( الشيخ جبر ) نزف قلم : محمد سنجر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد سنجر
    عضو الملتقى
    • 27-09-2008
    • 165

    ( الشيخ جبر ) نزف قلم : محمد سنجر


    ( نظرت لأعلى ،
    انتابني خوف شديد من شدة صراخه ،

    أخذ المنبر الخشبي يرتعد من تحته ،
    حاولت استبيان ما يقول ،
    لا فائدة ،
    صراخه أخذ يتعالى و يتعالى )
    ـ حرام عليكم ، حرااااااام عليـكــــــــــــــم ،
    حرااااااام ، حرااااااااااام ،حرااااااااااااااااااااااااااام
    ( أخذ يصرخ بها حتى بح صوته ،
    عندها تذكرت ما فعله بي ،
    أليس ما فعلته أول أمس أيضا حرااااااااااااااام ؟
    نظرت إلى الخطوط الزرقاء التي رسمها على كفي بعصاه ،
    كل هذا الألم لأنني أخطأت في كلمة واحدة ؟
    كلمة واحدة فقط وأنا أقرأ عليه ما حفظت من القرآن ،
    أضررت يومها لإخفاء الأمر عن أبي خوفا من تزايد عدد الخطوط ،
    نظرت إليه ،
    وجهت كفي من مكانهما خلسة للسماء )
    ـ إلهي يا رب المنبر اللي أنت واقف عليه يتكسر بك و تتدحرج من فوقه درجة درجة يا بعيد ، و ينزل على راسك يكسرها ما يعرفوا وشك من قفاك ،
    و يا رب تكون بعد صلاة عشاء و أنت في المسجد لوحدك ما تلاقي حد يحوشك أو يساعدك أو يشيلك ، قادر يا كريم .
    ( أعادني صراخه مرة أخرى ،
    نظرت إليه و أنا أرتعد من شدة الخوف ،
    عيناه يتطاير منها الشرر ،
    أخذ يتمايل يمينا و يسارا )
    ـ أيها الخسيـــــــس ، أيها التعيــــــــــــــس ، أيها الحقيــــــــــــــــر ،
    أيها الخنزيـــــــــــــــــر ، أيها ال....
    ( مددت يدي بجيب جلبابي خلسة ،
    حاولت ألا يراني أبي الجالس إلى جواري ،
    أخرجت قطعة من القطن الذي أحتفظ به لمثل هذه الظروف ،
    فرقتها إلى نصفين ،
    دسستهما بأذني ،
    لا فائدة ،
    ما زال صراخه يغتصب سمعي )
    ـ أيها الزااااااااااااني ، أيها السااااااارق ، أيها الماااااااارق ،
    أيها الفاااااااااااااااااااسق ، أيها ال...........
    ( لم أجد مفرا إلا بسد أذني بإصبعي السبابة ،
    طاردتني العيون من حولي ،
    نظرت إلى عيون أبي فإذا بسهام التوبيخ تنطلق تجاهي ،
    نزعت أصابعي بسرعة من شدة الرعب ،
    جاءني صوت الشيخ ثانية ، يدق رأسي دقا ،
    يمزق طبلة أذني تمزيقا ،
    يفترس كل ما بداخلي ،
    أمواج من الألم تلاحقني )
    ـ يا كااااااااافر ، يا فاااااااااااجر ، يا عااااااااهر ، يا خاااااااسر ، يا ماااااااجن ،
    يا زنديـــــــــــق ، يا زنديــــــــــــــق ، يا زنديـــــــــــــــــق ، يا ............
    ( لااااااااااااااااااااااااااااا ،
    سيطر على رأسي ألم رهيب رهيب ،
    أحاول بكل ما أوتيت من قوة مقاومته و لا أستطيع ،
    مستحيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل ،
    بوق المجهر يكاد ينطلق إلى داخل أذني ،
    جسدي يهتز بشدة من قوة ذبذباته ،
    قلبي و أطرافي ترتعد من هول اهتزازاته ،
    شيء عملاق أمسك بمطرقة مهولة و أخذ يدق رأسي دقا دقا ،
    وضعت رأسي بين كفي أسد بهما أذني ثانية ،
    باغتتني وكزة خاطفة من أبي ،
    لم أجد أمامي إلا الفرار إلى دورات المياه ،
    انطلقت أبحث عن ملاذ آمن ،
    تعرقلت بأقدام المصلين ،
    هويت مرتطما بأجسادهم ،
    حاول البعض مساعدتي على الوقوف ،
    وقفت بينما أحاول التخلص من بين أياديهم ، و انطلقت ثانية ،
    بكاء شديد أخذ يغلي بصدري ،
    خفت أن يسمع صوتي أحد ،
    أسرعت إلى صنبور المياه ،
    فتحته ،
    وضعت رأسي تحته ،
    أخذت أبكي وأبكي و أبكي ،
    ذابت ملوحة دموعي و انطفأت سخونتها وسط برودة المياه العذبة ،
    تلاشي صوت بكائي خلف هدير شلالات المياه المتساقطة ،
    سحبتني بين دواماتها ،
    لفتني ، أغرقتني ،
    أخذتني بعيدا بعيدا ،
    إلى حيث كنت اجلس إلى جدي ( الشيخ علي ) رحمة الله عليه ،
    ما زالت صورته محفورة بعيني ،
    يلون وجهه و لحيته الطويلة البيضاء ضوء المصباح الزيتي الصغير ،
    ابتسامته التي لا تفارق شفتاه تكشف ستر بعض حبات اللؤلؤ المتبقية و التي تحاول الاختباء ،
    يجلس في طمأنينة و سكينة إلى ( طبلية ) خشبية مستديرة ،
    كان يجمعنا حولها كل مساء ، يحكي لنا الحكايات ،
    يمسك بكتابه العتيق الذي خضب الزمن أوراقه البيضاء بالاصفرار ،
    كم كنا نشتاق لسماع صوته كلما سكت للحظات ،
    نتلذذ بمداعبة آذاننا بعذوبته ،
    نطرب لشدو بلابل حروفه التي تتسلل في حنان و رقة إلى القلوب ،
    وجدته يتطلع إلي بنظرة حانية ،
    يعبق كياني طيب حروفه التي تنزل على سمعي بردا و سلاما ،
    يدغدغ مشاعري بهمسه الحاني في أذني )
    ـ ( و لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك )
  • يسري راغب
    أديب وكاتب
    • 22-07-2008
    • 6247

    #2
    الاديب القدير
    القاص والروائي
    الاستاذ محمد سنجر الموقر
    ما اروعك وانت تصور حالة انسان عند الغضب يقاوم انفعالاته
    تصوير عميق للحالة الانسانية
    لغة سلسة وتتابع مشوق للحدث في لحظاته القليلة
    تتماسك ادبا ونصا وحوارا
    تكون رائعا وانت في سوق عكاظ تسترخي بعيدا عن ضوضاء المفاضلة
    تواضع الواثق من بنانه وبيانه
    اسجل احترامي وتقديري واعجابي
    احترامي

    تعليق

    • محمد سنجر
      عضو الملتقى
      • 27-09-2008
      • 165

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة يسري راغب مشاهدة المشاركة
      الاديب القدير
      القاص والروائي
      الاستاذ محمد سنجر الموقر
      ما اروعك وانت تصور حالة انسان عند الغضب يقاوم انفعالاته
      تصوير عميق للحالة الانسانية
      لغة سلسة وتتابع مشوق للحدث في لحظاته القليلة
      تتماسك ادبا ونصا وحوارا
      تكون رائعا وانت في سوق عكاظ تسترخي بعيدا عن ضوضاء المفاضلة
      تواضع الواثق من بنانه وبيانه
      اسجل احترامي وتقديري واعجابي
      احترامي
      أستاذنا الفاضل
      أ يسري راغب
      دائما ما تخجلني طيب ردودك
      فأقف عاجزا عن لملمة الحروف للرد عليها

      تقبل مودتي و تقديري و محبتي

      دمت بكل خير

      تعليق

      • مصطفى شرقاوي
        أديب وكاتب
        • 09-05-2009
        • 2499

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة محمد سنجر مشاهدة المشاركة

        ـ إلهي يا رب المنبر اللي أنت واقف عليه يتكسر بك و تتدحرج من فوقه درجة درجة يا بعيد ، و ينزل على راسك يكسرها ما يعرفوا وشك من قفاك ،
        و يا رب تكون بعد صلاة عشاء و أنت في المسجد لوحدك ما تلاقي حد يحوشك أو يساعدك أو يشيلك ، قادر يا كريم .
        في البداية وقبل التعقيب أود أن أُصرح لك بشئ ما في صدري تجاه كلماتك ذات الروح المداعبه ... واستغربت أكثر لماذا سيصعد المنبر بعد صلاة العشاء في وقت لا يوجد فيه أحد .. نزفك الجميل مربوط بعضه ببعض وكأنني تخيلته يمارس سطوته وعداوته حتى على اللاشئ في الهواء وكان خياله أيضاً عدوه .... هو الأمر بالمعروف بمعروف والنهي عن المنكر بغير منكر .... حتى نجد القدوة الحسنة والكلمة الصادقه .... عند إغلاقك لموضوعك انتابني احساس الاستغراب ولكن ما لبثت إلا أن قرأت ولو كنت فظاً غليظ القلب ..... نعم فبما رحمة من الله لنت لهم .... شكراً لك

        تعليق

        • محمد سنجر
          عضو الملتقى
          • 27-09-2008
          • 165

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة مصطفى شرقاوي مشاهدة المشاركة
          في البداية وقبل التعقيب أود أن أُصرح لك بشئ ما في صدري تجاه كلماتك ذات الروح المداعبه ... واستغربت أكثر لماذا سيصعد المنبر بعد صلاة العشاء في وقت لا يوجد فيه أحد ..

          هذا ما تفتق عنه عقل هذا الطفل الصغير ،
          و تمنى وقتها أن يصعد إلى المنبر يوم الخميس بعد العشاء ليصلح الميكروفون و يضع الخطبة المكتوبة على الورق تحت الوسادة التي يجلس عليها بين الخطبتين في اليوم التالي و هو يوم الجمعة

          نزفك الجميل مربوط بعضه ببعض وكأنني تخيلته يمارس سطوته وعداوته حتى على اللاشئ في الهواء وكان خياله أيضاً عدوه .... هو الأمر بالمعروف بمعروف والنهي عن المنكر بغير منكر .... حتى نجد القدوة الحسنة والكلمة الصادقه .... عند إغلاقك لموضوعك انتابني احساس الاستغراب ولكن ما لبثت إلا أن قرأت ولو كنت فظاً غليظ القلب ..... نعم فبما رحمة من الله لنت لهم .... شكراً لك
          نعم أستاذنا الفاضل

          مصطفى شرقاوي

          فبما رحمة من الله لنت لهم و لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك

          تقبل تقديري و احترامي

          تعليق

          يعمل...
          X