في تلك الليلة حدث تحول ما في حياة القرية،فالأهالي مجتمعون في منزل الحاج عبد الرحمان ،الذي اتسع لكل أهل القرية ،فالنساء بأطفالهن يشغلون الغرف الداخلية الثلاث إضافة إلى فناء البيت ،بينما الكبار من الرجال في غرفة الإستقبال الفسيحة و القريبة من المدخل،وفي السقيفة تجمع الشباب والمراهقون...
ليلة استثنائية في حياة القرية،الحاج عبد الرحمان في لحظاته الأخيرة وحول مضجعه في غرفته الخاصة التي لايدخلها أحد، إمام القرية وبعض المقربين من الحاج المحتضر..
الصمت يلف الجميع، الذين لايدركون مايحدث من الصغارناموا، والكبار دخلوا في مرحلة من السكوت الجماعي المعبرعن توجس وانتظار،فهذا الحاج كان كل شيء في القرية يجري بأعينه،فذاكرته النضالية في محاربة الإستعمارفي منتصف القرن الماضي جعلت منه الزعيم الذي يحبه الجميع ويرعاه..
ولأنه كذلك فقد واصل نضاله بحنكة القائد المؤمن بالشعب وكان يقول:
ـ إن مقاومة الإحتلال لا تقل أهمية عن مقاومة الجهل والتخلف .
أحدث الحاج عبد الرحمان نظاما اجتماعيا متقدما،أساسه التضامن والتكافل،وعمل على تعليم أبناء القرية وبناتها،وطور القطاع الفلاحي بكل جديد أتيح له،حتى أن الأهالي أحسوا أنهم يعيشون بكرامة على خلاف القرى المجاورة..
صيحات حليمة تكسر ذلك السكون،صرخات النساء تعالت في جوف تلك الليلة ، واختلطت ببكاء الصغار الذين استافقوامذعورين....
ليلتها باتت القرية تحت سحابة قاتمة من الحزن والكآبة،وبدت أزقتها المتربة ككهوف منسية،وعم الصمت بيوتاتها ومزارعها إلا من نباح كلاب بعيدة،وأخذ الليل يطبق
عليها دون رحمة، فاكتست سوادا حالكا..
تعليق