قراءة في : ـ ما زلت أذكر لوعتي و عذابي ـ للشاعرة صباح الحكيم بقلم د. عبد الله كراز

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د. جمال مرسي
    شاعر و مؤسس قناديل الفكر و الأدب
    • 16-05-2007
    • 4938

    قراءة في : ـ ما زلت أذكر لوعتي و عذابي ـ للشاعرة صباح الحكيم بقلم د. عبد الله كراز

    قراءة في قصيدة

    مازلت أذكر لوعتي و عذابي

    للأخت الشاعرة صباح الحكيم

    بقلم الناقد المبدع د. عبد الله كراز



    ما زلت أذكر لوعتي و عذابـي
    لمـا أتونـي فجـأةً فـي بابـي
    ...
    قد دمروا الأحلام حتـى بسمتـي
    صارت دموعا في سطور كتابي
    ...
    فلبثت كالطير الكسيـر جناحـه
    أبكي فراق الأهـل و الأحبـابِ
    ...
    و مشيتُ اجتاز الطريق حزينـة
    الحزن قوتي و الأسى أزرى بي
    .
    لونـت أدراج المآقـي عنـدمـا
    هاج الحنين الصعب في أعصابي
    .
    ما زلت أغتبق الفـراق فكأسـه
    مملوءة باليـأس سـاغ شرابـي
    ....
    روحي تذوب على جمار لواعجي
    والليل يسقينـي جليـل مصابـي
    ...
    بدمي بقايا لوعـة قـد عشتهـا
    والباقيـات تعـن حيـن إيابـي
    ....
    طال انتظاري و الدروب تعسرتْ
    تبا لهذا الـدرب قـد أودى بـي
    .
    بيـن الحنايـا مرجـل لأحبتـي
    أشتاقكـم و الله يــا أتـرابـي
    ...
    ماذا سأرجو مـن زمـان فاسـدٍ
    لم يبق لا أهلـي ولا أصحابـي
    .
    إني سأعصر خمرة من أحرفـي
    تنساب شعـرا بـارد الاكـواب


    القراءة :


    قراءة استيعابية لقصيدة "ما زلت أذكر لوعتي" للشاعرة صباح الحكيم


    يأخذنا النص في متاهات التشظي والاغتراب في لوحة شاعرية سطرتها ريشة شاعرة تمكنت من أسرار البوح وجمالياته من لغة تداعت حروفها الدالة على تجربة الشاعرة وصورها المجترة من واقع خبرته بكل تفاصيله. مجاز شاعري مبني على رؤية رمزية تتدفق من فروعها دلالات أكثر حيوية وتألقاً وغزير المغزى والمعنى، وكأننا نقرأ كف القدر الذي رسم معالم درب الشاعرة حين تركها الأهل والأحباب تتجرع كأس الحياة مرارةً ووجعاً وألماً يخرج من نهر التجربة الإنسانية.
    والمفتتح يبدأ بما يدل على مأساة حقيقية في استدعاء الذاكرة لماضٍ لا ينسى شيئاً من لوعة وعذابات ترتسم على رمش الزمان وطقوس ممارسته:
    ما زلت أذكر لوعتي و عذابـي لمـا أتونـي فجـأةً فـي بابـي
    ثم تجسيد للمعاني المكثفة في دلالاتها مثل الأحلام التي تحولت إلى رماد في الذاكرة وأطياف النسيان والبسمة التي أصبحت بفعل التجربة المريرة بحراً من الدمع الحميمي والغزير وأصبح لوناً متميزاً في لوحة الشاعرة وكتابها حياتها الشاعري،
    قد دمروا الأحلام حتـى بسمتـي صارت دموعا في سطور كتابي
    وهذا يدل على وعي مطلق للبحث عن الذات وسط الحطام ويرمز لحالة رغم هول عذاباتها إلا أنها تصمد في وجه الزمن وتنطلق منها نبرة تحدٍ وتصميم على الانتصار وهو ما لم يصرح به النص بل نستقرئ دلالاته من بنية لغوية ووجدانية خبأها النص بين سطور المصرح به:
    والتشبيه الرائع والدال في تحول صورة الشاعرة لطير كسير الجناحين لا يقوى على التحليق أو الطيران بحكم فاجعة المأساة وقهر التجربة وعمق القلق وتكاثف الحزن نتيجة الفراق والإحساس بالغربة والاغتراب مع امتزاج للمباشر الإنساني في ذرف الدموع للتطهير ما يدل على ميكانيزم يحمل دلالة كونية للدفاع عن شعور الحزن والتأسي، خاصةً وأن الشاعرة تسلتهم من الحزن قوتها وخط دفاعها:
    فلبثت كالطير الكسيـر جناحـه أبكي فراق الأهـل و الأحبـابِ
    و مشيتُ اجتاز الطريق حزينـة الحزن قوتي و الأسى أزرى بي
    وما بين هذا وذاك يتراسل النص بصوره وتتداعى جماليات التعبير المناسبة لفضاء النص وطقوس كتابته والمكتظ بنبرة التأسي واليأس والمرارة:
    ما زلت أغتبق الفـراق فكأسـه مملوءة باليـأس سـاغ شرابـي
    ويواصل النص اشتغاله على التجسيد كتقنية مهمة للتعبير عن عمق المأساة واللوعة والتأزم النفسي والوجداني لدي شاعرة النص:
    روحي تذوب على جمار لواعجي والليل يسقينـي جليـل مصابـي

    وهنا تتجاور الروح الذائبة في جمار اللوعة والحزن مع الليل الذي تحول اكأس عميقة لتسقي الشاعرة من "جليل مصابها"، وكأننا نحس أن كل شئ أصبح يعمل ضد الشاعرة ويتركها كسيرة الخاطر والوجدان.
    ورغم كل هذا وذاك إلا أننا نلمس نبرة من الأمل المرجو تحقيقه في لقاء قريب مع الأحبة والأهل والخلان:
    بيـن الحنايـا مرجـل لأحبتـي أشتاقكـم و الله يــا أتـرابـي
    وهو أسلوب قسم يدل على نية الشاعرة في التواصل مع ذاكرة ما قبل العذابات ودلالة قوية على نبض التحدي الذي يسير في دمائها.

    وحيث أن النص تتسيده نبرة الحزن واللوعة تأتي نبرة متسيدة أخرى تتمثل في الإحساس بالاغتراب والعزلة والانكشاف على مزيد من القلق والمخاطر المحيطة بكينونة الشاعرة وذاتها الإنسانية:

    ماذا سأرجو مـن زمـان فاسـدٍ لم يبق لا أهلـي ولا أصحابـي

    ثم سرعان ما تتجدد نبرة التحدي بأعلى صوت في النص وهذه المرة بتجسيد الشعر والشعور وتصوير الحرف فاكهة تخرج طيب "الخمرة" والتي بدورها تنساب براداً طيباً يشفي جزءاً من غليل الزمن وأتراحه:

    إني سأعصر خمرة من أحرفـي تنساب شعـرا بـارد الاكـواب

    وبالتالي يجيء النص بلغة شكلية سامقة في جمالياتها ونبرة التأثير فيها ورمزيتها المتألقة والمواكبة لكل الأحاسيس التي تعتمل في الذات الشاعرة مع تكثيف اللحظات الشاعرية التي تصور الأحزان مخالب وحش تنهش عظم الذاكرة ومن يحتفظ بها. وتأتي القصيدة في لوحة تجتر معاني قسوة الحياة وهو ما يؤكد وقوع الشاعرة ضحية لفاشية الزمن والمتسببين في تعكير صفو تلك الحياة على كل ما فيها من جمال وتاريخ وصحبة، أي أن الطبيعة تلعب أيضاً دوراً قاسياً ضد الشاعرة التي تصرح بإنسانيتها وتماهيها مع كل أترابها وأقرانها وأهلها.

    دمت أختنا الشاعرة صباح بكل ألق وخير وبدل الله حزنكم وأتراحكم أفراحاً وهناءة.

    تحياتي

    د. عبدالله حسين كراز
    sigpic
  • صباح الحكيم
    عضو الملتقى
    • 16-05-2007
    • 191

    #2
    [align=right]استاذي العزيز و شاعرنا الكبير د. جمال مرسي دام ظله

    استاذنا الناقد الكبير د. عبد الله كراز دام بقاه

    أحني لكم استاذتي الكرام شاكرة لكم اهتمامكم الكبير لحرفي الصغير
    و ارجو من الله ان يوفقني لاكون عند حسن ظنكم بي

    مروركم المبارك على متصفحي الصغيرة له اثر كبير و عميق لن انسى مواقفكم الكريمة

    دمتم لي احبتي و ما حرمت نفحاتكم الطيبة على ضفاف حرفي

    لكم عميق مودتي و عاطر عاطر امتناني

    محبتي التي لا تنضب

    تقديري و جل احترامي

    تلميذتكم

    صباح الحكيم [/align]

    تعليق

    • د. جمال مرسي
      شاعر و مؤسس قناديل الفكر و الأدب
      • 16-05-2007
      • 4938

      #3
      أختي الغالية صباح
      أنت تستحقين كل الخير
      و لولا أن قصيدتك فعلا تستحق الثناء و التقدير و القراءة و النقد لما وجدتها هنا
      و لكنها تستحق فعلا
      وفقك الله
      و أتمنى لك دوام الازدهار في عالم الشعر الجميل
      و الشكر موصول للدكتور عبد الله كراز

      محبتي و تقديري
      sigpic

      تعليق

      يعمل...
      X