أنا غلبان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فوزي سليم بيترو
    مستشار أدبي
    • 03-06-2009
    • 10949

    أنا غلبان

    أنا غلبان .....
    خرج يبحث عن ابنه . طرق أبواب الأهل والمعارف والأصدقاء . حرث الحي والأحياء المجاورة
    والأحياء البعيدة . ولم ينل سوى الإجهاد والتعب . قام بالسؤال عنه في مقاهي البلد المكتظة
    والملبدة بدخان السجائر والمعسل ، وخرج منها يسعل كشيخ في الثمانينات . دخل الغرز والبارات
    وناله ما ناله من الغمز واللمز وقبيح النكات . سأل عنه المنجمين ، وفتاحين البخت ، خرج من
    خلواتهم خالي الوفاض ، من العقل ومن المال .
    لم يتبقى أمامه سوى أقسام البوليس والشرطة .
    دخل ، وسأل الضابط المناوب عن أبنه ، الذي غاب ولم يعد منذ ثلاثة أيام .
    حدجه الضابط بنظرة نارية ، وتفحصه من فوقه لتحته . ثم سأله متبرماً :
    ــ وما هو اسم ابنك ؟
    ــ أسامة ، اسمه أسامه . ربنا يعلّي مراتبك .
    ابتسم الضابط ساخرا ، ثم ضحك ونهض ممسكاً بتلابيب الرجل قائلا له :
    ــ مَن ؟ أسامة !!! ذاك الذي والده سكير وبلطجي وزنديق ؟
    ــ يا حضرة الضابط هناك سوء فهم . أنا رجل صالح ، وحاج .
    بعد أخذ ورد . طلب صاحبنا مقابلة مدير القسم كي يقدم شكوته له .
    دخل غرفة المدير . وحين اقترب من حافة مكتبه . جاش بالبكاء وقال :
    ــ يا بيك ابني ضايع منذ ثلاثة أيام وأنا طنيب عليك تساعدوني .
    ــ وما هو اسم ابنك ؟
    ــ أسمه أسامة يا بيك .
    نهض عن كرسيه وتحفّز للطم الرجل ثم قال له مهدّدا ومتوعّدا :
    ــ أسامة !!! ذاك الذي والده حرامي ولص ونصاب ؟
    ــ عيب عليك يا حضرة المدير . أنا راجل كبير ، وقد أبوك .
    وبعد أخذ ورد خرج من مكتب المدير وقفاه يقمر عيش .
    قال في سره ليس لي سوى وزير الداخلية أشكوه أمري .
    دخل جناحه الفخم . فسأله الوزير :
    ــ ما هو اسم ابنك
    ــ أسامة يا باشا معاليك
    نفث الوزير دخان السيجار من أنفه وهو يقول ساخطا ومحذرا :
    ــ أسامة !!! ذاك الذي والده لا يكف عن انتقادنا نحن الوزراء . الذي يكتب عنّا
    ويفضحنا بصحف المعارضة وفي القنوات الفضائية المعادية ؟
    ــ يا معالي الوزير ، أنت غلطان . أنا أمِّي لا أقرأ ولا أكتب .
    وبعد أخذ ورد خرج من مكتب الوزير بخُفّي حنين .
    أروح فين يا جماعة الخير ليس لي سوى رئيس البلاد . أشكوه همي ، فينصفني .
    رحب الرئيس بصاحبنا وسأله :
    ــ خير يا حاج ؟
    أخبره عن ضياع ابنه .
    فسأله الرئيس مستفسراً عن اسم ابنه . وحين قال له أن اسم ابنه أسامة . أنتفض
    غاضبا وقال له :
    ــ أسامة !!! ذاك الذي والده يهاجمني ويهاجم أسرتي وأبنائي ويتهمهم بالغِنى الفاحش
    لا بل ويتهمني أيضا بتعديل الدستور كي أنّصِب ابني رئيسا من بعدي ؟
    ــ يا سيادة الريّس أنا راجل غلبان ، وليس لي مرام في السياسة .
    وبعد أخْذٍ ورد يخرج صاحبنا من قصر الرئاسة كالذي رُشِقَ بجردل من الماء البارد .

    هو رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الذي يمون على كل العالم ، يأمرهم فيأتمرون
    بلا نقاش . سوف أذهب إليه .
    دخلَ صاحبنا البيت الأبيض مُحاطاً بثلة من الحرس الخاص ، مفتولي العضلات وبأيديهم هراوات .
    كان الرئيس يدلل كلبته السمراء ويلقمها بفمها قطعا من السكر . استدار نحو الرجل
    ورَحّبَ به قائلا :
    ــ أخلا أهلا ، أدخل مَتْخافش . إيش مشكلتك ؟
    ــ ألَم تلتقطوا بأقماركم الصناعية المكان الذي سقطت فيه طائرة ياسر عرفات في صحارى
    أفريقيا ؟ ألم تحددوا موقع الجورة التي كان مختبئا فيها صدام ؟ ألم تقبضوا على غيفارا
    في غابات بوليفيا ؟ ألم ترصدوا ثغرة الدفرسوار التي منها عبر شارون بجيشه وحاصر
    وحدات الجيش المصري الثالث ؟ ألم ترصدوا موقعي المفاعلين النوويين العراقي والسوري
    وتقدموهما هدية لإسرائيل كي تدمرهما ؟
    ابني ضايع يا فخامة الرئيس ، وأنتم الوحيدون الذين تستطيعون العثور عليه . أبوس راسك
    وإيديك تلاقولي ابني .
    ــ اهدأ اهدأ . ما راح تِطلع من عندي خايب الرجاء . وايش اسم المحروس ابنك ؟
    ــ أسامة يا فخامة الرئيس .
    انتفض كمن لُسع بعقرب . توقف عن ملاعبة الكلب . وأشار للحرس أن يطوقوه . ثم سأله غاضبا :
    ــ أسامة ابن لادن ؟
    ــ لا لا لا فخامتك . اسمه أسامة ابن الكلب ابن ألحرامي ابن السكير ابن النصاب ابن المُتَحَرِّش بالنسوان ..
    أنا غلبان .............
  • الدكتور محسن الصفار
    عضو أساسي
    • 06-07-2009
    • 1985

    #2
    حلوة ياصديقي حلوة
    والله اضحكتني
    تحياتي
    [B][SIZE="5"]لست هنا كي استعرض مهاراتي اللغوية او الادبية بل كي اجعل ما في قلبي من الم وغصة ريشة ترسم على شفاهكم ابتسامة [/SIZE][/B]
    مدوناتي
    [url]www.msaffar.jeeran.com[/url]
    [url]www.msaffar.maktoobblog.com[/url]

    تعليق

    • فوزي سليم بيترو
      مستشار أدبي
      • 03-06-2009
      • 10949

      #3
      [align=center]
      والله اضحكتني
      وهذا ما نطمح أنا وأنت إليه في هذا الزمن الأغبر
      أن نضحك قليلاً ونبتسم . انشالّه على خيبتنا .

      وودي الدائم لك دكتور محسن
      فوزي بيترو
      [/align]

      تعليق

      • رشا عبادة
        عضـو الملتقى
        • 08-03-2009
        • 3346

        #4
        [align=center] يقولونها هكذا يا دوك
        " قضا أخف من قضا"!!
        فكسر الرقبة أرحم كثيرا من الموت مقتولاً
        والموت مقتولاً أرحم من الموت البطيء

        و على قولة اللي ماشيين "جوه الحيط" "خامورجي وعايش فى حاله سكران من همه، ولا شيخ بدقن بيحارب ومهدور دمه"!
        غبى هذا الزمان هو :_
        " من يبحث عن حقيقة ينكرها الجميع!"
        تذكرت حكمة جميلة قرأتها لاأذكر لمن صراحة" تقول"
        إذا تحقق شيئًا أردته، تأكد أنك لم تكن وحدك تريده"!
        أخشى يا استاذنا الطيب ان تصبح كثرة الضحك على همومنا كمشاهدة الشهداء والجرحى المتكررة على شاشات التلفاز والتي باتت مملة بلا دموع ولا تعاطف ولا فرق فقط مصحوبة "بمصمصة شفاة حسرة" تتبعها ظغطة ريموت لتغيير المحطة!
        لو منحنا الله عمراً يا سيدي تأكد اننا سنشهد أولى مراحل عصر التماثيل البشرية
        وسنكف عن البكاء وعن الضحك وربما عن التنفس والكلام!! ولم لا"كل شيء محتمل"
        [/align]
        " أعترف بأني لا أمتلك كل الجمال، ولكني أكره كل القبح"
        كلــنــا مــيـــدان التــحــريـــر

        تعليق

        • فوزي سليم بيترو
          مستشار أدبي
          • 03-06-2009
          • 10949

          #5
          [align=center]
          أخشى يا استاذنا الطيب ان تصبح كثرة الضحك على همومنا
          كمشاهدة الشهداء والجرحى المتكررة على شاشات التلفاز
          والتي باتت مملة بلا دموع ولا تعاطف ولا فرق
          فقط مصحوبة "بمصمصة شفاة حسرة" تتبعها
          ظغطة ريموت لتغيير المحطة!

          وخِشْيَتِك يا رشا في محلِّها .
          أذكر وتتذكرين معي أحداث الإنتفاضة الفلسطينة الأولى
          وهي " إنتفاضة جنرالات الحجارة " . كيف كُنّا " نتمسمر "
          أمام شاشة التلفاز ونحن نشاهد بفخر ما يفعله الحجر بالتكنولوجيا
          العسكرية المتقدمة . ونذكر أيضا إجتياح الضفة الغربية بمدنها
          رام الله ونابلس وجنين وبيت لحم .
          كنا نشاهد الأحداث وأمامنا الأكل ، ولا نستطيع بلعه من شدة التأثر
          إلى أن جاء الهجوم على غزة " كنا تعودنا " فبلعنا الأكل ولو بصعوبة .
          أما الآن ، فإننا لم نزل نشاهد . وبتنا نفرد السفرة بما لذّ وطاب
          ونشاهد ، وكأننا نشاهد ماتش كورة أو مسرحية هزلية .
          أخشى من يوم يا عزيزتي رشا ، نغدو فيه عبيداً لهذه المشاهد
          فنطلبها بإلحاح أو بإصرار على رأي عادل إمام ، حتى نستطيع
          تبليع اللقمة .
          نحن غلابة ، وليس لنا سوى أن نسخر ، أو نموت كمداً .
          ولك محبتي وودي واحترامي
          فوزي بيترو

          [/align]

          تعليق

          يعمل...
          X