بشيرة و حكايات الجن -أقصوصة - نزار ب. الزين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نزار ب. الزين
    أديب وكاتب
    • 14-10-2007
    • 641

    بشيرة و حكايات الجن -أقصوصة - نزار ب. الزين

    بشيرة و حكايات الجن


    قصة قصيرة


    نزار ب. الزين*

    ضاقت رويدة خانم ذرعا بالعزلة التي تعيشها و أفصحت لزوجها مرارا عن مر شكواها فكان كل مرة يتذرع بالأطفال << لقد أنجبت خمسة أطفال خلال عشر سنوات ، فالذنب ذنبك ! >> إعتاد أن يقولها مازحا ، فتجيبه مازحة : << و هل أتيت بهم من بيت أبي ؟ >> و لكنه فاجأها ذات يوم بقرب إيجاد حل للمشكلة ، فقد وعده أحد زبائنه أن يؤمن له خادمة فتية يمكن الاتكال عليها في كافة شؤون البيت بما فيها المساعدة على رعاية الأطفال .
    كانت فرحتها لا توصف عندما دخلت بشيرة الدار ، هي في الثامنة عشر من عمرها ، بدت في غاية التهذيب عندما خاطبت ( الست ) مجيبة على أسئلتها الكثيرة ، ثم باشرت في الحال تنفيذ كل ما تؤمر به .
    فرح بقدومها كذلك مصطفى ، بِكر العائلة ذو التاسعة و كذلك فرحت بها شقيقته أماني ذات السنوات السبع ، فقد دخل الأسرة عنصر جديد قد يغير من رتابة حياتهم .
    تقبلت بشيرة بكل رضا إلقاء ثوبها الريفي و استبداله بأحد أثواب (الست) القديمة ، كما تقبلت أوامرها بضرورة الإستحمام قبل ذلك ، و ضحك عليها الشقيّان عندما خرجت من الحمام بهيئتها الجديدة وجلة مرتبكة .

    *****

    اعتادت بشيرة على مجالسة الأطفال بعد أن يفرغوا من مراجعة دروسهم و كتابة واجباتهم ، فما أن تنجز ما أنيط بها ، حتى يلتفون حولها في دائرة ، لتبدأ في قص ما لديها من حكايات ، فيضحكون في مواقف الطرافة و تدمع أعينهم في مواقف الحزن .
    و لكن ...
    ذات ليلة و بينما كان الوالدان في زيارة بعض الأقارب ، حلا لبشيرة أن تقص عليهم حكاية من حكايات الجن...
    إتسعت مآقي الأطفال و تفتحت آذانهم و تسمرت رؤوسهم و لم يخفِ الصغار وجلهم فالتصقوا ببعضهم بعضا و رغم كل مظاهر توجسهم ظلوا يحثونها على المواصلة.
    و ما أن أنهت بشيرة قصتها ، حتى بدأ سيل من الأسئلة ينهال عليها : << نعم هم قادرون على الظهور و على الإختفاء أنّى شاؤوا >> تجيبهم بشيرة واثقة ، ثم تكمل : << و هم أيضا قادرون على التشكل ، قد يظهرون على شكل قطة سوداء ، أو فأر أبيض ، و بإمكانهم الدخول من خلال الأبواب أو النوافذ المغلقة ، و بإمكانهم أيضا تقمص البشر ! >>
    تصرخ الصغيرة كوثر هلعا فتضمها بشيرة إلى حضنها مطمئنة ، ثم تضيف قائلة : << إنهم لا يدخلون إلى أي مكان فيه أكثر من شخص واحد ! >>
    يسمع مصطفى صوت ارتطام ، يتجمد رعبا ، يتساءل بصوت مرتعش : << هل سمعتم ما سمعته ؟؟ >> تنتقل موجة الرعب إلى الآخرين فيصيحون معا : << لعله جني ؟! >> تهب بشيرة واقفة ، تحمل بيدها الصغير رضوان و تجر بيدها الأخرى كوثر ، و تهرع و الآخرون من خلفها نحو الحمام ، تغلقه من الداخل ، ثم تحكم إغلاق نافذته الصغيرة ، ثم تجلس أرضا و قد التصق بها الكبار و الصغار ....
    الكبار بمن فيهم بشيرة - ذاتها - يرتعشون و الصغار يبكون بصمت عدا كوثر التي علا نحيبها....
    فجأة تنظر بشيرة إلى الأرض فتلمح ( البلاعة ) ...
    تشهق :<< ويلاه ، قد يخرجون علينا من البلاعة !! >> ثم تشد منشفة معلقة ، تكورها ثم تسد بها البلاعة ، ثم تعود للجلوس محاولة أن تتماسك .
    و على حين غرة تصيح أماني منذرة : << شاهدتُ المنشفة تتحرك >> ثم تنخرط بالبكاء ...
    يعلو صراخ الصغار أكثر و أكثر ...
    يمتقع وجه مصطفى ، يقترح بفم مرتجف : << هيا فلنغادر البيت في الحال ! >>
    ثم يندفعون معاً نحو الشارع ، في كتلة واحدة ، بين باكٍ أو مرتعشٍ ، حفاةً عراةً إلا من مباذلهم !
    --------------------------
    * نزار بهاء الدين الزين
    سوري مغترب
    عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
    عضو الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العربArabWata
    الموقع :www.FreeArabi.com
  • أحمد عيسى
    أديب وكاتب
    • 30-05-2008
    • 1359

    #2
    وكذا يسبق الهلع التفكير السليم ..

    أستاذي : نزار الزين

    تمتلك مفاتيح القص بين يديك أستاذي ، وتطوع القصة كيفما تشاء ..
    فتخرج لنا دوماً بأبهى حلة ..

    أحييك أستاذي .
    كن بخير
    ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
    [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

    تعليق

    • نزار ب. الزين
      أديب وكاتب
      • 14-10-2007
      • 641

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة أحمد عيسى مشاهدة المشاركة
      وكذا يسبق الهلع التفكير السليم ..
      أستاذي : نزار الزين
      تمتلك مفاتيح القص بين يديك أستاذي ، وتطوع القصة كيفما تشاء ..
      فتخرج لنا دوماً بأبهى حلة ..
      أحييك أستاذي .
      كن بخير
      [align=center][table1="width:95%;background-image:url('http://www.almolltaqa.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/85.gif');"][cell="filter:;"][align=center]
      *****
      أخي المكرم أحمد
      ثناؤك وشاح شرف يطوق عنقي
      فلك الشكر و الود ، بلا حد
      نزار

      [/align][/cell][/table1][/align]

      تعليق

      • عائده محمد نادر
        عضو الملتقى
        • 18-10-2008
        • 12843

        #4
        الزميل القدير
        نزار ب. الزين
        أحب نصوصك التي تجيء من ضمن حياتنا اليومية بدقائقها
        حتى أصغر الأشياء
        الجهل زميلي هو المصيبة التي ستخرب الدنيا
        وحقيقة ناك أناس كثيرون يخافون فعلا من الجن ويجعلهم خوفهم يتصرفون بشكل عصابي.
        تحياتي لك ومودتي
        الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

        تعليق

        • نزار ب. الزين
          أديب وكاتب
          • 14-10-2007
          • 641

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
          الزميل القدير
          نزار ب. الزين
          أحب نصوصك التي تجيء من ضمن حياتنا اليومية بدقائقها
          حتى أصغر الأشياء
          الجهل زميلي هو المصيبة التي ستخرب الدنيا
          وحقيقة ناك أناس كثيرون يخافون فعلا من الجن ويجعلهم خوفهم يتصرفون بشكل عصابي.
          تحياتي لك ومودتي
          *****
          [align=center][table1="width:95%;background-image:url('http://www.almolltaqa.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/23.gif');"][cell="filter:;"][align=center]
          أختي الفاضلة عائدة
          هناك مجتمعات كاملة ، صغارها و كبارها ، تعتقد بالجن ، فالأمر لا يتعلق فقط بالجهل ، إذ يمكن إضافة التأثير الجمعي و التنشئة المشبعة بالخرافة
          و هذه المجتمعات تتصرف فعلا - كما تفضلت - بشكل عصابي كلما ذكر الجن أمام أفرادها .
          شكرا لزيارتك و مشاركتك القيِّمة التي أثرت النص
          مع عميق مودتي و تقديري
          نزار

          [/align][/cell][/table1][/align]

          تعليق

          يعمل...
          X