انفجار..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • الحاج بونيف
    عضو الملتقى
    • 29-02-2008
    • 139

    انفجار..

    انفجار..

    هوايته بيع الريح بعد تنقيته مما يشوبه.. يتقن تصفيفه؛ يتناوله خاما، ويدخل تحسينات عليه، ويجتهد في ذلك اجتهادا فلا يكل ولا يمل.
    لن تستطيع كميات الريح الكثيرة التي يجلبها للسوق الانفلات منه، يعبئها في قنان صنعت من البلور، يحكم ربطها، يلونها بأصباغ مختلفة.. يتقدم منه الناس في السوق، يعرضون عنه الشراء بالجملة فيقبل، ويدخر لمن يأتون متأخرين كمياتهم المستحقة، إنه يعرف جيدا حب الناس وتعلقهم باستهلاك منتوجه.. المتسوقون كلهم يعرفونه بهمته ونشاطه؛
    يستعين بمساعدين له في جلب كميات كافية من المادة الخام؛ يدخلون بها عبر البر وعبر البحر مهربة أحيانا، ومصرح بها في الكثير من المرات..
    ابتعت رطلا في قنينة شدني منظرها بلونها البلوري المغري، وعدت مغتبطا إلى البيت، وزعت شيئا على بعض من لقيت من معارفي في الطريق، فسخر بعضهم مدعين أنها سلعة مغشوشة؛
    لم أجارهم في أحكامهم لعلمي بجهلهم بنوعية السلعة التي تلاقي رواجا في السوق ..
    استقبلتني ربة البيت بوجه متجهم كعادتها، أبنت لها جانبا من الزجاجة، فلم تصدق أنني من يجرؤ على إيثارها وإسعادها بزجاجة عطر..وأرسلت زغرودة حلوة ابتهاجا بما رأت..
    - أي عطر يا مخلوقة قلت..؟ هذه زجاجة ريح ..ازدادت فرحتها أكثر حتى كاد يغمى عليها وهي ترى حسنه وتمدده في تلك الزجاجة البلورية..
    ومن دون تراخ، قامت لتضعه في خزانتها وتحكم عليه الإغلاق..وراحت الابتسامة تملأ عليها دنياها، حتى ظننت أن جنيا عتيا قد جلبته معي في القنينة، وسمعتها تدندن: سلام يا سلام ريح في بيتنا؛
    عاتبني ضميري على تفريطي في إرضاء المخلوقة منذ مدة، وبخاصة والريح متوفرة في السوق، وبأثمان بخسة تكاد تكون في متناول الجميع، وعزمت أن أدخل كل أسبوع قنينة منه إرضاء لها، فما أجمل أن ترضي من تحب بقنينة ريح..
    تغيرت حالتي الأسرية، فقد صارت السعادة تملأ كل ركن من أركان البيت، وفعلت القنينات التي جلبتها للبيت فعلتها بفعل ما نشرت الزوجة على أولادها من حبور وزهو، وندمت أشد الندامة على مضي كل هذه العمر حارما زوجتي من ريح تملآ عليها حياتها، وعاتبتها عتابا لطيفا أنها لم تخبرني بمحبتها للريح..


    جمعت ما شاء الله لي أن أجمع من قنينات حتى امتلأت كل خزائن البيت، ولم يعد هناك مكان يمكنه أن يستوعب المزيد.. ولكن سعادتنا ما كان لها أن تطول؛ فإن يدا مخربة امتدت في غفلة منا إلى تلك القنينات وفتحتها دفعة واحدة، فإذا بها تتحول إلى إعصار مدمر شردنا من المدينة التي أحال أجواءها دخانا أسود، وترددت أصداء الانفجار في كامل المعمورة.
    التعديل الأخير تم بواسطة الحاج بونيف; الساعة 05-11-2009, 19:47.
  • محمد فهمي يوسف
    مستشار أدبي
    • 27-08-2008
    • 8100

    #2
    الحاج بونيف
    انفجار قنيناتك المعبأة ريحا , تخيلته ينشر الأوبئة التي تملأ أجواء المعمورة
    هذه الأيام , فرحت أفتح كل قنينات منزلي لأطلق لها العنان لتفرغ ريحها .
    ==
    قصة أو أقصوصة قصيرة محبوكة الأطراف سردا وفكرة وعقدة وحلا
    ناهيك عن شخوصها المعروفين , فقد أصبحنا ( نعبىء الريح ) لنبيعها
    متجنبين تلك الأزمة الاقتصادية التي تعصف بعالمنا كله باحثين عن مخرج لهذه الأزمة التي استفحلت .
    ==
    لكني استسمحك في ردي قبول بعض التصويبات اللغوية لكلماتها :
    لن تستطيع كميات الريح الكثيرة التي يجلبها للسوق تنفلت منه والصواب : وضع (أن ) قبل الفعل : تنفلت.
    2- ( يعرضون عنه الشراء بالجملة فيقبل ) والصواب : يَعْرِضُونَ عليه .
    3- (على مضي كل هذه العمر) والصواب : هذا العمر .
    4-(من ريح تملآ عليها حياتها ) والصواب : تملأ ( همزة وليست مدَّة) وحيث إنك تعرف مكان الهمزة
    في قولك :(أجمع من قنينات حتى امتلأت)
    وقد تكررت أكثر من مرة في القصة .


    تحياتي لقصتك ولأسلوبك .
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد فهمي يوسف; الساعة 01-11-2009, 11:24.

    تعليق

    • مها راجح
      حرف عميق من فم الصمت
      • 22-10-2008
      • 10970

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة الحاج بونيف مشاهدة المشاركة
      انفجار..


      هوايته بيع الريح بعد تنقيته مما يشوبه.. يتقن تصفيفه؛ يتناوله خاما، ويدخل تحسينات عليه، ويجتهد في ذلك اجتهادا فلا يكل ولا يمل.
      لن تستطيع كميات الريح الكثيرة التي يجلبها للسوق تنفلت منه، يعبئها في قنان صنعت من البلور، يحكم ربطها، يلونها بأصباغ مختلفة.. يتقدم منه الناس في السوق، يعرضون عنه الشراء بالجملة فيقبل، ويدخر لمن يأتون متأخرين كمياتهم المستحقة، إنه يعرف جيدا حب الناس وتعلقهم باستهلاك منتوجه.. المتسوقون كلهم يعرفونه بهمته ونشاطه؛
      يستعين بمساعدين له في جلب كميات كافية من المادة الخام؛ يدخلون بها عبر البر وعبر البحر مهربة أحيانا، ومصرح بها في الكثير من المرات..
      ابتعت رطلا في قنينة شدني منظرها بلونها البلوري المغري، وعدت مغتبطا إلى البيت، وزعت شيئا على بعض من لقيت من معارفي في الطريق، فسخر بعضهم مدعين أنها سلعة مغشوشة؛
      لم أجارهم في أحكامهم لعلمي بجهلهم بنوعية السلعة التي تلاقي رواجا في السوق ..
      استقبلتني ربة البيت بوجه متجهم كعادتها، أبنت لها جانبا من الزجاجة، فلم تصدق أنني من يجرؤ على إيثارها وإسعادها بزجاجة عطر..وأرسلت زغرودة حلوة ابتهاجا بما رأت..
      - أي عطر يا مخلوقة قلت..؟ هذه زجاجة ريح ..ازدادت فرحتها أكثر حتى كاد يغمى عليها وهي ترى حسنه وتمدده في تلك الزجاجة البلورية..
      ومن دون تراخ، قامت لتضعه في خزانتها وتحكم عليه الإغلاق..وراحت الابتسامة تملآ عليها دنياها، حتى ظننت أن جنيا عتيا قد جلبته معي في القنينة، وسمعتها تدندن: سلام يا سلام ريح في بيتنا؛
      عاتبني ضميري على تفريطي في إرضاء المخلوقة منذ مدة، وبخاصة والريح متوفرة في السوق، وبأثمان بخسة تكاد تكون في متناول الجميع، وعزمت أن أدخل كل أسبوع قنينة منه إرضاء لها، فما أجمل أن ترضي من تحب بقنينة ريح..
      تغيرت حالتي الأسرية، فقد صارت السعادة تملآ كل ركن من أركان البيت، وفعلت القنينات التي جلبتها للبيت فعلتها بفعل ما نشرت الزوجة على أولادها من حبور وزهو، وندمت أشد الندامة على مضي كل هذه العمر حارما زوجتي من ريح تملآ عليها حياتها، وعاتبتها عتابا لطيفا أنها لم تخبرني بمحبتها للريح..


      جمعت ما شاء الله لي أن أجمع من قنينات حتى امتلأت كل خزائن البيت، ولم يعد هناك مكان يمكنه أن يستوعب المزيد.. ولكن سعادتنا ما كان لها أن تطول؛ فإن يدا مخربة امتدت في غفلة منا إلى تلك القنينات وفتحتها دفعة واحدة، فإذا بها تتحول إلى إعصار مدمر شردنا من المدينة التي أحال أجواءها دخانا أسود، وترددت أصداء الانفجار في كامل المعمورة.

      بعثرتنا تلك الريح كما بعثرت تلك العائلة
      اسلوب هاديء ومقنع والتقاط عميق لمواطن الهوة العجيبة التي امتلكتنا
      اهلا بك استاذنا الفاضل
      تحيتي ومودتي
      رحمك الله يا أمي الغالية

      تعليق

      • محمد عبد الحميد خطاب
        أديب وكاتب
        • 29-10-2009
        • 56

        #4
        قصة ممتعة وعمل شيق ولي عودة لرحاب قصتك شكرا لك
        دعوة للحب
        http://khatab38.blogspot.com/
        http://khatab38.riwayat.org/index.htm

        تعليق

        • ريمه الخاني
          مستشار أدبي
          • 16-05-2007
          • 4807

          #5
          سررت بعودتك بيننا
          اهلا وسهلا بجديدك
          تحيتي وتقديري دوما استاذنا الكريم

          تعليق

          • سمية الألفي
            كتابة لا تُعيدني للحياة
            • 29-10-2009
            • 1948

            #6
            الأخ الفاضل الحاج بونيف

            قصة السراب وصناع الوهم وكيف إبتاعوا لنا الزيف والخداع وكيف أصبحنا

            نمتطي جواد الخيال الواهي حتى سعدنا به وتهيأ لنا بأننا فرسان الزمن الجميل

            حتى كانت الطامة الكبرى ضاقت الأنفس فأنفجر بركان زعزع أمننا وإستقرارنا


            سلمت أخي

            تقديري واحترامي

            تعليق

            • عائده محمد نادر
              عضو الملتقى
              • 18-10-2008
              • 12843

              #7
              الزميل القدير
              الحاج بونيف
              أهي قناني معبأ فيها (( رياح التغيير )) زميلي..!!؟
              ومادامت قد جلبت السعادة لبيتك وأدخلتها على قلوبكم.. هي إذن فعلا رياح التغيير!!!
              نص أراه برمزية عالية
              وتلك اليد التي فتحت القناني فأصبحت (( الريح)) عاصفة.. يد خبيثة
              نعم سيدي أصبح الوضع متفجرا في كل أرجاء المعمورة.. وافلت
              تحياتي ومودتي
              الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

              تعليق

              • بلقاسم مسعود
                أديب وكاتب
                • 20-11-2008
                • 20

                #8
                أستاذنا الفاضل : تحية طيبة سلمت يداك
                بصدق شدنا ماكتبت فماأفضع أن يتحول الإنسان إلى مقلد أعمى [ ...حتى لو دخلواجحرضب لدخلتموه ...] وهي النتيجة الطبيعية لمن ضيع قيمه وأخلاقه أن يجني حسرة وندامة ليس عليه فحسب بل على مجتمعه وأمته
                مع خالص التقدير

                تعليق

                • مجدي السماك
                  أديب وقاص
                  • 23-10-2007
                  • 600

                  #9
                  تحياتي

                  اخي المبدع الحاج بونيف..تحياتي
                  قصة جميلة.رمزية..لها دلالات عميقة. سعدت بك وبالقراءة لك هنا.
                  مودتي
                  عرفت شيئا وغابت عنك اشياء

                  تعليق

                  • نجيةيوسف
                    أديب وكاتب
                    • 27-10-2008
                    • 2682

                    #10
                    عزيزي ، الحاج بونيف

                    كم يعجبني أن أقرأ في ثنايا القصة فكر صاحبها .

                    أجدت الحكاية ، وجسدت الفكرة

                    تقبل تقديري واحترامي

                    النوار


                    sigpic


                    كلماتنا أرواحنا تهمي على السطر

                    تعليق

                    • الحاج بونيف
                      عضو الملتقى
                      • 29-02-2008
                      • 139

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة محمد فهمي يوسف مشاهدة المشاركة
                      الحاج بونيف
                      انفجار قنيناتك المعبأة ريحا , تخيلته ينشر الأوبئة التي تملأ أجواء المعمورة
                      هذه الأيام , فرحت أفتح كل قنينات منزلي لأطلق لها العنان لتفرغ ريحها .
                      ==
                      قصة أو أقصوصة قصيرة محبوكة الأطراف سردا وفكرة وعقدة وحلا
                      ناهيك عن شخوصها المعروفين , فقد أصبحنا ( نعبىء الريح ) لنبيعها
                      متجنبين تلك الأزمة الاقتصادية التي تعصف بعالمنا كله باحثين عن مخرج لهذه الأزمة التي استفحلت .
                      ==
                      لكني استسمحك في ردي قبول بعض التصويبات اللغوية لكلماتها :
                      لن تستطيع كميات الريح الكثيرة التي يجلبها للسوق تنفلت منه والصواب : وضع (أن ) قبل الفعل : تنفلت.
                      2- ( يعرضون عنه الشراء بالجملة فيقبل ) والصواب : يَعْرِضُونَ عليه .
                      3- (على مضي كل هذه العمر) والصواب : هذا العمر .
                      4-(من ريح تملآ عليها حياتها ) والصواب : تملأ ( همزة وليست مدَّة) وحيث إنك تعرف مكان الهمزة
                      في قولك :(أجمع من قنينات حتى امتلأت)
                      وقد تكررت أكثر من مرة في القصة .


                      تحياتي لقصتك ولأسلوبك .
                      أهلا بك أخي الفاضل محمد فهمي يوسف
                      أسعدني مرورك الكريم، وأشكرك على التصويب..
                      تقبل مودتي واحترامي.

                      تعليق

                      يعمل...
                      X