ذاكرة مستعارة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أحمد النوباني
    أديب وكاتب
    • 26-08-2008
    • 527

    ذاكرة مستعارة

    ذاكرة مستعارة

    أجل هي ذكريات،وتكون كلمات تكتب على ورق وماء، لكنها حقيقة تسكن في حجرات القهر.
    أعرف كم محرج أن يكون البوح، لكنها العفوية.
    سأكتب ما كان ... وإلى متى سيبقى الحزن؟
    ليست قصة قصيرة، بل خاطرة تحملها ذاكرتي.

    كنا ثلاث فتيات، وكنت السمراء الصغيرة، بيتنا على ناصية الحديقة العامة.
    كم فرحنا, وكم كان اللهو بعض من عشقنا الطفولي، أذكر في تلك الليلة حين جاء .
    فتحت الباب لأني الصغيرة، كانت أنفاسه كرائحة الجراب، عدت إلى غرفتي مسرعة وكأنني الريح، أخذت أسترق السمع وأتخيل ذلك الوجه الطولي القسمات، تذكرت ثمار البلوط فوق اسوار بيتنا القديم، وتذكرت وجه جارتنا حين عادت من التلال بعد ان هاجمهما الذئب, كانت تحمل من الفزع ملامح زوج أمي.
    بكيت, ولم أقدر سوى أن أسترق السمع, فأخواتي كن على الأسرة كالأغلفة البيضاء، ولم يبقى على مسمع السكون إلا أنا.
    سمعته يقول لأمي:
    ـ أين أنت ؟ هل اختفى صوتك ؟
    خرجت مسرعة إليه.
    كان الحديث يختصر حين يكون كالهمس، لم يكن بين الكلمات معه سوى الغثيان، ابتعد الحوار خلف الظلام, وعدت الى سريري.
    أذكر جيداً كم كنت خائفة أن يعود، وأذكر أختي الوسطى. كانت تتجرأ على البقاء دون غطاء حتى في الليالي الباردة.
    في تلك الليلة, سمعت وقع خطوات تترنح على الممر الخشبي, أغمضت عيوني وكأنني في حلم، اقترب من الباب، و أيضا من جسدها ينظر بعيون تلهث.
    تحركت تلك البغيضة، اقترب أكثر، لم أستطع أن أحبس الأنفاس المتسارعة.
    التفت نحوي, ثم سارع إلى وضع الغطاء الأبيض على الجسد الكاذب وكأنه الأب الحنون، وكأنه اقترب ليكون كحلم أبيض.
    أشرقت الشمس في الصباح، وذهبت الى غرفة والدي، وذكريات أصبحت خلف عمري الصغير.

    الآن كبرت، صرت أفهم معنى اليتم. أخرجت من خزانتي أوراق وصحف قديمة كانت لوالدي، تصفحت ثم بكيت، أعجبتني في إحدى الصحف قصيدة قديمة قرأتها، كانت لكاتب لا أعرفه يقول فيها :

    من عامين
    وأنا أعرض قلبي في سوق الحب
    أتعشم أن تأتي عينان كعينيك
    محملتان بأسرار الشعر
    بزرقة بحر الشعر
    وخضرة غابات الشعر
    وأضواء الشعر الفيروزية
    عامان...
    وأنا أتعشم أن تمسح عرقي
    كف حنطية
    فأشم أريج الحناء
    وأحس بأن العالم ... أجمل
    عامان ..
    وأنا ثاو في سوق الحب
    كغصن مهمل
    ينكسر الوقت ... وينكسر القلب
    ويرشقني العشاق المبتهجون
    بماء الجدول
    فأعود يكبلني الغيظ
    أضمد بالآهة جرحي
    وأقرر:
    ما زلت على قيد الحب الأول!
    (مصطفى غنيم .. )
    أجل هكذا كان اسمه ..
    خاطرتي لم تكن سوى اعترافات صبية, وجدتها عند باب حديقتي.
    قالت في نهايتها :
    اقرأها لمن تشاء، حتى تعرف السماء، كم حزن العيون الصغيرة.
    التعديل الأخير تم بواسطة أحمد النوباني; الساعة 25-10-2009, 16:12.
    [flash=http://marinamool.com/pic/up/27272685020100501.swf]WIDTH=270 HEIGHT=270[/flash]
  • نجيةيوسف
    أديب وكاتب
    • 27-10-2008
    • 2682

    #2
    أستاذ أحمد

    دخلت إلى هنا غير أن ظرفا أخرجني على الفور ، لكن لم أشأ أن أخرج دون تحية ، لي عودة بحول الله .عسى أن تكون قريبة قريبة.

    لك تحية جميلة كجمال ما قرأت

    النوار


    sigpic


    كلماتنا أرواحنا تهمي على السطر

    تعليق

    • أحمد النوباني
      أديب وكاتب
      • 26-08-2008
      • 527

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة نجيةيوسف مشاهدة المشاركة
      أستاذ أحمد

      دخلت إلى هنا غير أن ظرفا أخرجني على الفور ، لكن لم أشأ أن أخرج دون تحية ، لي عودة بحول الله .عسى أن تكون قريبة قريبة.

      لك تحية جميلة كجمال ما قرأت

      النوار

      أخت نجية ...

      وتحية صباح

      يسعدني مرورك الرقيق

      والكلمات تنتظر ....

      دمت بكل الخير
      [flash=http://marinamool.com/pic/up/27272685020100501.swf]WIDTH=270 HEIGHT=270[/flash]

      تعليق

      • نجيةيوسف
        أديب وكاتب
        • 27-10-2008
        • 2682

        #4
        أستاذ أحمد

        صباح الورد

        لم تكن هذه الزيارة الأولى ولا كانت القراءة الوحيدة ، قرأت النص أكثر من مرة ، بِقَدرٍ ما جعلتني أعيش شعور الفزع مع بطل قصتك أحس مشاعره المملوءة كرها خوفا ألما ،حنينا لمجهول [ عندي ] كل ذلك يختط في إحساسي من خلال عبارت موحية جدا أسقتني هذا الشعور مثل قولك :

        كانت أنفاسه كرائحة الجراب،

        وتذكرت وجه جارتنا حين عادت من التلال بعد ان هاجمهما الذئب, كانت تحمل من الفزع ملامح زوج أمي.

        و أيضا من جسدها ينظر بعيون تلهث.


        لقد أعطيتني الصورة نابضة بإيحاءات الشعور في داخل بطلك
        واستغربت لوصفك وجه الجارة الفزعة من ذئب كيف يشبه وجه زوج الأم
        تركيبة غريبة جعلتني أحس مدى فزع البطل نفسه من زوج الأم
        أعجبتني صورتك التي جعلت فيها العيون تلهث

        تحياتي يا سيدي وودي
        عشت لا أقول لحظات وصدق قولي إن قلت أكثر من ساعات في جو نصك

        لك التحية


        sigpic


        كلماتنا أرواحنا تهمي على السطر

        تعليق

        • أحمد النوباني
          أديب وكاتب
          • 26-08-2008
          • 527

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة نجيةيوسف مشاهدة المشاركة
          أستاذ أحمد

          صباح الورد

          لم تكن هذه الزيارة الأولى ولا كانت القراءة الوحيدة ، قرأت النص أكثر من مرة ، بِقَدرٍ ما جعلتني أعيش شعور الفزع مع بطل قصتك أحس مشاعره المملوءة كرها خوفا ألما ،حنينا لمجهول [ عندي ] كل ذلك يختط في إحساسي من خلال عبارت موحية جدا أسقتني هذا الشعور مثل قولك :

          كانت أنفاسه كرائحة الجراب،

          وتذكرت وجه جارتنا حين عادت من التلال بعد ان هاجمهما الذئب, كانت تحمل من الفزع ملامح زوج أمي.

          و أيضا من جسدها ينظر بعيون تلهث.


          لقد أعطيتني الصورة نابضة بإيحاءات الشعور في داخل بطلك
          واستغربت لوصفك وجه الجارة الفزعة من ذئب كيف يشبه وجه زوج الأم
          تركيبة غريبة جعلتني أحس مدى فزع البطل نفسه من زوج الأم
          أعجبتني صورتك التي جعلت فيها العيون تلهث

          تحياتي يا سيدي وودي
          عشت لا أقول لحظات وصدق قولي إن قلت أكثر من ساعات في جو نصك

          لك التحية


          أخت نجية

          صباح الخير

          وكأني من كلماتك أعود بذاكرتي الى تلك الرسالة الملقاة على أرض الحديقة

          أجل عزيزتي ... هناك من البشر من يتملكه النهم بكل أصنافه ... حتى تصبح

          له مخالب من نظرات ... هي تخدش أغلفة الروح ... وتحاول حتى أن تشوه

          وجه الحلم الصغير ...

          أحياناًُ يصيبهم المس ... فتخرج من ذاكرة الصغار صور لم ننتبه لها

          لكنها عالقة في زمن الخدش القديم ...

          حكايات تحصل كل يوم وفي كل مكان .... لا تقدر العتمة على الاحتفاظ بها

          طويلا, فهناك شموس تشرق دائماً


          شكراً لك سيدتي على الاهتمام وأرى أن النقل للقصة هو الصواب...


          تحيتي ... وكل التقدير
          [flash=http://marinamool.com/pic/up/27272685020100501.swf]WIDTH=270 HEIGHT=270[/flash]

          تعليق

          يعمل...
          X