حوار الحضارات و شرقنا الفاتن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حكيم عباس
    أديب وكاتب
    • 23-07-2009
    • 1040

    حوار الحضارات و شرقنا الفاتن

    [align=CENTER][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]حوار الحضارات و شرقنا الفاتن[/align][/cell][/table1][/align]
    [align=CENTER][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=right]
    الشرق .... الغرب…. كلمتان أصبحتا مصطلحين ، الأول يعني كل ما يختزنه الشرق الجغرافي من تقاليد و عادات و أسلوب حياة ومفاهيم و ثقافة و منظومات قيم و أخلاق و معتقدات و صولا إلى الإرهاب . أمّا الثاني ، الغرب ، يعني نفس الأشياء في مكان جغرافي آخر لكن بدون الإرهاب.

    فمنذ أن استفاق الغرب ، جلب معه الّنزعة للفصل بينه و بين الشرق ، كأمر طبيعي (!) بين أي شيئين مختلفين ضدّين . الفصل لا يعني التقابل ، إلا أن القيمتين هما قيمتان إنسانيتان متقابلتان حقيقة. لماذا خضع المؤرخون و المفكرون و رجال الدّين و انصاعوا للسياسيين و أجبروهم على إتّخاذ وضعية التقابل التاريخي و الحضاري و القيمي ؟؟ لا ندري . لكن علينا أن ندري.


    محصلة حاصل أن تبدأ المقارنة بين أيّ قيمتين متقابلتين ، من بوابة المقارنة دخلنا إلى المُفاضلة ، أيّهما أفضل ؟ هنا كانت بداية العنصرية ، ومن هنا ابتدأ بطش الغرب العنصري بالشّرق . و حين تخطىّ هذا البطش حدود الخيال في حيوانيته و غرائزيته و ساديته و إجرامه ، " فقّسوا " لنا بمصطلح "الإرهاب " علّه يوازن شيئا من ما يقومون به ، ما يسمّونه في علم النّفس بـ "الإسقاط". ( نلخص هذه الحركة التاريخية على النّحو التّالي: فصل القيم – التقابل – المقارنة – المفاضلة – العنصرية – البطش . في كلّ مرحلة هناك خلفية داعمة تعصبية دينية ، ضرورة سياسية ، أو حاجة اقتصادية ، أو كلّها معا )


    القوي هو الذي يفرض القتال و يؤجّج الصّراع ، المتفوق في الصّراع هو الذي يعمّم و ينشر ثم يفرض و جهة نظره و يكتب التاريخ . بديهيات تنطبق على معظم القضايا التي تشغل بال البشرية ، لكنّ الغرب تجاوز حدود البديهيّات التاريخية ، و لم يكتفِ بكتابة التّاريخ ، بل يريد أن يفرض نظام قيمه و تفاصيل ثقافته ، و يمحق أي خصوصية فوق كوكب الارض لسواه.

    الشرق لم يكن قويا طيلة ثلاث مائة أو أربع مائة سنة خلت (إن لم يكن أكثر ، عمليا منذ سقوط الأندلس) ، حملت هذه القرون في رحمها عنصرية و فوقية و إمبريالية الغرب ، التي تتوّجت باستعمار الشرق . الإستعمار مثل الطاقة ، لا تفنى و لا تستحدث ، بل تتحول من شكل لآخر . الاستعمار يختفي كمباشر و يتحول إلى أشكال مختلفة أكثر عصرية و مواكبة : استغلال الثروات (الطاقة) ، السوق (التجارة الحرّة ثم اليوم العالمية و العولمة)،الثقافة من أجل إضعاف الخصوصية و الأصالة منبع التمرد و الرفض . كل ذلك في بوتقة النهوض بشعوب العالم الثالث !!! مساعدتها على التحضّر !!! تحويلها إلى ديمقراطية !!! في ظلّ سيطرة تقنيّة و علمية و معلوماتية شاملة على الأرض و في الفضاء.

    لأن المعركة ساخنة ، و نتائجها تحدّد كل شيء في الغرب ، من مستوى معيشة الفرد الواحد ، و صولا لمنظومته الأخلاقية و مرتكزاته الثقافية التي على أساسها ظل قرونا يشعر بالزّعامة و القيادة و الفوقية ، لذلك ، جُندت في الغرب كل الطاقات لإبقاء السيطرة و الوضع على ما هو عليه . ابتداءا بتعلّم اللغة العربية و التعرّف على الإسلام و البوذية في الهند و الشرق الأقصى ، و رحلات الاستكشاف و التبشير ، و المساعدات الإنسانية من مدارس وجامعات و مستشفيات و جمعيات و دعم مادي متنوع و متشكل ، إلى الماقدونالد والكاوبوي و الباسكن روبنز ....الخ

    الاستشراق يضمّ في ثناياه معظم هذه الأدوات . هذا لا يعني بأي شكل أن ليس هناك جانب إيجابي لكل واحدة من هذه الأدوات إذا ما أخذت لوحدها ، و لايعني عدم وجود غربيين ، أفرادا ، لم يكونوا عنصريين و لم يكونوا فوقيّين و لا سلبيين و لا مستعمرين. لكن بالتأكيد استغل دورهم و أعمالهم ، جُندت لخدمة الهدف الرئيسي.

    الفضيحة الكبرى التي سمّت الأشياء بأسمائها ، وعرت الغرب على حقيقته ، و كشفت عن خطابه الاستعماري المتأصّل الفوقي الرّافض للتّبدّل في جوهره و الذي يصبغ جلّ حركته ، كان كتاب ادوارد سعيد ، "الاستشراق" . سريعا تسلّلت رؤية المفكر العربي المغترب إلى كلّ جوانب الحياة الثقافية و السياسية الغربية.
    معالجة ادوارد سعيد ، كانت واضحة ، جلية ، قوية ، قاسية ، حادة كسكين أربكت الغرب .المتابع للثقافة الغربية ، لاحظ تأثير الارتباك الثقافي ، و كيف بدأ يلوح بالأفق شبح انهيار أخلاقي للثقافة الغربية في جانبها الاستشراقي و إدعائها بتأدية رسالتها الإنسانية .
    طبيعي أن ترد الثقافة الغربية . واحدة من أهم الردود على يد صموائيل هانتنقتون صاحب مصطلح آخر بنفس خطورة مصطلح ادوارد سعيد "صراع الحضارات" ، لكن بالإتجاه المعاكس. ترتب على هذا المصطلح حركة عملية على أرض الواقع و هي إستشراس الغرب في الهجوم على الشرق ، خاصة العربي ثم الإسلامي ، هجوما مبرمجا ومنهجيا يبدأ من التّعامل على مستوى الفرد ، و يتوج في الإجرام و استعراضات القوة العارية و البطش المباشر في العراق و لبنان و فلسطين وأفغانستان ، رأس حربته ، الأصولية الدينية المتصهينة و المأدلجة بالفوقيّة و العنصرية ، المفعمة بالدور التاريخي المُناط بها من الله لمصلحة الإنسان و الخير!!

    هذا ما يحدث علنا و ذاك ما يحدث خلف الستار في عالم الثقافة و النُّظم الأخلاقية و القيم و المفهوم الفلسفي عن الحياة و عن أنفسنا و حقوق كل مناعلى وجه هذا الكوكب.


    للشرق سحر جذاب لأي إنسان يعيش في الغرب ، هذه حقيقة يجب عدم إغفالها .
    أذكر قبل إثنى عشر عاما زارني في قريتي أحد الأصدقاء العزيزين جدا ، و هوغربي بالأصالة لا بالتّجنس ، من أحد الدول الأوروبية . و عندما حلّ الليل و تقدم ، خرجنا نسير معا بين الحقول خارج القرية ، و كانت ليلة شبه مظلمة . نظر إلى السماء و أطال النظر ، طلب أن نجلس فوق الحشيش و نصمت و أدعه ينظر إلى السماء ... امتثلت لرغبته ، و بعد بعض الوقت قال: الآن فهمت لماذا خرج كل الأنبياء من هذه الأرض( و يقصد الشرق) ، و الآن عرفت لماذا كل رُسُل السّماء من هنا . السماء هنا قريبة جدا ، هي مباشرة فوق الرأس، أنظر إلى النجوم ما أكثرها ... ما أقربها ... تكاد تسقط فوق رأسي....

    هذا هو الشرق الفاتن و المقدس . إعجاب و افتنان بالشرق ، خالص و صادق ، لا علاقة له بكل ما قلناه عن الشرق و الغرب و صراعهما ، لكن حتى هذا استغل تماما و ما يزال ، و باعتراف صديقي!!!.

    عندما نقول الاسشراق بمفهوم ادوارد سعيد ، نعني كلّ الجوانب الثقافية بما في ذلك الفن الذي لم يسلم من نرجسية الغرب و تمركزه حول ذاته .
    جاء الفنّانون الغربيون و اشتموا رائحة الشرق و استحموا تحت شمسه و عادوا لديارهم يرسموننا خيولا و معارك و صيد و مواجهة حيوانات مفترسة و تحف و سجاد شرقي ، و آثار و مساجد ومآذن و صلاة و صحاري.

    المرأة تحتل أكثر من نصف هذه الأعمال الفنية ، جلساتها الرومنسية و ملابسها المزركشة ، ذات الألوان الصاخبة ، تشبه ثياب "الجيبسي" (النور) في أوروربا . الأكثرهي أعمال "النود" (العاريات). لوحات العاريات يقاربن نصف الأعمال الفنية . تركز ظهورهن في موضوعين : الاول حريم ( بالمعنى التركي للكلمة ، الزوجات الكثيرات و جيوش الجاريات) يرقصن و يتعرين و الثاني في الحمامات العامة عاريات... يداعبن العبيد بشكل فاضح ، أو يدلك أجسادهنّ البيضاء الأخّاذه عبيد سود ( اسقاط لعنصرية مزدوجة) .

    يجب أن لا نغفل حقيقة أن هذا الموضوع طُرح في الفن الغربي أيّام ما كان الغرب محافظا اجتماعيا و متدينا متزمتا ، يجمع الجيوش الصليبية و الفرسان الحمر و حراس الهيكل ... إلى آخر القائمة لتخليص بيت المقدس من براثن الهمجيين الوثنيين و قبائل البدو و العرب البدائيين . حتى يومنا هذا في القرى الأوروبية ، و بين فلاحيها و أوساط المتدينين ما زلنا نسمى بالوثنيين = heathen أو pagan

    تقرأ بهذه اللوحات العرض الإباحي ، الفوقي ، العنصري الاستهزائي لنسائنا الشبقات المُحتقرات من رجالنا الماجنين المشتعلين شهوانية غرائزية ، الوثنيين الكفرة . من هنا بدأت الصور النمطية للعرب التي نبكي ليل نهار منها اليوم . من أراد أن يبحث تاريخيا و فكريا كيف بدأت هذه النّمطيّات عن الشرق ، عليه أن يبدأ من تسجيل المؤرخين و المستشرقين و ملاحظات الرحّالة و لوحات فناني "الاورينتليزم" .
    هذه الصور ضُخمت لأول مرّة أثناء الحملات الصليبية لتشحذ بها همم الجماهير ثم ضُخمت ثانية أيام الاستعمار المباشر للشرق كي تقنع شعوبها أن هناك ما يستحق التضحية و الاستشهاد في سبيل تخليص الانسانية من هذه الهمجية . ثم ضُخمت للمرة الثالثة من قبل الصهيونية العالمية و ما زالت و التي رسختها و أدخلتها إلى مكانيين مهمين 1. لوسائل الإعلام و 2. إلى هوليود ، ففلتت من عقالها ، فقدت السيطرة نهائيا عليها ، فصارت تتفاعل لوحدها و تتمادى في ابتكار نمطيات جديدة أكثر تسلية و أكثر إجحافا.. الآن تُضخم للمرة الرابعة من قبل أمريكا لإبراز الإرهاب و تركيبته التي تستحق أن يضحي الإنسان المتحضر الحر من أجل تفكيكه...و نشر الديمقراطية عنوان "صراع الحضارات" خاصة هاتنغتون .. و هكذا أصبح الشرق بكل ما يحتويه من مفاتن و قدسية ، يُنتج غربيا حسب أهداف المرحلة ، تنتجة ماكينة الإعلام المدعومة بجيوش من المثقفين و المفكرين الذين يغنّون جميعا على سلّم موسيقيّ واحد ، و هو الخطاب الاستعماري العنصري الذي كشفه ادوارد سعيد .

    على هذه الكثبان ، و أمام هذه التّحديات الجسام ، يأتي من يُنظّر علينا بما يُسمّى "حوار الحضارات" !!!!
    الحوار على أي أرضية ؟
    أي حوار بين مُستعمِر و مستعمَر؟
    اي حوار مع من يسحق كلّ شيء خارج جفرافيته و خارج تاريخه و خارج قيمه ... إن كنوز الإنسانية التي تضمّها بلاد ما بين النهرين(عراقنا الحبيب) لم تعد تعني له شيئا ، لأنّها شهادة خيبته ، فاستباحها للمجرمين و الضياع و النهب و الدّمار..تحاور من؟؟
    حوار الحضارات هو تحضير لـ "كامب ديفد" أوسع و أشمل من خاصة السادات ، هذه المرة استسلام و توقيع على اندثارنا إلى الأبد ، لكن في عرس احتفالي لشراذم مثقفينا الذين يروّجون لحلاوة سكين الغرب ، كيف تستقرّ في القلب باردة منعشة ، فتنقلنا إلى الجنان... جنان التصالح الحواري بين متقابلين متضادين تاريخيّا و قيميّا ... إذا كانت هذه هي الجنة ، فلا أريدها .. أنا أول الداخلين إلى النّار طواعية.

    حكيم

    [/align][/cell][/table1][/align]
    التعديل الأخير تم بواسطة حكيم عباس; الساعة 17-10-2009, 11:00.
  • يسري راغب
    أديب وكاتب
    • 22-07-2008
    • 6247

    #2
    رد: حوار الحضارات و شرقنا الفاتن

    الدكتور حكيم عباس المحترم
    تحياتي
    موضوع حوار الحضارات هل يعني حوار الاديان
    هل المقصود بالحضاره هنا العقيده
    وما العلاقه بين حوار الحضارات والمصطلحات التاليه :-
    - النظام العالمي الاحادي القطبيه
    - العولمه والاقتراب الوظيفي الاقتصادي
    - الفوارق بين دول الشمال ودول الجنوب
    - الفوضى الخلاقه في الدول العربيه والمسلمه
    مع كامل تقديري

    تعليق

    • الشربينى خطاب
      عضو أساسي
      • 16-05-2007
      • 824

      #3
      رد: حوار الحضارات و شرقنا الفاتن

      [align=center]
      الأستاذ الفاضل / حكيم عباس
      وضعت لنا نتائج دون مقدمات ، فالمعروف منهجياً أن المقدمات
      تؤدي إلي نتائج ، والسؤال الملح
      لماذا نحن مفعول به وهم الفعلون ؟
      لماذا أقحمت " كامب ديفيد " والسادات في صراع الحضارات ؟
      هل المعتقد الديني عند الغزاة من أيام التتار حتي الحملات الصليبية
      هي الحجة التي استند عليها الغزاة في استعمار البلاد العربية؟
      إذا كان كذلك ، لماذا احتلت تركيا البلاد العربية وجثمت علي قلب
      شعبها أربعة مائة سنة ويزيد؟ لماذا ترك شعوبنا في ظلمات الجهل
      بعد ان امتصت دمائهم لماذا تركنا لها الخلافة الإسلامية ؟00
      إذا كنا منصفين حقاً علينا الإعتراف بأخطائنا أولاً ، تلك الأخطاء التي حولت المد الإسلامي إلي مغانم شخصية فتفرقنا شيعة وسنة وملل لا حصر لها ولا عد 000
      هل الدولة الأموية سنت نظام للحكم يخالف الشريعة الإسلامية ؟
      هل الدولة العباسية هي سبب تفكك الأمة الإسلامية ؟
      ما سبب ضياع الأندلس ؟
      ربما يكون السادات 0000!!!
      طالماً اننا نهوي جلد بعض000
      لماذا التهم الغرب العراق وحمل علي دباباته من المنافي رئيس جمهورتها وأحزابها الجديدة خلفاً لصدام وحزب البعث ؟
      لماذا وافقت دول الخليج علي احتلالالغرب للعراق ؟
      لماذا يقتل الشيعة السنة ويقتل السنة الشيعة ؟
      هل اكراد العراق أقاموا دولتهم ؟
      متي تتوقف العبوات الناسفة وقتل المدنيين في المساجد والمزارات ؟
      من خطف وقتل السفير المصري في العراق ؟
      ماهي أسباب غزو الكويت ؟
      مع العلم أن السادات أغتيل قبل احتلال صدام للكويت فلا تحمله المسؤلية
      وللصدام بقية
      خالص تحياتي
      [/align]

      تعليق

      • عبدالرؤوف النويهى
        أديب وكاتب
        • 12-10-2007
        • 2218

        #4
        رد: حوار الحضارات و شرقنا الفاتن

        [align=justify]
        فى بداية السبعينيات من القرن الماضى ..أصدر الدكتور / زكى نجيب محمود ..كتيبه "الشرق الفنان"...ما فهمته آنذاك لم يخرج عما طرحه الدكتور حكيم عباس.

        وقد سبقهما أستاذنا الراحل /توفيق الحكيم.. فى كتابه "عصفور من الشرق"
        إذن القضية مطروحة من سالف الأيام والسنين.

        ما الجديد فى الطرح ؟؟

        [/align]

        تعليق

        • أبو صالح
          أديب وكاتب
          • 22-02-2008
          • 3090

          #5
          رد: حوار الحضارات و شرقنا الفاتن

          بالرغم من تحفظي الشديد على فكرة الصالون بسبب ما حصل في الصالون السابق، ولكن هذا الموضوع يهمني لأهميته القصوى في ضرورة وضعه في سياقه الصحيح وقبل أن أبدأ مناقشة ما ورد أعلاه وكتجربة لطريقة المعاملة هذه المرة في الصالون الجديد بإدارة د. وسام البكري، أنقل مداخلة لي وردت بهذا الشأن في حوارنا تحت العنوان والرابط التالي ومن أحب الاستزادة عليه الضغط على الرابط


          نهج المقاومة أم نهج الاستسلام؟


          أنقل مداخلة مما اعتبره من وجهة نظري أحلى مثال على نهج المقاومة من حواراتنا في الملتقى هو ما نشره محمد سليم من ملخص وجرى عليه الحوار تحت العنوان والرابط التالي ومن يحب التكملة عليه بالضغط على الرابط

          السياسات الغربية والعلم الزائف من أفلاطون إلى مارتن لوثر( 1).


          السياسات الغربية والعلم ( 2 )من الحتمية إلى فوضوية بوش






          وأعيد نشر معك هنا جزء مما كتبته في موضوع

          حاجتنا للحوار مع غيرنا دينيا ليست ترفا سياسيا





          حوار الحضارات

          هذه المحاورة حصلت في الشهر السادس من العام الماضي في أحد المعارض في شرق آسيا بخصوص تقنية المعلومات.


          في البداية لا أدري إن كان أي منكم عاشر ياباني أو يابانية سابقا، فما لاحظته عن الياباني عندما تنبهه على شيء أو تعلمه شيء كان خافي عليه يبدأ يزبد ويزمجر وكأنه يلوم نفسه كيف فاته ذلك وسأستعيض عنها بكلمة أيييييووووووووه

          كنت أتنقل بين أجنحة العارضين للتعرف على ما هو معروض من منتجات، ومن بينهم جناح لشركة يابانية تعرض أنواع مخصصة من قارئات الذاكرة المحمولة المستخدمة في آلات التصوير الرقمية أو بقية الأجهزة الرقمية التي تستخدم ذاكرة ومضية، وجلب انتباهي أنها تقنية ليست بالحديثة لم أتوقع أن تعرضها شركة يابانية، والجيل القادم منها والذي تنوي الشركة إنتاجه ظننت أن فيه خطأ استراتيجي من ناحية التسويق، خصوصا من شركة يابانية تكاليف إنتاجها المفروض أعلى من نظيرتها في تايوان أو الصين ولذلك يجب أن تفكر بمنتجات أو طرق تسويق مختلفة لكي تستطيع المنافسة وذلك ما شد انتباهي للوقوف والمناقشة لمعرفة هل ما لاحظته صحيح أم أن الأمور التبست علي ولم أفهم ما المعروض، وبدأت بمناقشة الرجل المتواجد في الجناح بالإضافة كان هناك امرأة معه، وتكلمنا فوجدت أن ما استنتجه صحيح، وهو اقتنع بوجهة نظري، وأثناء الكلام تكلم مع المرأة بعض الكلمات الصينية فشاركت في الحديث فانتبه إلى أنني أفهم ما قاله وعرف إنني مقيم في هذه الديار منذ مدة فسألني السؤال التالي :

          ما رأيك في الصينيين؟

          قلت له أنا وجدت من ترحالي في بقاع الأرض أن المناطق التي حوت مجتمعات لها حضارات قديمة مقدرة بآلاف السنين كأن الجمع الثقافي للخبرة البشرية واحد في الأمور الأساسية، فكلها تجتمع في أن الوحدة الأساسية للمجتمع هي الأسرة ويرأسها الرجل، ومفهومهم للكون أن هناك خالقا، وأن كل شيء في هذا الكون يكمّل بعضه بعض، الرجل يُكمل المرأة، والأبيض يُكمل الأسود، الفقير يُكمل الغني، الليل يُكمل النهار، وأنا وأنت كل منّا يكمّل الآخر، ومفهومنا للسعادة ينطلق من خلال إسعاد العائلة والعمل للعائلة، ولكن نختلف في التفاصيل ولا يهم إن كنّا يابانيين أو صينيين أو كوريين أو هنود أو عرب ولا يهم إن كانوا مسلمين أو بوذيين أو مسيحيين أو غير ذلك من الأديان

          بدأ الياباني يصيح أييييووووه

          ووجدت في الجانب الآخر في المجتمعات التي لها حضارة تقدر بمئات السنين، وتعتبر ما زالت طفلا في عمر المجتمعات على كوكب الأرض، مثل الأوربيين والأمريكان، فأن الجمع الثقافي لها مبني على أن الوحدة الأساسية في المجتمع هي الفرد، ومفهومه للسعادة مسألة شخصية بحتة يجب أن تعلو على أي شيء آخر، ومازالت مفاهيمهم للكون مبنية على الصراع بين النقيضين، الرجل ضد المرأة، والأبيض ضد الأسود، الإشتراكية ضد الرأسمالية، البرجوازية ضد الطبقة العاملة، وهم ضد نحن، وهذا تفكير مراهقين قُصّر، نحن قد تجاوزناه من آلاف السنين، وهم اخترعوا طريقة لإيجاد نهاية مرحلية لموضوع الصراع يحدد بها الفائز ليبدأ الصراع مرة ثانية وأطلقوا عليها الديمقراطية.

          بدأ الياباني يصيح أيييووووه ويقول صحيح ما تقوله

          قلت له المصيبة أن هؤلاء المراهقين القُصّر يظنّون الآن أنهم الأفضل، ويجب علينا أن نتبع مفاهيمهم لكي نعيش بسعادة وإلا...؟

          بدأ الياباني يصيح أيييوووووووووووووه وبدأ بالركوع لي عدة مرات تبجيلا وتكريما ويقول أنت اليوم نبهتني على أشياء كانت غائبة عني أشكرك جدا

          قلت له والمصيبة الأكبر أن هناك الكثير منّا نحن أهل الحضارات والبالغين من الحكمة بسبب تراكم الخبرة من يقتنع بكلام هؤلاء المراهقين ويظن أنهم الأفضل مع الأسف

          هنا أزبد وزمجر وأخذ يضحك بأعلى صوته وقال أنت أستاذ حقيقي

          قلت له والمصيبة الكبرى يطلقون علينا إرهابيين، وضحكت وسلمت عليه وتركته وهو يظهر احترامه وتبجيله بالركوع أكثر من مرة ويقول شكرا لك أستاذي بعد أن تبادلنا بطاقات التعريف وطلبه والإصرار على بقاء الاتصال بيننا.

          ما رأيكم دام فضلكم؟
          التعديل الأخير تم بواسطة د. وسام البكري; الساعة 17-10-2009, 12:35. سبب آخر: حذفت بموافقة أبي صالح/ رئيس الصالون.

          تعليق

          • حكيم عباس
            أديب وكاتب
            • 23-07-2009
            • 1040

            #6
            رد: حوار الحضارات و شرقنا الفاتن

            المشاركة الأصلية بواسطة عبدالرؤوف النويهى مشاهدة المشاركة
            [align=justify]
            فى بداية السبعينيات من القرن الماضى ..أصدر الدكتور / زكى نجيب محمود ..كتيبه "الشرق الفنان"...ما فهمته آنذاك لم يخرج عما طرحه الدكتور حكيم عباس.

            وقد سبقهما أستاذنا الراحل /توفيق الحكيم.. فى كتابه "عصفور من الشرق"
            إذن القضية مطروحة من سالف الأيام والسنين.

            ما الجديد فى الطرح ؟؟

            [/align]
            ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
            [align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=right]
            الأستاذ عبدالرؤوف النويهي
            تحياتي الطيّبة

            "الشرق الفنّان" للدكتور زكي نجيب محمود صدر في بداية عام 1960 .
            "عصفور من الشرق " قصة لتوفيق الحكيم صدرت عام 1938.
            "الاستشراق" كتاب إدوارد سعيد صدر عام 1976
            مصطلح "صدام الحضارات" ظهر في مقالة لصموائيل هنتنغتون عام 1993

            مقالتي تتحدّث عن "صدام الحضارات" ثم الاقتراح بالبدأ "بحوار الحضارات" و عن الخطاب الاستعماري في الثقافة الغربية المتأصل في كلّ الحركات الاستشراقية الغربية و من ضمنها حتى فن "الأورينتليزم" ، و الذي كشف الجانب الإنساني و الأخلاقي المزيّف في نظرة الثقافة الغربية للشرق.

            هذه المصطلحات و مفاهيمها لم تكن معروفة و لا تفجر الصراع المكشوف المتمثّل بالاجتياح الثقافي الغربي العنيف بمعنى طالصراع"، لم يكن "ثيما" واضحا في الثقافة العربية حين صدر الكتابان المشار لهما ،لذا لم أفهم مقصد حضرتك بسؤالك : أين الجديد في هذا الطرح.!!!

            من جانب آخر ، قصة توفيق الحكيم تعالج صراعات عاطفية و فكرية لشاب خرج من الشرق إلى باريس ، فتضاربت المفاهيم و القيم في نفس هذا الشاب ما يصّوره الكاتب بطريقة رائعة ، فهل هذا شمل أيضا فحوى مقالي ؟؟ أرجو التوضيح.

            كتاب الدكتور زكي نجيب محمود ( رغم تحفظي الشديد على مرتكزاته الأساسية ، و لي مداخلة نقدية في هذا ) إلا أن الكتاب يتحدّث عن عقلية الشرق الاقصى التي تنظر للوجود بشكل فني روحاني و الغرب الذي ينظر للوجود بعقلية علمية و الشرق الأوسط (نحن) بينهما أخنا من هذا و من ذاك ، فننظر للوجود بالمنظارين الروحاني (الفني) و العقلي العلمي ، و هذه نظرة توافقية غريبة التّفسير !!! و لا أريد أن أتوسّع بها هنا لخروجها عن السياق .
            أمّا الصراع و النزعة الاستعمارية و الفوقية و العنصرية الغربية ...الخ لا علاقة لها بالأفكار الرئيسية المطروحة في كتيّب د. زكي نجيب ، إذ مرّة أخرى يتحدّث الكتاب عن الجوانب الايجابية لتزاوج الشرق و الغرب و ليس الصراع العنيف.

            و عليه أستاذي الكريم يا حبّذا لو توضّح مقصدك أكثر ، فالحكم على كلّ ما جاء بالمقال بأنه قديم و لا جديد فيه أو قفني و دفعني للاستزادة من حضرتك فيما ذكرت .

            مع كل الاحترام و التقدير
            حكيم
            [/align]
            [/cell][/table1][/align]

            تعليق

            • عبدالرؤوف النويهى
              أديب وكاتب
              • 12-10-2007
              • 2218

              #7
              رد: حوار الحضارات و شرقنا الفاتن

              [align=justify]
              أستاذنا القدير الدكتور / حكيم عباس

              تقديرى لكم ولكتاباتكم ..يجعلنى أمد طرف الحديث وأشارك فيما تسعون إليه من حوار بناء وفكر جاد ولغة راقية .


              العرب فى مواجهة الإستعماروالعدوان ..لم يتوقف منذ قرون وقرون وأعود إلى الوراء ..منذ الحروب الصليبية .
              والمركزية الأوربية تحاول ..دائماً وأبدأً.. أن تكون موطن الحضارة ومهبط العقل ومعقل التمدن .

              الكتابات عن الشرق ..وكما قرأتُ هى حلم جميل مفتقد يسعى إليه الحالمون الذين إكتووا بسعير المركزية الأوربية .

              وانقسم الكتاب قسمين فمنهم من يُعلى من شأن الشرق أرض الرسالات والسكينة والأمن ..وكفى بهم من أرض طاهرة ونفوس مؤمنة ومنذ يومين كنت أطالع الديوان الشرقى للشاعر الغربى .. لجيته أو جوته ..ترجمة الدكتور /عبد الغفار مكاوى .. وأشعاره هى قصيدة حب ومشاعر جياشة فى أمة الشرق ..وكأنى به يقول .. الشرق موطن القلب والأمن والطمأنينة ، والغرب مهبط العقل ..الذى لايهدأ ولا ينام . أو دعوا العقل لنا ولكم القلب بمشاعره الفياضة .

              وهناك من الكتاب من يسحق الشرق ويطالب بتعليمه وتنويره ..فنحن فى عداد البدائيين والهمجيين ..إنها رسالة الرجل الأبيض ..كما أوضحتم .

              صدام الحضارات ..سيدى العزيز ..قرأته مترجماً أكثر من مرة ..خرجتُ منه بتقسيمات وخرائط وكلام كثير ..واشتهر الكتاب وأصبح صاحبه من أشهر كتاب العصر ..ومات صاحبه وصار الكتاب على أرفف المكتبات يعانى البوار والكساد ..ما أقصده أن صدام الحضارات أو كما حاول الرئيس الإيرانى السابق حسب علمى أن يطرح مقابلاً لمقولة هنجنتون "حوار الحضارات".

              صدام الحضارات ..هو تقرير مخابراتى من الدرجة الأولى لصناع القرار فى أمريكا والمركزية الأوربية ..هى محاولات لتبرير السيطرة على العالم.

              و أتفق معكم ..أن الصراع لن ينتهى وكل يوم يأتى بجديد الأفكار كى يستمر الإستعمار وانتهاك المنطقة العربية الإسلامية والعودة بها إلى العصر البدائى كما قال قائد الجيوش الأمريكية أثناء غزو العراق العظيم .."لقد أرجعناهم إلى العصور الأولى "

              لن أزيدك علماً ..سيدى الدكتور..فبضاعتى متواضعة وهى ثقافات أجمعها من هنا وهناك.. قد أخطىء وقد أصيب .. ويبقى لى فى نهاية الحديث شرف المحاولة .
              وأتسائل .. سيدى العزيز .. هل ما يحدث الآن من تفتيت وسحق ومحق وتقتيل ...جديدُ علينا ؟؟

              الغرب وأمريكا ينظرون إلينا .. كما ينظر الجزار لخرافه المعدة للذبح؟؟
              ماقلته سيدى العزيز أن الصراع الذى يتلون كل يوم وكل ساعة ،بمفاهيم جديدة وأساليب مبتكرة ..ليس جديداً ..وربما هناك من الكتاب من قتلوه بحثاً ..ولكن لم أستطع الحصول على مؤلفاتهم.

              منذ عدة سنوات (1997م)صدر الجزء الأول من كتاب آثينا السوداء واحتدم النقاش بشأنه ..قرأت الكتاب بمجلداته الثلاثة (جزاءان ) التى نشرهم المجلس الأعلى للثقافة بمصر وباقى جزئين آخرين لم يتم طبعهما بعد للكاتب مارتن برنال ..
              ربما إذا كان فى العمر بقية ..أن أتكلم عن هذ الكتاب الضخم بجزئيه ومجلداته الثلاثة ..
              [/align]

              تعليق

              • أبو صالح
                أديب وكاتب
                • 22-02-2008
                • 3090

                #8
                رد: حوار الحضارات و شرقنا الفاتن

                أظن ما حصل في المراسلات الخلفية لكي استطيع إخراج مداخلتي السابقة إلى النور هو مثال عملي لمفهوم جانبين يتدافعان في الموقع هناك جانب يريد التعايش مع الاختلاف وهناك جانب يريد أن يجد له موقع قدم بأي ثمن على حساب الآخر، وأظن هي مثال عملي للمشكلة التي يناقشها هذا الموضوع، بين أن يكون هناك حوار كما هو فهمنا بسبب حضارتنا وبين أن يكون صراع بين الأضداد حسب المفهوم الغربي بسبب محاولات ممثلي التفكير العلماني والديمقراطي في الموقع فرض سيطرتهم على الصالون الحالي كما حاولوا فرض سيطرتهم على الصالون السابق بأي ثمن وأدت إلى فشل تلك التجربة، ولذلك سأضطر لسير نفس المسار لكي أخرج هذه المداخلة للنور، وسأستمر كذلك حتى أتأكد من أنهم سيتعاملون بمفهومنا نحن للحوار وليس المفهوم الغربي الذي يعتمدوه ألا وهو الصراع بين الأضداد.

                أنا اختلف مع طريقة الطرح أعلاه في نقطة أساسية ألا وهي عدم اعترافها بأي حضارة في منطقتنا بعد الأندلس، وهم هنا ينطلقون بنفس طريقة التفسير الغربية أو الاستشراقيّة ولكن بمفهوم (قومي شوفيني مستورد من الغرب) بعيد عن المفهوم الإنساني والمضحك تحت عنوان مفاهيم إنسانيّة في نفس الوقت في تناقض شديد (أظن هذه نقطة تمثل الضبابيّة اللغويّة)، حيث يجب أن لا ننسى أنهم يعتبرون كل العالم الإسلامي كتلة واحدة في هذا الموضوع كما طرحه صاحب الموضوع نفسه، أليس في تلك الحالة تقزيم حالنا إلى فقط قوميّة واحدة فيه خسارة لنا في كيفية تمثيل أنفسنا أمامهم؟

                بالإضافة إلى أن هناك فرق كبير ونقطة جوهريّة في مسألة حوار الحضارات يجب أخذها بعين الاعتبار من وجهة نظري ألا وهي في طريقة الرؤيا والتعامل مع الآخر (الغريب) واختلافها بين الشعوب التي لديها حضارات تقدر بآلاف السنوات وبين الشعوب التي عمر حضارتها تقدر بمئات السنين،

                ولتوضيح ذلك أنقل مداخلة لي من حوارنا تحت العنوان والرابط التالي ومن أحب الاستزادة فعليه الضغط على الرابط

                هل الرجل يفهم المرأة أفضل من المرأة، وهل المرأة تفهم الرجل أفضل من الرجل؟



                المشاركة الأصلية بواسطة مكي النزال
                الأستاذ أبو صالح مرحبا

                من هذا المنظور، أؤيد القول أن الفهم بين جنسين مختلفين أفضل. ربما بسبب التجاذب الفطري بين الجنسين كما بين قطبي المغناطيس.


                هذا رأينا دام فضلك

                .
                أتفق معك في هذا الجزء المقتبس، ولكن رؤيتي في الجزء التالي أظن تختلف إن أردنا أن نعممها

                المشاركة الأصلية بواسطة مكي النزال
                من ناحية أخرى، فالرجال قد يحسدون بعضهم البعض وفي كثير من الأحيان يبدأ قراءته بالتفتيش عن الخلل في نصوص غيره (من الرجال) وكأنه قرأ لينتقد وينتقص ويبرز عضلاته (الفكرية ) على حساب نص غيره.

                هذا رأينا دام فضلك

                .
                أنا أظن الموضوع بشكل عام ليس الحسد بقدر ما هو ظنّنا بأننا نفهم جنسنا من خلال قالب معين أي من خلال خلفيّة مسبقة، بينما ننظر للجنس الآخر بطريقة مختلفة بدون خلفيات مسبقة، كما هو الحال عندما يأتِ غريب بمظهر مقبول لا يدعُ للريبة فنحسن الظنّ به في العادة وتكون معاملتنا له مختلفة وبأرقى طرقنا وهو ما يُعرف عنه بكرم العرب بشكل عام والذي أظن سببه عراقتنا وتراثنا العميق والكبير جدا مقارنة ببقيّة شعوب الأرض وهذه الحال تراها كذلك في بقية مناطق العالم مثل الهند أو الصين، أما بالنسبة للمجتمعات قليلة العراقة والتراث فتراها تتعامل مع الغريب بشكل عنصري ونظرة دونيّة أو متوجسة تتوقع كل الشر يصدر منه كما هو حال الجاليات في الدول الغربيّة مثلا وموقف المجتمع منها

                ما رأيكم دام فضلكم؟

                تعليق

                • حكيم عباس
                  أديب وكاتب
                  • 23-07-2009
                  • 1040

                  #9
                  رد: حوار الحضارات و شرقنا الفاتن

                  المشاركة الأصلية بواسطة أبو صالح مشاهدة المشاركة
                  بالرغم من تحفظي الشديد على فكرة الصالون بسبب ما حصل في الصالون السابق، ولكن هذا الموضوع يهمني لأهميته القصوى في ضرورة وضعه في سياقه الصحيح ...........


                  حوار الحضارات

                  هذه المحاورة حصلت في الشهر السادس من العام الماضي في أحد المعارض في شرق آسيا بخصوص تقنية المعلومات. .........

                  ...........قلت له أنا وجدت من ترحالي في بقاع الأرض أن المناطق التي حوت مجتمعات لها حضارات قديمة مقدرة بآلاف السنين كأن الجمع الثقافي للخبرة البشرية واحد في الأمور الأساسية، فكلها تجتمع في أن الوحدة الأساسية للمجتمع هي الأسرة ويرأسها الرجل، ومفهومهم للكون أن هناك خالقا، وأن كل شيء في هذا الكون يكمّل بعضه بعض، الرجل يُكمل المرأة، والأبيض يُكمل الأسود، الفقير يُكمل الغني، الليل يُكمل النهار، وأنا وأنت كل منّا يكمّل الآخر، ومفهومنا للسعادة ينطلق من خلال إسعاد العائلة والعمل للعائلة، ولكن نختلف في التفاصيل ولا يهم إن كنّا يابانيين أو صينيين أو كوريين أو هنود أو عرب ولا يهم إن كانوا مسلمين أو بوذيين أو مسيحيين أو غير ذلك من الأديان
                  بدأ الياباني يصيح أييييووووه
                  ووجدت في الجانب الآخر في المجتمعات التي لها حضارة تقدر بمئات السنين، وتعتبر ما زالت طفلا في عمر المجتمعات على كوكب الأرض، مثل الأوربيين والأمريكان، فأن الجمع الثقافي لها مبني على أن الوحدة الأساسية في المجتمع هي الفرد، ومفهومه للسعادة مسألة شخصية بحتة يجب أن تعلو على أي شيء آخر، ومازالت مفاهيمهم للكون مبنية على الصراع بين النقيضين، الرجل ضد المرأة، والأبيض ضد الأسود، الإشتراكية ضد الرأسمالية، البرجوازية ضد الطبقة العاملة، وهم ضد نحن، وهذا تفكير مراهقين قُصّر، نحن قد تجاوزناه من آلاف السنين، وهم اخترعوا طريقة لإيجاد نهاية مرحلية لموضوع الصراع يحدد بها الفائز ليبدأ الصراع مرة ثانية وأطلقوا عليها الديمقراطية.

                  قلت له المصيبة أن هؤلاء المراهقين القُصّر يظنّون الآن أنهم الأفضل، ويجب علينا أن نتبع مفاهيمهم لكي نعيش بسعادة وإلا...؟

                  قلت له والمصيبة الأكبر أن هناك الكثير منّا نحن أهل الحضارات والبالغين من الحكمة بسبب تراكم الخبرة من يقتنع بكلام هؤلاء المراهقين ويظن أنهم الأفضل مع الأسف
                  هنا أزبد وزمجر وأخذ يضحك بأعلى صوته وقال أنت أستاذ حقيقي
                  قلت له والمصيبة الكبرى يطلقون علينا إرهابيين، وضحكت وسلمت عليه وتركته وهو يظهر احترامه وتبجيله بالركوع أكثر من مرة ويقول شكرا لك أستاذي بعد أن تبادلنا بطاقات التعريف وطلبه والإصرار على بقاء الاتصال بيننا.

                  ما رأيكم دام فضلكم؟
                  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                  [align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=right]
                  الاستاذ أبو صالح
                  تحياتي

                  موضوعي أعلاه يبحث في إفرازات المركزية الثقافية الغربية و عن الخطاب الاستعماري الأوروبي الذي يصبغ مختلف الجوانب الثقافية و الفكرية و السياسية و الاقتصادية الذي كشف عنه ادوارد سعيد في كتاب الاستشراق في عمل مازالت أوروبا تقف عنده معرفيا و فكريا..
                  يقابله الدّعوات إلى حوار الحضارات مقابل الصراع ، هذا هو المحور الأساسي : هل نصارع أم نحاور ؟؟ و كيف نفعل كل منهما ؟ كيف نحمي أنفسنا و كيف نحصل على حقنا الإنساني في الحياة على وجه الأرض ببصمتنا الثقافية و الحضارية الخاصة؟

                  لذلك أعتقد ان مداخلة حضرتك التي تقدّم انطباعات شخصية حول شكل و أصول الخلاف بين منطقتين واحدة حوت حضارات قديمة و أخرى لم تحوي حضارات قديمة ، و فسّرت بهذه الانطباعات الشخصية الخلاف بين هذا و ذاك ، برمّته خارج السياق و لا علاقة له بالمحور الأساسي الذي يطرحه مقالي.

                  لكنّني أودّ بصفة شخصية ، و ليس كمحاور حول مقالة "صراع الحضارات و شرقنا الجميل" أن أعقّب على مداخلتك بالتالي:

                  اعتمدت في تقسيم العالم إلى منطقتين ، لا على أساس جغرافي و لا تاريخي و لا عرقي و لغوي و لا ديني و لا ثقافي و لا من أي نوع بل قلت التالي:
                  ** المناطق التي حوت مجتمعات لها حضارات قديمة مقدرة بآلاف السنين...
                  ** المجتمعات التي لها حضارة تقدر بمئات السنين...

                  لا أعتقد بوجود شبر على يابسة الكرة الأرضية حيث تتوفّر ظروف مواتية للحياة (بما فيها الصحاري) لا توجد بها معالم حضارية عمرها آلاف بل عشرات الآلاف من السنين ، بعضها نعرف عنه و بعضها لا نعرف عنه ، لكنّها جميعها عاشت في الحقبات الأقرب إلينا زمنيا في تداخل و تشابك فيما بينها ، خاصة مع تطوّر وسائل النقل مثل العربات و السفن و ركوب الأنهار ، كلّها أثرت و تأثرت بعضها ببعض ، لا توجد حضارة واحدة نعرفها لا تخلو من عناصر حضارة أخرى عاشت قبلها أو معها في نفس الفترة الزمنية .
                  الذي يشكل استثاءا قويا هم سكان أمريكا الشمالية و أمريكا الجنوبية و القارة الأسترالية ، كونها كانت بقاع مجهولة عاشت بمعزل عن الاحتكاك بحضارات باقي أجزاء الكرة الأرضية المعروفة لدينا ، فتكون بذلك شعوب بدائية متخلفة كما كان سكان أسترايا ، أو قبائل في بداية التحضر و لها متاع ثقافي ديني و تراث شعبي كما هي الحال في قبائل الهنود الحمر ، أو حضارات قوية متقدّمة تُقارن و أحيانا تتفوّق على بعض الحضارات المعروفة في العالم القديم ، و هي حضارات المايا في وسط و جنوب القارة الأمريكية.
                  بالتالي التقسيم غير موضوعي و لا أساس علمي له ، و لا يصلح لأي استنتاج على أساسه.
                  أمّا إذا كان المقصود بهذا التقسيم هو الشرق و الغرب و لكن عبرت حضرتك عنه بأسلوب ايحائي غير مباشر ، فهذا موضوع مختلف و الرّد عليه يكون مختلفا كذلك لأن التناقض في هذه الحالة أشدّ و أبرز.

                  الحضارات الهندية - الحضارة الصينية - الحضارة اليابانية - أواسط أسيا - روسيا
                  - الفارسية - الشعوب التركية - حضارت الشعوب السامية (إذا صحّ تعبير السامية) - الحضارة المصرية - طروادة - الإغريق - الرومانية الغربية - الرومانية الشرقية...الخ
                  كلّها حضارات تواصلت فيما بينها و هي حضارات قديمة و لها وَرَثَتها و كلّها بآلاف السنين ، فهل آلاف السنين أو مئات السنين يمكنها أن تكون قاعدة نميّز على أساسها بين نمط حضاري و آخر؟؟
                  طبعا لا ، فهنا بين كل هذه الحضارات تنوّع جغرافي غير محصور لا بشرق و لا بغرب ، و تنوع إثني غير مرتبط بجنس أو عرق ، و تنوع عقائدي غير مرتبط بالتّوحيد و لا بخالق حتى ، و تنوّع اجتماعي غير مرتبط بتريكيبة المجتع البنيوية و لا بموقف الإنسان في هذه الحضارات من الأسرة أو من المرأة أو من الرّجل.

                  قضيّة المرأة .. المرأة متنحيّة منذ آلاف السنين في الحضارة البشرية و ليس لها دور القيادة بشكل عام إلاّ في حالات محدّدة في التاريخ مثل الحضارة المصرية و بعض المناطق الآسيوية ، غالبا ما تكون صلة الدّم بعائلة محدّدة و مقدّسة هي السبب في ظلّ عدم وجود رجال.. أي أن الفكر الديني و المعتقد هما السّبب و ليس موقع المرأة في المجتمع و النّظرة لها (في كل هذه الحضارات توجد إلهة أم ، و منها ماعبد حتى فترة قريبة في الهند ).

                  في لندن حتى بداية الستين من القرن الماضي ، كان مجتمعا محافظا ، يصعب على الفتاة الزواج في عائلة لندية عريقة إن لم تكن بكرا .. في لندن في الشارع لم تكن النساء تجرؤ على الخروج كاشفة الساقين و كان هناك موضات للبس محتشمة لا يجوز الخروج عنها ، نفس الحال في باقي أوروبا ، بل أشدّ صرامة ، الذي حدث هو انقلاب أمركي بعد الحرب العالمية الثانية بسبب المشاريع الضخمة لإعادة بناء أوروبا بعد تدميرها و ما صاحب هذا من غزو للشركات الأمريكية و البحث عن وسائل سهلة و سريعة للربح ، فصارت الموضوة تقفز إلى أفكار جريئة و يرّوج لها. مازال حتى يومنا هذا في الرّيف الأوربي خاصة أواسطها ، العذرية عند الفتاة مشكلة اجتماعية قائمة.
                  بقي أن أقول أن البغي ، أي الدّعارة هي اختراع شرقي في داخل الحضارات التي عمرها آلاف السنين ، و لم يكن اختراعا غربيا ، و قد ازدهر ازدهارا شديدا في بعض المدن الدول الكنعانية و هو لم يكن خارجا عن الأخلاق كما ننظر له نحن الآن بل كان جزءا من المعتقدات الدينية.

                  سأتوقف أيضا عند هذا القول : ""الجمع الثقافي للخبرة البشرية واحد في الأمور الأساسية، فكلها تجتمع في أن الوحدة الأساسية للمجتمع هي الأسرة ويرأسها الرجل، ومفهومهم للكون أن هناك خالقا""
                  هذا صحيح و ينطبق على كلّ التجمعات البشرية في كل مكان من سكان العالم بما فيها أوروبا بالأمس و اليوم . هذا ليس حكرا على الحضارات الشرقية و ليس اختراع الحضارات التي عمرها آلاف السنين فقط .
                  الذي يضعف بنية العائلة أو القبيلة و من ثمّ الأسرة و يجعلها تتفكّك و يحلّ الفرد محلّها هو أمر مختلف ، سأتعرض له.
                  الذي حكم أوروبا عشرات بل مئات السنين هي عائلات مترابطة و متماسكة ، و العائلات العريقة في تاريخ أوروبا لها دور أساسي مازال طازجا في الذاكرة الأوروبية ، أوروبا الوحيدة في العالم الذي كان بها محاكم و قانون خاص لتثبت نسبك لعائلة معيّنة ، و هذا كان انعكاسا للوضع الاجتماعي العام ، المبني على أساس عائلي ، لماذا؟؟
                  لأن الاقطاع هو الذي كان يحكم مئات السنين و الاقطاع مرتبط بالأرض و الأرض ملكية تورّث. وهذه الاقطاعية حمت نفسها بالدين بتحالفها مع الكنيسة ، و لما كان الكلّ يجري لاكتساب هذه القوة صارت الكنيسة تستغل هذه النقطة فتقف مع من يدفع أكثر ، و هكذا شبكة مصالح لا تنتهي أدت لسقوط الكنيسة في الصراعات العائلية حتى أدق التّفاصيل و كانت هذه أحدى البوابات الرّئيسيّة التي أدخلتها إلى القمع و السيطرة على الإنسان و كل مرافق حياته. انهارت العائلة الحاكمة في أوروبا كجوهر سياسي على أثر الحروب القومية المدمّرة و الطاحنة ، صعدت القومية و النازع الوطني ، فتدمّرت العائلة الإقطاعية و العائلة العريقة كدور سياسي ريادي في المجتمع ، تبع ذلك الشعور القومي ، مطلب الوحدة ، فاشتعلت الحروب الوحدوية في أوروبا و هكذا و لدت الدول الجديدة بشكلها الحالي : ايطاليا المانيا فرنسا ...الخ . الشاهد على حكم العائلة هو السلطات الملكيّة المحصورة في العائلات التي ما زالت تحكم مثل ملكة بريطانيا و لكن شكليا .
                  الأسرة لم تسقط و بقيت ، العائلة الصغيرة المرتبطة بالدم ، لم تسقط و بقيت و ما زالت في الريف الاوروبي قائمة.
                  تماسك الأسرة و تماسك العائلة ، مرتبط بالريف و بالاقتصاد ، فحين اشتعلت الثورة الصناعية ، تكاثرت المصانع ، هذه تحتاج لأيدي عاملة ، منبع الأيدي العاملة هو الريف ، الهجرة السريعة و المكثّفة من الرّيف إلى المدينة ، دمّر الترابط العائلي ..
                  تتطور الحياة و تشابكها و تحوّل الإنسان من منتج لكل حاجاته (في الريف) إلى منتج للنقود (الرّاتب) فهو عامل أو موظف ، ماذا سيفعل بالنقود ؟
                  عليه ان يشتري بها حاجاته من أكل و شرب و مسكن و ملبس ... إذا لم تكفه هذه النقود سيقع في الحاجة .. عدم اتزان الرواتب مع متطلبات الحياة ، و انخفاض الرواتب بسبب جشع أصحاب المصانع للربح ، جعل الإنسان العامل أنانيا يريد ان تكفيه نقوده و هكذا تدمرت الأسرة ، و اضطرت المرأة للعمل لتلبي حاجاتها ، و حاجات أولادها .. كل مرحلة من هذه المراحل ليست بهذه البساطة التي أسردها هنا ، بل لها تشعباتها و تطوراتها الخاصة بها و التي سيتبعها حتما تغيّر في الفكر و في المعتقد و في الانتماء و في التفكير و في كلّ شيء..
                  هكذا وصلت أوروبا إلى ما تراه الآن ، بالغالب الفرد هو البنية الرئيسية لكن الأسرة ما زالت قائمة و قوية حتى في الريف الأمريكي. المشكلة أن الأسرة أصبحت تحوي فردين مستقلين اقتصاديا الأم و الأب بدلا من الأب لوحده ، و هكذا صارت حالات الطلاق كثيرة .. و هذه مشكلة تحتاج إلى صفحات من الشرح.
                  تحرّر المرأة بالشكل الذي تراه الآن في المدن الأوروبية الكبرى جاء نتيجة صراع و نقاش و نضال دام مئات السنين و لم ينتج لأن أوروبا عمرها مئات السنين فنتج هذا النّمط !!!
                  المرأة كانت مهملة و متنحّية و محصورة و محكومة تُطالب بكل ما تطلبه منها اليوم بعض المجتمعات الشرقية . أقصد أن الوضع الذي نراه حاليا ليس قديما و ليس ناتج آلي للأسرةمتفكّكة ، لأن المجتمع مبني على الفرد ، لأن الحضارة هنا حديثة و مراهقة ... الخ كما برّرتها حضرتك ، بل أتى تدريجيا مع التّحولات الاقتصادية و بالذّات الصناعية في أوروبا ، أي تحوّل في هذا المجال يتبعه تحوّل موازي في المجال الاجتماعي و الفرد ... كما حصل في الشرق (اليابان مثلا) و يحصل الآن أمام اعيننا في بعض الدول و منها العربية و سأوضح.

                  أخي العزيز (ابو صالح)هذا ينطبق أيضا على الشرق و حيث كانت الحضارات العريقة بما في ذلك شرقنا و الشرق الأقصى الصين و اليابان. اليابان اليوم مثلا الأسرة لا تكاد تكون موجودة بالمفهوم التقليدي.. أعيد و أقول أن الثورة الصناعية و التمدن يجلب معه سلبية ضخمة و هي هجر الأرض و التحوّل للمصنع ، الرحيل عن الرّيف إلى المدينة ، يجعل الفرد يتحوّل من منتج للحاجات المباشرة لمنتج لوسيط بينه و بين حاجاته و هي النقود .. هنا كلّ المشكلة. دولنا لم تصبح دول صناعية متطورة حتى تصبح الظاهرة عامة ، لكن يمكنك رصد هذا التّحول حتى على أبناء قريتك و أبناء حيّك في أي دولة عربية تريد . تستمع للناس و لنفسك و أنت تقول: تغيّرت الدنيا ، ما عاد أحد يتطلّع لمساعدة أحد .. حتى الأخوة ماعادوا كما كانوا .. تزداد حدّة هذه التغييرات ، و وضوحها كلّما ولجت المدن الصناعية الرئيسية و العواصم و المدن الكبرى.و كم زميل نراه معنا يطلب إجازة يوما إضافيا قبل العيد أو بعده لأنه يريد الذّهاب لزيارة أمه في القرية الفلانية اليي لم يرها منذ العيد السابق ؟؟؟ هذا هو الرّحيل المؤلم و القصري عن مكانك كي تصبح منتجا لوسيط عالمي = النقود = كي تؤمّن حاجاتك و حاجات أولادك..

                  إذن الظاهرة التي تقول عنها هي ليست مرتبطة بالحضارات و عمرها ، بل مرتبطة بتحولات اجتماعية في المجتمع ناتجة عن تحولات اقتصادية و هذه شاملة و عابرة للحدود و تنطبق على كلّ البشر.

                  النقطة الأخيرة التي أريد طرقها و لو أن النقاط كثيرة جدا لكن اكتفي بهذا القدر ، فردي أصبح طويلا جدا.
                  النقطة هي الصراع الذي يصوره نصّك و كأنه فقط في الجانب الغربي على افتراض أنك كنت تعني الجانب الغربي ، الذي حضارته مئات السنين و ليس آلاف (علما بأن الرومان و الإغريق أوروبيون و هما حضارتان عمرهما بالآلاف) .الصّراع أيضا حالة بشرية عامة أينما وليت وجهك ، و لا يمكن تصنيفه بناءا على العرق و لا على الدين و لا على الجغرافية و لا على عمر الحضارة .
                  اليابان دولة استعمارية فظيعة بل بشعة الوجه في التاريخ و ما مارسته على المستعمرات في كوريا و الفلبين مثلا ، لم يخترعه الغربيون حتى ، و لك ان ترجع للتاريخ.
                  الصين و حروبها المدمّرة مع كل من هم حولها و خاصة اليابان ، و الحروب الداخلية الدموية .
                  شعوب أواسط آسيا و حضاراتهم وصلت حتى بغداد سفكا و دموية ، لم يخترع الأوروبيون مثلا شرب النبيذ في جماجم قياديي جيش العدو كما فعل هولاكو و جينكيزخان و العدو بسنابك الخيل فوق الجرحى.
                  حروب الحضارات الساميّة فيما بينها القائمة على الصراع ، فارس وما حولها الحثيون و المصريون الأشوريون و المصريون.. هذه صراعات معروفة و واضحة في التاريخ وضوح الشمس ، و كان هناك استعمارا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ، و ضرائب تجنيها الحاميات العسكرية على حدود الامبراطوريات للقوافل التجارية التي تستخدم الطرق التجارية المارة من أراضي هذه الامبراطوريات و لعل الأشهر بالنسبة لنا ، طريق الجزيرة العربية غزة و من غزة إلى الشّمال أو إلى مصر. هذه الطريق في جنوب الأردن و فلسطين اليوم و في شمال السعودية اليوم شمال تبوك و حتى مؤتة قديما) كانت تحرسها الحاميات العسكرية الفارسية ، أو الأشورية او البابلية ، ثم يهاجمهم المصريون فتصبح تحت حراستهم ، ثم الأنباط ثم الرومان و كل من استولى على الطريق تدفع له القوافل التجارية الضريبة . و كم من معركة خرج لها الفرعون من مصر ليقاتل العبرانيين الذين كانوا يعترضون الطريق التجاري من غزة إلى الشمال للمدن الكنعانية الأخرى فالحثيين في أسيا الوسطى أو فارس أو لبلاد ما بين النهرين ، يخرج للسيطرة على طريق غزة عسقلان مجدو... لا اريد ان أطيل أكثر ، التاريخ واسع و كلّ ما نقرأه عن الصراع اليوم كان موجودا دائما. لم يسعى الأنسان للتّكامل إلا مرغما و للمعات قصيرة في التّاريخ و أماكن محدّدة و جوانب محدّدة من الحياة الاجتماعية ، مثل المجموعة التي تتحدّث عنهم مخطوطات قمران ( قرب أريحا البحر الميت ) و مثل القرامطة في التاريخ الإسلامي .
                  الفروسية رغم كل شهامتها و صفاتها الايجابية و التي نعتد بها كعرب ، و الفروسية التي أخذت حيّزا كبيرا في الثقافة الإغريقية مثلا حيث كانت تُدرّس مع الفلسفة و الشعر و الحكمة هي في النهاية قائمة على الفردية على قوّة الفرد ، و صراعه مع خصمه ليثبت قوّته و إلا سقط كفارس.

                  مع كلّ الاحترام و التقدير

                  حكيم
                  [/align][/cell][/table1][/align]
                  التعديل الأخير تم بواسطة حكيم عباس; الساعة 18-10-2009, 16:24.

                  تعليق

                  • حكيم عباس
                    أديب وكاتب
                    • 23-07-2009
                    • 1040

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة الشربينى خطاب مشاهدة المشاركة
                    [align=center]
                    الأستاذ الفاضل / حكيم عباس
                    وضعت لنا نتائج دون مقدمات ، فالمعروف منهجياً أن المقدمات
                    تؤدي إلي نتائج ، والسؤال الملح
                    لماذا نحن مفعول به وهم الفعلون ؟
                    لماذا أقحمت " كامب ديفيد " والسادات في صراع الحضارات ؟
                    هل المعتقد الديني عند الغزاة من أيام التتار حتي الحملات الصليبية
                    هي الحجة التي استند عليها الغزاة في استعمار البلاد العربية؟
                    إذا كان كذلك ، لماذا احتلت تركيا البلاد العربية وجثمت علي قلب
                    شعبها أربعة مائة سنة ويزيد؟ لماذا ترك شعوبنا في ظلمات الجهل
                    بعد ان امتصت دمائهم لماذا تركنا لها الخلافة الإسلامية ؟00
                    إذا كنا منصفين حقاً علينا الإعتراف بأخطائنا أولاً ، تلك الأخطاء التي حولت المد الإسلامي إلي مغانم شخصية فتفرقنا شيعة وسنة وملل لا حصر لها ولا عد 000
                    هل الدولة الأموية سنت نظام للحكم يخالف الشريعة الإسلامية ؟
                    هل الدولة العباسية هي سبب تفكك الأمة الإسلامية ؟
                    ما سبب ضياع الأندلس ؟
                    ربما يكون السادات 0000!!!
                    طالماً اننا نهوي جلد بعض000
                    لماذا التهم الغرب العراق وحمل علي دباباته من المنافي رئيس جمهورتها وأحزابها الجديدة خلفاً لصدام وحزب البعث ؟
                    لماذا وافقت دول الخليج علي احتلالالغرب للعراق ؟
                    لماذا يقتل الشيعة السنة ويقتل السنة الشيعة ؟
                    هل اكراد العراق أقاموا دولتهم ؟
                    متي تتوقف العبوات الناسفة وقتل المدنيين في المساجد والمزارات ؟
                    من خطف وقتل السفير المصري في العراق ؟
                    ماهي أسباب غزو الكويت ؟
                    مع العلم أن السادات أغتيل قبل احتلال صدام للكويت فلا تحمله المسؤلية
                    وللصدام بقية
                    خالص تحياتي
                    [/align]
                    ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                    [align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=right]
                    الأستاذ الشربيني خطّاب
                    تحياتي

                    1. بالنسبة لموضوع السادت و كامب ديفد : السادات و كامب ديفد وردت في مقالتي في وضعيّة تشبيه و ليس سببا .. لا أدري حقا كيف قلبت حضرتك التشبيه في اللّغة العربية إلى سبب في علم المنطق و التّحليل.
                    أقول أن الذين يدعون إلى حوار الحضارات مثلهم مثل الذين دعوا إلى كامب ديفي خاصة السادات.
                    موافقتنا على هذه الدعوة مثل التوقيع على كامب ديفيد
                    الفرق أن كامب ديفد الأول (خاصة السادات) كان أضيق من هذا الذي نحن بصدده ، فأذا كان كامب ديفد الأول قد جلب الدّمار فالثاني سيجلب الاندثار..
                    إذن و بكل بساطة و وضوح كامب ديفد و السادات كانا محلّ تشبيه و ليسا محلّ سبب لما حصل كي تفسر حضرتك نكبات و كوارث الأمم من طوفان نوح إلى حرب العراق بأن سببه السادات!!! كيف جئت بهذا أنا لا أدري..أنا لم اقل هذا و لم ألمّح حتى له.

                    2. الخلط الثاني و الأشد خطورة الذي وقعت به مداخلة حضرتك ، الجنوح لتفسير التاريخ كلّه و حتى من قبل أن يكون هناك أوروبا و من قبل أن يكون غرب و شرق ، و قياسه على مقالتي الصغيرة المسكينة لتحمّلها أكثر من ما تحتمل.
                    مقالتي بالضبط تعالج افرازات النزعة الأوروبية الحديثة للتمركز حول ذاتها ، من عنصرية و خطاب استعماري و إعادة إنتاج الشرق كما يحلو لهم.
                    السؤال : أليس لهذا جذور تاريخية ؟؟
                    بلى ، لا شيء بدون جذور ، لكن مقالتي لا تعالج هذه الجذور تذكر أهمّها و لا تعالجها.. هكذا بكل بساطة ، إذا أردنا أن نطلب من كل من كتب مقالة عن أي شيء في السياسة الحديثة أو الاقتصاد الحديث أو الأدب المعاصر ، نقول له أنت تبحث في النتائج دون المسبّبات ، فارجع من التسلسل التاريخي من أيام نشوء الحضارات ، فلا أعتقد ان هذا يدخل ضمن نطاق تخصّص المقالة... أنا لا أجري بحثا ، و عندما أجريه و أعنونه "صراع الحضارات و السادات" مثلا تكون مداخلتك في مكانها مائة بالمائة.

                    3. ما تبقى من مداخلتك هو طرح انفعالي لمجموعة من الأسئلة الكبرى لا محلّ لها في مقالتي و لا جواب عليها في بضع سطور ، ومعظمها خارج سياق الموضوع (مثلا: ما علاقة الصورة النمطية للعرب عند الغرب في أفلام هوليود و خطاب الغرب العنصري الاستعماري ما علاقة هذا بالتزام الأمويون بالشريعة الإسلامية من عدمه!!! ) و ذلك ظنّا من حضرتك أنني أتهم السادات بكل مصائب العرب و المسلمين من أيام الدولة الأموية ، و هو الذي أجج صراع الحضارات !! مرّة أخرى أستاذي الكريم ، كامب ديفد و السادات استخدمتهما في محل تشبيه و التشبيه في اللغة العربية هو للتوضيح و ليس للتعليل أو التسبيب.

                    تحياتي
                    حكيم
                    [/align][/cell][/table1][/align]
                    التعديل الأخير تم بواسطة حكيم عباس; الساعة 20-10-2009, 08:32.

                    تعليق

                    • حكيم عباس
                      أديب وكاتب
                      • 23-07-2009
                      • 1040

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة يسري راغب مشاهدة المشاركة
                      الدكتومر حكيم عباس المحترم
                      تحياتي
                      موضوع حوار الحضارات هل يعني حوار الاديان
                      هل المقصود بالحضاره هنا العقيده
                      وما العلاقه بين حوار الحضارات والمصطلحات التاليه :-
                      - النظام العالمي الاحادي القطبيه
                      - العولمه والاقتراب الوظيفي الاقتصادي
                      - الفوارق بين دول الشمال ودول الجنوب
                      - الفوضى الخلاقه في الدول العربيه والمسلمه
                      مع كامل تقديري
                      ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

                      [ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;"][CELL="filter:;"][ALIGN=right]
                      الأستاذ الفاضل يسري راغب
                      تحية طيّبة

                      أشكرك جزيل الشكر على ما طرحت هنا من (أسئلة) و التي صيغت بذكاء و احكام ، و هي بالحقيقة ليست أسئلة بتاتا و إنّما ربط ذكيّ ناجح لمجموعة من المتناقضات (العدوانية و العنصرية) بطبيعتها و مفاهيمها و التي تفضح الخيط الخفي الذي يربطها فيما بينها ربطا عضويا و كأنّها كلّ واحد ، فقدّمتها بجمل قصيرة ، ككتلة واحدة ، كاشفا عن خطورة ما يجري .

                      منذ اللحظة الأولى الذي ظهر فيها مصطلح "حوار الحضارات" ظهر غامضا غير مفهوم الأبعاد فبدى رومنسيّا حالما ، فبدلا من الصراع ...تعالوا نتحاور ، و هي على مبدأ : بدلا من الحرب تعالوا نتفاوض!
                      التفاوض بين طرفين متحاربين بكل ما تعنيه كلمة الحرب من معنى ، فهل أوجه وافرازات الصراع الحضاري الذي صوّرها هانتنغتون هي حرب بين طرفين ، ندعوهما الآن للتحاور (أي للتفاوض)؟؟ . كيف أفاوضك و أنت تحتل الأرض و تسيطر على الفضاء و تنهب كلّ ما تحت الأرض ، و تستعبدني اقتصاديا و علميا و تدمّرني ثقافيا و اجتماعيا ، و تحاصرني و كلّ ما أملك بالنسبة لك إما ثروة تريد نهبها و إما مجموعة خزعبلات ذهنية و خرافات تتعالى عليها و تنظر لها بدائية مسكينة مضحكة !! و لا تعطي أي بادرة حسن نيّة حتى للكف عن أفاعيلك؟؟

                      التحاور الحضاري مثله مثل التفاوض في الحروب ، يجب أن يسبقه خطوات إذا كان جدّيا ، هذه الخطوات أقلها أن يعترف الغرب بجرائم استعماره الذي مورس على الشرق عقودا ، وليعترف أنه السبب الرئيس في تخلف جميع جوانب الحياة في الشرق ، و ليبدأ بفتح جيبه دون قيد أو شرط للبدأ بتنمية الشرق تنمية حرّة على شاكلة ما كان و ما زال يدفعه لإسرائيل تعويضا عن جرائم النازية ؟؟!!!
                      هذا من حيث المبدأ ، و أقل ما يمكن أن يقال ، لكن هناك ما هو أعقد و أخطر فمن حيث الجوهر ، كيف يمكنني أن أفهم هذا الحوار في مصلحة الشرق حين اقتصر تقريبا فقط على الدين !! و بعض الجوانب الثقافية !! و غيّب السياسة و الاقتصاد و تعقيدات و خصوصيات المجتمع الشرقي ، و غيّب العلم و حقّ الشرق فيه...الخ ، فبدى حوار الحضارات و كأنّه مظهر احتفالي عالمي ، تبرّر به الأنظمة العربية لشعوبها جلوسها و مصافحتها لزعماء اسرائيل!!! و لتغيير المناهج الدراسية !!! و تغييب آيات كاملة من القرآن عن أعين التلاميذ و المساجد و الائمة!!! و أي آيات ؟؟ تلك التي تحثّ على الكرامة و عزّة النّفس و الحقوق و الهبوب للدّفاع عنه ، فتشدّ الازر و تقوي النّفس و ترفع الجبين !! آيات منتقاة بتعمّد و عن سابق تخطيط . إذن هل هذا هو الحوار ؟؟
                      أن أحاورك على ديني و معتقدي و استسلم لك رسميا ، بل عقائديا ، بل حتى لو أدى للتلاعب بشرع الله؟؟
                      هل هو أن تقوم قامات دينية اسلامية و زعماء عرب و مسلمون بمصافحة زعماء الكيان الصهيوني رسميا و علنا و لكن مجّانا؟؟
                      لماذا توضع آيات محدّدة من القرآن الكريم على طاولة الحوار ، و جوانب عقائدية اسلامية (الجهاد) بينما لا يطلب أحد و لا يسمح لأحد أن يضع فصول من الكراهية و البغضاء و الحثّ على القتل و الاجرام و الإبادة على أساس عرقي عنصري كما هو الحال في أسفار متتالية من التواراة؟؟

                      مقابل هذه الصورة ، و متزامنا معها تدعو السياسة الأمريكية إلى الفوضى الخلاقة في الشرق ، بالتناغم مع (أغنية ) شمعون بيريس "الشرق الأوسط الكبير" ، فيردّد (الكورس) الأمريكي الشرق الأوسط الجديد. يبدأ الغرب فعلا هجمته و تطبيقه للفوضى في الشرق ، ضرب أفغانستان ، تدمير العراق ، حرب لبنان ، حرب غزة ، السودان ، الصومال ، الوضع في مصر ، دول المغرب العربي ، الفتن الشيعية السنية ، الفتن المحلية ...الخ و كلّها تهدف للفوضى ، أي فرط حبّات السبحة و تفكيك الدول القائمة و إعادة تركيبها (مثل البَزِل) على أسس مذهبية و إثنية و مصالح غربية إسرائيلية محضة.
                      أي حوار لأي حضارات في ظل كلّ هذه الحروب و الفوضى و من جانب واحد .. أي الغرب هو الذي يدبّر و ينفّذ !!

                      من يشك للحظة أن الوضع الراهن الذي يعيشه الشرق من تخلّف و تطاحن و كوارث إنسانية ، و الأشدّ منها كوارث ثقافية ، و مسح ، بل محق لوجودنا الحضاري ، ليتطلّع للفرق القائم و الماثل أمامنا بين دول الشمال (الغرب) و دو الجنوب (العالم النامي!!!) و من ضمنها الدول العربية .
                      هل هذا الفرق على جميع الأصعدة سببه ذاتي ، أي متعلّق بالجنوب و شعوبه نفسها ؟؟ أم هو نتيجة اعتداء و استعمار و نهب و سلب و حروب و اضطهاد وقمع على كلّ الاصعدة مارسه الشمال على الجنوب إما مباشرة بجيوشه و إمّا بأيدي حلفاءه أو بأيدي من نصّبهم بالقوة من عملاءه على الجنوب؟؟
                      كيف سيستوي حوار الشمال و الجنوب دون على الأقل خطوة صغيرة تسبقه ، بأن يتعهد الشمال بالبدأ (أقول البدأ و ليس إتمام) بتقليص هذه الفروق دون قيد أو شرط ، أي ليس أيضا لمصالحه ، بل لمصالح شعوب الجنوب نفسها و كيف هي تحدّد ذلك ؟؟

                      نعود لنقول أن الحوار (أي حوار الحضارات) هي فسحة تفاوضية مبهمة على شاكلة التفاوض السياسي عقب أو أثناء الحروب. الصّراع يفترض قوتين متصارعتين ، فأين هما ؟؟ أليس العالم اليوم بعد هزيمة الاشتراكية و سقوط معسكرها في قبضة قوة واحدة بدلا من اثنتين كما كان؟
                      فإذا كان العالم يخضع لقوة واحدة ، وكلّ من حاول المقاومة أو التململ أو التأفف في أي مجال من المجالات اتّهم بالإرهاب ، حتى في مجال الاقتصاد و عالم المال ، الشركة أو المؤسسة المالية ، أو البنك الذي يقرّرون التخلّص منه ، و وضع اليد على ممتلكاته (سرقته بكل ما تعني الكلمة من لصوصية و نذالة و دون تحفظ) يُتهم بالتّعاون مع ذاك الإرهاب الوهمي ، "الغول" الذي يخرجونه من جيوبهم ليخيفوا فيه العالم فيهجع ، كما كنا نهجع تحت الّلحاف في ليالي الشتاء خوفا من حكايا جداتنا عن الغول!!

                      هذا الجبروت المنفلت إلى حدّ السخرية ، ضاربا بعرض الحائط المنطق و العقول ، هو هكذا لأنه شرّ الجشع المادي ، و شرّ العنصرية و الفوقية حين تستشعر قوّتها ، فتصول و تجول محطّمة كلّ شيء .. و لا رادع ، بل على العكس ، يربطونها بالسماء و أن الله قد اصطفى الغرب (أمريكا بالذات) لتحرّر الإنسانية من الشر و تقيم مملكة الرّب!! وقاحة ثقافية مثيرة للأعصاب و استهتار بمجمل الحضارة الإنسانية التي أصبحت لعبة في يد رجل كاوبوي أسقط كلّ القوانين التي تلاحقه..

                      كيف لنا أن نفهم هذا الحوار بين (الحضارات!!) بالمواصفات التي رأيناها و بين العولمة و نظريات الاقتصاد الحربية العنيفة؟؟
                      العولمة واقع موضوعي مهما رفضناه و مهما قبلنا فهو غير قابل للرفض و القبول ، بمعنى ، و أعيد واقع موضوعي نتج عن تطوّر طبيعي في وسائل النقل و الاتصال ، و تطور هائل في تكنولوجيا المعلومات ، أحد جوانب إفرازات هذا التطور ، هو أن أصبحت الكرة الأرضية قرية صغيرة و سوقا واحدا شئنا أم أبينا ، من يريد رفضه فقط سيقوم بدور النّعامة الساذجة و سيُمْحق رغما عنه ، و من يريد قبوله فقط ، سيدمّر نفسه برضاه و سيمسح عن خارطة الحضارات .أي النتيجة واحدة ، لكن الفرق بينهما برضاك أم رغما عنك.

                      الغرب ، الآن في هذه الحالة المقصود الثقافة الأنجلو أمريكية (بريطانيا و أمريكيا) يحاول أن يستغل هذا الواقع الموضوعي و يجنّده إلى أقصى درجة لصالحه و لخدمته.
                      باقي العالم برمّته (بما في ذلك أوروبا نفسها) عليه أن يقرّر ماذا يفعل أمام هذا الواقع الذي لا سبيل لرفضه تماما ، و من الحمق قبوله تماما كما هو. من هنا بدأت تظهر للعيان الفجوة المتسعة و التناقض المتزايد بين أوروبا و القوة الثقافية الانجلو أمريكية.

                      السلعة الرئيسية اليوم على صعيد العالم هي الثقافة ، و في هذا المجال السيطرة مطبقة لأمريكا من جانبين ، الماكينة الانتاجية الضخمة لكل وسائل الثقافة المرئية و المسموعة و المقروءة و المنقولة عبر وسائل الاتصال الحديث ، في جمييع المجالات .من جانب آخر التّحكم بالفضاء و تقنية المعلومات ، التفوق ايضا بيد أمريكا ، بالتالي باقي العالم بما فيه أوروبا متلقي و مستهلك لهذه البضاعة الكونية. هنا بالضبط لا مجال للتنافس تقريبا ، فمهما عُقد من اجتماعات ، و حوارات و مهما سمعنا من تصريحات حول العمل على التّعدّد الثقافي و حرية المنافسة و شرفها ، هو كلام غيبي لا معنى له على أرض الواقع .
                      ما معنى أن تأتي أمريكا لتعقد اتفاق مع أي دولة عربية ، الأردن مثلا ، أو اي دولة من العالم النامي ، أنغولا مثلا ، بالتّعاون المشترك في مجال تقنيّة المعلومات ، و فتح الفضاء حرّا لكلا الطرفين و رفع القيود من كلا الطرفين على استخدام التقنيات المعلوماتية الحديثة ، و أن يعمل الطرفان على ترسيخ مفهوم تعدّد الثقافات و الاحترام المتبادل لخصوصيات كل طرف .. ألا يبدو الاتّفاق مضحكا؟؟ ما هي الإمكانيات الفضائية و التقنية و العلمية التي تملكها هذه الدول لتعقد اتفاقا يبدو متكافئا شكلا؟؟

                      لذلك معظم دول العالم أدركت خطورة الموقف ، فعلى الفور بدأت ترى العالم يغلي : اليابان بعظمتها تقوم بتحسينات و اجراءات اقتصادية جذرية ، و تغيير في بعض قوانينها و تحسينات واسعة على مجالات الثقافة و التعليم ، و كذلك الصين . كوريا كانت أشد عنفا و جذرية بإجراء الاصلاحات . روسيا و استنهاض الشعور القومي ، أوروبا تعجّل الوحدة ، فرنسا و المانيا إجراءات اقتصادية و تغييرات عميقة في المفاهيم المتبعة ، البرازل كذلك ، معظم باقي دول أمريكيا اللاتينية و كلّها اجراءات وقائية للحد من الاجتياح الثقافي الحضاري القادم لا محالة عبر الواقع الموضوعي لتطّور العلوم و التقنيات و المتمثل في النهاية بمصطلح صغير اسمه "العولمة" ..

                      أمام كلّ هذا .. ماذا فعلنا في العالم العربي؟؟!! لا شيء ، نتصرف و كأن الأمر لا يعنينا ، بل نعقد الاتفاقات الثنائية و الجماعية المضحكة و التي تتيح للطرف الآخر أن يفعل ما يشاء .. نحن غائبون كلّيا ، و كي يبرّر غيابنا ، أعطونا "حوار الحضارات" نتلهى به إلى أن تنتهي مهمّة محقنا.

                      أمريكا تستخدم العولمة كما أشرنا و تضخّم واقعها التقني لتحقيق مصالحها الاقتصادية و السياسية ، و تستخدم كلّ ما ذكر أعلاه في نفس السياق و لنفس الأغراض ، و ذلك وفق نظرية عسكرية عنيفة و محكمة و هي "الاقتراب غير المباشر" من العدو ، أي كيف تنتصر على عدوّك و تسقطه دون حروب و معارك ، عن بعد .. التّحكم عن بعد (الحصار و الدّعاية المكثفة ، و تحطيم معنوياته و تصوير الجنة خارج حدوده ...الخ )
                      هذه النظرية العسكرية تُطبّق الآن في الاقتصاد ، كيف تسقط منطقة ما بيدك اقتصاديا بحيث تكون كلّ مقدراتها و خيراتها لك ، و تكون هي نفسها سوقا لمنتجاتك ، بالوسائل و التقنيات الحديثة ، دون أن تحرّك الجيوش و أن تحتل و تصادم (إلاّ في الحالات القصوى) .

                      * و هكذا يصبح حوار الحضارات بكل تشعباته هو أحد وسائل نظرية الاقتراب الاقتصادي ( و ربما العسكري أيضا فالأمر متداخل)

                      *غول الإرهاب أحد أدوات نظرية الاقتراب

                      * الحصار و العقوبات الدولية بل مجلس الأمن و الأمم المتحدة برمّتها أحد الوسائل لتطبيق نظرية الاقتراب غير المباشر.

                      * الفضاء و النت و التقنيات الحديثة و تكنولوجيا المعلومات و الماكينة الإنتاجية الضخمة برمتها في كلّ المجالات ، بما فيها السينما وسائل لتطبيق نظرية الاقتراب.

                      * الفضائيات من نوع محدّد مثل الحرة و العربية و الـ mbc أدوات مميّزة لتطبيق نظرية الاقتراب ، مميّزة لأنها تطوّعا و برضى الخصم الافتراضي!!!

                      * الاتفاقيات الثنائية في عالم التقنيات و في عالم التّجارة الحرة و المنبثقة عن منظمة التجارة العالمية (التي تعقد بالشكل و البنود التي نراها و نسمعها) هي ايضا أدوات لتطبيق نظرية الاقتراب.

                      * الفتن المحلية (شيعي سني ، عربي بربري كردي عربي ، مسلم و مسلم فارسي...الخ) كلّها أدوات لتطبيق نظرية الاقتراب.

                      باختصار أصبحت السياسة الأمريكية متوغّلة عميقا في المنطقة إلى درجة أنها تكاد تطبق على كل شيء ، فإن ضربت الكف على الخد الأيمن ، تكتشف أنه لمصلحتها ، و إن غيّرت و ضربته على الخد الأيسر ، تكتشف أنه لمصلحتها ، إن أمطرت حلّ الخراب ، و أن حبس المطر حلّ الخرب !!
                      وضعنا محرج و دقيق و غاية في الحساسية ، و يتطلب ذكاء و حكمة أكثر من أي وقت مضى ، و مقاومة عنيدة في كل المجالات .. بل ثقافة مقاومة دون أن نستهين بها مهما كانت متواضعة.

                      أستاذ يسري أشكرك على إتاحت الفرصة للتوسع في مجالات و فضاءات في صلب الموضوع ، كما يشرّفني أن أسمع من طرفك ، فحَبْك الأسئلة التي وضعت ، كان بمهارة فائقة ، يعوّض تماما عن كلّ ما قلت في هذه المداخلة المطوّلة التي حاولت بها ان أكشف الخيط الخفي الذي يربط أسئلتك بعضها ببعض

                      لك تقديري و احترامي
                      حكيم
                      [/ALIGN]
                      [/CELL][/TABLE1][/ALIGN]

                      تعليق

                      • يسري راغب
                        أديب وكاتب
                        • 22-07-2008
                        • 6247

                        #12
                        دكتور حكيم عباس الموقر
                        على صفحتك هنا نموذج لما تخيلته وتمنيته من الصالون الادبي حقيقة حيث يطرح الموضوع نفسه وتعقبه مداخلتان ثم تاتي الاسئله فتكون امامنا ندوه بحثيه متكاملة الاطراف
                        واتمنى على رئاسة الصالون ان تدعو متخصصين بعينهم لمثل هذه التجربه من غيراعضاء الصالون بحيث يكونوا من المعقبين بالمداخلات والحاضرين بالاسئله كل في مجال تخصصه خاصه وان الملتقى يضم نخبة من الادباء والمفكرين لا باس بها ودعوتهم كضيوف على الصالون في مجال تخصصهم يغني الملتقى ويجعل منه اسره واحده باذن الله
                        هذا عن الشكل الذي اكتملت عناصره هنا على صفحتك
                        وعن المضمون فان القضيه التي تناقشها بحق هي القضيه الاهم التي يجب ان تدار لها اكثر من حلقه نقاشيه خاصة وانها ترتبط بمكونات الصراع الحضاري القائم حاليا بين قيادة النظام العالمي وبين اطرافه الاقليميه والتي يقبع فيها النظام الاقليمي العربي في المؤخره متقدما فقط على الاقليم الافريقي فقط من ناحية ما يمتلكه من امكانيات القوه الحضاريه
                        هذه الورشه هنا تستحق ان توزع على كبريات الصحف المقروئه وتكون ورقة عمل لافضل مراكز البحث العلمي العربي لعل وعسى ان تنبه الى ما يدور حولنا كنظام اقليمي عربي يبحث عن مكانه متقدمه له بين سائر الامم
                        واود الاشاره هنا الى مجموعه من المراجع التي ناقشت القضايا ذاتها في :-
                        1- كتاب السيد ياسين عن / اعادة اختراع السياسه من الحداثه الى العولمه
                        2- كتاب طارق البشري عن / العرب في مواجهة العدوان - القاهره 2003م
                        3- اعمال ندوة معهد البحوث والدراسات العربيه عن / الاختراق الاعلامي للوطن العربي التي عقدت بالقاهره في نوفمبر 1996م
                        وتقبل مني كل التحيه وكامل التقدير

                        تعليق

                        • د. وسام البكري
                          أديب وكاتب
                          • 21-03-2008
                          • 2866

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة يسري راغب مشاهدة المشاركة
                          دكتور حكيم عباس الموقر
                          على صفحتك هنا نموذج لما تخيلته وتمنيته من الصالون الادبي حقيقة حيث يطرح الموضوع نفسه وتعقبه مداخلتان ثم تاتي الاسئله فتكون امامنا ندوه بحثيه متكاملة الاطراف
                          واتمنى على رئاسة الصالون ان تدعو متخصصين بعينهم لمثل هذه التجربه من غيراعضاء الصالون بحيث يكونوا من المعقبين بالمداخلات والحاضرين بالاسئله كل في مجال تخصصه خاصه وان الملتقى يضم نخبة من الادباء والمفكرين لا باس بها ودعوتهم كضيوف على الصالون في مجال تخصصهم يغني الملتقى ويجعل منه اسره واحده باذن الله
                          هذا عن الشكل الذي اكتملت عناصره هنا على صفحتك

                          الأستاذ الفاضل د. يسري راغب شراب
                          السلام عليكم
                          أشكرك لإطرائك الجميل، وإن شاء الله نتقدم بجهود مجموعة طيبة من الأساتذة والأدباء في الملتقى العزيز، وبجهود جميع المثقفين؛ واليومَ نضع الصالون لمثقفينا الفضلاء، ولا نمنع أحداً من دخول الصالون من خارجه، وأمامنا الردود تشهد بذلك، وما زلنا في البداية. وحضرتك أستاذنا الفاضل خير دليل على توجّهنا الجديد.

                          ويحدونا الأمل جميعاً في دعوة كتّاب وأدباء ملتزمين للمشاركة من خارج الصالون في الملتقى أو من خارج (ملتقى الأدباء والمبدعين العرب)، وهذا يعتمد على الانتشار، والجهد الشخصي لكل منّا، والرغبة لدى المشاركين هي الأهم لدينا، فضلاً عن الالتزام بأهم شرطين، هما: التعبير العلمي، والتعبير الخلُقي الملتزم.

                          نأمُل منك أستاذنا الفاضل أن ترفدنا بالجديد من موضوعات ومشاركات، ولك الفضل في مَن تدعوه للمشاركة في الصالون.

                          وتقبّل وافر الشكر والتقدير
                          د. وسام البكري

                          تعليق

                          • يسري راغب
                            أديب وكاتب
                            • 22-07-2008
                            • 6247

                            #14
                            الدكتور وسام الموقر
                            كل الموده والتقدير
                            موضوع حوار الحضارات يحتاج الى اكثر من مفكر لانه بالفعل يحتاج الى ما يشبه الندوه المتكاملة الابعاد من حيث التعرف على المفهوم ان كان صداما او حوارا ولماذا يكون كذلك - لماذا يكون صدام ولماذا يكون حوار - وما يرتبط بهذا او ذاك من رؤى ومواقف تستحق المتابعه في بحوث مستقله عن بعضها وان كان قد تطرق اليها الدكتور حكيم بعمق لكن الامر يتطلب اكثر من رؤيه لاكثر من مفكر ولاكثر من اتجاه سياسي بما في ذلك القومي والاسلامي والليبرالي ولكل منهم نظرته الخاصه وفلسفته التي تضع استنتاجاتها المختلفه عن الاخرى في موضوع حيوي مثل حوار الحضارات
                            وكنت اتمنى ان ارى لكل ندوه مدير تنفيذي يضع في الختام ملخصا لما دار فيها من نقاشات تكون بمثابة التوصيات والاستنتاجات البحثيه
                            واتمنى ان يكون لرؤساء الملتقيات خاصية المرور المباشر والسريع في التعقيب وطرح الاسئله بما يفيد ويزيد من تفاعل الجميع بحكمة واقتدار لن تكون بعيده عن هذا الفريق كزائرين ان شاء الله
                            تقبل مني كل الاعجاب والتقدير
                            ودمت سالما منعما وغانما مكرما

                            تعليق

                            يعمل...
                            X