شياطين من نوع آخر
ربت الرجل الكبير علي كتفه : ما بك يا رجل ..؟
ـ إنه اضطراب المعدة والمغص المتكرر يا عم الحاج ..
_ آه الفراخ المستوردة والكبدة من جديد فين البلدي
_ قل الزمان ارجع من تاني ..
وكأنما سرت رائحة الشواء لتدغدغ رعشته وهو يضيف :
إن لبدنك عليك حقا وبنعمة ربك فحدث يا سيدي
وبلع الرجل ريقه قائلا : ولكن لم كل هذا القلق .؟.
تلفت حوله وهو يهمس : لا استطيع المداومة علي الصلاة يا شيخ ..
اكفهر وجه الشيخ وساده الاستغراب والرجل يتشاغل بالنظر إلي الأرض..
مرت لحظات وقال الشيخ : من التخمة وعواقبها هكذا الإنسان لا يحسب لها حساب .. آه لو تعرف فضل صلاة الليل
مطأطأ الرأس : ليس النوم احدها يا حاج
قطب الشيخ جبينه وهز الرأس .. هل تقصد .. ولحق بضحكة تحاول الخروج
سارع بالإجابة همسا : نعم نعم إنها الريح اللعينة ..
رفع الشيخ يده عاليا وتراجع للخلف قائلا :
أعوذ باللـه من الشيطان الرجيم .. ولكن ..
قاطعه .. تعبت من الشك يا مولانا ..
صمت الشيخ برهة ثم قال : الأدلة الشرعية واجبة الوضوح هنا يا ولدي ..
عاد الصمت بينهما من جديد قبل أن يتساءل الشيخ ..
وهل تسمع لها صوتا ..
انتفض قائلا ويداه ترتجفان : إنها كالطبل البلدي في افراحنا الشعبية والتي توقظ النائم وتجبر الطالب علي البكاء . وتحرك الشيخ للأمام قليلا وبدرت منه نفخة صغيرة ثم استدار قائلا : وسط الزيطة تصبح الأمور غير واضحة وتتوه القرائن ولكن هل تشم لها رائحة ..؟
.. معذرة يا مولانا وأسرع بسد فتحتي أنفه وجاء صوته متحشرجا من وراء كفه الساترة لحركة الشفاه .. كرائحة القبور التي يحفرها زوار الفجر كل يوم يا حاج
ارتعشت ملامح الشيخ ودار نصف دورة حول مكانه مستعيذا باللـه من شياطين الأنس والجن ثم تنحنح وهو يقول :
منذ فترة من الزمان لم أزر منزلكم العامر فهيا بنا ولنصلي جماعة وبلاش الوسوسة
الشربيني المهندس
تعليق