بنية المنهج النقدي عند طه حسين بين الاتساق الداخلي و العبثية البنائية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د. سعد العتابي
    عضو أساسي
    • 24-04-2009
    • 665

    بنية المنهج النقدي عند طه حسين بين الاتساق الداخلي و العبثية البنائية



    بنية المنهج النقدي عند طه حسين بين الاتساق الداخلي و العبثية البنائية
    -1-

    ليس عيباً، أن تتعدد منا هج البحث النقدي عند نقاد الأدب ، إذن أن لكل نص أبداعي حالته وطبيعته ، ومن حق الناقد أن يتعامل معه على وفق أي منهج يختاره، ولكن العيب ، أن تتعدد المناهج وتتداخل في متن أو خطاب نقدي بعينه (1)
    وهناك من دافع عن هذا التعدد والتداخل في المناهج ، ولم ير في ذلك عيباً وعدٌ (( معظم الكتابات النقدية مزيجاً من واحد أو أكثر من الأنواع النقدية)) (2)
    ويرى النقاد (( من أي تناقض منطقي إن هم جمعوا في البحث النقدي الواحد بين أنواع النقد جميعاً))(3)

    غير اننا نرى أن مثل هذا الخليط المنهجي ، سيبدو على الأرجح شاذاً غير مترابط وأن معظم النقاد على الرغم من أنهم يستخدمون عدداً من المناهج ، فأنهم يفضلون عادة نوعاً بعينه منها.
    ومع ذلك فان الناقد الجيدٌ ، يكيٌف أساليبه ومعايير القيمة لديه تبعاً للعمل الأدبي الذي يدرسه ، ومن تم فانه يستخدم في الحالات المختلفة أنواعاً مختلفة من النقد ، كما انه يضع في اعتباره الجمهور الذي يكتب له، ومستوى ذوقه، ومدى تعوده على عمل له هذا الأسلوب أو النمط.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    1-ينظر جيروم ستولينتز، النقد الفني ( دراسة جمالية وفلسفية ) ترجمة د. فؤاد زكريا ، منشورات الهيئة المصرية للكتاب، الطبعة الثانية ، القاهرة 1981 ، صـ742ــ
    2-جيروم ستولنيتز ، نفسه ، صــ742ــ
    3-جيروم ستولنيتز ، نفسه



    ولو تأملنا البنى المكونه لمنهج طه حسين النقدي، وما تتصف به من انتقاء وتوفيق بين مناهج متعددة ، لتبادر إلى ذهننا سؤال جوهري هو: ما مدى تجانس هذه البنية واتساقها الداخلي؟ وهل ينطوي هذا المنهج على بنية واحدة ، أم ينطوي على أبنية متعددة أم ينطوي على فوضي بنائية ؟
    يجيب الدكتور/ جابر عصفور (( أن طه حسين ، ينطوي على نوع من البناء ،له وحدته المتميزة وصيغته الكونية الخاصة)) (4)

    ويعلل هذه الإجابة تعليلاً لا يخلو من صواب فيقول (( إن هذا التناقض وهذه الفوضى البنائية لا تطفو على السطح ، إلا إذا نظرنا إلى نقد طه حسين من منظور التعاقب فحسب ، وإلا إذا ركزنا على ما نسميه بالتباين الكيفي من خلال تتابع كتاباته النقدية ، ولكن لو ضممنا إلى منظور التعاقب الأفقي ، منظور التزامن الرأسي ( العمودي ) وركزنا على عناصر الثبات التي تكمن وراء التغير وعوامل الاتفاق النوعي التي تقابل التباين الكيفي ، أدركنا أن نقد طه حسين ينطوي على نوع من البناء )) (5)

    ولما كان منهج طه حسين النقدي قائم على صيغ توفيقية باعتراف الدكتور / عصفور نفسه ، فلابد أن تتحاوره عناصر متباينة أو متنافرة أو متعارضة مهما حاول صاحبه أن يحسن عملية الانتقاء ويحث نوعاً من التجاوب بين هذه العناصر 00 ولكن الدكتور/ عصفور يرد على من يتبنى مأخذا كهذا (( بأن الانتقاء عملية اختيار لا تتم بالمصادفة ، بل تخضع - مهما استرسلت أو أُرسلت – إلى أسس تحتية قارة ، توجه حركة الاختيار ، وتحدد مجاله ومعطياته مثلما تحدد المقبول أو المرفوض ، والتوفيق عملية تصالح بين العناصر المنتقاة لتجاور بينها، على نحو ينفي التناقض الظاهري على الأقل ، وبقدر ما يدخل التوفيق عناصر متباينة – أو متنافرة أو متعارضة - إلى الفكر النقدي، يعمل التوفيق على إحداث لون من التجاوب بين هذه العناصر ، فتتحول عملية التوفيق إلى عملية صياغة للانتقاء ، بنفس القدر الذي ينطوي فيه الانتقاء على عملية توفيق ) (6)

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    4-د. جابر عصفور ، المرايا المتجاورة ، صــ13ــ
    5-د. جابر عصفور ، نفسه ، صــ13ــ
    6-د. جابر عصفور ، المرايا المتجاورة ، صـــ13


    إن هذه المواءمة وهذا التوفيق بين المناهج ، يضعنا وجهاً لوجه أمام إحساس طه حسين بضيق هذه المناهج فيما إذا اقتصر الناقد على منهج بعينه دون سائر هذه المناهج ، لذا جرٌب طه حسين الناقد كل منهج ممكن في التعامل مع الأدب العربي القديم أو الحديث ، وحاول الإفادة من كل تصور نظري أو إجراء تطبيقي ، يعينه على تأصيل الدراسة الأدبية ، لذا فليس مصادفة إذا رأينا ينتقل بين المناهج والنظريات وبين التصورات والإجراءات مثلما يتنقل المسافر بين العربات والمحطات في رحلة طويلة شاقة، لا يعنيه من الانتقال والتغيير سوى بلوغ محطة الوصول وهي تحقيق التنوير وتأسيس النهضة الأدبية والنقدية )) (7) غير أن هذا المنهج في تقديري يمكن الثناء عليه ، رغم تعدد أبنيته في الظاهر – لأنه يهدى من سورة الخلاف بين المناهج المنحازة إلى جانب واحد والتي يتمسك كل منها بموافقة دون أن يتزحزح عنه .

    وطه حسين يعترف بالحقيقة الكافية في كل من هذه المناهج والنظريات ولكنه يكشف لنا عن حقيقة أوسع مما يكشف عنه أي منهج في هذه المناهج بمفردة وهي إيضاحه أن العمل الأدبي يمكن أن يشتمل على الموضوع والشكل والتعبير وان لكل من هذه أهميته.
    ولو تساءلنا – كما تساءل طه حسين – ما الذي ينبغي أن نبحث عنه في العمل الإبداعي ، لأجاب منهج طه حسين النقدي : ينبغي أن نبحث عن كل ما فيه .
    وهذه ليست بالإجابة الهينة ، فهي تعبر عن الشمول الكامن في عدم الاقتناع بمنج بعينه مهما كان هذا المنهج مرناً، وتحذرنا من التضحية بأية قيمة تنطوي عليها التجربة النقدية .

    ولما كان هذا المنهج شاملاً على هذا النحو ، ومحققاً لاتساقه الداخلي الذي تم إيضاحه ، فإنه يصلح أساساً سليماً للنقد الأدبي ، إذ انه يعطينا أدوات عديدة ومتنوعة لتحليل العمل الأدبي ويتيح لمن يطبقه تطبيقاً نافذاً .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    7-طه حسين ، حديث الأربعاء ، ج 2 ، صــ53ــ



    أن يستوعب كل ما يجده بالفعل في العمل الإبداعي المحدد ، ذلك أن كل منهج على انفراد ، يذهب به أصحابه لان يجعلوا منه علماً ذا قواعد وأصول ، وهذا التقنيين - وفق النظرة المعاصرة وليس وفق نظرة طه حسين وحده فحسب – يحرم الناقد الكثير من المعارف والخبرة ، لذلك قال طه حسين (( فأنت تنقد الشاعر لتفهم شخصيته أولاً ، ثم جماعته أو عصره أو بيئته أو هذا كله ثانياً ، وهناك شيْ ثالث تقصد إليه حين تقرأ الشعر وتحاول نقده ، وهو اللذة ، اللذة الفنية التي تجدها إذا نظرت إلى شكل جميل أو استحقت إلى قطعة موسيقى ، أو خضعت لمظهر من مظاهر الطبيعة الساحرة ، عقلك وشعورك يعملان إذن حين تقرأ الشعر وحين تنقذه ، لأنك تريد أن تفهم وتريد أن تلتذ )) (8)
    وعلى هذا النحو كانت تطبيقات طه حسين النقدية ، ولكن هل نجح طه حسين في تطبيق منهجه هذا وصولاً إلى تحقيق المهمة التي ندب نفسه لها وهي تحقيق شخصية الأديب والعصر والوصول إلى اللذة الفنية التي يعطيها هذا الأثر الفني ؟
    والإجابة عن سؤال كهذا سأتوفر عليها في الفصل الرابع من هذا البحث .
    وهنا ينبجس سؤالاً لا يقل أهمية عن السؤال السابق ، وهو هل أخلص طه حسين للمنهج الذي اصطفاء واختاره لنفسه بعد تمحيص وتدقيق و تمثل وهضم ؟
    وإجابة عن سؤال كهذا على قدر من الحرج ، بقدر ما فيها من الصعوبة.

    فالمنهج الذي لا تتوفر إمكانية صياغته على نحو دقيق 00 أو ذاك الذي لا يولد براحة تامة إن صحٌ التعبير 00 فان صاحبه يظلٌ في توق وتوثر ونزوع نحو منهج مبرأ من العيوب ، وبالتالي لن تراه يعرف طعماً للاستقرار الفكري، وهذا ما كان يحسٌ به طه حسين على الأقل وهو يصوغ منهجه النقدي.
    وإذا كانت الموضوعية والنفسية والتماسك والضبط الذاتي، وهي عناصر أساسية في كل منهج ، فان صياغة هذا المنهج وضمان عدم انحرافه ، لأنه معني منذ البدء بممارسة عملية نقد النقد المماثلة على ذاته ، أمر بالغ الضرورة .


    ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    8- طه حسين ، حديث الأربعاء _ جـ2،صـ53.

    وإذا كانت هاتان الصفتان ( أو الخطتان) : ( المقومات والصيانة) تعنيان ، الموضوعية وانفصال المقروء عن القارئ ، فان اللحظة الثالثة ، وهي لحظة العودة من القارئ إلى المقروء، هي اللحظة التي تعجز الرؤية وتسمح للنقد بان يكون موضوعاً مستقلاً ينافس النص الإبداعي ويتسابق معه ، وبالتالي فأنها تخلصه من ارتهان أحكام القيمة القبلية وترده في الوقت نفسه إلى أحضان زمنه وعالمه

    ولا أعني أن هذه الخطوات الضرورية لمنهج معين ، فهذه خطوات يشترك بها النقاد على اختلاف مناهجهم ، بل أعني أنها خطوات تجمع بينهم وتؤاخي بين كثرة مشاريعهم النقدية ، لذلك فهم يتفقون فيها ويختلفون في غيرها، وليس سؤال ما قبل ورائه المنهج في التطبيق ، سؤالاً طارئاً، ، بل هو سؤل تاريخي ، يواصل الخطوات التي غذت حركة النهضة العربية منذ بداية تكونها ، وكان طه حسين واحداً من روادها البارزين .
    وفي هذا السؤال التاريخي ، ماذا نأخذ من الأخر ( الغربي) وماذا ندع ؟ وماذا نجي من التراث وماذا نستفيد ؟

    وكان طه حسين واحداً ( بل رائداً أيضاً) من الرواد الذين عنوا بالإجابة عن هذا السؤال ، عناية شديدة ، ووقف عليها جهده الفكري والنقدي كله .
    وقد اتهم طه حسين من أطراف عديدة متباينة في اتجاهاتها الفكرية بأنه استشراقي في تارة ومعترف تارة أخرى ، لأنه يني خطابة الثقافي عامة ، وخطابة النقدي على نحو خاص ، لا ارتكازاً على (( ذاتيته)) الثقافية والحضارية القومية وإنما على (( ذاتية الآخر )) التي جعل في نفسه جزءاً منها ، وعاين الثقافي العربية والشعر العربي من خلالها، فضلاً عن أن خطابه ( منهجه ) النقدي محاصر هو الآخر بهذه التصورات.

    وطه حسين غير بعيد عن اتهامات باطله كهذه ، فهو يقول (( المحافظون لا يفهمونني، هذا طبيعي ، وأنا لاأعبا بهم ، ولكن المجدين يتهمونني بالانتكاس والانحراف)) (9)


    ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    9-د. غازي شكري ، ماذا يبقي من طه حسين ، صــــ63ــ



    ولست هنا في معرض الدفاع عن طه حسين ، وطبيعة الموضوع لا تسوغ مثل هذا الدفاع ، فضلاً عن أن طه حسين كان أقدر من غيره على الدفاع عن نفسه ، فهو يقول (( قل لهم لا تخافوا على التراث فهو لا يحتاج إلى خوفكم 000 إن تفاعلنا الحضاري مع الغرب سوف يثمر مع الانفتاح الخالي من العقد ومركبات النقص نموذجاً عربياً أصيلاً)) (10) وهو وان كان يثني على المستشرقين ، إلا انه كان يؤكد أن واجبنا المقدس يحتم علينا أن لا نترك قضايانا وتاريخنا لهم وان العلم ليس حكراً لهم ولا مقصوراً عليهم نحن أولى بتاريخنا منهم 00 أننا نشكرهم ، هذا واجب الأخلاق والعلم ولكن تراثنا والاجتماعي والأدبي والتاريخي لا يشكرنا إذا تجاهلناه )) (11) ومن الخطأ وصف المنهج النقدي عند طه حسين بأنه محاصر أو مسكون بالتصورات الغربية ، فطه حسين فكر مبدع ، وقد استطاع أن يصوغ منهجه في رؤية متكاملة لا يمكن أن تنسب إلا إليه وحده وهي رؤية عميقة ، تجمع على نحو خلاق بين الأصالة والمعاصرة ، وليس أدل على ذلك من قوله (( وأنا أعلم حق العلم أن طريقة القدماء في فهم الشعر والحكم عليه لا ترضينا ولا تقنعنا ، ولا تلاؤم ذوقنا الحديث وأطماعنا العلمية الواسعة 00 ولكنى مع ذلك أحب هولاء القدماء وأحب أراهم وأجد في قرأتها لذة وبهجة و إلى تفهما راحة واطمئنانا ، وإذا أخطأني رأيهم الدقيق في الشعر أو حكمهم الصحيح عليه ، فاني أجد نقدهم مرآة صادقة لنفس جذابة حلوة ، أحب أن أخلو إليها من حين إلى حين )) (12)

    أن ناقداً يصدر عن هذه الرؤية ، لا يمكن أن يكون مغترباً أو (( استشراقياً )) أبداً.
    ولكنه 00 وهذا هو الأمر الذي نريد توكيده – ناقد قلما رأيناه يؤثر منهجاً بعينه ويخلص له ، بل نراه يجمع منهجين أو أكثر في خطاب نقدي واحد ، وليس أدل على ذلك من قوله : ( وفي الحق أن الناقد لا يقنع بما كان يقتنع سانت بوف وتين أوجول لومترأو غيرهم من النقاد ، وإنما يود لو استطاع أن يوفق إلى هذا كله ( لاحظ يوفق هذه) ويستخلص منه عرضاً شاملاً يطلبه ويسمو إليه حين ينقد )) (13)



    ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    10- د. غازي شكري ، نفسه ، صـ65ــ
    11- د. غالي شكري ، ماذا يبقي من طه حسين ، صــ62ــ
    12- طه حسين ، حديث الأربعاء ، ج 1 ، صــــ305 - 306ــــــ
    13- طه حسين ، حديث الأربعاء ، الجزء الثاني ، دار المعارف بمصر ، الطبعة الثانية عشرة ، القاهرة 1976 ، صـــ53ــ وما بعدها .


    و إزاء هذا التعدد ، أو الشعور بعدم الرضا ، نرى طه حسين إما أن يمعن بأتباع ألتأثري – الانطباعـــي ( وهو منهج فضفاض) أو ضيقه بالمنهج أساساً وإرساله نفسه على سجيتها على نحو تلقائي ليس فيه تحديد ولا تأمل قواعد معلومة من قبل ، وقد بدأ ذلك واضحاً في خطابه النقدي ( مع المتبني) فانه حرص في مقدمه هذا الخطاب على أن يعد بتقديم قراءة متمردة حين قال (( فلنتمرد على الجماعة ولنثر القراء، ولننبذ الاحتياط كله ، إلا هذا الذي يثير الشر أو يؤذي الأخلاق )(14)

    ووصف خطابه بأنه ليس دراسة منهجية وإنما هو خواطر مرسله في غير نظام ولا مواظبة وعلى غير نسق منسجم (15) وأضاف :
    (( وقل ما تشاء في هذا الكلام الذي تقرأه ، قل انه كلام يمليه رجل يفكر فيما يقول، وقل انه كلام يهذي به صاحبه هذياناً ، قل انه كلام يصدر عن رأى وأناة، وقل انه كلام يصدر عن شذوذ وجموح فأنت محق في هذا كله)) (16)
    هل يعقل أن يعمد الناقد المنهجي الداعي إلى اعتماد المنهج الديكارتي إلى سوق كلام فيه هذيان وجموح؟ لم أعلن طه حسين هذا الموقف؟ الحاجة في النفس يود ألا يبوح بها، أم هي الرغبة منه في التنفيس عن الطاقة الذاتية والإبداعية لديه ، وفراراً في تحويل النقد إلى علم خالص كما تقول أستاذتي الدكتورة / بشرى موسى على النحو الذي يشير به النقد المعاصر.

    قد يكون في كل ما ذكرناه قدر من الصحة ، فطه حسين في ثورة من ثورات انطباعاته ، يرفض الاحتكام إلى مبادئ عامه ، ويعلن نفوره من الدرس والبحث وانصرافه عــــن التحليل والتقليل وإيثاره تصـــوير (( ما يجد من حسٌ أو شعور )) (17)

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    14- طه حسين ، المجموعة الكاملة ، المجلد السادس ، الأدب والنقد – 2- دار الكتاب اللبناني ، الطبعة الأولى ، بيروت 1973 ، صـ13ــ
    15- ينظر طه حسين ، مع المتنبي ، صـ 12ـــ
    16- طه حسين ، نفسه ، صــ 12 ــــ
    17- طه حسين ، حديث الأربعاء ، ج 1 ، صــ 147 – 148 ــــ



    وهو قد يذهب أبعد من ذلك ، فينكر حتى أكثر الأشياء التصاقاً به فهو بعد أن أملى كتابه مع المتنبي ، بدأ ينكر ما ظل يؤمن به ، ويدرس الأدب على أساسه ، وهو أن الأدب مرآة صادقة لكاتبة وبيئته وعصره وهو يتعجب كيف انه انتظر هذه السن وهذا الطور من أطوار حياته قبل أن يتفطن إلى ( إن شعر الشعراء لا يصور الشعراء تصويراً كاملاً صادقاً ، يمكننا من أن نأخذهم منه أخذاً مهما نبحث ومهما نجد في التحقيق )) (18)

    وفي ضوء هذه المقدمة ، ينتهي إلى النتيجة الآتية:
    (( صدقني إني أصبحت لا أطمئن إلى هذه النظرية ، وليست أشك في أن الشعر مرآة لشي ، ولكني لا أدري ، أهذا الشيء هو نفس الشاعر ، أم هو شيء آخر غيرها ، ومهما أغلُ في تصديق هذه النظرية وفي الثقة بنقد النقاد وبحث الباحثين ، فلن أتجاوز أن أقول: أن نقد الناقد أنما يصور لحظات من حياته قد شغل فيها بلحظات من حياة الشاعر أو الأديب الذي عنى بدرسه)) (19)

    هل هذا تراجع عن اندفاعية مشروع طه حسين النقدي الذي كانت هذه النظرية إحدى دعائمه ؟ أم هو نقد ضمني لما كان يذهب إليه بعيداً في كتابته النقدية السابقة؟ أم أنها لحظة من لحظات التمرد ليس إلا ، أم هي لحظة من لحظات تطور الوعي عند طه حسين في الكتابة النقدية ؟ أما الأمر الأخير فهذا ما لا شك فيه.

    وتراجع طه حسين ليس بدعة في بابها فــ ( تين ) هو الآخر قد تراجع عن نظريته عندما قال عن شكسبير إن (( كل شيء فيه أتي من داخله – أعنى من روحه وعبقريته - أما الظروف والعوامل الخارجية ، فلم يكن لها إلا دور ضئيل في تطوره )) (20)

    ومع ذلك فان ما أفصح عنه طه حسين ، لا يجعلنا نأخذ هذا التحفظ إلا على محمل ثورة من ثوراته الانطباعية فقد الأحكام الفردية ألعامه الصائبة غير المسؤولة ، هذا يعنى تحويل النقد إلى مجرد كونه تذوقاً

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    18- طه حسين ، مع المتنبي ، صـــ 378 - 379ــ
    19- طه حسين ، نفسه ، صـــ379ــ
    20- جيروم ستولنيتز ، النقد الفني ، صــ 695 ــ

    وانطباعات عامه لا تخدم فكراً ولا تعنى قضيته ولا تشكل إضافة ابداعية لمجمل الحركة الأدبية العربية المعاصرة ، في حين أن (( تعقيد)) الحكم الأدبي والابتعاد به عن الذاتية وتأثيراتها الذوقية المحصنة ، هو من مقومات النقد المنهجي.
    فالنقد المنهجي إذن (( هو ذلك البناء الأدبي القائم والمؤسس على نظرية نقدية ، تعتمد أصولاً معينة في فهم الأدب وفي اكتشاف القيمة الجمالية والنفسية والفكرية والاجتماعية في العمل الأدبي)) (21)
    وليس هناك من ناقد متسلح بالمنهج النقدي ، حمل على الموضوعية وأدانها ، مثلما أجانها طه حسين ، فهو يقول (( أن النقد الموضوعي محاولة لا تنفع ولا تفيد ، وهي إلى إفساد الأدب وحرمانه الحياة والنشاط ، أدني منهما إلى إصلاحه ومنحه ما ينبغي له من الحياة والنشاط )) (22)
    أما الذاتية فأنها هي الوسيلة الحقة لتحقيق ( الحياة الأدبية ) كما أنها الوسيلة التي تسعي بها النقد إلى تحقيق ( الجودة والجمال واللذة الفنية ) (23)

    وإذا كان طه حسين لا يتمسك بنظرية أدبية محددة ، وقد يعلن في ثورة في ثورات انطباعاته ، التشكيك في جدوى أية نظرية ، فانه يحلو له أحيانا أن يدعم حتى انطباعاته بمسوغات مقنعة ، بل يذهب إلى أبعد من ذلك ليصل إلى شيء أقرب إلى القص الخيالي (( وتتصاعد درجة القص الخيالي بتصاعــــد حـــــــدة (( الذاتية )) وانطلاقها فيما يشبه النجوى التي تكشف عن العام الناقد الخاص وتوتره أكثر مما تكشف عن عالم الأعمال الأدبية المتميزة )) (24)

    تستخلص مما تقدم نتيجة تقول : أن الطموح النظري ومستوى الكتابة التي أراد لها طه حسين أن تركن إلى منهج نقدي ، لم ترق إلى قطع العلاقة بينه وبين اندفاعاته الذاتية وذوقه المحض ، فكان الطموح النظري أكبر بكثير مما سيفصح عنه المنهج في التطبيق .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــ


    الله اكبر وعاشت العروبة
    [url]http://www.facebook.com/home.php?sk=group_164791896910336&ap=1[/url]
  • محمد جابري
    أديب وكاتب
    • 30-10-2008
    • 1915

    #2
    الأستاذ د. سعد العتابي

    غريب أن تبرد قرائح الأمس، وشدة وطيسها، وبخاصة مع طه حسين، ألكون مصطفى صادق الرافعي غاب عن الوجود؟

    وما شأن إيقاظ لهب فتنة انتهت بموت أصحابها؟

    يقول عنه الأستاذ الوزاني: فمسرحية (أهل الكهف) لتوفيق الحكيم عندما عرضت على الجمهور ممثلة على خشبة المسرح، لم تلق نجاحا كبيرا، لأن الحركة الفكرية فيها أقوى من الحركة الحسية، ولكن في الوقت نفسه ذهب الدكتور طه حسين إلى أنها حدث أدبي جديد في الأدب العربي، ذلك لأن طه حسين يملك من وسائل النقد ما لا يملكه الجمهور، ولأن فلسفة الحكيم فيها مما لايدركه إلا الناقد الفذ، فهي كشيء يقرأ تعتبر حدثا عظيما ذا خطر، ولكنها كشيء يمثل، تعوزها صفات المسرحية الناجحة، وأولاها الحركة الحسية، هذه التي هي محور اهتمام الجمهور."( الحكم الأدبي مجلة دعوة الحق)

    والوزاني وهوهنا يمدح طه حسين ويرفع من شأنه لا يلبث أن انقلب عليه: " بالأمس القريب طلع الدكتور طه حسين على الناس بفكرة أطاحت بالنشاط الأدبي لدى العرب الجاهليين، وأنكرت كل ما ينسب إليهم من شعر، فأي ضرر كان سيلحق تاريخ الأدب العربي لو لم يقل النقد كلمته في الموضوع، ويبين ما في الفكرة من خطأ فاضح؟"


    أما إذا أصغينا إلى من تصدى له: مصطفى صادق الرافعي : يقول عنه : " ...فهو دائب في إزالة ما وقر في نفوس المسلمين من تعظيم نبيهم وكتابهم وإيثار دينهم وفضيلتهم وإجلال علمائهم وسلفهم: مرة بالتكذيب، ومرة بالتهكم، ومرة بالزراية، ومرة بإفساد التاريخ، ومرة بنقل الأخلاق الفاحشة المتعهرةمن مدينة الفرنسيين وهلم جرا..."(تحت راية القرآن ص194)

    ومن خلال ما سبق يمكننا قراءة نهجه حيث كان متبنيا لمبدآ الحداثة مما جعله يستنكر للأدب الجاهلي، ظنا منه أنها الخطوة التي سيعلوها، وتتلوها خطوات، لكن لما وجد اناسا ونقادا وقفوا وقفة رجولية، عاد إلى تقنيات وأساليب ملتوية، متمردة على المقدس، ناشرة لما هو مخز...

    هل يمكننا القول بأن وسائل تقده تعددت كما ذهب إلى ذلك د. سعد؟ فهو كان مكلفا بتنفيذ برنامجه الحدثي بكل الطرق، فلا يعني طرق النقد العلمي، بل بكل السبل مما تيسر له.

    الوزاني رجل معتدل في أحكامه يترك لكل ناقد جوه ويفوح علينا بأجمل عبيره، وصف طه حسين بأن له ذوقا أدبيا رفيعا، واستنكر عليه المساس بالأدب الجاهلي، والغريب في هذا هو أن الوزاني رومنسي بمعني تجديدي حداثي، لكنه لم يرقه المساس بالأدب القديم.

    نخلص للقول بأن طه حسين كان له برنامج عليه أن ينفذه، وكان يسعى لذلك بكل السبل، فليس هو ما ذهب إليه د. سعد.
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد جابري; الساعة 11-11-2009, 13:23.
    http://www.mhammed-jabri.net/

    تعليق

    • د. سعد العتابي
      عضو أساسي
      • 24-04-2009
      • 665

      #3
      لك رايك أحترمه
      وهذا رأيي
      وأرى أننا نذبح كفاءاتنا بايدينا باسم البرنامج الغربي والعمالة للغرب
      فلنرى ماهو مفيد ونأخذ به
      ونترك غيره
      لك محبتي وشكري على زيارتك أيها الأخ الفاضل
      التعديل الأخير تم بواسطة د. سعد العتابي; الساعة 11-11-2009, 10:10.
      الله اكبر وعاشت العروبة
      [url]http://www.facebook.com/home.php?sk=group_164791896910336&ap=1[/url]

      تعليق

      • أحمد أنيس الحسون
        أديب وكاتب
        • 14-04-2009
        • 477

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة محمد جابري مشاهدة المشاركة
        الأستاذ د. سعد العتابي

        غريب أن تبرد قرائح الأمس، وشدة وطيسها، وبخاصة مع طه حسين، ألكون مصطفى صادق الرافعي غاب عن الوجود؟

        وما شأن إيقاظ لهب فتنة انتهت بموت أصحابها؟

        يقول عنه الأستاذ الوزاني: فمسرحية (أهل الكهف) لتوفيق الحكيم عندما عرضت على الجمهور ممثلة على خشبة المسرح، لم تلق نجاحا كبيرا، لأن الحركة الفكرية فيها أقوى من الحركة الحسية، ولكن في الوقت نفسه ذهب الدكتور طه حسين إلى أنها حدث أدبي جديد في الأدب العربي، ذلك لأن طه حسين يملك من وسائل النقد ما لا يملكه الجمهور، ولأن فلسفة الحكيم فيها مما لايدركه إلا الناقد الفذ، فهي كشيء يقرأ تعتبر حدثا عظيما ذا خطر، ولكنها كشيء يمثل، تعوزها صفات المسرحية الناجحة، وأولاها الحركة الحسية، هذه التي هي محور اهتمام الجمهور."( الحكم الأدبي مجلة دعوة الحق)

        والوزاني وهوهنا يمدح طه حسين ويرفع من شأنه لا يلبث أن انقلب عليه: " بالأمس القريب طلع الدكتور طه حسين على الناس بفكرة أطاحت بالنشاط الأدبي لدى العرب الجاهليين، وأنكرت كل ما ينسب إليهم من شعر، فأي ضرر كان سيلحق تاريخ الأدب العربي لو لم يقل النقد كلمته في الموضوع، ويبين ما في الفكرة من خطأ فاضح؟"


        أما إذا أصغينا إلى من تصدى له: مصطفى صادق الرافعي : يقول عنه : " ...فهو دائب في إزالة ما وقر في نفوس المسلمين من تعظيم نبيهم وكتابهم وإيثار دينهم وفضيلتهم وإجلال علمائهم وسلفهم: مرة بالتكذيب، ومرة بالتهكم، ومرة بالزراية، ومرة بإفساد التاريخ، ومرة بنقل الأخلاق الفاحشة المتعهرةمن مدينة الفرنسيين وهلم جرا..."(تحت راية القرآن ص194)

        ومن خلال ما سبق يمكننا قراءة نهجه حيث كان متبنيا لمبدآ الحداثة مما جعله يستنكر للأدب الجاهلي، ظنا منه أنها الخطوة التي سيعلوها، وتتلوها خطوات، لكن لما وجد اناسا ونقادا وقفوا وقفة رجولية، عاد إلى تقنيات وأساليب ملتوية، متمردة على المقدس، ناشرة لما هو مخز...

        هل يمكننا القول بأن وسائل تقده تعددت كما ذهب إلى ذلك د. سعد؟ فهو كان مكلفا بتنفيذ برنامجه الحدثي بكل الطرق، فلا يعني طرق النقد العلمي، بل بكل السبل مما تيسر له.

        الوزاني رجل معتدل في أحكامه يترك لكل ناقد جوه ويفوح علينا بأجمل عبيره، وصف طه حسين بأن له ذوقا أدبيا رفيعا، واستنكر عليه المساس بالأدب الجاهلي، والغريب في هذا هو أن الوزاني رومنسي بمعني تجديدي حداثي، لكنه لم يرقه المساس بالأدب القديم.


        نخلص للقول بأن طه حسين كان له برنامج عليه أن ينفذه، وكان يسعى لذلك بكل السبل، فليس هو ما ذهب إليه د. سعد.

        أخي محمد
        هناك نقطة لم أستوعبها تماماً
        هل هذا يعني أن البرتامج الحداثي هو مخزٍ وينفي الإبداع الذي نفاه طه حسين ؟ ذاك موضوع متداخل مع طرح الدكتور العتابي ، ما رأيته في دراسة الدكتور سعد هو توضيح عمل طه حسين في التأسيس لمنهج نقدي له أدواته ، ولو تركنا رأينا بطه حسين جانباً وبقينا في إطار المنهج فلماذا لا ندحض برنامج هيولييت تين ومرجليوث وطه حسين بنفس الأدوات؟
        وأريد التعقيب على رد الدكتور سعد لمافيه من عبارة تقلقني دوماً ، وبغض النظر عن طه حسين ، نحن بارعون بامتياز في قذف التهم .

        شكراً لك أستاذ محمد لإثراء الحديث في هذه الدراسة ، وما أردتُ الإشارة إليه هو : الحداثة شيء والتأويل - سواء أكان مخبوءاً تحت عباءة وبرنامج مخزي أو لا - هو شيء آخر.
        ولا يمكننا أن نسمي الحداثة عميلة أو مخزية ، فشخص أو رأي مخزٍ لا يمثل الحداثة بمعناها الإبداعي الرحب ، أدونيس مثلاً من زعماء الحداثة ، والعار والخزي الذي يأتي به لا يعبّر بالضرورة عن أدباء الحداثة ، هو يعبّر عن تأويله الفارغ الأجوف.
        مازال المعنى الإبداعي الواسع النبيل للحداثة مظلوم في عالمنا العربي.
        أمّا طه حسين فالآراء به وببرنامجه ضجت بها الكتب وبينتها وكأي دراسة هناك المخطيء والمصيب وبأي حال كثرت وتعددت ولم يبق لي ما أضيفه.

        شكراً للدكتور سعد وللأستاذ محمد لإضافاتهما القيّمة.
        التعديل الأخير تم بواسطة أحمد أنيس الحسون; الساعة 01-01-2010, 22:56.
        sigpicأيها المارون عبر الكلمات العابرة ..

        اجمعوا أسماءكم وانصرفوا
        آن أن تنصرفوا
        آن أن تنصرفوا

        تعليق

        • محمد جابري
          أديب وكاتب
          • 30-10-2008
          • 1915

          #5
          الأستاذ د. أحمد أنيس الحسون؛
          شكر الله لك مرورك وجميل تعقيبك.
          ما أردت بيانه هو أن الحداثة بفكرها المعاصر وفق ما تبنته المدرسة العربية هي رؤية نهضوية تقطع مع الماضي، ولا تلتفت إليه.
          وهذا ما حدا بالد.طه حسين، للقطع مع الماضي الجاهلي ومن يدري بأن برنامجه كان ينوي قطع مسافة ألف ميل خطوة خطوة، وما أن تصدى الأدباء له بالنقد والبيان حتى عطف عن مشروعه ككل.

          وفي قطعه مع الماضي لم يقف عند نكران الأدب الجاهلي، بل تجرد من دينه وصرح بهذا بل أوجب ذلك على الأدباء ولم يقتصر على ذلك بل خلّص شخصيته من الأوهام، والأساطير وإن سخط الناس على كتابه...

          ثم ما لبث أن تراجع أمام موجة اتهامه بالإلحاد من قبل العلماء أن تراجع وصرح : أؤكد لعزتكم أني لم أرد إهانة الدين ولم أخرج عليه، وما كان لي أن أفعل ذلك وأنا مسلم أؤمن بالله وملائكته وكتبه واليوم الآخر...وأرجو أن تبلغوا هذا البيان من تشاءون وتنشرونه حيث تشاءون".(انظر الرافعي وكتابع تحت راية القرآن موضوع :" فلما أدركه الغرق..")

          أما كونه ناقدا، فلا غرو هذا يشهد له به الخاص والعام غير أن ما ذهب إليه الأستاذ سعد العتابي، هو تعدد المناهج لديه ليرجح في نقدها أحدها لا بعينه.
          ولا أدري ما رمى إليه الأستاذ العتابي من تغيير المناهج هو هذا التدبدب في المواقف؟ وها أنت ترى صحة ما صرح به د.العتابي، فمما سبق نراه يعتز بمتدأ الشك لديكارت، وقد خلص نفسه من "الأساطير" ودعا إلى ذلك، ثم لا يلبث أن غير الصبغة في بيانه.
          وهنا برع أخونا د. العتابي في الاستنتاج.

          هذا ما رغبت في إبانته من ذكر الحداثة.

          وهناك أناس وفلاسفة عمدوا إلى أسلمة الحداثة مثل ما دعا إليه الأستاذ عبد السلام ياسين في كتابه : " أسلمة الحداثة"" Islamiser la modernité" وتم ترجمته تحت عنوان "الإسلام والحداثة"، أو مثل ما يتبناه د. طه عبد الرحمن في نهج أبحاثه في المنتدى المعرف ب أعماله، فضلا عن عدد كبير من غيرهما...

          فهل تصافحنا فكريا، بعد أن راودك الشك في الموقف من الحداثة، والتي شخصيا لا أؤمن ولا أعتمدها؛ لما وجدته في كتاب ربي من رؤية سباقة متقدمة مندفعة قائمة لله بين يديه شاهدة على الناس بالقسط ولو على نفسها أو الوالدين والأقربين.
          التعديل الأخير تم بواسطة محمد جابري; الساعة 03-01-2010, 21:58.
          http://www.mhammed-jabri.net/

          تعليق

          • أحمد أنيس الحسون
            أديب وكاتب
            • 14-04-2009
            • 477

            #6
            أستاذ محمد أن أصافحك فكرياً في جل ماتقول ، أما أنك لا تعتمد الحداثة فهذا شأن شخصي ، أما أنا فأعتمدها بوجهها المشرق دون قطيعة مع الماضي ودون سيكولوستيكية أتعبتنا معها ، أنا أرى الحداثة طريق مفتوح للدمج بين الماضي والحاضر وفتح آفاق جديدة للنص الذي ظل يراوح قروناً واستُنفذت فيه القراءات حتى باتت مكرورة وساكنة ، ماقدمه الأسبقون إبداع وما نقدمه تكرار ، فإلى متى ندور في نفس الحلقة ، ألا ترى معي أننا نعيش في التاريخ لا به؟ وهنا فرق شاسع بين هذين الحرفين يتغير معهما رفع الراية أو سقوطها ، وللإيضاح أنا ضد كل من يدعو للقطيعة مع نبع الأدب السالف ، ومنظرو الحداثة الأوائل صاغوها ضمن إعادة بناء النسق الذي بنته المؤسسات الثقافية عبر أزمان طويلة ، وهذا نقف ضده حتى العظم، فاللغة قابلة للمد والإبداع وكل جديد هو نصر لها لا عليها ، عندما هوجم مجددي العصر العباسي هناك من أكد سقوطهم المدوي ، فماذا كانت النتيجة؟ أظن أن كتب الأدب أعطتنا الجواب الشافي. أما طه حسين فنحن نعوّل عليه كما أسلفت كناقد له منهجه وأدواته ، وفيماعدا ذلك من هواجس وأوهام زرعها في رأسه الغربيون فتلك غبار مابرح أن تلاشى لهشاشته.
            نفي الأدب القديم لا يؤسس للحداثة ، ولا حداثة بدون الارتكاز على القديم ، إلا أن الحداثة التي أضمرها البعض تخفي مالايسر الدين ولا الأدب ، وهذا مانقف له بالمرصاد - وأنا كما أتصور الحداثة - إن الحداثة المضمرة بنوايا خبيثة ليست كتصوري لحداثة إبداعية علينا صياغتها جميعاً .

            عباءتنا واحدة يا أستاذ محمد - جميعاً - وإن اختلفت ألوان خيوطها.

            دمتم بخير أخوتي الأعزاء.
            التعديل الأخير تم بواسطة أحمد أنيس الحسون; الساعة 03-01-2010, 23:56.
            sigpicأيها المارون عبر الكلمات العابرة ..

            اجمعوا أسماءكم وانصرفوا
            آن أن تنصرفوا
            آن أن تنصرفوا

            تعليق

            • د. سعد العتابي
              عضو أساسي
              • 24-04-2009
              • 665

              #7
              الاخوين الفاضلين-جابري والحسون_
              بدا اقدم لكما شكري على هذا الحوار المفيدوالمنهجي والرائع في هذا الموضوع...
              واتفق معكما تماما على انه لابد من الاعتزاز بادبنا القديم الثر
              وكذلك لابد من القول ان الحداثة والسعي للتحديث في ميادين الفكر والعلم كلها امر لابد منه وهو حتمية تاريخية لكل امة تريد ان تكون على خارطة العالم على الا تتحول هذه الحداثة الى فرانكوفونية او امركة اوتانجلز او.....
              انما ينغي ان تنبثق من حاجاتنا القومية ورؤانا وواقعنا ويجب ان ترتكز الى قديمنا ادبا وثقافا ومنه تشرئب اعناق اقلامنا و حروفنا الى الحداثة والمستقبل
              لكما مودتي
              التعديل الأخير تم بواسطة د. سعد العتابي; الساعة 04-01-2010, 18:28.
              الله اكبر وعاشت العروبة
              [url]http://www.facebook.com/home.php?sk=group_164791896910336&ap=1[/url]

              تعليق

              • البكري المصطفى
                المصطفى البكري
                • 30-10-2008
                • 859

                #8
                الاستاذ سعد تحيتي وتقديري .
                اغنى طه حسين المكتبة العربية يوم كانت في امس الحاجة الى مصنفات نقدية تحرر الفكر النقدي العربي من سلطة بلاغة المحسنات وتؤسس مشروعا تنظيريا يصب في اتجاه البحث عن قوانين الادب وتعليل مرتكزاته ووضع اليد على خلفياته الاجتماعية والسياسة.واعتبر ذلك في نظر العديد من النقاد اهم حسناته وانا لست بصدد تقويم تجربته وانما اود التذكير بان ايمانه الاعمى باغراءات المنهج العلمي وتحرره قاده قاد الى استيلاب فكري جعله يفقد الثقة في كل ماسواه ومن سواه؛ فجنى على نصوص دينية كما الاشخاص الذين حرموا من الاضواء السياسية.كتب عنه الدكتور نجيب البهبيتي في مقدمة مؤلفه ( تاريخ الشعر العربي حتى القرن الثالث الهجري )مقالا مطولا يفضح كل اسراره في التقليد والانتحال الذي برع فيه رعم انه كتب عن ظاهرة انتحال الشعر الجاهلي .
                اما عن تداخل المناهج في تجربته النقدية ؛ فهذا دليل على ضبابية مفهوم المنهج في تصوره ؛ فكل منهج نقدي يتاسس على خلفية نظرية تجعل المقاربة شديدة التماسك تقود الى نتائج واضحة لكنها قابلة للتقويم.

                تعليق

                • محمد جابري
                  أديب وكاتب
                  • 30-10-2008
                  • 1915

                  #9
                  ا[align=right]لأستاذ مصطفى البكري؛

                  أهلا ببزوغ هلالك في سماء الصالون الأدبي، ولا أخفيك شوقي إلى كتاباتك، أجد بعض الإخوة ينشرون كتاباتك في ملتقى البلاغيين والنقاد العرب، وهي كتابات جليلة القدر وذات الفائدة مهمة.

                  بعد إطلالة الترحيب، أقول سبحان الله فهذا شخص ونظرات تعددت، وكل له وجهة نظره، وصحيح، أن مكانته على رأس الجامعة المصرية مكنته من الكثير كما مكنت غيره لكن إشراقته وطلعته أحيت الأدب والنقد بخاصة، و مات طه حسين- عليه الرحمة-ووبقي المنصب ولم ينصب من يثري الأدب ثراءه؟

                  فانتصار الفكر لا يبرز في دحض خصمه، وإبعاده عن الساحة، بل هذا أقصاء وقهر، وليس من واحد قهار غير الله في الوجود، وكل قاهر لا بد أن يقهر، وإنما يكمن انتصار الفكر في إشغال الخاص والعام؛ فينبري هذا للرد، وذاك للنصرة وتموج الملاحم الأدبية نقدا وردا وهلم جرا.

                  فمهما حاولنا إبراز سلبيات د. طه حسين، فإن من سنن الله تقييد أشقى الخلق لإبراز الخير، وكلما طفى شرير في سماء الدنيا فأبشر بأنه فاتحة عهد جديد. وأنه جاء يجر خيرا من حيث لا يدري رغم شقاوة فعله.

                  [/align]
                  التعديل الأخير تم بواسطة محمد جابري; الساعة 26-02-2010, 21:58.
                  http://www.mhammed-jabri.net/

                  تعليق

                  • البكري المصطفى
                    المصطفى البكري
                    • 30-10-2008
                    • 859

                    #10
                    اخي محمد جابري تحية طيبة وبعد:
                    اشكرك عل اهتمامك بما اكتب كما انني اقرأ زادك الوفيرمن العلم المفيد في مختلف المباحث حفظك الله.

                    تعليق

                    • د. سعد العتابي
                      عضو أساسي
                      • 24-04-2009
                      • 665

                      #11
                      مهما اختلفنا وقلنا عن طه حسين فهو رجل صاحب افق علمي ونظري حر ومتطور
                      ومنهجي .... اما دراسته حول الادب الجاهلي وموضوعة النحل والانتحال فيه فلم يكن صاحب بدعة فيها بل سبقه بقرون ابن سلام .. ولا اعقد ان في الامر اساءة للدين ..... جريمة طه حسن انه كان يفكر ويتنفس بحرية وضوء ساطع رغم كف بصره......
                      شكرا لكما اخوي الغالين جابري وبكري حفكم الله
                      الله اكبر وعاشت العروبة
                      [url]http://www.facebook.com/home.php?sk=group_164791896910336&ap=1[/url]

                      تعليق

                      يعمل...
                      X