بدء فعاليات مسابقة أحسن عمل أدبي بالملتقى لعام 2009

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نعيمة القضيوي الإدريسي
    أديب وكاتب
    • 04-02-2009
    • 1596

    #16
    أستاذ طه عاصم
    نشكر لك تواجدكم معنا،لكن من شروط المسابقة عمل واحد عليك تحديد العمل الذي تود المشاركة به.
    تحياتي





    تعليق

    • رضا الزواوي
      نائب رئيس ملتقى النقد الأدبي
      • 25-10-2009
      • 575

      #17
      نرجو أن يكون لأعضاء لجنة التحكيم دراية بجميع صنوف الأدب، ويا حبذا لو يتم الإعلان عن أسمائهم الآن.
      [frame="15 98"]
      لقد زادني حبّـا لنفسي أنني***بغيض إلى كل امرئ غير طائل
      وأنّي شقيّ باللئــام ولا ترى***شـقيّـا بهـم إلا كـريم الشـمـائل!

      [/frame]

      تعليق

      • محمد رندي
        مستشار أدبي
        • 29-03-2008
        • 1017

        #18
        مبادرة رائعة ،، أتمنى أن يخلص لها الجميع لإنجاحها
        تحياتي
        sigpic

        تعليق

        • السيد زرد
          • 27-07-2008
          • 5

          #19
          قصة قصيرة
          لا أحـــــــد
          السيد زرد
          لا تدري كيف يواتيك الإحساس بأنك مراقب ، فتلتفت – فجأة –فتتأكد من تلك الحقيقة .
          تماما ، مثلما تكون سائرا في الطريق فيواتيك هذا الإحساس ، فترفع عينيك لتجد أن شخصا ما ينظر نحو من شرفة الطابق العلوي بمبني ما قائم هنالك .
          كنت سائرا أنا الآخر أحمل الحقيبة بيد ، و باليد الأخرى أجفف ما سال من عرقي .. فجأة ، دهمني الإحساس بالمراقبة .. انزعجت .. التوت الرأس مني – دون إرادة – و مسحت عيناي الطريق .. لم أتيقن .
          عرجت إلي شارع ضيق ، ثم آخر .. التفت هذه المرة ممنيا النفس باليقين .. دهمني اليقين مروعا .. كان يتبعني بإصرار و دون مواربة .
          زاد العرق غزارة ، غلالة من اللزوجة أحاطت بي ، و العينان النافذتان تتربصان .. تخترق النظرة ظهري ، تصليني .. الخطر يأتي من الخلف ، فالحذر الحذر .
          تلبستني حالة الطراد .. غير مستطيع التوقف أو التلفت ، و غير مدرك – علي الإطلاق – لما عساه يدور برأس السائر في الخلف .. أي دافع يحث العينين علي الترصد؟ ما الذي يرضي العينين ؟ بما تديناني ؟
          تراودني ألف فكرة حمقاء : ماذا لو التفت و مددت يدي و تأبطت ذراع العينين ، و رحنا نجلس في هذا المقهى القريب نحتسي الشاي ، و ربما أضحكتنا ملحة عابرة ؟
          ماذا لو أفلتُ الحقيبة ، و رحت أعدو بكل ما أملك من وة ؟
          أي شيء ، و كل شيء يفضل عندي الآن هذا السير الأحمق .
          حط بقلبي اليأس و التعب ، فقررت مواجهته .. سأفتح له الحقيبة و أريه كيف أنها لا تحوي سوي ثيابي الباليات .. سأفرغ جيوبي لأحصي أمامه قطع النقود الصغيرة و تذكرة القطار .. سأشق رأسي ليتأكد من أن ليس به غير الصداع .. بآخر ما بقي لدي من قوة ، التفت .. لم يكن ثمة أحد .. لم يكن ثمة أحد .

          السيد زرد
          بورسعيد - مصر
          said2ahmed2@msn.co

          تعليق

          • عماد يوسف محمد
            عضو الملتقى
            • 29-10-2009
            • 13

            #20
            بارك الله فيكم ... وكل يوم يزداد الفخر بكم وبالانتماء لهذا المنتدي ..
            شروط الاشتراك هل عمل واحد فقط ؟؟؟

            تعليق

            • خلود الجبلي
              أديب وكاتب
              • 12-05-2008
              • 3830

              #21
              المشاركة الأصلية بواسطة السيد زرد مشاهدة المشاركة
              قصة قصيرة



              لا أحـــــــد


              السيد زرد


              لا تدري كيف يواتيك الإحساس بأنك مراقب ، فتلتفت – فجأة –فتتأكد من تلك الحقيقة .
              تماما ، مثلما تكون سائرا في الطريق فيواتيك هذا الإحساس ، فترفع عينيك لتجد أن شخصا ما ينظر نحو من شرفة الطابق العلوي بمبني ما قائم هنالك .
              كنت سائرا أنا الآخر أحمل الحقيبة بيد ، و باليد الأخرى أجفف ما سال من عرقي .. فجأة ، دهمني الإحساس بالمراقبة .. انزعجت .. التوت الرأس مني – دون إرادة – و مسحت عيناي الطريق .. لم أتيقن .
              عرجت إلي شارع ضيق ، ثم آخر .. التفت هذه المرة ممنيا النفس باليقين .. دهمني اليقين مروعا .. كان يتبعني بإصرار و دون مواربة .
              زاد العرق غزارة ، غلالة من اللزوجة أحاطت بي ، و العينان النافذتان تتربصان .. تخترق النظرة ظهري ، تصليني .. الخطر يأتي من الخلف ، فالحذر الحذر .
              تلبستني حالة الطراد .. غير مستطيع التوقف أو التلفت ، و غير مدرك – علي الإطلاق – لما عساه يدور برأس السائر في الخلف .. أي دافع يحث العينين علي الترصد؟ ما الذي يرضي العينين ؟ بما تديناني ؟
              تراودني ألف فكرة حمقاء : ماذا لو التفت و مددت يدي و تأبطت ذراع العينين ، و رحنا نجلس في هذا المقهى القريب نحتسي الشاي ، و ربما أضحكتنا ملحة عابرة ؟
              ماذا لو أفلتُ الحقيبة ، و رحت أعدو بكل ما أملك من وة ؟
              أي شيء ، و كل شيء يفضل عندي الآن هذا السير الأحمق .
              حط بقلبي اليأس و التعب ، فقررت مواجهته .. سأفتح له الحقيبة و أريه كيف أنها لا تحوي سوي ثيابي الباليات .. سأفرغ جيوبي لأحصي أمامه قطع النقود الصغيرة و تذكرة القطار .. سأشق رأسي ليتأكد من أن ليس به غير الصداع .. بآخر ما بقي لدي من قوة ، التفت .. لم يكن ثمة أحد .. لم يكن ثمة أحد .

              السيد زرد
              بورسعيد - مصر
              said2ahmed2@msn.co
              رائع أستاذنا الكريم مشاركة ممتازة
              ونتمنى التواصل ونتمنى لك التوفيق
              لا إله الا الله
              محمد رسول الله

              تعليق

              • خلود الجبلي
                أديب وكاتب
                • 12-05-2008
                • 3830

                #22
                نظر إلى أعلى وجلس يفكر كيف وصلوا إلى القمة رغم أنهم مقطعو الأيدي وهو الذي أفنى عمره لتقوية يديه فبترت ساعديه.


                نظر إلى أعلى وجلس يفكر
                كيف وصلوا إلى القمة رغم أنهم مقطعو الأيدي وهو الذي أفنى عمره لتقوية يديه فبترت ساعديه.
                لا إله الا الله
                محمد رسول الله

                تعليق

                • عبد الرشيد حاجب
                  أديب وكاتب
                  • 20-06-2009
                  • 803

                  #23
                  المشاركة الأصلية بواسطة محمد فهمي يوسف مشاهدة المشاركة
                  بالتوفيق والنجاح لتجربتكم الرائدة لاختيار نصوص راقية
                  إن شاء الله نأمل طرح الموضوعات الفائزة في الصالون الأدبي

                  كما اشيد بفتح المجال لصنوف الأدب كلها للمشاركين المبدعين
                  ففي الملتقى والحمد لله العديد من الشعراء والكتاب والمفكرين والمبدعين في القصة والرواية والأقصوصة والنبضة القصصية والمقال والمسرحية والمقامة والخاطرة والرسالة الأدبية وأدب الرحلات وأدب المقاومة والحوار والنقد ز

                  وليتكم تصنفون الموضوعات لتتلقاها لجان متخصصة لمراجعتها وإعطائها
                  الدرجات التي نوهتم عنها ثم تعيدون ترتيبها لمعوفة الفائزين المنشودين .

                  تمنياتي لكم ولأصحاب الموضوعات المرشحة للمسابقة .
                  وأعانكم الله على جهد التصفية العادلة المنصفة والناهضة بالأداء الإبداعي
                  لاستمرار رقي ونهضة ملتقى الأدباء والمبدعين العرب .
                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

                  هذا هو المطلوب تماما ، وكنت أتمنى ( وما زال الأمر ممكنا الآن ) أن يقوم الأخ محمد برجيس بفتح رابط لكل جنس ويضعه في المداخلة الإعلانية الأولى .

                  مثلا : الرابط كذا للقصة بنوعيها ( القصيرة والقصيرة جدا ) لأني لا أتوقع وجود القصص الطويلة والروايات .

                  الرابط الثاني للشعر بأنواعه ( الفصيح وقصيدة النثر والشعر النبطي أو الشعبي ).

                  الرابط الثالت للخواطر والرسائل الأدبية .

                  الرابط الرابع للمقالة بأنواعها الفكرية والثقافية والإجتماعية والسياسية.

                  الرابط الخامس للمقالات والقراءات النقدية .

                  وهكذا ...

                  فبهذه الطريقة يستطيع كل أعضاء اللجان الحصول على المادة المنوط بهم قراءتها وتصنيفها وتقييمها بسهولة .

                  والله أعلم.
                  "ألقوا بالثورة إلى الشارع يحتضنها الشعب"​

                  تعليق

                  • حســــن عبدالحميد الدراوي
                    أديب ومفكر
                    • 09-10-2009
                    • 73

                    #24
                    بســــــــــــــم الله الرحمن الرحيم

                    الرياض في : 02 /11 / 2009م

                    حضـــــرات الســـــــــــــادة

                    السـلام عليكم ورحمة الله وبركاته ........... وبعد

                    * أُرشـــــح لحضــــراتكم مجموعة نصوص قصصية ....{ قصة قصيرة جداً

                    ،وقصـــــة قصـيرة ، وقصة للأطفال ، وقصيدة شـــــعـرية }

                    لكم خالص تحياتي وتقديري

                    محبكم

                    حســـــــــــن عبدالحميد الدراوي







                    النص الأول :

                    القصـة القصـيرة جداً

                    جــلســـت لتســــــتريح

                    حــملـها على كتفه ، وطـاف بـها ســبعـاً ، وســعى بـهـا بين الـصـفا

                    والمـروة ، وَصَــلَّـتْ

                    خـلف مــقامِ إبراهيـمَ ، وسـقاهـا من زمــزم ، وقــص قـيد أنـمـلةٍ من

                    ضـفائـرهـا ،

                    وأجــلسـهـا لِتشــبع من الكعبة ، فـغـطـت في نـومٍ عـميق وهـو يـمســح

                    جَبينـهـا ، ويقبل يـديـهـا ،

                    ولمـا أفـاقـت وجـدتـه قـد راح .

                    ******************************************

                    النص الثاني :

                    في القصـة القصـيرة


                    صـاحبي وأنا

                    منذ أن وُلد محمود وهو عاشق ولهان ، منزله متواضع قابع في أحضان وسط الدلتا حيث شرب وتغذى من خيرات ماء نيله الصافي فملأه بالدفء والحب والعشق له ولمن حوله .
                    كبر الغلام الصغير والعشق يملأ صدره ، فلا يجد في مفردات نفسه إلا الحب ... الحب لمن حوله ، والعشق لكل ذرة من ذرات قريته .
                    بعد قليل سيذهب إلى المدرسة الابتدائية الواقعة في أطراف القرية لتغرس فيه الحب ، ولا شيء غير الحب ، الحب للأرض ... الحب للقرية ... الحب للمحراث ... الحب للجد والجدة ... الحب للعم والعمة ... الحب للخال والخالة ... الحب لكل من حوله ، والحب حتى للحيوانات التي يربيها أبوه في الحظيرة المجاورة للدار ( الجاموسة والبقرة والحمار وبعض الماعز والدواجن ) .
                    منذ نعومة أظافره لا يعرف إلا دفء الحب والعطف والحنان. ويكبر الصغير ويذهب إلى المدرسة برفقة زملائه ، منهم من يسير على قدميه ، ومنهم من يركب حمارًا ، والصغير محمود قد جهز له أبوه حمارًا يمتطيه في غدوه ورواحه ولكنه يسحب الحمار من خطامه ويسير على رجليه نحو المدرسة .
                    يلومه الجميع على عدم ركوبه الحمار ويقولون له : اركب الحمار يا محمود عشان تروح المدرسة بدري قبل الطابور . فيرد عليهم قائلا : إن شاء الله .
                    وما إن يصل إلى المدرسة حتى يعطي حماره للعم توفيق ليربطه مع الحمير ليتعهده بالسقيا والإطعام بأجود الطعام وأفخره (البرسيم) ، فالعم توفيق يجلس بين المدرسة والوحدة الصحية وقد خصص مكانًا لتلك الحمير يربطها ويطعمها ويسقيها لقاء قليل من المال آخر الأسبوع لمن يترددون يوميًّا ، وأجر زهيد آخر اليوم لمن يترددون على الوحدة الصحية .
                    ويصل الصغير إلى مدرسته متأخرًا فينصحه الناظر بعدم التأخر واحترام المواعيد ، فناظر المدرسة هو واحد من أهل القرية ، ويمتثل محمود لنصائح الناظر ويحضر في اليوم التالي مبكرًا قبل كل التلاميذ حتى لا يراه أحد فيعيد عليه نفس النصائح بركوب الحمار ، ولكنه يفعل بحماره مثل الذي فعله بالأمس . إنه يسحبه ولا يضع عليه أي حمل ، وعندما يصل إلى العم توفيق برفقة حماره يربت على ظهره ويمسح شعره ورأسه ويفك بردعته من على ظهره ويضعها بجواره ويدور حوله كأنه يكلمه ، وبكلتا يديه يمسح رأسه وحول عينيه وكأنه يودعه .
                    العم توفيق يقول له : يا ولدي ماتخافش على حمارك عشان هوا عندي زي بقية الحمير ، له من العناية والتقدير كل اللي تتمناه، ده إللي اتعلمناه من الآباء والأجداد ومن ديننا ، الحيوانات دي لازم نحترمها ونصونها ونرعاها حق الرعاية ، روح يا ولدي لمدرستك وهاترجع تلاقي حمارك في أحسن حال بإذن الله .
                    يذهب الصغير للمدرسة ويحضر الطابور والحصص ، وقد أثنى عليه الناظر لأنه امتثل لنصائحه ، وتمر الحصص وتأتي الفسحة الأولى فإذا به يسرع إلى خارج الفناء حيث العم توفيق فيخرج طعام إفطاره ويجلس بجوار حماره في ظل شجرة الجميز الكبيرة ، يتناول فطوره وهو سعيد منشرح الصدر منتشٍ .
                    يعود إلى مدرسته وزملائه وأساتذته عند سماعه جرس انتهاء الفسحة ، وتأتي الفسحة الثانية فيكرر ما فعله بالفسحة الأولى ، وفي نهاية اليوم الدراسي يسحب الحمار إلى المنزل ويربطه أمام البيت تحت شجرة الجوافة واضعًا له طعام غدائه المفضل ( التبن والفول ) ويقول له : بالهناء والشفاء والعافية .
                    وينصرف محمود إلى داخل المنزل لتناول طعام الغداء ، ويجد أمه قد أعدت له طعامًا يحبه كثيرًا ، هو البيض المقلي في السمن البلدي والجبن القريش وطبق القشدة الشهي وقليل من مخلل اللفت والجرجير البلدي .
                    يأكل طعامه ثم يحمد الله ويشكره على نعمه ، وقبل العصر يصحب رفيقه ( الحمار ) ويذهب به إلى الحقل ويربطه بالوتد الذي أعد لذلك في وسط زرع البرسيم ليأكل منه .
                    يجلس محمود وسط الزروع يراجع دروسه ويحل واجباته ويحفظ الأناشيد ، وبعد أن ينتهي من كل هذا يحمل المنجل ويحش البرسيم للبقرة والجاموسة والماعز وبعض الطيور ، ويعود إلى بيته مع غروب الشمس ، ويضع البرسيم في الزريبة ( الحظيرة ) ، ويذهب إلى المسجد لأداء صلاة المغرب فيتوضأ من الماء الجاري في الجدول الصغير أمام المسجد ويصلي مع أهل قريته ، ثم يعود برفقة الأهل والخلان ، فهذا عمه وذاك خاله وذلك جده ، وهؤلاء الصبية أقرانه وأقاربه ، القرية كلها كأنها بيت واحد كبير ، الكل يعرف الكل ، والكل أهل للكل .
                    وعند عودته إلى المنزل وجد والدته وقد اجتمع عندها الجارات والصديقات من أهل القرية الهانئة السعيدة المفعمة بالحب والدفء والإخلاص ، ويلقي عليهن تحية المساء وكلهن يبادرن محمودًا بأن يجلس معهن ويحكي لهن عن المدرسة وعمَّا تعلمه فيها ، وعن المعلمين وتعاملهم مع التلاميذ ، وعن صفات هؤلاء المعلمين .
                    وتناديه سعدية (بنت خالته التي أخذت قسطا قليلاً من التعليم) قائلة : تعالى يا حودة جنبي هنا وكلمني عن الأستاذ سعيد ، شكله يا واد حلو ؟ ... دانا سمعته وهوَّا بيتكلم الصبح في الطابور معاكم وكان صوته عالي وكلامه شدني ، احكي يا واد واتكلم .
                    يكفهر وجه محمود والحمرة تعلو وجنتيه ويتلعثم في الكلام ويقول لها : أنا عارف ؟!! أهو مدرس زي أي مدرس في المدرسة وخلاص !!
                    ولكن سعدية لا يعجبها هذا الرد ، فهي تريد شرحًا وتفصيلاً عن هذا الأستاذ الذي بهرها وتعلقت به وراحت في هواجس وأفكار تُمَنِّي النفس فيها بأن يكون هذا الأستاذ زوجًا لها ، فهي منذ مدة طويلة ترقبه وتتتبع خطاه ، فكانت تقف على أول الطريق تنظر إليه خلسة وهو قادم إلى المدرسة صباحًا ، وهو كعادته يلقي عليها السلام كما يلقيه على كل من يراه ، فترد عليه السلام ثم تزيد : صباح الهنا والفل والورد النادي .
                    ويسرع الأستاذ سعيد إلى مدرسته غير منتبه لها ، فهي لم تجذب انتباهه يومًا ولم تستطع أن تلفت نظره إليها أبدًا ، فهو يعتبر أهل القرية كلهم أهله ، وبنات القرية كلهن أخواته ، غير أنه من قرية أخرى فينبغي أن يكون حذرًا ومؤدبًا ولا يجرح شعور أحد ولا يخرج عن المألوف من عادات القرية وتقاليدها .
                    وتفيق سعدية مِنْ هُيامها نحو الأستاذ سعيد وتقول في نفسها : يوه يا بت يا سعدية ، دا اسمه سعيد وأنا اسمي سعدية ، إيه المانع لما يكون سعيد لسعدية ونسمع أغاني الأفراح ، ونسمع الآلاتي وهو بيغني في فرحي ويقول : الأستاذ سعيد ابن الأصول والحسب والنسب خطب سعدية بنت الحسب والنسب ، والنهارده فرحهم وعقبال لما نغني في سابع أولادهم ، بس عليهم يدعونا واحنا هانلبي طلبهم علطول طوالي .
                    ولا تفيق سعدية من هُيامها إلا عندما تناديها خالتها : بت يا سعدية... قومي اعملي لنا شاي يا بت .
                    ترد : حاضر يا خالتي .
                    وتذهب سعدية لعمل الشاي تحية واستضافة للحاضرات ، وهي ما زالت مسرورة منشرحة الصدر والخيالات والآمال تملأ قلبها وعقلها عن الأستاذ سعيد .
                    الخالات والعمات يتحدثن عن الاستعداد لرمضان ، فهذه قد ربَّتْ إِوَزًّا ، وتلك جهزت بيتها بطحن القمح والذرة واستعدت للخبز ، وتلك تستعد لولادة الجاموسة ، فالجاموسة على وشك الولادة .
                    كل واحدة منهن تستعد لقدوم رمضان بطريقتها وحسب إمكانياتها دون إرهاق لزوجها ، وهن جميعًا مسرورات لقدوم الشهر الكريم ، فشهر رمضان في القرية عندهم له مذاق وطعم ، فالفتيات ينتظرن ليالي السمر حيث يجتمع الرجال في الـمندرة حول صوت الشيخ وهو يقرأ القرآن ، وفيها يتم تزويج فلانة لفلان ولكن بعد العيدين ( الفطر والأضحى ) تقام الأفراح ، لأن بين العيدين لا تقام عندهم الأفراح .
                    يسمع محمود مؤذن المسجد يقول : حي على الصلاة ، حي على الفلاح . فيترك المجلس ويذهب لصلاة العشاء مع الرجال في المسجد .
                    يتقابل محمود مع أبيه في المسجد فيعود معه بعد أداء الصلاة ، وما إن يصلا إلى البيت ويلقيا التحية على الحاضرات حتى تهب أم محمود لتحضير طعام العشاء لهما .
                    تقوم النسوة الأخريات من أقارب أم محمود بمساعدتها ، وعلى الطبلية يسأل الأب ولده عن المدرسة والدروس قائلاً : يارب أشوفك يا محمود يا ابني راجل كبير مَلْوْ هُدومك ومعاك الشهادة الكبيرة علشان أفرح بيك ، وِنَدْرٍ عَلَـيَّا والندر أمانة لما تاخد الشهادة الكبيرة لأعزم أهل البلد وأعمل ليلة لله وأجيب المداح يمدح الرسول الغالي .
                    يسمع محمود هذا الكلام المفعم بالحب من أبيه فيصمم على أن يأخذ الشهادة الكبيرة ، ولكن أم محمود تقطع الحديث بين الرجل وولده قائلة : عريس أختك ( تفيدة ) عاوز يفرح وبعتلك مرسال النهارده عاوزك تحدد مَعَاد الفرح قبل رمضان .
                    قال لها أبو محمود : ربنا يِهَيَّأ خير ، على بركة الله . وتنصرف أم محمود وكأنها أخذت الإذن بأن الفرح والدخلة سيكونان قبل منتصف شعبان إن شاء الله ، وتعلن ذلك على الحاضرات ، وتنطلق الزغاريد معلنة الفرح لأهل القرية ، ولكن أبا محمود يقول لهن : آه يا نسوان ، صحيح والله ناقصين عقل ودين ، استنوا شوية لما نشوف الرجالة ونتكلم معاهم ونتفق على الميعاد .
                    ترد الحاضرات في صوت واحد : الفرح حلو ... وخَيْرُ البر عاجله . تسمع سعدية هذا الكلام فتقول في نفسها : عقبالي أنا والأستاذ سعيد .
                    وينصرف محمود لينام من أجل أن ينهض مبكرًا لمدرسته وكذلك فعل الأب ، وتمر الأيام ومحمود كعادته يسحب الحمار ولا يركبه ، والكل يلومه على هذا الفعل ويقولون له : ربنا خلق الحمير والبغال عشان نركبها ونقضي عليها حاجتنا . ثم يردد أحدهم عليه قول الله تعالى:
                    "وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ " النحل 8 .
                    ويطير خبر حمار محمود إلى ناظر المدرسة فيناديه ويسأله : مابتركبش حمارك ليه يا محمود ؟ فيقول له : يا حضرة الناظر ، مش الحمار ده مخلوق زيِّنا وربنا إللي خلقه ؟!! ليه إحنا نتعبه ؟! غير كده وكده كمان أنا بحب الحمار ده كأنه أخويا لأني ماعنديش إخوات ، والله أنا ساعات أقعد معاه وأكلمه كأني أكلم أخويا ، يا حضرة الناظر الحمار ده طيب وعمره ما قال لحد فينا لأه ، يبقى أنا أتعبه ليه ؟ دا ربنا وصانا بالدواب ، والحمار من الدواب .
                    يقول الناظر : يا ولدي كلامك جميل وصحيح ، لكن ربنا خلقها عشان نتمتع بيها لأن الإنسان مُكَرَّم مِنْ عند الله وسخر له الدواب ، استمتع يا ولدي بيها من غير إسراف ولا ظلم أو أذى.
                    وينصرف محمود ورأسه يدور ، أيركب الحمار أم يريحه ؟ ويقول لنفسه : أنا بحب الحمار وماحبش أشوفه تعبان .
                    وتمر الأيام ومحمود هو هو ، يسحب الحمار ولا يركبه ، ويصل الأمر إلى والده فيقول لابنه : جبت لك حمار عشان تركبه معزز مكرم وترتاح وانت رايح لمدرستك ، تقوم تسحبه وماتركبوش ؟!! ليه يا محمود ؟ الكل بيتكلم عنك يا ابني !!
                    يرد محمود على أبيه بنفس ما رد به على الناظر ، وهنا يدرك الوالد أن ابنه يحب الحمار جدًّا ، فماذا يفعل ؟ ظل يراقب ابنه في حركاته وسكناته والابن يفعل ما يفعله يوميًّا مع الحمار أمام أبيه ومن ورائه ولا يخجل من ذلك .
                    وانتشر الخبر في القرية كلها ، وجلس الأب يفكر ويطلب من الله هداية ولده للصواب ويهديه هو لحل المشكلة ، وعاش الأب أسبوعًا بل أسابيع ولم يتخذ أي قرار ، ولم يعنف ولده ولم يجبره على فعل شيء رغمًا عنه ، ومحمود هو هو ، وأفعاله هي هي .
                    ويوم الثلاثاء ـ يوم سوق القرية ـ أخذ الوالد الحمار من عند العم توفيق وذهب به إلى السوق ليبيعه ويأخذ نقوده ليضعها في متطلبات زواج أخته ( تفيدة ) وبهذا يكون قد أنهى مشكلة محمود وحبه للحمار ، وقرر الوالد أنه لن يشتري حمارًا آخر .
                    وعند خروج محمود من مدرسته يوم الثلاثاء كالعادة ذهب إلى العم توفيق ليأخذ حماره ولكنه لم يجده ، أخبره العم توفيق بأن أباه جاء إلى مربط الحمير وأخذ حماره وذهب به إلى السوق .
                    جاء الخبر على رأس محمود كالصاعقة وأيقن أنه لن يرى حماره مرة أخرى ، لن يرى صديقه الذي كان يأنس به وله ويفهمه ويستمع إلى حديثه معه ويحفظ أسراره ، وأخذ يسأل نفسه : ماذا سأفعل ؟؟
                    يجلس محمود بجوار العم توفيق خائر القوى لا يقوى على الكلام ولا على الحركة ، ويمر عليه زملاؤه ويحزنون لحاله ، وتغلق المدرسة أبوابها ويغادر الجميع المكان ولا يبقى غير محمود والعم توفيق .
                    وبعد حين وصل الوالد إلى ولده ليعود به إلى البيت ، ويصطحبه ، وفي المنزل بات الجميع في حزن لحزن محمود ، ولكن الأب عالج هذا الحزن بكلماتٍ كانت بلسمًا على قلب محمود ، قال له : يا ولدي أنا بعت الحمار علشان فلوسه تساعدني في جواز عمتك (تفيدة) وانت عارف البير وغطاه .
                    انفرجت أساريره وهدأ وتناول الطعام الذي كان قد امتنع عنه، وتمر الأيام ، وما زال محمود يتذكر حماره ويمني النفس بأن يراه أو أن يشتري أبوه حمارًا آخر عندما تتحسن الأمور ، ولكن ؛ هل الحمار الجديد ستكون له من المحبة مثل ما كان لسابقه ؟ ظل هذا السؤال يتردد في خاطره ليل نهار .
                    وظل محمود على هذا الحال ، فعندما يذهب إلى مدرسته يجلس تحت ظلال شجرة الصفصاف متذكرًا صديقه الحمار ، وظل هكذا حتى أنهى المرحلة الابتدائية وانتقل إلى مرحلة أكبر وأعلى ويتغير مسار حياته ويتغير الأصحاب وتتغير العقول لتتسع لمعارف أكثر وأفكار أكبر ، ومع ذلك لم ينس صديقه الأول .
                    انطلق محمود في دراسته وجعل عشقه وحبه ولصيقه الكتاب ، يبادله حبًّا بحب وعشقًا بعشق ، فكان يأتي بكل جديد عن أخبار الحمير في الكتب والمجلات ، ويطلب من أستاذ النشاط أن يؤسس جماعة في المدرسة باسم ( جماعة محبي الحمير ) ويتعجب الأستاذ من هذا الاسم ويرفض بشدة ، ولكن محمودًا يشرح للمعلم عمل الجماعة ونشاطها .
                    وينتشر الخبر في المدرسة ويسخر الطلاب منه ويعارضونه ظنًّا منهم أن الحمار حيوان غبي لا يستحق كل هذا العناء ، ولكن محمودًا يشرح ويبرهن لهم على أن الحمار ذكي ، وبعد أخذٍ وردٍّ وافق المشرف على إنشاء هذه الجماعة ولكن بعد عرض الأمر على ناظر المدرسة .
                    ولحسن حظه وافق ناظر المدرسة على إنشاء الجماعة وعلى أن يكون محمود رئيسًا لها مع عشرة أعضاء كلهم من أهل الريف ومن القرى المجاورة لقرية محمود .
                    ونشطت الجماعة في توعية الناس من سوء معاملة الحمير وتوجيههم إلى كيفية التعامل معها إذا أصيبت بأمراض وشرح الأمراض التي تصيبها وكيفية الوقاية منها ، وطريقة الأكل والمواد التي يتكون منها : العليقة وماء الشرب ، والكشف الدوري عند الطبيب البيطري .
                    وهكذا يثبت محمود لأستاذه ولأقرانه أن جمعية محبي الحمير جمعية نشطة مؤهلة لريادة تلك الثقافة .
                    ومرت السنوات وانتهت المرحلة الإعدادية وانتقل محمود إلى المرحلة الثانوية في المدينة ، وهناك وجد طلابًا وأساتذة سمعوا عن الجماعة فلم يجد مشقة في تسجيلها والسير بها نحو التطور .
                    وفي مكتبة المدرسة وجد محمود على رفوفها كتبًا وأبحاثًا ودوريات ومطويات عن الحمير ، بل وأكثر من ذلك لوحات خشبية وورقية رسم عليها الحمار وعليها عبارات تنم عن ثقافة وعلم .
                    وانضم محمود إلى القسم العلمي ، وكان في درس الأحياء يطلب من معلمه شرح الهيكل العظمي للحمار .
                    وتمضي الأيام مسرعة وينهي محمود المرحلة الثانوية ، ورغم حصوله على أعلى الدرجات التي تؤهله لدخول أفضل الكليات إلا أنه أصر على دخول كلية الطب البيطري .
                    وتميز بين أقرانه بحبه لهذا التخصص ، وكان أحد نوابغ الكلية ومعروفًا لدى عميدها وأساتذتها وطلابها ، واجتاز السنة النهائية بنجاح وبتقدير امتياز ، وعاد إلى قريته محملاً بمعارف ومعلومات عن الحمير .
                    احتفل أهل القرية بالدكتور محمود من خلال مأدبة عشاء أعدها والده للأهل والأحباب ودعا قارئًا ليقرأ ومنشدًا لينشد ومدَّاحًا ليمدح الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
                    الكل سعيد لسعادة محمود ، فأستاذه وناظر المدرسة وزملاؤه حضروا الاحتفال ، ويسأل الدكتور محمود عن العم توفيق الذي كان يرعى صديقه ويحافظ عليه ، ولكن العم توفيق غادر الدنيا إلى الآخرة ، فأسرع إلى قبره ليقرأ الفاتحة ترحـمًا . ظل الدكتور محمود يتلقى التهاني من أهل قريته : مبروك يا دكتور ... مبروك يا دكتور ... رفعت راسنا ... أهُو كده ولاَّ بلاش ... أحسنت ... الله يرضى عنك .
                    وأخيرًا انفض الحفل ، ونام الدكتور محمود على سريره المصنوع من جريد النخل فرحًا مسرورًا مسترجعًا ذكريات الطفولة والصبا والشباب ، وفي الصباح يحدث الوالد ابنه الطبيب عن أمنيته أن يكون طبيبًا في الوحدة البيطرية بالقرية المجاورة لقريتهم ، لكن محمودًا يخبره بأنه ما زال يدرس وأنه يطلب المزيد من الدراسات العليا ويقول : الدراسة يا والدي ما أحلاها !! أنا لسه طالب علم .
                    ويترك الأب الحرية لابنه ، وتمر أسابيع ويأتي ساعي البريد حاملاً رسالة من الجامعة للدكتور محمود ، تجتمع الأسرة حول محمود لتعرف محتوى الرسالة ، ويقرأ الرسالة بصوت عالٍ : " لقد تم اختياركم لشغل وظيفة معيد بكلية الطب البيطري " .
                    وتنطلق الزغاريد ابتهاجًا وفرحًا ، ويفرح محمود بالرسالة ويقول في نفسه : حمدًا لله الذي حقق أمنيتي ، وها أنا ذا معيد بالكلية أتقاضى راتبًا وفي نفس الوقت أكمل دراستي ، وإن شاء الله أسافر للخارج لأحصل على شهادة الدكتوراه في العناية بالحمير وسوف أقوم بتأسيس جمعية عالمية للحمير تعتني بها وتهتم بأمرها لأثبت للجميع أن الحمار ليس غبيًّا .


                    *****
                    .
                    خالص تحيتي لكم بقراءة كلها متعة .
                    محبكم
                    حسن عبدالحميد الدراوي


                    ************************************************** ***********

                    النص الثالث


                    قصـــة للأطفال :



                    بســــم الله الرحمن الرحيم


                    من أدب الأطفال

                    قصــة الصـــرة والـحـجـر

                    تأليف: حسن عبدالحميد الدراوي

                    كَانَ أَحَدُ أَغْنِيَاءِ الرِّيفِ يُحِبُّ أَهْلَ قَرْيتِهِ كَثِيراً، وَيُسَاعِدُهُمْ مُسَاعَدَاتٍ كَبِيرَةً،


                    وَيَتَصَدَّقُ كَثِيرًا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فِي الأَعْيَادِ وَالْمُنَاسَبَاتِ، وَيَعْطِفُ عَلَى

                    الْمَرْضَى مِنْهُمْ بِالْعَمَلِ عَلَى مُعَالَجَتِهِمْ فِي الْمُسْتَشْفَيَاتِ، وَمَعَ هَذَا كَانَ أَهْلُ قَرْيتِهِ

                    يَحْسُدُونَهُ لِغِنَاهُ .

                    وَفِي يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُمْ أَنَّ الْعَمَلَ سَبِيلُ النَّجَاحِ لِتَحْقِيقِ الثَّرْوَةِ

                    فَاسْتَيْقَظَ مُبَكِّرًا وَوَضَعَ حَجَرًا كَبِيرًا فِي الطَّرِيقِ بِالْقُرْبِ مِنْ بَيْتِهِ وَوَضَعَ تَحْتَ

                    الْحَجَرِ صُرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ، هَدِيَّةً لِمَنْ يُتْعِبُ نَفْسَهُ وَيُبْعِدُ الْحَجَرَ عَنِ الطَّرِيقِ .

                    ثُمَّ اخْتَفَى هَذَا الْغَنِيُّ فِي بَيْتِهِ وَأَخَذَ يَنْظُرُ مِنْ نَافِذَةِ بَيْتِهِ لِيَرَى مَا يَحْدُثُ فِي ذَلِكَ

                    الْيَوْمِ، وَبَعْدَ مُدَّةٍ قَصِيرَةٍ مَرَّ رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَتَهُ فَوَجَدَ الْحَجَرَ فِي مُنْتَصَفِ

                    الطَّرِيقِ يَعُوقُ سَيْرَهُ فَغَضِبَ وَأَخَذَ يَسْخَطُ وَيَلُومُ، ثُمَّ سَارَ بِبَقَرَتِهِ وَابْتَعَدَ عَنِ

                    الْحَجَرِ وَتَرَكَهُ وَذَهَبَ فِي طَرِيقِهِ .

                    ثُمَّ أَتَى فَلاحٌ آخَرُ يَسِيرُ فِي الطَّرِيقِ يَسُوقُ حِمَارَهُ ذَاهِبًا لِلطَّاحُونَةِ، فَرَأَى الْحَجَرَ

                    فَتَرَكَهُ وَأَخَذَ يَشْكُو وَيَسْخَطُ، وَفِي النِّهَايَةِ سَاقَ حِمَارَهُ بَعِيدًا عَنِ الْحَجَرِ وَتَرَكَهُ

                    وَانْصَرَفَ.

                    أَخَذَ الْمَارَّةُ فِي الطَّرِيقِ طُوَالَ الْيَوْمِ يَسْخَطُونَ وَيَلُومُونَ وَيَشْتَكُونَ كُلَّمَا مَرُّو

                    ا بِالْحَجَرِ وَوَجَدُوهُ فِي طَرِيقِهِمْ، وَلِشِدَّةِ كَسَلِهِمْ لَمْ يُفَكِّرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي رَفْعِ الْحَجَرِ

                    عَنِ الطَّرِيقِ وَرَمْيِهِ بَعِيدًا .


                    وَأَخِيرًا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَجَاءَ شَابٌّ يَظْهَرُ عَلَيْهِ التَّعَبُ الشَّدِيدُ مِنْ كَثْرَةِ الْعَمَلِ

                    طُوالَ النَّهَارِ فِي الْحَقْلِ، فَقَالَ لِنَفْسِهِ: إِنَّ الطَّرِيقَ الآنَ مُظْلِمٌ، وَلَوْ تَرَكْتُ هَذَ

                    ا الْحَجَرَ فِيهِ فَقَدْ يَتَعَثَّرُ بِهِ أَحَدُ الْمَارَّةِ فِي الظَّلامِ فَيَقَعُ عَلَى الأَرْضِ وَيُصِيبُ

                    هُ مَكْرُوهٌ مِنْ أَثَرِ السُّقُوطِ .وَتَذَكَّرَ الشَّابُّ حَدِيثَ الرَّسُولِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

                    (إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ) فَصَمَّمَ عَلَى أَنْ يُبْعِدَ الْحَجَرَ عَنِ الطَّرِيقِ .


                    وَحَاوَلَ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ لأَنَّهُ مُتْعَبٌ وَمُرْهَقٌ مِنْ كَثْرَةِ الْعَمَلِ طُوَالَ النَّهَارِ

                    وَلَكِّنَهُ حَاوَلَ وَصَمَّمَ عَلَى إِزَاحَةِ الْحَجَرِ مِنَ الطَّرِيقِ .


                    وَظَلَّ الشَّابُّ عَلَى هَذِهِ الْحَالُ وَاللَّيْلُ أَرْخَى سُدُولَهُ، وَلَكِنَّهُ بَعْدَ تَعَبٍ شَدِيدٍ

                    وَمُحَاوَلاتٍ كَثِيرَةٍ دَحْرَجَ الْحَجَرَ مِنْ مَكَانِهِ، وَظَلَّ يُدَحْرِجُهُ حَتَّى أَبْعَدَهُ إِلَى جَانِبِ

                    الطَّرِيقِ .


                    وَأَثْنَاءَ دَحْرَجَتِهِ تَعَثَّرَتْ قَدَمَاهُ بِالصُّرَّةِ، فَحَمَلَهَا وَفَتَحَهَا فَوَجَدَهَا مَمْلُوءَةً بِالذَّهَبِ

                    فَأَخَذَهَا وَذَهَبَ إِلَى بَيْتِهِ، كُلُّ هَذَا وَالثَّرِيُّ مَا زَالَ يَنْظُرُ مِنَ النَّافِذَةِ يُتَابِعُ مَا

                    يَحْدُثُ، وَيَقُولُ فِي نَفْسِهِ : سَأَنْتَظِرُ لأَرَى مَا سَيَفْعَلُ هَذَا الشَّابُّ .


                    وَفِي الصَّبَاحِ ذَهَبَ لِصَلاةِ الْفَجْرِ مَعَ أَهْلِ الْقَرْيَةِ فِي الْمَسْجِدِ، وَبَعْدَ أَنْ فَرَغَ

                    الْمُصَلُّونَ مِنْ أَدَاءِ الصَّلاةِ قَامَ الْفَتَى وَقَالَ لِلْمُصَلِّينَ : عَثَرْتُ عَلَى صُرَّةٍ

                    بِالأَمْسِ، فَمَنْ يَأْتِنِي بِعَلامَةٍ لَهَا تَكُنْ لَهُ .


                    فَلَمَّا سَمِعَ الثَّرِيُّ هَذَا الْكَلامَ قَامَ وَقَالَ لأَهْلِ الْقَرْيةِ : هَذِهِ صُرَّتِي، وَعِنْدِي عَلامَةٌ

                    لَهَا، وَعِنْدَ الظُّهْرِ نَجْتَمِعُ مَعًا فِي سَاحَةِ الْقَرْيةِ وَأَذْكُرُ لَكُم الْعَلامَةَ، وَغَادَرَ الثَّرِيُّ

                    الْمَسْجِدَ .

                    أَهْلُ الْقَرْيةِ كُلُّهُمْ يَهْمِسُونَ مُتَعَجِّبِينَ : أَهَذِهِ الصُّرَّةُ لِهَذَا الثَّرِيِّ الْبَخِيلِ ؟! فَكَيْفَ

                    أُتِيَ بِهَا تَحْتَ الْحَجَرِ ؟!


                    يَقُولُ بَعْضُهُمْ : رُبَّمَا سُرِقَتْ مِنْ بَيْتِهِ وَخَبَّأَهَا السَّارِقُ تَحْتَ الْحَجَرِ . وَيَقُولُ

                    آخَرُونَ : نَنْتَظِرُ لِلظُّهْرِ فَلَيْسَ الظُّهْرُ بِبَعِيدٍ، وَكَانَ الْكُلُّ مُتَحَمِّسِينَ لِيَعْرِفُوا قِصَّةَ

                    الصُّرَّةِ وَالْحَجَرِ .


                    وَجَاءَ الظُّهْرُ وَاجْتَمَعَ أَهْلُ الْقَرْيةِ فِي السَّاحَةِ، وَقَامَ الثَّرِيُّ وَقَالَ لِلْفَتَى : يَا فَتَى،

                    هَذِهِ الصُّرَّةُ لَكَ . تَعَجَّبَ النَّاسُ مِنْ هَذَا الْكَلامِ وَقَالُوا لِلثَّرِيِّ : كَيْفَ تُهْدِي الصُّرَّةَ

                    لِلْفَتَى وَلَمْ نَتَأَكَّدْ بَعْدُ أَنَّهَا لَكَ ؟!


                    رَدَّ عَلَيْهِمْ قَائِلا : يَا أَهْلَ قَرْيَتِي، أَنَا صَاحِبُ هَذِهِ الصُّرَّةِ وَسَأَذْكُرُ لَكُمْ الْعَلامَةَ

                    لِتَطْمَئِنُّوا، الصُّرَّةُ مَمْلُوءَةٌ بِالذَّهَبِ، وَكَتَبْتُ بِوَرَقَةٍ بِدَاخِلِهَا : هَذِهِ هَدِيَّةٌ مِنِّي لِمَنْ

                    يُبْعِدُ هَذَا الْحَجَرَ عَنِ الطَّرِيقِ لأَنَّنِي رَأَيْتُكُمْ فِي الْفَتْرَةِ الأَخِيرَةِ لا تَهْتَمُّونَ

                    بِالطَّرِيقِ وَأَصْبَحْتُمْ تَرْمُونَ الْقِمَامَةَ فِيهِ وَتُلْقُونَ بِالْقَشِّ وَالْحَشَائِشِ فِيهِ، فَحَزِنْتُ

                    عَلَى سُلُوكِ أَهْلِ قَرْيَتِنَا . ثُمَّ قَالَ لِلشَّابِّ : افْتَحْ يَا فَتَى الصُّرَّةَ وَسَتَجِدُ الرِّسَالَةَ

                    وَمَا ذَكَرْتُهُ لَكُمْ صَحِيحًا .


                    فَتَحَ الشَّابُّ الصُّرَّةَ عَلَى أَعْيُنِ الْجَمِيعِ فَوَجَدَ مَا قَالَهُ الثَّرِيُّ صَحِيحًا . حَمَلَ الْفَتَى

                    الصُّرَّةَ شَاكِرًا حَامِدًا الله عَلَى صَنِيعِهِ، وَأَهْلُ الْقَرْيةِ يُبَارِكُونَ لَهُ وَيَقُولُونَ: لَقَدْ

                    فُزْتَ بِجَائِزَةِ الثَّرِيِّ لأَنَّكَ رَفَعْتَ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ .


                    انْصَرَفَ أَهْلُ الْقَرْيةِ مِنَ السَّاحَةِ وَمَا عَادُوا يَصِفُونَ الثَّرِيَّ بِالْبُخْلِ وَصَمَّمُوا عَلَى

                    أَنْ تَكُونَ كُلُّ الطُّرُقِ فِي الْقَرْيَةِ نَظِيفَةً، وَاسْتَمَرُّوا يَرْفَعُونَ أَيَّ أَذًى مِنْ

                    طُرُقَاتِهَا .


                    قراءة ممتعة ومحببة
                    مـحـبـكم
                    حســــــــــــن عبدالحميد الدراوي




                    ***************************************

                    بسـم الله الرحمن الرحيم

                    قصيدة شـــــــــــــعرية


                    بعنوان : في غــــربتي




                    مَنْ قَالَ : إِنَّ الْغُرْبَةَ


                    خَارِجَ أَسْوَارِ الْقَرْيَةِ

                    مَنْ قَالَ : إِنَّ الْغُرْبَةَ

                    يَنْأَى فِيهَا الْجِسْمُ عَنِ الْقَرْيَةِ

                    الْغُرْبَةُ بَيْنَ جدْرَانِ الْغُرْفَةِ

                    أُفْقٌ آخَرُ غَيْرُ الْقَرْيَةِ

                    بَحْرٌ مَجْهُولُ الأبْعَادِ

                    تُزْرَعُ فِيهِ بُذُورُ الْعَوْدَةِ

                    تُغْمَسُ فِيهِ أَظَافِرُ الْمِحْنَةِ

                    الْغُرْبَةُ

                    ثُقْبٌ فِي الْبَابِ الْمَفْقُود

                    ثُقْبٌ فِي جدْرَانِ الخَوْفِ مِنَ الوحْدَة

                    تَحْرِقُ فِيهِ حَنِينَكَ لِلْقَرْيَة

                    نَحْوَ الْفِرْدَوْسِ الْمَفْقُود

                    تَحْسبُ أَنَّكَ سَوْفَ تَعُود

                    حَتَّى الْيَأْسُ الْمَفْقُود

                    فِي الْبَحْرِ وَالْقَرْيَة

                    تَبْحَثُ فِيهِ عَنْ مَأْوَى

                    لَيْسَ لَهُ جدْرَانٌ كَالْغُرْفَة

                    تَرْقُبُ فِيهِ حَنِينَ الْعَوْدَة

                    لِلزَّمَنِ الْبِكْرِ الطَّاهِر


                    تَرْسُمُ فِيهِ قِصَّةَ

                    الْعَهْدِ الْغَابِر

                    مَنْ قَالَ : إِنَّ الْبَدَوِيَّ

                    يَسْتَشْعِرُ مَعْنَى الْغُرْبَة

                    الْغُرْبَةُ

                    إِحْسَاسٌ بِالْوحْدَة

                    فِي زَمَنٍ عَجِيجٍ بِالزَّحْمَة

                    زَمَنٍ عَاقِرٍ عَنِ الْعَوْدَة




                    ****************************************


                    مع خالص تحياتي
                    عاشـق الأدب العربي
                    حسـن عبدالحميد الدراوي

                    د . حســــــن الدّراوي

                    ـ عضو إتحاد كُتاب مصـــــر .
                    ـ عضو كُتاب الإتحاد الأفروأســــيوي

                    تعليق

                    • حســــن عبدالحميد الدراوي
                      أديب ومفكر
                      • 09-10-2009
                      • 73

                      #25
                      بســــــــــــــم الله الرحمن الرحيم

                      الرياض في : 02 /11 / 2009م

                      حضـــــرات الســـــــــــــادة

                      السـلام عليكم ورحمة الله وبركاته ........... وبعد

                      * أُرشـــــح لحضــــراتكم مجموعة نصوص قصصية ....{ قصة قصيرة جداً

                      ،وقصـــــة قصـيرة ، وقصة للأطفال ، وقصيدة شـــــعـرية }

                      لكم خالص تحياتي وتقديري

                      محبكم

                      حســـــــــــن عبدالحميد الدراوي







                      النص الأول :

                      القصـة القصـيرة جداً

                      جــلســـت لتســــــتريح

                      حــملـها على كتفه ، وطـاف بـها ســبعـاً ، وســعى بـهـا بين الـصـفا

                      والمـروة ، وَصَــلَّـتْ

                      خـلف مــقامِ إبراهيـمَ ، وسـقاهـا من زمــزم ، وقــص قـيد أنـمـلةٍ من

                      ضـفائـرهـا ،

                      وأجــلسـهـا لِتشــبع من الكعبة ، فـغـطـت في نـومٍ عـميق وهـو يـمســح

                      جَبينـهـا ، ويقبل يـديـهـا ،

                      ولمـا أفـاقـت وجـدتـه قـد راح .

                      ******************************************

                      النص الثاني :

                      في القصـة القصـيرة


                      صـاحبي وأنا

                      منذ أن وُلد محمود وهو عاشق ولهان ، منزله متواضع قابع في أحضان وسط الدلتا حيث شرب وتغذى من خيرات ماء نيله الصافي فملأه بالدفء والحب والعشق له ولمن حوله .
                      كبر الغلام الصغير والعشق يملأ صدره ، فلا يجد في مفردات نفسه إلا الحب ... الحب لمن حوله ، والعشق لكل ذرة من ذرات قريته .
                      بعد قليل سيذهب إلى المدرسة الابتدائية الواقعة في أطراف القرية لتغرس فيه الحب ، ولا شيء غير الحب ، الحب للأرض ... الحب للقرية ... الحب للمحراث ... الحب للجد والجدة ... الحب للعم والعمة ... الحب للخال والخالة ... الحب لكل من حوله ، والحب حتى للحيوانات التي يربيها أبوه في الحظيرة المجاورة للدار ( الجاموسة والبقرة والحمار وبعض الماعز والدواجن ) .
                      منذ نعومة أظافره لا يعرف إلا دفء الحب والعطف والحنان. ويكبر الصغير ويذهب إلى المدرسة برفقة زملائه ، منهم من يسير على قدميه ، ومنهم من يركب حمارًا ، والصغير محمود قد جهز له أبوه حمارًا يمتطيه في غدوه ورواحه ولكنه يسحب الحمار من خطامه ويسير على رجليه نحو المدرسة .
                      يلومه الجميع على عدم ركوبه الحمار ويقولون له : اركب الحمار يا محمود عشان تروح المدرسة بدري قبل الطابور . فيرد عليهم قائلا : إن شاء الله .
                      وما إن يصل إلى المدرسة حتى يعطي حماره للعم توفيق ليربطه مع الحمير ليتعهده بالسقيا والإطعام بأجود الطعام وأفخره (البرسيم) ، فالعم توفيق يجلس بين المدرسة والوحدة الصحية وقد خصص مكانًا لتلك الحمير يربطها ويطعمها ويسقيها لقاء قليل من المال آخر الأسبوع لمن يترددون يوميًّا ، وأجر زهيد آخر اليوم لمن يترددون على الوحدة الصحية .
                      ويصل الصغير إلى مدرسته متأخرًا فينصحه الناظر بعدم التأخر واحترام المواعيد ، فناظر المدرسة هو واحد من أهل القرية ، ويمتثل محمود لنصائح الناظر ويحضر في اليوم التالي مبكرًا قبل كل التلاميذ حتى لا يراه أحد فيعيد عليه نفس النصائح بركوب الحمار ، ولكنه يفعل بحماره مثل الذي فعله بالأمس . إنه يسحبه ولا يضع عليه أي حمل ، وعندما يصل إلى العم توفيق برفقة حماره يربت على ظهره ويمسح شعره ورأسه ويفك بردعته من على ظهره ويضعها بجواره ويدور حوله كأنه يكلمه ، وبكلتا يديه يمسح رأسه وحول عينيه وكأنه يودعه .
                      العم توفيق يقول له : يا ولدي ماتخافش على حمارك عشان هوا عندي زي بقية الحمير ، له من العناية والتقدير كل اللي تتمناه، ده إللي اتعلمناه من الآباء والأجداد ومن ديننا ، الحيوانات دي لازم نحترمها ونصونها ونرعاها حق الرعاية ، روح يا ولدي لمدرستك وهاترجع تلاقي حمارك في أحسن حال بإذن الله .
                      يذهب الصغير للمدرسة ويحضر الطابور والحصص ، وقد أثنى عليه الناظر لأنه امتثل لنصائحه ، وتمر الحصص وتأتي الفسحة الأولى فإذا به يسرع إلى خارج الفناء حيث العم توفيق فيخرج طعام إفطاره ويجلس بجوار حماره في ظل شجرة الجميز الكبيرة ، يتناول فطوره وهو سعيد منشرح الصدر منتشٍ .
                      يعود إلى مدرسته وزملائه وأساتذته عند سماعه جرس انتهاء الفسحة ، وتأتي الفسحة الثانية فيكرر ما فعله بالفسحة الأولى ، وفي نهاية اليوم الدراسي يسحب الحمار إلى المنزل ويربطه أمام البيت تحت شجرة الجوافة واضعًا له طعام غدائه المفضل ( التبن والفول ) ويقول له : بالهناء والشفاء والعافية .
                      وينصرف محمود إلى داخل المنزل لتناول طعام الغداء ، ويجد أمه قد أعدت له طعامًا يحبه كثيرًا ، هو البيض المقلي في السمن البلدي والجبن القريش وطبق القشدة الشهي وقليل من مخلل اللفت والجرجير البلدي .
                      يأكل طعامه ثم يحمد الله ويشكره على نعمه ، وقبل العصر يصحب رفيقه ( الحمار ) ويذهب به إلى الحقل ويربطه بالوتد الذي أعد لذلك في وسط زرع البرسيم ليأكل منه .
                      يجلس محمود وسط الزروع يراجع دروسه ويحل واجباته ويحفظ الأناشيد ، وبعد أن ينتهي من كل هذا يحمل المنجل ويحش البرسيم للبقرة والجاموسة والماعز وبعض الطيور ، ويعود إلى بيته مع غروب الشمس ، ويضع البرسيم في الزريبة ( الحظيرة ) ، ويذهب إلى المسجد لأداء صلاة المغرب فيتوضأ من الماء الجاري في الجدول الصغير أمام المسجد ويصلي مع أهل قريته ، ثم يعود برفقة الأهل والخلان ، فهذا عمه وذاك خاله وذلك جده ، وهؤلاء الصبية أقرانه وأقاربه ، القرية كلها كأنها بيت واحد كبير ، الكل يعرف الكل ، والكل أهل للكل .
                      وعند عودته إلى المنزل وجد والدته وقد اجتمع عندها الجارات والصديقات من أهل القرية الهانئة السعيدة المفعمة بالحب والدفء والإخلاص ، ويلقي عليهن تحية المساء وكلهن يبادرن محمودًا بأن يجلس معهن ويحكي لهن عن المدرسة وعمَّا تعلمه فيها ، وعن المعلمين وتعاملهم مع التلاميذ ، وعن صفات هؤلاء المعلمين .
                      وتناديه سعدية (بنت خالته التي أخذت قسطا قليلاً من التعليم) قائلة : تعالى يا حودة جنبي هنا وكلمني عن الأستاذ سعيد ، شكله يا واد حلو ؟ ... دانا سمعته وهوَّا بيتكلم الصبح في الطابور معاكم وكان صوته عالي وكلامه شدني ، احكي يا واد واتكلم .
                      يكفهر وجه محمود والحمرة تعلو وجنتيه ويتلعثم في الكلام ويقول لها : أنا عارف ؟!! أهو مدرس زي أي مدرس في المدرسة وخلاص !!
                      ولكن سعدية لا يعجبها هذا الرد ، فهي تريد شرحًا وتفصيلاً عن هذا الأستاذ الذي بهرها وتعلقت به وراحت في هواجس وأفكار تُمَنِّي النفس فيها بأن يكون هذا الأستاذ زوجًا لها ، فهي منذ مدة طويلة ترقبه وتتتبع خطاه ، فكانت تقف على أول الطريق تنظر إليه خلسة وهو قادم إلى المدرسة صباحًا ، وهو كعادته يلقي عليها السلام كما يلقيه على كل من يراه ، فترد عليه السلام ثم تزيد : صباح الهنا والفل والورد النادي .
                      ويسرع الأستاذ سعيد إلى مدرسته غير منتبه لها ، فهي لم تجذب انتباهه يومًا ولم تستطع أن تلفت نظره إليها أبدًا ، فهو يعتبر أهل القرية كلهم أهله ، وبنات القرية كلهن أخواته ، غير أنه من قرية أخرى فينبغي أن يكون حذرًا ومؤدبًا ولا يجرح شعور أحد ولا يخرج عن المألوف من عادات القرية وتقاليدها .
                      وتفيق سعدية مِنْ هُيامها نحو الأستاذ سعيد وتقول في نفسها : يوه يا بت يا سعدية ، دا اسمه سعيد وأنا اسمي سعدية ، إيه المانع لما يكون سعيد لسعدية ونسمع أغاني الأفراح ، ونسمع الآلاتي وهو بيغني في فرحي ويقول : الأستاذ سعيد ابن الأصول والحسب والنسب خطب سعدية بنت الحسب والنسب ، والنهارده فرحهم وعقبال لما نغني في سابع أولادهم ، بس عليهم يدعونا واحنا هانلبي طلبهم علطول طوالي .
                      ولا تفيق سعدية من هُيامها إلا عندما تناديها خالتها : بت يا سعدية... قومي اعملي لنا شاي يا بت .
                      ترد : حاضر يا خالتي .
                      وتذهب سعدية لعمل الشاي تحية واستضافة للحاضرات ، وهي ما زالت مسرورة منشرحة الصدر والخيالات والآمال تملأ قلبها وعقلها عن الأستاذ سعيد .
                      الخالات والعمات يتحدثن عن الاستعداد لرمضان ، فهذه قد ربَّتْ إِوَزًّا ، وتلك جهزت بيتها بطحن القمح والذرة واستعدت للخبز ، وتلك تستعد لولادة الجاموسة ، فالجاموسة على وشك الولادة .
                      كل واحدة منهن تستعد لقدوم رمضان بطريقتها وحسب إمكانياتها دون إرهاق لزوجها ، وهن جميعًا مسرورات لقدوم الشهر الكريم ، فشهر رمضان في القرية عندهم له مذاق وطعم ، فالفتيات ينتظرن ليالي السمر حيث يجتمع الرجال في الـمندرة حول صوت الشيخ وهو يقرأ القرآن ، وفيها يتم تزويج فلانة لفلان ولكن بعد العيدين ( الفطر والأضحى ) تقام الأفراح ، لأن بين العيدين لا تقام عندهم الأفراح .
                      يسمع محمود مؤذن المسجد يقول : حي على الصلاة ، حي على الفلاح . فيترك المجلس ويذهب لصلاة العشاء مع الرجال في المسجد .
                      يتقابل محمود مع أبيه في المسجد فيعود معه بعد أداء الصلاة ، وما إن يصلا إلى البيت ويلقيا التحية على الحاضرات حتى تهب أم محمود لتحضير طعام العشاء لهما .
                      تقوم النسوة الأخريات من أقارب أم محمود بمساعدتها ، وعلى الطبلية يسأل الأب ولده عن المدرسة والدروس قائلاً : يارب أشوفك يا محمود يا ابني راجل كبير مَلْوْ هُدومك ومعاك الشهادة الكبيرة علشان أفرح بيك ، وِنَدْرٍ عَلَـيَّا والندر أمانة لما تاخد الشهادة الكبيرة لأعزم أهل البلد وأعمل ليلة لله وأجيب المداح يمدح الرسول الغالي .
                      يسمع محمود هذا الكلام المفعم بالحب من أبيه فيصمم على أن يأخذ الشهادة الكبيرة ، ولكن أم محمود تقطع الحديث بين الرجل وولده قائلة : عريس أختك ( تفيدة ) عاوز يفرح وبعتلك مرسال النهارده عاوزك تحدد مَعَاد الفرح قبل رمضان .
                      قال لها أبو محمود : ربنا يِهَيَّأ خير ، على بركة الله . وتنصرف أم محمود وكأنها أخذت الإذن بأن الفرح والدخلة سيكونان قبل منتصف شعبان إن شاء الله ، وتعلن ذلك على الحاضرات ، وتنطلق الزغاريد معلنة الفرح لأهل القرية ، ولكن أبا محمود يقول لهن : آه يا نسوان ، صحيح والله ناقصين عقل ودين ، استنوا شوية لما نشوف الرجالة ونتكلم معاهم ونتفق على الميعاد .
                      ترد الحاضرات في صوت واحد : الفرح حلو ... وخَيْرُ البر عاجله . تسمع سعدية هذا الكلام فتقول في نفسها : عقبالي أنا والأستاذ سعيد .
                      وينصرف محمود لينام من أجل أن ينهض مبكرًا لمدرسته وكذلك فعل الأب ، وتمر الأيام ومحمود كعادته يسحب الحمار ولا يركبه ، والكل يلومه على هذا الفعل ويقولون له : ربنا خلق الحمير والبغال عشان نركبها ونقضي عليها حاجتنا . ثم يردد أحدهم عليه قول الله تعالى:
                      "وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ " النحل 8 .
                      ويطير خبر حمار محمود إلى ناظر المدرسة فيناديه ويسأله : مابتركبش حمارك ليه يا محمود ؟ فيقول له : يا حضرة الناظر ، مش الحمار ده مخلوق زيِّنا وربنا إللي خلقه ؟!! ليه إحنا نتعبه ؟! غير كده وكده كمان أنا بحب الحمار ده كأنه أخويا لأني ماعنديش إخوات ، والله أنا ساعات أقعد معاه وأكلمه كأني أكلم أخويا ، يا حضرة الناظر الحمار ده طيب وعمره ما قال لحد فينا لأه ، يبقى أنا أتعبه ليه ؟ دا ربنا وصانا بالدواب ، والحمار من الدواب .
                      يقول الناظر : يا ولدي كلامك جميل وصحيح ، لكن ربنا خلقها عشان نتمتع بيها لأن الإنسان مُكَرَّم مِنْ عند الله وسخر له الدواب ، استمتع يا ولدي بيها من غير إسراف ولا ظلم أو أذى.
                      وينصرف محمود ورأسه يدور ، أيركب الحمار أم يريحه ؟ ويقول لنفسه : أنا بحب الحمار وماحبش أشوفه تعبان .
                      وتمر الأيام ومحمود هو هو ، يسحب الحمار ولا يركبه ، ويصل الأمر إلى والده فيقول لابنه : جبت لك حمار عشان تركبه معزز مكرم وترتاح وانت رايح لمدرستك ، تقوم تسحبه وماتركبوش ؟!! ليه يا محمود ؟ الكل بيتكلم عنك يا ابني !!
                      يرد محمود على أبيه بنفس ما رد به على الناظر ، وهنا يدرك الوالد أن ابنه يحب الحمار جدًّا ، فماذا يفعل ؟ ظل يراقب ابنه في حركاته وسكناته والابن يفعل ما يفعله يوميًّا مع الحمار أمام أبيه ومن ورائه ولا يخجل من ذلك .
                      وانتشر الخبر في القرية كلها ، وجلس الأب يفكر ويطلب من الله هداية ولده للصواب ويهديه هو لحل المشكلة ، وعاش الأب أسبوعًا بل أسابيع ولم يتخذ أي قرار ، ولم يعنف ولده ولم يجبره على فعل شيء رغمًا عنه ، ومحمود هو هو ، وأفعاله هي هي .
                      ويوم الثلاثاء ـ يوم سوق القرية ـ أخذ الوالد الحمار من عند العم توفيق وذهب به إلى السوق ليبيعه ويأخذ نقوده ليضعها في متطلبات زواج أخته ( تفيدة ) وبهذا يكون قد أنهى مشكلة محمود وحبه للحمار ، وقرر الوالد أنه لن يشتري حمارًا آخر .
                      وعند خروج محمود من مدرسته يوم الثلاثاء كالعادة ذهب إلى العم توفيق ليأخذ حماره ولكنه لم يجده ، أخبره العم توفيق بأن أباه جاء إلى مربط الحمير وأخذ حماره وذهب به إلى السوق .
                      جاء الخبر على رأس محمود كالصاعقة وأيقن أنه لن يرى حماره مرة أخرى ، لن يرى صديقه الذي كان يأنس به وله ويفهمه ويستمع إلى حديثه معه ويحفظ أسراره ، وأخذ يسأل نفسه : ماذا سأفعل ؟؟
                      يجلس محمود بجوار العم توفيق خائر القوى لا يقوى على الكلام ولا على الحركة ، ويمر عليه زملاؤه ويحزنون لحاله ، وتغلق المدرسة أبوابها ويغادر الجميع المكان ولا يبقى غير محمود والعم توفيق .
                      وبعد حين وصل الوالد إلى ولده ليعود به إلى البيت ، ويصطحبه ، وفي المنزل بات الجميع في حزن لحزن محمود ، ولكن الأب عالج هذا الحزن بكلماتٍ كانت بلسمًا على قلب محمود ، قال له : يا ولدي أنا بعت الحمار علشان فلوسه تساعدني في جواز عمتك (تفيدة) وانت عارف البير وغطاه .
                      انفرجت أساريره وهدأ وتناول الطعام الذي كان قد امتنع عنه، وتمر الأيام ، وما زال محمود يتذكر حماره ويمني النفس بأن يراه أو أن يشتري أبوه حمارًا آخر عندما تتحسن الأمور ، ولكن ؛ هل الحمار الجديد ستكون له من المحبة مثل ما كان لسابقه ؟ ظل هذا السؤال يتردد في خاطره ليل نهار .
                      وظل محمود على هذا الحال ، فعندما يذهب إلى مدرسته يجلس تحت ظلال شجرة الصفصاف متذكرًا صديقه الحمار ، وظل هكذا حتى أنهى المرحلة الابتدائية وانتقل إلى مرحلة أكبر وأعلى ويتغير مسار حياته ويتغير الأصحاب وتتغير العقول لتتسع لمعارف أكثر وأفكار أكبر ، ومع ذلك لم ينس صديقه الأول .
                      انطلق محمود في دراسته وجعل عشقه وحبه ولصيقه الكتاب ، يبادله حبًّا بحب وعشقًا بعشق ، فكان يأتي بكل جديد عن أخبار الحمير في الكتب والمجلات ، ويطلب من أستاذ النشاط أن يؤسس جماعة في المدرسة باسم ( جماعة محبي الحمير ) ويتعجب الأستاذ من هذا الاسم ويرفض بشدة ، ولكن محمودًا يشرح للمعلم عمل الجماعة ونشاطها .
                      وينتشر الخبر في المدرسة ويسخر الطلاب منه ويعارضونه ظنًّا منهم أن الحمار حيوان غبي لا يستحق كل هذا العناء ، ولكن محمودًا يشرح ويبرهن لهم على أن الحمار ذكي ، وبعد أخذٍ وردٍّ وافق المشرف على إنشاء هذه الجماعة ولكن بعد عرض الأمر على ناظر المدرسة .
                      ولحسن حظه وافق ناظر المدرسة على إنشاء الجماعة وعلى أن يكون محمود رئيسًا لها مع عشرة أعضاء كلهم من أهل الريف ومن القرى المجاورة لقرية محمود .
                      ونشطت الجماعة في توعية الناس من سوء معاملة الحمير وتوجيههم إلى كيفية التعامل معها إذا أصيبت بأمراض وشرح الأمراض التي تصيبها وكيفية الوقاية منها ، وطريقة الأكل والمواد التي يتكون منها : العليقة وماء الشرب ، والكشف الدوري عند الطبيب البيطري .
                      وهكذا يثبت محمود لأستاذه ولأقرانه أن جمعية محبي الحمير جمعية نشطة مؤهلة لريادة تلك الثقافة .
                      ومرت السنوات وانتهت المرحلة الإعدادية وانتقل محمود إلى المرحلة الثانوية في المدينة ، وهناك وجد طلابًا وأساتذة سمعوا عن الجماعة فلم يجد مشقة في تسجيلها والسير بها نحو التطور .
                      وفي مكتبة المدرسة وجد محمود على رفوفها كتبًا وأبحاثًا ودوريات ومطويات عن الحمير ، بل وأكثر من ذلك لوحات خشبية وورقية رسم عليها الحمار وعليها عبارات تنم عن ثقافة وعلم .
                      وانضم محمود إلى القسم العلمي ، وكان في درس الأحياء يطلب من معلمه شرح الهيكل العظمي للحمار .
                      وتمضي الأيام مسرعة وينهي محمود المرحلة الثانوية ، ورغم حصوله على أعلى الدرجات التي تؤهله لدخول أفضل الكليات إلا أنه أصر على دخول كلية الطب البيطري .
                      وتميز بين أقرانه بحبه لهذا التخصص ، وكان أحد نوابغ الكلية ومعروفًا لدى عميدها وأساتذتها وطلابها ، واجتاز السنة النهائية بنجاح وبتقدير امتياز ، وعاد إلى قريته محملاً بمعارف ومعلومات عن الحمير .
                      احتفل أهل القرية بالدكتور محمود من خلال مأدبة عشاء أعدها والده للأهل والأحباب ودعا قارئًا ليقرأ ومنشدًا لينشد ومدَّاحًا ليمدح الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
                      الكل سعيد لسعادة محمود ، فأستاذه وناظر المدرسة وزملاؤه حضروا الاحتفال ، ويسأل الدكتور محمود عن العم توفيق الذي كان يرعى صديقه ويحافظ عليه ، ولكن العم توفيق غادر الدنيا إلى الآخرة ، فأسرع إلى قبره ليقرأ الفاتحة ترحـمًا . ظل الدكتور محمود يتلقى التهاني من أهل قريته : مبروك يا دكتور ... مبروك يا دكتور ... رفعت راسنا ... أهُو كده ولاَّ بلاش ... أحسنت ... الله يرضى عنك .
                      وأخيرًا انفض الحفل ، ونام الدكتور محمود على سريره المصنوع من جريد النخل فرحًا مسرورًا مسترجعًا ذكريات الطفولة والصبا والشباب ، وفي الصباح يحدث الوالد ابنه الطبيب عن أمنيته أن يكون طبيبًا في الوحدة البيطرية بالقرية المجاورة لقريتهم ، لكن محمودًا يخبره بأنه ما زال يدرس وأنه يطلب المزيد من الدراسات العليا ويقول : الدراسة يا والدي ما أحلاها !! أنا لسه طالب علم .
                      ويترك الأب الحرية لابنه ، وتمر أسابيع ويأتي ساعي البريد حاملاً رسالة من الجامعة للدكتور محمود ، تجتمع الأسرة حول محمود لتعرف محتوى الرسالة ، ويقرأ الرسالة بصوت عالٍ : " لقد تم اختياركم لشغل وظيفة معيد بكلية الطب البيطري " .
                      وتنطلق الزغاريد ابتهاجًا وفرحًا ، ويفرح محمود بالرسالة ويقول في نفسه : حمدًا لله الذي حقق أمنيتي ، وها أنا ذا معيد بالكلية أتقاضى راتبًا وفي نفس الوقت أكمل دراستي ، وإن شاء الله أسافر للخارج لأحصل على شهادة الدكتوراه في العناية بالحمير وسوف أقوم بتأسيس جمعية عالمية للحمير تعتني بها وتهتم بأمرها لأثبت للجميع أن الحمار ليس غبيًّا .


                      *****
                      .
                      خالص تحيتي لكم بقراءة كلها متعة .
                      محبكم
                      حسن عبدالحميد الدراوي


                      ************************************************** ***********

                      النص الثالث


                      قصـــة للأطفال :



                      بســــم الله الرحمن الرحيم

                      من أدب الأطفال


                      قصــة الصـــرة والـحـجـر

                      تأليف: حسن عبدالحميد الدراوي

                      كَانَ أَحَدُ أَغْنِيَاءِ الرِّيفِ يُحِبُّ أَهْلَ قَرْيتِهِ كَثِيراً، وَيُسَاعِدُهُمْ مُسَاعَدَاتٍ كَبِيرَةً،


                      وَيَتَصَدَّقُ كَثِيرًا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فِي الأَعْيَادِ وَالْمُنَاسَبَاتِ، وَيَعْطِفُ عَلَى


                      الْمَرْضَى مِنْهُمْ بِالْعَمَلِ عَلَى مُعَالَجَتِهِمْ فِي الْمُسْتَشْفَيَاتِ، وَمَعَ هَذَا كَانَ أَهْلُ قَرْيتِهِ

                      يَحْسُدُونَهُ لِغِنَاهُ .

                      وَفِي يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُمْ أَنَّ الْعَمَلَ سَبِيلُ النَّجَاحِ لِتَحْقِيقِ الثَّرْوَةِ

                      فَاسْتَيْقَظَ مُبَكِّرًا وَوَضَعَ حَجَرًا كَبِيرًا فِي الطَّرِيقِ بِالْقُرْبِ مِنْ بَيْتِهِ وَوَضَعَ تَحْتَ

                      الْحَجَرِ صُرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ، هَدِيَّةً لِمَنْ يُتْعِبُ نَفْسَهُ وَيُبْعِدُ الْحَجَرَ عَنِ الطَّرِيقِ .

                      ثُمَّ اخْتَفَى هَذَا الْغَنِيُّ فِي بَيْتِهِ وَأَخَذَ يَنْظُرُ مِنْ نَافِذَةِ بَيْتِهِ لِيَرَى مَا يَحْدُثُ فِي ذَلِكَ

                      الْيَوْمِ، وَبَعْدَ مُدَّةٍ قَصِيرَةٍ مَرَّ رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَتَهُ فَوَجَدَ الْحَجَرَ فِي مُنْتَصَفِ

                      الطَّرِيقِ يَعُوقُ سَيْرَهُ فَغَضِبَ وَأَخَذَ يَسْخَطُ وَيَلُومُ، ثُمَّ سَارَ بِبَقَرَتِهِ وَابْتَعَدَ عَنِ

                      الْحَجَرِ وَتَرَكَهُ وَذَهَبَ فِي طَرِيقِهِ .

                      ثُمَّ أَتَى فَلاحٌ آخَرُ يَسِيرُ فِي الطَّرِيقِ يَسُوقُ حِمَارَهُ ذَاهِبًا لِلطَّاحُونَةِ، فَرَأَى الْحَجَرَ

                      فَتَرَكَهُ وَأَخَذَ يَشْكُو وَيَسْخَطُ، وَفِي النِّهَايَةِ سَاقَ حِمَارَهُ بَعِيدًا عَنِ الْحَجَرِ وَتَرَكَهُ

                      وَانْصَرَفَ.

                      أَخَذَ الْمَارَّةُ فِي الطَّرِيقِ طُوَالَ الْيَوْمِ يَسْخَطُونَ وَيَلُومُونَ وَيَشْتَكُونَ كُلَّمَا مَرُّو

                      ا بِالْحَجَرِ وَوَجَدُوهُ فِي طَرِيقِهِمْ، وَلِشِدَّةِ كَسَلِهِمْ لَمْ يُفَكِّرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي رَفْعِ الْحَجَرِ

                      عَنِ الطَّرِيقِ وَرَمْيِهِ بَعِيدًا .


                      وَأَخِيرًا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَجَاءَ شَابٌّ يَظْهَرُ عَلَيْهِ التَّعَبُ الشَّدِيدُ مِنْ كَثْرَةِ الْعَمَلِ

                      طُوالَ النَّهَارِ فِي الْحَقْلِ، فَقَالَ لِنَفْسِهِ: إِنَّ الطَّرِيقَ الآنَ مُظْلِمٌ، وَلَوْ تَرَكْتُ هَذَ

                      ا الْحَجَرَ فِيهِ فَقَدْ يَتَعَثَّرُ بِهِ أَحَدُ الْمَارَّةِ فِي الظَّلامِ فَيَقَعُ عَلَى الأَرْضِ وَيُصِيبُ

                      هُ مَكْرُوهٌ مِنْ أَثَرِ السُّقُوطِ .وَتَذَكَّرَ الشَّابُّ حَدِيثَ الرَّسُولِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

                      (إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ) فَصَمَّمَ عَلَى أَنْ يُبْعِدَ الْحَجَرَ عَنِ الطَّرِيقِ .


                      وَحَاوَلَ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ لأَنَّهُ مُتْعَبٌ وَمُرْهَقٌ مِنْ كَثْرَةِ الْعَمَلِ طُوَالَ النَّهَارِ

                      وَلَكِّنَهُ حَاوَلَ وَصَمَّمَ عَلَى إِزَاحَةِ الْحَجَرِ مِنَ الطَّرِيقِ .


                      وَظَلَّ الشَّابُّ عَلَى هَذِهِ الْحَالُ وَاللَّيْلُ أَرْخَى سُدُولَهُ، وَلَكِنَّهُ بَعْدَ تَعَبٍ شَدِيدٍ

                      وَمُحَاوَلاتٍ كَثِيرَةٍ دَحْرَجَ الْحَجَرَ مِنْ مَكَانِهِ، وَظَلَّ يُدَحْرِجُهُ حَتَّى أَبْعَدَهُ إِلَى جَانِبِ

                      الطَّرِيقِ .


                      وَأَثْنَاءَ دَحْرَجَتِهِ تَعَثَّرَتْ قَدَمَاهُ بِالصُّرَّةِ، فَحَمَلَهَا وَفَتَحَهَا فَوَجَدَهَا مَمْلُوءَةً بِالذَّهَبِ

                      فَأَخَذَهَا وَذَهَبَ إِلَى بَيْتِهِ، كُلُّ هَذَا وَالثَّرِيُّ مَا زَالَ يَنْظُرُ مِنَ النَّافِذَةِ يُتَابِعُ مَا

                      يَحْدُثُ، وَيَقُولُ فِي نَفْسِهِ : سَأَنْتَظِرُ لأَرَى مَا سَيَفْعَلُ هَذَا الشَّابُّ .


                      وَفِي الصَّبَاحِ ذَهَبَ لِصَلاةِ الْفَجْرِ مَعَ أَهْلِ الْقَرْيَةِ فِي الْمَسْجِدِ، وَبَعْدَ أَنْ فَرَغَ

                      الْمُصَلُّونَ مِنْ أَدَاءِ الصَّلاةِ قَامَ الْفَتَى وَقَالَ لِلْمُصَلِّينَ : عَثَرْتُ عَلَى صُرَّةٍ

                      بِالأَمْسِ، فَمَنْ يَأْتِنِي بِعَلامَةٍ لَهَا تَكُنْ لَهُ .


                      فَلَمَّا سَمِعَ الثَّرِيُّ هَذَا الْكَلامَ قَامَ وَقَالَ لأَهْلِ الْقَرْيةِ : هَذِهِ صُرَّتِي، وَعِنْدِي عَلامَةٌ

                      لَهَا، وَعِنْدَ الظُّهْرِ نَجْتَمِعُ مَعًا فِي سَاحَةِ الْقَرْيةِ وَأَذْكُرُ لَكُم الْعَلامَةَ، وَغَادَرَ الثَّرِيُّ

                      الْمَسْجِدَ .

                      أَهْلُ الْقَرْيةِ كُلُّهُمْ يَهْمِسُونَ مُتَعَجِّبِينَ : أَهَذِهِ الصُّرَّةُ لِهَذَا الثَّرِيِّ الْبَخِيلِ ؟! فَكَيْفَ

                      أُتِيَ بِهَا تَحْتَ الْحَجَرِ ؟!


                      يَقُولُ بَعْضُهُمْ : رُبَّمَا سُرِقَتْ مِنْ بَيْتِهِ وَخَبَّأَهَا السَّارِقُ تَحْتَ الْحَجَرِ . وَيَقُولُ

                      آخَرُونَ : نَنْتَظِرُ لِلظُّهْرِ فَلَيْسَ الظُّهْرُ بِبَعِيدٍ، وَكَانَ الْكُلُّ مُتَحَمِّسِينَ لِيَعْرِفُوا قِصَّةَ

                      الصُّرَّةِ وَالْحَجَرِ .


                      وَجَاءَ الظُّهْرُ وَاجْتَمَعَ أَهْلُ الْقَرْيةِ فِي السَّاحَةِ، وَقَامَ الثَّرِيُّ وَقَالَ لِلْفَتَى : يَا فَتَى،

                      هَذِهِ الصُّرَّةُ لَكَ . تَعَجَّبَ النَّاسُ مِنْ هَذَا الْكَلامِ وَقَالُوا لِلثَّرِيِّ : كَيْفَ تُهْدِي الصُّرَّةَ

                      لِلْفَتَى وَلَمْ نَتَأَكَّدْ بَعْدُ أَنَّهَا لَكَ ؟!


                      رَدَّ عَلَيْهِمْ قَائِلا : يَا أَهْلَ قَرْيَتِي، أَنَا صَاحِبُ هَذِهِ الصُّرَّةِ وَسَأَذْكُرُ لَكُمْ الْعَلامَةَ

                      لِتَطْمَئِنُّوا، الصُّرَّةُ مَمْلُوءَةٌ بِالذَّهَبِ، وَكَتَبْتُ بِوَرَقَةٍ بِدَاخِلِهَا : هَذِهِ هَدِيَّةٌ مِنِّي لِمَنْ

                      يُبْعِدُ هَذَا الْحَجَرَ عَنِ الطَّرِيقِ لأَنَّنِي رَأَيْتُكُمْ فِي الْفَتْرَةِ الأَخِيرَةِ لا تَهْتَمُّونَ

                      بِالطَّرِيقِ وَأَصْبَحْتُمْ تَرْمُونَ الْقِمَامَةَ فِيهِ وَتُلْقُونَ بِالْقَشِّ وَالْحَشَائِشِ فِيهِ، فَحَزِنْتُ

                      عَلَى سُلُوكِ أَهْلِ قَرْيَتِنَا . ثُمَّ قَالَ لِلشَّابِّ : افْتَحْ يَا فَتَى الصُّرَّةَ وَسَتَجِدُ الرِّسَالَةَ

                      وَمَا ذَكَرْتُهُ لَكُمْ صَحِيحًا .


                      فَتَحَ الشَّابُّ الصُّرَّةَ عَلَى أَعْيُنِ الْجَمِيعِ فَوَجَدَ مَا قَالَهُ الثَّرِيُّ صَحِيحًا . حَمَلَ الْفَتَى

                      الصُّرَّةَ شَاكِرًا حَامِدًا الله عَلَى صَنِيعِهِ، وَأَهْلُ الْقَرْيةِ يُبَارِكُونَ لَهُ وَيَقُولُونَ: لَقَدْ

                      فُزْتَ بِجَائِزَةِ الثَّرِيِّ لأَنَّكَ رَفَعْتَ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ .


                      انْصَرَفَ أَهْلُ الْقَرْيةِ مِنَ السَّاحَةِ وَمَا عَادُوا يَصِفُونَ الثَّرِيَّ بِالْبُخْلِ وَصَمَّمُوا عَلَى

                      أَنْ تَكُونَ كُلُّ الطُّرُقِ فِي الْقَرْيَةِ نَظِيفَةً، وَاسْتَمَرُّوا يَرْفَعُونَ أَيَّ أَذًى مِنْ

                      طُرُقَاتِهَا .


                      قراءة ممتعة ومحببة
                      مـحـبـكم
                      حســــــــــــن عبدالحميد الدراوي




                      ***************************************

                      بسـم الله الرحمن الرحيم

                      قصيدة شـــــــــــــعرية


                      بعنوان : في غــــربتي




                      مَنْ قَالَ : إِنَّ الْغُرْبَةَ



                      خَارِجَ أَسْوَارِ الْقَرْيَةِ




                      مَنْ قَالَ : إِنَّ الْغُرْبَةَ



                      يَنْأَى فِيهَا الْجِسْمُ عَنِ الْقَرْيَةِ



                      الْغُرْبَةُ بَيْنَ جدْرَانِ الْغُرْفَةِ



                      أُفْقٌ آخَرُ غَيْرُ الْقَرْيَةِ



                      بَحْرٌ مَجْهُولُ الأبْعَادِ



                      تُزْرَعُ فِيهِ بُذُورُ الْعَوْدَةِ



                      تُغْمَسُ فِيهِ أَظَافِرُ الْمِحْنَةِ



                      الْغُرْبَةُ



                      ثُقْبٌ فِي الْبَابِ الْمَفْقُود



                      ثُقْبٌ فِي جدْرَانِ الخَوْفِ مِنَ الوحْدَة



                      تَحْرِقُ فِيهِ حَنِينَكَ لِلْقَرْيَة



                      نَحْوَ الْفِرْدَوْسِ الْمَفْقُود



                      تَحْسبُ أَنَّكَ سَوْفَ تَعُود



                      حَتَّى الْيَأْسُ الْمَفْقُود



                      فِي الْبَحْرِ وَالْقَرْيَة



                      تَبْحَثُ فِيهِ عَنْ مَأْوَى



                      لَيْسَ لَهُ جدْرَانٌ كَالْغُرْفَة



                      تَرْقُبُ فِيهِ حَنِينَ الْعَوْدَة



                      لِلزَّمَنِ الْبِكْرِ الطَّاهِر




                      تَرْسُمُ فِيهِ قِصَّةَ



                      الْعَهْدِ الْغَابِر



                      مَنْ قَالَ : إِنَّ الْبَدَوِيَّ



                      يَسْتَشْعِرُ مَعْنَى الْغُرْبَة



                      الْغُرْبَةُ



                      إِحْسَاسٌ بِالْوحْدَة



                      فِي زَمَنٍ عَجِيجٍ بِالزَّحْمَة



                      زَمَنٍ عَاقِرٍ عَنِ الْعَوْدَة





                      ****************************************



                      مع خالص تحياتي



                      عاشـق الأدب العربي

                      حسـن عبدالحميد الدراوي

                      التعديل الأخير تم بواسطة حســــن عبدالحميد الدراوي; الساعة 02-11-2009, 06:22.
                      د . حســــــن الدّراوي

                      ـ عضو إتحاد كُتاب مصـــــر .
                      ـ عضو كُتاب الإتحاد الأفروأســــيوي

                      تعليق

                      • هشام مصطفى الفنان
                        عضو الملتقى
                        • 21-01-2009
                        • 115

                        #26


                        أتشرف بالتقدم بقصيدتى
                        اللوحة التى لم تكتمل



                        لرسمى القديم ِأجرُّ خيوطا ً
                        فأى النساء ِتُرى قد رسمت ُ ؟

                        وعشقي لحرفٍ يفوق انتظاري
                        وشوقي لرسمِك ِحفرٌ ونحت ُ

                        زجاجة وعدي وكوبُ ارتوائي
                        اطلا عليَّ بماذا ارتطمتُ

                        ووجهُكِ فوق المرايا حطام ٌ
                        فأي الوجوهِ تري قد كسرتُ ؟!

                        تراقب ُوجهي شظايا الحنينِ
                        ويسكبُ لوني شرودٌ وصمتُ

                        فماذا سيفعلُ لوني الوحيدُ
                        لثغركِ بعدي إذا ما انسكبتُ

                        لأنك ِلونٌ تحاشي الرتوشَ
                        فأثر هجرَكِ لحنٌ وبيت ُ

                        وحارب ظني اليكِ اشتياقٌ
                        فمرت غيومٌ وخانك وقتُ

                        وهاجر خلفكِ لوني ذ بيحا ً
                        ترانى أكون الذى قد ذبحتُ

                        فغنت على لون جرحى جروحٌ
                        بدأتكِ جرحاً فأين انتهيتُ؟!

                        التعديل الأخير تم بواسطة هشام مصطفى الفنان; الساعة 02-11-2009, 07:18.

                        تعليق

                        • محمد برجيس
                          كاتب ساخر
                          • 13-03-2009
                          • 4813

                          #27
                          الأخ الكريم / عبد الرشيد حاجب

                          شكرا لفكرتكم الجميلة و التي لا نستغربها عليكم
                          لما نراه فيكم من جدية و إهتمام و كرم بالغ في التعاون

                          و لقد تم عمل اللازم و قمنا بفتح ثلاث متصفحات جديدة
                          لكل متصفح نوع خاص من الموضوعات
                          المتصفح ( 1 )
                          الأخوة الكرام في هذا المتصفح نتلقى موضوعاتكم تحت المصنفات الأتية 1- الشعر بأنواعه الفصيح وقصيدة النثر والشعر النبطي أو الشعبي ). 2- للخواطر والرسائل الأدبية مع أطيب تمنياتنا بالتوفيق للجميع


                          المتصفح ( 2 )
                          الأخوة الكرام في هذا المتصفح نتلقى موضوعاتكم تحت المصنفات الأتية المقالات بأنواعها الساخرة ، الفكرية والثقافية والإجتماعية والسياسية و كذلك القراءات النقدية مع أطيب تمنياتنا بالتوفيق للجميع


                          المتصفح ( 3 )
                          الأخوة الكرام في هذا المتصفح نتلقى موضوعاتكم تحت المصنفات الأتية القصة القصة القصرة الروايـــــــــة المسرحية مع أطيب تمنياتنا بالتوفيق للجميع هام جدا : المتصفح خاص باستقبال النصوص ، ومن له استفسار أو تعليق فليتفضل للرابط أدناه : http://www.almolltaqa.com/vb/showthr...t=41796&page=2 (http://www.almolltaqa
                          القربُ من ذاتِ الجمالِ حياتي
                          بالعقل لا بالعين ذًقْ كلماتـي

                          تعليق

                          • محمد برجيس
                            كاتب ساخر
                            • 13-03-2009
                            • 4813

                            #28
                            الأخوة الكرام
                            شكرا لكم بتشريفكم لنا
                            و بترشيح إبداعاتكم للمسابقة
                            نأمل منكم إختيار المكان المناسب
                            لموضوعاتكم من المتصفحات الثلاث
                            الخاصة بالمسابقة و الموضحة بصدر الموضوع هنا
                            أو بالمشاركة رقم ( 27 )
                            القربُ من ذاتِ الجمالِ حياتي
                            بالعقل لا بالعين ذًقْ كلماتـي

                            تعليق

                            • نعيمة القضيوي الإدريسي
                              أديب وكاتب
                              • 04-02-2009
                              • 1596

                              #29
                              تنبيه: على المشارك الا يتعدى مشاركة واحدة

                              تحياتي





                              تعليق

                              • محمد سلطان
                                أديب وكاتب
                                • 18-01-2009
                                • 4442

                                #30
                                وفقكم الله و سدد خطاكم يا أهل الإنجاز

                                بالفعل تستحقون وساماً خاصاً ..

                                و أقترح إغلاق هذا الموضوع كي لا يتم إدراج أعمال فيه و يتم فتحه للمشرفين و من بيدهم الصلاحيات فقط لتنشيطه كل فترة ..

                                محبتي لكما أيها الجميلان // محمد و نعيمة

                                الهدف المنشود سيتأتي منكما ..

                                تقديري
                                صفحتي على فيس بوك
                                https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

                                تعليق

                                يعمل...
                                X