جـنون هواك
أرتعشَ جسدي كثيراً في تلكَ الليلة , لم أحتمل تشخيصَ ذلكَ المشهدْ , عندما وصلتْ رسالتكِ و بها الألم يتأرجحُ على أحرفها , دموعكِ ضائعة بين فواصلها , و انا أكتفي بإبتلاع ريقي !! , ماذا أفعل لأجلكْ , لن أكتفي بهذا الصمتْ الذي يعتريني كلما علمتُ أنكِ بأمس الحاجةِ لي , و لن أكف عن محاولة إخراجكِ من هذا اليم الذي يحيطُ بكِ ؛ وطني أنتِ و أنا المهاجر عبر سراب الضياع مرتبطاً بأجنحةِ الحلم المصنوعة من البنفسج , حبيبتي كيف أجعل أراضيكِ تبتسمْ ؟كيف أُريحكْ من كل هذا العذاب ؟! متى أصلُ إليكِ ... عذراً سيدتي فـ أنا منتهي الصلاحية حالياً سبب موتي من المسافة ...فـ المسافة سيفٌ زُرعَ في خاصرتي منذ أعلنتُ الولاء لكِ ... أحبكِ بـحجم ما أحبُ موتي في قضيتي ... قضيتي التي هي ... [ أنتِ ] !.
رغم معرفتي بأنكِ أنثى تجعلُ من عوائقها دافعاً إلى الوقوف و الصمود أكثر باتجاه كل الأخطار التي تنتظرها ؛ يبقى الخوفُ مصلوباً بي , يشلُ تفكيري أحياناً , هل حقاً أنكِ هكذا؟ أم انكِ أنثى تصنعُ من لغتها غطاءً للوجع الذي يلوكها أحياناً و تبتسمُ جهراً من أجل صناعة الأمل , فأنا لم أغير تفكيري عنه , فكما أقولُ دائماً الأملُ أكبرُ كذبة أخترعها الإنسان على مرور العصور كـ الحلم , لذلكَ أعتبرتكِ هدفاً من أهداف الحياة . عند عينيكِ أغلقتُ جميع نوافذ الماضي و أنطلقتُ إلى وطني , ذلك الوطن الذي يبدأ بكِ و ينتهي بكِ .
لماذا دائماً المسافة تسحقني ؟
لقدْ عدتُ لنقطةِ البداية اليوم, فالوقت يمضي ببطءٍ شديد و المسافة في داخلي تكبرْ , أ تعلمين أن حجم البعد الذي في داخلي أضعاف المسافة التي تفصلُ بين طرابلس لبنان و عمان الاردن, أنها أكبر بكثير من المسافة
على خرائط الجغرافيا و الزمان , فخرائط الحبْ و تجاعيده في داخلي تتخطى حدود المعقول , لتضعني في ظاهرة الجنون والضياع داخل نفسي , فكم عليّ أن انتظر في مدائن الصبر ؟! يبتلعني الضجرُ كثيراً في أوقات الفراغ , وتركبني رغبةٌ في البكاء و الصراخ عندما يمرُ يومي بلاَ أملٍ في محادثتكْ , آه كم عليّ ان اتحمل كي تصبحين ملكي و أصبح انا في وطني . المسافة التي تفصلُ بيني و بينكِ أراها سيفاً شطرني نصفين , نصفٌ ضاعَ من الألم و نصفٌ تجرعَ علقم الغياب. الآن أدركتُ لما أحبكِ أكثر أدركتُ لما قلبي ينبضُ بكِ أكثر و أكثر . جنون هواكْ آياتٌ للفرح أم للعذاب ؟
توقعتُ من الحبْ كل شيء حتى الموت قهراً أو شوقاً !! و لكن لم أتوقع أن أتذوق طعم العذاب و الفرح معاً في آنٍ واحد! لقد جئتُ إليكِ طالباً السلام فوقعتُ في سلامٍ من طعم الحربْ , أ هذه هدنة بطعم الحبْ ؟! لم أنكر فرحتي في ذلكَ المساء رغم الحزن الذي كان وسادتنا , صوتكِ مقيدٌ بالدموع و رعشته مقيدةٌ بالحنين , و صوتي مقيدٌ بالصمت و رعشتهُ مقيدةٌ بالصراخ, ربما لو كنا أقرب لكان المشهدُ أكثر رومانسية , فطيفانا في السماء يتعانقان و جسدانا
في الأرض مبعدان , ليتكِ قربي لأحتضنكِ بقوة و أخفيكِ عن هذه الأرض و أضعكِ في عيوني, ليتكِ أقرب لأمسكتُ بيدكِ و هربتُ بكِ إلى عالمٍ آخر إلى كوكبٍ آخر , فقد شربنا الحزن حتى الثملْ . وأكلنا الوجعْ حتى الشبعْ . غادرتُ الوطن ولم أعلمْ .
في ذلكَ المساء إلتحفَ الحب جسدينا حتى شعرتُ بأنكِ قربي و بأن يدكِ في حضن يدي و كأنها سفينة رست لتستريح , لقد أحسستُ بأنني أسمعُ أنفاسكِ و دقات قلبكْ ؛ أي نوعٍ من الألم كان قد أصابك, ففي العادة أنا لا أشعرُ بكِ بهذا الحجم إلا في وقت الألم , فعند لحظات الحب أنتِ تسكنين داخلي و لا تخرجين إلا في الصباح. ماذا تفعلين بي ؟ تجعليني أدخل الوطن بدون حدود و حواجز لأعود مغترباً بشكلٍ أكبر و بشوقٍ أكبر؟ لا أعلمْ إلى أين ستصلين بي لا أعلم إلى متى سأظلُ بهذه الحالة الوردية في الشعور. ولكن أنا على يقينٍ بأنني متجدد المشاعر معكِ, متورطٍ بقضية ستصلُ بي إلى السجن مدى الحياة بكِ . غادرتُ الوطن منذ يوم ولدتْ و سأعود إليه ... في مراسيم فرح .
هواكِ جنونٌ لـوطنْ ؟
عندما قادتني أناملي لكتابة كلمة أحبكِ , لم أكن أدرك ماذا اصنع؟ هل كنتُ أرسمُ خطوطاً حمراء لحدود الوطنْ أم اني كنتُ أشتري وطنْ . لطالما كان الوطن بالنسبة لي كـ حلمٍ في سماءٍ سابعة وبلمح البصر أصبح على الأرضْ. جنونٌ من طابع مثير سيطر على كل حواسي وخلقَ شعورٌ آخر في حياتي لم أدرك ما هو في بداية الأمر إلا انه تملكني و سيطر عليّ حتى أضحى حباً آخر يجري في عروقي و ترياقاً آخر يمحو همومي و ينسجُ من الذكريات معطفاً بلون الحياة . الوطنُ عندما يتجسدُ بأنثى يصبحُ عشقاً بطعم الجنون لـ عاشقٍ يبحثُ عن ما يشبهُ السعادة خارج الخرائط المقترحة في العالم , يبحثُ عن أرضٍ بأنثى وها أنا أدركتُ أنكِ وطني الذي أريده .
كان لهذا اليوم طابعْ السحر في داخلي و طابع الدرب لـ مشواري الذي ابتدأ منكِ لينتهي بكِ , الحبْ أضحى كل ما أفعله بأخلاص و كأنني أختبرُ مدى أخلاصي لمن أحب و أكتشفُ طبعَ عشقها لي! , أحبها حد الغرق و لا أعرف حجم الهوى الذي إكتسحني في تلكَ الآونة , الوقتُ يمضي ببطءٍ شديد عندما كنتُ خارجَ أسواركِ يا سيدتي , لذلكَ أعلنتُ اللجوء السياسي للغمام كي ترجعني إليكِ ولو على غمامٍ من حلمْ .
تعليق