كيف أنت يا ... أنا ؟!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حسين يوسف
    عضو الملتقى
    • 19-09-2009
    • 26

    كيف أنت يا ... أنا ؟!

    كيف أنت ؟ وما هو مداك ؟ وهل ستبقى هكذا تبتسم للسماء والهواء ؟

    أسئلة ما برحت تطوف برأسي ، تراودني عن نفسي ، كلما خلوتُ بها أو خلتْ بي .. تعاندني ذات أرق ؛ فتحملني من علياء فراشي ، وتلقي بي على سطح داري ، حيث أعانق السماء والهواء ، فلا يحول بيني وبينهما حائل .

    أمام عينيّ تلمع النجوم ، وتتراءى الكواكب ، كما تراءت ليوسف عليه السلام ذات حلم ، لكني لا أرى من بينها أخاً واحداً ، فأنظر إلى السماء ، وأتساءل من جديد .. يا هذا ، كيف أنت ؟ وما هو مداك ؟ وهل ستبقى هكذا ؟
    يخطف الفضاء قلبي ، وتعبث السماء بروحي ، ويداعب الهواء نفسي فينعشها ، فأسرّح الطرف في السماء وأقول : -
    هنا نظر شاعر الخضراء أبو القاسم الشابي فأنشد صارخاً في أمل كأنه اليأس ..
    سأعيش رغم الداء والأعـــداء ... كالنسر فوق القمة الشمــــّاء
    أرنو إلى الشمس البعيدة هازئاً ... بالسحب والأمطار والأنواء
    أودّ لو سألته ، وأودّ لو ملك الجواب ؛ كم من الأعوام عشتَ بعدها يا شابّي ؟
    ومن منكما سخر من الآخر أو هزئ به .. أنت ؟ أم السحب والأنواء ؟
    وأنكفئ على ذاتي أسائلها ؛ إلى هذا الحد يبلغ بنا الضعف مداه ؛ فنـُفـْرط في ادّعاء القوة ، لدرجة تثير السخرية والشفقة ، في آن معاً ؟!

    وإلى ذات السماء نظر فرعون موسى ، فأصابه جنون العظمة ، وعانق الهواءَ ، فطار عقله مع الريح ، وأعلنها صريحة مدوية ؛ أليس لي ملك مصر ، وهذه الأنهار تجري من تحتي ؟ ، وسكت القوم ، ولم يردّوا ، فاعتبر سكوتهم رضاً وموافقة ، فتمادى قائلاً ، أنا ربكم الأعلى .
    ما أسرع هذا التصريح وأقواه !
    لكن هذا الإله الأسطوري المُدّعي ، لم يلبث أن تراجع عن دعواه ، حين انطبق عليه البحر ، وسحب تصريحه مثل طفل صغير تعاقبه أمه ، ثم أعلن من جديد ... آمنت أنه لا لإله إلاّ الذي آمنت به بنو إسرائيل .

    وأعود إلى ذاتي أسائلها .. إلى هذا الحد يبلغ بنا الضعف مداه ، فنبالغ في ادّعاء العظمة ، حتى نصل إلى قمة المنحنى ، فيقذف بنا الادّعاء إلى هاويةٍ ، تفضح ضعفنا ، وتجعل منا أضحوكة بين الخلائق ، وبقية الكائنات ؟!

    وهنا نظر قيس بني عُذرة ، وتمنى لو أن ليلاه تنظر إلى ذات البقعة من السماء ، فتكتمل سعادته ، فلمّا ظفر بليلاه وتزوجها ، عاد فطلقها ، كما تخبرنا إحدى روايات الغرام ، وأتساءل مع تلك النفس القلقة المتمردة من جديد .. إلى هذا الحدّ يبلغ بنا الحُمق مداه ، فنظل نجري خلف حُلم نضيع في سبيله سنواتِ العمر ، حتى إذا ظفرنا به ، تركناه يتسرب من بين أيدينا ، في سهولةٍ ، ثم عشنا بعده نبكي عليه ؟! .

    وأمْعِن النظر إلى تلك السماء ، وأتنفس بعمق من هذا الهواء ، تصفو روحي ، وتهدأ نفسي ، فتتراءى لمخيلتي صورة شيخ الأنبياء – إبراهيم عليه السلام – وقد جلس ذات حيرةٍ ، جلسةً كجلستي تلك ، يعانق السماء في رحلة البحث عن إله يطمئن به قلبه ، وترضى به روحه الحائرة ، ومن بين مشاهد السماء رأى النجوم والقمر والشمس ، أعجبه ما لها من حضور ، ورابَه ما يعتريها من غياب ، فما رضي بأحدِها إلهاً ، وأسلم أمره لصاحب الأمر ، وأعلن في بساطة .. لئن لم يهدني ربي لأكونّن من الضالين ، وهداه ربه واجتباه وجعله أباً للأنبياء .

    وأعود إلى ذاتي أسائلها من جديد .. إلى هذا الحدّ يبلغ بنا العجز مداه ، فتعلن عقولنا ، التي طالما ادّعت الذكاء ، عجزها عن الفهم والحكمة ، فيصير في هذا العجز مُنتهى علمها ، ويصبح العجز عن درك الإدراك إدراك ، ويصير البحث في ذات الله إشراك ؟! .

    هنا فقط يتوقف بي قطار البحث والتساؤل ، وينقطع سيل الصور التي تتراءى أمام مخيلتي ، تحمل لها أطياف من نظروا إلى السماء ، ذات مساءٍ كمسائي هذا .
    فقد أذن مؤذن في المدينة بصلاة صبح جديد .. الله أكبر ، الله أكبر .





  • طارق الايهمي
    أديب وكاتب
    • 04-09-2008
    • 3182

    #2



    ربما تجمعنا أقدارنا

    تعليق

    • نجيةيوسف
      أديب وكاتب
      • 27-10-2008
      • 2682

      #3
      وتحية مني لك تتبع تحية أستاذ طارق ،

      أخذتني خطراتك معها ولا حرمنا صور فجر جديد وبوح جديد

      لك تحياتي

      النوار


      sigpic


      كلماتنا أرواحنا تهمي على السطر

      تعليق

      • حسين يوسف
        عضو الملتقى
        • 19-09-2009
        • 26

        #4
        [align=right]
        الفاضل / د. طارق
        سعيد بلقائك هنا ، وفي كل أرض تضم الأقلام الراقية والقلوب النبيلة

        شكراً لردّك يا كريم
        [/align]
        التعديل الأخير تم بواسطة حسين يوسف; الساعة 01-11-2009, 13:38.

        تعليق

        • حسين يوسف
          عضو الملتقى
          • 19-09-2009
          • 26

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة نجيةيوسف مشاهدة المشاركة
          وتحية مني لك تتبع تحية أستاذ طارق ،

          أخذتني خطراتك معها ولا حرمنا صور فجر جديد وبوح جديد

          لك تحياتي

          النوار
          أيتها الكريمة النوار ...
          تحية تلقيق بقلبك وعقلك

          وإنما تأخذ الخطرات أصحاب القلوب الخصبة ، كأنها أرض طيبة ، تمسك الماء وتنبت الكلأ ، فتحيا ويحيا بها الناس ..

          شكراً لكلّ أيام حياتكِ

          تعليق

          يعمل...
          X