دواعي الأخذ بضوابط السنن الإلهية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد جابري
    أديب وكاتب
    • 30-10-2008
    • 1915

    دواعي الأخذ بضوابط السنن الإلهية

    دواعي الأخذ بضوابط السنن الإلهية


    تنبثق اجتهادات الفقه المنهاجي- تلك النظرة التجديدية لشريعة الله- من سنن الله في قرآنه وكونه، وتبتعد أصلا عن المناهج الأرضية وبخاصة علم المنطق الأرسطي الذي منهج العلماء العلوم على ضوئه، واتخذوا من الجزء والكل والظن الراجح أقيستهم، وجاءونا بقواعد الفقه، وضوابط المقاصد الفقهية والتي خلصت إلى دراسة المصالح دراسة عقلية منطقية غير مكترثة بتوجيهات الشرع، رغم ما تزعم من بناء أسسها الاجتهادية على قواعد تشريعية صلبة...



    السنن الإلهية واعتماد اليقين:

    " اليقين هو الاعتقاد الجازم الثابت المطابق للواقع، وقيل عبارة عن العلم المستقر في القلب لثبوته من سبب متعين له بحيث لا يقبل الانهدام (من يقن الماء في الحوض ) إذا استقر."...واليقين أبلغ علم وأوكده ولا يكون معه عناد ولا احتمال زوال (كليات أبي البقاء ص 980)

    و اعتماد اليقين هو درء للنسبية، والتي هي في أغلبيتها دلالة على الظن الراجح، وأن الشك والتشكيك سبيل للخرص، وإتباع الأوهام والظنون-والظن أكذب الحديث- ولا مجال فيه لليقين المطلق.

    فلا ينجلي الفهم السديد لكتاب الله، إلا من خلال الترابط الوثيق، بين ما هو مقروء في المصحف الكريم مما عهد به الله لكل شيء في هذا الوجود, لا ينفك عنها منفك، وبين ما يجري في الكون والآفاق من أحداث وأمور، لا تـفسرها أوضح تفسير وأبينه إلا كلمات الله التامات، التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر.

    {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} لقمان 27

    وبهذا يتضح أن كلمات الله لا حد لها وهي غير متناهية، ومن هنا كان الأجدر بنا أن نترك الحكم للأحداث اللا متناهية للسنن القرآنية اللا متناهية.وبهذا يحكم المطلقُ المطلقَ.

    فالله جلت قدرته وتعالت إرادته لا يؤاخذنا إلا بالعـلم اليقيني المطلق، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، من هنا وجب الرجوع إلى الله ثم إلى سبيل الهدى ومنار الخلاص : كتاب الله ؛ نستنطقه عن كليات السنن الإلهية التي قيد الله بها مسار الحياة.

    قد يقول قائل وما يضير والقواعد الفقهية كلها أغلبية نسبية وأغلب الظن الراجح به يقضي القاضي ؟ وتصحيح الحديث نفسه انبنى على غلبة الظن الراجح، فيما يرويه العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه ؟

    لا غرابة في الأمر، إنما النسبي قد ينطلي على بعض جزئيات لا تنضبط بضوابطه، ومن هنا يضحى الأمر يحتمل ويحتمل ؛ وكما هو معلوم، لا حجة مع الاحتمال. واعتماد الاحتمال قبل إدراك اليقين مسألة معفو عنها إن شاء الله، لكن وبعد إدراكه فهل يترك اليقين مجالا للنسبي ؟

    كان هذا الانحراف من أول نتائج احتكاك الفقه ذي المصدر الرباني بعـلم المنطق النسبي، وبعلم الكلام الذي خاض في الإلهيات بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.

    و إذا، فما العمل والحالة هذه ؟

    لا بد من اعتماد ضوابط السنن الإلهية حيث اليقين الكلي، وحيث انتفاء الشك بالمرة؛ وذلك لفهم الواقع فهما سليما، وإخضاعه لنصوص الشرع.كما تعتمد السنن الإلهية ضوابط لفهم الشرع فهما سليما في وحدة موضوعية متكاملة، وبمنهجية شاملة: وهذا ما يؤهلنا للطموح إلى فقه منهاجي واضح.

    وقبل التألق ، فما هي دواعي الأخذ بالسنن الإلهية للتغيير المنشود؟


    دواعي الأخذ بالسنن الإلهية:


    لعرض دواعي الأخذ بالسنن الإلهية هذه قائمة من التساؤلات التفصيلية تتلوها قائمة من التساؤلات الكلية تبين بجلاء تام لا غبار عليه بوجوب الرجوع إلى أصل سنن الله للنجاة والخروج من المأزق الفقهي الحالي.



    *- تساؤلات تفصيلية

    فأين النظرة و الوحدوية الموضوعية لسنن الإلهية من الشتات الفكري الذي نجده في مختلف العلوم الشرعية، فعلى سبيل المثال لا الحصر :

    على صعيد العقيدة:

    أ‌- كان لرأي الأشعرية من نفي التعليل لأفعاله سبحانه وتعالى أثر بليغ على الفقه . ولا ريب في أن هذه العقيدة الني يعتقدها %95 من المسلمين في أنحاء المعمور ومن هناك، تسرب الشرك السياسي والذي يعد أخطر الانحرافات المعاصرة.



    على صعيد التعامل مع كتاب الله:

    ب-ماذا يعني علماء القرآن بتأصيلهم لضوابط النسخ في القرآن ؟على حين يرفض الأصوليون القول بالتعارض في القرآن فأنى يعتمد الترجيح بين النصين ؟ وبالأحرى الوصول إلى القول بالنسخ ؟

    ومع ذلك تأبى المقلدة إلا القول بالنسخ جرا لمورثات الآراء، ويختلف المتأخرون عن المتقدمين في عدد لآي المنسوخة، بل وحتى في الآيات المنسوخة ذاتها، فضلا عن ناسخها.

    وإذا ما نظرنا إلى الأمر بجدية من زاوية السنن الإلهية وجدنا الشرع اعتمد التدرج أسلوبا، وظنه الظانون نسخا.

    وما التفت الملتفتون لقوله تعالى: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} [قـ : 29] وإنما اعتمدوا آية النسخ {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ِ}[البقرة : 106] من غير فهم متكامل لا يناقض الآية الأولى.

    ج- ما القول الفصل في الآيات التي خص لها المفسرون تفسيرات عدة وتركوها بدون حسم ؟ أنظر على سبيل المثال ما جاء في التفاسير في شأن قوله تعالى : {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[سورة النور الآية 14]

    د- ما الذي دعانا للإعراض عن لمس روح القرآن،-سبب إعجازه حقا- وجعلنا ببغاوات نتكلم عن القرآن وإعجازه سفها، ونعرض عن الاحتكاك ببلاغته وتشربها وتعلمها ؟ إذ من أجلّ مهام الرسول صلى الله عليه وسلم : تعليم الكتاب ذي البلاغ المبين؟



    على صعيد علم أصول الفقه:

    هـ- ماذا تعني الأدلة المختلف فيها عند الأصوليين ؟بل وكيف يعقل بأن الشريعة المحمدية التي جاءت حاسمة لأكثر الذي اختلفت فيه بنو إسرائيل، أن تحمل في بدورها أسس الاختلاف، وهي تدعو إلى وحدة الهدف للشرائع السماوية، ووحدة الأمة الإسلامية، بأولها و أخرها، بل وجعلت من شرط المتأخرين للالتحاق بركب السلف الاستغفار لهم ؟- ولما غابت هذه النظرة الشمولية عند أسلافنا استفسروا في استغراب : هل شرع من قبلنا شرع لنا ؟ وهل القرآن الكريم كتاب تشريع أم كتاب تأريخ ؟

    و- كيف استباح الناس حمى شرع الله وأدخلوا فيه -من جراء تقصيرهم- ما ليس منه، وتكلموا عن المصالح المرسلة : وفتحوا باب الأهواء ؟؟؟

    ز- ويا لكم حثنا الله على علم اليقين وعلق عليه فتح حجاب الغيب !!! , بينما انهمك الباحثون من المغاربة واتجهوا كغيرهم من الغربيين والمشرقيين إلى النظريات : نظرية التقعيد، نظرية التقريب والتغليب، نظرية المقاصد، نظرية الضرورة الفقهية، النظريات الفقهية، و هلم جرا؛



    على صعيد علوم الحديث

    ي- ما الذي حدا بالمتأخرين من أهل الحديث أن دعوا بعدم خوض الكلام في تصحيح الحديث وتضعيفه لما آلت إليه أوضاع ومكانة الباحثين العلمية الراهنة. وأين عهد الله بحفظ شرعه.



    على الصعيد الفقهي:

    ح-ما الذي أوقف العطاءات الفقهية حتى أصبحت لا تواكب العصر ، بل وأصبحنا عالة على فقه قديم، كتب لزمانه ومكانه نستنطقه لمستجدات عصرنا؟؟؟

    ط- ما الذي دعا الفقهاء لوقوف عند آيات الأحكام دون سواها من آيات التشريع؟

    ط- ما الذي جعل أبواب الفقه في كل مذهب متشابهة في عناوينها، مع أنها قد تلتقي في اجتهاداتها أحيانا و قد تختلف في كثر من الأحيان ؟.

    م-ما الذي دفع المسلمين ليكونوا أضحوكة عند غيرهم لكونهم لم يدركوا بعد، متى ولد هلال رمضان، فيضحى الفارق بين دولة ودولة ثلاثة أيام ؟

    ن- وتطول التساؤلات في الأمور التفصيلية...





    *- تساؤلات كلية :

    أما في الأمور الكلية فقد تركت مجالات شتى من كتاب الله لم يلمسها الفقه في أي مذهب من مذاهبه الفقهية على اختلافها وتنوعها. وعلى سبيل المثال :

    أ-ما تناول المتكلمون في العقيدة إلا نتف تترك أمور السلطان وشأنه خشية بطشه بينما هجموا هجوما شرسا على الأضرحة الأولياء وقبور المسلمين ؛ وما أدركوا أن العقيدة الإسلامية انبنت على الاعتزاز بالله ربا والاستظلال بظل كلمة التوحيد في كل لحظة وحين، مع عدم الركون للظالمين ولو خوفا منهم، فضلا عن الاستغفار للذين سبقونا بالإيمان.

    وأدرك الطالبان بأن من تمام الإخلاص لله تحطيم صنم بودا؛ لكنهم ارتضوا الاستظلال بالمظلة الباكستانية وما أدركوا أنها ستنقلب عليهم ضدا وفق عهود الله، وسننه القرآنية والكونية.وما أوتوا إلا من جراء عدم إلمامهم بالسنن الإلهية القرآنية منها والكونية.

    ب- ما تناول الفقهاء نظام الدولة وشكلها وقانونها الدستوري ، والإداري. لكون ذلك الحمى كان محرما الخوض فيه تحت الأنظمة الحكم المختلفة التي ساهمت في إغلاق باب الاجتهاد.

    ج-لقد كان من اليسير على الفقهاء استخلاص القواعد الفقهية، وما كان من السهل عليهم استخلاص نظرة شمولية قرآنية وإدخال الواقع وإخضاعه لرؤيتها.

    د- كيف يمسك الفقه بتلابيب فقه سياسي متطور لا يرفع مصطلح " الخروج على الحكام" في وجه كل معارض سياسي.

    ج- في زمن الحرب على الإرهاب ما هي المعايير الحقة لاتخاذ موقف سليم يقف مع الحق لا مع الهوى ؛ لينكشف الفرق البين لتصفية حسابات الدولة مع المعارضة –وهو إرهاب الدولة-مع مبدأ الحرابة وهو إرهاب الأفراد ضد أمن المجتمع.

    د- كيف نستمد من تعاليم الكتاب والسنة سبيل تزكية الأنفس حتى لا نصبح عالة على فقه التصوف ورجالاته –وهو لا يخلو من دخن.

    هـ-من أين لنا بفقه يتجاوز الحدود المصطنعة بين دول الإسلام والمسلمين رغم ما يجمعها من وحدة اللغة والعقيدة والمساحة الجغرافية وفي زمن التهافت على وحدة الدول وتكتلاتها حتى وإن فصلتها الرقعة الجغرافية، والدين واللغة.

    و- إلخ...

    فالفقه المنهاجي يدعونا لقراءة نقدية بناءة ؛ لتعقب غياب الوحدة الموضوعية والنظرة الشاملة عند فقهائنا.كما يطالبنا النظر من أعالي التاريخ من موقع الإمامة العظمى لتنجلي الحقائق واضحة بينة،حيث لا فرق بين سنة وشيعة، وبخاصة لما يكون الكل عرضة للخطر محدق كما هو الشأن في زماننا. فقه يلزمنا الإعراض مع عدم الإصغاء لهمم السافلة القابعة في سهل الأرض المتنعمة في وديانه وبتروله غير آبهة بمن هم خارج أرضها كأن وحدة الأمة انحلت رابطتها لما حددت الحدود داخل دار الإسلام.

    والفقه المنهاجي يرفع راية ترنو إليها الأبصار، وتخشع عندها القلوب و الأنظار، وتتوحد تحتها الدول و الأقطار.

    ألم يئن الأوان بعد للإعراض عن اعتماد علم المنطق دليلا ونبراسا يستضاء به من وهج العقل واتقاده؟وهل حان الوقت لاتخاذ سنن الله القرآنية مشكاة تنير الطريق ، والبون بينهما شاسع لا مجال فيه للمقاربة، فأنى تتأتى المقارنة ؟
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد جابري; الساعة 28-10-2009, 05:40.
    http://www.mhammed-jabri.net/
  • د. وسام البكري
    أديب وكاتب
    • 21-03-2008
    • 2866

    #2
    إنّ اليقين الكلي في الفقه الذي ننشده بعيد المنال مهما قلنا في مناهج الفقه وأعدنا وفصّلنا، لأنّ من السّنن الإلهية اختلاف الفهم، والاستنباط، والتأويل، مهما حاولنا تبسيط الفهم، أو تيسير الأخذ بالظاهر !، قد لا أختلف معك في تساؤلاتك، ولكنّي لا أجد ما يُعينني على إدراك الفقه الجديد، ليس لخلل في الهدف والغاية، بل لغموض ماهيته ووسائله، فجميع المسلمين باختلاف طوائفهم منذ نشر الدين الإسلامي يدّعون أنهم على يقين من مناهجهم، ويدّعون أنهم يسيرون وفق المنهج القرآني.
    وأنّى لهم ولنا ذلك من غير إعانة على تبيين الحقائق بالمؤكد اليقيني الذي لا يردّه رادّ أبداً ؟ !.

    الأستاذ محمد جابري
    أفضت وبيّنتَ، فاستمتعتُ تأمُلاً في تساؤلاتك المشروعة.
    وجزاك الله ألف خير عن القرآن وأهله.
    د. وسام البكري

    تعليق

    • محمد جابري
      أديب وكاتب
      • 30-10-2008
      • 1915

      #3
      الأستاذ د. وسام البكري؛
      الذي يطمح للعلى لا ينظر إلى الخلف إلا بمقدار مراعاة لما يفصله عن الهدف من مسافة.
      حسما لا يمكن القضاء بضربة لازب على كل الخلافات وبخاصة العقائدية فضلا عن فروع الفقه؛ لكن اليقين الذي أستنير به في ظل السنن والعهود الربانية لا مجال فيها للاختلاف،وذلك باعتماد ضوابط السنن التفصيلية من كتاب الله، فضلا عن ضوابطها الكلية من نفس المصدر والامتناع لتسرب الخلاف يأني من وعد الله جل علاه {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} [النساء : 82]

      وعلى سبيل المثال لا الحصر فهذا السيد باقر الصدر رحمه الله يقول عن السنن الإلهية:

      " حينما أراد أنْ يتحدّث عن انتصار المسلمين في غزوة أُحُد بعد أنْ أحرزوا ذلك الانتصار الحاسم في غزوة بدر، بعد ذلك انكسروا وخسروا المعركة في غزوة أُحُد، تحدّث القرآنُ الكريم عن هذه الخسارة، ماذا قال ؟ هل قال بأنّ رسالة السماء خسرتْ المعركة، بعد أنْ كانت ربحتْ المعركة ؟

      لا؛ لأنّ رسالة السماء فوق مقاييس النصر والهزيمة بالمعنى المادّي، رسالة السماء لا تُهْزَم، ولنْ تُهزم أبداً، ولكنّ الذي يُهزم هو الإنسان، الإنسان، حتى ولو كان هذا الإنسان مجسِّداً لرسالة السماء؛ لأنّ هذا الإنسان تتحكّم فيه سننُ التاريخ .

      ماذا قال القرآن ؟ قال : (وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) (1) . هنا أخذ يتكلّم عنهم بوصفهم أُناساً، قال : بأنّ هذه القضية هي في الحقيقة ترتبط بسنن التاريخ، المسلمون انتصروا في بَدْرٍ حينما كانتْ الشروط الموضوعية للنصر ـ بحسب منطق سنن التاريخ ـ تَفْرُضُ أنْ ينتصروا، وخسروا المعركة في أُحد، حينما كانت الشروط الموضوعية في معركة أُُحد تفرض عليهم أنْ يخسروا المعركة .

      ( إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ

      ____________

      (1) سورة آل عمران : الآية (140) .

      الصفحة40

      مَسَّ القًوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) (1) . لا تتخيلوا أنّ النصر حقٌّ إلهي لكم، وإنّما النصر حقّ طبيعي لكم، بقدر ما يمكن أنْ تُوَفِّروا الشروط الموضوعية لهذا النصر، بحسب منطق سنن التاريخ التي وضعها الله سبحانه وتعالى كونيّاً لا تشريعيّاً، وحيث إنّكم في غزوة أُحد لم تتوفّر لديكم هذه الشروط؛ ولهذا خسرتم المعركة .

      فالكلام هنا كلام مع بشرٍ، مع عمليّةٍ بشريّةٍ، لا مع رسالة ربانيّة، بل يذهب القرآن إلى أكثر من ذلك، يهدِّد هذه الجماعة البشريّة، التي كانت أنظفَ وأطهرَ جماعةٍ على مسرح التاريخ، يهدِّدهم بأنّهم إذا لم يقوموا بدَورهم التاريخي، وإذا لم يكونوا على مستوى مسؤوليّةِ رسالةِ السماء، فإنّ هذا لا يعني أنْ تتعطّل رسالة السماء، ولا يعني أنْ تَسْكتْ سننُ التاريخ عنهم، بل إنّهم سوف يُستبدَلون، سننُ التاريخ سوف تَعْزِلُهم، وسوف تأتي بأُمَمٍ أُخرى قد تهيّأتْ لها الظروف الموضوعيّة الأفضل؛ لكي تلعب هذا الدور، لكي تكون شهيدة على الناس إذا لم تتهيّأ لهذه الأُمّة الظروف الموضوعيّة لهذه الشهادة (إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
      )


      واقرأ من جانب آخر ما أكتب عن السنن الإلهية فهل تجد كلاما مغايرا، أم كلاما مؤكدا مع اختلاف المدارس والتوجهات.؟
      دمت في رحمة الله
      التعديل الأخير تم بواسطة محمد جابري; الساعة 11-11-2009, 08:39.
      http://www.mhammed-jabri.net/

      تعليق

      • د. رشيد كهوس
        أديب وكاتب
        • 09-09-2009
        • 376

        #4
        [align=justify]
        يعتبر استنباط سنن الله من خلال جملة عهوده ووعوده سبحانه وتعالى ضمن الآيات القرآنية ضروريا وهاما؛ إذ الأمة الإسلامية في حاجة ماسة إلى أن تعي دروسها، وتستفيد منها في مسيرتها المستقبلية، وبخاصة أنها موعودةٌ بوراثة الأرض والاستخلاف فيها.
        وإن من دواعي اعتماد منهج سنن الله:
        أولا-إن منهج السنن الإلهية منهج علمي دقيق وقسطاس مستقيم أصله في القرآن الكريم، باعتماده ودراسة واقع الأمة في ضوئه والسير علة منهاجه يتحقق حفظ الأمة وإقامة مجتمع الإسلام على أسس متينة ودعائم ثابتة.
        ثانيا:إن جل مفكرينا اليوم قد نهجوا مناهج مختلفة في بحوثهم ودراساتهم ومحاضراتهم أما منهج السنن فلم يوف حقه وقدره من البحث والدراسة والاهتمام في القديم والحديث، فكان ما كتبه العلماء والكتاب والباحثون قليلا جدا مما يستوجب الاهتمام به وبيانه.
        ثالثا:لقد اكتفى المؤرخون وعلماء الاجتماع بسرد الأحداث التاريخية وواقع المجتمعات دون استخلاص السنن الربانية والقوانين الإلهية من أحداثها؛ فسقوط دولة وقيام أخرى لا يحدث عبثا ولا صدفة بل وفق مسالك مقننة لا سبيل للخروج عليها.. وهذا ما يجعل للبحث في تلك القوانين والسنن ودراستها واستنباطها أهميته إذ هي بيت القصيد من كل حدث.
        وما أشرت إليه فضيلة الأستاذ الناقد محمد جابري هام جدا..
        [/align]
        التعديل الأخير تم بواسطة د. رشيد كهوس; الساعة 11-11-2009, 08:34.
        sigpic

        تعليق

        • محمد جابري
          أديب وكاتب
          • 30-10-2008
          • 1915

          #5
          الأستاذ رشيد كهوس

          ما أوضحته هنا من زاوية تارخية، فهو بالضبط ما أسعى لبيانه من زاوية انحراف العلوم وتقاعسها عن ذروة سنام رفعتها وعزتها.

          قذ يستغرب القارئ ما سبق، وأقول لا نستبق الحدث، فالثوابت القرآنية ترجع الأمور إلى نصابها، ولا نستبق الحدث، فلكل مقام مقال.
          http://www.mhammed-jabri.net/

          تعليق

          • د. م. عبد الحميد مظهر
            ملّاح
            • 11-10-2008
            • 2318

            #6
            [align=right]
            الأستاذ الفاضل محمد جابرى

            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

            مقالتك نشرت يوم 27 اكتوبر2009

            ما هى الرسالة التى أردت توصيلها من خلال مقالتك؟

            هل تعتقد ان رسالتك وصلت؟

            و تحياتى

            [/align]

            تعليق

            يعمل...
            X