الأحبة والقتلة والمشاغبون ..
لكنّ الأهالي والمارّة احتضنوه ..
وبدأت تنسلّ عنه ملامح الريبة .. ويرتع على جنباته الأمن والأمان
أغلقت ستارة القصص القادمة .. والقديمة ..
لشارع ٍ صغير .. كل ّ ذنبه .. أنه كان قصياً عن الرؤية .
15-10-2009
تعليق