مبادئ للبيع !!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حسين يوسف
    عضو الملتقى
    • 19-09-2009
    • 26

    مبادئ للبيع !!

    أشرق الصبح وغنت بالأناشيد الطيور ، وتسلل غناؤها إلى سمعى من خلال نافذة تطل على ما يشبه الحديقة .

    صحوت من نومى ، صليت صباحى ، وتناولت ما تيسر من طعام ، وخرجت من فورى إلى المقهى - مقهى الساخرين .

    جلست على مقعدى المفضل فى مواجهة الشارع ؛ أتناول فى بطء فنجانى الساخراللذيذ.

    رأيته من بعيد يفتح دكانه الذى ورثه عن أبيه الذى ورثه عن جدّه فى سلسلة متعددةالحلقات .

    نظف الدكان ، ورشّ أمامه من الماء ما يسكّن به تراباً تثيره الأقدام المنهكة ، إنه والحق يقال قد قام بتطوير الدكان ، وتحسينه حتى صار مضرب المثل فى جودة البضاعة وحُسْن السمعة .

    جلس أمام الدكان تعلو وجهَه المستدير ابتسامة لزجة ، ونظرة لايمكنك تحديد مغزاها ، تعلو رأسه لافتة عريضة ، كتبها خطّاط بارع ...
    " منتوف عريان السنكوحلى- لتجارة المبادئ والقيم - بيع /شراء / استبدال " .

    وتعجبتُ ثم تذكرت أن الأيام أيامُ انتخابات ( مجلس الشعب ) ، وكل مرشح يضع مبدأه على لافتة يجذب إليه المغفلين ، ويدغدغ عواطف البسطاء .

    * من بعيد جاء الزبون الأول قصير بطين ، يلهث مثل قط سمين ، طاردته عشرات الكلاب ، جمع المال من بيع الوهم فى شركات توظيف الأموال ، والآن وجَب تحصين المبلغ بحصانة البرلمان .

    نظر إليه صاحب الدكان كأنما يُفصّل له زوج من الأحذية على مقاسه ، ثم أعطاه مبدأه المناسب (النزاهة سر نجاحنا ) وخرج صاحبنا يحسد نفسه على ما أصابَ من توفيق .

    * وجاء الآخر طويل عريض يسيل كبرياءً وفخراً ، يقفز أمامه أحد أتباعه مثل قرد عجوز ، لم يَعُدْ يجيد الرقص ، إنه ضابط شرطة برتبةلواء سابق - وعلى نفس القياس السابق اختار له صاحب الدكان مبدأ ( نعم لحماية حقوق المواطن - لا لقانون الطوارئ ) ، حمل مبدأه فى غير مبالاة وانصرف .

    * وجاء الثالث يرفل فى حلة زاهية تزين أصابعه الخواتم الذهبية المرصّعة - زاد عليهامؤخّراً سِبْحَةً من صنع الصين الشقيقة .
    لطالما شُوهِدَ داخلاً أو خارجاً من بيوت ليست فوق مستوى الشبهات وكم ارتكب من جرائم الشرف على مذبح الفقر والحرمان .
    نظر إليه صاحب الدكان طويلاً وتردّد وأخيراً أعطاه مبدأً رآه مناسباً (نعم لتطبيق شَرْع الله فى الأرض !! ) .

    ساعاتٌ طويلة لم ينقطع خلالها سيل الزبائن ، من المرشحين التعساء للمنصب العجيب ، هذا يريد الصدق والإخلاص ، وهذا يفضل العمل فى صمت ، أما هذا فيريد إقامة دولة الإسلام ، ويعيدها خلافة راشدة ، وهذا نصير الكادحين - لكنّ ما أثار شهيتى للضحك ، هو ذلك العجوز ذو الثمانين ربيعاً ، وهو يدعو الشباب إلى انتخابه ، للعمل معاًعلى طريق المستقبل .

    * بمرورالوقت قلّ عدد الزبائن ، وتباطأت الخطوات ، ومع الغروب جاء الأخير ، سأل بلا مبالاة : -
    هل بقى لديك من المبادئ شيء ؟!
    وأجاب صاحب المحل بالنفى ، لا .. كل المبادئ بيعت يا سيدى !
    لم ينزعج - همّ بالانصراف لكن البائع استوقفه - لحظة ياسيدى ، لقد ذكرت مبدأ قديماً وأنا أنظف المخزن يبدو أنّ والدى ألقاه هناك ، لعدم الصلاحية للمرحلة الحالية .

    طلب الزبون إحضاره على الفور، وذهب البائع وجاء بالمبدأ الأخير- نفض التراب عنه وقرأوا جميعاً : -
    ( الاستقلال التام ، أوالموت الزؤام -لا للاستعمار - تسقط بريطانيا العظمى ) تساءل المرشح فى بلاهة : -
    هل يصلح هذا المبدأ فى المرحلة الحالية ، وأقنعه البائع واشترى المبدأ
    لعله من باب أداء الواجب وخرج يجر مبدأه القديم .
    وجاء يوم الحَسْم ، وارتفع غبار المعركة ، واختلف الأحزاب من بينهم ، وويل للذين فشلوا فى تلك المعركةالغريبة .
    ثم انجلى الغبار ، ونجح صاحب آخر المبادئ - الاستقلال التامّ أو الموت الزؤا ....
    واندهشت ومعى كلُّ رواد المقهى !!
    كيف نجح ؟ مَنْ أعطاه صوته ؟ وعلى أىّ أساس؟!
    هل نام الناس كلّ هذا الزمن ، فلما استيقظوا انتخبوه ، على أساس المبدأ القديم ؟!
    إذن ما أشبههم بأهل الكهف ، إذ أرسلوا أحدهم بوَرِقِِهم إلى المدينة ، ينظر أيها أزكى طعاماً ، وهم يظنّون أنّ الزمان هو الزمان !! .

    نظرتُ وأصدقاء المقهى الحبيب إلى الدكان ، الذى كان حديث المدينة بالأمس القريب ، فإذا هو مُغْلق وعليه لافتة من صُنْع الخطاط البارع نفسه ، لكنها هذه المَرّة تقول : -

    ( الدكّان مغلق لحين حلول موعد الانتخابات القادمة )
    التعديل الأخير تم بواسطة حسين يوسف; الساعة 01-11-2009, 13:53.
  • رشا عبادة
    عضـو الملتقى
    • 08-03-2009
    • 3346

    #2
    [align=center]االله" ذكرتني بفيلم أحبة أخلاق لللبيع للرائع فؤاد المهندس"
    عوداً حميداً يا أستاذنا
    أحسنت كونك أغلقت دكان المبادىء" الزائفة"
    فما هو متوفر منها بالفعل يكفينا حد "التصدير للخارج" هذا إذا تم قبلوها فى الخارج ولم يتم تصديرها على اساس" علف حيواني" لاتصلح الا لحياة البهائم "أعزكم الله"
    الغريب ان الزيف صار مقنع الى هذا الحد، الذى جعل الناخبيين يفقدون الإحساس بفارق الزمن
    ربما كانوا معذورين كون الأحداث متشابهة
    فمظاهرات الإضراب والإعتصام والتضامن مع غزة
    والتضامن مع الأندية الرياضية
    والمطرب المشهور
    والقاتل المأجور
    تشبه كثيرا مظاهرات الطلبة ضد الإنجليز
    الفارق الوحيد هو "الطربوش" واظنهم استبدلوه حاليا ليصبح " طرطور" وبزمارة كمان!
    والإحتلال واحد وان إختلفت جنسية المحتل
    أتدري أظنني سأمنح صوتي لنفس الشخص
    وسأردد معهم
    " الإستقلال التام أوإستقالة الحكام"
    أو ربما سأجعلها أكثر شعبية
    لأقول
    "الإستقلال التام، كفاية بقه حرام"
    أذكر اننا "فى محيط الأصدقاء" دوما ما نطلق على فترات الإنتخابات لفظ
    " الإنتكاسات"
    وكل إنتكاسات وأنت حر مستقل يا سيدي
    سلم قلمك وأفكارك القوية
    [/align]
    " أعترف بأني لا أمتلك كل الجمال، ولكني أكره كل القبح"
    كلــنــا مــيـــدان التــحــريـــر

    تعليق

    • حسين يوسف
      عضو الملتقى
      • 19-09-2009
      • 26

      #3
      الفاضلة / رشا عبادة

      أنا لم أبتعد لكي أعود
      فهنا من الدفئ والإبداع ما يكفي للحياة ويغري بالبقاء
      سعيد بمروركِ الواعي ، وردّكِ المفرط في الثراء
      كل الشكر لاهتمامك السامي ؛

      تعليق

      • مصطفى بونيف
        قلم رصاص
        • 27-11-2007
        • 3982

        #4
        ( الدكّان مغلق لحين حلول موعد الانتخابات القادمة )

        ليس الدكان لوحده مغلقا ...الدولة كلها مغلقة ، ولا نشعر بأننا مواطنون إلا في الفترات الانتخابية .

        شكرا لك على حلولك بيننا بهذا النص ، واعتذر لتأخري عن الرد .

        محبتي وتقديري
        [

        للتواصل :
        [BIMG]http://sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc3/hs414.snc3/24982_1401303029217_1131556617_1186241_1175408_n.j pg[/BIMG]
        أكتب للذين سوف يولدون

        تعليق

        • حسين يوسف
          عضو الملتقى
          • 19-09-2009
          • 26

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة مصطفى بونيف مشاهدة المشاركة
          ( الدكّان مغلق لحين حلول موعد الانتخابات القادمة )

          ليس الدكان لوحده مغلقا ...الدولة كلها مغلقة ، ولا نشعر بأننا مواطنون إلا في الفترات الانتخابية .

          شكرا لك على حلولك بيننا بهذا النص ، واعتذر لتأخري عن الرد .

          محبتي وتقديري
          العزيز مصطفى ...

          ربما جاء يوم أفلحنا فيه في غلق باب الدكان أو حتى تشميعه بالشمع الأحمر،ومن ثم فتح بقية الأبواب للشرف والنزاهة والعمل الحر وتكافؤ الفرص.

          تحية تليق بك
          واحضر وقتما تشاء .. البيت بيتك

          تعليق

          يعمل...
          X