نرجسية المقام...بقلم رنا خطيب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • رنا خطيب
    أديب وكاتب
    • 03-11-2008
    • 4025

    نرجسية المقام...بقلم رنا خطيب

    نرجســــية الـمقام


    تسافر بنا الألقاب إلى حيث نحلم، و عندما يصبح حلمنا واقعا ، نطير معها إلى حيث لا ندري.. فتصبح نفوسنا رهينة لذلك الإطار الذهبي الخارجي . يأسرنا بريقه ، فيحولنا إلى أصنام تتحرك وفق معاييره الخاصة. و يبدأ الجوهر الداخلي يفقد لمعانه، فيخبو بريقه و قد يذهب.

    ماذا يحدث للنفوس عندما تسافر مع رحلة الألقاب و تعتلي صهوة المقام ؟؟!!

    أحيانا تلك النفوس ، ذاتها، لا تعرف الإجابة عن ذلك السؤال ، فهي إما مفتونة بسحر الألقاب في حضرة المقام، و إما غارقة في بحور الغرور و الزهو بذلك اللقب، و إما صامتة حفاظا على مقام الألقاب.

    الإنسان الساعي لبناء قلعة صامدة ذات بنيان منيع ، تبقى قلعته يذكرها التاريخ مع مرور الأيام و يشدو بها ، و تتحول إلى مزار يقصده الناس من كل مكان للاستمتاع بهذا المزار و التمعن بآثاره و نقوشه الأثرية ..

    الإنسان الذي يحمل رسالة في سعيه ، يتعرض للكثير من العوائق و العثرات، يسقط تارة و يتماسك تارة ، لكنه لا يتوقف عن أداء تلك الرسالة.. و كلما كانت هذه الرسالة واضحة الملامح و الأهداف ، و زاخمة المعاني، و وافرة العطاء ، كلما تلقتها النفوس و استوعبتها و شربت رحيقها كما تشرب الأرض العطشى ماء الغمام الماطر بغزارة.

    الإنسان العاقل يدرك أهدافه في هذه الحياة و يدرك الحكمة من خلقه و ما عليه من بناء لعمارة الحياة.. و يعلم أن كلما كان بناؤه قويا في هذه الحياة ، كلما جعل لبصمته آثر يبقى بعد الرحيل الأخير.

    التواضع في المقام لمن ينظرون ألينا بعين الحاجة، و يتطلعون إلى خير ذاك المقام و ما ينسجونه من أحلام ، وما يبنون على ذلك المقام قلاعا من الأمل و النجاح و التجاوز لحالات الجهل التي تسكن عقولهم، هو أساس نجاح صاحب المقام، فهم يتطلعون بعيون حارقة إلى منارتهم لكي تضيء طريقهم المتعثر و الغارق في ظلمة الجهل.

    ماذا نفعل بضعفائنا عندما نمارس طغيان المقام و سلطته فنقوم بقمع أصواتهم الاستفهامية ، أو إغلاق قنوات العبور إلى ضفاف المقام، أو ممارسة طقوس الصمت الفاجع و قتل رغبة التواصل؟!


    إننا نقتل وجودهم و نفوسهم... و ما أصعب أن يموت شيئا في نفس الإنسان و هو مازال على قيد الحياة.

    أهي نرجسية تصيب المقام؟!!!
    أم هو مرض يصيب نفوس أصحاب المقام فيجعلها تحلق في عالم تصبو به لذاتها و تتألق في عالم ينطق بالأنا التي لا يسمع صداها إلا النفس ذاتها ؟؟!!!

    أي عيون تعمي أصحاب المقام عن رؤية الحق في تلك النعم التي أغدقها الرب عليهم.. و اختصهم بنعم لم يختص بها الكثير من البشر!!

    ألا يتدبرون الحكمة من اصطفاء الله لهم و تخصيصهم بشرف تلك النعمة .

    آلا يدركون أن الحساب على قدر العطاء و النعم؟ ؟!!

    ألا يدركون أن كلما ازدادت نقاط القوة عند الإنسان ، ازدادت مسؤوليته في توظيف هذه القوة لخدمة البشر و بناء الأرض ؟!!

    يا أصحاب المقامات ..

    رفقا بضعفائنا ..
    علو المقام يكون بعلو الهمة و العزم على أداء رسالة المقام التي منّكم الله بها ، و ليس بزهو النفس و تعجرفها و تكتمها عن أداء رسالة المقام.

    فسلطة المقام فتنة سارحة بالإنسان إن حكّّّّم الهوى في النفس و اتبع ضلالها. و هي نعمة لمن حكّم العقل و أتبعه هداه.

    فهل نكون من أصحاب النعم أم نرضى بأن نكون من أصحاب النقم؟

    مع التحيات
    رنا خطيب

    [align=left]
    رسالة أدبية
    24/4/2009
    [/align]
يعمل...
X