أقصوصة/ بقلم سعيدة الرغوي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سعيدة الرغوي
    أديب وكاتب
    • 04-10-2009
    • 228

    أقصوصة/ بقلم سعيدة الرغوي

    ]


    إلى كل الحالمين بمستقبل مشرق...وكل المتفائلين
    الرومانتيكية / بقلم : سعيدة الرغوي
    الصمت والحر الشديد ...وعيون تسبح في اللامنتهى والهسيس وهي تبحث في
    كل الزوايا عن وقت ضائع ، عن عالم مختلف لا ربما.
    ضوضاء المدينة ، قدرها الحالم ، وشتات أفكارها.
    اليوم اختارت إقصاء الكل ، أرادت عنونة بوابة الحاضر ، الإطلال عنوة على المستقبل لاستشرافه.
    وعلى غير عادتها غادرت المنزل الذي تقطنه منذ عدة سنوات ، وهي تصبو للرحيل ، وللتملص من شرنقة المدينة التي احتوتها ورسمت أخاديد حياتها المبهمة.
    " حفيظة" ..بقامتها الطويلة ، وجسدها المكتنز ، لطالما استهوتها الروايات الكلاسيكية الحالمة ، الكلمات المعسولة والمنمقة التي تسلب الأفئدة ، وتستحوذ على الألباب .
    كل ماهو رومانسي يأسرها ، يرتحل بها ، ويمنيها في الاستمرار رغم أود مسار حياتها ،وصعوبة المسالك التي اعترضتها وتعترضها ، حتى صارت تدعى لدى كل معارفها وأصدقائها " بالرومانتيكية البدينة " ، هذه التسمية لم تثير حافظتها يوما ، بقدر ما أكسبها القوة والصلابة والجلد.
    حان موعد الرحيل ، توديع أمس طويل ، وتراتيل الليل الموحشة وصديقتنا " حفيظة " ممسكة بألبوم صور تتصفحه بترو، علها بذلك تسترجع بعض الذكريات التي لا تزال عالقة بخلدها الذي شحنته كرور الزمن وصروفه ، وكومته تجاعيد السنين ، فاستوقفتها إحدى الصور ، واستغرقت في التفكير ، وكأنها بذلك تبحث عن سطور لحقائق ضيعها الزمن المهترئ ، لا ربما الأمر على ذاك النحو، أو لاربما هو شيء آخر.
    انتزعت الصورة من الألبوم ، ووضعتها على منضدة قرب سريرها ، وقامت تجول الغرفة طولا وعرضا ، عساها بتلك الطريقة تتخلص من قيود كبلتها كل هذا الوقت الذي انصرم.
    ونجحت بالفعل في الخروج من متاهة الضياع ، وانتشلت فكرها من متاهات قد لا تنتهي إن هي استمرت على هذه الحال.
    همست بكل وثوق وصرامة نمت عنهما مقلتيها العسليتين اللتين بقدر ما تنمان عن الحزن الدفين ، بقدر ما يختزلان التحدي والصلابة والعنفوان..

    " لما يا حفيظة كل هذا الانزعاج البادي على سكناتك ، لما لا تدعين الأصوات المخنوقة بدواخلك تنكشف للعالم المرئي ، ولما لا تتجردي من الخناق الذي يكتم أنفاسك ولهتاتك..ولما ، ولما...؟؟.
    خرجت من الغرفة الكئيبة ، وأوصدت الباب خلفها وخطت بضع خطوات وئيدة ، وبذلك أقفلت ملف الجراحات القديمة التي أسرتها سنوات عدة.
    وفي الخارج بدا لها العالم مختلفا ، إلا أن كل ذلك لم يزدها إلا إصرارا على خوض غمار الحياة الجديدة وكلها طموح وإرادة لرسم غد مشرق مزدان بأبهى الحلل ، استقلت الحافلة التي سوف تقلها إلى المكان الذي سيشهد ولادتها الجديدة ، وبعد سويعات تصل إلى مقصدها ، وقد كان لها ذلك بفعل جلدها وتحديها لكل العراقيل التي اعترضتها .
    في حي " القدس " بمدينة الوئام ستقيم " حفيظة " وستفتح صفحة جديدة ، حيث ستبدأ العمل في إحدى شركات توزيع الملابس الجاهزة ، وستحظى بسمعة طيبة لدى الزبناء ولدى رؤوساء عملها ، وقد تسنى لها كل ذلك بفضل حسها الفني وذوقها المتميز ، ودرايتها بعالم الأزياء ، فقد عملت في سابق عهدها بحياكة الملابس لجاراتها وأقاربها ، الشيء الذي ساعدها في عملها الجديد ، ولما انتقلت إلى المدينة الجديدة ، صقلت موهبتها تلك بالدراسة في إحدى دور الأزياء ، فكان ذلك سببا في تفوقها في هذا المجال ، حيث أصبحت من اللواتي لهن باع طويل في ميدان تصميم الأزياء ، ونظرا للمساتها المتفردة ، استطاعت أن تكتسب شهرة بين رفيقاتها في عالم الموضى ، وقد وضعت لتصميماتها شهرة خاصة " الرومانتيكية " ومااختيارها لتلك التسمية إلا لكونها لا زالت تتذكر لقبها في الماضي .
    وجاء صيف أيلول فنشطت عروض الأزياء فلم تفوت " حفيظة " المناسبة لتنزل إلى الجمهور بآخر لمساتها وإبداعاتها في عالم الموضى والأزياء، واضطرتها العروض زيارة العديد من البلدان ، فكان لزاما عليها أن تساير المستجدات ، فلم تعد حفيظة تلك الفتاة المفاضة ، بل أصبحت مهفهفة ، ورشيقة القوام ، بفعل مدوامتها على التمارين الرياضية .
    وعملت على اتباع نظام خاص في التغدية ، وهكذا زاد عدد معجبيها ، وصارت امرآة جذابة تأسر أفئدة و ألباب الرجال ولم تمض أعوام حتى صارت إحدى أهم الأسماء اللامعة في عالم الأزياء والملابس ..وقد تحقق لها كل ذلك بفضل جلدها ، وعزمها على تجاوز العثرات التي كانت تعترض سبيلها ، ، وكذا بفضل إصرارها على الخروج من عالم الإنزواء والظل ، إلى حيث الأضواء والشهرة ، بيد أنها لم تترك عالم الأضواء يأسرها كلية ، بل عملت بفضل ما اكتسبته في هذا المجال على توسيع مداركها العلمية ، فأتمت دراستها الجامعية وبحصولها على شواهد علمية عالية برهنت لنفسها أنها يمكنها المضي قدما لتحقيق ذاتها ولوأد الأفكار التي كانت حبيستها في الماضي ، والتي جعلتها في سنوات خلت تعيش حياة بئيسة ، وتستمر فصول الحياة ، وتستمر حفيظة في الكفاح والتألق .

    التعديل الأخير تم بواسطة سعيدة الرغوي; الساعة 29-10-2009, 16:49. سبب آخر: تثبيت الإطار
  • مها راجح
    حرف عميق من فم الصمت
    • 22-10-2008
    • 10970

    #2
    غاليتنا الاديبة سعيدة
    نرجو تثبيت اطار الموضوع
    لا استطيع التركيز
    كوني بخير
    رحمك الله يا أمي الغالية

    تعليق

    • سعيدة الرغوي
      أديب وكاتب
      • 04-10-2009
      • 228

      #3
      بسم الله الرحمن الرحيم
      مشكورة أختي مها راجح وبارك الله فيك.

      تعليق

      • مها راجح
        حرف عميق من فم الصمت
        • 22-10-2008
        • 10970

        #4
        سرد متألق
        اعتقد انني قرأته في ملتقى القصة والرواية


        هناك بعض هنات املائية

        تحيتي
        رحمك الله يا أمي الغالية

        تعليق

        يعمل...
        X