الـقــيـامـــة
... وَأنَـا أحـمـِلُ أسـفَـارَ الـعَـهدِ الآتِي
وَأدخُـلُ مِـحـرَابَ اللــَّـيلِ صَهـِـيـلاً وَصُرَاخًـا :
رَأيتـُنِي فِـي رُؤيَــايَ حَـشـدَ خُـيـولٍ جَـامِـحَـةٍ ،
أقـُولُ للقـَطا إنِّـي رَقصَـتُـكَ وَخـُطـَـاكَ ،
وَإنِّـي مَـحـضُ أجـنِـحَـةٍ وَسِهــامٍ تَـتَهـيَّـأ للطـَّــيَرانِ .
فـَطِـر بـِي بَـعِـيـدًا .. وَلـتَـكُنِ القِـيَـامَـةُ ،
لأجـمَـعَ بـِقَـاطرَتِـي مِـن كُـلِّ زَوجَـيـنِ اثـنَـيـنِ :
أجـمَـعُ الصَّوتَ وَالصَّــدَى
أسـمَــالَ الـمَـعَـانِـي وَقـَصَبَ الفَـرَاغِ ،
العَـمـَى وَالألوَان وَالـهَـوَاءَ المُـجَـفـَّـف ،
وَعُـطـورَ الأمـطارِ.
ثُـمَّ أنـجُـو بـِقـَاطرَتِـي إلى آخِـرَةٍ بـِلا آخِـر ،
حَـيـثُ إيقـَاعُ الـنُّـحَـاسِ الآدَمِـيِّ ،
وَسـيـمـفُـونـِـيَّـاتُ الاحـتِـضـَارِ .
حَـيـثُ سـُمُـومُ الأجـسَــادِ الـمُـتَـعَـفـِّـنَــة ،
نَـبـِـيـذُ الـعَـلـقَـمِ وَالـبَـسـَاتِـيـنُ الآهِـلـَـةُ
بـِعـِظامِ الـمَـوتَـى ، بـِـجَـمَـاجِـمِ الـحُـوريَّـاتِ
وَرُفـَـاتِ الـمَـاضِي الـعـَـالـِق بـِالأوحَـالِ .
وَحَـيـثُ نُـفَـايَـاتُ الأروَاحِ ، يَـاقـَـاتُ الشُّـهَــدَاءِ ،
أكـفـَـانُ الـمَـخـطـُوطاتِ المـُدَنَّـسَـة
وَالـوَصَــايـَـا الـمـَحـفُــورَة فِـي لـَوحِ الآثـَـامِ .
لـِـتَـكُــن قِـيـَامَـة ، بـِلا قـَـائِـمٍ ،
فـأنجُـو بـِوَجهي وأرقـُـمُ آيَـاتِي فِـي اللــَّوحِ المَـحـفُـوظ
وَأحـفَـظ ُمَـتـنَ الرِّسَــالاَتِ الـمُـحَـنَّـطـَـة ،
جِـدَاريـَّـات الـهَـزَائِـمِ ، أهـرَامَـات الـوَهــمِ
وَخـَزَائِـن الـضَّـحِـكِ الـعَـبَـثِــيِّ .
آخِـرَةٌ بـِلا سُـلاَلاَتٍ ، آهِـلـَـةٌ بـِالـقـُبُـور وَبالأوثَـانِ
زَاخِـرةٌ بـِالسُّـكُـونِ وَهَــالاَتِ الـخَــوَاءِ .
سِـراجُـهَـا الـظــُّـلـُمَــاتُ .. الـشَّهَـوَاتُ وَقـُودُهَــا
وَلِـحَــافـُهـَـا الـعَـدَمُ وَالـنُّـسـيَــانُ .
فِـيـهَــا الأحـلاَمُ رُفـُـوفُ غـُبـَـارٍ
وَالـمَــدَى شَـطـحُ سَــرابٍ .
هِــيَ آخِـرَةٌ بـِكَــائِـنَـاتِهـَـا الأثِـيـريـَّـةِ
حَـيـثُ الـحِـكـمَــةُ غَـثَـيـَـانٌ ،
وَالـمَـنـطِـقُ هَـلــوَسَـةٌ وَتَـعـَـاويـذُ وَكَـوَابـِـيـسُ .
وَحَـيثُ الـقـَـلـبُ حُـقُــولُ رَمَــادٍ ،
هَـذَيـَـانٌ وَأسَــاطـيـرٌ للـتـَّـخريـبِ .
آخِـرَةٌ بـِلاَ مُـلـكٍ أو مـَـلـَـكُــوتٍ ،
فِـيـهَـا الـرَّائِـي بـِلاَ رُؤيَــةٍ ،
وَالـمَـعـبُــودُ بـِلاَ مَـعـبَــدٍ .
فِـيـهَــا تُرفـَـعُ رَايـَـاتُ الـمَـفـعُـولِ
وَتـُنَـكـَّـسُ رَايَــاتُ الـفَــاعِـلِ .
وَفِـيـهَــا الـزَّمَـنُ سَـاعَـاتٌ ثَـابـِـتَـةٌ بَـاهِـتَـةٌ كَـالـتـَّـابُـوتِ .
آخِـرَةٌ هِـيَ الـغِـيَــابُ وَالعَـدمُ الأزَلِــيُّ .
فِـيـهَــا وَظائِـفُ أخرَى :
الـمَــاءُ عَـطـشٌ أبـَدِيٌّ وَمِـلـحٌ
الـهَــوَاءُ احـتِـقَـانٌ وَضِـيـقُ ،
النـَّـارُ صَـقِـيـعٌ ، الـطــِّيـنُ زُجاجٌ مَـكسُــورٌ
وَالإنـسَـانُ ظِـلالٌ مُـعَـذّبَــةٌ،
أو عِـقـدٌ بـِلاَ حَـبـَّـاتٍ يَـنـفَـرِط كَـالـنّـسـيَـانِ
وَيَـنـفَـلِتُ كَـالـوَعـدِ الـوَردِيِّ الـمَـوهُــومِ .
لـِتَـكـُن قِـيـَـامـَـة .. وَلـيَـكُـن بَـدءُ الـفَـجِـيـعَــةِ ،
أو بَـدءُ الـتـَّــكــــويـنِ .
تعليق