شر البلية ما يضحك
بهائي راغب شراب
10/11/2009
حقا " شر البلية ما يضحك " ، السيد أبو الغيط بجلال قدره ينظر علينا نحن الفلسطينيين ، ويعلمنا دروسا فيما ينفعنا وفيما يضرنا ، وآخر إرهاصاته العظمى أن " عدم ترشح أبو مازن للرئاسة الفلسطينية ستكون ضربة لحركة التحرر الفلسطيني ، وستكون عواقبها خطيرة وصعبة على الشعب الفلسطيني الشقيق أ وأصعب من طرد الفلسطينيين من الأردن ولبنان ."
سبحان الله ... أبو الغيط حريص على مصلحتنا أكثر منا ، وهو هنا يحذرنا ، وعلينا أخذ تحذيراته بمحمل الجد .. لكن مهلا يا أيها الوزير صاحب نظرية كسر القدم الفلسطينية ؟؟
فإن كان الغيط يقصد بحركة التحرير الفلسطينية فتح .. فقد أجاد وأصاب الهدف ... ففتح نعلم جميعا مدى حاجتها لدعائم تسندها من الزوال النهائي ، واستقالة عباس تسرع به ، لأنها تفتح الأبواب الفتحاوية كلها للصراع الكبير على الخليفة المنتظر ... وربما هو المهدي الخاص بهم وهو غير المهدي الذي بشرنا به المصطفى رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام ، وهو أيضا غير مهدي الشيعة الغائب ، ومنصب المهدي هذا بالنسبة لفتح له شان عظيم ، فبه تتم صفقات بيع فلسطين ، وبه يتم إعتقال المجاهدين وقتلهم ، وبه يشددون الحصار على غزة ويبررونه على الناس بدعوى عقاب الانقلابيين ومن انتخبهم ، وبه تنهب الثروات والأموال ، وتنشر الرذائل والمفاسد في الطرقات والمؤسسات ...
وأخيرا به يحصلون على ما يريدون لأنفسهم بعيدا عن مصالح وطنهم وشعبهم بل ولو تعارض مع ذلك .
استقالة عباس هي ضربة موجعة لفتح لأنها تكشف عقم برنامجهم الجديد الذي منحوا فيه للصهاينة الكلمة العليا ورضوا بالدنية من القول ومن الفعل ، ولأنها كشفت قصورهم وانحرافهم عن دعاويهم الوطنية التي يتغنون بها في كل الأوقات وكان فلسطين قد ضيعها غيرهم ، وكان اليهود وجنودهم موجودون رغما عنهم وليس باختيارهم وقبولهم ، لقد سقطت فتح القديمة ونحن الآن في زمن اللا فتح .. زمن بعض الأفراد والأسماء والألقاب من ذوي الهيمنة وأصحاب النفوذ الأمريكاني والصهيوني والمصري للأسف ..
أما إذا كان السيد أبو الغيط يقصد بحركة التحرير الوطني الفلسطيني أمرا آخر لا علاقة له بتنظيم فتح ... أي يعني النضال والجهاد الفلسطيني ... هنا نتوقف ونقول بدهشة ... أيريد منا أن نصدقه وهو يحاصرنا ويشارك في حصارنا ، أيريد أن نمنحه ثقتنا ونحن نراه يدعم العدو في عدوانه الأخير على غزة في يناير 2009 ، أيريد الغيط ان نتساهل معه في قوله وإقراره بان زوال عباس يمثل خطرا جسيما على مسيرة النضال والجهاد من أجل تحرير فلسطين كل فلسطين ..
حتى نصدق يجب ان يقرن خوفه هذا بالعمل ، وان يبين لنا صدق النوايا أليس " الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل " ، ونحن وغيرنا لا نرى لا توافقا ولا تجانسا بين قول أبي الغيط الحريص على الفلسطينيين وبين عمله الذي يحارب به الفلسطينيين ويحاصرهم ويذلهم ويمالئ العدو الصهيوني عليهم ... ألم ينتقل الغذاء المصري مباشرة من مصر إلى قوات العدو الصهيوني مباشرة أثناء عدوانه على غزة في نفس الوقت الذي أغلق فيه معبر رفع أمام علاج الجرحى الفلسطينيين من ضحايا العدوان ... وألم تعلن ليفي العدوان على غزة من القاهرة في مؤتمر صحفي مع أبو الغيط .. إذا نسي القاتل فالضحية لا تنسى ..
ثم ليقنعنا بعمل واحد يثبت فيه أن محمود عباس كان فعلا مثالا للقائد الفلسطيني الوطني الحريص على قضية شعبه والأمين على حدود بلده .. نعم أقنعنا بعمل واحد فقط قام به أبو مازن خدم فيه الوحدة الوطنية الفلسطينية الداخلية ، أو عملا ساند في المقاومة ولم يصفها بالحقيرة وبالعبثية ...
ولا يكتفي الغيط بذلك بل ويحاول أيضا إثارة الخلاف بيننا وبين الأردن ولبنان ، في محاولة منه لتبرئة نظامه ... الذي لم يفعل بالفلسطينيين ما فعله بهم الأردنيون واللبنانيون ... محاولة بائسة للمقارنة ولاجترار فعل نكرهه تجاوزناه بمراحل كثيرة ... أن تضربنا بالسلاح وتقتلنا أفضل وأقل من أن تقتلنا بالحصار وان تمنع عنا المنافع الحيوية لحياتنا اليومية في غزة .. الموت بالحصار اشد من الموت بالرصاص ... فهو أبطا وأكثر إيلاما للنفس ... خصوصا ونحن نشاهد الغيط ونظامه وهم يتملقون العدو وينفذون رغباته التي تصبح أوامر عليا سلطانية يجب تنفيذها فورا بحق الفلسطينيين بلا رحمة وبلا هوادة ..
ولئن طردتنا الأردن ولبنان فنظامك يقتلنا جوعا ولو استطاع لمنع الهواء عنا والتنفس ..
لعبة مفضوحة لا تمر على الطفل الفلسطيني البريء الذي قتل أهله وهو حتى اليوم لم يستطع الحصول على دفاتر ليكتب فيها واجباته ودروسه بسب حصاره وإغلاقه لمعبر رفح الفلسطيني المصري ..
لا تسوق علينا أبو مازن وركز تسويقك على رئيسك ... فمعركة الرئاسة والوراثة قائمة هناك على قدم وساق ... فانتبه لنفسك ولنظامك ...
ورحم الله رجلا عرف قدر نفسه .
تعليق