مها عزوز/تونس؛
دبّ الحاج "نورا" متنقلا بين حافتي الطريق حتى وصل عتبة بيتها وكانت جالسة عليه يلاحق نظراتها دخان شاحنة الحليب التي كانت على الناصية، ورأته يتوقف قريبا منها ليهمس بصوته الأجش":
-لقد نبهته وأطردته وجاء الآن دورك، لا يمكن أن يسمح له رجال الحي أن يتخطانا جميعا، ويصنع ببيتك ما صنع..
والآن جاء دورك في الحساب، ما فعلته ليلة البارحة أبدا لا يليق كنت على السطح لما رأيتك بأم عيني تخرجين بعده تنظرين على جانبي الطريق ثم تخرج المرأة من بيتك لتلتحق به في الشاحنة ماذا دهاك أم أنك نسيت أنك عجوز لا تفصلك عن القبر سوى خطوتين؟.
رفعت إليه نظرتها المتسائلة غير العابئة "ماذا تريد مني؟" ألن تكُفَّ عني أذاك" أرادت أن تشتمه لكن إفصاحه الأخير
أخرسها فغمغم صدرها "السخط، ألن يموت؟ في حين اعتصرت عينها دمعة مجففة وصوتها شهقة كأنها الأنين وقالت:
-لا تصدق في يا سي البشير ما يقولون، أنت تعلم أنهم كانوا دوما كاذبين.
كان يثرثر بكلام كثير لم تكترث له وانتظرت بصبر فارغ أن يذهب لتوصد بابَيْ الحديقة والدار وتعود إلى مطبخها فتقتعد الكرسي الوطيء مقرفصة وتحدق إليه من خلال نافذتها وتواصل حديثها:
-ماذا تريدون منى؟ أصبحتم فجأة رجالا على حين غرة؟ أين كنتم يوم كان بيتي خاليا من الرجال؟.
ولم يتأخر حضوره فقد رأت سوادا يملأ جزءا من سطحه فعلمت أنه هناك يراقبها كما كان يفعل منذ ثلاثين سنة أو أربعين ولاح لها جزء من وجهها المترهل ينعكس في بلور النافذة فابتسمت وأصابعها
تتحسس خديها فتفتح ما أصابهما من انكماش وعاودتها مشاهد ليلة البارحة فابتسمت وحركت رأسها هازئة: ماذا يعيبون..؟ أن أنظر بعين متحسرة إلى كل الطيبات التي بها كانوا ومازالوا يتمتعون؟ ماذا يعيبون، أن أراهم يَطْعَمون ويلبسون ويتزينون وأتحسر في نفسي فلا يكترثون؟ ماذا يعيبون؟ أصبحت تهمتي الآن النظر وقد كانوا في إثارة غيرتي يتفننون؟ ماذا يعيبون؟..
وعاودت النظر إلى السطح وكان لا يزال هناك منذ صلاة الفجر إلى الظهر فالعصر فالمغرب والعشاء فالفجر الجديد
يُشْهِر بُعَيْد كل صلاة ذكره منتصبا في وجهها ويدعوها إليه فتَزْورّ بنظراتها حياءً وتختفي ثم تعود إلى الظهور وهي
تحاول أن تسترجع ذكرى آخر مذاق.
لقد تعففت طوال هذه السنوات وقد مات عنها زوجها ولم يطلبها للزواج إلا كل أشيَبٍ عجوز رغّبه جمالها فاقترب
ورهبته كومة الأطفال في رقبتها فنفر، كان البشير نفسه يبيح لها النظر فلماذا يأخذها اليوم بتهمة النظرعاودت التطلع إلى وجهها في بلور النافذة وفجأة شعرت بالحنق على خضرة عينها، ألم يكن من الأجدر أن ينطفئ هذا اللون أيضا كما انطفأت من وجهها أشياؤه الجميلة؟.
-ما أقلّ حياءَه، مازال يكرر أنني عجوز.
أتُراه قد نسي ما كان يصنع بي هو وكل الرجال يوم لم أكن عجوزا؟ أم تُراه نسي زواجه الثاني وقد جَوّزَ السبعين
وأنني قد احتفظت بلقب أرملة ولماّ أجاوز العشرين؟.
وعادت لتتأمل ساقيها النحيفتين وركبتيها الناتئتين وبطنها المنتفخ في أعلاه المتهدل كبطيخة عفنة في أسفله تحجب ما
تحتها فتسخط من جديد على عينها التي مازالت تخزن صورة أخرى عن هذا الجسد، كثيرا ما كانت تلفه في غلالة سماوية هي كل ما استطاعت أن تحتفظ به من ملابس داخلية أعدتها في جهازها ولم تمهل
المنية زوجها ليراها عليها، كانت تشعر بجسدها يرتطم بقعر البيت وحيطانه فيترنح ذات اليمين والشمال ويصيبه
الأذى ويتردد في حلقها أنين وعويل وتلوذ بأطفالها الذكور واحدا بعد واحد تغسل أجسادهم الصغيرة تدلكها، تداعبها، تدللها، تجعل رأسها أسفل بطونهم فيبتسمون ثم يضحكون ثم يقهقهون ويفرون منها وسريعا ما يعودون.
أصابها مرة هوس وهي تلمّ بابنها البكر وكان أشبه الأولاد بأبيه فإذا هي تثرثر بكلام كثير وبدلا من أن يضحك الولد أحست أن بعض جسده يشتد يتصلّب ينتصب، نظرت إليه في استحياء وعجب أنه لم يبلغ بعد الحلم......؟
أقسمت في ما بينها وبين نفسها ألا تعود إلى هذا الصنيع، ولكنها عادت مرة ثانية ولما تهيأت للثالثة جاءها نعيه ذات قيظ، قيل ما طابت نفسه للدرس يومها وقد ترك أمه وحيدة في البيت بعد أن التحق أطفالها بالمدرسة، فعاد أدراجه مسرعا إليها غير عابئ بسيارة عابرة كادت تدعسه في الطريق.
للسنة السابعة والثلاثين رأت ضوء سيارة الإسعاف الأزرق يملأ ظلمة مطبخها وهي تحمل جثة فتاها إلى المشرحة
فالسيارة لم تصبه ولكنه خرّ ميتا على ناصية الطريق.
وامتلأ ت أذناها بحركة صامتة ورجال واجمين،فقامت تغير المكان، تمددت على سريرها الأحادي الجديد في غرفة
خلت أبدا من الستائر ونظرت إلى النافذة الخلفية تشرف عليها سطوح أكثر من جار، كلهم كانوا مجرمين، بتخفيهم وراء هذه النافذة كل في زمن معلوم... بنسائهم يهرعن نحوها ليلة كل سبت يُقَدّمن بعضا من عشائهن
فلا يعلو في بيتها نشيج، بحرصهم على خصها بفطرة العيد وحلوى العيد وجميعهم يعلم أنها الوحيدة الممنوعة من
العيد. اللعنة عليهم وعلى أعيادهم أجمعين...
وتقلبت على جنبها الأيسر وقد آذتها بعض النتوءات وأغمضت عينها لتستسلم لذكرى عيد الأضحى، في نفسها كانت تعلم أن الجميع لن يتأخّر في تقديم جزء من شاته حتى لا تذهب كلها بل وقد كانت حريصة على أن تبقيها
كلها فتستعد قبيل العيد وتشتري خصلات من أمعاء النعاج؟ إنها لتعلم أن لحوم كل الحي ستتكدس في بيتها ذات يوم دفعة واحده حمراء طازجة تقطر اشتهاء ومذاقا رائعا ثم تختفي لتردد الذاكرة صورا وفحيحا وخواء.
كانت تجلس صبيحة كل عيد وقد شحذت سكينها وهيأت فرّامتها وانتظرت بمن سيكون البدء هذا الصباح، تخمن صاحب المرتبة الأولى على ضوء ما تعودت من تناوبهم على نافذتها: قد يكون المبادر الأول "عكروت" الذي لا يخشى شيئا سوى عبث "الأطفال" خَبِرَ خبثهم تلاميذَ فحذرهم فهو لا يتراءى إلا إذا اختفوا في المدارس فيلوح بِعُضوٍ حليق أبدا كلحيته، إرهاص أول فثان فثالث فاستمناء ثم اختفاء.
أو قد تكون المبادرة قضيب "بشرة" الذي يعمل بنظام الحصة الواحدة فلا يزور إلا وقد عاد الرجال إلى أعمالهم ولم يبق في الحي غيره فيتمدد على مهل مغتنما سأم نظام الحصتين فيخترق فتحة السروال ويقذف مرة ومرة ومرة ومرة حتى يشرف المساء على الانتهاء؟؟.
بل وقد تكون البداية بصاحب الليل ذلك الذي يشعل في بداية السَّهَر سيجارته فإذا غفا الناس أشعل عود الثقاب حذو عميرة لترى الوهج والسعير والفحيح قبل أن يجلده.
ولا تتأخر زوجاتهم في الحضور مزودات بأكتاف الأضاحي "زينة، زيونة، زيزات، هذا نصيبك من العيد"، تتلقف الكتف تقطعها تفرمها تدعو أبناءها الذكور واحد يشد فرّامة اللحم والآخر يلقمها اللحم وثالث يضغطه حتى
يغوص في حلقها تدير هي اليد يخرج اللحم من الطرف الآخر خيوطا دقيقة منقطة بالأبيض والأحمر تجمعها كدسا صغيرا تملأ كفها فلفلا أحمر حريفا تدعك اللحم تعجنه تراه يفلت من بين أصابعها تعود فتجمعه وتحشوه في كف معدنية وتملأ به أمعاء النعاج فتسترسل من بين يدها أصابع طويلة غليظة حمراء وبيضاء وبلون السمرة أحيانا.
ويبتهج أبناؤها وقد آن موعد الطعام فيستعدون للشواء، ترتفع رائحة شواء النقانق في بيت زينة مختلفة عن جميع
الروائح المرتفعة من بقية البيوت فيهرع الصغار إليها لم تكن زينة كريمة في الأصل ولكنها في ذلك اليوم تقدم خبزا
ونقانق لكل الأطفال الكبار، يلجون بيتها دون كبير استئذان ويسألون أبناءها في ابتسامات ماكرة:ماذا تأكلون؟، فيرددون: "نأكل عميرة مشويا"ويقهقهون، وتردد زينة ترجيعتها الخافتة التي تحتكرها لعيد الأضحى: "كما شواني أشويه..."، "كما شواني أشويه" فهل من طاعمين؟؟؟.
استوت من جديد على جانبها الأيمن ونظرت إلى كيس الدواء على منضدتها لقد حرم الطبيب عليها جميع المآكل الدسمة وقد أصيبت بارتفاع الضغط فلماذا يحرمون عليها متعة النظر ألم يكرروا جميعا "كل شيء حباس إلا أنظر يا ناس؟؟؟"
-لقد نبهته وأطردته وجاء الآن دورك، لا يمكن أن يسمح له رجال الحي أن يتخطانا جميعا، ويصنع ببيتك ما صنع..
والآن جاء دورك في الحساب، ما فعلته ليلة البارحة أبدا لا يليق كنت على السطح لما رأيتك بأم عيني تخرجين بعده تنظرين على جانبي الطريق ثم تخرج المرأة من بيتك لتلتحق به في الشاحنة ماذا دهاك أم أنك نسيت أنك عجوز لا تفصلك عن القبر سوى خطوتين؟.
رفعت إليه نظرتها المتسائلة غير العابئة "ماذا تريد مني؟" ألن تكُفَّ عني أذاك" أرادت أن تشتمه لكن إفصاحه الأخير
أخرسها فغمغم صدرها "السخط، ألن يموت؟ في حين اعتصرت عينها دمعة مجففة وصوتها شهقة كأنها الأنين وقالت:
-لا تصدق في يا سي البشير ما يقولون، أنت تعلم أنهم كانوا دوما كاذبين.
كان يثرثر بكلام كثير لم تكترث له وانتظرت بصبر فارغ أن يذهب لتوصد بابَيْ الحديقة والدار وتعود إلى مطبخها فتقتعد الكرسي الوطيء مقرفصة وتحدق إليه من خلال نافذتها وتواصل حديثها:
-ماذا تريدون منى؟ أصبحتم فجأة رجالا على حين غرة؟ أين كنتم يوم كان بيتي خاليا من الرجال؟.
ولم يتأخر حضوره فقد رأت سوادا يملأ جزءا من سطحه فعلمت أنه هناك يراقبها كما كان يفعل منذ ثلاثين سنة أو أربعين ولاح لها جزء من وجهها المترهل ينعكس في بلور النافذة فابتسمت وأصابعها
تتحسس خديها فتفتح ما أصابهما من انكماش وعاودتها مشاهد ليلة البارحة فابتسمت وحركت رأسها هازئة: ماذا يعيبون..؟ أن أنظر بعين متحسرة إلى كل الطيبات التي بها كانوا ومازالوا يتمتعون؟ ماذا يعيبون، أن أراهم يَطْعَمون ويلبسون ويتزينون وأتحسر في نفسي فلا يكترثون؟ ماذا يعيبون؟ أصبحت تهمتي الآن النظر وقد كانوا في إثارة غيرتي يتفننون؟ ماذا يعيبون؟..
وعاودت النظر إلى السطح وكان لا يزال هناك منذ صلاة الفجر إلى الظهر فالعصر فالمغرب والعشاء فالفجر الجديد
يُشْهِر بُعَيْد كل صلاة ذكره منتصبا في وجهها ويدعوها إليه فتَزْورّ بنظراتها حياءً وتختفي ثم تعود إلى الظهور وهي
تحاول أن تسترجع ذكرى آخر مذاق.
لقد تعففت طوال هذه السنوات وقد مات عنها زوجها ولم يطلبها للزواج إلا كل أشيَبٍ عجوز رغّبه جمالها فاقترب
ورهبته كومة الأطفال في رقبتها فنفر، كان البشير نفسه يبيح لها النظر فلماذا يأخذها اليوم بتهمة النظرعاودت التطلع إلى وجهها في بلور النافذة وفجأة شعرت بالحنق على خضرة عينها، ألم يكن من الأجدر أن ينطفئ هذا اللون أيضا كما انطفأت من وجهها أشياؤه الجميلة؟.
-ما أقلّ حياءَه، مازال يكرر أنني عجوز.
أتُراه قد نسي ما كان يصنع بي هو وكل الرجال يوم لم أكن عجوزا؟ أم تُراه نسي زواجه الثاني وقد جَوّزَ السبعين
وأنني قد احتفظت بلقب أرملة ولماّ أجاوز العشرين؟.
وعادت لتتأمل ساقيها النحيفتين وركبتيها الناتئتين وبطنها المنتفخ في أعلاه المتهدل كبطيخة عفنة في أسفله تحجب ما
تحتها فتسخط من جديد على عينها التي مازالت تخزن صورة أخرى عن هذا الجسد، كثيرا ما كانت تلفه في غلالة سماوية هي كل ما استطاعت أن تحتفظ به من ملابس داخلية أعدتها في جهازها ولم تمهل
المنية زوجها ليراها عليها، كانت تشعر بجسدها يرتطم بقعر البيت وحيطانه فيترنح ذات اليمين والشمال ويصيبه
الأذى ويتردد في حلقها أنين وعويل وتلوذ بأطفالها الذكور واحدا بعد واحد تغسل أجسادهم الصغيرة تدلكها، تداعبها، تدللها، تجعل رأسها أسفل بطونهم فيبتسمون ثم يضحكون ثم يقهقهون ويفرون منها وسريعا ما يعودون.
أصابها مرة هوس وهي تلمّ بابنها البكر وكان أشبه الأولاد بأبيه فإذا هي تثرثر بكلام كثير وبدلا من أن يضحك الولد أحست أن بعض جسده يشتد يتصلّب ينتصب، نظرت إليه في استحياء وعجب أنه لم يبلغ بعد الحلم......؟
أقسمت في ما بينها وبين نفسها ألا تعود إلى هذا الصنيع، ولكنها عادت مرة ثانية ولما تهيأت للثالثة جاءها نعيه ذات قيظ، قيل ما طابت نفسه للدرس يومها وقد ترك أمه وحيدة في البيت بعد أن التحق أطفالها بالمدرسة، فعاد أدراجه مسرعا إليها غير عابئ بسيارة عابرة كادت تدعسه في الطريق.
للسنة السابعة والثلاثين رأت ضوء سيارة الإسعاف الأزرق يملأ ظلمة مطبخها وهي تحمل جثة فتاها إلى المشرحة
فالسيارة لم تصبه ولكنه خرّ ميتا على ناصية الطريق.
وامتلأ ت أذناها بحركة صامتة ورجال واجمين،فقامت تغير المكان، تمددت على سريرها الأحادي الجديد في غرفة
خلت أبدا من الستائر ونظرت إلى النافذة الخلفية تشرف عليها سطوح أكثر من جار، كلهم كانوا مجرمين، بتخفيهم وراء هذه النافذة كل في زمن معلوم... بنسائهم يهرعن نحوها ليلة كل سبت يُقَدّمن بعضا من عشائهن
فلا يعلو في بيتها نشيج، بحرصهم على خصها بفطرة العيد وحلوى العيد وجميعهم يعلم أنها الوحيدة الممنوعة من
العيد. اللعنة عليهم وعلى أعيادهم أجمعين...
وتقلبت على جنبها الأيسر وقد آذتها بعض النتوءات وأغمضت عينها لتستسلم لذكرى عيد الأضحى، في نفسها كانت تعلم أن الجميع لن يتأخّر في تقديم جزء من شاته حتى لا تذهب كلها بل وقد كانت حريصة على أن تبقيها
كلها فتستعد قبيل العيد وتشتري خصلات من أمعاء النعاج؟ إنها لتعلم أن لحوم كل الحي ستتكدس في بيتها ذات يوم دفعة واحده حمراء طازجة تقطر اشتهاء ومذاقا رائعا ثم تختفي لتردد الذاكرة صورا وفحيحا وخواء.
كانت تجلس صبيحة كل عيد وقد شحذت سكينها وهيأت فرّامتها وانتظرت بمن سيكون البدء هذا الصباح، تخمن صاحب المرتبة الأولى على ضوء ما تعودت من تناوبهم على نافذتها: قد يكون المبادر الأول "عكروت" الذي لا يخشى شيئا سوى عبث "الأطفال" خَبِرَ خبثهم تلاميذَ فحذرهم فهو لا يتراءى إلا إذا اختفوا في المدارس فيلوح بِعُضوٍ حليق أبدا كلحيته، إرهاص أول فثان فثالث فاستمناء ثم اختفاء.
أو قد تكون المبادرة قضيب "بشرة" الذي يعمل بنظام الحصة الواحدة فلا يزور إلا وقد عاد الرجال إلى أعمالهم ولم يبق في الحي غيره فيتمدد على مهل مغتنما سأم نظام الحصتين فيخترق فتحة السروال ويقذف مرة ومرة ومرة ومرة حتى يشرف المساء على الانتهاء؟؟.
بل وقد تكون البداية بصاحب الليل ذلك الذي يشعل في بداية السَّهَر سيجارته فإذا غفا الناس أشعل عود الثقاب حذو عميرة لترى الوهج والسعير والفحيح قبل أن يجلده.
ولا تتأخر زوجاتهم في الحضور مزودات بأكتاف الأضاحي "زينة، زيونة، زيزات، هذا نصيبك من العيد"، تتلقف الكتف تقطعها تفرمها تدعو أبناءها الذكور واحد يشد فرّامة اللحم والآخر يلقمها اللحم وثالث يضغطه حتى
يغوص في حلقها تدير هي اليد يخرج اللحم من الطرف الآخر خيوطا دقيقة منقطة بالأبيض والأحمر تجمعها كدسا صغيرا تملأ كفها فلفلا أحمر حريفا تدعك اللحم تعجنه تراه يفلت من بين أصابعها تعود فتجمعه وتحشوه في كف معدنية وتملأ به أمعاء النعاج فتسترسل من بين يدها أصابع طويلة غليظة حمراء وبيضاء وبلون السمرة أحيانا.
ويبتهج أبناؤها وقد آن موعد الطعام فيستعدون للشواء، ترتفع رائحة شواء النقانق في بيت زينة مختلفة عن جميع
الروائح المرتفعة من بقية البيوت فيهرع الصغار إليها لم تكن زينة كريمة في الأصل ولكنها في ذلك اليوم تقدم خبزا
ونقانق لكل الأطفال الكبار، يلجون بيتها دون كبير استئذان ويسألون أبناءها في ابتسامات ماكرة:ماذا تأكلون؟، فيرددون: "نأكل عميرة مشويا"ويقهقهون، وتردد زينة ترجيعتها الخافتة التي تحتكرها لعيد الأضحى: "كما شواني أشويه..."، "كما شواني أشويه" فهل من طاعمين؟؟؟.
استوت من جديد على جانبها الأيمن ونظرت إلى كيس الدواء على منضدتها لقد حرم الطبيب عليها جميع المآكل الدسمة وقد أصيبت بارتفاع الضغط فلماذا يحرمون عليها متعة النظر ألم يكرروا جميعا "كل شيء حباس إلا أنظر يا ناس؟؟؟"
تعليق