كثيراً ما نواجه خيارات صعبة في حياتنا ..وانتقاء الأفضل منها عملية مصيرية تتوقف عليها مسيرتنا في الحياة
ولكن ماذا لو كنت أمام خيارين ..أنت الخاسر والفائز في كل منهما؟
ها أنا في هذه اللحظة ..أقف مكتوف الأيدي أمامهما ..بينما مشاعري تغرق نحو المجهول..والصمت يندس داخلي فيما عدا قلبي يدق في صدري كالأمواج تدق في الصخور..
همسات صوت الطبيب الجافة كجفاف أوراق الشجر ..لا بل كجفاف الموت ..تــُجعـِّـد تفكيري البائس..وهو يقول:- (عليك أن تختار أحدهما )..أحاسيسي يصعب شرحها حينها..ولكي أهرب منها ..أضأت مصباح ذاكرتي لتومض صفحاتها أمام عيني..
كنت وزوجتي نرسم لصغيرنا القادم مستقبلاً يشرق في الأفق..الشهور تمر ..في كل شهر كان زهونا يتوهج بالأمل ..أمل طفل الغد..ننسج الوقت معا ..حتى اللحظات كنا نرتقها لندقق في توقيتها..وحان الموعد
خرج الطبيب من غرفة الولادة ..(ذلك الطبيب الذي لازمنا طيلة الخمسة عشر عاما عشناها على أرض يباب..يبحث معنا فيها على بصيص أمل للإنجاب..إلى أن انتعشت رائحة أرضنا بقدرة جل جلاله ..فتبللت وامتزجت لتنبت زهراً جميلاً..)
كانت عينا الطبيب شبه مغمضتين ..وشفتاه ترسمان ابتسامة حزينة ..أخبرني أن صحة زوجتي على ما يرام ..وأن المولود هو توأم (ولد وبنت)..قالها بنبرة جافة ..تجانست مشاعري بالفرح والحزن ..إذ أحسست بأن هناك خطبا ما..
أخذني الطبيب لأراهما ..كانت عيناي تغرورقان دمعا وأنا أنظر إليهما ..تابع الطبيب يقول (الطفلان يتشاركان قلبــاً واحدا ً..ومن الضروري أن تختار أحدهما)
آهات جلجلت أصداؤهما في جوفي ..تنادي: أسألك يا قلب ..أيهما تختار !!
**
تعليق