خاطرة / ثورة حمار : سعيدة الرغوي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سعيدة الرغوي
    أديب وكاتب
    • 04-10-2009
    • 228

    خاطرة / ثورة حمار : سعيدة الرغوي

    ثورة حمار
    نعيش على واقع الأمل ..، كثيرون يرددون هذه العبارة في مدينتنا وهم يحملون بدواخلهم تساؤلات لا حصر لها .
    وقلما يستطيع أحدهم أن يكسر جدار الصمت ، ويصرخ أمام الملأ.
    ترى ما الذي يمنعهم من الصراخ ، أهو ذلك " الغول " الذي نسجته مخيلات الأمهات لإخافة صغارهن ، أم أنهم فقط تعودوا سياسة الصمت ، أو لا ربما هو الغول إذن ؟،،،.
    مخجل هذا الصمت وخزي هو الجبن الذي سكن ذواتنا ، كثيرا ما وددت أن أصرخ ، والآن تركت هذه المهمة لصديقي الحمار لينوب عني ، فإليكم ثورة حمار :
    قرر الحمار البوح ،،،وأخيرا سيتخلص من الأغلال ، من وزر السنين المرهقة ، من ليالي النهيق ، من قول نــــــــــــــــــعم.
    اليوم يركل مسافات الإلغاء والإقصاء ، ثخون الزمن وأوجاع الدهر.
    هو اليوم على موعد مع التاريخ ، قرر الحكي دونما تردد ، بعد اليوم لا سكوت لا خنوع .
    الجلسة جلسة عمومية والحضور من أصحاب العمامات ، والطرابيش الوطنية ،،،الأضواء تسلط على الحضور والحمار دخل اليوم على غير عادته يمشي بخيلاء ...يعلن رئيس الجلسة افتتاح المداخلات ، أية واقعة شدت الحضور ؟؟.
    صــه يا صاجبي :" لا تستعجل اليوم حدث غير عادي ، زلزال دون سابق إنذار ، بركان ثائر ، موجة من الغضب " .
    ترى من المتحدث ؟
    (( لا ..لا تتعجل ، سوف ينكشف لك المستور...
    تعطى الكلمة ..لمن لمن..ياترى؟.
    الحضور في حالة من الذهول ، القهقهات تتعالى في أرجاء القاعة الواسعة الأطراف ، وآخرون لا يعبؤون لأنهم تعودوا على أن الحمار حيوان مسالم ، وإن كان يركل أحيانا ، تعودوا على سماع نعم سيدي ، حاضـــــــــر سيدي ...
    يصدر الحمار كلامه بمقدمته المعهودة ، لا أحد يتوقع الكارثة ، إنها في الطريق ، أغمض عينيه ، وجعل أذنيه تتطاولان ، وأفرج عن ابتسامة عريضة غير مألوفة ، ونهق نهقة جعلت الرعب يسري في المكان ، وكأنه بذلك يمهد لقنبلة موقوتة وشيكة الإنفجار ، ليقول : " منذ زمن وأنتم تنادوني ياحمار ، تحرك ياحمار ، يا حمار ، حتى صارت أذناي الطويلتان لا تلتقطان سوى كلمة " يا حمار ، نفذ الآوامر ياحمار ، أسرع يا حمار ،،،ما أبطأك ياحـــمار "، ياحمار ، ياحمار ، وإن أردتم تشبيه أحدهم بأحقر الأوصاف تقولون يا حمار ، وإن رغبتم في حمل الأوزار تقولون : " اتركوها للحمار ".
    سنوات من الظلام ، من الهوان ، أما آن لهذا الحمار أن يصبح آخر ، أما آن للذليل أن يصبح عزيزا ، أجيال والحمار مقصي ، أجيال والحمار في قوقعته ..ألم تفكروا قط في هذا الحمار المسكين ، في رد الإعتبار لهذا المخلوق البئيس ، أما آن الآوان للتخفيف عنه ؟؟.
    نعم هو الحمار ارتبط على مر العصور بحمل الأثقال وبتنفيذ الآوامر دونما تعقيب أو تأفف ، بالغباء ، بقول نعم .
    اليوم الحمال يريد السراح ، فك القيود ، التحليق في الأفق ، أليس حريا بكم أن تعدلوا ، أين هو القسطاس ؟، أم يبقى مجرد حبر على ورق ، الحمار المسكين لم يشك ، ولم يئن حتـــى ...ولم يتذمر طوال هذه السنوات ، لم تلاحظوا يوما بكاءه ، لم تعيروا الاهتمام والانتباه لما يشعر به هذا المسكين ، سمحتم لأنفسكم بأن يظل الغش لصيقا بالحمار .
    تمعنوا في سنوات ،،،وسنوات من الصمت ، من الاحتضار ، الحمار اليوم سيفتح صفحة جديدة ، سيصرخ في وجه الجميع : " كنت أنا الحمار ، ينادونني بالحمار ، فمن حقي إذن التعبير ، الخروج من صمت الصمت ، والانطلاق.
    لتثور في القاعة موجة غريبة وأصوات مزمجرة لم نعهدها من ذي قبل ، بعضهم يردد : (( أحسنت يا حمار ، وأخيرا قررت البوح ، وآخرون : " اصمت ياحمار فلست سوى حمار ..ليتحولوا إلى شد وجدب ، فيصدر الحمار نهيقا مدويا كالرعد ، وتعود بذلك الأمور إلى نصابها ..
    يستطرد الحمار قائلا : " اسمي الحمار ، أمي الأثان ، لكنني بعد اليوم لن أظل كذلك ، سأخرج عن تقاليد مملكة الحمير ، اليوم سأعقد مصالحة مع الماضي ، سأشجب عناوين الغباء ، سأغادر زمن الإنغلاق ومملكة الأحزان البئيسة هذه.
    ظل الحمار يسرد قصته ، وعدسات الكاميرا مركزة عليه ، والضيوف الغرباء انتشلتهم الدهشة بعيدا ، وبعض الأعناق تشرئب لترى من يأخذ الكلمة ، من صاحب هذه الثورة وهذا الانقلاب اللامعهود ، وبدأت التقارير والكتابات للتو ، والصور والتعاليق ..انتهـــــــــــــــــــــى الجمع العام .
    وفي الغد سمعت في المدينة شعارات ، وتصدرت صور الحمير أعداد الجرائد والمجلات ، وفي القنوات الفضائية بتث وأذيعت مداخلة حمار الأمس ، فالحمار إذن لم يعد حمارا ، الحمار خرج من صمت الصمت ، والخبر شاع في الجوار .
    ليقرر ما تبقى من حمير الدخول في إضراب لربح معركة الحمير الكبرى ، التي جعلوا شعارا لها : بعد اليوم لا صمت ، الحمير قادمون من صمت الصمت ، ليواصلوا المعركة التي حمل مشعلها صديقنا " الحـــــــــــــــــــمار " .
    التعديل الأخير تم بواسطة سعيدة الرغوي; الساعة 08-11-2009, 10:23. سبب آخر: لم أتمم الخاطرة بعد ، بعد ضغطت على زر الإرسال خطأ
  • نجيةيوسف
    أديب وكاتب
    • 27-10-2008
    • 2682

    #2
    عزيزتي سعيدة

    أحب هنا في هذه اللحظة فقط أن أسجل حضوري بعد أن أخذتني القراءة وسحبني هذا الأسلوب الجميل .
    فقط الآن أسجل الحضور ولي عودة بحول الله قريبا

    لك التحية

    النوار


    sigpic


    كلماتنا أرواحنا تهمي على السطر

    تعليق

    • لطفي حجلاوي
      عضو الملتقى
      • 30-09-2009
      • 101

      #3
      من ثورة صاحب الحمار الحدث التاريخي الحقيقي الى مسرحية ثورة صاحب الحمار لعز الدين المدني ... الى ثورة الحمار نفسه، تختلف الأطر الباعثة لهذا الحدث الرمزي و لكن يظل مطلب الثورة واحد، كما يظل الحمار بثقله الرمزي يختزل صورة العربي المقهور حتى الإنتكاس... نص لا يخلو من رمزية رغم تصريحيته أحيانا... شكرا لك لأنك دفعتينا الى التفكير معك
      [FONT=Andalus][COLOR=indigo][FONT=Andalus][COLOR=indigo][FONT=Andalus][COLOR=indigo]
      [FONT=Andalus][COLOR=indigo][FONT=Andalus][COLOR=indigo][FONT=Andalus][COLOR=indigo][type=168247]
      [FONT=Andalus][COLOR=indigo][FONT=Andalus][COLOR=indigo][FONT=Andalus][COLOR=indigo]أنا الذي نظر الأعمى الى أدبي [/COLOR][/FONT]
      [FONT=Andalus][COLOR=indigo]و أسمعت كلماتي من به صمـم[/COLOR][/FONT]
      [/COLOR][/FONT][/COLOR][/FONT][/type][/COLOR][/FONT]
      [/COLOR][/FONT][/COLOR][/FONT][/COLOR][/FONT]
      [FONT=Arial][COLOR=#000000][/COLOR][/FONT][/COLOR][/FONT][/COLOR][/FONT]

      تعليق

      يعمل...
      X